جديد المواضيع |
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
زعم م/ شحروربأن من حق المسلم الإمتناع عن الشهادة على نفسه أو أقاربه
إن قول شحرور( ولكن- الله- سمح لنا الامتناع عن الشهادة ضد أنفسنا أو ضد الوالدين والأقربين ، لذا قال {وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} أي : نستطيع أن نمتنع ، لكن لا أن نكذب . وهذا موجود في كل الدول المتحضرة حيث الملحق الخامس في الدستور الأميركي ينص على أنه : " يحق للإنسان أن يمتنع عن الشهادة ضد نفسه أو ضد الاصول والفروع والزوج ".
وقوله : بأن الشاهد إن قرر باختياره الإدلاء بشهادته فإنه يجب عليه أن يشهد بالحق . وأن قوله تعالى ( تَلْوُوا) يعنى أن له الحق في الامتناع عن الإجابة عن بعض الأسئلة التي يرى أن إجابته عليها ستضر به) أ.هـ كل هذه مزاعم باطلة مبنية على مفهوم خاطئ لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَن تَعْدِلُوا وَ إِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً) 135، النساء . بل إن ما قاله يناقض ما تدل عليه ألفاظ وسياق هذه الآية الكريمة من أمر الله تعالى الصريح للمؤمنين بأداء الشهادة. وقد بنى (شحرور) ما قاله على زعمه بأن الآية (135، النساء) هي تفصيل لآية اخرى محكمة هي قوله تعالى (وَ إِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى )152، الأنعام. وهو تأسيس خاطئ كذلك . قال القرطبي في تفسير الآية 135، النساء ( أي : ليتكرر منكم القيام بالقسط وهو العدل في شهادتكم على أنفسكم ، وشهادة المرء على نفسه إقراره بالحقوق عليها - - -إلى أن قال : لا خلاف بين أهل العلم في صحة أحكام هذه الآية ، وأن شهادة الولد على الوالدين الأب والأم ماضية. ولا يمنع ذلك من برهما . بل من برهما أن يشهد عليهما ويخلصهما من الباطل ، وهو معنى قوله تعالى " قوا أنفسكم وأهليكم نارا ") أ.هـ ( الجامع لأحكام القرآن ، 410/5) . أما الآية (153) من سورة الأنعام فقد قال الطبري في تفسيرها ( يعني : وإذا حكمتم بين الناس فتكلمتم فقولوا الحق بينهم ، واعدلوا وأنصفوا ولا تجوروا ، ولو كان الذي يتوجه الحق عليه والحكم ذا قرابة لكم ، ولا تحملنكم قرابة قريب أو صداقة صديق حكمتم بينه وبين غيره أن تقولوا غير الحق فيما احتكم إليكم فيه) أ.هـ ( جامع البيان ، 12 / 225). فتبين من كلام القرطبي والطبري أن آية سورة النساء ذكرت ما يجب على الشهود من اجل إقامة العدل ، وأن آية سورة الأنعام ذكرت ما يجب على الحكام في سبيل إقامة العدل . وليس كما زعم ( شحرور) بأن آية سورة النساء تفصيل لآية سورة الأنعام التي زعم بأنها محكمة دون الثانية . وحتى لو سلمنا - جدلاً - بما قاله بشأن هاتين الآيتين ، فلا يمكن ان نسلم له بزعمه الذي بناه عليه : أن قوله تعالى (وَ إِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ) يدل على إذنه سبحانه للمؤمنين بأن يمتنعوا عن أداء الشهادة إن كان في أدائها ضرر على نفس الشاهد أو على والديه أو أقاربه . فهذا زعم واضح البطلان . لتناقضه مع ألفاظ الآية الكريمة . هذا من جهة . ومن جهة أخرى فإن شحرور تعمد عدم ذكر : أن قسيم المحكم من الآيات هو المتشابه لقوله تعالى (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ) الآية 7، آل عمران . ولكن ما لا ينقضي منه العجب هو جرأة (شحرور) وعدم خجله من إخباره المتلقين عنه من المسلمين بأنه يحتج ببعض مواد الدستور الأمريكي في ما يسميه قراءته المعاصرة لآيات التنزيل الحكيم . حيث قال ( وهذا موجود في كل الدول المتحضرة حيث الملحق الخامس في الدستور الأميركي ينص على أنه يحق للإنسان أن يمتنع عن الشهادة ضد نفسه أو ضد الاصول والفروع والزوج ، ---الخ). إن من أوضح أسباب خطأ ما خلص إليه (شحرور) من مزاعم باطلة بشان الشهادة هو تناقضه تماماً مع ما جاء في صدرآية سورة النساء . لأن النتائج الصحيحة يجب أن تكون موافقة لمقدماتها ، لا أن تأتي مناقضة لها، أو متنافية معها . فأمر الله تعالى الذي تصدر هذه الآية الكريمة مكون من جزأين : أولهما بقوله تعالى (شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَ لَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ). وثانيهما بقوله تعالى (فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَن تَعْدِلُوا). فتضمن التوجيه أمر الله تعالى الذين آمنوا بأداء الشهادة قياماً بالقسط . أي تحقيقاً للعدل . احتساباً لله تعالى ، أي طاعة لأمره . وقد أتبعه سبحانه بالنهي عن مخالفة القسط (أي العدل) اتباعاً لأهواء النفس مراعاة لمصلحتها، أو مصلحة الوالدين ، أو الأقربين . ولسابق علم الله تعالى بصعوبة أداء الشهادة - نظراً لما قد يسببه أداء الشاهد لها بالحق ، من الضرر على نفسه . أو على والديه، أو أقاربه - فلذلك أكد سبحانه أمره للمؤمنين بوجوب أدائهم للشهادة بقوله ( ولوعلى) أي : وإن كانت الشهادة ضد نفس الشاهد، أو كانت ضد والديه أو أقاربه . فدل هذا التأكيد على أنه يجب على المؤمن أن يتحمل الأضرار الناتجة عن أدائه للشهادة سواء كانت على نفسه ، أو على والديه ، أوعلى أقاربه. ( أنظر: الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل ، للزمخشري ،1/ 574) . ثم زاد سبحانه تأكيد أمره بأداء الشهادة بأن حذر المؤمنين من صورتي مخالفة وعصيان ما أمر به من أدائها بقوله (وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا) . فعبر عن الصورة الأولى بقوله (وَإن تلووا) ومعناه انحراف الشاهد عن قول الحق في أدائه للشهادة ، بأن يقول في أدائه لها غير الحق . وأما الصورة الثانية فعبر عنها تعالى بقوله (أو تعرضوا) ومعناه امتناع من لديه الشهادة عن أدائها أصلاً . أي أنه يقرر كتمانها، و يرفض الإدلاء بها . وكلا الصورتين معصية لأمر الله تعالى الذي استهل سبحانه به هذه الآية (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ). ففي بيان معنى قوله تعالى (وَإِن تَلْوُوا) قال الطبري :(الصواب في ذلك تأويلُ من تأوله، أنه لَيُّ الشاهد شهادته لمن يشهد له ، وعليه . و ذلك تحريفه إياها بلسانه ) أ.هـ ( جامع البيان ، 9/ 309) . وفي بيان معنى قوله تعالى ( أَوْ تُعْرِضُوا) قال الطبري (إعراضه عنها . فإنه تركه أداءَها والقيام بها . فلا يشهد بها) أ.هـ ( جامع البيان ، 9/ 310 . وكذلك قال ابن كثير 2/ 433) . قال شيخ الإسلام ابن تيمية (وَاللَّهُ تَعَالَى) قَدْ أَمَرَ بِالصِّدْقِ ، وَالْبَيَانِ ، وَنَهَى عَنِ الْكَذِبِ ، وَالْكِتْمَانِ فِيمَا يُحْتَاجُ (إِلَى مَعْرِفَتِهِ، وَإِظْهَارِهِ . كَمَا قَالَ: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ («الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا، وَبَيَّنَا بُورِكَ [لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا، وَكَذَّبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا » أ.هـ (انظر: منهاج السنة ،1/ 16) . هذا وقد أكد الله تعالى أمره بأداء الشهادة في هذه الآية الكريمة بعدة مؤكدات لفظية : أولها استعمال فعل (القيام) الذي يفيد الاهتمام بالأداء . وثانيها استعمال صيغة المبالغة منه ( قوَّامين) أي كثيري القيام بما يحقق العدل . أما ثالث مؤكدات الأمر بأداء الشهادة فهو قوله تعالى ( ولوعلى) قال الطبري بأن معناها ( ولو كانت شهادتكم ضد) أ.هـ (جامع البيان ، 9/ 302 ) . وأما رابع مؤكدات الأمر فاختتامه تعالى الآية بقوله (فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً) ، لأنه إخبار منه تعالى لعباده المؤمنين بأن كل من يخالف أمره ويعصيه فهو سبحانه مطلع على عصيانه، وخبير بعمله . أي أنه سيجازيه به . فهو تحذير لهم من سوء العاقبة على من يخالف ما أمرهم به من القيام بالشهادة ( لتحقيق العدل) ، سواء كانت المخالفة كتمان الشهادة ، أو كانت الانحراف في أدائها عن قول الحق اتباعاً للهوى . لأن اتباع الهوى في الشهادة إنما هو تقديم من الشاهد لمصلحة نفسه ، أو لمصلحة والديه أوأقاربه ، على طاعة أمر الله تعالى . قال الطبري (وأما تأويل قوله{فإن الله كان بما تعملون خبيرا} فإنه أراد: فإن الله كان بما تعملون من إقامتكم الشهادة وتحريفكم إياها، وإعراضكم عنها بكتمانكموها . (خبيرا) يعني : ذا خبرة وعلم به ، يحفظ ذلك منكم عليكم ، حتى يجازيكم به جزاءكم في الآخرة المحسن منكم بإحسانه ، والمسيء بإساءته ، يقول: فاتقوا ربكم في ذلك) أ.هـ ( جامع البيان ،7/ 594). ومما يجدر التنبيه إليه هنا أن الله تعالى قد اعتبر شهادة الشاهد من أعماله، مع أنها في ذاتها مجرد قول باللسان ، فعدها في ختام هذه الآية الكريمة من أعمال المؤمنين التي هو سبحانه خبير بها . حيث قال (فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خبيرا) . ولم يقل بما تقولون خبيرا . وذلك لبيان عظم دور إقامة الشهادة على وجهها الصحيح في تحقيق العدل بين الناس . فأكد سبحانه أمره بأداء الشهادة ، وحذر من تحريفها عن الحق ، ومن الامتناع عن أدائها مهما كلفت الشاهد من مشقة أو ضرر على نفسه أو أهله طاعة لأمر الله تعالى ، وسعياً لتحقيق العدل ، الذي أقام الله تعالى عليه السماوات والأرض . فالعدل من أعظم قيم الإسلام الراقية. ومن فوائد وعظيم بركات التمسك بهذه القيمة الدينية والأخلاقية السامية ما سطرته صفحات تاريخ المسلمين الحافلة بالصورالمشرفة من مواقف التزام المسلمين حكاماً، ومحكومين بها . فذكرت ما تسبب فيه التزامهم وتطبيقهم الصارم لقيمة العدل الجليلة في دخول أقوام ، وبلدان بكاملها في دين الله أفواجاً . حينما رأوا المسلمين ينصفون خصومهم حتى من أنفسهم . وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم الأمر بأداء الشهادة في أحاديث عديدة . منها ما رواه عنه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( ألا، لا يمنعن أحدكم رهبة الناس أن يقول بحق إذا رآه، أو شهده) . ( رواه أحمد بن حنبل في المسند 5/ 105، أنظر: الدر المنثور للسيوطي، 3/ 104). وكذلك ما رواه أبو سعيد أيضاً عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (لا يَحْقِرَنَّ أحدكم نفسه أن يرى أمرًا لله فيه مَقَال ، فلا يقول فيه. فيقال له يوم القيامة : ما منعك أن تكون قلت فيّ كذا وكذا ؟. فيقول : مخافة الناس. فيقول : إياي أحق أن تخاف) . ( رواه ابن ماجة في سننه ، برقم 4008 ، وقال البوصيري في زوائد ابن ماجة ( 3/ 242):هذا إسناد صحيح. و رواه أحمد ابن حنبل في مسنده ( 3/ 73 ) . ومما تجب الإشارة إليه هنا ما ذكر المفسرون : أن قوله تعالى في هذه الآية الكريمة (إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا) هو تذكير منه سبحانه للشاهد الذي قد تدفعه - لتحريف الشهادة عن الحق ، أو الذي تمنعه عن أدائها - مراعاته لأحوال الناس (سواء كانت المراعاة للطرف المشهود له، أو المشهود عليه . فذكَّر الله تعالى الشاهد بأن عليه أن يؤدي الشهادة كما أمره على وجهها الصحيح موقناً بأن الله تعالى هو (أَوْلَى بهما) . أي بطرفي الشهادة (المشهود لهم ، والمشهود عليهم ) فقيرهم ، وغنيهم على السواء . فما ظن (الشاهد) المؤمن بمن كان الله تعالى هو وليه ؟ ، أي ناصره . كما قال سبحانه (إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا) . فمعنى (أولى) أي أحق بتولي أمر الفقير ، والغني . فكأن في هذه الجملة من الآية الكريمة الإجابة على الأسئلة التي قد تطرحها نفوس الشهود عليهم عند تأثرهم بحال الأشخاص المشهود لهم ، أو عليهم من حيث غناهم ، أو فقرهم . فنهي سبحانه عباده عن اتباع أهواء نفوسهم التي قد تدفعهم لمجانبة العدل ، وارتكاب الظلم . قال الطاهر بن عاشور( والمقصود من ذلك : التحذير من التأثّر بأحوال يَلتبس فيها الباطل بالحقّ . لما يحفّ بها من عوارض ، يتوهّم - الشاهد - أنّ رعيها ضرب من إقامة المصالح ، وحراسة العدالة - - إلى أن قال ابن عاشور: لإبطال التأثّر بالمظاهر التي تستجلب النفوسَ إلى مراعاتها، فيتمحّض نظرها إليها . وتُغضي بسببها عن تمييز الحقّ من الباطل ، وتذهل عنه . فمن النفوس من يَتوهّم أنّ الغنى يربأ بصاحبه عن أخذ حقّ غيره . فيقول في نفسه :هذا غني عن أكل حقّ غيره ، وقد أنعم الله عليه بعدم الحاجة . ومن الناس من يميل إلى الفقير رقّة له ، فيحسبه مظلوماً . أو يحسب أنّ القضاء له بمال الغنيّ لا يضرّ الغنيّ شيئاً . فنهاهم الله عن هذه التأثيرات ، بكلمة جامعة هي قوله (إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا) . وهذا الترديد صالح لكلّ من أصحاب هذين التوهّمين . فالذي يعظّم الغنيّ فيَدحض لأجله حقّ الفقير . والذي يَرقّ للفقير فيَدحض لأجله حقّ الغنيّ . وكِلاَهما باطل . فإنّ الذي يراعي حال الغنيّ والفقير، ويقدّر إصلاح حال الفريقين هو الله تعالى) أ.هـ ( أنظرالتحرير والتنوير، 5/ 234) . كان هذا هو البيان التفصيلي والإيضاح الكامل لدقائق ما دلت عليه آيتي الأمر بأداء الشهادة ( 135) من سورة النساء ، و(152) من سورة الأنعام كما ذكره المفسرون ( الطبري، وأبن كثير، والقرطبي ، وابن عاشور، والسعدي) وغيرهم . وهو يدحض مزاعم م/ شحرور التي ذكرها بشأن الشهادة ليَّاً منه لعنق ألفاظ الآيتين ، وسياقهما، ليفتري عليهما ما يوافق هواه. دفعه لذلك فرط إعجابه بقوانين الغربيين الوضعية . فاستمات في نسج محاولة فاشلة لإقناع السذج والجهلاء من المسلمين بآرائه المحرفة لمعاني ، ودلالات ألفاظ الآيات الكريمة . علماً بأن ( م/ شحرور) تجاهل عدة آيات أخرى ، بل تعمد عدم ذكرها هنا لأنها تدل ، وبأساليب مختلفة على أمر الله تعالى عباده المؤمنين بأداء الشهادة . ومدحه القائمين بها، وذمه الذين يحيدون في أدائهم لها عن الحق . وكذلك ذمه الذين يكتمونها برفضهم الأدلاء بما يعلمونه حين يدعون لأدائها . فمن تلك الآيات: قوله تعالى (وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ) 2، الطلاق ، وقوله تعالى ( وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ) 282، البقرة ، وقال تعالى (وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ) 283، البقرة . وقوله تعالى (وَالَّذِينَ هُم بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ) 33، المعارج . وقال تعالى ( فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا) 9 ، النساء . وكذلك تجاهل أن الله تعالى قد نهى عن كتمان الشهادة ، وبيّن الأثر السيء لكتمانها على قلب من يكتمها بقوله سبحانه (وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) 283، البقرة . كما بين سبحانه عظيم قدر الشهادة عنده فنسبها لنفسه سبحانه في قوله ( وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الآثِمِينَ) 106، المائدة . قال ابن كثير في معنى قوله تعالى{شُهَدَاءَ لِلَّهِ}كَمَا قَالَ{ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ}أي : ليكن أداؤها ابتغاء وجه الله . فحينئذ تكون صحيحة عادلة حقاً . خالية من التحريف والتبديل والكتمان . ولهذا قال تعالى{ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ}أي: اشهد الحق ولو عاد ضررها عليك . وإذا سُئِلت عن الأمر فقل الحق فيه . وإن كان مَضرة عليك . فإن الله سيجعل لمن أطاعه فرجا ومخرجا من كل أمر يضيق عليه أ .هـ ( تفسير القرآن العظيم ،2/ 433) . أما قول م/ شحرور: (بأن الآية رقم ، 135، من سورة النساء هي تفصيل لقوله تعالى (وَ ِإذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْكَانَ ذَا قُرْبَى) من الآية 152، الأنعام . وقوله : بأن الآية 8 ، من سورة المائدة هي أيضاً من آيات تفصيل المحكم . تنبهنا بأن نكون عادلين في حال الشهادة ضد أناس بيننا وبينهم جفاء أ.هـ ، فكلاهما زعم باطل . والصحيح هو ما ذكره ابن كثير- بعد أن ذكر الثلاث آيات التي جاء فيها أمر الله تعالى بأداء الشهادة قياما بالقسط . وهي 152، من سورة الأنعام ، والآية 8 ، من سورة المائدة ، والآية 135، من سورة النساء- ثم قال عن هذه الآيات (يأمر تعالى بالعدل في الفعال ، والمقال . على القريب ، والبعيد . والله تعالى يأمر بالعدل لكل أحد ، في كل وقت ، وفي كل حال) أ.هـ ( أنظر: تفسير القرآن العظيم ، 3/ 365) . فلم يذكر ابن كثير ، ولا غيره بأن واحدة من هذه الآيات هي تفصيل لغيرها . بل كلها تؤكد وتبين أمر الله تعالى بكل ما من شأنه تحقيق العدل بين الناس ، وتأمر بكل وسائل تحقيقه، ومن أهمها أداء الشهادة بالحق . وقد ذكرت آنفاُ خمس آيات كريمة تعمد ( شحرور) عدم ذكرها . وظن بأن عدم ذكره لها هنها سيساعده في تمرير افتراءاته ومزاعمه الباطلة بشأن الشهادة . ولكن هيهات له ذلك قال تعالى (وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا) الآية 28، النجم . وقال سبحانه (إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ) 81 ، يونس . فمزاعم م/ شحرور المزاجية المتأمركة المشوهة لقيم الإسلام ، لا شأن للمسلمين بها. ولا قيمة لها عندهم أصلاً. فلو أن شحرورلم يقم بنسبتها في هذا المقال - زوراً وبهتاناً - إلى آيات كتاب الله الحكيم ، لما استحق كلامه حتى مجرد الرد عليه لسقوطه وظهور تناقضه وخلله. ولكن بيان بطلان الباطل لتجنيب عامة المسلمين الانخداع به ، واجب لم أر بداً من القيام به. إذ لا يصح التهاون فيه . وأما السؤال الذي طرحه (شحرور) في ختام مقاله على السادة القراء بقوله (لماذا عكس الله قوله في الآيتين{كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ} و{كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ} ؟). فقد أجاب عنه عدد من علماء المسلمين . منهم تاج القراء محمود الكرماني أجاب عن هذا السؤال بما يلي {قال تعالى في سورة النساء (كونوا قوامين بالقسط شهداء لله) .(لله) متصل ومتعلق بالشهادة ، بدليل قوله (ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين) ، أي ولو تشهدون عليهم .أما في سورة المائدة فإن (لله) منفصل ونتعلق بقوامين ، والخطاب فيها للولاة . بدليل قوله سبحانه (ولا يجرمنكم شنآن قوم) . أي كونوا قوامين لله لا لنفع . فإنكم شهداء على الناس . كقوله ( لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)} أ.هـ ( أنظر: أسرار التكرار في القرآن، المسمى البرهان في توجيه متشابه القرآن لما فيه من الحجة والبيان ، للكرماني ، ص ٩٨) ، وغرائب التفسير وعجائب التأويل ، للكرماني أيضاً،1/ 309. وقال أحمد الغرناطي ( قدَّم الله تعالى في آية النساء قوله " بالقسط "، وأخره في المائدة . و وجه ذلك أن الآيات المتصلة بآية سورة النساء مبنية على الأمر بالعدل والقسط قال تعالى ( من يعمل سوءا يجز به…) الآية " وقال بعد: " ويستفتونك في النساء" ثم قال :" وأن تقوموا لليتامى بالقسط " وتوالت الآي بعد على هذا المعنى فقدم قوله بالقسط ليناسب ما ذكر. وأما آية المائدة فثبت قبلها الأمر بالطهارة، ثم تذكيره سبحانه عباده بتذكرنعمه والوقوف مع ما عهد به إليهم ، والأمر بتقواه فناسبه قوله (كونوا قوامين لله) ، ثم أتبع بما بنى على ذلك من الشهادة بالقسط . فتأمل ما بنى على هذه ، وما بنى على آية النساء يتضح لك ما قلته) أ.هـ ( أنظر: ملاك التأويل القاطع بذوي الإلحاد والتعطيل في توجيه المتشابه اللفظ من آي التنزيل ،1/ 111) . وقريب منه ما قاله الدكتورفاضل السامرائي بأن سبب التقديم والتأخير في الآيتين هو مراعاة النظم القرآني لوحدة السياق في موضع كل واحدة منهما . بحيث توافق كل واحدة منهما ترتيب ما تناولته الآيات التي سبقتها. (أنظر اليوتيوب بعنوان" الفرق بين (كونوا قوامين بالقسط شهداء لله - -). و(كونوا قوامين لله شهداء بالقسط --) . هذا والله تعالى أعلم . والحمد لله رب العالمين . |
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
أخي المسلم هل تصدق أن الشيعة يكذبون القرآن ويعتقدون بصلب المسيح | MALCOMX | الشيعة والروافض | 100 | 2015-03-21 08:29 PM |
الرد على من ينكر إهتمام السلف بالردود و عنايتهم بالرد على المخالف :: | ابوامين | منكرو السنة | 2 | 2011-04-14 08:05 PM |
تعريف الطفية | عاشقة الحبيب | الشيعة والروافض | 3 | 2010-07-11 04:13 AM |
رد شبهات السنه حول الشيعه | الحسيني بشار | الشيعة والروافض | 51 | 2010-05-06 10:14 PM |
حقيــقــة اتــهام الشيعــه لأهل السنــه بالتحـــريف | بنت المدينة | الشيعة والروافض | 0 | 2009-12-09 02:11 PM |