عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 2010-01-11, 02:24 PM
أبوتميم أبوتميم غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-04-22
المكان: مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم
المشاركات: 1,363
افتراضي

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ‏

فقد اختلف الصحابة رضي الله عنهم في جواز كتابة الحديث، فكرهها عمر وابن مسعود ‏وزيد بن ثابت وأبو موسى وأبو سعيد الخدري في جماعة آخرين من الصحابة، كما ‏كرهها بعض التابعين. وأباحها علي وابنه الحسن وأنس وعبد الله بن عمرو رضي الله ‏عنهم،

والحجة للفريق الأول: ما روى أبو سيعد الخدري رضي الله عنه أن النبي قال: "لا تكتبوا عني شيئاً سوى القرآن، ومن كتب عني شيئاً سوى القرآن ‏فليمحه" رواه مسلم.‏
والحجة للفريق الثاني: قصة أبي شاهٍ اليمني في التماسه من رسول الله ‏أن يكتب له شيئاً سمعه في خطبته عام فتح مكة" وقوله

" اكتبوا لأبي ‏شاة" متفق عليه من حديث أبي هريرة.
وفي الصحيحين من حديث علي رضي الله عنه أنه ‏قال في حديث له (وما في هذه الصحيفة) ثم ذكر أحاديث عن النبي صلى ‏مكتوبة فيها.
وفي البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (لم يكن أحد أكثر حديثاً ‏عنه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب" وفي رواية: ‏استأذن رسول الله في الكتابة فأذن له. وفي السنن: أن عبد الله بن عمرو قال يا رسول ‏الله: أكتب عنك في الرضا والغضب؟ فقال اكتب فو الذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا ‏حق، وأشار بيده إلى فيه"… ولعله صلى الله عليه وسلم أذن في الكتابة عنه لمن خشي عليه ‏النسيان، ونهى عن الكتابة عنه لمن وثق بحفظه مخافة الاتكال على الكتابة، أو نهى عن ‏كتابته حين خاف عليهم اختلاط ذلك بصحف القرآن وأذن في كتابته حين أُمِنَ من ‏ذلك، ثم زال الاختلاف، وأجمع المسلمون على تسويغ ذلك وإباحته، ولولا تدوينه لدرس ‏في الأعصر الأخيرة.‏
أما تدوين الحديث بصورة عامة فقد همَّ الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه به، ‏واستشار الصحابة رضي الله عنهم فأشاروا عليه بذلك، ثم استخار الله شهراً، ثم قال: إني ‏ذكرت قوماً كانوا قبلكم كتبوا كتباً، فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله عز وجل، وإني ‏والله لا ألبس كتاب الله بشيء أبداً، رواه البيهقي. وفي هذا ما يؤكد أن علة نهي النبي عن كتابة الحديث هي ما ذكرنا قبل، من خشية أن يختلط على ‏البعض القرآن بالسنة، لذا كان نهيه عن تدوين السنة عاماً، وإذنه كان خاصاً لظروف ‏وملابسات معينه.‏
وأما تدوين السنة تدويناً عاماً، فتكاد تجمع الروايات أن أول من فعله هو الخليفة الراشد ‏‏(عمر بن عبد العزيز) إذ أرسل إلى أبي بكر بن حزم عامله وقاضيه على المدينة قائلاً: (انظر ‏ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبه، فإني خفت دروس العلم ‏وذهاب العلماء) وأمره أن يكتب ما عند عمرة بنت عبد الرحمن، والقاسم بن محمد. ‏ورغب إلى محمد بن مسلم الزهري أن يكتب بقية حديث أهل المدينة.‏
بل أرسل إلى ولاة الأمصار كلها وكبار علمائها يطلب منهم مثل هذا، فقد أخرج أبو ‏نعيم في تاريخ أصبهان أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أهل الآفاق (انظروا إلى حديث ‏رسول الله فاجمعوه)‏
ثم بعد ذلك شاع التدوين، وظهرت الكتب. فلله الحمد والمنة أن حفظ كتابه، وهيأ ‏رجالاً حفظوا سنة نبيه .‏
والله أعلم.‏
__________________
رد مع اقتباس