جديد المواضيع |
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
نقل : علماء الفتاوى الجاهزة
بسم الله الرحمن الرحيم
علماء السلاطين والفتاوى الجاهزة ! العلماء ورثة الأنبياء الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. وبعد؛ فإن العلماء هم ورثة الأنبياء وحماة الدين الذين ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين وشأنهم شأن عظيم، ودورهم في الأمة دور كبير. ونظراً لمكانة ومنزلة العلماء في الإسلام، وأهمية الدور وعظم المهمة المكلفين بها، ووعياً بخطورة الخلط في هذا المقام بين العلماء العاملين المرابطين على ثغور هذا الدين ممن لا تأخذهم في الله لومة لائم، وبين المنتسبين إلى العلم من الذين يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً، وضرورة التفريق بين الطائفتين، وعملاً على توضيح الحكم الشرعي في حدود طاعة واتباع وتعظيم العلماء، وتبياناً للأسلوب الشرعي في بيان أخطائهم وزلاتهم، وسعياً لإصلاح العلاقة بين العلماء وجموع العاملين للإسلام، ارتأينا تناول هذا الموضوع على النحو التالي: أولاً: مكانة العلماء في الإسلام: إن مما هو معلوم أن العلم الشرعي هو ميراث النبوة، وأن حملته العلماء هم ورثة الأنبياء، وبذلك نالوا ما نالوا من الفضل الذي وصفهم به الله ورسوله، فقد رفعهم الله درجات عظيمة على من سواهم، قال تعالى: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} (المجادلة:11) ، وثلث بشهادتهم بعد شهادته هو وملائكته على وحدانيته فقال {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم} (ال عمران:18) ونفى أن يستووا مع غيرهم فقال {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون} (الزمر:9) . وأثنى عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال في وصفهم: (فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ليلة البدر، العلماء هم ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهما إنما ورثوا العلم فمن أخذ به فقد أخذ بحظ وافر) [رواه أبو داود والترمذي والدارقطني]، وقال صلى الله عليه وسلم: (فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم) [رواه الترمذي]. وهذه المكانة التي أعطاها الله ورسوله للعلماء عرفها سلف الأمة لهم، فقال الأوزاعي رحمه الله: (الناس عندنا أهل العلم ومن سواهم فلا شيء)، وقال سفيان الثوري رحمه الله: (لو أن فقيهاً على رأس جبل لكان هو الجماعة). وهذه المنزلة العظيمة للعلماء في الإسلام نابعة من عظم الدور وأهمية المسؤولية الملقاة على كاهلهم بمقتضى ميثاق بيان الحق الذي أخذه الله عليهم وميراث النبوة الذي ورثوه، ومن هنا تأتي خطورة النيل منهم والتنقيص من قدرهم، لما في ذلك من الطعن في العلم الذي يحملونه، والحق الذي يدعون إليه الذي هو ميراث النبوة والطعن فيه طعن في الإسلام ذاته، كما أن الطعن في العلماء مقدمة لتحطيم مصداقيتهم، وإفراغ الأمة من القيادات الشرعية والموجهة، وما سيترتب على ذلك من تصدر الجهال وسيادتهم في الأمة وإفتائهم للناس بغير علم وضلالهم وإضلالهم بذلك. ولهذا حذر أهل العلم من الطعن في العلماء شديد التحذير، قال ابن عساكر: (واعلم أن لحوم العلماء مسمومة، وأن أحوال الله في هتك منتقصيهم معلومة، وأن من تكلم فيهم بالثلب، أصابه الله قبل موته بموت القلب). نعم... تلك هي مكانة أهل العلم ومنزلتهم وذلك بعض من آثار النيل منهم وتنقيصهم، فمن هم أهل العلم هؤلاء؟ ثانياً: الفرق بين علماء الحق وعلماء الباطل: كل النصوص التي تتحدث عن العلماء وفضلهم، ومكانتهم ومنزلتهم، وتحذر من النيل منهم، تقصد فئة العلماء العاملين الناهضين بأعباء ميراث النبوة، الموفين بمقتضى الميثاق الذي أخذه الله عليهم بالجهر بالحق وبيانه، والصدع به وعدم كتمانه، فالعلماء بالمعنى الشرعي، كما قال الإمام الشافعي: (هم العلماء العاملون). وبقدر ما رفع الله من شأن هؤلاء حط وخفض من منزلة غيرهم من علماء السوء الذين يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً، وقص علينا في القرآن من شأن هؤلاء ما فيه عبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، فذكر في سورة الأعراف مثلاً لهؤلاء هو ذلك العالم الذي آتاه الله آياته وعلمه اسمه الأعظم - كما يقول المفسرون - لكنه لم يقم بحق العلم، بل أخلد إلى الأرض واتبع هواه وانغمس في شهواته، وبدلاً من أن يرشد قومه إلى سبل الخير دلهم على سبل الشر، فاستحق ما وصفه الله به في نهاية الآيات {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين * ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون} (الاعراف:175-176) . وبغض النظر عن اسم هذا الرجل الذي قيل أنه (بلعام بن باعوراء) فإن الآية كما يقول القرطبي: (عامة في كل من تعلم القرآن ولم يعمل به، وألا يغتر أحد بعلمه ولا بعمله). وضرب الله مثلاً آخر بعلماء اليهود الذين لم يعملوا بمقتضى العلم الذي حملوه، فقال في شأنهم: {مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين} (الجمعة:5) ، وقال في شأن علماء أهل الكتاب الذين استخدموا علمهم لأغراض دنيوية {فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون} (البقرة:79) ، وقال فيهم أيضاً: {إن كثيراً من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله} (التوبة:34) . وصد علماء السوء عن سبيل الله يكون بأحد أمرين: 1) عدم عملهم بعلمهم، وهذا صد عملي للناس عن الحق لأن العامة يقتدون بالعلماء الذين يمثلون بالنسبة لهم القدوة الحسنة والأسوة المثلى. 2) تحريفهم لآيات الله واشتراءهم بها ثمناً قليلاً، وهذا صد علمي بتحريف الكلم عن مواضعه، وتأويل الأحكام اتباعاً للهوى، وتجميع الرخص، والمداهنة في دين الله تبارك وتعالى، ومع ما قصه الله من خطورة شأن هذه الفئة من علماء السوء على دين الله تبارك وتعالى، فإن مختلف العصور التاريخية تؤكد وتعضد هذه الحقيقة، ولسنا بحاجة للتنقيب في أسفار التاريخ البعيد، ففي الماضي القريب والحاضر المشاهد أمثلة حية تغني عن ذلك ومنها: المثال الأول: عندما تبنى الهالك جمال عبد الناصر الملة الاشتراكية، والزم الناس بها بقوة الحديد والنار، وبدلاً من أن يقف الأزهر وعلماؤه - المعروفة مواقفهم التاريخية لنصرة الإسلام والدفاع عنه - في وجه هذا الطاغية وملته الخارجة عن الإسلام، قام شيخ الجامع الأزهر في ذلك الوقت بالترويج لهذا المذهب الهدام، والدعاية له باسم الإسلام من خلال برنامجه الإذاعي اليومي " الاشتراكية والحياة " فضل بسبب ذلك كثير من المسلمين ولا حول ولا قوة إلا بالله!! المثال الثاني: وعندما قرر نفس الطاغية إعدام نخبة من خيرة رجال ودعاة مصر في ذلك الوقت 1954 وهم عبد القادر عودة وإخوانه استصدر فتوى من الأزهر بذلك فجاءته جاهزة تقول: إن هؤلاء كفار لا تقبل توبتهم! وقد جاء الطاغية عبد الناصر بهذا المفتي بعد أن رفض الشيخ محمد خضر حسين أن يفتيه بتلك الفتوى التي ما هي إلا مثال لفتاوى تصدر اليوم داخل الجزيرة وتعرض وتصرح أحياناً بأئمة الدعوة وعلمائها من أمثال الشيخ سلمان وسفر... وغيرهم. إن مثل هذه المواقف من هذه الفئة من علماء السوء هي التي شجعت أهل الباطل على باطلهم، وخذلت أهل الحق عن حقهم، وطعنت في دين الله وميعت عقيدة التوحيد والولاء والبراء، وعملت على انتشار مذاهب الضلال وعقائد الإلحاد، كل ذلك مقابل ثمن بخس دراهم معدودة باع بها هؤلاء دنياهم وآخرتهم بدنيا غيرهم ولا حول ولا قوة إلا بالله! لقد صدق على بن أبي طالب رضي الله عنه عندما قال: (قصم ظهري رجلان: عالم متهتك، وجاهل متنسك). إن فساد الدين أساسه فساد فئتين من الناس هم العلماء والحكام كما قال ابن المبارك رحمه الله: وهل أفسد الدين إلا الملوك وأحبار سوء ورهبانها وفساد الحكام سببه فساد العلماء، وفساد العلماء سببه الإخلاد إلى الأرض وحب المال والجاه، يقول أبو حامد الغزالي واصفاً حال علماء عصره بعد أن ذكر من مواقف علماء السلف وتضحيتهم في سبيل الحق وعدم اكتراثهم ببأس السلاطين، (وأما الآن فقد قيدت الأطماع ألسن العلماء فسكتوا وإن تكلموا لم تساعد أقوالهم أحوالهم، فلم ينجحوا ولو صدقوا وقصدوا حق العلم لأفلحوا، ففساد الرعايا بفساد الملوك، وفساد الملوك بفساد العلماء، وفساد العلماء باستيلاء حب المال والجاه، ومن استولى عليه حب الدنيا فلم يقدر على الحسبة على الأراذل، فكيف على الملوك والأكابر، والله المستعان على كل حال) [إحياء علوم الدين ج7/92]. إن ما سبق من النصوص والنقول يبين بكل جلاء أن الوقوف لهذه الفئة من علماء السوء بالمرصاد لكشف باطلهم وتعرية ضلالهم وفضح مخططاتهم، يأتي في مقدمة أولويات العمل للإسلام والدفاع عنه والسعي في التمكين له، وما وقوف علماء الإسلام ضد علماء البدع والضلال والأهواء ومناظرتهم لهم وردهم عليهم إلا أمثلة للقيام بهذا الواجب، ومن المواقف المشهورة في هذا المقام مواقف الإمام أحمد ضد المعتزلة ومواقف ابن تيمية من الفرق الضالة، وموقف الشيخ الخضر حسين شيخ الأزهر رحمه الله ضد مبادئ الاشتراكية العلمانية وطغاة مصر في عهده. إن الرد على هذه الفئة من علماء السوء باب مستقل عن الرد على أخطاء العلماء الحقيقيين، لأن علماء السوء من جنس أعداء الدين، وليسوا داخلين في مسمى أهل العلم بالمعنى الشرعي الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر الذي لا يهابون في الحق سلطاناً جائراً ولا حاكماً كافراً، وهذا التفريق بين الفئتين ضروري قبل أن ندخل في فقرة أحكام وحدود طاعة واتباع وتعظيم العلماء في الإسلام وذلك حتى لا يحصل اللبس أو الخلط. ثالثاً: حدود طاعة العلماء وتعظيمهم في الإسلام: لا شك أن اتباع العلماء فيما يبينون من حق ويدعون إليه من خير واجب على المسلمين، يقول تبارك وتعالى: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} (النساء:59) وقد سبق أن بينا أن طاعة الله ورسوله تقتضي طاعة العلماء لأنهم ورثة الأنبياء، وطاعة أولي الأمر يدخل فيها طاعة العلماء أيضاً لأن المفسرين فسروا أولي الأمر بأنهم العلماء أو العلماء والأمراء، قال تبارك وتعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} (النحل:43). والنصوص في هذا الباب كثيرة نكتفي بذكر ما ذكرناه منها لنبني عليه حدود الطاعة والاتباع للعلماء، وذلك أن كثيراً من الناس يخطئ فيظن أن طاعة العلماء مطلقة عمياء لا حدود لها، وهذا خطأ فاحش، لأن العلماء ليسوا معصومين فهم عرضة للخطأ ومجانبة الصواب، كما قال الإمام مالك: (كل كلام يؤخذ منه ويرد إلا كلام صاحب هذا القبر)، يعني الرسول صلى الله عليه وسلم، والعلماء وإن كانوا معذورين فيما يصدر منهم من أخطاء بعد تحريهم للصواب، فإن الناس غير معذورين في تقليدهم المطلق دون تحر للصواب. ولهذا قال ابن مسعود: (ألا لا يقلدن أحدكم دينه رجلاً إن آمن آمن وإن كفر كفر، فإنه لا أسوة في الشر)، وقال الإمام أحمد: (من قلة علم الرجل أن يقلد دينه الرجال). ولقطع الطريق على التقليد الأعمى للعالم حذر الشرع من التعظيم الزائد للعلماء، فقص في القرآن أن من أسباب كفر أهل الكتاب مبالغتهم في تعظيمهم علمائهم حتى أصبحوا يصدرون عن أقوالهم في التحليل والتحريم من دون الله، قال تعالى: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله} (التوبة:31) ، وهذا الاتخاذ كما فسره حديث عدي الذي رواه الترمذي وأحمد وغيرهما، كان بطاعتهم إياهم في تحليل الحرام وتحريم الحلال، وقد حذر علماء المسلمين من الوقوع فيما وقع فيه أهل الكتاب فصنفوا في ذلك وألفوا. وممن بوب على هذا الموضوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كتاب التوحيد حيث قال: (باب من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم فقد أتخذهم أرباباً). اهـ إن طاعة العلماء واتباعهم مربوطة بقدر التزامه بالحق ودفاعهم عنه، وبقدر ميلهم عن الحق ومجانبتهم إياه يكون البراء منهم والعداوة لهم، فذلك هو الميزان الشرعي الصحيح الذي دلت عليه النصوص وتواتر به عمل سلف هذه الأمة الصالح، والولاء المطلق لهم فيما هم عليه من الحق والباطل هو إخلال بمقتضى الإيمان الذي أوثق عراه الحب في الله والبغض فيه. ولما كان العلماء ليسوا معصومين وتصدر منهم الأخطاء، كان لابد من بيان الأسلوب الشرعي في بيان تلك الأخطاء وهو موضوع الفقرة الرابعة. رابعاً: الأسلوب الشرعي في بيان أخطاء العلماء: تختلف أسباب أخطاء العلماء كما تتفاوت آثار هذه الأخطاء، وتبعاً لذلك تتحدد طريقة الرد وأسلوب البيان المناسبين لتلك الأخطاء، فإذا كان الخطأ في مسألة جزئية غاب فيها الدليل أو خفي أو تعارضت الأدلة وتحري فيها الصواب يكون المناسب التنبيه إلى الصواب برفق ولطف دون تشنيع ولا تقريع. وإذا كان الخطأ في جليات الدين وقطعيات الشريعة والمسائل التي في حكمها مما انتصبت عليه الأدلة وشهدت له البراهين، فإن الشدة على المخالف والقسوة في القول له مطلوبة، للتنفير من قوله والتحذير منه، فقد قال صلى الله عليه وسلم لأبي ذر لما عير بلالاً بأمه (إنك امرؤ فيك جاهلية) [رواه البخاري]. وقال للرهط الذي أفتوا صاحبهم بالاغتسال وحكمه التيمم فمات (قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذ لم يعلموا، إنما شفاء العي السؤال) [رواه أبو داود وابن ماجة وابن حنبل]. وقال أبو بكر لعمر رضي الله عنهما: (أجبار في الجاهلية خوار في الإسلام؟!). وقال ابن عباس لمن خالفوا حديثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم محتجين بفعل أبي بكر وعمر: (يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون قال أبو بكر وعمر) [رواه الإمام أحمد في مسنده]. ولم يزل هذا دأب أهل العلم يشتدون في الرد على المخالف ويقسون في مثل هذه الأمور والنقول في ذلك كثيرة، منها ما نقل من أن الإمام أحمد رحمه الله رفض أن يرد السلام على الإمام يحيي بن معين رحمه الله لما جاء يزوره في مرض موته، بسبب قول الإمام يحيي بن معين ببعض قول المعتزلة تحت إكراه العباسيين متأولاً، ولما استدل له يحيي بحديث عمار في الإكراه علىكلمة الكفر ما قبل منه الإمام أحمد ذلك وقال بعد أن خرج من عنده " يستدل بحديث عمار "، ومنها ما نقل عن ابن تيمية - مع اعتداله وإنصافه لمخالفيه - من ردود شديدة عليهم إذا كان الخلاف في مثل هذه الأمور، فقد قال فيمن يرى أن التتار يقاتلون قتال البغاة لا قتال الكفار: (إنه قد أخطأ خطأً قبيحاً وضل ضلالاً بعيداً). وقال ابن الجزري رحمه الله معلقاً على قول الإمام أبي شامة بعدم تواتر القراءات السبع: (انظر يا أخي إلى هذا الكلام الساقط الذي خرج من غير تأمل، المتناقض في غير موضع في هذه الكلمات اليسيرة، أوقفت عليه شيخنا الإمام ولي الله أبا محمد بن محمد بن محمد الجمالي فقال ينبغي أن يعدم هذا الكتاب، كتاب أبي شامة)... قلت: (ونحن نشهد الله أنا لا نريد إسقاط الإمام أبي شامة إذ الجواد قد يعثر ولا نجهل قدره بل الحق أحق أن يتبع، ولكن نقصد التنبيه على هذه الزلة المزلة ليحذر منها من لا معرفة له بأقوال الناس ولا اطلاع له على أحوال الأئمة) اهـ [عن كتاب منجد المقرئين ومرشد الطالبين ص62]. ويقول الإمام النووي إن منهجه في المجموع يقتضي المبالغة في تغليط صاحب القول الضعيف والزائف: (ولو كان من الأكابر وإنما أقصد بذلك التحذير على الاغترار به). هذه نقول مستفيضة من الأحاديث الصحيحة وأقوال الصحابة والعلماء تبين مشروعية الشدة على المخالفين في هذه الأمور كائناً من كان فالحق أحق أن يتبع وزلة العالم ليست من الحق في شيء. يقول الشاطبي رحمه الله: (إن زلة العالم لا يصح اعتمادها من جهة ولا الأخذ بها تقليداً له وذلك لأنها موضوعة على المخالفة للشرع ولذلك عدت زلة وإلا لو كانت معتداً بها لم يجعل لها هذه الرتبة ولا نسب إلى صاحبها الزلل فيها). اهـ [الموافقات للشاطبي ص170 – 171]. والرفق في بيان الخطأ والزلة قد يكون مطلوباً في حالات كما أن الشدة مطلوبة في حالات أخرى، والحكمة هي استعمال الأسلوب المناسب في الحال المناسب ولكل مقام مقال. إن النصوص السابقة قد دلت على مشروعية الرد بشدة وقوة على المخالف في مثل تلك المواضيع بعد تحريه للصواب وبحثه عن الحق، وهي تدل من باب أولى على مشروعية ذلك في حق أولئك الذين لم يتحروا الصواب بل جانبوه عن عمد وخالفوه عن قصد بعد أن تبين وبين لهم، وسخروا علمهم وعملهم لخدمة السلاطين الذين بارزوا الله بالحرب وكاشفوه بالعداء. فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد قال في حق أولئك الذي أفتوا صاحبهم بالاغتسال عن جهل فمات (قتلوه قتلهم الله)، فماذا ينبغي أن يقال في حق من يفتون فتاوى يترتب عليها قتل الألوف، بل ضياع أمة بأجمعها؟ وبماذا يرد عليهم وهم يبيحون بلاد الحرمين والقدس وفلسطين لأعداء الله تبارك وتعالى؟ وما القول المناسب في حقهم وهم يقرون ولاية المرتدين الذين يتحالفون مع اليهود لحرب المجاهدين في فلسطين وغيرها؟! بل ماذا ينبغي أن يقال في حقهم وقد تواطؤا مع حكام السوء على وأد كلمة الحق والوقوف في وجه من جهر بها ودعا إليها ممن نحسبهم من العلماء الصادقين والدعاة والمصلحين، وساهموا فيما يعانيه هؤلاء من سجن واعتقال ومحاصرة وتضييق؟! إن أصحاب هذه المواقف والفتاوى ممن رضوا بأن تتترس بهم الأنظمة الظالمة وتدافع بهم عن أوضاعها الفاسدة، أصروا على الوقوف معها في خندق واحد، ليس لهم ولا لغيرهم أن يجدوا في أنفسهم إذا أصابهم جزء مما يقتضيه الواجب الشرعي من تعرية باطل تلك الأنظمة والعمل على رفع ظلمها عن العباد. ولا ينفع هؤلاء ما قد يفترضه بعض الناس من أن الأنظمة الحاكمة هي التي استغفلتهم ولبست عليهم، حتى تستصدر منهم تلك الفتاوى والمواقف، فإن هذا الافتراض - لو صح - لا يغير من الآثار الخطيرة والمفاسد الكبيرة المترتبة على تلك الفتاوى والمواقف، مما يعني بقاء الحكم الشرعي بالعمل على إزالتها، وغاية ما في الأمر أن يكون هؤلاء معذورين في أخطائهم عند الله، مع وجوب الإنكار عليهم، وهذا على افتراض حسن الظن بهم، وهو ما لايسوغ في حق كثير ممن مردوا على مواقفهم وفتاواهم تلك عن عمد وقصد بعد بيان الحق لهم، وقيام الحجة عليهم واتضاح الدليل ضدهم، وحتى لو سلم أنهم استغفلوا فهذا دليل على فقدهم أحد شروط الإفتاء، وهو العلم بالواقع، وإقدامهم على الإفتاء مع فقدهم هذا الشرط، لا يجوز شرعاً، ويجب إنكاره عليهم. إن مواقف هذه الفئة من العلماء وفتاواهم التي خذلوا بها الحق ونصروا الباطل وخانوا أمانة العلم وميراث النبوة هي التي دفعت كثيراً من أهل الحق إلى سحب الثقة منهم، وقطع الأمل فيهم وكان ذلك من أهم أسباب سوء العلاقة بين كثير ممن يصنفون في خانة العلماء من جهة، وكثير من العاملين للإسلام من جهة أخرى. والسبيل لحل هذه المشكلة هو موضوع الفقرة التالية... خامساً: الطريق الصحيح لإصلاح هذا الوضع: لتجاوز مرحلة الخصام القائمة بين هؤلاء لابد من مراعاة الأمور التالية، وهي أمور نبه على معظمها فضيلة الشيخ الدكتور ناصر العمر - فرج الله عنه وعن إخوانه - في رسالته " لحوم العلماء مسمومة " حيث بين واجب العلماء وملخصه فيما يلي، مع إضافات وتعديلات طفيفة أخرى، وبعض التعديل وهذه الواجبات هي: 1) أن يكون العالم قدوة في علمه وعمله، والله تبارك وتعالى يقول: {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون} (البقرة:44) ، ويقول: {يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} (الصف:2-3). 2) أن يتثبت العالم في الفتوى ويكمل شروطها، فإذا طلبت منه فتوى في موضوع ما فعليه التأمل والتأني ومعرفة قصد المستفتي والآثار المترتبة على تلك الفتوى، ثم يفتي بعد توفر شروط الفتوى من فقه الشرع وفقه الواقع. 3) أن يحذر العالم من الاستدراج والاستغلال والتدليس عليه خاصة من قبل حكام الظلم وسلاطين الفساد الذين بارزوا الله بالحرب والعدوان. 4) أن يكون جريئاً في الحق لا تأخذه في الله لومة لائم، فالجرأة في الحق من أهم ما يميز العالم الصادق الذي هو القدوة الحسنة والأسوة المثلى لغيره، فعليه أن يقول للمسيء أسأت كائناً من كان، وللعالم اليوم في مواقع علماء السلف قدوة حسنة يحتذي بها، كموقف سعيد بن المسيب والإمام مالك والإمام أحمد والعز بن عبد السلام وابن تيمية وغيرهم رحمهم الله جميعاً. 5) الابتعاد عن مواقف الريب وخاصة أبواب السلاطين التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسلف الأمة وخلفها الصالح، فقد قال صلى الله عليه وسلم في التحذير من السلاطين: (ومن أتى أبواب السلاطين افتتن، وما ازداد عبد من السلطان قرباً إلا ازداد من الله بعدا) [رواه أحمد في المسند، وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح]. وقال حذيفة رضي الله عنه: (إذا رأيتم العالم بباب السلطان فاتهموا دينه، فإنهم لا يأخذون من دنياهم شيئاً أخذوا من دينهم ضعفه)، وإذا قام العلماء بذلك وجب في حقهم من التعظيم والتقدير والاحترام لازم ما بيناه في بداية هذا البيان، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه) [رواه أحمد والحاكم]، وبذلك يتبوأ العلماء مكانتهم اللائقة بهم في توجيه الأمة وقيادتها إلى سبيل الخير ومسالك الرشاد. وفي الختام: لا يسعنا إلا أن نشيد بتلك المواقف الصادقة الشجاعة في الحق التي وقفها نخبة من العلماء الذين نحسبهم صادقين ولا نزكيهم على الله، تلك المواقف التي رفعت جبين الحق عالياً ورأس الأمة شامخاً ومرغت كبرياء الظلم، أثبتت أن على صخرة الحق وصلابة الإيمان تتفتت كل وسائل الإغراء والإغواء وتنهزم آلة البطش وتنكسر حربة الطغيان والعدوان، فنسأل الله أن يفرج كربهم ويفرغ علينا وعليهم صبراً ويثبت أقدامنا وأقدامهم. {وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصباهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين * وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين * فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين} (ال عمران:146-148) ، {ربنا أفرغ علينا صبراً وتوفنا مسلمين} (الاعراف:126). وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
|
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
بشهادة علماء الامامية الاثنى عشرية الشيعة وفتاويهم القندوزي والجويني ينقلون من مزابل الشيعة | ابو هديل | الشيعة والروافض | 0 | 2020-02-16 10:44 PM |
المختار بن ابي عبيد الثقفي بلاء الحسين ؟ وما هو رأي علماء الامامية لاثنى عشرية فيه ؟؟ | ابو هديل | الشيعة والروافض | 0 | 2020-01-24 05:38 AM |
اخبار الامامية الاثنى عشرية التي كلها من الاسرائيليات وضيعوا دينهم بشهادة علماء الشيعة | ابو هديل | الشيعة والروافض | 0 | 2020-01-15 08:36 PM |
المختار الثقفي وإدعاء النبوة حقيقة تاريخية بسند معتبر بإعتراف علماء الشيعة قبل علماء أهل السُنَّة | ابو هديل | الشيعة والروافض | 0 | 2019-11-12 03:30 AM |