حديث أبي موسى الأشعري
أمّا الحديث المذكور عن أبي موسى الأشعري ـ والذي اتفق عليه البخاري ومسلم، وأخرجه أحمد ـ ففيه:
1 ـ إنه مرسل، نص عليه ابن حجر وقال: «يحتمل أن يكون تلقاه عن عائشة»(1).
2 ـ إن الراوي عنه «أبو بردة» وهو ولده كما نصّ عليه ابن حجر(2) وهذا الرجل فاسق أثيم، له ضلع في قتل حجر بن عدي، حيث شهد عليه ـ في جماعة شهادة زور أدت إلى شهادته (3)... وروي أيضاً أنه قال لأبي الغادية ـ قاتل عمار ابن ياسر رضي الله تعالى عنه ـ: «أ أنت قتلت عمار بن ياسر؟ قال: نعم. قال: فناولني يدك. فقبلها وقال: لا تمسك النار أبداً !»(4).
3 ـ والراوي عنه: «عبد الملك بن عمير»:
وهو«مدلّس» و«مضطرب الحديث جداً» و«ضعيف جداً» و«كثير الغلط»:
قال أحمد: «مضطرب الحديث جداً مع قلة روايته، ما أرى له خمسمائة حديث، وقد غلط في كثيرمنها»(5).
وقال إسحاق بن منصور: «ضعفه أحمد جداً»(6).
وعن أحمد: «ضعيف يغلط»(7).
____________
(1) فتح الباري 2|130.
(2) فتح الباري 2|130.
(3) تاريخ الطبري 4|199 ـ 205.
(4) شرح نهج البلاغة 4|99.
(5) تهذيب التهذيب 6|411 وغيره.
(6) تهذيب التهذيب 6|412، ميزان الاعتدال 2|660.
(7) ميزان الاعتدال 6|660.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 27
--------------------------------------------------------------------------------
وقال ابن معين: «مخلط»(1).
وقال أبو حاتم: «ليس بحافظ، تغير حفظه»(2). وعنه: «لم يوصف بالحفظ»(3).
وقال ابن خراش: «كان شعبة لا يرضاه»(4).
وقال الذهبي: «أمّا ابن الجوزي فذكره فحكى الجرح وما ذكر التوثيق»(5).
وقال السمعاني: «كان مدلساً»(6).
وكذا قال ابن حجر(7).
وعبدالملك ـ هذا ـ هو الذي ذبح عبدالله بن يقطر أو قيس بن مسهر الصيداوي، وهو رسول الإمام الحسين عليه السلام إلى أهل الكوفة، فانه لما رمي بأمر ابن زياد من فوق القصر وبه رمق أتاه عبدالملك بن عميرفذبحه، فلما عيب ذلك عليه قال: «إنما أردت أن أريحه !»(8).
4 ـ ثم الكلام في أبي موسى الأشعري نفسه، فإنه من أشهر أعداء مولانا الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، فقد كان يوم الجمل يقعد باهل الكوفة عن الجهاد مع الإمام علي عليه السلام، وفي صفين هو الذي خلع الإمام عليه السلام عن الخلافة. وقد بلغ به الحال أن كان الإمام عليه السلام يلعنه في قنوته مع معاوية وجماعة من أتباعه.
ثم إن أحمد روى هذا الحديث في فضائل أبي بكر بسنده عن زائدة، عن
____________
(1) ميزان الاعتدال 6|660، المغني 2|407، تهذيب التهذيب 6 |412.
(2) ميزان الاعتدال 2|660.
(3) تهذيب التهذيب 6|412.
(4) ميزان الاعتدال 2|660.
(5) ميزان الاعتدال 2|660.
(6) الأنساب 10|50 في «القبطي».
(7) تقريب التهذيب 1|521.
(8) تلخيص الشافي 3|35، روضة الواعظين: 177، مقتل الحسين ـ للمقرّم ـ: 185.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 28
--------------------------------------------------------------------------------
عبدالملك بن عمير، عن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه... كذلك (1).
* حديث عبدالله بن عمر
وأما الحديث المذكور عن عبدالله بن عمر فالظاهر كونه عن عائشة كذلك، كما رواه مسلم، عن عبدالرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن حمزة بن عبدالله بن عمر، عن عائشة... لكن البخاري رواه بسنده عن الزهري، عن حمزة، عن أبيه، قال: «لما اشتد برسول الله وجعه...».
وعلى كل حال فإن مدار الطريقين على:
محمد بن شهاب الزهري وهو رجل مجروح عند يحيى بن معين (2) وعبدالحق الدهلوي، وكان من أشهر المنحرفين عن أمير الؤمنين عليه السلام، ومن الرواة عن عمر بن سعد اللعين:
قال ابن أبي الحديد: «وكان الزهري من المنحرفين عنه، وروى جرير بن عبدالحميد عن محمد بن شيبة قال: شهدت مسجد المدينة، فإذا الزهري وعروة ابن الزبيرجالسان يذكران علياً فنالا منه. فبلغ ذلك علي بن الحسين فجاء حتى وقف عليهما فقال: أما أنت يا عروة، فإن أبي حاكم أباك إلى الله فحكم لأبي على أبيك، وأما أنت يا زهري، فلو كنت بمكة لأريتُك كير أبيك»(3).
قال: «وروى عاصم بن أبي عامر البجلي، عن يحيى بن عروة، قال: كان أبي إذا ذكر علياً نال منه»(4).
ويؤكد هذا سعيه وراء إنكار مناقب أمير المؤمنين عليه السلام ـ كمنقبة سبقه
____________
(1) فضائل الصحابة 1|106.
(2) هو من شيوخ البخاري ومسلم، ومن أئمة الجرح والتعديل، اتفقوا على أنه اعلم أئمة الحديث بصحيحه وسقيمه. توفي سنة 302 هـ. ترجم له في: تذكرة الحفاظ 2|429 وغيرها.
(3) شرح نهج البلاغة 6|102.
(4) شرح نهج البلاغة 4|102.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 29
--------------------------------------------------------------------------------
إلى الإسلام ـ قال ابن عبدالبرّ: «وذكر معمر في معه عن الزهري قال: ما علمنا أحدا أسلم قبل زيد بن حارثة. قال عبدالرزاق: وما أعلم أحدا ذكره غير الزهري»(1).
وقال الذهبي بترجمة عمر بن سعد: «وأرسل عنه الزهري وقتادة. قال ابن معين: كيف يكون من قتل الحسين ثقة؟!»(2).
وقال العلامة الشيخ عبدالحق الدهلوي بترجمة الزهري من «رجال المشكاة»: «إنه قد ابتلي بصحبة الأمراء وبقلة الديانة، وكان أقرانه من العلماء والزهاد ياخذون عليه وينكرون ذلك منه، وكان يقول: أنا شريك في خيرهم دون شرهم ! فيقولون: ألا ترى ما هم فيه وتسكت ؟!».
حديث بريدة الأسلمي
وأمّا حديث بريدة الأسلمي الذي رواه أحمد بسنده عن ابن بريدة عن أبيه، فمع غضّ النظر عما قيل في رواية ابن بريدة ـ سواء كان «عبدالله» أو «سليمان» ـ عن أبيه (1) فيه:
«عبدالملك بن عمير» وقد عرفته.
هذا من افضل كتبكم
و السلام
|