أحببت أن أبدأ في هذه السلسلة، أجمع فيها أشهر الأدلة على وجود الله تعالى التي وافقت العقل السليم والنقل الصحيح
وأسأل الله تعالى أن ينفع بها إخواننا المسلمين وزملاءنا الملحدين
وارتأيت أن أبدا بدليل الحودث
وقبل البدأ في الموضوع أحببت أن أضع بين أيديكم أهم النقاط التي سأتطرق لها
تمهيد
أولا : إثبات حدوث العالم
1- الأدلة العقلية على حدوث العالم
2- أدلة العلم الحديث على حدوث العالم (الكون)
3 - الأدلة الشرعية على حدوث العالم
ثانيا : إثبات أن كل حادث لابد له من محدث قديم
1 - مبدأ السببية وأدلته
2 - بطلان لانهائية التسلسل والدور
أ - بطلان التسلسل
ب- بطلان الدور
تمهيد
أول ظاهرة تدلنا على وجود الله عز وجل هي حدوث الكون والتي تدلنا على أن له محدِثا أحدثه.
فإذا كان العاقل لا يقبل بحدوث حادث بلا محدث وجب عليه إذا أن يؤمن بوجود الله عز وجل محدِث الكون.
يقول مؤلف العقيدة السفارينية
دلت على وجوده الحوادث****سبحانه فهو الحكيم الوارث (1)
وكثيرٌ من علماء المسلمين الذين ألفوا في أصول الدين والعقيدة، استدلوا على وجود الله بدليل الحدوث، وابن خلدون يشير أيضا في مقدمته إلى دليل الحدوث فيقول :« إن الحوادث في عالم الكائنات سواء كانت من الذوات أو من الأفعال البشرية أو الحيوانية فلا بد لها من أسباب متقدمة عليها بها تقع في مستقر العادة وعنها يتم كونه وكل واحد من هذه الأسباب حادث أيضا فلابد له من أسباب أخر ولا تزال تلك الأسباب مرتقية حتى تنتهي إلى مسبب الأسباب وموجدها وخالقها سبحانه»(2) .
فالكرسي صنعه نجار و الساعة صنعها ساعاتي و القصر صنعه بناء، والعاقل عند زوال الحجب والموانع، يتفكر في خلق السموات و الأرض فيعلم أن هذا الكون من المستحيل أن يأتي صدفة أو من نفسه، فيؤمن في قرارات نفسه أن هذا الكون مخلوق له خالق.
وقد اعتمد النظار على مقدمات عديدة ليصلوا إلى نتيجة واحدة وهي أن العالم حادث وكل حادث لا بد له من محدِث وإلا لزم إيجاد الشيء نفسه أو الدور والتسلسل والكل محال»
والاستدلال على وجود الله تعالى استنادا على دليل الحدوث يعتمد على قضيتين، القضية الأولى إثبات حدوث العالم، والثانية إثبات أن كل حادث لابد له من محدث
-------------
1 العقيدة السفارينية - محمد بن أحمد بن سالم بن سليمان السفاريني - ص 38
2 المقدمة – ابن خلدون – ص 458
كل ما في الكون يدل على حدوثه، فزرع ينبث وطفل يولد ونجم يُخلق،
إذا فالكون يحمل في طياته دليل حدوثه
وكل حادث لا بد له من محدِث وإلا لزم إيجاد الشيء نفسه أو الدور والتسلسل والكل محال
إذا تبين لنا من هذه المقدمة البسيطة ضرورة وجود خالق لهذا الكون
بقي أن أنبه إلى أن اقتباسي لبعض كلام عبد الله بن أسعد اليافعي لا يعني موافقتي لعقيدته فهذا الشخص أشعري صوفي، ونعوذ بالله تعالى من أهل الضلال
إثبات حدوث العالم:
استدل علماء العقيدة على حدوث العالم بمجموعة من الأدلة منها الصالح ومنها الطالح، وسأذكر الصالح منها الذي وافق صحيح المنقول وصريح المعقول:
أولا الأدلة العقلية على حدوث العالم:
إثبات حدوث العالم:
استدل علماء العقيدة على حدوث العالم بمجموعة من الأدلة منها الصالح ومنها الطالح، وسأذكر الصالح منها الذي وافق صحيح المنقول وصريح المعقول:
أولا الأدلة العقلية على حدوث العالم:
1 – إن قبول الوجود والعدم على موجودات العالم دليل على حدوثه، فغيث ينزل، وزهر يتفتح، وطفل يولد وآخر يموت، ونجوم تنشأ وأخرى تخبو، إلى غيرها من الحوادث، وفي ذلك يقول ابن تيمية :« من المعلوم أن بعض أجزاء العالم يشاهد عدمه بعد الوجود ووجوده بعد العدم كصور الحيوان والنبات والمعدن وأنواع من الأعراض وهذا معلوم بالحس أنه ليس واجب الوجود بل هو ممكن الوجود لقبوله العدم »[1].
2 – الموجودات إما أن تكون كلها حادثة أو كلها قديمة أو منها الحادث والقديم، فالأول ممتنع لأن الحوادث تفتقر لمن يُحدثها، ومحدِث الموجودات لا يكون معدوما وهذا معلوم بالضرورة والثاني ممتنع أيضا لأنه خلاف المشاهد والضرورة الحسية، فلو كانت الموجودات كلها قديمة لما طرأ عليها التغير أو الفناء، فثبت إذا أن الموجودات تنقسم لقديم ومحدث، ولابد للمحدَث من محدِث قديم.[2]
3 – أجزاء العالم مفتقرة لغيرها ولا يوجد منها ما هو قائم بذاته، فالشمس مفتقرة لذراتها ومفتقرة لقانون الجاذبية، وكذلك سائر الكواكب والأفلاك، والإنسان أيضا مفتقر للماء والطعام، وشرط القديم الغنى، فإذا ثبت افتقار أجزاء العالم لغيره ثبت حدوثها، وحدوث الأجزاء حدوث للكل.
4 – بيان استحالة حوادث لا أول لها، فإذا علمنا أن موجودات العالم خاضعة لمبدأ السببية، وأن تسلسل الحوادث إلى ما لانهاية باطل، ثبت إذا حدوث العالم، وسيأتي بيانه فيما بعد.
----------------------------------
[1] بغية المرتاد في الرد على المتفلسفة والقرامطة والباطنية – ابن تيمية - ج 1 ص 430
[2] درء تعارض العقل والنقل – ابن تيمية - ج 3 ص 104
ثانيا أدلة العلم الحديث على حدوث العالم
(وأريد أن أشير إلى أن المنتدى ولله الحمد مليئ بمواضيع تعالج هذه القضية وتفيض فيها، لكن أحببت أن يكون هذا الموضوع جامعا ما أمكن لجميع ما يتعلق بعنوانه)
وأما الأدلة العلمية على حدوث العالم فتكاد لا تحصى، وسأقتصر على أكثرها قوة وأظهرها حجة،
1 – القانون الثاني للتيرموديناميك :
هذا القانون يثبت أنه لا يمكن أن يكون وجود الكون أزليا، فهو يصف لنا أن الحرارة تنتقل دائما من الجسم الأكثر حرارة إلى الجسم الأقل حرارة، والعكس غير ممكن. وبناء على هذا الكشف العلمي الهام فان اتجاه الكون نحو التوازن الحراري يزداد يوما بعد يوم، ولا بد من وقت تتساوى فيه حرارة جميع الموجودات، وحينذاك لا تبقى أية طاقة مفيدة للحياة والعمل، وسيترتب على ذلك أن تنتهي العمليات الكيماوية والطبيعية،
وانطلاقا من هذه الحقيقة القائلة بان العمليات الكيماوية والطبيعية جارية، وان الحياة قائمة، يثبت لدينا قطعا أن الكون ليس بأزلي، إذ لو كان الكون أزليا لكان من اللازم أن يفقد طاقته منذ زمن بعيد، بناء على هذا القانون، ولما بقي في الكون بصيص من الحياة، يقول ادوارد لوثر كسيل عالم أمريكي في علم الحيوان« وهكذا توصلت العلوم - دون قصد - إلى أن لهذا الكون بداية. وهي بذلك تثبت وجود الله، لأن ما له بداية لا يمكن أن يكون قد بدأ نفسه ولا بد من مبدئ، أو من محرك أول، أو من خالق، هو الإله »[1]، وقد قال نفس الكلام السير جيمس: «تؤمن العلوم الحديثة بان عملية تغير الحرارة سوف تستمر حتى تنتهي طاقاتها كلية، ولم تصل هذه العملية حتى الآن إلى آخر درجاتها، لأنه لو حدث شيء مثل هذا لما كنا الآن موجودين على ظهر الأرض، حتى نفكر فيها. إن هذه العملية تتقدم بسرعة مع الزمن.، ومن ثم لابد لها من بداية، ولا بد أنه قد حدثت عملية في الكون، يمكن أن نسميها خلقا في وقت ما، حيث لا يمكن أن يكون هذا الكون أزليا»[2].
2 – نظرية الانفجار الكبير :
إن الحقيقة العلمية التي أبرزتها نظرية الانفجار العظيم هي أن هناك لحظة بدء للمادة والطاقة والزمان، وقد استغرقت هذه النظرية وقتا طويلا حتى تصبح ذات شأن في الأوساط العلمية[3]، ولعل أولى المؤشرات التي دعمت لظهور هذه النظرية ما توصل إليه العالم الفلكي إدوين هابل في إثباته لتمدد الكون، يقول العالم الفلكي الشهير ستيف هاكنغ :« إن إدوين هابل أجرى سنة 1929م مشاهدة تعد علامة طريق هي أنك حيثما وجهت بصرك، تجد المجرات البعيدة تتحرك بسرعة بعيدا عنا. وبكلمات أخرى فإن الكون يتمدد. ويعني هذا أن الأشياء كانت في الأوقات السالفة أكثر اقترابا معا. والحقيقة أنه يبدو أنه كان ثمة وقت منذ حوالي عشرة أو عشرين ألف مليون سنة، حيث كانت الأشياء كلها في نفس المكان بالضبط، وبالتالي فإن كثافة الكون وقتها كانت لا متناهية. وهذا الاكتشاف هو الذي أتى في النهاية بمسألة بداية الكون إلى دنيا العلم»[4].
وعندما بدأ الفلكيون في مطلع العشرينيات بتحليل الأطياف الضوئية للنجوم الواردة على كوكبنا، وجدوا أن هذه الأطياف الضوئية تنحرف نحو اللون الأحمر، وهذا يعني أن منبع الضوء يبتعد عنا، أي أن النجوم الأخرى والمجرات تبتعد عنا، يقول ستيف هاكنغ :«فقد كان من المفاجئ تماما أن نجد أن معظم المجرات ذات إزاحة حمراء، فكلها تقريبا تتحرك بعيدا عنا، بل والأكثر مفاجأة اكتشاف "هابل" الذي نشر في 1929م، فحتى حجم الإزاحة الحمراء لمجرة ما لم يكن عشوائيا، ولكنه يتناسب طرديا مع بعد المجرة عنا. أو بكلمات أخرى، كلما زادت المجرة بعدا، زادت سرعة تحركها بعيدا»[5]، وبهذا الاكتشاف أثبت العلم عن غير قصد أن للكون بداية، وما له بداية لابد أن يكون له مبدئ، ولذلك أشار كريسى موريسون في حديثه عن بداية الكون، حيث قال: »وتدل الشواهد من الكيمياء وغيرها من العلوم على أن بداية المادة لم تكن بطيئة أو تدريجية، بل أوجدت بصورة فجائية، وتستطيع العلوم أن تحدد لنا الوقت الذي نشأت فيه هذه المواد، وعلى ذلك فان هذا العالم المادي لا بد أن يكون مخلوقا»[6]
وما دام الكون في توسع دائم، إذن لو اتجهنا عكسيا، أي إلى الوراء، فمن الضروري أن الكون كله كان متمركزًا في السابق في نقطة واحدة تؤول إلى الصفر، وهذا ما أثبته العلم، أن الكون كان عبارة عن نقطة صغيرة جداً، بضغط رهيب ودرجة حرارة خيالية، أما قولهم أن حجم هذه النقطة كان صفرا فهو حقيقة أخرى وضربة أخرى للماديين، واثبات للخلق من عدم، فالصفر في لغة الفيزياء هو العدم، يقول الدكتور هارون يحيى في إحدى مقالاته:«لقد قاد اكتشاف "هابل" لحقيقة الكون المتمدد لانبثاق نموذج آخر كان ضرورياً لكي لا يكون هناك عبث، ولكي يجعل نتائج معادلاته صحيحة، فإذا كان الكون يتضخم ويكبر مع مرور الوقت فهذا يعني أن العودة إلى الخلف تقودنا نحو كون أصغر، ثم إذا عدنا إلى الخلف أكثر ( لمدى بعيد)، فإن كل شيء سوف ينكمش ويتقارب نحو نقطة واحدة، والنتيجة الممكن التوصل إليها من ذلك هو أنه في وقت ما كانت كل مادة الكون مضغوطة في كتلة نقطية واحدة لها حجم صفر بسبب قوة النقطية ذات الحجم الصفر، وهذا الانفجار الذي وقع سمي بالانفجار الكبير، توجد حقيقة أخرى مهمة تكشفها نظرية الانفجار الكبير، فلكي نقول أن شيئاً ما له حجم صفر فهذا يكافئ القول بأنه لم يكن هناك شيء، وأن كل الكون خلق من ذلك اللاشيء، والأكثر من ذلك أن للكون بداية وهذا عكس ما ذهبت إليه المادية من أن الكون لا أول له ولا آخر»[7].
ويقول الفيزيائي ادموند ويتيكر: «ليس هناك ما يدعو إلى أن نفترض أن المادة والطاقة كانتا موجودتين قبل الانفجار العظيم وأنه حدث بينهما تفاعل فجائي، فما الذي يميز تلك اللحظة عن غيرها من اللحظات في الأزلية؟ والأبسط أن نفترض خلقاً من العدم، أي إبداع الإرادة الإلهية للكون من العدم»[8]. وينتهي الفيزيائي إدوارد ميلن، بعد تفكره في الكون المتمدد، إلى هذه النتيجة قائلا: «أما العلة الأولى للكون في سباق التمدد فأمر إضافتها متروك للقارئ. ولكن الصورة التي لدينا لا تكتمل من غير الله»[9]
لقد شكلت هذه النظرية ضربة قوية لمزاعم المادية الملحدة حيث يقول أحد أكبر فلاسفتهم "أنطوني فلو ": «يقولون إن الاعتراف يفيد الإنسان من الناحية النفسية. وأنا سأدلي باعتراف؛ إن أنموذج الانفجار الكبير شيء محرج جدا بالنسبة للملحدين، لأن العلم أثبت فكرة دافعت عنها الكتب الدينية... فكرة أن للكون بداية». ويقول العالم "دونيس سكايما" -وكان من أشد أنصار نظرية الكون المستقر- وهو يبدي أسفه على انتصار نظرية الانفجار الكبير: «لم أدافع عن نظرية الكون المستقر لكونها صحيحة، بل لرغبتي في كونها صحيحة. ولكن بعد أن تراكمت الأدلة فقد تبين لنا أن اللعبة قد انتهت، وأنه يجب ترك نظرية الكون المستقر جانبا»[10].
إن نظرية "توسع الكون" ونظيرتها "الانفجار الكبير" تعتبران أبرز الثورات الفكرية في العشرينيات من القرن الماضي، ولم يُفكر أحد في ذلك من قبل لا على مستوى الفلاسفة ولا على مستوى علماء المادة.
بيد أن هاتين النظريتين سبق أن تم ذكرهما في كتابٍ منذ أزيد من ألف وأربعمائة سنة، فقد ذكرت هذه الحقيقة العلمية في القرآن الكريم حيث يقول تعالى: ﴿ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ﴾ [11]، وقوله سبحانه ﴿ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ﴾ آيتان في قمة البلاغة اللغوية والإعجاز العلمي.
فكان هذا الكشف الجديد دليلا على حدوث الكون من جهة، ودليلا على أن القرآن كلام رب العالمين من جهة أخرى.
وهنا ستعرض شبهة لطالما احتج بها الملاحدة في هذا الباب
ألا وهي نظرية النواس أي أن الكون ينفجر فيتمدد ثم سينكمش لينفجر مرة أخرى إلى ما لا نهاية
و الرد على نظرية النوسان المزعومة يتخذ عدة طرق سأكتفي هنا بالدليل العلمي على نقض فكرة النوسان على أن هناك أدلة أخرى
وسأقتطف جزءا من كتاب "العلم من منظوره الجديد"حيث يقول مؤلفاه [12]: «وهناك فرضية أخرى طرحت تجنباً لافتراض بداية للكون، هي نظرية نوسان الكون Oscillating Universe. ومؤدي هذه النظرية أنه إذا كان في الكون كمية كافية من المادة فإن شد الجاذبية سوف يوقف في نهاية المطاف التمدد الحالي ويعكسه، بحيث ينتج من ذلك آخر الأمر انهيار ثان لكل المادة في ما قد يصح أن نطلق عليه اسم «الانكماش العظيم». وتوحي نظرية النوسان (الذبذبة) هذه بأن «انفجارا عظيماً» آخر يرجح أن يعقب عملية الانهيار، وأن الكون ربما ظل ينوس على هذا النحو بين عمليات «انفجار» و«انكماش» إلى الأبد. وبهذه الطريقة يمكن الحفاظ على أزلية المادة. وعلى هذه النظرية يعلق ستيفن فاينبيرغ مؤلف كتاب «الدقائق الثلاث الأولى» (The First Three Minutes)، وهو وصف دقيق للمراحل الأولى من نشأة الكون، قائلاً: «بعض المتخصصين في علم الكونيات تشدهم نظرية نوسان الكون فلسفياً، خصوصاً وأنها تتجنب ببراعة، شأن نظرية استقرار حال الكون، مشكلة النشأة الأولى. غير أنها تواجه صعوبة نظرية شديدة واحدة: ففي كل دورة من تمدد الكون وانكماشه تطرأ على نسبة الفوتونات إلى الجسيمات النووية (أو على الأصح درجة التعادل الحراري لكل جسيم نووي) زيادة طفيفة بفعل نوع من الاحتكاك يعرف بلزوجة الحجم (bulk viscosity). وفي هذه الحالة، في حدود ما نعلم، سيبدأ الكون كل دورة جديدة بنسبة جديدة للفوتونات إلى الجسيمات النووية تكون أكبر من سابقتها بقليل. وهذه النسبة ضخمة في الوقت الحاضر ولكنها متناهية، بحيث يصعب أن نتصور كيف يمكن أن يكون العالم قد مر في السابق بعدد من الدورات غير متناه».
وتستند حجة فاينبيرغ في هذه المسألة إلى نتيجة محتومة مترتبة على إحدى الخواص الجوهرية للمادة، وهي القانون الثاني للديناميكاً الحرارية. ويقول هذا القانون إن المادة إذا ضغطت سخنت وارتفعت درجة تعادلها الحراري (الأنتروبيا). وهكذا كلما ازداد عدد «الانكماشات العظيمة» للكون ازدادت حرارته ودرجة تعادله الحراري. وحيث إن درجة حرارة الكون ودرجة تعادله الحراري محدودتان في الوقت الراهن فلابد من أنه كانت له بداية. ومن المفترض أن يبدأ كل «انفجار عظيم»، في إطار نوسان الكون، بدرجة حرارة أعلى من درجة حرارة الانفجار الذي سبقه، ومن هنا لزم أن تكون درجة حرارة الكون في ختام سلسلة طويلة من الانفجارات العظيمة والانكماشات العظيمة أعلى كثيراً من 3.5 درجة مطلقة.
والواقع أن الحجج المستفيضة المتعلقة بالديناميكا الحرارية لا تشير إلى أي تكرار على الإطلاق في عملية التمدد الأصلي. يقول الفيزيائي سدني أ. بودمان (Sidney A. Blidman): «إن عالمنا لا يمكن له أن يرتد في المستقبل. والأكوان المغلقة المنسوبة إلى فريدمان (Friedmann) كانت تسمى فيها مضي الأكوان المتذبذبة. ونحن ندرك الأن أن أي كون مغلق لا يمكن أن يمر إلا بدورة واحدة من دورات التمدد والانكماش بسبب ضخامة الأنتروبيا المتولدة في كوننا الذي هو أبعد ما يكون عن النوسان. وسواء أكان الكون مغلقاً أم مفتوحاً، مرتداً أم متمدداً على وتيرة واحدة، فإن التحولات غير العكوسة في أطوار الكون تدل على أن للكون بداية ووسطاً ونهاية محددة». كذلك فإن نظرية النوسان لا تنسجم مع النسبية العامة. ومن هنا يخلص جون ويلر إلى أن عملية انكماش كبيرة واحدة من شأنها أن تنهي الكون إلى الأبد، فيقول: "لو حصل انهيار في الجاذبية فسنكون قد وصلنا إلى نهاية الزمن. وما من أحد قط استطاع أن يجد في معادلات النسبية العامة أدنى حجة تؤيد القول «بعملية تمدد أخرى» أو بوجود «كون ذي دورات»، أو أي شيء آخر سوى النهاية.
يبدو إذاً أن المادة ليست أزلية بالرغم من كل شيء. وكما يعلن عالم الفيزياء الفلكية جوزف سلك (Joseph Silk) فإن «بداية الزمن أمر لا مناص منه». كما يخلص الفلكي روبرت جاسترو (Robert Jastrow) إلى أم «سلسلة الحوادث التي أدت إلى ظهور الإنسان بدأت فجأة وبعنف في لحظة محددة من الزمن، وفي ومضة ضوء وطاقة.
ها قد أثبت العلم قضايا، أقرها ديننا الحنيف قبل 1400 سنة،
وبعد نكسة العقل الغربي لمدة ثلاث قرون من الزمن، بدأنا نشاهد عودته إلى الدين، وبدأنا نشاهد عودة العلم إلى أصله الحقيقي (ففي إسلامنا العلم والدين لا يفترقان)
--------------------------------------------------------------------------------
[1] الله يتجلى في عصر العلم – كريسي موريسون – ج 2 ص 31
[2] الإسلام يتحدى – وحيد الدين خان – ص 55 -56 بتصرف
[3] فقد بقيت هذه النظرية فرضية معلقة، حتى حصل لها دعم علمي في سنة 1965 حيث "اكتشف العالمان الأمريكيان"أرنو بانزياس" و"روبرت ويلسون" عن غير قصد، موجات راديو منبعثة من جميع أرجاء الكون لها نفس الميزات الفيزيائية في أي مكان أو زمان سجلت فيه، سُمّيت بالنور المتحجّر وهو النور الآتي من الأزمنة السحيقة ومن بقايا الانفجار العظيم الذي حصل في الثواني التي تلت نشأة الكون.وللمزيد من التوسع انظر موجز تاريخ الزمن لستيفن هاكنغ ص 47 - 49
[4] موجز تاريخ الزمن – ستيف هاكنغ – ص 17
[5] المرجع السابق – ص 46
[6] الله يتجلى في عصر العلم – كريسي موريسون – ج 2 ص 28
[7] مقال خلق الكون من العدم والانفجار الكوني الكبير – هارون يحيى - موقع الإعجاز العلمي في القرآن والسنة
[8] العلم من منظوره الجديد - روبرت م.أغروس وَ جورج ن.ستانسيو- ص 59 – 60
[9] المرجع السابق ص 60
[10] مقال حدوث الكون حقيقة قررها الدين وأثبتها العلم - أورخان محمد علي – موقع مجلة حراء
[11] الذاريات - 47
[12]العلم من منظوره الجديد - روبرت م.أغروس وَ جورج ن.ستانسيو- ص 58
|