عرض مشاركة واحدة
  #56  
قديم 2017-09-26, 11:18 AM
ماجد الهواري ماجد الهواري غير متواجد حالياً
عضو مطرود من المنتدى
 
تاريخ التسجيل: 2017-09-22
المشاركات: 63
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو جهاد الأنصاري مشاهدة المشاركة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ،،

سألنى أحدهم : لماذا نعبد الله؟

فقلت له : قبل أن أجيبك عن هذا السؤال أسألك :

هل هذا السؤال ناشئ عن :

1- إحساس بثقل التكاليف التعبدية؟

2- أم عجز عن إدراك الحكمة من فرض العبادة؟

فقال : أنا أسال عن الغرض من العباده بالنسبه للذات الإلهية أتمنى الإفادة.

فقلت : يحق لك بل ويحق لكل مسلم بل ولكل من يريد أن يدخل فى الإسلام أن يسأل عن الحكمة فى كل ما فرضه الله علينا ، وهذا شئ مستحب ولا خجل منه ولا استحياء ، فإنما العلم بالتعلم. فعندما يتأمل الإنسان فى الحكمة وراء ما أمر الله به أو نهى عنه ، فإن يقينه بالله يزداد ، ويتعرف على ما خفى على الكثيرين من حكمة الله ، ومن ثم فإنه يكون بهذا متعبداً لله باسمه الحكيم ، فيتحقق له من الأجر والثواب ما لا يتحققه لغيره من العُبّاد.


وحتى أجيبك عن هذا التساؤل أطلب منك أن تتدبر هذه الآيات الكريمات:

يقول تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15))

ويقول تعالى : (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ (57))

فالغنى هو الذى لايحتاج لأحد إذن فلماذا يخلقنا ؟

يقول تعالى : (ليعبدون)

فهل هو سبحانه يحتاج لعبادتنا؟

نقول : لا.

فنسأل : فلماذا إذن فرض علينا عبادته؟

فنقول وبالله التوفيق أن أمر العبادة هو أمر تكليف وتشريف ، وليس انتقاص أو تعذيب. لماذا؟

لأنه طالما أن الله هو الذى خلقنا فنحن إذن عبيده.
هنا لا أتفق معك على هذه الجزئية وأقول طالما أن الله هو الذي خلقنا فنحن إذن خلقه إلا إذا أجبرنا على عبادته فحينئذ أقول طالما أنه خلقنا فنحن أيضا خلقه ولكن حيث أنه أجبرنا على عبادته فنحن إذن عبيده.

والذي يؤكد كلامي أنه لو أن الخلق يستلزم العبودية للخالق لما قال الله في كتابه :
(وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)
فإضافة الغاية من الخلق وهي العبادة بعد ذكر خلق الجن والإنس يؤكد على أن الخلق لا يستلزم العبادة للخالق ولكان ذكر الغاية تكرار بلا فائدة لأن الغاية متحققة وهي العبادة - على حد قولك - من فكرة الخلق ذاتها.
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو جهاد الأنصاري مشاهدة المشاركة

[SIZE=5]إذن صفة العبودية هى صفة ملازمة لنا.[/SIZE]
وأقول:
إذن صفة المخلوقية هي صفة ملازمة لنا ولنا مطلق الحرية في أن نعبد الله أو لا .
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو جهاد الأنصاري مشاهدة المشاركة

وإن لم نكن عبيداً له ، لأمسينا عباداً لغيره.
وأقول :
وإن لم نكن عبيدا له لأمسينا أحرارا في أن نعبد غيره أو أن نتبع هوانا أو نتبع الحق ونسمو بأخلاقنا دون أن نعبد أحد.

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو جهاد الأنصاري مشاهدة المشاركة

وإنى لأسألك : أيهما أفضل لك أن تكون عبداً لله أم تكون عبداً لغيره؟
الأفضل لي أن أكون عبدا لله لأنه أهل لعبادته وحتى إن لم يكن أهلا لعبادته فسأعبده هربا منه إليه وذلك خوفا من بطشه وظلمه وتعالى الله بالطبع عن ذلك علوا كبيرا.

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو جهاد الأنصاري مشاهدة المشاركة

لا أشك فى أنك سوف تختار الأولى ، بل وستقول بملء فيك ، أنا أفخر أن أكون عبداً لله.
وأنا بالفعل اخترت الأولى وافخر بعبادتي لله لأنه أهل لذلك .
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو جهاد الأنصاري مشاهدة المشاركة

فالله سبحانه يقول : (ولقد كرمنا بنى آدم) وفرض عبادته علينا سبحانه ، من دواعى ومقتضيات هذا التكريم.
الله لم يكرمنا ليجبرنا على عبادته ولكنه خيرنا بأن نؤمن به أو أن نكفر به فالإنسان في كلتا الحالتين سيظل مكرما من الله حين أنعم عليه بذلك من قبل أن يخلق السموات والأرض حين قضى بذلك في اللوح المحفوظ وسنة الله في عباده هي الإختلاف :

( وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ )
( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (2))
( أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَن لَّوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا ۗ )
( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ )
( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ )

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو جهاد الأنصاري مشاهدة المشاركة
ولله المثل الأعلى ، فمن منا لا يسعد بل ويفتخر عندما يعمل عند رجل مهم كوزير مثلاً ، والذى يعمل عند رئيس الوزراء أسعد وأكرم ، والذى يعمل عند الملك أسعد منهما جميعاً. فما بالك أخى فى الله بمن يعمل عند ملك الملوك.

وعندنا فى مصر مثل شعبى يقول : كرامة العبد من كرامة سيده. فانظر أخى الحبيب إلى مدى الكرامة والتكريم الذى تناله عندما تكون عبداً لله.

ليس العبرة بالعمل عند وزير أو غفير المهم أن يكون من أعمل عنده إنسان صالح وأخلاقه وصفاته حميدة ليستحق الجهد الذي أبذله في عملي.
فيا فرحتي وأنا أعمل عند وزير مرتشي مصلحجي ويعطيني مرتب مجزي وإمتيازات لا حصر لها فلن أكون سعيدا ومرتاح الضمير في العمل معه .
ولكن كلامك صحيح بالطبع إن كان هذا الوزير أو صاحب الشركة الكبيرة يمتاز بسمو وعلو الصفات و الأخلاق ولديه القدرات والإمكانيات والإمتيازات عما دونه من الشركات الأخرى المنافسة فهذا الوزير أو صاحب هذه الشركة يسعدني و أفخر بالعمل لديه ويستحق الجهد الذي أبذله في عملي ويستحق كذلك ما أقدمه من تفاني في عملي لإخراجه على أحسن صورة ترضيه عني لأنه أهل لذلك بغض النظر عن المصالح التي سأخرج بها من خلال عملي لديه.
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو جهاد الأنصاري مشاهدة المشاركة

فهذه هى الحكمة الأولى من فرض عبادة الله علينا ألا وهى تشريف بنى آدم وتكريمهم.

لاشك في أن عبادة الله فيها عزة وتشريف وتكريم ولكن بمعزل عن عن تكريم الله لبني آدم جميعا مؤمنهم وكافرهم دون تمييز.
وإن ادعيت غير ذلك فأنت مطالب بالدليل عملا بقول الله :
( قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين )

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو جهاد الأنصاري مشاهدة المشاركة
وهناك حكمة أخرى ألا وهى صلاح حالهم.
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو جهاد الأنصاري مشاهدة المشاركة



وحتى أقرب لك الصورة ولله المثل الأعلى ، فإن من يصنع جهازاً يرفق به مرشداً ليبين ما يمكن أن يحدث له من أعطال وكيفية إصلاحها (كتالوج) ، وأنت خلقك الله وصمم لك هذا الكتالوج الذى يناسبك حتى يصلح ما قد يصيبك من أضرار نفسية أو جسمانية ، وهذا يكون على مستوى الفرد والجماعة فى نفس الوقت.


فعندما يأمرنا سبحانه بالصلاة فلا شك أنها تؤدى إلى الاستقرار النفسى والروحى بسبب القرب من الله الذى تكون قلوب العباد بين إصبعين من أصابعه سبحانه وتعالى. فما من مسلم ندم على صلاته ولا أحس منها بالتعلب ولا الملل إلا ما يلقيه الشيطان فى قلوب الذين يعبدون الله على حرف حتى يجتالهم عن دينهم.


كما أن فيها صلاح للمجتمع المسلم الذى يجب أن يكون مترابطاً متحداً متآلفاً كالجسد الواحد وكالبنيان المرصوص ، فإذا غاب أحدهم أو تخلف عن الصلاة ذهبوا للسؤال عنه والاطمئنان عليه ولينظروا ماذا ألم به وليشاركوه فى مصائبه ، وكم يكون لأمثال هذه الزيارات من أثر نفسى كبير ومهم فى زيادة أواصر المجتمع وإحكام بنيانه.


وإن شئت يا أخى عددت لك الكثير والكثير من الحكم الكامنة فى فرض كل شئ تعبدى أمرنا الله بأدائه وبيان نفعه على الفرد والمجتمع مادياً ومعنوياً.


وهذا ما نسميه بالإعجاز التشريعى.
وأنا أوافقك على ذلك فهذا بالفعل يا أخي من الفوائد التي تعود على الإنسان من إلتزامه بتشريعات خالقه العليم الحكيم لأنه أدرى بحاله وما يصلح شأنه أكثر من الإنسان نفسه.

وسأتكلم الآن عن الغاية الرئيسية من الخلق وهي العبادة ومفهوم العبادة :
يقول الله :
( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56))

يقول ابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير :

ومعنى العبادة في اللغة العربية قبل حدوثِ المصطلحات الشرعية دقيق الدلالة ، وكلمات أئمة اللغة فيه خفية والذي يُستخلص منها أنها إظهار الخضوع للمعبود واعتقاد أنه يملك نفع العابد وضُرّه مِلكاً ذاتياً مستمراً ، فالمعبود إله للعابد كما حكى الله قول فرعون { وقومهما لنا عابدون } [ المؤمنون : 47 ] .
فالحصر المستفاد من قوله : { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } قصرُ علةِ خلق الله الإِنسَ والجنَّ على إرادته أن يعبدوه ، والظاهر أنه قصر إضافي وأنه من قبيل قصر الموصوف على الصفة ، وأنه قصر قلب باعتبار مفعول { يعبدون } ، أي إلا ليعبدوني وحدي ، أي لا ليشركوا غيري في العبادة ، فهو ردّ للإِشراك ، وليس هو قصراً حقيقياً فإنا وإن لم نطلع على مقادير حِكَم الله تعالى من خَلق الخلائق ، لكنَّا نعلم أن الحكمة من خلقهم ليست مُجردَ أن يعبدوه ، لأن حِكَم الله تعالى من أفعاله كثيرة لا نُحيط بها ، وذكر بعضها كما هنا لما يقتضي عدم وجود حكمة أخرى ، ألاَ ترى أن الله ذكر حِكماً للخلق غير هذه كقوله : { ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم } [ هود : 118 ، 119 ] بَلْهَ ما ذكره من حكمة خلق بعض الإِنس والجن كقوله في خلق عيسى { ولنجعله آية للناس ورحمة منا } [ مريم : 21 ] .
ثم إن اعتراف الخلققِ بوحدانية الله يَقْشَع تكذيبهم بالرسول صلى الله عليه وسلم لأنهم ما كذَّبوه إلا لأنه دعاهم إلى نبذ الشرك الذي يزعمون أنه لا يسع أحداً نبذُه ، فإذا انقشع تكذيبهم استتبع انقشاعُه امتثالَ الشرائع التي يأتي بها الرسول صلى الله عليه وسلم إذا آمنوا بالله وحده أطاعوا ما بلَّغهم الرسول صلى الله عليه وسلم عنه ، فهذا معنى تقتضيه عبادةُ الله بدلالة الالتزام ، وذلك هو ما سُمي بالعبادة بالإطلاق المصطلح عليه في السُنَّة في نحو قوله : « أن تعبد اللَّه كأنك تراه » وليس يليق أن يكون مراداً في هذه الآية لأنه لا يطرد أن يكون علةً لخلق الإنسان فإن التكاليف الشرعية تظهر في بعض الأمم وفي بعض العصور وتتخلف في عصور الفترات بين الرسل إلى أن جاء الإِسلام ، وأحسب أن إطلاق العبادة على هذا المعنى اصطلاح شرعي وإنْ لم يرد به القرآن لكنه ورد في السنة كثيراً وأصبح متعارفاً بين الأمة من عهد ظهور الإِسلام .
وأن تكاليف الله للعباد على ألسنة الرسل ما أراد بها إلا صلاحَهم العاجل والآجل وحصولَ الكمال النفساني بذلك الصلاح ، فلا جَرم أَنَّ الله أراد من الشرائع كمال الإِنسان وضبطَ نظامه الاجتماعي في مختِلف عصوره .
وتلك حكمة إنشائه ، فاستتبع قولُه : { إلا ليعبدون } أنه ما خلقهم إلا لينتظم أمرهم بوقوفهم عند حدود التكاليف التشريعية من الأوامر والنواهي ، فعبادة الإِنسان ربَّه لا تخرج عن كونها محقِّقة للمقصد من خَلقه وعلَّةً لحصوله عادةً .

أرجو لي ولكم الهداية والتوفيق.
رد مع اقتباس