عرض مشاركة واحدة
  #54  
قديم 2010-05-31, 07:28 PM
MALCOMX MALCOMX غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-05-14
المكان: الكويت
المشاركات: 321
افتراضي

ثالثا الأدلة النقلية على حدوث الكون :
لقد امتاز المنهج الإسلامي مقارنة مع باقي الفلسفات التي سبقته -الفلسفة اليونانية والإغريقية- بسبقه إلى القول بحدوث العالم، فقد كان الاعتقاد السائد قبل ظهور الإسلامي بقدم العالم وقِدم مادته، فلما جاء الإسلام، ودون حدوث أي تطور علمي يستوجب نقض الفكرة الفيزيائية اليونانية قال هذا الفكر مستهدياً بالوحي السماوي: إن العالم محدَث مخلوق وليس قديما، ثم جاء الفكر العلمي المعاصر ليؤكد هذه الحقيقة من خلال القول بوجود لحظة ابتداء للكون.
فيكفينا كمسلمين، أن نستدل على حدوث الكون بكلام الله عز وجل، لأنه يعلم السر وأخفى، وعنده مفاتيح الغيب وأسرار الكون، وسأعرض جملة من الآيات التي لطالما قرأناها ولم نتبين سرها وعظمتها لأنها أُلقِيت بأوجز عبارة وألطف إشارة، فلا يدركها إلا أربابها، وقد جمعتْ هذه الآيات بين قوتين مثينتين، فاستحال نقضها أو زعزعتها، لقد جمعتْ بين الدليل الرباني الشرعي القاطع والدليل العقلي الساطع، وكما يذكر ابن تيمية، أن مثل هذه الآيات التي تضم كلتا مصادر معرفتنا هي أدلة شرعية عقلية، فكانت بحق تحديا للذين زعموا خلو القرآن من الأدلة العقلية، ولم تقتصر على مخاطبة أهل الاختصاص، بل خاطبت العالم والعامي في بيان موجز وعبارات محكمة، يعجز البشر على الإتيان بنظيرها.
ولنتأمل في الآيات التالية التي تقرر في بعضها أن المخلوقات مسبوقة بالعدم، وفي البعض الآخر أنها تقبل الوجود والعدم، وكلاهما يشيران إلى الحدوث والافتقار إلى المحدِث، يقول تعالى:
• أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ [1]
• أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا [2]
• هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا [3]
• وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ [4]
• فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا [5]
• وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4) وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5) وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا [6]
• تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (61) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا [7]

والآيات الدالة على حدوث الكون عديدة، أكتفي بما ذكرته لدلالته على المطلوب.
وهكذا أكد كلام رب العالمين على حدوث الكون بآيات باهرة معجزة، نزلت على الرسول الأمي قبل أزيد من أربعة عشر قرنا، وتحدى بها كفار قريش ولا زال التحدي قائما إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.


___________________________
[1] سورة الطور آية 35
[2] سورة مريم آية 67
[3] سورة الإنسان آية 1
[4] سورة المؤمنون آية 12 - 14
[5] سورة عبس آية 24 - 27
[6] سورة الشمس آية 1 - 6
[7] سورة الفرقان آية 61 - 62


سبق أن ذكرنا أن الاستدلال على وجود الله تعالى استنادا على دليل الحدوث يعتمد على قضيتين، وبعد إثباتنا للقضية الأولى – حدوث العالم – بقي لنا أن نثبت أن كل حادث لابد له من محدث قديم.

ثانيا إثبات أن كل حادث لابد له من محدث قديم:
من الضروريات العقلية التي لا خلاف فيها بين العقلاء أن لكل حادث سبب [1]، يفسر لماذا وقع هذا الحادث ولما كان على هذا النحو، ووجود هذا القانون الذي يحكم المادة ليس منوطا بإدراكنا له، فسواء آدركناه أو لم ندركه سيبقى قانونا ثابتا، فعدم معرفتنا بوجود سبب لحادث ما ليس دليلا على عدم وجود هذا السبب.
وجميع البحوث العلمية إنما قامة لتكشف الستار عن قانون السببية بين الأشياء المادية-لكل حادث محدث- فمطلوبات العلوم جميعها، ما هي إلا أحداث لا تعلم أسبابها، ولولا ذلك ما كان هناك شيء اسمه البحث العلمي.
ولا يستطيع أحد أن يثبت خطأ قانون السببية، فبدونه تنعدم جميع الأشياء الحية. والعقل البشري لا يستطيع أن يعمل إلا على أساس السببية.
فمبدأ السببية قامت عليه المعارف البشرية البدائية والمعقدة على حد سواء ولا ينكر ذلك أحد من العقلاء.

أولا أدلة مبدأ السببية

• الدليل الفطري على مبدأ السببية :
مبدأ السببية القائم بلزوم علة لكل حادث من مبادئ الذهن الأولى المدَبِّرة له، فكل إنسان يستخدمه وربما لا يعرفه في حالته الابتدائية أي يستخدمه من حيث لا يشعر، ولولا مثل هذه المبادئ لما تقررت أي حقيقة في الأذهان.
وقد أشار ابن حزم لبعض البديهيات و العلوم الضرورية التي يستوي فيها الجاهل و العالم والصغير و الكبير فيقول:« إن الصبي الصغير في أول تمييزه يعلم بأنه لا يكون فعل إلا لفاعل فإنه إذا رأى شيئا قال من عمل هذا ولا يقنع البتة بأنه العمل دون عامل وإذا رأى بيد آخر شيئا قال من أعطاك هذا» [4] وكذلك فإن الصبي الصغير إذا سمع صوتا يتجه بصره نحو مصدره، موقنا أن لهذا الصوت سببا، بل حتى الحيوانات تخضع هي الأخرى لهذا المبدأ.
وهو مبدأ لا يتوقف البرهان عليه بالاستقراء فقط، فالعلم بأن الكتابة لابد لها من كاتب لا يتوقف على العلم بأن كل كتابة قد صدرت عن كاتب، فالعلم بالقضية المعينة المخصوصة قد يكون أظهر من العلم بالقضية العامة الكلية، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية :«واعلم أن علم الإنسان بأن كل محدث لا بد له من محدث أو كل أثر فلا بد له من مؤثر، ونحو ذلك من القضايا الكلية والأخبار العامة، هو علم كلي بقضية كلية، وهو حق في نفسه، لكن علمه بأن هذا المحدث المعين لا بد له من محدث، هو أيضا معلوم له مع كون القضية معينة مخصوصة جزئية، وليس علمه بهذه القضايا المعينة المخصوصة موقوفا على العلم يتلك القضية العامة الكلية، بل هذه القضايا المعينة قد تسبق إلى فطرته قبل أن يستشعر تلك القضايا الكلية، وهذا كعلمه بان الكتابة لا بد لها من كاتب والبناء لا بد له من بان، فإنه إذا رأى كتابه معينة علم أنه لا بد لها من كاتب، وإذا رأى بنيانا علم انه لا بد من بان، وإن لم يستشعر في ذلك الحال كل كتابة كانت أو تكون أو يمكن أن تكون» [5] ويقول أيضا :« فإنه قد يكون علم الإنسان بالحكم في أعيانها المشخصة الجزئية أبده للعقل من الحكم الكلي ولا تكون معرفته بحكم المعينات موقوفة على تلك القضايا الكليات ولهذا كان علم الإنسان أنه هو لم يحدث نفسه لا يتوقف على علمه بأن كل إنسان لم يحدث نفسه ولا على أن كل حادث لم يحدث نفسه بل هذه القضايا العامة الكلية صادقة وتلك القضية المعينة صادقة والعلم بها فطري ضروري لا يحتاج أن يستدل عليه» [6].
إذا تبين لنا من كلام ابن حزم وكلام ابن تيمية أن مبدأ السببية قائم على العلم الضروري البديهي الذي يتفق عليه العقلاء في كل الأزمنة والأمكنة.



• الدليل العقلي :
1 - إن كل حادثة ممكنة الوجود، ومعنى الإمكان أن الوجود والعدم بالنسبة إليها متساويان، فلكي توجد الحادثة، لابد أن يترجح وجودها على عدمها. ولا بد في رجحان الوجود على العدم من مرجِّح لاستحالة ترجح أحد المتساويين على الآخر بلا مرجح، وهذا المرجح هو العلة، إذن فكل حادثة لها علة.
2 – الاستقراء : والاستقراء هو تتبُّع الجزئيات كلها أو بعضها للوصول إلى حكم عام يشملها جميعا، أو هو انتقال الفكر من الحكم على الجزئي إلى الكلي الذي يدخل الجزئي تحته [9].
وباستخدام هذه العملية التجريبية على العالم نلاحظ أن جل جزئياته خاضعة لقانون السببية فإما أن تكون علة أو معلولة .




________________________________________
[1] يجب التمييز بين مبدأ السببية وعلاقة السببية القائمة بين الأشياء، ونقصد بمبدأ السببية أو العلية : أن لكل حادث سببا ، ونريد بعلاقة السببية أو علاقة العلية العلاقة القائمة بين الحرارة و التمدد، النار و الاحتراق ، فمعرفة أن التمدد أو الإحراق له سبب : أمر عقلي بديهي . ومعرفة أن سبب التمدد هو الحرارة و سبب الاحتراق هو النار أمر حسي تجريبي.
[2] نقصد بالدليل الفطري أي دليل العلم الضروري البديهي
[4] الفصل بين الملل و الأهواء و النحل – ابن حزم – ج 1 ص 12
[5] درء التعارض – ابن تيمية – ج 3 ص 119
[6] المرجع السابق ج 3 ص 120
[9] ضوابط المعرفة – عبد الرحمـن حبنكة الميداني – ص 188


ثانيا بطلان التسلسل والدور :

كثيرا ما احتج الملاحدة بوجود سلسلة لا نهائية من الحوادث، أو أن هذا الكون مستمر بحكم التفاعل الذاتي الذي لا أول له زعما منهم أن هذا دليل لنفي وجود الله عز وجل.

ونتيجة انتكاسة فطرهم لم يستطيعوا إدراك بطلان التسلسل والدور.

لذلك كان من الواجب تخصيص هذه الفقرة لإبطال زعمهم، تحقيقاً للحق وإبطالاً للباطل.

أ - بطلان التسلسل:

التسلسل[1] هو استناد وجود الممكن إلى علة مؤثرة فيه، وتستند هذه العلة إلى علة مؤثرة فيها، وهي إلى علة ثالثة مؤثرة فيها، وهكذا تسلسلاً مع العلل دون نهاية، يقول ابن تيمية :«ولفظ التسلسل يراد به التسلسل في المؤثرات، وهو أن يكون للحادث فاعل وللفاعل فاعل، وهذا باطل بصريح العقل و اتفاق العقلاء» [2].

ونستدل على بطلان التسلسل اللانهائي من وجوه :



الوجه الأول:

إن الموجودات بأسرها إما أن تكون واجبة الوجود أو ممكنة الوجود أو ممتنعة الوجود، فأما الأول فباطل لأنا نشاهد في العالم ما يحدث بعد أن لم يكن والواجب بنفسه لا يسبقه العدم، والثاني باطل أيضا لان ممكن الوجود هو الذي يمكن وجوده وعدمهن أي هو الذي يسبقه العدم، وما سبقه العدم لا يستطيع إيجاد نفسه، فوجب وجود موجود لم يسبقه العدم افتقرت إليه الموجودات جميعها، أما الثالث فهو باطل لأن العالم موجود، فما وجد لا يكون ممتنع الوجود.

فلزم لبطلان هذه الأقسام الثلاثة أن يكون بعضها واجبا وبعضها ممكن.

وإذا كانت الموجودات إما واجبة وإما ممكنة وليس كلها ممكنا ولا كلها واجبا دل ذلك على انتهاء التسلسل وبطلان لانهائيته.


الوجه الثاني :

كل ممكن الوجود لا يوجد إلا بموجب يجب به وجود لأن الممكن كان مسبوقا بعدمه وهو مفتقر في وجوده إلى واجب الوجود الذي لا يسبقه العدم، والممكن لا بد لرجحان وجودها من مرجح واجب الوجود. [3]






الوجه الثالث :

الممكنات لا توجب الوجود بنفسها، فلا بد للممكن الذي يقبل الوجود والعدم من موجود ليس بممكن، ثم الموجود إما موجود بنفسه وإما بغيره وليس كل موجود وجد بنفسه لأن منها المحدثات التي يعلم بضرورة العقل أن وجودها ليس بأنفسها ، فثبت أن من الموجودات ما هو موجود بنفسه وما هو موجود بغيره، والموجود بنفسه هو الواجب و الموجود بغيره هو الممكن، فسقطة بذلك دعوى التسلسل اللانهائي.[4]



الوجه الرابع :

لو كانت العلل والمعلولات متعاقبة، فكل واحد منها حادث لا محالة. وعند ذلك فلا يخلو : إما أن يقال بأنها أزلية وهو محال لأن الأزلي لا يكون مسبوقا بالعدم، أو يقال بأنها ليس أزلية وهو المطلوب ، ويلزم من قول عدم أزليتها وعدم وجود واجب الوجود الأزلي بالقول بعدم وجودها، فبحكم العقل، العدم لا يعطينا وجودا وفاقد الشيء لا يعطيه، فتبين أن هذا القول خلاف المشاهد، فهذه العلل والمعلولات كل منها يكون مسبوقا بالعدم، فمجموعها مسبوق بالعدم، فوجب أن يكون لوجودها أول تنتهي إليه، فلو قيل لأحد لن أعطيك درهما إلا وقبله درهم لكان الإعطاء محال، كذلك الحال بالنسبة لمجموعة من الأصفار التي لا تكتسب قيمة إلا إذا كان عدد بين الواحد والتسعة على يسار هذه الأصفار، فالصفر يستمد القيمة من الصفر الذي إلى يساره، وهو أيضا إنما يستمد القيمة العددية من الصفر الثالث فالرابع فالخامس ... إلى أن تنتهي الأصفار برقم عددي كالواحد فما فوق. فهذا الرقم هو الذي يملك قيمة ذاتية في داخله، وهو الذي يضفي الحياة والقيمة على الأصفار المتسلسلة التي عن يمينه. فلو فرضنا أن سلسلة الأصفار لم تنته إلى رقد عددي يملك قيمة ذاتية، فهي أصفار خالية عن قيمة بل عن أي معنى الوجود.

وافتراض التسلسل اللانهائي فيها لا يغير من طبيعة الحال ولا يجعل لها أي قيمة

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية:«وإذا لم يكن في الوجود واجب لم يوجد شيء، فتكون الموجودات كلها معدومات»[5]. ويقول أيضا : «مهما قُدِّر من الممكنات التي ليست متناهية، فإنه ليس واحد منها موجودا بنفسه، بل هو مفتقر إلى ما يُبدعه ويُفعله... فإذا قدر ممكنات متسلسلة كل منها لا وجود له من نفسه لم يكن هناك إلا العدم، والوجود موجود محسوس، فعلم أن فيه ما هو موجود بنفسه ليس وجوده من غيره»[6] .





الوجه الخامس

قد يُقال: لما لا يجوز تطبيق مفهوم اللانهاية على العالم المادي، ذلك أن هذا المفهوم يتم تطبيقه فكريا، فمثلا: الذهن يقبل بفكرة عدم وجود نهاية للأعداد الرياضية حيث كلما تصورنا عددا إلا وكان بالإمكان أن نتصور عددا آخر يُضاف إليه ومادام هذا التصور ممكن عقلا، فلما لا يكون أيضا بالإمكان عقلا أن يكون تكون الكون عملية مستمرة على نحو لا نهائي.

أقول : إن مفهوم اللانهائية لا يجب تنزيله على الظاهرة المادية وهذا هو مايقوله علماء الرياضيات أنفسهم فالعالم الرياضي الشهير دافيد هلبرت يقول :" إن اللانهاية لا توجد داخل الطبيعة... إن دورها الوحيد الذي يمكن أن تقوم به هو دور فكرة"[7].

ونلاحظ التناقض الكبير عند محاولة تطبيق هذا المفهوم على العالم المادي ذلك أن العدد اللانهائي هو العدد الذي لا يقبل الزيادة ولا النقصان.

وأضرب لذلك مثلا، ففي علم الرياضيات نحن مضطرين أن نقبل بالنتيجة التالية:

∞ - 1 = + ∞ +

وأبسط هذه المعادلة بمثال بسيط :

لو فرضنا أن مكتبة ما، تحتوي على عدد لانهائي من الكتب وجاء قارئ وأخذ كتابا من هذه المكتبة، بديهيا المكتبة قد نقص منها كتاب، لكن رياضيا نحن مضطرين للقول بأن المكتبة لم ينقص منها كتاب لأنه يبقى دائما لانهائيا حتى لو أخذنا منها مليون كتاب.

بل والذي يضعنا في تناقض صارخ هو أننا لو فرضنا دخول عدد لانهائي من القراء وكل قارئ أخذ كتابا، فلن نستطيع القول أن المكتبة قد نفدت كتبها، فالعدد اللانهائي لا يقبل الزيادة ولا النقصان .

نستخلص من هذين المثالين أن مفهوم اللانهاية مفهوم لا يجب تنزيله على الظاهرة المادية الواقعية.

وهذا ما أشرت إليه آنفا في قولة عالم الرياضيات دافيد هلبرت :" إن اللانهاية لاتوجد داخل الطبيعة... إن دورها الوحيد الذي يمكن أن تقوم به هو دور فكرة".


وحتى الملحد دفيد هيوم يقول بصريح العبارة :"إن عددا لانهائيا من مراحل الزمن التي تتوالى يبدو مجرد فكرة متناقضة، وهي فكرة لا يوجد إنسان يقتنع بها دون أن يكون في اقتناعه يفكر على نحو فاسد مختل "[8].






------------------------------------
[1] يجب التفريق بين تسلسل الحوادث و تسلسل الآثار – انظر درء التعارض ج3 ص157

[2] درء التعارض ج 1 ص 363

[3]المرجع السابق ج 3ص 100 بتصرف

[4] المرجع السابق ج3ص101

[5] المرجع السابق ج3 ص 264

[6] المرجع السابق ج3 ص 149

[7] مقال أدلة الإيمان – الموقع الالكتروني لمنتدى التوحيد

[8] مقال أدلة الإيمان – الموقع الالكتروني لمنتدى التوحيد