ينسلخ عن القاعده مخلفاً منهجها...

[ابو عبد الرحمن الدوسي]

من القتال مع القاعدة إلى تدريب الثوار .. رحلة مقاتل ليبي سابق



اضطر عبد الحكيم الحصادي لمغادرة ليبيا والعيش في المنفى بسبب معمر القذافي. وبعد أن انتهى به الأمر في أفغانستان وباكستان، يعود اليوم العضو السابق في الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة إلى وطنه.

الرجل الذي اتُهم في السابق بالانتماء إلى القاعدة، يُدرب اليوم الثوار الليبيين الشباب. موقع مغاربية أجرى هذا الحوار مع الحصادي وتحدث عن انسلاخه عن الفكر المتطرف وآماله لمستقبل ليبيا.

سؤال: كُنت تُنعت فيما مضى بالتطرف واتُهمت بالانتماء للقاعدة. ما هو موقفك اليوم من أفكار القاعدة وطرق القتل والتفجير؟

عبد الحكيم الحصادي: أنا على خلاف مع منهجهم حول القتل والتفجيرات، لأن الإسلام دين رحمة وشفقة. أعارض بشدة أسلوب التفجيرات والتدمير، بل وأتألم من أجل كل قطرة دم تُسفك بغير وجه حق.

الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة ترفض هي الأخرى هذه الإيديولوجيات. فهي تحارب الظلم والفساد في ليبيا. أكرر أنني ضد القاعدة وضد أي فكر يروج للموت والتدمير.

أسأل الله أن يسامح [زعيم القاعدة] أيمن الظواهري لإعطائه أوامر بالقتل والتدمير. نحن مع الحوار. فالإسلام يحرم القتل بغير حق.

سؤال: لقد قاتلت في أفغانستان، هلاّ حدثتنا عن هذه الفترة .

الحصادي: في 1995، اضطررنا بسبب نظام القذافي إما للخروج من ليبيا أو السجن. ونظرا لوجود اتفاق للتسليم بين ليبيا والبلدان العربية، حاولت الذهاب إلى أوروبا لكنني لم أحصل على تأشيرة. فكان الاتجاه إلى أفغانستان لأنها الدولة الوحيدة التي تستقبل الأشخاص من دون أوراق رسمية.

وكان تنظيم القاعدة موجود بالفعل في أفغانستان. نحن الليبيون لم ننضم للقاعدة. استقريت فيها وتزوجت من أفغانية وكنت أعمل مدرسا في إحدى المدارس، كأي شخص يمارس حياته الطبيعية. بعد ذلك جاءت الحرب الأمريكية ضد القاعدة.

في ذلك الوقت دافعنا عن أنفسنا ضد الحلف الشمالي ثم اضطررنا للذهاب إلى باكستان، ومنا من هرب إلى ايران وآخرون ذهبوا إلى دولة عربية، أما أنا، فقد مكثت في باكستان فترة من الوقت، ثم قبض علي من قبل الأمريكان في أفغانستان. حينها تدخلت مؤسسة القذافي الخيرية التي يرأسها سيف الإسلام ابن القذافي ثم رجعوا بنا إلى ليبيا في 2002.

بداية القاعدة عندما أسسها أسامة بن لادن كانت مرتبطة بأفكار تقول إن كل ما يقع فيه المسلمون من مشاكل سببه أمريكا هذا هو اعتقاد تنظيم القاعدة.

أما نحن الليبيون، فاهتمامنا الوحيد بأرضنا وليس لدينا أي شيء ضد أمريكا.

سؤال: هل ما زلت على صلة بالجماعة الليبية المقاتلة؟

الحصادي: لا، ولكن تربطني بهم علاقة شخصية جيدة، خاصة أميرهم أبو عبد الله الصادق (عبد الحكيم بلحاج( .

إلا أني على خلاف مع منهجهم وأرى أن التغيير لا يأتي بالسلاح، إنما يأتي التغيير بالفكر وبالمحاورة، فأنا معلم ورجل محاور قبل أن أحمل السلاح.

سؤال: صدرت مراجعات الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة قبل سنتين. وقد جاءت "الدراسات التصحيحية" رافضة لقتل المدنيين تحت ذريعة الجهاد. كما شكلت قطيعة نهائية بين الجماعة الليبية المقاتلة والقاعدة . ما هو موقفك من ذلك؟

الحصادي: هما الآن على طرفي خلاف، لأن الجماعة الليبية كانت تهتم بليبيا فقط، أما القاعدة فكان اهتمامها عالميا وترى أن أمريكا هي السبب في المشاكل.

أما بالنسبة إلى تنظيم القاعدة، فقد جلست مع أشخاص شرعيين في الجماعة الليبية وقلت لهم إن ما حدث كان خطأ لأن القوة ليست للتغيير، وهي مرحلة كانت غير صحيحة. وبعد أن حصلت أخطاء وسُفكت دماء بغير حق، في ذاك الوقت أدركوا أنهم مخطئون، ثم تراجعوا وهذا كان خطابي منذ البداية قبل البدء في الحرب.

سؤال: ليبيا تعيش الآن أزمة ومن المعروف أنك تساعد بتدريب الشباب، ما هي التعليمات التي تعطيها لهؤلاء الشباب؟

الحصادي: أول شي أعطيهم تعليمات دينية، لأن المسلم عندما يكون في القتال لا يجوز له أن يتراجع، قال تعالى "إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار". هذا أولا، والشيء الثاني هو الحفاظ على أعراض الناس. هذا واجب شرعي لذلك يجب عليهم الدفاع والحفاظ على أعراض الناس.

سؤال: كيف يمكن للشباب الليبي أن يستفيد من خبرتك لتفادي السقوط في شباك القاعدة والفكر الراديكالي؟

الحصادي: الشباب الليبي ظهر في ساحة القتال، فهم لا ينتمون لأي جماعة وهم أساسا أناس ظُلموا عقود طويلة وأصبح تهميشهم مباحا، وعاشوا حياة مجردة من الحريات.

لا يوجد حرية كلمة، فالثوار الليبيون عندما التحموا كان التحامهم مع غيرهم من جميع الشرائح كبارا وصغارا، الجميع شارك في هذه الثورة، فالثوار الليبيون ليس لهم أي انتماء لا للقاعدة ولا لغيرها.

سؤال: كيف ترى ليبيا ما بعد القذافي؟

الحصادي: والله أرى ليبيا بعد القذافي بحسب ما سمعنا من الحاج مصطفى عبد الجليل وبعض المسؤولين إن ليبيا سوف تتغير بشكل كلي، إن ليبيا سوف تكون دولة حضارية، دولة دستورية، دولة حريات سوف تكون دولة أفضل بكثير من السابق، ولا مقارنة مع السابق لأن ليبيا كانت لا دولة في السابق، سوف تكون الأفضل.

وهذا ما نتمناه نحن الليبيون.
سؤال: هل ستحاول الجماعة الليبية المقاتلة أن تتقدم للانتخابات بعد انتهاء الأزمة؟

الحصادي: لا أعتقد ذلك من وجهة رأيي، أغلب الثوار ومن ضمنهم محدثكم أنا، نحن عندما قمنا بالثورة لا نريد منصبا. إننا شعب ليبي مسالم لا ننتمي لأي تنظيم؛ لا قاعدة ولا أجندة .

نحن ثوار ليبيون موجودون أمامكم في الساحة ومع أهالينا في مصراته وجبل نفوسا ودرنه وبنغازي وباقي المدن الليبية كلنا يد واحدة. أهم شيء هو سقوط القذافي وزمرته. هذا أهم شيء.

وإن شاء الله تعالى، سوف تتغير ليبيا إلى الأفضل وستكون دولة كما نتمناها.