رداً على الزميل عبد اللـه الأسير
أعتذر عن التأخير لثلاثة أسباب:
- دقة الموضوع المطروح للنقاش (القوة) وطبيعتها.
- انشغالي بعملي.
- قلة الحماس للمشاركة بسبب تهجم المشرف إبن السني المستمر، والتي يبدو أنها صارت نهجاً بمعرفة الإدارة.
وباعتبار أن الزميل عبد الله الأسير قد دمج مشاركتيه ببعضهما عندما طالبني بـ (أعيد منحك خوضا في وصف القوة أو مبدأ أو كيفية نشأتها)، فسأقوم بدمج ردي على مشاركاته معاً.
اقتباس:
الزميلة يبدو منها التطلع إلى نقد الاسلام اكثر من الدعوة إلى الإلحاد أو الدفاع عنه، فأرجوا ألا يكون موقفها الهجوم خير وسيلة للدفاع، فهو مبدأ المحاربين أو الباحثين عن كسب أرض وليس مبدأ المتحاورين خاصة إذا أعلنوا أن همهم هو الحقيقة
|
زميلي
من الطبيعي أننا حينما نتحدث عن الإلحاد، فإنما نتحدث عن الإلحاد بالدين، أي بالخروج عليه، ولذلك لا بد أن يقترن الحديث بالإلحاد بالحديث في نقد الدين، لأن الإلحاد هو نقض الدين في النهاية.
أما القول بأن هدفي هو (التطلع إلى نقد الاسلام اكثر من الدعوة إلى الإلحاد أو الدفاع عنه) فهو ليس صالحاً لوصف هدفي، فالملحد ينتقد أولاً أي دين، وليس لديه دين محدد كهدف لديه، ومن جهة أخرى فإن نقد الإسلام يأتي في إطار توضيح الموقف المضاد، والذي هو هنا الإلحاد، وليس الهدف هو الإساءة إلى الإسلام أو عقائد الزملاء، فالإلحاد هو أصلاً موقف نقدي من أي دين، ومن الطبيعي أن يتناول الدين بالنقد توضيحاً لماهيتهما.
وأكرر احترامي للإسلام ولكل عقيدة أخرى يعتنقها إنسان، مع الإشارة إلى أن عدم احترامي للبعض لا يعود لعقيدتهم، بل لسوء سلوكهم معي.. وإلى أنني في الفترة الأخيرة أنتهج طريقة هادئة في محاورتهم لا ينتهجونها.
وأما مسألة "الهجوم خير وسيلة للدفاع" فهذا على ما يبدو تقييمك لطريقتي في طرح أفكاري، ولكن ما هي مشكلة هذه الطريقة على أية حال؟.. إن معنى كلامك هو أنني أطرح الأفكار مباشرة وواضحة.. حسناً.. أليس من الأفضل للمرء(أة) أن لا يطرح أية أفكار إن كان سيطرحها بضعف؟.. وأليس طرح الأفكار بدقة ووضوح وبلا لف ولا دوران، أفضل من المجاملات التي لا تغني ولا تسمن عن جوع؟..
أرى أن الحوار المجدي والمنتج هو الحوار الذي يطرح الأفكار عارية تماماً من أي تزيين أو تبرج في سبيل تبيان الحقيقة.
لذلك أرجو من الزملاء عدم التحسس من انتقاد الدين - مع احترامه - لأن الإلحاد هو بالتعريف أيضاً: نقد الدين.. وإلا فما الجدوى من تخصيص قسم لـِ (حوار الملاحدة واللادينيين واللاأدريين)؟.
إن تعريف الإلحاد لا يكتمل بدون تعريف نقيضه.
اقتباس:
سأعلق على بعض أقوال الزميلة:
" في حين أن الملحدين يرفضون الإقرار بوجود أية قوة فوق طبيعة عاقلة في الكون، ما لم يثبت وجودها علمياً، أي بشكل قابل للتجريب والإحاطة."
عجبا لهذه المقولة!!، لو أن الملحدين مقتنعون بها لأقروا بوجود إله، أو ليس الاستنباط أو الاستدلال والقياس من وسائل الإحاطة والعلم ونتيجة التجريب؟، فإذا وقع أو استقر متحرك من أعلى أو على سطح الأرض أتقولين بفعل قوة ما، فكيف تعرفتي على وجود تلك القوة؟، فمخالطة أثرها دل عليها وليس مخالطتها، فالتفاحة المزعومة سقطت فدلت على أن شيء أسقطها، فهل خالط أحد وقع التفاحة أم خالط المؤثر عليها فأسقطها؟، فليأتنا أحد بوصف لأي قوة غير تعريف لها على صفاتها أو يثبت إدراك وجودها بغير متأثر بها، فاليقين أو التدليل على وجود المؤثر يأتي على مخالطة أثره وليس مخالطته أو إمكانية وصفه،فالقوة لا تخالط ولكن تدرك وتقنن على مخالطة آثارها، لا وصف معالم ولا مبدأ أسباب فقط اسم بتفاخر وتعريف وصفات، فتخشينها وتأتمربن بما تتطلبه إذا وقعتي تحت آثار وطأتها، فلا رؤية ولا سماع أو دفئ أو تمييز ولا حراك ولا مسير أو سباحة أو طيران أو تناول شربة ماء أو ملعقة طعام ولا أمن من فرط الأفعال إلا وفق قوانين القوة لا خيار بل إذعان، فذاك ما نعبد عليه الله، فإذا كان وجود القوة غيب يعرف من أثر القوة فالقوة أثر وجود الله، فاسألي العلم الذي به علينا تمنون، أي شكل يوصفها وهل جاءت من غير شيئ، أم يملك أحد أسرار نشأتها؟
فاقرأي ما شئتي أو استعيني بصديق فإن لم تجدي إجابة فتخطي الإلحاد فما يتبرأ منه يلزمه بأن يلقي بما يعتقد في بالوعات الطرقات.
|
يعتمد الزميل هنا على الضبابية التي تحيط بمفهوم "القوة" ليزعم بأنها ذات أصل غيبي تدلل على أثر وجود الله.. لذلك سندقق في هذا المفهوم وسنبين بأنه مفهوم مادي تماماً، لا يقبل الزعم بالغيب كمبرر لوجوده.
وكما قلت، وأكرر، يعتمد المؤمنون كعادتهم على الغوامض لتمرير الغيوب.. كما كانت عادتهم منذ فجر العقل البشري، ففي بدايات التفكير البشري المتواضع كانت الغيوب المعرفية بسيطة مثله (غموض النار والبرق).. ومع تطور العقل البشري وإزاحة العلم للجواهل القديمة تطورت الغيوب (غموض القوة)، لذا وجب بالقياس إلى ذلك أن ندرك أن ما نجهله يرجع إلى مشكلة فهمنا للعالم، لا إلى وجود الغيب حقيقة.. ومشكلة فهمنا للعالم هذه هي التي تقف وراء ينابيع الغيب التي تعج بها جواهل البشر بالبدائل العلمية.
وحتى نتحدث بمفهوم "القوة" الذي يتمترس خلفه الزميل الأسير ليرجمنا بالغيوب، لنرجع إلى هذا المفهوم في كل من الفيزياء والفلسفة، ولكننا يجب أن نتحدث عن العلاقة بين الفيزياء والفلسفة (العلم والفلسفة) أولاً، كيلا يحاول البعض دق إسفين بينهما بغرض التشتيت:
(أينشتين) القائل في تعيين1950و الذي عنوانه “الفيزياء والفلسفة والتقدم العلمي”: ” اذا اعتبرنا الفلسفة بحثا عن المعرفة العامة والأكثر شمولية فإنه ينبغي اذن أن ننظر اليها بشكل بديهي على أنها أم لكل تساؤل علمي…”
” هذا التصور للعالم اذا نظرنا اليه من زاوية فلسفية هو بالتحديد مرتبط بالواقعية العفوية أي بالتصور الذي يرى المواضيع في الفضاء ممثلة مباشرة من خلال الادراكات الحسية…”
من هنا يتبين لنا أن الأسئلة الرئيسية في الفيزياء هي من طبيعة فلسفية وأن الفيزيائي يكون بطبعه فيلسوفا.
أنظر: حضور ميتافيزيقا اسبينوزا في فيزياء أينشتاين
http://www.doroob.com/?p=14372
يتضح من هذا الاقتباس أن الفلسفة هي الأرضية اللازمة لكل تساؤل علمي، والأهم من ذلك هو أننا حسب تعبير أينشتين يجب أن نتصور العالم فلسفياً مرتبطاً بالتمثيل المباشر للوجود من خلال الإدراكات الحسية.
بمعنى أن أي فهم فلسفي للعالم يرتبط بإدراكه حسياً.. أي بوساطة الأحاسيس الخمسة، وعدا ذلك يكون أي فهم مغاير للعالم فهماً لا علمياً.
وعليه مبدئياً تسقط المقولة التي ساقها إلينا الزميل الأسير بأن القوة - باعتبارها ظاهرة مرتبطة بالمادة - أثر غيبي.
وعن مفهوم القوة في الفيزياء نجد ما يلي:
الشغل والطاقة كميات قياسية.. وذلك لأننا كنا نتعامل وبشكل مباشر مع القوة وهى كمية متجهة.. الشغل الذي هو حلقة الوصل ما بين القوة والطاقة.
الطاقة هي وجود مخزون من القوة
انظر: القوة والطاقة والشغل - موقع الفيزياء التعليمي
http://www.hazemsakeek.com/Physics_L...lectuers_9.htm
وعليه فإن القوة هي الأثر الظاهر للطاقة، أو الطاقة المصروفة، فلا يمكن معرفة القوة إلا من أثرها، وعليه يمكننا قياس القوة إذا ما قارنا الفرق بين حالتين لمادة: قبل وبعد حركة ما.
تعرف القوة في الفيزياء على أنها مؤثر يؤثر على الأجسام فيسبب تغييراً في حالته أو اتجاهه أو موضعه أو حركته. وهي نسبة تغير الزخم بالنسبة للزمن. القوى هي كميات متجهة (لها مقدار واتجاه)، وتسبب في تعجيل الجسم بمقدار معين.
حسب قانون نيوتن الثاني، لمعرفة القوة تستخدم المعادلة التالية: القوة = الكتلة × التسارع
القوة هي أيضاً نسبة تغير الزخم بالنسبة للزمن
كل القوى في الكون تنتمي إلى أربعة قوى رئيسية. القوى القوية والضعيفة والتي تؤثر على مسافات قصيرة جداً، وهي المسؤولة عن الروابط بين الجسيمات دون الذرية. والقوة الكهرومغناطيسية التي تؤثر على الشحنات الكهربائية وقوة الجذب التي تؤثر على الكتل.
انظر القوة - ويكيبيديا http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%82%D9%88%D8%A9.
فمن الواضح هنا أن الحديث الفيزيائي في القوة، هو حديث في كمية قابلة للقياس، وعليه تسقط مقولة الزميل الأسير بالطبيعة الغيبية للقوة، باعتبار أن القوة ظاهرة قابلة للإحاطة.
ينظر اينشتاين الى الرياضيات على أنها مبدعة/خالقة للنظريات الفيزيائية وأداة لا مشاحة منها لرؤية العالم واكتشاف بنيته وسبر قوانينه, واذا كانت مقاصده في مشروعه الفلسفي هو ” رسم الخطوط العريضة لمحاولات الفكر البشري الرامية الى ايجاد ترابط بين عالم الأفكار وعالم الظواهر” ببذل” الجهود لإظهار القوى الفعالة التي تدفع بالعلم الى استنباط الأفكار التي تناسب واقع العالم الذي نعيش فيه “ المصدر السابق
بالتركيز على مقولة أينشتين (إيجاد ترابط بين عالم الأفكار وعالم الظواهر) التي يسعى إليها العلم، نعود إلى فقرة الزميل الأسير:
اقتباس:
عجبا لهذه المقولة!!: (" في حين أن الملحدين يرفضون الإقرار بوجود أية قوة فوق طبيعة عاقلة في الكون، ما لم يثبت وجودها علمياً، أي بشكل قابل للتجريب والإحاطة.") لو أن الملحدين مقتنعون بها لأقروا بوجود إله، أو ليس الاستنباط أو الاستدلال والقياس من وسائل الإحاطة والعلم ونتيجة التجريب؟
|
العلم حسب ما نجد من تعريف أينشتين هو (ايجاد ترابط بين عالم الأفكار وعالم الظواهر) فكيف يقوم الزميل الأسير بالاستدلال على وجود إله؟.. فمن المفروض لحل هذه المعضلة أن يمتلك الزميل إثبات الترابط بين أفكاره (إيمانه) وعالم الظواهر (الإله).. فهل الإله من الظواهر حتى نطبق عليه عمليات (الاستنباط أو الاستدلال والقياس من وسائل الإحاطة والعلم ونتيجة التجريب) التي تجري دوما على الظواهر المادية لتكوين أفكار مترابطة معها؟.
لما كان الزميل عاجزاً عن تطبيق هذه العلميات لأنه ليس من وجود لـ (تصور يرى المواضيع في الفضاء ممثلة مباشرة من خلال الادراكات الحسية) حسب قول أينشتين، يمكن تطبيقه على الإله، فكيف يتعجب بان الملحدين لا يقروا بوجود إله.. إن هذا راجع إلى أن الزميل يطبق (عمليات الاستنباط أو الاستدلال والقياس من وسائل الإحاطة والعلم ونتيجة التجريب) على أفكاره (إيمانه)، وليس على الظواهر المادية، أو على الإله.. ومن هذه الناحية يمكن للمرء أن يخترع من بنات أفكاره ما شاء من الآلهة والخرافات باعتبار أنها لا تخضع إلا لعمليات القياس التي يفبركها العقل المؤمن بها، لا إلى الظواهر المادية الواقعية. وبهذه الطريقة النفسية النفيسة ظهرت كافة الآلهة عبر التاريخ.
اقتباس:
فإذا وقع أو استقر متحرك من أعلى أو على سطح الأرض أتقولين بفعل قوة ما، فكيف تعرفتي على وجود تلك القوة؟، فمخالطة أثرها دل عليها وليس مخالطتها
|
بالضبط، سوف ندقق في كلامك هذا، فاذكره: (القوة.. مخالطة أثرها دل عليها وليس مخالطتها)..
هنا نعود إلى ما اقتبسناه أعلاه من أن (القوة كمية متجهة.. الشغل حلقة الوصل ما بين القوة والطاقة.. الطاقة هي وجود مخزون من القوة)
ونقوم بتطبيق مقولة الزميل تلك على هذه الحقائق العلمية:
لما كانت القوة كمية متجهة، أي مؤثرة، فلا ينطبق قول الزميل على القوة بأنه يمكن معرفتها من أثرها، لأنها الفعل نفسه، ولا يمكننا معرفة الفعل إلا بمفعوله، إلا أن الحقيقة هي أنه يمكن معرفة الطاقة من أثرها، والذي هو الشغل، فصرف طاقة يعني توجيه قوة تؤدي شغلاً، وهذا يعني: فاعل + فعل + مفعول.
إذاً نستطيع أن نعرف فعل الفاعل من مفعوله، نعرف الفاعل والفعل من النتائج، أي نعرف الطاقة والقوة من الشغل الناتج.. وتكون العلاقة بين عناصر الظاهرة (الفاعل، والفعل، والمفعول) علاقة تبعية متبادلة، إذ يمكن الاستدلال على قيمة أي طرف من هذه العناصر بدلالة الطرفين الآخرين (لأنها معادلة رياضية)
بتطبيق هذا الكلام على مرام الزميل من أن (القوة هي أثر الله)، يتعادل لديه الله بالطاقة، والقوة بالشغل، وهذا حفنة أخطاء فادحة وقع فيها، فمن المفروض حسب مقولة أينشتين أن (نمثل الظواهر بإدراكاتنا الحسية) فإن أراد الزميل تمثيل الله بإدراكه الحسي، فعليه أن يضمن أن عناصر المعادلة (فاعل، فعل، مفعول) متوفرة، ويدل كل منها على الآخر، مثلما تدل البعرة على البعير.
كيف نستدل على اللـه من خلال ظاهرة (القوة)؟.. يجب أن يكون هنالك عملية مادية يقوم بها الله كي نستدل على كونه طرفاً في المعادلة.. فهل يملك الزميل الأسير أي إثبات على قيام الله بما يترك أثراً خلفه؟... يقول في ذلك:
اقتباس:
فالتفاحة المزعومة سقطت فدلت على أن شيء أسقطها، فهل خالط أحد وقع التفاحة أم خالط المؤثر عليها فأسقطها؟، فليأتنا أحد بوصف لأي قوة غير تعريف لها على صفاتها أو يثبت إدراك وجودها بغير متأثر بها، فاليقين أو التدليل على وجود المؤثر يأتي على مخالطة أثره وليس مخالطته أو إمكانية وصفه،فالقوة لا تخالط ولكن تدرك وتقنن على مخالطة آثارها،
|
لما كان للقوة مصدر هو الطاقة، فإننا سنفترض أن للقوة التي يقصدها الزميل مصدر هو اللـه، فمن خلال قصده يتضح أن سقوط التفاحة قد أثــّر في المشاهد دون أن يلحظ (يخالط) هذا القوة المؤثرة، وعلى ذلك - حسب رأيه - فإن المفعول يدلل على الفعل، والفعل يدلل على الفاعل، أي أن السقوط يدلل على القوة، والقوة تدلل على اللـه، والمشاهد يتحسس السقوط، ولا يتحسس القوة، وبالتالي يصل الزميل إلى النتيجة التالية:
اقتباس:
لا وصف معالم ولا مبدأ أسباب فقط اسم بتفاخر وتعريف وصفات، فتخشينها وتأتمربن بما تتطلبه إذا وقعتي تحت آثار وطأتها، فلا رؤية ولا سماع أو دفئ أو تمييز ولا حراك ولا مسير أو سباحة أو طيران أو تناول شربة ماء أو ملعقة طعام ولا أمن من فرط الأفعال إلا وفق قوانين القوة لا خيار بل إذعان، فذاك ما نعبد عليه الله، فإذا كان وجود القوة غيب يعرف من أثر القوة فالقوة أثر وجود الله،
|
أي أن أحاسيسنا تدرك ما ينتج عن هذه القوة - حسب رأيه - ولما كانت القوة هذه مجردة غير ملموسة (غيب) فهذه القوة إذاً أثر وجود اللـه.
ولكن كيف حكم الزميل هنا على القوة بأنها غير ملموسة (غيب)؟.. حكم عليها كذلك لأن أحاسيسنا غير قادرة على ملاحظتها، وانطلاقاً من هذا الاعتبار، استنتج وجود الإله، أي قام بالعملية بشكل معاكس.. وهذا صحيح منطقياً، ولكنه ارتكب خطأ صغيراً هاهنا يضيع الأرضية التي استند إليها، فقد أكد وجود الإله وأعطاه خصائص وجودية انطلاقاً من (الغيب)، وهذا يناقض (الوجود الإلهي) اللاغيبي - كونه وجود - الذي يفترض به أن يكون موازياً لوجود الطاقة مصدر أية قوة.
كيف يمكن للطاقة أن تكون غيباً، إذا كان أثرها غيب؟.. فلا بد أن يكون كلاهما غيب مثل الإله والقوة، ولا يعقل أن يكون طرف غيبي والآخر موضوعي.
وفي حالة الطاقة والقوة والشغل نلاحظ أن طرفي المعادلة: الطاقة والشغل ملموسان، إذ يمكننا مثلاً قياس مستوى الطاقة في البطارية بوساطة الآفومتر،ولما كان بالإمكان قياس مقدار الطاقة الكامنة في أي مصدر طاقة، بغض النظر عن غيبية القوة، فهذا يعني أنه يمكننا نظرياً قياس الإله.
لقد خلط الزميل بين الطاقة والإله، استناداً إلى غيبية القوة.. ولكن هل القوة غيب فعلاً كما يتوهم؟..
كيف يمكن قياس مقدار القوة في معادلة سقوط التفاحة التي وضعها نيوتن، وهي غيب؟.. هذا تناقض بين إيمان الزميل والعلم.
وعدم فهم الزميل للقوة (ككمية متجهة) هو الذي أوعز إليه بالظن الغيبي، فإن أراد ملاحظة القوة الخفية يمكنه استخدام الأدوات التي تعينه أو تترجم الفعل (القوة) إلى ظاهرة ملموسة، كأن يقوم برش برادة الحديد على ورقة تحتها مغناطيس ليرى بعينيه خطوط القوة واتجاهاتها.
يرى الزميل أن مصدر القوة في سقوط التفاحة هو الإله، ولكن ألم يبذل النبات القوة ليرفع الماء والغذاء ويقتنص الغذاء من ضوء الشمس ليبني خلايا التفاحة، بحيث صار ارتفاع التفاحة في الهواء طاقة كامنة خزنها النبات في التفاحة؟.. وأليس سقوط التفاحة هو تحرير لهذه الطاقة؟.. وأليس ارتطامها بالأرض دليل على مادية قوة الجاذبية التي لا ندركها بالحواس، وإنما ندركها بأثرها؟..
إن التذرع بالغيب ليس أكثر من التذرع بالجهل.
اقتباس:
فاسألي العلم الذي به علينا تمنون، أي شكل يوصفها وهل جاءت من غير شيئ، أم يملك أحد أسرار نشأتها؟
|
القوة حسب العلم هي ظاهرة مادية يمكن قياس مقدارها وتحديد اتجاهها بدقة، وهو ماينفي عنها صفة الغيب.
اقتباس:
فقد أثار انتباهي مقولة "أكرر أن الجهل بالموجودات ليس دليلا"، فلماذا نتحاور إذن؟ فنفيك لأن يكون الجهل بالموجودات صالح كدليل ينفي تأليهكم للعلم ويجعل من إقحامكم له في رفضكم وقبولكم كبهلوان يبكي في حلبة سيرك، فجل ما جاءكم به عن النشأة أو بدء الكون مجرد خزعبلات يكذبها أقرانكم أو نظريات لم ترقى لخلق بعوضة وليس إنسان، بل كم من أمراض لا نعلم شيء عنها وتفتك بالإنسان، فهل أوجدها فاعل أم هي من وحي الهزيان؟
وأعيد منحك خوضا في وصف القوة أو مبدأ أو كيفية نشأتها
|
لم أقم بتأليه العلم، وإنما قمت بتأليه ما أنجزه العلم حتى الآن.. وهو كثير.. والقول بأننا مازلنا نجهل الكثير يختلف عن قولكم بأن جهلنا يدفعنا للإيمان.. فنحن ننظر إلى النصف المليئ من الكأس، بينما تنظرون إلى الفارغ ليتناسب مع غيوبكم.
لقد ثرثرتم كثيراً بمقولاتي عن نقص معارفي وعن نواقص العلم، كما لو أنني أقول أنني جاهلة، وأن ما أنجزه العلم صفر.. هكذا تريدون أن تفهموا كلامي كي تفصلوا ردودكم على قدر رغباتكم لا على قدر مقاصدي.. فخذوا حذركم.. لا تقلقوا من شخص يعرف نقاط قوته.. بل اقلقوا من شخص يعرف نقاط ضعفه.. وفي الوقت الذي أشير إلى هذه النواقص وأقرر معالجتها.. تردون علي بـ (أرميك خارجاً).. [يا حضرة المشرف العادل].
اقتباس:
للحقيقة أنت حبيسة بين التسليم بالغيب على أثره وبين الكفر بإقرار العلم بما يغيب عنه أو لا يعلمه إلا من أثره، فكما قلت في مداخلتي إما أن تتقبلي إقراره وقبول منهجه أو تلقي به وما تؤمني في بالوعات الطرقات،
|
كل إنسان حبيس وجوده، وأنا حبيسة موضوعية الوجود، في حين أنك حر في تخيل الغيب وتفصيله على قدر إيمانك، والبحث في ما يجهله العلم عن مبررات تغييبك للوجود من خلال الإدبار عن موضوعية الظواهر المادية وإدارة الظهر لها.
تطلب مني الإقرار بمنهجية الغيب ورمي ما أومن به في البالوعات.. إني على استعداد للإقرار بالغيب إن كان موضوعياً، ورمي (إيماني) إن لم يكن كذلك.. فهل هو كذلك؟..
بالعودة إلى مقولتك (القوة.. مخالطة أثرها دل عليها وليس مخالطتها).. والتي تبين أنها من الناحيتين الفلسفية العلمية مقولة نافلة إن قصد بها الغيب، يظهر أنك حبيس الغيب وكافر بالعلم.. وهذه نتيجة طبيعية يؤكدها قولك التالي:
اقتباس:
ويالك من جديرة بالإهتمام فانظري كيف توافقينني الرأي:
"وبرأيي أن أكبر خطأ يرتكبه المؤمنون هو محاولاتهم إثبات وجود اللـه بوساطة العلم أو المنطق، لأنه لو صح ذلك فهذا يثبت بأن اللـه مادي، فلا يمكن أن يخضع للإحاطة العلمية أو المنطقية غير المادة"
مع التحفظ على ذكرك للمنطق، فلكم توفرين علينا العناء فكم نعاني من أسماعكم فنحن لا نستخدم العلم لنثبت به وجود الله إذ أن العلم الذي تتباهون به قاصر في إيمانكم ومفاهيمكم ومهما انتهيتم معه لشيء وجدتموه قطرة في بحر ماء، فكيف نقبله أو نستخدمه في ذلك الإثبات؟ فالله يحيط بالعلم والعلم لا يحيط بالله،
|
تقر هنا بأن العلم قاصر، وتستخدم ذلك دليلاً على أن وسيلة إثبات اللـه لا تعتمد العلم، وهذا ما تخالف به كثيرين من المؤمنين الذين يحاولون العكس، أي إثبات وجود اللـه من خلال العلم.. وهو ليس بالأمر السيء، بل على العكس يوفر علينا العناء نحن أيضاً، ولكنه يبين انقسام المؤمنين إلى مذهبين عقليين:
- توفيقيين بين العلم والإيمان.
- رافضة علم مؤمنوا غيب.
شخصياً أجد أن النمط الثاني هو أكثر منطقية وموضوعية من الأول لأن الإيمان لا يتفق مع العلم.
اقتباس:
إنما نستخدم أدواته فتتبع أثر ما على غيبه تؤمنون بوجوده هو نفسه متتبع أثر من على غيبه نؤمن بوجوده
|
نستخدم أدوات العلم فتتبع أثر ما يدل على موضوعيته، وأنت لا تستخدم أدواته لتتبع أثر ما على غيبه، بل تستخدم إيمانك، وشتان بين هذا وذاك، وطريقتك في هذا المنهج تخالف المنطق الذي تحفظت عليه وتستخدمه في نفس الوقت..
إن أمامك الآن مهمة إثبات (غيبية القوة).. وهذا الإثبات لن يكون مقبولاً - حسب المنطق - إن لم يطبق قاعدة أينشتين العلمية: (إيجاد ترابط بين عالم الأفكار وعالم الظواهر). والسبب هو أنك تدلل على وجود الإله باستخدام كل من الأفكار والظواهر (الإيمان والقوة).. وعدا ذلك لا يمكنك الثبات على مبدأ تلجأ إليه لتجد أرضية للمنطق.
اقتباس:
أم أنك لا تعرفين كم من مرة طالبكم فيها الله بالفكر والتعقل (أفلا يتفكرون، ألا يعقلون، لا يفقهون)، فكما ارتضيتي ووثقتي باستخدام الأثر للتعرف على وجود كوكب بإنحراف، وكما ترتضين وتثقين في وجود بدء للنشأة لم تبدو يقينا بعد، نؤمن نحن بأن الله عز وجل هو صاحب تلك النشأة وسيأتي يوما نتيقن منه
|
مثلما استخدمت أثر الجاذبية - وهي قوة - للتعرف على وجود كوكب منحرف، أضطر لاستخدام أي أثر للتعرف على وجود ما يوجد، ولما كان الإله أثراً بعد عين، لا يستطيع عاقل أن يتعرف على أثره، وعدم تحسسك القوة ليس تدليلاً ولا أثراً إلا على قصور حواسك، واعتراف منك بأنك لم تتجاوز الحواس في محاولة كشف الوجود، عكسي لأنني أحاول استخدام العقل في ذلك أيضا، والأدوات التي تعينني على ترجمة المجاهيل إلى معرفات حسية.
وهنالك تناقض خطير في إيمانك يرجع إلى أنك تؤمن بالغيب من خلال استخدامك المنطق، فقولك: (فإذا كان وجود القوة غيب يعرف من أثر القوة فالقوة أثر وجود الله)، فأنت تستخدم منطق البحث العلمي لتستنتج ما لا يعلم.. وهو منهج عقلي غير سليم يتبعه جميع المؤمنون.
وللعلم فأنا لا أثق في (وجود بدء للنشأة لم تبدو يقينا بعد) كما تعتقد، فهذه الثقة خاصة بالمؤمنين واللاأدريين واللادينيين.. الملحدون لا يؤمنون بوجود نشأة.. لا بداية للوجود ولا نهاية له.. ومفهومي البداية والنهاية هما مفهومان نسبيان لا يمكن تعميمهما على الوجود كما يفعل المؤمنون وكثير من العلماء الذين يفصلون بين العقل والعلم.
لا أومن بنظرية الانفجار العظيم.. بل أوقن بأن الكون يتوسع ويتقلص إلى ما لا نهاية، وهذا أمر طبيعي في المادة.
اقتباس:
وأخيرا أيتها الزميلة إن لم نتخطى الاعتراف بأن هناك قوة تجهلين نشأتها والإحاطة بماهيتها عملت على النشأة، ولا تملكين معرفة يقين في ماهيتها ومبدأ نشأتها ويلزمك سؤالك في أي من ذلك لنا عنها معرفتك بها، فنحن ندور في حلقات مفرغة، فإن قلنا الله فلا تنفي قولنا وانفي أدلتنا أو قولي قولك واثبتي أدلتك، فإن تتفهمي فلنخطوا سريعا إما أن ندلل وتنفي أو تدللي وننفي ولك ماتشائين
|
هذا ما قمت به أعلاه على ما أظن.
مع احترامي.
------------------------------------
اقتباس:
أشكر المشرف على الحوار على الاهتمام بالرد على الزميلة فيما يبدو منه السخرية، ولو أنني أربت على كتفيه وأقول له لا عليك فهكذا عهدت الملحدين،
|
أتسمي قولي (ليس شطارة منك توجيه سؤال) سخرية؟.. فما هو النقد إذاً؟..
اقتباس:
فمن الممكن أن يسخر المرء على منطق صحيح حينما يطيش محاوره في الهزيان، ولكن ما يضحكني حقا هنا أن الزميلة لم تمتلك الإجابة بعد ومع ذلك تصدر حكما وتتخذ عليه سلوك الساخرين، يالك من محاورة تستحتقين حقا الاهتمام
|
من يضحك أولاً يضحك أخيراً، والعبرة بالنهاية.
اقتباس:
وبالقطع كما قال المشرف على الحوار لا جرم من أن تبحثي وتستعينين بمن تشائين ولو تركتي لي المساحة للتعقيب على طلبك لوجدتيني مؤيدا ومنتطرا بكل رحابة فلست هنا لأتحداك فلدينا هموم أكبر من ذلك وما محاورتي معك إلا لأضع ما لا تراه عينيك أمامك،
أما الآن وإلى أن تتحققي مما تريدين سأمد لك يد المعاونة، فانظري أيتها الزميلة فيما قلته لك في مداخلتي:
"إذ أن العلم الذي تتباهون به قاصر في إيمانكم ومفاهيمكم ومهما انتهيتم معه لشيء وجدتموه قطرة في بحر ماء،"
|
خلاصة قولي: ما حققه العلم حتى الآن - رغم نواقصه الكبيرة - أكثر من كافٍ لنفي الغيوب.. كفاكم تركيزاً على نواقص العلم ودفن الرؤوس في الرمال عن إنجازاته العظيمة.
اقتباس:
وانظري الآن تعليقك:
"من خلال بحثي في جواب الزميل عبد الله الأسير حول (القوة) انزلقت إلى متاهة عويصة من المفاهيم التي تتناول هذه الظاهرة المادية، بحيث وجدت نفسي أمام ضعف معلوماتي حول هذه القضية، ولذلك كان لا بد من البحث والتنقيب حولها."
أنت التي اختزلتي الكثير من أمثلتي واخترتي القوة على اعتقادك بأنها كما تقولين مادية، والحقيقة هي ليست كذلك وسأتركك لتتوصلين لذلك من بحثك فيها، وعلى الرحب والسعة انتظارك وما ورطت فيه نفسي ليس للشطارة وإنما لأنني أوى إلي ركن شديد وأنتي لا تأوين إلى شيء،
|
لا شطارة.. بحث فقط. [imgl]http://www.taktka.com/vb/images/smilies/taktka%20(129).gif[/imgl]