(3)
قال لي " يا فتى الرجل طلب اية صريحة من القران ، فلما لم تستدل عليه ايضا بقوله تعالى : (( وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم )) التوبة 110 .؟؟؟
فقلت له : بارك الله فيك و اجزل الله لك المثوبة ، نعم فهذه الاية صريحة في عذاب القبر مثلها مثل التي جئت بها ، و لكن لم احتج بها عليه لسببين :
اولها : انني وعدت القارئ الكريم ان ابطل السواد الاعظم من حججه باية ، و هي الاية 68 من سورة الزمر ، فكرهت ان اخلف وعدي .
ثانيهما : ان هذا و امثاله يجهلون ان الله خاطب العرب بما تعارفت عليه في كلامها ، و ما جرى في خطابها ، فالاية تكون صريحة في المسالة ، و لجهل هذا و امثاله يؤولونها لظنهم انها ليست صريحة ، كما في ايات الصفات ، فالايات صريحة في ان لله يدا و وجها و سمعا و بصرا و الى غير ذلك من الصفات ، و هذا تعقله العرب لانه من لغتها و ما تعارفت عليه في كلامها و خطابها و اساليب بيانها ، و مع ذلك ينكر هذه المسائل من لا خظ له في اللغة ، و لذلك جعلت من منهجي في الردود ، ان الزم خصمي بكلامه ، و اضرب بعض كلامه بالبعض الاخر ، و ايضا من منهجي في الردود ، ان اناقش هل السؤال و الحجة منطقية قبل الرد عليها ، فاذا ثبت انها ليست منطقية فقد كفيت مشقة الرد ، و قد اوردت شيئا من البيان في كون طلبه ان اتيه باية صريحة ، ملزم له لا لنا ، و تابع معي هذه المقالات و سازيد الامر بيانا و توضيحا خاصة في الرد على حججه 6 و 8 . و الله الموفق .
اقتباس:
6 _ ان عذاب القبر امر عقدي ، و الامور العقدية اثبتت في مكة ، و بينما حديث ام المؤمنين عائشة _ رضي الله عنها _ مع اليهوديتين كان في المدينة ، و اخبراها بعذاب القبر ، و ان رسول الله _ صل الله عليه و سلم _ انكر ذلك ابتداء ثم رجع و اقره ، و هذا سماه ابو حفص بانه اضطراب و ان الامور العقدية لا يمكن ان يكون فيها مثل هذا الاضطراب ، فانكره و اثبته ، و مرة اطلع على قبرين فقال انهما يعذبان
|
و ما دليله على ان الامور العقدية محصورة في مكة ؟؟؟ ما الدليل الصريح من القران ؟؟؟ و اظن في هذا بيان على فساد طلبه بان ناتيه بدليل صريح من القران على حجية عذاب القبر مع اننا جئنا به من اكثر من اية ، فهل يستطيع هو ان يأتينا باية واحدة صريحة تقول ان الامور العقدية كانت في مكة وحدها دون المدينة ؟؟؟
فالامور العقدية ليست خاصة بمكة دون المدينة ، و بعد ابطال هذه الشبهة نرجع لحديث اليهودتين ، و الذي رده الرجل بدعوى الاضطراب ، فقال كيف ينكره و يرجع فيقره ؟؟ .
و نقول له : يا نابغة الزمان ، هذا ليس اضطراب و انما هو تطبيق لامر الله ، بل هو الكمال في تطبيق امر الله ، فالله _ تبارك و تعالى _ يقول لرسوله _ صل الله عليه و سلم _ (( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا )) الاسراء36 . فانكره ابتداء ثم جاءه الوحي فاقره _ صل الله عليه و سلم _ ، فرسول الله _ صل الله عليه و سلم _ يفعل ما امره به الله ، و ابو حفص يريد منه ان يفعل ما امره به الشيطان : (( ياأيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون )) البقرة 168 ، فاراد ابو حفص ان يتبع رسول الله _ صل الله عليه و سلم _ خطوات الشيطان و ان يقول على الله ما لا يعلم ، و الله يقول له (( و لا تقف ما ليس لك به علم ))
و يستمر العرض
كتب : السبت 28 جمادى الثانية 1439 (17/03/2018)