مطلب سبهم أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها المبرأة زوجة الحبيب الرسول محمد صلى الله عليه وسلم : :
ومنها نسبتهم الصديقة الطيبة المبرأة عما يقولون فيها إلى الفاحشة وقد شاع في هذه الأزمنة بينهم ذلك كما نقل عنهم، قال تعالى: (إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم. لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإن لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذابٌ أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رءوف رحيم، يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليهم) وقال تعالى: (إن الذين يرمون المحصنات الغافلات والمؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرأون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم) وقد روى عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والبخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن عائشة رضي الله عنها أنها المبرأة المرادة من هذه الآيات، وروى سعيد ابن منصور وأحمد والبخاري وابن المنذر وابن مردويه عن أم رومان رضي الله عنها ما يدل أن عائشة رضي الله عنها هي المبرأة المقصودة بهذه الآيات، وروى البزار وابن مردويه بسند حسن عن أبي هريرة ما يوافق ما تقدم، وروى ابن مردويه والطبراني عن ابن عباس رضي الله عنه مثلما سبق، وروى الطبراني وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما ما يطابق السابق وروى ابن مردويه والطبراني عن أبي إياس الأنصاري ما يوافق ما تقدم وروى ابن أبي حاتم والطبراني عن سعيد بن جبير ما يوافق ما تقدم، وروى الطبراني عن الحكم بن تيبة مثل ذلك وروى عن عبد الله بن الزبير ما يوافقه وروى عن عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب وعلقمة بن وقاص وعبيد الله ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود وعمرة بنت عبدالرحمن وعبدالله بن أبي بكر بن حزم وسلمة بن عبدالرحمن بن عوف والقاسم بن محمد بن أبي بكر والأسود بن يزيد وعباد بن عبدالله بن الزبير ومقسم مولى ابن عباس وغيرهم عن عائشة رضي الله عنها مثله. وكونها هي المبرأة المرادة من الآيات مشهور بل متواتر. فإذا عرفت هذا فاعلم أنه من قذفها بالفاحشة مع اعتقاده أنها زوجة رسول الله وأنها بقيت في عصمته بعد هذه الفاحشة فقد جاء بكذب ظاهر واكتسب الإثم واستحق العذاب وظن بالمؤمنين سوءا وهو كاذب وأتى بأمر ظنه هينا وهو عند الله عظيم واتهم أهل بيت النبوة بالسوء ومن هذا الاتهام يلزم نقص النبي ومن نقصه فكأنما نقص الله ومن نقص الله ورسوله فقد كفر وهو بفعله هذا خارج عن أهل الإيمان ومتبع لخطوات الشيطان وملعون في الدنيا والآخرة ومكذب الله في قوله تعالى: (والطيبات للطيبين) الآية ومن كذب الله فقد كفر ومن قذفها ما تقدم من القبائح، والحاصل أن قذفها كيفما كان يوجب تكذيب الله تعالى في إخباره عن تبرأتها عما يقول القاذف فيها، وقد قال بعض المحققين من السادة: (وأما قذفها الآن فهو كفر وارتداد ولا يكتفي فيه بالجلد لأنه تكذيب لسبع عشرة آية من كتاب الله كما مر فيقتل ردة وإنما اكتفى بجلدهم أي من تحذفها في زمنه مرة أو مرتين لأن القرآن ما كان أنزل في أمرها فلم يكذبوا القرآن وأما الآن فهو تكذيب للقرآن، أما نتأمل في قوله تعالى: (يعظكم الله أن تعودوا لمثله) الآية، ومكذب القرآن كافر فليس له إلا السيف وضرب العنق انتهى) ولا يخالف هذا قوله: (ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا) الآية لأنه روى عبدالرزاق والفرياني وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن ابي الدنيا في الصمت وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طرق ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: (فخانتاهما) أما خيانة امرأة نوح فكانت تقول للناس إنه مجنون وأما خيانة امرأة لوط فكانت تدل على الضيف فتلك خيانتهما. وروى ابن عساكر عن أشرس يرفعه إلى النبي قال: (ما بغت امرأة نبي قط). وروى ابن جرير عن مجاهد: (لا ينبغي لامرأة كانت تحت نبي أن تفجر). ومن يقذف الطاهرة الطبية أم المؤمنين زوجة رسول رب العالمين في الدنيا والآخرة كما صح ذلك عنه فهو من ضرْب عبد الله بن أبي ابن سلول رأس المنافقين ولسان حال رسول الله يقول: (يا معشر المسلمين من يعذرني فيمن آذاني في أهلي) (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا) فأين أنصار دينه ليقولوا نحن نعذرك يا رسول الله فيقومون بسيوفهم إلى هؤلاء الأشقياء الذين يكذبون الله ورسوله ويؤذونهما والمؤمنين فيبيدونهم ويتقربون بذلك إلى رسول الله ويستوجبون بذلك شفاعته، اللهم إنا نبرأ إليك من قول هؤلاء المطرودين.
مطلب تكفير من حارب عليا:
ومنها تكفير من حارب عليا رضي الله عنه مرادهم بذلك عائشة وطلحة والزبير وأصحابهم ومعاوية وأصحابه، وقد تواتر منه ما يدل على إيمان هؤلاء وكون بعضهم مبشرا بالجنة، وفي تكفيرهم تكذيب لذلك فإن لم يصيروا كفرة بهذا التكذيب فلا شك أنهم يصيرون فسقة وذلك يكفي في خسارتهم في تجارتهم.
مطلب استهانتهم بأسماء الصحابة:
ومنها استهانتهم بأسماء الصحابة ولا سيما العشرة وقد تواتر عنه ما يدل على وجوب تعظيمهم وإكرامهم وقد أرشد الله تعالى على ذلك في مواضع من كتابه. ويلزم من إهانة هؤلاء إباهم استحقاقهم لذلك عندهم، ومن اعتقد منهم ما يوجب إهانتهم فقد كذب رسول الله فيما أخبر من وجوب إكرامهم وعظيمهم، ومن كذبه فيما ثبت عنه قطعا فقد كفر. ومن عجب أنهم يتجنبون التسمية بأسماء الأصحاب ويسمون بأسماء الكلاب، فما أبعدهم عن الصواب وأشبههم بأهل الضلال والعقاب.
مطلب انحصار الخلافة في اثنى عشر:
ومنها دعواهم انحصار الخلافة في اثني عشر فإنهم كلهم بالنص والابصار عمن قبله وهذه دعوى بلا دليل مشتملة على كذب فبطلانها أظهر من أن يبين ويتوسلون بها على بطلان خلافة من سواهم في ذلك تكذيب لنصوص واردة في خلافة الخلفاء الراشدين وخلافة قريش.
|