وإن سرق وإن زنى
بعد الحمد لله رب العالمين والصلاه والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد
عن أبى ذر الغفاري رضي الله عنه قال
خَرَجْتُ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي، فَإِذَا رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَمْشِي وحْدَهُ، وليسَ معهُ إنْسَانٌ، قالَ: فَظَنَنْتُ أنَّه يَكْرَهُ أنْ يَمْشِيَ معهُ أحَدٌ، قالَ: فَجَعَلْتُ أمْشِي في ظِلِّ القَمَرِ، فَالْتَفَتَ فَرَآنِي، فَقالَ: مَن هذا؟ قُلتُ: أبو ذَرٍّ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قالَ: يا أبَا ذَرٍّ، تَعَالَهْ، قالَ: فَمَشَيتُ معهُ سَاعَةً، فَقالَ: إنَّ المُكْثِرِينَ هُمُ المُقِلُّونَ يَومَ القِيَامَةِ، إلَّا مَن أعْطَاهُ اللَّهُ خَيْرًا، فَنَفَحَ فيه يَمِينَهُ وشِمَالَهُ، وبيْنَ يَدَيْهِ ووَرَاءَهُ، وعَمِلَ فيه خَيْرًا. قالَ: فَمَشَيتُ معهُ سَاعَةً، فَقالَ لِي: اجْلِسْ هَاهُنَا، قالَ: فأجْلَسَنِي في قَاعٍ حَوْلَهُ حِجَارَةٌ، فَقالَ لِي: اجْلِسْ هَاهُنَا حتَّى أرْجِعَ إلَيْكَ، قالَ: فَانْطَلَقَ في الحَرَّةِ حتَّى لا أَرَاهُ، فَلَبِثَ عَنِّي فأطَالَ اللُّبْثَ، ثُمَّ إنِّي سَمِعْتُهُ وهو مُقْبِلٌ وهو يقولُ: وإنْ سَرَقَ، وإنْ زَنَى، قالَ: فَلَمَّا جَاءَ لَمْ أصْبِرْ حتَّى قُلتُ: يا نَبِيَّ اللَّهِ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، مَن تُكَلِّمُ في جَانِبِ الحَرَّةِ؟ ما سَمِعْتُ أحَدًا يَرْجِعُ إلَيْكَ شيئًا؟ قالَ: ذلكَ جِبْرِيلُ عليه السَّلَامُ، عَرَضَ لي في جَانِبِ الحَرَّةِ، قالَ: بَشِّرْ أُمَّتَكَ أنَّه مَن مَاتَ لا يُشْرِكُ باللَّهِ شيئًا دَخَلَ الجَنَّةَ، قُلتُ: يا جِبْرِيلُ، وإنْ سَرَقَ، وإنْ زَنَى؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: قُلتُ: وإنْ سَرَقَ، وإنْ زَنَى؟ قالَ: نَعَمْ، وإنْ شَرِبَ الخَمْرَ.
الراوي : أبو ذر الغفاري | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 6443 | خلاصة حكم المحدث : [أورده في صحيحه] وقال حديث أبي صالح عن أبي الدرداء مرسل لا يصح إنما أردنا للمعرفة والصحيح حديث أبي ذر. وحديث عطاء عن أبي الدرداء مرسل أيضاً لا يصح، والصحيح حديث أبي ذر. اضربوا على حديث أبي الدرداء هذا (إذا مات قال: لا إله إلا الله عند الموت)
التخريج : أخرجه البخاري (6443)، ومسلم (94).
في هذا الحديثِ يذْكرُ أبو ذرٍّ رضِي اللهُ عنه أنَّه خرجَ في ليلةٍ مِنَ اللَّيالِي فرأى النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يمشي وحْدَه، فظنَّ أبو ذرٍّ رضِي اللهُ عنه أنَّه يكْرَهُ أنْ يمشيَ معه أحدٌ فتأخَّرَ عنه ومشى في ظلِّ القَمَرِ، أي: في المكانِ الَّذي ليس لِلقمرِ فيه ضَوءٌ؛ لِيُختَفِيَ شخصُه، وإنَّما مشى خلْفَه؛ لِاحتمالِ أنْ يطرأَ له صلَّى الله عليه وسلَّم حاجةٌ فيكونَ قريبًا منه، فالتفَتَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فَرآه فقال: مَن هذا؟ فقال أبو ذَرٍّ رضِي اللهُ عنه: أنا، جعلَنِي اللهُ فِداءَك، فقال له النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: تعالَ، فَمشَى معه فترة،ً ثُمَّ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «إنَّ الْمُكثريِن َهمُ الْمُقلُّون يومَ القيامةِ إلَّا مَن أعطاه اللهُ خيرًا فَنفحَ فيه يَمينَه وشِمالَه وبَيْنَ يدَيْه ووراءَه وعمِلَ فيه خيرًا» ومعناه: أنَّ المكثرِينَ مِنَ المالِ همُ الأقلُّ أجرًا يومَ القيامةِ إلَّا مَن نَفحَ، أي: أعطى مِن مالِه الَّذي أعطاه اللهُ وفرَّقَ منه على مُستحقِّيه وأنْفقَه في وجوهِ الخيرِ، ثُمَّ مشَى معه فترةً أخرى، ثُمَّ توقَّفَ وقال لِأبي ذَرٍّ رضِي اللهُ عنه: اجلِسْ ها هنا، فَجلَسَ في قاعٍ حولَه حجارةٌ، وهي الأرضُ السَّهلةُ المطمئنَّةُ، وأمَرَه صلَّى الله عليه وسلَّم أنْ ينتظِرَه حتَّى يرجعَ، ثُمَّ ذهبَ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى الحَرَّةِ، وهي الأرضُ ذاتُ الحجارةِ السَّوداءِ، فأطالَ اللُّبثَ في هذه الأرضِ ثُمَّ سمعه وهو راجعٌ يقول: «وإنْ سرَقَ وإنْ زَنَى»، فلمَّا جاءه لم يصبرْ أبو ذَرٍّ رضِي اللهُ عنه وسألَ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم عَن قولِه ذلك، فَأَخبرَه أنَّ جبريلَ عليه السلام ظهرَ له في جانبِ هذه الحَرَّةِ، وقال له: بشِّرْ أمَّتَك أنَّه مَن ماتَ لا يُشركُ بِاللهِ شَيئًا دخلَ الجنَّةَ، فقال له النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «وإنْ زَنَى وإنْ سَرَقَ» فقال جبريلُ عليه السلام: نعم.
|