قصيدة عبدالله غالب الحميري
عذراً أم المؤمنين
أمَّاهُ طبتِ شذا الأَنفاسِ والنَّسَمِ ***وطبتِ لحنَ الشَّدا في نبسِ كلِّ فَمِ
وطبتِ أنشودةَ التأريخِ خَالدةً ***وقصةَ الطُّهرِ للأَجيالِ والأُممِ
وطبتِ أصلاً، وطابَ الفرعُ ''عائشةً'' ***زكيةَ الثوبِ والأَردانِ والشِّيَمِ
يا بنتَ أفضل بعدَ المرسلينَ أباً ***وخيرَ زوجٍ لخيرِ الرسْلِ كلِّهمِ
ما حامَ حولَ خِباكِ الشكُّ، معذرةً ***أماهُ، كلُّ الخنا والفُحشِ في الزنِمِ
اختاركِ اللهُ للمختارِ صاحبةً ***وليسَ بعدَ اصطفاءِ اللهِ من عِظَمِ
وأنزلَ الحقَّ فيكِ الوحيُ، فانتحرَتْ ***أمامَ طهركِ جندُ الإفكِ والتُّهمِ
فأنت في الذِّكرِ أمُّ المؤمنينَ، ومَن ***يأباكِ فالنارُ أمُّ الكافرِ الخَصِمِ
قد طهَّرَ اللهُ للمعصومِ سَاحتَهُ ***فيما تَلا فيكِ مِن طهرٍ ومِن قِيَمِ
مَصونةٌ من عثارِ السوءِ، محصنةٌ ***من ريبةِ الهمِّ بالفحشاءِ واللَّمَمِ
أمينةُ المصطفَى الهادِي، وحاملةٌ ***نورَ النبوَّةِ من آيٍ ومِن حِكمِ
زَفَّت إلى المصطفى البُشرى بمَقدَمها ***من قبلِ أن تستتِمَّ الست في الحُلمِ
وما تزوجَ بكراً غيرَ "عائشةٍ" ***وذاك في سابقِ التقديرِ بالقَلمِ
وجاءهُ الوحيُ في أَكنافِ معطفِها ***ولم تفارقهُ في حلٍّ ولا حَرمِ
سارَت بأخبارِها الرُّكبانُ واشتهرَتْ ***بعِلمها الجمِّ بينَ السهلِ والأَكمِ
ما استشكَلتْ بين جمعِ الصَّحبِ مَسألةً ***إلاَّ رأَوا عندَها إرواءَ كلِّ ظَمِي
أَحبُّ أزواجِ خيرِ الخَلقِ قاطبةً ***لقلبهِ مِن نساءِ العُربِ والعَجَمِ
وكيف لا؟ ورفيقُ الغارِ والدُها ***صِدِّيقُ أحمدَ، رمزُ الصدقِ والشمَمِ
فلا أحبَّ من الصدِّيقِ وابنتهِ ***ولا يدانيهِما في القربِ ذو رَحِمِ
وماتَ في حِجرها الهادي وحُجرَتِها ***ولم يبِت ليلةً منها على وظمِ
وتلكَ واحدةٌ من ألفِ مَنقبةٍ ***مِن دُونها ذِروةُ العلياء والقممِ
وكيف يَجحدها القالي مَفاخرَها ***وتلكَ أشهرُ من نارٍ على علمِ؟!
وما عسى تُوقظُ الأشعارُ أفئدةً ***أصحابُها عن سماعِ الوَحي في صَممِ
لكنَّهُ واجبُ الإدلاءِ سيِّدَتي ***في بحرِ ما خصَّ هذا البيت مِن كرمِ
وصيحةٌ من لِواءِ الشعرِ أرفعُها ***في الذَّودِ عَن بيضةِ الإسلامِ والحرمِ
تطاولَ الرفضُ حينَ اشتدَّ ساعدُهُ ***وغابَ عن دَحرِ هذا الرجسِ كلُّ كَمِيْ
فلا غرابةَ إن عادَتْ أَوافكُهمْ ***وأظهرَ اللهُ منهمْ كلَّ منكتمِ
حتى يَفيءَ إلى الإسلام ناصرُهُ ***وللنفاقِ يفيءُ اليومَ كلُّ عَمِي
أخزاهمُ اللهُ ماذا يحلمونَ بهِ ***إن صارَ عرضكِ ديناً غير مُحترمِ؟
وأيُّ جرمٍ أتاهُ الصحبُ واجترَحوا؟ ***ما أشبهَ الرفضَ بالخُفَّاشِ والظُّلَمِ
أماهُ، دونكِ جندُ اللهِ شاهرةً ***سيوفَها، ألفُ مِليُونٍ كما الرجمِ
يَفدونَ عرضكِ، والأعراضُ هينةٌ ***إن نيلَ عِرضُ رسولِ اللهِ بالذَّممِ
ودونَ ما يشتهي الأعداءُ ملحَمةٌ ***تشيبُ فيها النَّواصي قبلَ سَفكِ دَمِ
عليكِ ما ذُكر المختارُ تَرضيةُ المَولى ***إلى أنْ يقومَ الخَلقِ للحَكَمِ.
|