مطلب التقية :
ومنها إيجابهم التقية ورووا عن الصادق رضي الله عنه: (التقية ديني ودين آبائي) حاشاه عن ذلك. وفسر بعضهم قوله تعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) أكثركم تقية وأشدكم خوفا من الناس، وقد قال : (من فسر القرآن برأيه فقد كفر). ونقل علماؤهم عن أحد ثقاتهم أنه قال: (إن جعفر الصادق رضي الله عنه نام ليلة عندنا فتوضأ ماسحا أذنيه غاسلا رجليه وصلى ساجدا على اللبد عاقدا يديه فكنا نقول لعل الحق ذلك حتى سمعنا صيحة فرأينا رجلا ألقى بنفسه على قدميه يقبلهما ويبكي ويعتذر فسئل عن حاله فقال: كان الخليفة وأركان دولته يشكون فيك وأنا كنت من جملتهم فتعهدت بالفحص عن مذهبك وقد انتهزت الفرصة مدة مديدة حتى ظفرت هذه الليلة بأن دخلت الدار واختفيت ولم يطلع علي أحد فالحمد لله الذي أذهب ذلك عني وحسن اعتقادي يا ابن بنت رسول الله ولم يبقني على سوء ظني، قال الشيخ: فعلمنا أن الله لا يخفي عن المعصوم شيئا وعلمنا أن هذه كانت تقية منه انتهى. والمفهوم من كلامهم أن معنى أن التقية عندهم كتمان الحق أو ترك اللازم أو ارتكاب المنهي خوفا من الناس والله أعلم. فانظر إلى جهل هؤلاء الكذبة. وبنوا على هذه التقية المشئومة كتم علي نص خلافته ومبايعة الخلفاء الثلاثة وعدم تخليصه حق فاطمة رضي الله عنها من إرثها على زعمهم وعدم التعرض لعمر حين اغتصب بنته من فاطمة رضي الله عنها وغير ذلك، قالوا فعل ذلك تقية قبحهم الله. وقد وردت نصوص كثيرة عن علي وأهل بيته دالة على براءتهم عنها وإنما افتراها عليهم الرافضة لترويج مذهبهم الباطل وهذا يقتضي عدم الوثوق بأقوال أئمة أهل البيت وأفعالهم لاحتمال أنهم قالوها أو فعلوها تقية. وإن أرادوا بقوله ودين آبائي النبي ومن بعده فقد جوزوا عليه عدم تبليغ ما أمره الله تبليغه خوفا من الناس، ومخالفة أمر الله في أقواله وأفعاله خوفا منهم ويلزم من هذا عدم الوثوق بنبوته، حاشاه عن ذلك. ومن جوز عليه ذلك فقد نقصه، ونقص الأنبياء عليهم السلام كفر، ما أشنع قول قوم يلزم منه نقص أئمتهم المبرإين عن ذلك.
|