تغريدات تاريخية (369) :
خاصة بثورة الزط (الغجر) كتبها مناور سليمان عن تاريخ الطبري
ثورة الزط : هؤلاء بدأت قصتهم بمأساة وانتهت بمأساة أيضًا تقول الروايات التاريخية إن أصل الزط يعود إلى الهند، قد نزحوا لمجاعة أصابت بلدانهم و انطلقوا منها إلى بلاد فارس، ودخلوا في الإسلام مع الفتح الإسلامي ، وقد سمح لهم الحجاج بن يوسف الثقفي باستيطان جنوب العراق في منطقة تسمى البطيحة أسفل كسكر، وكان العرب يسمونهم الزط ، إلا أن ذلك لم يمنع القبائل العربية من احتضانهم والتحالف معهم، وحصلوا في البداية على حقوق مساوية لبقية المسلمين على الرغم أنهم لم يتركوا شيئا من عاداتهم الموروثة ويظهر أن وضعهم المعاشي كان واطئًا جدًّا، فأخذوا يقومون ببعض أعمال اللصوصية الصغيرة، لا سيما السفن التي تعبر في أنهار هذه الأنحاء، ثم زاد أمرهم بانضمام أقوام من الهاربين كالعبيد وغيرهم، فجرأهم هؤلاء على مزيد من الأعمال حتى الخروج على السلطان، واستولوا على الحبوب والغلال من المناطق التي حولهم مثل كسكر والبصرة،
وسيطروا على الطريق بين واسط والبصرة ، وقطعوا طريق البصرة وبغداد، فانقطع عن بغداد ما كان يصلها من البصرة في السفن
ولما تعاظمت ثورة الزط عام 205هـ وتحكموا في منطقة جنوب العراق بكاملها ، اضطر الخليفة المامون لتوجيه جيوش لحرب الزط بعد أن قطعوا الطريق بين وسط العراق وجنوبه وعجز عن إخماد الثورة ، رغم قدرات المأمون على إخضاع العديد من الثورات، ومات المأمون ولَم يتم القضاء على الزط وقام الخليفة المعتصم لإنهاء مشكلات الدولة العسكرية الداخلية منها والخارجية ، وكان الزط في مقدمة اهتماماته.
ومع مجيء سنة 219 هـ أرسل المعتصم أحد أشهر قادة الدولة وهو عجيف بن عنبسة لحربهم وكان القائد المناسب في الوقت المناسب حيث جمع كل أخبارهم وأماكن تحرّكاتهم وعرف الكثير عن قواتهم ثم عمل على سد نهري بردودا والعروس حتى انقطع ماؤهما وسد كل الانهار المتفرعة عنهما حتى جفّت مياههما بعد ان عرف كيف يتجمع الزط حولهما ، ثم هاجم مواضع الزط فمكث في قتالهم 9 أشهر، وقمع شرهم وأباد خضرتهم وكان قائد الزط رجل يقال له محمد بن عثمان ومعه رجل آخر يقال له سملق وهو داهيتهم وشيطانهم فأراح الله المسلمين من شرهم
فأسر منهم من أسر وقتل الكثيرين ولم يتوقف، ثم تابع عجيف حصاره لمناطق الزط ومهاجمة مواقعهم حتى ظفر بهم ،واستسلم الزط فنقلهم عجيف من مناطقهم بزوارق إلى بغداد وعددهم 12 ألف مقاتل و 15 ألف امراة وطفل وهم ينفخون ابواقهم !
ومن بغداد نفاهم الخليفة إلى ثغر عين زربه أمام بوابات الاناضول، وحين هاجم الروم الدولة العباسية عام 241هـ، استاقوا الزط قاطبة مع ممتلكاتهم إلى داخل بلاد الروم
لم يفلت منهم أحد لتبدأ رحلة الشتات الكبرى للزط " الغجر " في اوربا ، فبعد وصول الزط إلى القسطنطينية وإقامتهم حولها ، تحرّكوا غرباً متفرّقين إلى جماعات قليلة العدد ودخلوا اوربا كرحّالة مسالمين ، ولم يرحل كل الزط من العراق بل بقي قلة منهم في العراق ..
يتبع