ما الذي ينقص المقاومة؟
يبدو أننا في أيام نحسات، يخرج لنا فيها من رحم الليالي كل غريبة وعجيب، فتحملنا على أن نوضح للناس، من عموم المسلمين وخاصتهم، ما كان بالأمس قريب واضحا بينا لا يقتحمه غموض ولا تلتبس به شبهة، ولكن كان ما كان وجاد علينا الزمان بعجائبه، فأنبت في الأمة نابتة، أصبحت هي السواد الأعظم فيه، لم تؤت حظا من الفهم ولا قسطا من العقل، وإنما تحكرها المصالح الحاضرة والغرائز النازلة، فحملنا الزمان بما جاد علينا به فوق ما نحتمل وفرض علينا أكثر مما نطيق من أمانة البيان.
في عرف العلاقات الدولية، لابد من ضربين من القوة يعملان بتوازي وتوازن، فأما الضرب الأول فهو الديبلوماسية والأروقة السياسية، وأما الضرب الثاني فهو القوة العسكرية، وهذان القوتان لا ينفك أحدهما عن الآخر ولا غناء لأحد منها عن صاحبه، ومن هنا كان عند الدول ما يسمى بالصقور والحمائم، وكان عندهم العصا والجزرة، ومن هنا ظهرت قيمة التوازنات حتى داخل الدولة.
ما ينقص المقاومة الفلسطينية في غزة ( حماس وإخوانها) هو الضرب الأول من القوة، فحماس ومن معها، حملوا على عاتقهم حمل المقاومة المسلحة أو جهاد الدفع، وذالك المقاومة في التعريف الإسلامي تسمى جها.د الدفع، وهذا الضرب لم يشترط له الإسلام شيئا مما اشترط لجها.د الطلب، لان هذا الأخير تقوم به الدولة بما تملكه من أسباب القوة والأول يقوم به أفراد الشعب بما علق بهم من علل الضعف.
وهنا وافق الإسلام طبيعة النفس البشرية.
فحماس ومن معها قاموا بما عليهم القيام به وأدوا للتاريخ أقصى حقه عليهم، ولكن الذي فرط وتخاذل وتهاون هو من ترك الذي عليه من حق القيام بالضرب الأول من القوة، وهي القوة الديبلوماسية والسياسية، ومن كان عليه القيام بهذا الحق هم فتح وحركة التحرير الفلسطينية والدول العربية، فهؤلاء كلهم لم يستغلوا الجزرة التي كانت بأيديهم، وركنوا إلى السلم بل وراغوا إلى محاربة إخوانهم والتضييق عليهم.
حركة التحرير الفلسطينية، ومن خلفها بما فيهم الدول العربية، أخطأت مرتين، الأولى حين ذهبت إلى أوسلو بلا الضرب الأول من القوة، حين ألقت سلاحها واختارت اللعب السياسي، فكانت النتيجة هي الاستيطان والتهجير والقتل وسوم الخسف لكل من هنالك، والمرة الثانية حين تخلت عن دورها كلاعب سياسي.
لابد للمقاومة من داعم سياسي، يستغل ما يتم على الميدان وفي ساحة القتال، ليكسب مكاسب سياسية، ولكن هذا قدر الله، فله الأمر من قبل ومن بعد.
__________________
( فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ) الكهف 6
كل العلوم سوى القرآن مشغلة ..... إلا الحديث وعلم الفقه في الدين
العلم ما كان فيه قال حدثنا ..... وما سوى ذاك وسواس الشياطين
آخر تعديل بواسطة ايوب نصر ، 2025-04-07 الساعة 03:31 PM
|