بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :-
(( نافــذة الحريــة ))!!
( الخاطرة للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
مجرد نافذة تسمح للضوء أن يجتاز ويمثل ذلك الأمل .. وفي أركان الظلام بصيص الضوء يمثل قيمة عليا كالشمس .. وتلك النوافذ شرخ في جدار الظلام والظلمات .. تشكل علامات راحة وواحة لنفوس تأمل انهيار الجدار يوماَ مثل جدار برلين .. كيف تقام سياج السجون في أرض الله رغم تلك السعة ؟! .. والكون ذاك الصدر المتاح يقبل الاتساع ثم الاتساع .. ولكن هو ذلك الإنسان يعشق السياج والقيـود ليتحكم في المصائر .. فتلك النوافذ تفلت من قبضـة السجان والظالمين عنوةَ لتكون حسرة على القسـاة .. الذين يكرهونها لأنها تهدم الفواصل بين إنسان وإنسان .. وتلك النسمة الهزيلة التي تنادي بالحرية على ضعف تتسلل عبر تلك النوافذ لتزعج القساة لأنها تجلب الراحة للأرقاء في غياهب السجون .. فهم يريدونها دهماء صماء جدر بغير نوافذ وبغير هواء ومـاء .. محنة سادية تنتشي برائحة التعذيب .. ومسرح قلوب ترقص طرباَ بأنات الأسرى والكادحين خلف الأسوار .. ولو كانت تلك الأسوار في أيديهم لأوجدوها بغير أبواب أو منافذ .. إلا أنهم يوجدون تلك الأبواب والنوافذ ليدخلوا منها للتشفي ووضع الأقدام فوق الرقاب .. فتصبح تلك العدة عدة هلاك لكنها في نفس الوقت تمثل قدراَ من الراحة على الأرقاء من حيث لا يحتسبون .. منها تدخل تباشير النهار والآمال في قلوب مؤمنة صابرة صادقة .. والحرية هي تلك المستحيل الذي يأبى السكوت والسكون و الرضوخ رغم الإذلال والإرغام .. وأولى العلامات تبدأ بآثار شق باهت في حديد القيد الذي يكبل المعاصم .. ثم تمثل نقرات تلك النواقيس في عمق المسافات حيث توحي بأن كوكب الحرية في كفه أطواق النجاة قادم في المدار وفي المسار .. وكلما تشتد الظلمات والظلام في أرض هناك على البعد تلوح علامات الانفراج في نهايات الأنفاق لتشكل بصيص آمال وراحة لنفوس تشتكي المحن .. ذاك البصيص يكون طفلاَ عند مولده ثم يكبر ويكبر حتى يكون عملاقاَ ذات يوم بحجم المجرات .. وعندها تدك القلاع وتهدم السجون وتزاح القيود وتتشتت السلاسل .. ويطارد السجين السجان .. ثم يهرب السجان والخيبة تلاحقه بعد كل الاجتهاد في كتم الأنفاس وحجب الرؤية والسـمع وتكميم الأفواه .. وقد تيقن له بأنه قد عجز كلياَ في إزالة ومحي ثوابت الأفكار .. ولو كان الخيار متاحاَ في أيدي الطغاة لأدخلوا الكف في الأدمغة ليغسلوها .. ولكن ذاك هو المحال الذي أهلك وأعجز الأولين والآخرين من أولي البطش والقوة عبر مسار التاريخ .. يكممون الأفواه والشفاه ليصمت الأسير في السر والعلن .. فإذا بأعماق الأسير تنادي بثورة وهتافات داوية تزلزل جوانب الكيان .. فالمقدرة قد تكون في كبت علامات المقدور من الظواهر .. أما تلك المحجوب في الصدور وفي الأعماق فهي خانة ممنوعة المساس وبعيدة المنال .. لا تقدر أن تطالها أيدي الجبناء .. فهي نخوة خالصة متاحة في جوف المناضلين والأحرار .. شعلة تحت الركام تظل قائمة ومشتعلة تنبئ وتؤكد بأن النور والنهار مصير لا بد يوماَ أن يعقب الظلام .. وكم هي المعاقل والسجون والقلاع في مشاوير التاريخ تلك التي عجزت أن تصد رياح الحريات .. والإنسان هو ذلك المولود حراَ من رحم الأم حـواء .. أبداَ يكره دوائر السياج والأسوار ليدور حراَ في مدار الهواء المتفاني والمترامي في أجواء الكون والسماء .. والدنيا فيها ظالم ومظلوم .. هو نفس الإنسان من يعشق الحرية وهو نفسه من يوجد السجون والقيود .. ويوجد لأخيه الإنسان معاقل الشقاء والبلاء والابتلاء .. جدل يحمل التناقض فالوباء من رحم الوباء والهناء من رحم الهناء .
*************