مطلب إنكار خلافة الخلفاء :
ومنها إنكارهم صحة خلافة الصديق رضي الله عنه وإنكارها يستلزم تفسيق من بايعه واعتقد خلافته حقا وقد بايعه الصحابة رضي الله عنهم حتى أهل البيت كعلي رضي الله عنه وقد اعتقدها حقا جمهور الأمة واعتقاد تفسيقهم يخالف قوله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس). إذ أي خير في أمة يخالف أصحاب نبيها إياه ويظلمون أهل بيته بغصب أجل المناصب ويؤذونه بإيذائهم ويعتقد جمهورها الباطل حقا؟ (سبحانك هذا افتراء عظيم) ومن اعتقد ما يخالف كتاب الله فقد كفر والأحاديث الواردة في صحة خلافة الصديق وبإجماع الصحابة وجمهور الأمة على الحق أكثر من أن تحصر، ومن نسب جمهور أصحابه وازدراؤه كفر، ما أضيع صنيع قوم يعتقدون في جمهور [ أصحاب ] النبي الفسق والعصيان والطغيان مع أن بديهة العقل تدل على أن الله تعالى لا يختار لصحبة صفيه ونصرة دينه إلا الأصفياء من خلقه والنقل المتواتر يؤيد ذلك، فلو كان في هؤلاء القوم خير لما تكلموا في صحب النبي وأنصار دينه إلا بخير لكن الله أشقاهم فخذلهم بالتكلم في أنصار الدين كل ميسر لما خلق (له) عن علي رضي الله عنه قال: (دخلنا على رسول الله فقلنا: يا رسول الله استخلف علينا قال: إن يعلم الله فيكم خيرا يول عليكم خيركم فقال علي رضي الله عنه: فعلم الله فينا خيرا فولى علينا خيرنا أبا بكر رضي الله عنه) رواه الدارقطني، وهذا أقوى حجة على من يدعي موالاة علي رضي الله عنه، وعن جبير بن مطعم قال: (أتت امرأة على النبي فأمرها أن ترجع غليه فقالت: إن جئت ولم أجدك كأنها تقول الموت، قال: إن لم تجديني فأت أبا بكر) رواه البخاري ومسلم، وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: جاءت امرأة إلى رسول الله تسأله شيئا فقال: تعودين فقالت يا رسول الله إن عدت فلم أجدك تعرض بالموت فقال: إن جئت فلم تجديني فأتي أبا بكر فإنه الخليفة بعدي) رواه ابن عساكر وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (سمعت رسول الله يقول: يكون خلفي اثنا عشر خليفة. أبو بكر لا يلبث إلا قليلا) رواه البغوي بسند حسن، وعن حذيفة رضي الله عنه قال قال رسول الله : (اقتدوا بالذين بعدي أبي بكر وعمر) رضي الله عنهما رواه أحمد والترمذي وحسنه ابن ماجة والحاكم وصححه ورواه الطبراني عن أبي الدرداء والحاكم عن ابن مسعود. وعن حذيفة رضي الله عنهما قال قال رسول الله : (إني لا أدري ما قدر بقائي فيكم فاقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وتمسكوا بهدي عمار وما حدثكم ابن مسعود فصدقوه) رواه أحمد وغيره. وعن أنس قال قال رسول الله : (اقتدوا بالذين بعدي أبي بكر وعمر رضي الله عنهما واهتدوا بهدي عمار وتمسكوا بعهد ابن مسعود) رواه ابن عدي. وعنه بعثني بنو المصطلق إلى رسول الله أن أسأله إلى من ندفع صدقاتنا بعدك فقال: (إلى أبي بكر) رواه الحاكم وصححه. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله في مرضه الذي مات فيه: ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب كتابا فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل أنا أولى ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر) رواه مسلم وأحمد. وهذا الحديث يُخرج من يأبى خلافة الصديق عن المؤمنين. عن علي رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله : (سألت الله أن يقدمك ثلاثا فأبى الله إلا تقديم أبي بكر، وفي رواه زيادة: (ولكني خاتم الأنبياء وأنت خاتم الخلفاء) رواه الدارقطني والخطيب وابن عساكر، وعن سفينة قال: (لما بنى رسول الله المسجد وضع في البناء حجرا وقال لأبي بكر: ضع حجرك إلى جنب حجري ثم قال لعمر: ضع حجرك على جنب حجر أبي بكر ثم قال: هؤلاء الخلفاء بعدي) رواه ابن حيان. قال أبو زرعة: إسناده قوي لا بأس به والحاكم وصححه والبيهقي. روي في تفسير قوله تعالى: (وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه) الإخبار بخلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما قيل يشير إلى خلافة الصديق رضي الله عنه قوله تعالى: (ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك هم أصحاب النار هم فيها خالدون) لأنه هو الذي جاهد أهل الردة قوله تعالى: (قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون) الآية، لأنه هو الذي باشر قتال بني حنيفة الذين كانوا من أشد الناس حين ارتدوا وقوله تعالى: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم
وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم) الآية، وقد مكن الإسلام بأبي بكر وعمر فكانا خليفتين حقين لوجود صدق وعد الله تعالى وما صح من قوله : (الخلافة بعدي ثلاثون) وفي بعض الروايات خلافة رحمة، وفي بعضها خلافة النبوة وما صح من أمره أبا بكر في مرض موته بإمامة الناس وهذا التقديم من أقوى إمارات حقيقة خلافة الصديق وبه استدل أجلاء الصحابة كعمر وأبي عبيدة وعلي رضي الله عنهم أجمعين. فهذه وما شاكلها تسود وجوه الرافضة والفسقة المنكرين خلافة الصديق رضي الله عنه.
|