جديد المواضيع |
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
الإعجاز العلمي في القرآن و تسويغ ما لا يسوغ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :- (( الإعجاز العلمي في القرآن وتسويغ ما لا يسوغ )) مقدمة: المواقع الفكرية والعلمية في الفضاء الإلكتروني عالم عجيب، يدهشك كمُّ الأخطاء وتبعثرها؛ بحيث قد لا تلفت النظر، والأهم منها الأفكار التي - وبالدأب والتكرار - تقتحم على القارئ، وقد تخرب مبادئه من الداخل، علمًا أنه لا أحد ينكر الفوائد العظيمة لهذا العالم الفكري الإلكتروني الزاخر بالمنشورات القيمة، ولكن بالمقابل لا نغفل عن أنه في بعض زوايا ذلك العالم العجيب ما يستحق الوقوف للتنبه والتنبيه، ولقد كنت أسمع بأخطائه ومتاهاته فأحسبه شيئًا هينًا، ثم عندما تعرفت عليه عن قرب فوجئت بكم المخالفات والنقول غير الموثقة، ودرجة التسطيح الفكري، ناهيك عن تلك الأخطاء التي تغير المعلومة، وأهونها - وهي ليست هينة - النحوية والإملائية، والطباعية التي لا تصحح! فحتى لو كان الكاتب عالمًا بالحقيقة، فالعبرة بالحاصل! بما يفهمه القارئ المسكين وأكثر من مرة هممت أن أكتب في هذا الشأن لكثرة الأمثلة عندي، ثم أؤجله، ولكن خروج الأمر من مجرد التسطيح الفكري إلى العبث بالمبادئ، والنجاح في حرفها على أوجه أكثرها تشوهًا ما يسمى بـ: نشر الإلحاد - جعلني أقدم هذه المساهمة المتواضعة؛ لترفدَ مبادراتِ مَن عمِل ويعمَلُ في البيان والتبيين، جزاهم الله خيرًا؛ قال تعالى: ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾ [العنكبوت: 2، 3]. أولاً: خواطر المنظرين لقلب المفاهيم (بلسانهم): التفسير بالرأي والعلوم الدنيوية: معلوم أن التفسير بالرأي هو تفسير الآيات القرآنية بالعلوم المرتبطة بموضوعها، أو ربطها بواقع، أو إسقاط على حال مشابه على أن يتَّبعَ التفسير بالمأثور، ومنه المحمود عند أهل العلم، ومنه المذموم، والمذموم ما فسَّر القرآن بغير معانيه، وأدخل علومًا باطلة؛ ليوهم أن القرآن هو من قال ذلك، والمشكلة أنها صارت ظاهرة إلكترونية، خاصةً بين الشباب: يكون أحدهم سمع حديثًا أو محاضرة، أو قرأ شذرات وخواطر "شبكعنكبوتية"، ثم ينبري ليعطي رأيه في تفسير آية أو حديث (دون أن يتبع المأثور)، سواء في جلسة مع الصحب أو على الشابكة، وربما كان حسن النية، ولكن معتدٌّ بنفسه، و"انعكاسات" الآية عليه تأتي معصرنة أو مدجنة بزاوية انحراف صغيرة جدًّا في البداية، ثم تتسع تلك الزاوية ببطء لتبلغ درجة قلب المفاهيم أحيانًا (من خلال تجارِب). وانتشرت دعوات صريحة لهؤلاء الشباب للمساهمة في "إيجاد آلية لفهم النصوص، بعيدًا عن قيود ومحددات أصول الفقه"، كما وصفها الذين أطلقوها بالحرف، وهي دعوات أصحابها مفكرون مسلمون، غالبًا يعيشون في الدول الغربية، ويؤمنون بـ: "العقل"، ومنهم من يسعى لفتح ثغرة في المنظومة الفكرية للشباب، يمررون من خلالها غرائب الأفكار (أو ظلال أفكار)! ولعل الكتابة في هذا المجال هي جزء من المواجهة الإعلامية، وأنت لا تدري أتشفق عليهم أم تشفق منهم؟ أترد عليهم أم تدعهم وتدعو لهم؟! ولا يوجد قاعدة عامة، فلكل مقام مقال. ثانيًا: أساليب العاملين لتدمير ثوابت الأمة: هنالك مجموعات - عندما وجدت الجو مناسبًا - انتقلت بنشاط من التنظير إلى العمل، متسلحة بالعلم والحجة والحيلة، وبأساليب احترافية تخلخل ثقة المتلقي بالحق الذي يؤمن به كإنسان مسلم، سبحان الله، وهي فتنة لا يستهان بها، وقد جاء في خطابِ سيدة وصفت بأنها إحدى قيادات "تنظيم الملحدين"، كما يسمَّى - إلى شريك يدعى (محمد. ك): (أنا موقنة أن نقد الدِّين والقضاء عليه لا يأتي إلا من داخله، وهذا ما أحاول فعله؛ لأن "تابوه" الدين عملاق جدًّا في مجتمعاتنا العربية، وغباء أن نقول للغول: أنت غول في عينه، إنما يجب أن نفقأها له بعد أن نتسلق في هدوء على أكتافه)! انظر هذا التشبيه الشنيع الذي ينضح بما فيهم!، وقالت: (لا يمكن أن نتركهم يستحوزوا (هكذا بالزاي) على عقول الناس، والناس لن تسمعك إذا قلت: إنك ملحد، يعني كافر، يعني في النار، لازم نبدأ معهم: بربنا قال، وبعدين نقشر لحاء الشجرة قشرة قشرة حتى نعريها تمامًا، هذا ما أعتقده وما أفعله). ورغم كل شيء فهؤلاء يثيرون الشفقة؛ لأنهم كما قال تعالى: ﴿ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾ [الأنفال: 30]، ﴿ وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴾ [الأنعام: 123]! ومن الوسائل للتعامل مع تلك المنشورات ومن يكتبها ويروج لها: 1) الصبر والتقوى لمواجهة الفتنة والابتلاء؛ قال تعالى: ﴿ لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [آل عمران: 186]، ولا بد مع ذلك السلاح (التقوى والصبر) من التقوِّي علميًّا ودعويًّا؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 9]. 2) وَأْد الفكر المنحرف والملحد وهو وليدٌ قبل أن ينتشر، إن أمكن، وعدم نشره بين الفئات التي لم تطلع عليه ويخشى عليها التشتت، كالناشئين، مع التأكيد على إنكار ذلك الفكر؛ يقول رشيد رضا في تفسير المنار: "وإن إنكار الشيء يمنع فُشوَّه بين من ينكرونه حتمًا". 3) وسيلة الرد العلمي المباشر، وتتضمن - علاوة على كشف الحقيقة - إقامة الحجة على الطرف الآخر، ولو كان الرد عليهم شوكة أو أذى نفسيًّا يربكهم ويحجمهم لأُثبنا عليه، فالمهم أن نفعل ما علينا، ولا نحقر من المعروف شيئًا. 4) التعرف على الأدوات التي يستعملها هؤلاء، ومواجهتهم من خلالها، ومنها في نطاق بحثنا: (النشر الإلكتروني)، ما أسميه: المعلبات الفكرية التي تشبه الوجبات السريعة: المعلبات الفكرية المحايدة (وتسمى بوستات): وهي محايدة في الظاهر، وتتخذ طابع نشر العلم والأخلاق بطرق جذابة، ونتناول منها: أولاً: المنشورات الدينية: وتقوم على الأخذ من القرآن، وأحيانًا من السنة، وعن التابعين بشكل انتقائي، وكذلك على قولبة خواطر مفكرين عالميين غير مسلمين، وصبها في قالب شرقي، وربما إسلامي، والخطورة أن ذلك يتم عبر فيض من الشذرات والخواطر، أو المقولات التي تكرر بطرق فنية مختلفة وتنتشر كالنار في الهشيم، وهناك الأبحاث المصغرة الدينية والعلمية، وفيها الغث وفيها السمين، ويغلب عليها غياب التوثيق، وأخطاؤها ناتجة غالبًا عن أنها تفريعات لأصول من العلوم الشرعية المختلفة المعروفة، أما أشدها خطورة فهو ما يتضمن فتاوى بخلاف إجماع الأمة، من قِبل علماء معاصرين بعضهم محسوب على الفتوى، وبدعاوى مثل: تسامح الإسلام، والتيسير على الناس[1]، ومنهم من ينشر فتاوى مشروطة يتم خلال تناقلها إسقاط الشروط وإبقاء الفتوى! ثانيًا: تقديس العلوم الدنيوية: كالفيزياء والفلَك والطب، والهندسة والاقتصاد؛ فقد شاع أن يكتب ويتحدث فيها مَن هم غير مؤهلين لذلك، وغالبًا يذهلني الفرق الشاسع - في الويكيبيديا مثلاً - عندما أعدِّل من البحث العربي لضحالته وركاكته وبعض الأخطاء فيه، إلى نظيره الإنكليزي، وكم من الكتاب والقراء يعتمدون على تلك الصفحات الركيكة الناقصة لتدبيج المقالات، أو نقل المعلومات وجعلها في منتدياتهم أو مراسلاتهم! في المقابل هناك من يأخذ العلوم من مظانها، ولكن بانتقائية شديدة قد تبلغ حد لَيِّ أعناق النصوص، وإخفاء حقائق، وإظهار أخرى، ومنهم من يكون مسلمًا (كالسيدة الملحدة المذكورة وشريكها "محمد")؛ ليتم - بعد نشر الفكر المادي، والجزمِ أن "العلم لا يخطئ" -: • الإقناع بقداسة العلم والعقل على أنها المفتاح الوحيد لسعادة البشرية وتطويرها. • والتلويح بالتخلي عن المبادئ الفكرية الدينية التي تتضارب معها بزعمهم. وأشير هنا إلى وجود مئات الدلائل على أن "العلم" المادي يخطئ ويخطئ ويخطئ، مثله مثل أي شيء آخر منوط بالبشر! الدمج بين العلم الدنيوي والديني: وهنا أحب التأكيد على قانون أساسي أكرره في كتاباتي، وهو أننا لا ندلل على صحة ودقة الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث الشريفة عندما تخرج علينا بحوث علمية فيها لدهشة الجميع إثباتٌ للمعلومات، وبرهنة على القوانين (المعادلات) التي فيها، أو كشف للفوائد والمضار التي سبقت لها تلك النصوص الإسلامية، بل النقيض تمامًا، فنحن لدى الحديث عن الإعجاز العلمي الطبي مثلاً، نستنتج احتمال دقة البحث العلمي عندما يوافق أو لا يتناقض مع صريح القرآن والسنة. من أشكال ذلك الدمج: نشر تفسير قديم يربط النص القرآني والنبوي بما هو معروف في علم الطب والفلك في زمن العالم المفسِّر، والدفاع عنه، أو ربط ذلك التفسير القديم ببعض ما هو متعارف عليه اليوم من تلك العلوم الدنيوية، وقد يُجتزأ منه ما يناسبها، وبعد قليل - والقليل في العالم الإلكتروني يكفي لأن يطلع خلاله المئات أو الألوف على ما نشر - يتم دحض المعلومة، ونسف التفسير المبني عليها، وزعزعة الثقة بكل ما جاء به ذاك المفسِّر، وقد تكون مصنفاته مراجع معتمدة في التفسير. ولدهشتك فإن كلاًّ من النشر على نطاق واسع، والدحض والتشكيك على نطاق قد يكون ضيقًا يتمَّانِ من قِبل الجهة ذاتها، وهذا يذكرني باستضافة إحدى الفضائيات (العربية) مفكرًا إسلاميًّا لتسليط الضوء على حركة الملحدين والرد عليهم، وبُث شريط لأحدهم قيل: إنه ألحد بسببه كثيرون، كان الشاب يتحدث فيه كالمخدوع عن ظواهر علمية قرآنية، مثل: ﴿ وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ ﴾ [الملك: 5]، ويكرر: "يعني إيه ده إزاي"، ويكرر بعض التفسيرات اللامنطقية! ومن أشكاله - وهو الأشيع -: دمج المعلومة الطبية أو الفلكية الحديثة بنص قرآني أو نبوي لا يحتاج لتفسير، أو لتفسير عام جدًّا يفهمه أي ناطق باللغة العربية اليوم، ثم المتابعة، كما ذكرنا أعلاه (توضيح لمصلحة المعلومة العلمية بما يوحي بتصادمها بالنص، ثم التشكيك بمعنى النص ومقصوده)، والخطورة هنا أن التشكيك ينال النص مباشرة، وليس التفسير! ومثال ذلك: سألني فتى في الثانوي - بصيغة الإخبار -: "أنه يحرم تحديد جنس الجنين بالإيكو، صديقي قال لي، هو قرأها! لأنه في القرآن: الله وحده يعلم ما في الأرحام (ويقصد ما ورد في سورة لقمان 34، وانظر الرعد 8 - 9)". وأدهشني عودة انتشار هذا الموضوع الذي فرغ العلماء المسلمون منه منذ عشرين عامًا[2]، ليتداوله فتية عاديون، التزامهم بالدين لا أقول: جيد، بل متوسط! وقد وضحت للفتى أنه منذ لحظة الإلقاح بين النطفة والبويضة يتم تحديد جنس المولود بأمر الله تعالى، وهو جنس الخلية الجنينية الأولى، أو البيضة الملقحة، ولحظتها لا يعود جنس الجنين غيبًا؛ ولذلك فإن المختبرات تستطيع التعرف على جنس الجنين المجهض (السقط) مبكرًا جدًّا بتحليل أنسجته، والإيكو يحدد جنسه وهو متمكن في الرحم لم يسقط منذ الشهر الرابع أو الخامس للحمل - بنسبة خطأ بسيطة هي وراء الدعوة لعدم إخبار الأهل بالجنس، وليس لأنه غيب. وأمثلة أخرى، وهي بسيطة تناسب القارئ العادي، واخترتها لأنه ليس فيها ما يصدمه ويجعله يشك في صحتها، ولأنها انتشرت على صفحات التواصل الاجتماعي، وأكتفي منها بمثالين: 1) وردت المعلومة التالية - حرفيًّا -: (هل تعلم أن الماء يكون حوالي 90 بالمائة من وزن الجسم)، وقد وضعت على المنشور لصفحة نقلته (عن عن): التصحيح العلمي التالي: أي جسم؟ فجسم الإنسان 60 - 70 % فقط منه ماء، وأعلى نسبة هي 75% في الأشهر الأولى من العمر، ولكن الخطأ تابع انتشاره؛ لأن أصله "تطبيق"، وصار المنقول منه: "هل تعلم أن الماء يكون حوالي 90 بالمائة من وزن جسمك". والخطوة التالية: يأتي أحد فيقول: قال تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ﴾ [الأنبياء: 30]، ويعلق: هكذا سبق القرآن قبل أن يكتشف العلم ذلك.. إلخ، ثم ينتشر الخطأ والتعليق متلازمين. ويأتي بعد النشر والترسيخ من يكشف الخطأ، ويكتب التصحيح العلمي وكأنه ينسب للقرآن النقص من طرف خفي! بينما الآية بالأصل ليست تلك المعلومة هدفها، ولا حدودها فيما ابتهج له وصفق البادئ بتلقف المعلومة ونشرها عن حسن نية! 2) المثال الثاني: وسأتناوله بتفصيل أكبر: نشر على الفيس بوك النص التالي بالحرف: "لبن: لم يسبق لأحد أن شرق باللبن، تأمل قوله تعالى: ﴿ وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ ﴾ [النحل: 66] - كلمة: ﴿ سَائِغًا ﴾ جزم القرطبي - رحمه الله -: أنه لم يشرق أحد باللبن، لا يوجد أحد شرب اللبن وأصابته شرقة، رغم أنه ممكن أن يشرق الإنسان بالماء؛ لأن الله - جل وعلا - يقول وهو أصدق القائلين: ﴿ سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ ﴾ [النحل: 66]، قال ابن كثير في التفسير: أي: لا يغَص به أحد" سبحان الله)؛ انتهى المنشور. وقد علقتُ على ذلك المنشور بتصحيح موجز راجية صاحبته - وهي إنسانة جيدة ومجازة في الشريعة - نقلَ التصحيح لمصدر المنشور[3]. وهنا أقول: جزى الله علماءنا في التفسير خيرًا على اجتهادهم، وهم هنا اجتهدوا فأخطؤوا؛ فالإنسان يشرق باللبن كما يشرق بالماء، وليس صحيحًا أبدًا أنه: "لم يسبق لأحد أن شرق باللبن"، وعلم المفسِّر بالناس من حوله لا يبرر التعميم على البشر، والأهم أن نص الآية لا ينفي الشرق بالحليب أو استنشاقه كما سنشرح، فلغةً: ساغ الشراب؛ أي: سهُل مدخلُه في الحلق؛ قال تعالى: ﴿ يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ ﴾ [إبراهيم: 17]، وساغ له ما فعل؛ أي: جاز، وسوَّغه لغيره تسويغًا؛ أي: جوَّزه، (ومنه عنوان المقال). فمن مَيزات اللبن - سبحان الله - أنه سائغٌ سهلُ الابتلاع للإنسان العادي الصحيح، صغيرًا كان أو كبيرًا، أما الغصة فهي صعوبة البلع، وهي طبيًّا عرَضٌ شخصي تتفاوت شدته، وله أسباب نفسية أو عضوية، وبالنسبة لـ: "اللبن" هنالك استثناءات، فهنالك من يغَص بالحليب = اللبن، وغيره من السوائل والجوامد للأسباب المرَضية التي ذكرت، ولكن القاعدة العامة أنه سائغ، ولكن الاستنشاق - أو الشرقة - أمر مختلف تمامًا، ومعروف عندنا في طب الأطفال "ذات الرئة الاستنشاقية"، وهي التالية لاستنشاق السوائل عمومًا، واللبن الحليب عند الرُّضَّع خصوصًا. ولغة: "نشق أو استنشق الماء وغيره: أدخله في أنفه"، وطبيًّا: الاستنشاق: دخول السائل الأنفي كالقطرات، أو ما يؤخذ بالفم شرابًا أو طعامًا - بما فيه اللبن = الحليب - دخولها ليس لجهاز الهضم (مري => معدة => أمعاء) وهو مسارها الطبيعي، بل لجهاز التنفس (سواء من الأنف أو من الفم)[4]، واقتضى التوضيح؛ حتى لا يخرج علينا الصائدون في الماء العكر - وما أكثرهم هذه الأيام - وهم يطعنون حتى في النصوص إن استطاعوا، فما بالك بالتفاسير المعتمدة، حتى لو قلت لي: هناك دراسة أثبتت أنه لا يشرق أحد باللبن إلخ، أقول لك: لا تحمل القرآن ما لا يحمل، وفي هذا الموضوع وفي غيره عندما يأتي دور المشككين بأساليبهم المختلفة - مثل نشر دراسة تثبت العكس - يصبح الأمر أكثر صعوبة، حتى على المتخصصين، علمًا أن طعن أولئك "الصائدين" بالنصوص لا وزن له، ولو استشهدوا بأي دراسة دنيوية، وانظر القاعدة التي ذكرتها أعلاه، والتي أكررها في كل ما أكتب في الطب والإعجاز القرآني. أخيرًا: فإن هذا الموضوع شديد التشعب، وهو يطرح مسؤولية وتبعة أمام رب العالمين على كل من يطلع على أمثال هذه المنشورات ولا ينبه لها، أو يحيلها لأهلها، ناهيك عن تبعة الترويج لها من قِبل البعض لتسويغ ما لا يسوغ، وفتح الباب أمام المشككين، وإن حسن النية والظن أمرٌ طيب، ولكن ليس فيما يتعلق بكلام الله تعالى وقياسه على أمور البشر وأحوالهم. §§§§§§§§§§§§ |
أدوات الموضوع | |
|
|