عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2015-07-14, 02:07 AM
ايوب نصر ايوب نصر غير متواجد حالياً
مسئول الإشراف
 
تاريخ التسجيل: 2012-10-23
المشاركات: 4,818
افتراضي الاقران اعلم ببعضهم من غيرهم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

الحمد لله وكفى و الصلاة و الصلام على النبي المصطفى و على اله و صحبه و من اقتفى
من الاقوال التي يتم الركوب عليها ، من طرف الجهال و اهل الضلال ، لتمرير باطلهم و اقامة ضلالهم ، نجد (( كلام الاقران يطوى و لا يروى )) ، فلا يحذر من شخص او يتكلم فيه حتى ترتفع الاصوات ناعقة " كلام الاقران يطوى و لا يروى " دون النظر في الادلة و مناقشتها و نقدها ، و اما اهل التحقيق و التحصيل فيعلمون ان القواعد ليست على اطلاقها ، و ان منها ما يكون له استثناء ، بل و منها ما يكون هو الاستثناء .
و نحن اليوم نقف مع هذه القاعدة ، لبيان جهل من يسارع الى الاحتجاج بها ، دون ان يكلف نفسه مشقة النظر في الادلة ، و في حال المتكلم و المتكلم فيه .

المعروف عند المحدثين ان " المجهول " ينقسم الى ثلاثة اقسام و هي :
الاول : مجهول العدالة ظاهرا و باطنا
الثاني : مجهول العدالة الباطنة
الثالث : مجهول العين

و اي راوي وجد فيه اي قسم من الاقسام الثلاثة فان هذا يعتبر جرحا له ،و سنتكلم عن القسم الثاني _ مجهول العدالة الباطنة _ ، و قد نقل ابن الصلاح رحمه الله الامام سليم بن ايوب قوله : (( وَلِأَنَّ رِوَايَةَ الْأَخْبَارِ تَكُونُ عِنْدَ مَنْ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ مَعْرِفَةُ الْعَدَالَةِ فِي الْبَاطِنِ، فَاقْتُصِرَ فِيهَا عَلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ فِي الظَّاهِرِ، وَتُفَارِقُ الشَّهَادَةَ فَإِنَّهَا تَكُونُ عِنْدَ الْحُكَّامِ، وَلَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، فَاعْتُبِرَ فِيهَا الْعَدَالَةُ فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ )) 1
و علق علي هذا ابن الصلاح : (( وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا الرَّأْيِ فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ الْمَشْهُورَةِ فِي غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الرُّوَاةِ الَّذِينَ تَقَادَمَ الْعَهْدُ بِهِمْ، وَتَعَذَّرَتِ الْخِبْرَةُ الْبَاطِنَةُ بِهِمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. )) 2

و قد بوب الخطيب في الكفاية بابا تحت عنوان : (( بَابُ الرَّدِّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْعَدَالَةَ هِيَ إِظْهَارُ الْإِسْلَامِ وَعَدَمُ الْفِسْقِ الظَّاهِرِ الطَّرِيقُ إِلَى مَعْرِفَةِ الْعَدْلِ الْمَعْلُومِ عَدَالَتُهُ مَعَ إِسْلَامِهِ , وَحُصُولِ أَمَانَتِهِ وَنَزَاهَتِهِ وَاسْتِقَامَةِ طَرَائِقِهِ , لَا سَبِيلَ إِلَيْهَا إِلَّا بِاخْتِبَارِ الْأَحْوَالِ , وَتَتَبُّعِ الْأَفْعَالِ الَّتِي يَحْصُلُ مَعَهَا الْعِلْمُ مِنْ نَاحِيَةِ غَلَبَةِ الظَّنِّ بِالْعَدَالَةِ. وَزَعَمَ أَهْلُ الْعِرَاقِ أَنَّ الْعَدَالَةَ هِيَ إِظْهَارُ الْإِسْلَامِ وَسَلَامَةُ الْمُسْلِمِ مِنْ فِسْقٍ ظَاهِرٍ , فَمَتَى كَانَتْ هَذِهِ حَالَهُ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا )) 3
و قبل ان ننقل ما جاء في هذا الباب ، فان العنوان وحده يبين فيه الخطيب _ رحمه الله _ ان الاسلام و عدم الفسق الظاهر لا يكفيان للقول بعدالة الراوي بل يجب معرفة عدالة الباطن ، و كما نقلنا عن ابن الصلاح ان هذا الامر لا يمكن التوصل اليه الا عن طريق من عاشر الراوي ، و اكد ذلك الخطيب كما في عنوان الباب و ذلك بنصه ان حصول الامانة و النزاهة لا يستقيم الا بمعرفة باختبار الاحوال و اتباع الافعال ، و هذا الامر لا يفعله الا من عاصر الراوي و عايشه
و يقول الخطيب ايضا : (( وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا إِجْمَاعُ الْأُمَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي عَدَالَةِ الشُّهُودِ عَلَى مَا يَقْتَضِي الْحُدُودَ إِظْهَارُ الْإِسْلَامِ , دُونَ تَأَمُّلِ أَحْوَالِ الشُّهُودِ وَاخْتِبَارِهَا , وَهَذَا يُوجِبُ اخْتِبَارَ حَالِ الْمُخْبِرِ عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَحَالِ الشُّهُودِ بِجَمِيعِ الْحُقُوقِ , بَلْ قَدْ قَالَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: إِنَّهُ يَجِبُ الِاسْتِظْهَارُ فِي الْبَحْثِ عَنْ عَدَالَةِ الْمُخْبِرِ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَجِبُ فِي عَدَالَةِ الشَّاهِدِ , فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ الْعَدَالَةَ شَيْءٌ زَائِدٌ عَلَى ظُهُورِ الْإِسْلَامِ , يَحْصُلُ بِتَتَبُّعِ الْأَفْعَالِ وَاخْتِبَارِ الْأَحْوَالِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ )) 4
فكما هو واضح فان اختبار حال من يروي عن رسول الله اولى من اختبار حال الشهود ، و لا اعلم طريقة يختبر بها حال الرجال الا بالمعاصرة ، اذ كيف لمن جاء بعد الراوي ان يختبر حاله ؟؟؟

و ما يعزز ذلك قصة عمر _ رضي الله عنه _ (( عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ , قَالَ: شَهِدَ رَجُلٌ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِشَهَادَةٍ , فَقَالَ لَهُ: " لَسْتُ أَعْرِفُكَ , وَلَا يَضُرُّكَ أَلَّا أَعْرِفَكَ , ائْتِ بِمَنْ يَعْرِفُكَ , فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أنا أَعْرِفُهُ , قَالَ: فَبِأَيِّ شَيْءٍ تَعْرِفُهُ؟ قَالَ: بِالْعَدَالَةِ وَالْفَضْلِ , قَالَ: فَهُوَ جَارُكَ الْأَدْنَى الَّذِي تَعْرِفُ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ وَمُدْخَلَهُ وَمُخْرَجَهُ؟ قَالَ: لَا , قَالَ: فَمُعَامِلُكَ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ اللَّذَيْنِ بِهِمَا يُسْتَدَلُّ عَلَى الْوَرَعِ؟ قَالَ: لَا , قَالَ: فَرَفِيقُكَ فِي السَّفَرِ الَّذِي يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ؟ قَالَ: لَا , قَالَ: لَسْتَ تَعْرِفُهُ , ثُمَّ قَالَ لِلرَّجُلِ: ائْتِ بِمَنْ يَعْرِفُكَ " )) 5
و يستفاد مما سبق ان الاقران اعلم ببعضهم من غيرهم لان العدالة في الباطن لا يمكن معرفتها الا عن طريق من عاصر الراوي و عايشه و اختبر حاله و في هذا رد على من ينهق ب (( كلام الاقران يطوى و لا يروى ))

_______________________
1_ مقدمة ابن الصلاح ص 112
2_مقدمة ابن الصلاح ص112
3_ الكفاية ص 81 و 82
4/ 5 _ الكفاية ص : 83
__________________
( فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ) الكهف 6

كل العلوم سوى القرآن مشغلة ..... إلا الحديث وعلم الفقه في الدين
العلم ما كان فيه قال حدثنا ..... وما سوى ذاك وسواس الشياطين

آخر تعديل بواسطة ايوب نصر ، 2018-06-12 الساعة 07:20 PM
رد مع اقتباس