جديد المواضيع |
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك |
|
|
أدوات الموضوع |
#81
|
|||
|
|||
مبدأ التوحيد في القرآن العظيم - الجزء الثامن والعشرون ( 2 )
بسم الله الرحمن الرحيم الجزء الثامن و العشرون من القرآن العظيم ومبدأ التوحيد ( 2 ) وبعض آيات من سورة الممتحنة ومازالت المعجزات تتوالى تأيدا للنبي صلى الله عليه وسلم ودعما للإيمان لدى المؤمنين بمبدأ التوحيد ونستمع لهذه القصة التي كانت سببا في نزول الآيات الأولى من سورة الممتحنة والإرتباط المباشر بين الأحداث ووحي السماء ورد في تفسير إبن كثير كان سبب نزول صدر هذه السورة الكريمة قصة حاطب بن أبي بلتعة وذلك أن حاطبا هذا كان رجلا من المهاجرين وكان من أهل بدر أيضا وكان له بمكة أولاد ومال ولم يكن من قريش أنفسهم بل كان حليفا لعثمان, فلما عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على فتح مكة لما نقض أهلها العهد فأمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بالتجهيز لغزوهم وقال " اللهم عم عليهم خبرنا " فعمد حاطب هذا فكتب كتابا وبعثه مع امرأة من قريش إلى أهل مكة يعلمهم بما عزم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوهم ليتخذ بذلك عندهم يدا فأطلع الله تعالى على ذلك رسوله صلى الله عليه وسلم استجابة لدعائه فبعث في أثر المرأة فأخذ الكتاب منها وهذا بين في هذا الحديث المتفق على صحته . روى الإمام أحمد عن علي رضي الله عنه قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد فقال " انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها " فانطلقنا تعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة فإذا نحن بالظعينة قلنا أخرجي الكتاب قالت ما معي كتاب قلنا لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب قال فأخرجت الكتاب من عقاصها فأخذنا الكتاب فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين بمكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا حاطب ما هذا ؟ " قال لا تعجل علي إني كنت امرأ ملصقا في قريش ولم أكن من أنفسهم وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون أهليهم بمكة فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ فيهم يدا يحمون بها قرابتي وما فعلت ذلك كفرا ولا ارتدادا عن ديني ولا رضا بالكفر بعد الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنه صدقكم " فقال عمر دعني أضرب عنق هذا المنافق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنه قد شهد بدرا ما يدريك لعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " وهكذا أخرجه الجماعة يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنْ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2) لَنْ تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (3) قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4) إنها مسيرة الإيمان عبر الرسالات قد كانت لكم-أيها المؤمنون- قدوة حسنة في إبراهيم عليه السلام والذين معه من المؤمنين, حين قالوا لقومهم الكافرين بالله: إنا بريئون منكم وممَّا تعبدون من دون الله من الآلهة والأنداد, كفرنا بكم, وأنكرنا ما أنتم عليه من الكفر, وظهر بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدًا ما دمتم على كفركم, حتى تؤمنوا بالله وحده, لكن لا يدخل في الاقتداء استغفار إبراهيم لأبيه; فإن ذلك إنما كان قبل أن يتبين لإبراهيم أن أباه عدو لله, فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه, ربنا عليك اعتمدنا, وإليك رجعنا بالتوبة, وإليك المرجع يوم القيامة. رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (5) ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا بعذابك لنا أو تسلط الكافرين علينا فيفتنونا عن ديننا، أو يظهروا علينا فيُفتنوا بذلك، ويقولوا: لو كان هؤلاء على حق, ما أصابهم هذا العذاب, فيزدادوا كفرًا, واستر علينا ذنوبنا بعفوك عنها ربنا, إنك أنت العزيز الذي لا يغالَب, الحكيم في أقواله وأفعاله لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (6) لقد كان لكم- أيها المؤمنون- في إبراهيم عليه السلام والذين معه قدوة حميدة لمن يطمع في الخير من الله في الدنيا والآخرة, ومن يُعْرِض عما ندبه الله إليه من التأسي بأنبيائه, ويوال أعداء الله, فإن الله هو الغنيُّ عن عباده, الحميد في ذاته وصفاته, المحمود على كل حال. عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (7) عسى الله أن يجعل بينكم- أيها المؤمنون- وبين الذين عاديتموهم من أقاربكم من المشركين محبة بعد البغضاء, وألفة بعد الشحناء بانشراح صدورهم للإسلام, والله قدير على كل شيء, والله غفور لعباده, رحيم بهم. لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (9) لا ينهاكم الله -أيها المؤمنون- عن الذين لم يقاتلوكم من الكفار بسبب الدين, ولم يخرجوكم من دياركم أن تكرموهم بالخير, وتعدلوا فيهم بإحسانكم إليهم وبرِّكم بهم. إن الله يحب الذين يعدلون في أقوالهم وأفعالهم. إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم بسبب الدين وأخرجوكم من دياركم, وعاونوا الكفار على إخراجكم أن تولوهم بالنصرة والمودة, ومن يتخذهم أنصارًا على المؤمنين وأحبابًا, فأولئك هم الظالمون لأنفسهم, الخارجون عن حدود الله ******** وقبل أن نختم تعالوا نتعرض لأنوار الصفات والأسماء الحسنى لله سبحانه وتعالى الوالي الوالي هو المتولي أمور خلقه بالتدبير والقدرة والفعل , فهو سبحانه المالك للأشياء المتكفل بها , القائم عليها بالأدامة والأبقاء , المنفرد بتدبيرها ,
المنفرد بتدبيرها , المتصرف فيها بمشيئته ... ينفذ فيها أمره , ويجري عليها حكمه ... ولا والي للأمور سواه فهو الحاكم على الأطلاق فلا يزاحمه أحد والولاية تشعر بالتدبير والقدرة والفعل و الحكم ولا يجتمع كل ذلك إلا لله تعالى فهو الوالي الحق سبحانه عما يشركون . ***** المتعالي المتعالي هو الكامل في العلو والعظمة , البالغ الكمال في الرفعة والكبرياء في ذاته وصفاته , والمترفع عن إحاطة العقول والأفكار فمع كمال علوه فهو سبحانه وتعالى قريب ودود , وقربه من خلقه لا يماثله شئ قال تعالى في سورة الرعد : عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ - 9 وقوله" عالم الغيب والشهادة " أي يعلم كل شيء مما يشاهده العباد ومما يغيب عنهم ولا يخفى عليه منه شيء" الكبير " الذي هو أكبر من كل شيء " المتعال" أي على كل شيء " قد أحاط بكل شيء علما " وقهر كل شيء فخضعت له الرقاب ودان له العباد طوعا وكرها . ******** وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى |
#82
|
|||
|
|||
مبدأ التوحيد في القرآن العظيم - الجزء الثامن والعشرون ( 3 )
بسم الله الرحمن الرحيم الجزء الثامن و العشرون من القرآن العظيم ومبدأ التوحيد ( 3 ) وبعض آيات من سورة الصف سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) نزَّه الله عن كل ما لا يليق به كلُّ ما في السموات وما في الأرض, وهو العزيز الذي لا يغالَب, الحكيم في أقواله وأفعاله. قال تعالى : تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا -44 الإسراء تقدسه السماوات السبع والأرض ومن فيهن أي من المخلوقات وتنزهه وتعظمه وتبجله وتكبره عما يقول هؤلاء المشركون وتشهد له بالوحدانية في ربوبيته وإلهيته . ففي كل شيء له آية تدل على أنه واحد . قال تعالى في سورة مريم : وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا - 88 لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا -89 تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا - 90 أنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا – 91 وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا – 92 إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ إِلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا – 93 لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا – 94 وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا – 95 والتسبيح لله تعالى هو للكون كله قد نفهم بعضه وقد لا ندرك بعضه فالذي ندركه التسبيح بالقول من المؤمن " سبحان الله " أي تنزه الله تعالى عن كل ما لا يليق به . وتسبيح الدلالة وهي لكل الكائنات التي نراها التي تدل على عظيم قدرة الله تعالى وتنزهه على ما لايليق به فالكون محكم الصنع يدل على البديع الحكيم متكامل المنافع يدل على العليم الخبير وهكذا يمكن أن نستدل على تسبيح بعض المخلوقات فجميع الكائنات تسبح بحمده ولكن لا نعلم تسبيح القول منهم وقد يسأل إنسان كيف يسبح الكافر ؟
فالكون خاضع لقانون الله تعالى المحكم يسير وفق سنن ثابتة وضعها الله تعالى , وتعمل بإرادته سبحانه يثبتها أو يغيرها كيفما شاء . لا يسأل عما يفعل , سبحانه وتعالى . فالناس جميعا خاضعين لله من حيث وجودهم على هذه الأرض وهم جميعا خاضعين من حيث أنهم ميتون وهم جميعا خاضعين من حيث أنهم مبعوثون يوم القيامة حتى لسان الكافر الذي يكفر به من حيث تكوينه فهو خاضع لله . وكل أعضاء الكفر خاضعة ومسبحة للذي خلقها . فلا يبقى للكافر غير جحوده ونكران نعم الله عليه . بحيث تشهد عليه أعضائه يوم القيامة قال تعالى في سورة النور : يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ -24 فالكون كله مسبح لله ****** إن عقيدة التوحيد مبنية على الإيمان القلبي والعمل بمقتضى ذلك الإيمان فالإيمان هو ما وقر في القلب وصدقه العمل ولذلك جاء التشديد على عدم مخالفة العمل للأقوال لأن أعظم دعوة للإسلام هو سلوك المسلم وإن ماينفر الناس عن الإسلام اليوم هو سلوك بعض من ينتسبون إليه بأفعالهم المخالفة لأعظم دستور أخلاقي عرفته البشرية ألا وهو القرآن الكريم , وقد إلتزم به السلف الصالح فنشروا نور الإسلام في ربوع الأرض يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ (3) ****** إن رسالة الإسلام هي الرسالة الخاتمة وذلك بإعتراف أهل الكتاب رغم أنهم لم يؤمنوا فكيف ذلك؟ قال تعالى : وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ -101 البقرة "ولما جاءهم رسول من عند الله" محمد صلى الله عليه وسلم "مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله" أي التوراة "وراء ظهورهم" أي لم يعملوا بما فيها من الإيمان بالرسول وغيره "كأنهم لا يعلمون" ما فيها من أنه نبي حق أو أنها كتاب الله. أما المخلصون منهم فيؤمنون به. قال الله تعالى: الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل ...-157 الأعراف وقال تعالى " وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين "-81 ال عمران قال ابن عباس : ما بعث الله نبيا إلا أخذ عليه العهد لئن بعث محمد وهو حي ليتبعنه وأخذ عليه أن يأخذ على أمته لئن بعث محمد وهم أحياء ليتبعنه وينصرنه . وقال محمد بن إسحاق حدثني ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم قالوا يا رسول الله أخبرنا عن نفسك قال" دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى ورأت أمي حين حملت بي كأنه خرج منها نور أضاءت له قصور بصرى من أرض الشام " وهذا إسناد جيد وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (6) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الإِسْلامِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (7) يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ , حيث أنكروا الرسالة الخاتمة.. ومازالوا ينتظرون ..؟؟ هل أدركنا أن أهل الكتاب بموقفهم هذا دليل على صدق رسالة الإسلام ..؟ وأن المخلص في قرآة التوراة والإنجيل يؤمن بالقرآن.. قال تعالى : الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ -121 البقرة هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9) الله هو الذي أرسل رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم - بالقرآن ودين الإسلام ؛ ليعليه على كل الأديان المخالفة له, ولو كره المشركون ذلك. ******** وقبل أن نختم تعالوا نتعرض لأنوار الصفات والأسماء الحسنى لله سبحانه وتعالى البر البر هو المتوسع في الإحسان , يمن على عباده دينا ودنيا , ولا يقطع الإحسان بسبب العصيان والبر المطلق هو الذي منه كل مبرة و إحسان , يوصل الخير لمن يريد برفق ولطف , قال تعالى : إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ – 28 الطور التواب التواب صفة فعل , ومعناها كثير التوبة , والتواب هو المهيئ أسباب التوبة لعباده , يحذرهم ويمهلهم ويذكرهم فإن تابوا تاب عليهم , وإن عادوا للذنب سهل لهم أسباب التوبة مرة أخرى . فيخرجهم من ذل المعصية إلى عز الطاعة ويخرجهم من الظلمات إلى النور . سبحانه وتعالى لا تضره المعاصي , ولا تنفعه الطاعات . قال تعالى : وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رحيم – 12 الحجرات وقال تعالى : إِنَّه هو التَوَّابٌ رحيم – 7 البقرة ****** وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى |
#83
|
|||
|
|||
مبدأ التوحيد في القرآن العظيم - الجزء الثامن والعشرون ( 4 )
بسم الله الرحمن الرحيم الجزء الثامن و العشرون من القرآن العظيم ومبدأ التوحيد ( 4 ) وبعض آيات من سورة الجمعة يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1) ومازلنا مع التسبيح لله رب العالمين والأدلة التي عاينها الصحابة على تسبيح بعض الجمادات في عهد النبوة. وفي صحيح مسلم عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث إني لأعرفه الآن ) . وخبر الجذع أيضا مشهور في هذا الباب كان المسجد مسقوفا على جذوع من نخل ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب يقوم إلى جذع منها ، فلما صنع له المنبر وكان عليه ، فسمعنا لذلك الجذع صوتا كصوت العشار ، حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده عليها فسكنت . الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 3585 خلاصة الدرجة: [صحيح] وإذا ثبت ذلك في جماد واحد جاز في جميع الجمادات , ولا استحالة في شيء من ذلك ; فكل شيء يسبح للعموم . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يسمع صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شجر ولا حجر ولا مدر ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة ) . رواه ابن ماجه في سننه , ومالك في موطئه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه . وخرج البخاري عن عبد الله رضي الله عنه قال : لقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل . في غير هذه الرواية عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه : كنا نأكل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الطعام ونحن نسمع تسبيحه . ******* من أعظم النعم على البشرية بعثة خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم وإن الدارس لتاريخ الأمم والحضارات يدرك مدى التحول الجذري في حياة العرب والشعوب الأخرى برسالة الإسلام. والكل يعرف عبادة الأصنام عند العرب قبل الإسلام, ودفن البنات أحياء وعبادة النار في فارس وإستعباد البشر, وعبادات الإغريق في الغرب والألهة المتعددة وإستعباد البشر كذلك مع تحريفات أهل الكتاب لعقيدة التوحيد على التفصيل الذي سبق في الحلقات السابقة . هل أدركنا نعمة الله تعالى على البشرية إذ بعث فيهم رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ؟ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (2) وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3) ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (4) الله سبحانه هو الذي أرسل في العرب الذين لا يقرؤون, ولا كتاب عندهم ولا أثر رسالة لديهم, رسولا منهم إلى الناس جميعًا , يقرأ عليهم القرآن, ويطهرهم من العقائد الفاسدة والأخلاق السيئة, ويعلِّمهم القرآن والسنة, وهذا دليل معجزة الرسالة وأنها من عند الله تعالى . قال تعالى: وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ -48 العنكبوت حيث ورد في ذلك الكتاب عقيدة التوحيد , وأسماء و صفات الجلال لله تعالى. من أين للبشر معرفتها ؟ وشريعة متكاملة صالحة لكل زمان ومكان , ودارسي القانون يعلمون أن الشرائع تتكون عبر مئات السنين , ولا تكتمل . فمن جاء بشريعة الإسلام المتكاملة بهذا المستوى الراقي الذي يشيع العدل والأمان في المجتمعات الإنسانية. وأخلاق رفيعة عالية شهد لها العالم فدخلوا في دين الله أفواجا بسبب تلك الأخلاق. وأخبار الأمم السابقة وأخبار الدار الأخرة , من أين لبشر معرفتها ؟ وبيان بدأ الخلق . حيث لا يستطيع عقل بشري أن يخوض في ذلك الأمر. وبه من العلوم التي تم إكتشافها حديثا والقرآن معجز في بيانه ونظمه وترتيب آياته وقد أعجز العرب والعجم أن يأتوا بمثله . قال تعالى : وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ -107 الأنبياء والله تعالى- وحده- هو العزيز الغالب على كل شيء, الحكيم في أقواله وأفعاله. ذلك البعث للرسول صلى الله عليه وسلم, للعالمين, فضل من الله, يعطيه مَن يشاء من عباده. وهو - وحده- ذو الإحسان والعطاء الجزيل. ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (4) ****** وقبل أن نختم تعالوا نتعرض لأنوار الصفات والأسماء الحسنى لله سبحانه وتعالى ومع صفات الجلال والجمال المنتقم , العفو , الرءوف قال تعالى : إنا من المجرمين منتقمون – 6 السجدة والأنتقام صفة فعلية من صفات الجلال وهي أشد من العقاب ...ولا يكون الانتقام إلا بعد إمهال وإملاء , وذلك بعد الإعلان و الإنذار .. وإن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته . ولا يكون الإنتقام إلا على الجبارين العتاة في الإجرام قال تعالى : فانتقمنا من الذين أجرموا – 47 الروم فمن تاب وأمن فإن الله عفو غفور , ******* العفو فهو العفو الذي يتجاوز عن السيئات أي يمحو الذنوب ويغفرها قال تعالى: وكان الله عفوا غفورا – 99 النساء ******* الرءوف والرأفة من الله : دفع السوء عن الإنسان وكشف الضر برفق ولطف . قال تعالى : إن الله بالناس لرءوف رحيم – 143 البقرة وقال تعالى : وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ -20 النور ******** وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى <!-- / message --> |
#84
|
|||
|
|||
مبدأ التوحيد في القرآن العظيم - الجزء الثامن والعشرون ( 5 )
بسم الله الرحمن الرحيم الجزء الثامن و العشرون من القرآن العظيم ومبدأ التوحيد ( 5 ) وبعض آيات من سورة التغابن يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) يقوم مبدأ التوحيد على تنزيه الله تعالى عن كل ما لا يليق به وهذا هو معنى التسبيح ونفهم ذلك من آيات كثيرة منها وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُون – 100 الأنعامَ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ – 14 يونس سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا– 43 الإسراء الكون يسبح لله تعالى , فهو سبحانه المالك له وحده على الحقيقة , وما يمتلكه الناس في الدنيا ما هو إلا عطاء وتفضل من الله تعالى إلى حين أجل الإنسان , فإذا حان أجل الإنسان ترك ما يمتلكه لغيره وهكذا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها . فلو أدركنا هذه الحقيقة يجب أن نتوجه بالحمد لواهب النعم سبحانه وتعالى . ومن بديع قدرته سبحانه وتعالى أن خلقنا في أحسن تقويم وكرمنا وفضلنا على كثير ممن خلق , وسخر لنا ما في السموات والأرض . ومن أعظم النعم على الإنسان نعمة العقل والإختيار , وكل مانراه من حولنا من إنجازات علمية دقيقة وصناعية متطورة ,صنعها الإنسان , إنما هي نتيجة ما أودعه الله تعالى في العقل البشري من قدرات فكان من المنطق أن يكون الإنسان من أول المسبحين لله تعالى , الطائعين لأوامره ..حتى يتلاقى تسبيحه مع تسبيح الكون من حولنا . فمن الناس من أدرك هذه الحقيقة وتعلق قلبه بخالق الكون, وهم المؤمنون جعلنا الله منهم , فسبح لله , والتسبيح بالسان والقلب والعمل الصالح . ومن الناس من غفل عن خالقه وكفر به وظن أن الدنيا هي كل شئ فهو بذلك لم يظلم إلا نفسه إذ حرمها نعيم التسبيح في الدنيا ونعيم الجنة في الأخرة , ونستمع إلى كلام الله تعالى يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (2) خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (3) يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (4) ينزِّه الله عما لا يليق به كل ما في السموات وما في الأرض,له سبحانه التصرف المطلق في كل شيء, وله الثناء الحسن الجميل, وهو على كل شيء قدير. الله هو الذي أوجدكم من العدم, فبعضكم جاحد لألوهيته, وبعضكم مصدِّق به عامل بشرعه, وهو سبحانه بصير بأعمالكم لا يخفى عليه شيء منها, وسيجازيكم بها. خلق الله السموات والأرض بالحكمة البالغة, وخلقكم في أحسن صورة, إليه المرجع يوم القيامة, فيجازي كلا بعمله. يعلم سبحانه وتعالى كل ما في السموات والأرض, ويعلم ما تخفونه -أيها الناس- فيما بينكم وما تظهرونه. والله عليم بما تضمره الصدور وما تخفيه النفوس. ****** مبدأ التوحيد يقوم على الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والإيمان بالقدر خيره وشره . فقد روى مسلم في صحيحه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , حين سئله جبريل عن الإيمان ؟ قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره . فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (8) فآمنوا بالله ورسوله واهتدوا بالقرآن الذي أنزله على رسوله, والله بما تفعلون خبير لا يخفى عليه شيء من أعمالكم وأقوالكم, وهو مجازيكم عليها يوم القيامة. ******* مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (11) ما أصاب أحدًا شيءٌ من مكروه يَحُلُّ به إلا بإذن الله وقضائه وقدره. ومَن يؤمن بالله يهد قلبه للتسليم بأمره والرضا بقضائه، ويهده لأحسن الأقوال والأفعال والأحوال . قال تعالى : الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ - 156 أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ – 157 البقرة وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ - الشورى ****** وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (12) وأطيعوا الله -أيها الناس- وانقادوا إليه فيما أمر به ونهى عنه, وأطيعوا الرسول صلى الله عليه وسلم, فيما بلَّغكم به عن ربه, فإن أعرضتم عن طاعة الله ورسوله, فليس على رسولنا ضرر في إعراضكم, وإنما عليه أن يبلغكم ما أرسل به بلاغًا واضح البيان. ******** ومن أهم مايميز المؤمن الحق التوكل على الله تعالى حيث يدرك أن الأمر كله لله , إن التوكل الحق كما فهمه المؤمنون الأوائل هو الجهاد في تحصيل الرزق والجهاد في تحصيل العلم والجهاد في نشر رسالة الله , فإن بذل الجهد في أمر ما هو غاية المؤمن , أما قضائه فهو موكول إلى الله تعالى . اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ (13) الله وحده لا معبود بحق سواه, وعلى الله فليعتمد المؤمنون بوحدانيته في كل أمورهم.
******* وقبل أن نختم تعالوا نتعرض لأنوار الصفات والأسماء الحسنى لله سبحانه وتعالى مالك الملك ومالك الملك : الذي يجري الأمور في ملكه على ما يشاء ..ولا راد لقضائه ولا معقب لحكمه قال تعالى : قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ- 26 ال عمران مالك الملك هو الذي حكم فعدل , وهو الملك والمليك لكل شئ ظاهرا وباطنا بالإيجاد من العدم أولا , وبالإبقاء ثانيا , وبالتدبير والتصريف ثالثا . فهو الحاكم الوحيد , والسلطان كله له , والملك كله بيده , يحكم ما يريد سبحان مالك الملك ****** وإلى الجزء التالي إن شاء الله تعالى |
#85
|
|||
|
|||
مبدأ التوحيد في القرآن العظيم - الجزء التاسع والعشرون ( 1 )
بسم الله الرحمن الرحيم الجزء التاسع و العشرون من القرآن العظيم ومبدأ التوحيد ( 1 ) وبعض آيات من سورة الملك روى الإمام أحمد عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن سورة في القرآن ثلاثين آية شفعت لصاحبها حتى غفر له : تبارك الذي بيده الملك " ورواه أهل السنن الأربعة من حديث شعبة - وقال الترمذي هذا حديث حسن تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2) الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعْ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعْ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ (4) وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (5) إن المنهج القرآني في ترسيخ عقيدة التوحيد يوقظ القلب لرؤية قدرة الله سبحانه وتعالى الذي بيده الملك في هذا الكون الكبير يسيره كيف شاء .. وكأن كل يوم هو بعث جديد ومشهد جديد , تتملاه العين و يتأمله القلب فيذكر ربه سبحانه مالك الملك . إن مشهد الكون العظيم من حولنا قد يزهل العقول من إتساعه الدائم العظيم ومع وجود المجرات الهائلة ووجود ملايين النجوم وملايين الكواكب وملايين الأقمار وملايين الشهب , مع وجود هذا الكم الذي قد يعجز العقل عن إدراكه , إلا أنها تسير في مدارات محددة وفقا لسنن وقوانين وضعها الله تعالى لها لا تتعداه . وإن كوكب الأرض يكاد لا يري بين هذه الكواكب و النجوم العملاقة والمجرات الهائلة ولو شاهدنا الأرض من خلال هذا الكون الهائل , نراها مجرد حبة رمل في صحراء مترامية الأطراف .. سبحان الله العظيم , هل أدرك الإنسان هذه الحقيقية وهو يحاول أن يكتشف الكواكب والنجوم , إنها إطلالة في غاية الأهمية , أن نرى من خلال الأقمار الصناعية والمناظير العملاقة , هذا الإبداع الإلهي في الكون . فخير الله عظيم, وبرُّه على جميع خلقه, فهو بيده مُلك الدنيا والآخرة وسلطانهما, نافذ فيهما أمره وقضاؤه, وهو على كل شيء قدير. الذي خلق الموت والحياة؛ ليختبركم - أيها الناس-: أيكم خيرٌ عملا وأخلصه؟ وهو العزيز الذي لا يعجزه شيء, الغفور لمن تاب من عباده. الذي خلق سبع سموات متناسقة, بعضها فوق بعض, ما ترى في خلق الرحمن- أيها الناظر- من اختلاف ولا تباين, فأعد النظر إلى السماء: هل ترى فيها مِن شقوق أو صدوع ؟ ثم أعد النظر مرة بعد مرة, يرجع إليك البصر ذليلا صاغرًا عن أن يرى نقصًا, وهو متعب كليل. ولقد زيَّنا السماء القريبة التي تراها العيون بنجوم عظيمة مضيئة, وجعلناها شهبًا محرقة لمسترقي السمع من الشياطين, وأعتدنا لهم في الآخرة عذاب النار الموقدة يقاسون حرها. طبقات الأرض السبعة ( الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية ) مع تطور أجهزة القياس ظهر للعلماء تمايزاً واضحاً بين أجزاء الأرض الداخلية. فلو نزلنا تحت القشرة الأرضية رأينا طبقة أخرى من الصخور الملتهبة، هي الغلاف الصخري. ثم تأتي بعدها ثلاث طبقات أخرى متمايزة من حيث الكثافة والضغط ودرجة الحرارة. ولذلك وجد العلماء أنفسهم يصنفون طبقات الأرض إلى سبع طبقات، ولا يمكن أن تكون أكثر من ذلك. وهو من الحقائق اليقينية التي يدرسونها لطلابهم في الجامعات. والتي يشاهدونها من خلال مقاييس الزلازل ومن الدراسة النظرية للحقل المغنطيسي للأرض وغير ذلك. لقد وجد العلماء أيضاً أن الذرة تتألف من سبع طبقات، وهذا يؤكد وحدة الخلق، فالنظام الذي يحكم الكون كله واحد. فالأرض سبع طبقات، وكل ذرة من ذراتها سبع طبقات أيضاً. طبقات الأرض السبعة تختلف اختلافاً جذرياً من حيث تركيبها وكثافتها ودرجة حرارتها ونوع المادة فيها. ولذلك لا يمكن أبداً أن نعتبر أن الكرة الأرضية طبقة واحدة كما كان الاعتقاد سائداً في الماضي. وهنا نجد أن فكرة الطبقات الأرضية هي فكرة حديثة نسبياً، ولم تكن مطروحة زمن نزول القرآن الكريم. هذا ما يقوله لنا علماء القرن الحادي والعشرين، فماذا يقول كتاب الله تعالى؟ في رحاب القرآن الكريم يتحدث البيان الإلهي عن الطبقات السبع للسماء والأرض في آيتين في قوله عزّ وجلّ: قال تعالى : الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا - 3 الملك وقال تعالى : اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ - 12الطلاق لقد حدّدت لنا الآية الأولى صفتين للسماوات وهما: عدد هذه السماوات وهو سبعة، وشكل السماوات وهي (طِبَاقًا) أي طبقات بعضها فوق بعض كما نجد ذلك في تفاسير القرآن ومعاجم اللغة العربية. أما الآية الثانية فقد أكدت على أن الأرض تشبه السماوات فعبَّر عن ذلك بقوله تعالى : ( وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ ) . فكما أن السماوات هي طبقات، كذلك الأرض عبارة عن طبقات، وكما أن عدد طبقات السماوات هو سبعة، فكذلك عدد طبقات الأرض هو سبعة أيضاً. وهنا نتوقف عند قوله تعالى: ( طِباقاً ) ، والتي توحي بوجود طبقات، وهذا ما اكتشفه العلماء اليوم من أن الأرض عبارة عن طبقات أي Layers وهذا يقودنا إلى الاستنتاج بأن القرآن قد حدّد شكل الأرض وهو الطبقات، وحدد أيضاً عدد هذه الطبقات وهو سبعة، بكلمة أخرى إن القرآن حدّد التسمية الدقيقة لبنية الأرض وهي الطباق أو الطبقات. أي أن القرآن قد سبق علماء القرن الواحد والعشرين إلى الحديث عن حقيقة الأرض بأربعة عشر قرناً، أليست هذه معجزة قرآنية مبهرة ؟! في رحاب السنّة المطهرة ولو تأملنا أحاديث الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام وجدنا حديثاً يؤكد وجود سبع أراضين، أي سبع طبقات تغلف بعضها بعضاً. يقول صلى الله عليه وسلم: (مَن ظَلَم قيد شبر من الأرض طُوِّقه من سبع أراضين) [رواه البخاري]. وهنا نجد أن الرسول الكريم قد فسّر صفة الطباق بصفة ثالثة وهي صفة الإحاطة بقوله عليه صلوات الله وسلامه: (طُوِّقَهُ من سبع أراضين) والتي تعني التطويق والإحاطة من كل جانب كما في معاجم اللغة، وهذه فعلاً هي حقيقة طبقات الأرض التي يطوّق بعضها بعضاً. ******
وبعد كل هذه الدلائل القرآنية و الكونية والعلمية لا حجة لمن يشرك بالله أو يكفر به فليحذر الكافرون من المصير. وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (6) إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ (7) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنْ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ (9) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لأَصْحَابِ السَّعِيرِ (11) ******* وقبل أن نختم تعالوا نتعرض لأنوار الصفات والأسماء الحسنى لله سبحانه وتعالى ذو الجلال و الإكرام ذو الجلال و الإكرام هو المتفرد بصفات الجلال والكمال والعظمة المختص بالإكرام والكرامة ..فكل جلال هو له ..وكل كرامة منه سبحانه له الجلال في ذاته وصفاته وأسمائه .. والإكرام فيض منه على عباده وجميع مخلوقاته قال سبحانه : وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ – 34 إبراهيم وقال تعالى : وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا – 70 الإسراء تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإكْرَامِ – 78 الرحمن ******** وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى |
#86
|
|||
|
|||
بحث شيق وجميل جدا ،، متابع معك بارك الله فيكم ونفع بكم
__________________
|
#87
|
|||
|
|||
مبدأ التوحيد في القرآن العظيم - الجزء التاسع والعشرون ( 2 )
بسم الله الرحمن الرحيم الجزء التاسع و العشرون من القرآن العظيم ومبدأ التوحيد ( 2 ) وبعض آيات من سورة الملك ومع بقية سورة الملك , وضرورة الإيمان بالغيب حيث أنه أساس مبدأ التوحيد , وأن كل العلوم التي نتعلمها مبنية على هذا المبدأ . وكثير من الأمثلة التي نحياها يمكن أن نسوقها في هذا المجال فأنت حين تذهب إلى الطبيب ويصف لك الدواء , فأنت تلتزم بما قاله لك من حيث الإمتناع عن بعض الأغذية وتناول ما يقرره لك من نظام غذائي , تفعل ذلك بين الناس وبينك وبين نفسك حيث لا يراك أحد من البشر , أنت تفعل ذلك لإيمانك أنه هذا الطبيب ذو كفاءة وخبرة عالية وقد تعافى على يديه كثير من الناس, ثم ننظر كيف نتلقى العلوم في الكليات والمعاهد الدراسية , وعلى سبيل المثال يتحدث الأستاذ الجامعي في تكوين الذرة , ويتلقى الطلاب ذلك العلم بإيمانهم أنها حقيقة علمية ولا يشك طالب منهم في ذلك العلم وإلا لشل حركة العلم تماما من على وجه الأرض , فحين تقول للتلميذ أن الأرض كروية , يرد لا أصدق حتى أرى , ... وتخبره أن هناك قارة تسمى أستراليا , يرد لا حتى أرى . ويصف الطبيب الدواء فيرد المريض لا حتى أدرس الطب . فهل يعقل هذا ؟ وهكذا في كافة المجالات يختص أهل الخبرة بمعرفة كبيرة في إختصاصاتهم بحيث يسلم له من يتلقى منه لثقته بعلمه وخبرته . وقد تأكد ذلك في القرآن العظيم حيث قال تعالى : قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا – 6 الفرقان و قال تعالى : الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا – 59 الفرقان ونعود إلى سورة الملك حيث التأكيد على أهمية الغيب كضرورة حتمية للإستقامة على مبدأ التوحيد . إن الذي خلقنا يعلم ما ينفعنا وما يضرنا فوضع لنا منهج للحياة نسير عليه بين الناس وبيننا وبين أنفسنا حيث لا يرنا إلا الله تعالى . ***** إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (12) وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوْ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (13) أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14) إن الذين يخافون ربهم, فيعبدونه, ولا يعصونه وهم غائبون عن أعين الناس, ويخشون العذاب في الآخرة قبل معاينته, لهم عفو من الله عن ذنوبهم, وثواب عظيم وهو الجنة وأخفوا قولكم- أيها الناس- في أي أمر من أموركم أو أعلنوه, فهما عند الله سواء, إنه سبحانه عليم بمضمرات الصدور, فكيف تخفى عليه أقوالكم وأعمالكم؟ ألا يعلم ربُّ العالمين خَلْقه وشؤونهم، وهو الذي خَلَقهم وأتقن خَلْقَهُمْ وأحسنه؟ وهو اللطيف بعباده, الخبير بهم وبأعمالهم. هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15) الله وحده هو الذي جعل لكم الأرض سهلة ممهدة تستقرون عليها, فامشوا في نواحيها وجوانبها, وكلوا من رزق الله الذي يخرجه لكم منها, وإليه وحده البعث من قبوركم للحساب والجزاء. وفي الآية إيماء إلى طلب الرزق والمكاسب, وفيها دلالة على أن الله هو الإله الحق وحده لا شريك له، وعلى قدرته, والتذكير بنعمه, والتحذير من الركون إلى الدنيا. أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) أَمْ أَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17) وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (18) ولقد كذَّب الذين كانوا من قبل كقوم نوح وعاد وثمود رسلهم, فكيف كان إنكاري عليهم, وتغييري ما بهم من نعمة بإنزال العذاب بهم وإهلاكهم؟ ***** أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (19) أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَكُمْ يَنصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنْ الْكَافِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُورٍ (20) أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (21) أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (22) أفمن يمشي منكَّسًا على وجهه لا يدري أين يسلك ولا كيف يذهب, أشد استقامة على الطريق وأهدى, أم مَن يمشي مستويًا منتصب القمة سالمًا على طريق واضح لا اعوجاج فيه ؟ وهذا مثل ضربه الله للكافر والمؤمن. قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ (23) قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (25) قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (26) ويقول الكافرون: متى يتحقق هذا الوعد بالحشر ؟ أيها المؤمنون, إن كنتم صادقين فيما تدَّعون, قل -أيها الرسول- لهؤلاء: إن العلم بوقت قيام الساعة اختصَّ الله به, وإنما أنا نذير لكم أخوِّفكم عاقبة كفركم, وأبيِّن لكم ما أمرني الله ببيانه غاية البيان فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (27) فلما رأى الكفار عذاب الله قريبًا منهم وعاينوه، ظهرت الذلة والكآبة على وجوههم، وقيل توبيخًا لهم: هذا الذي كنتم تطلبون تعجيله في الدنيا. قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِي اللَّهُ وَمَنْ مَعِي أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (28) قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (29) قل -أيها الرسول- لهؤلاء الكافرين: أخبروني إن أماتني الله ومَن معي من المؤمنين كما تتمنون، أو رحمنا فأخَّر آجالنا، وعافانا مِن عذابه، فمَن هذا الذي يحميكم، ويمنعكم من عذاب أليم موجع؟ قل: الله هو الرحمن صدَّقنا به وعملنا بشرعه، وأطعناه، وعليه وحده اعتمدنا في كل أمورنا، فستعلمون إذا نزل العذاب: أيُّ الفريقين على الصراط الله المستقيم؟ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ (30) قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: أخبروني إن صار ماؤكم الذي تشربون منه ذاهبًا في الأرض لا تصلون إليه بوسيلة، فمَن غير الله يجيئكم بماء جارٍ على وجه الأرض ظاهر للعيون؟ وللتفسير العلمي للمياه الجوفية نقرأ في موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة المياه الجوفية إن تصرف مياه الأمطار داخل الطبقات التحت السطحية تكون خزانات مياه جوفية وبالتنقيب عليها بواسطة عمليات الاستكشاف والحفر فإنه يمكن استخدامها لأغراض الشرب والري وغير ذلك من الاستخدامات حسب درجة العذوبة والملوحة. يقول الله تعالى : وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ - 18المؤمنون أنواع خزانات المياه الجوفية (1) الخزان الجوفي الحر Unconfined Aquifer ويحد هذا الخزان طبقة صماء من أسفله أما أعلاه متصلاً اتصالاً مباشراً بالضغط الجوى ويحده المستوى المائي الأرضي من أعلاه وتتصل هذه الطبقة اتصالا وثيقا بسطح الأرض حيث تتأثر بمياه الري والأمطار. (2) الخزان الجوفي المحصور Confined Aquifer ويحد الطبقات الحاملة للمياه من أسفل ومن أعلى طبقات صماء غير منفذة للمياه وبهذا تكون المياه داخل الخزان تحت ضغط كبير وتكون بهذا معزولة عن المياه السطحية ومصدر هذه المياه عادة يكون بعيداً جداً. وإذا كان الضغط البيزومترى لهذه الطبقات أعلا من سطح الأرض قيل عن الخزان بأنه خزان ارتوازي والآبار الارتوازية تندفع منها المياه دون الحاجة لاستخدام مضخات ويوجد مثل هذه الخزانات بالصحارى المصرية مثل الوادي الجديد. (3) الخزان شبه المحصور Semi Confined Aquifer وفيه إحدى الطبقات التي تحده من أعلى أو من أسفل ذات نفاذية ضئيلة ومنه تتسرب المياه إلى الطبقات الخارجية أو اليها. (4) الخزان الجوفي المعزول Perched Water الخزان الجوفي المعزول وهو نتيجة للتراكيب الجيولوجية وتوجد ارتفاعات وانخفاضات في الطبقات غير المنفذة فعند الانخفاضات تحتجز المياه الجوفية وفى هذه الحالة يكون الخزان الجوفي محدود وغير متصل بأي خزانات أخرى ومصدرها عادة أما سطحي أو نتيجة للتسرب البطئ من خزانات أخرى تحته. (5) الخزان الأثري Connate Water وهذه المياه الجوفية عادة تكون محتجزة لحظة تكوين الصخور أو منذ إنشائها وهذه المياه عادة ليس لها أي اتصال أو مصادر خارجية. استكشاف المياه الجوفية إن لمسامية ونفاذية صخور القشرة الأرضية دور فعال في تكوين المياه الجوفية فمن خلال تلك الخاصتين تجد المياه السطحية (مثل مياه الأمطار) مسلك لتكوين خزانات مياه بداخل هذه الصخور ويمكن لهذه المياه الجوفية مرة أخرى تجد مسلكاً آخر إلى السطح عبر الينابيع أو أن تشقق الأرض عنها عن طريق عمليتي البحث والتنقيب ويقول الحق تبارك وتعالي: وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار, وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء.. - 74 البقرة يتم استكشاف المياه الجوفية بعدة طرق جيوفيزيقية ومن أهمها الطرق الكهربية Electric Methods قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ (30) ******* وقبل أن نختم تعالوا نتعرض لأنوار الصفات والأسماء الحسنى لله سبحانه وتعالى المقسط المقسط من أقسط : أي عدل وأزال الظلم والجور . قال تعالى : شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ -18 ال عمران سبحان العفو المقسط تبارك وتعالى . ****** الجامع والجامع من أسماء الأفعال , قال تعالى : يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ – 9 التغابن وجاء في سورة ال عمران : ( رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ - 9 ) وهو سبحانه الجامع بين المتماثلات والمتباينات والمتضادات . فجمعه بين المتماثلات كجمعه الخلق الكثير من الناس على ظهر الأرض , وحشره إياهم في صعيد واحد يوم القيامة . وأما جمعه بين المتباينات فمثاله جمعه بين الكواكب والنجوم في السماء , والبحار والأنهار والنبات والحيوان والحشرات والمعادن المختلفة في الأرض , وقد جمع بين المتباينات في شئ واحد : كجمعه بين العظم واللحم والدم والعصب وجميع أعضاء الإنسان في جسد واحد . وكذلك في النبات من جذع وساق وأوراق وثمار . وأما جمعه بين المتضادات فمثاله جمعه بين الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة في أجساد الأحياء , وجمعه بين السالب والموجب في الشحنات الكهربائية والقوى المغناطيسية . وفي الهواء بين عناصر مختلفة مثل الأكسجين وثاني أكسيد الكربون والنتروجين . ولا نستطيع أن نحصي ما يجمعه الله تعالى , فلا يعرف الجامع إلا الجامع سبحانه وتعالى . ******** وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى |
#88
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم الجزء التاسع و العشرون من القرآن العظيم ومبدأ التوحيد ( 3 ) وبعض آيات من سورة نوح إن مبدأ التوحيد جاء لإنقاذ الإنسان من العذاب , سواء في الدنيا أو الأخرة ففي الدنيا يجعل الإنسان حرا لا يعبد إلا الله تعالى المنعم والمتفضل علينا بأمن والرزق , ولولا فضل الله لعاش الإنسان في خوف دائم من الكوراث والأمراض والصراعات بين البشر حيث التناحر من أجل الدنيا الزائلة . أما في الأخرة فإن النجاة للمؤمنين الموحدين حيث جنات النعيم والخلود والرضا والرضوان من رب العالمين . والجحيم للمشركين والكافرين والملاحدة حيث الخلود في العذاب الأليم . ومبدأ التوحيد كان دعوة جميع الأنبياء , ومع نموذج حي لهذه الدعوة . إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (1) قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (2) أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (3) يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (4) إنا بعثنا نوحا إلى قومه, وقلنا له: أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب موجع أليم. قال نوح: يا قومي إني نذير لكم واضح الإنذار من عذاب الله إن عصيتموه, وإني رسول الله إليكم فاعبدوه وحده, وخافوا عقابه, وأطيعوني فيما آمركم به, وأنهاكم عنه, فإن أطعتموني واستجبتم لي يصفح الله عن ذنوبكم ويغفر لكم، ويُمدد في أعماركم إلى وقت مقدر في علم الله تعالى, إن الموت إذا جاء لا يؤخر أبدًا, لو كنتم تعلمون ذلك لسارعتم إلى الإيمان والطاعة. قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلاَّ فِرَاراً (6) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً (7) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً (8) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً (9) فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً (10) يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً (12) قال نوح: رب إني دعوت قومي إلى الإيمان بك وطاعتك في الليل والنهار, فلم يزدهم دعائي لهم إلى الإيمان إلا هربًا وإعراضًا عنه, وإني كلما دعوتهم إلى الإيمان بك؛ ليكون سببًا في غفرانك ذنوبهم, وضعوا أصابعهم في آذانهم ; كي لا يسمعوا دعوة الحق, وتغطَّوا بثيابهم؛ كي لا يروني, وأقاموا على كفرهم, واستكبروا عن قَبول الإيمان استكبارًا شديدًا, ثم إني دعوتهم إلى الإيمان ظاهرًا علنًا في غير خفاء, ثم إني أعلنت لهم الدعوة, وأسررت بها في حال أخرى, فقلت لقومي: سلوا ربكم غفران ذنوبكم, وتوبوا إليه من كفركم, إنه تعالى كان غفارًا لمن تاب من عباده ورجع إليه . إن تتوبوا وتستغفروا يُنْزِلِ الله عليكم المطر غزيرًا متتابعًا, ويزيد في أموالكم وأولادكم, ويجعلْ لكم حدائق تَنْعَمون بثمارها وجمالها, ويجعل لكم الأنهار التي تسقون منها زرعكم ومواشيكم , حيث البركة والرخاء . مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً (13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً (14) أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجاً (16) مالكم -أيها القوم- لا تخافون عظمة الله وسلطانه, وقد خلقكم في أطوار متدرجة: نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظامًا ولحمًا؟ ألم تنظروا كيف خلق الله سبع سموات متطابقة بعضها فوق بعض, وجعل القمر في هذه السموات نورًا, وجعل الشمس مصباحًا مضيئًا يستضيء به أهل الأرض؟ وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنْ الأَرْضِ نَبَاتاً (17) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً (18) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ بِسَاطاً (19) لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجاً (20) والله أنشأ أصلكم من الأرض إنشاء, ثم يعيدكم في الأرض بعد الموت, ويخرجكم يوم البعث إخراجًا محققًا. والله جعل لكم الأرض ممهدة كالبساط؛ لتسلكوا فيها طرقًا واسعة. ***** بعد هذا التوضيح وهذا الجهد في تبليغ رسالة الحق لم يؤمن مع نوح عليه السلام إلا قليل وكان العقاب والعذاب للمكذبين في الدنيا حيث تم إغراقهم فدخولهم إلى الجحيم , نعوذ بالله من ذلك . فعلى الإنسان العاقل أن يقي نفسه من العذاب , بالتوجه إلى الله الرحيم الذي أرسل رسله لهداية البشر وإسعادهم في الدنيا ودوام سعادتهم في الأخرة . قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَسَاراً (21) وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً (22) وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً (23) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلا تَزِدْ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلالاً (24) مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَاراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَاراً (25) وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنْ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً (27) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِي مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدْ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَاراً (28) قال نوح: ربِّ إن قومي بالغوا في عصياني وتكذيبي, واتبع الضعفاء منهم الرؤساء الضالين الذين لم تزدهم أموالهم وأولادهم إلا ضلالا في الدنيا وعقابًا في الآخرة, ومكر رؤساء الضلال بتابعيهم من الضعفاء مكرًا عظيمًا, وقالوا لهم: لا تتركوا عبادة آلهتكم إلى عبادة الله وحده, التي يدعو إليها نوح, ولا تتركوا وَدًّا ولا سُواعًا ولا يغوث ويعوق ونَسْرا - وهذه أسماء أصنامهم التي كانوا يعبدونها من دون الله, وكانت أسماء رجال صالحين, لما ماتوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن يقيموا لهم التماثيل والصور; لينشطوا- بزعمهم- على الطاعة إذا رأوها, فلما ذهب هؤلاء القوم وطال الأمد, وخَلَفهم غيرهم, وسوس لهم الشيطان بأن أسلافهم كانوا يعبدون التماثيل والصور, ويتوسلون بها, وهذه هي الحكمة من تحريم التماثيل, وتحريم بناء القباب على القبور; لأنها تصير مع تطاول الزمن معبودة للجهال. وقد أضلَّ هؤلاء المتبوعون كثيرًا من الناس بما زيَّنوا لهم من طرق الغَواية والضلال. فبسبب ذنوبهم وإصرارهم على الكفر والطغيان أُغرقوا بالطوفان, وأُدخلوا عقب الإغراق نارًا عظيمة اللهب والإحراق, فلم يجدوا من دون الله مَن ينصرهم, أو يدفع عنهم عذاب الله. وقال نوح -عليه السلام-: ربِّ لا تترك من الكافرين بك أحدًا حيًّا على الأرض. إنك إن تتركهم دون إهلاك يُضلوا عبادك الذين قد آمنوا بك عن طريق الحق, ولا يأت من أصلابهم وأرحامهم إلا مائل عن الحق شديد الكفر بك والعصيان لك. ربِّ اغفر لي ولوالديَّ ولمن دخل بيتي مؤمنًا, وللمؤمنين والمؤمنات بك, ولا تزد الكافرين إلا هلاكًا وخسرانًا في الدنيا والآخرة ******* وقبل أن نختم تعالوا نتعرض لأنوار الصفات والأسماء الحسنى لله سبحانه وتعالى الغني قال تعالى :
يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الحميد - 15 فاطر فهو المستغني عن كل ما سواه .., قال تعالى : وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ – 133 الأنعام سبحان ربي فهو الغني بذاته و أسمائه وصفاته عن كل ما عداه فقد كان ولم يكن شئ غيره .. سبحانه هو الغني المطلق ****** المغني والمغني هو الله .. يغني من يشاء من عباده بما يشاء من أنواع الغنى , قال تعالى : كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا – 20 الإسراء ومازال العباد في حاجة إليه مهما بلغوا من الثراء فهو سبحانه يمدنا بالهواء الذي يحتاجه الدم وهو سبحانه أمدنا بجميع ما تخرجه الأرض من ثمار وغلال وهو الذي أمدنا بالمياه التي جعلها سببا في حياة ما يدب على الأرض والنبات قال تعالى: أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ – 30 الأنبياء فكل الخلائق يفتقرون إليه . قال تعالى : وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ – 38 محمد سبحن الله الغني المغني . ******** وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى |
#89
|
|||
|
|||
مبدأ التوحيد في القرآن العظيم - الجزء التاسع والعشرون ( 4 )
بسم الله الرحمن الرحيم
الجزء التاسع والعشرون من القرآن العظيم ومبدأ التوحيد ( 4 ) وبعض آيات من سورة الجن هناك عوالم كثيرة غير الإنسان منها الملائكة ومنها الجن وهي عوالم موجودة ولها مهام تقوم بها وعلى سبيل المثال هناك ملكان يقومان بتدوين أعمال الإنسان أحدهما يدون الحسنات والأخر لتدوين السيئات , وهناك ملائكة لقبض الأرواح وهناك عالم الجن منهم الطائعون ومنهم العصاة ومنهم المردة , وهذه العوالم لا نراها, ومع ذلك يمنك رؤيتها إذا تشكلت في هيئة البشر , فقد رأى الصحابة رضوان الله عليهم "جبريل " عن عمر بن الخطاب قال بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه ...إلى أخر الحديث قال ثم انطلق فلبثت مليا ثم قال لي يا عمر أتدري من السائل ؟ قلت الله ورسوله أعلم .!. قال : فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم وقد رأى النبي صلاوات الله وسلامه عليه جبريل على صورته . قال الإمام أحمد , عن ابن مسعود في آية " ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى " قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " رأيت جبريل وله ستمائة جناح ينتثر من ريشه التهاويل من الدر والياقوت " - وهذا إسناد جيد قوي ويعرض لنا ربنا نموذج من عالم الجن المؤمن , حين أستمعوا إلى القرآن العظيم . فماذا كان موقفهم ؟ هذا ما سوف نسمعه في الآيات التالية : ***** قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً (2) قل -أيها الرسول-: أوحى الله إليَّ أنَّ جماعة من الجن قد استمعوا لتلاوتي للقرآن، فلما سمعوه قالوا لقومهم: إنا سمعنا قرآنًا بديعًا في بلاغته وفصاحته وحكمه وأحكامه وأخباره, يدعو إلى الحق والهدى، فصدَّقنا بهذا القرآن وعملنا به, ولن نشرك بربنا الذي خلقنا أحدًا في عبادته. وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَداً(3) وأنه تعالَتْ عظمة ربنا وجلاله, ما اتخذ زوجة ولا ولدًا. وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً (4) وأن سفيهنا- وهو إبليس- كان يقول على الله تعالى قولا بعيدًا عن الحق والصواب، مِن دعوى الصاحبة والولد. وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً (5) وأنَّا حَسِبْنا أن أحدًا لن يكذب على الله تعالى، لا من الإنس ولا من الجن في نسبة الصاحبة والولد إليه. وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً (6) وأنه كان رجال من الإنس يستجيرون برجال من الجن, فزاد رجالُ الجنِّ الإنسَ باستعاذتهم بهم خوفًا وإرهابًا ورعبًا. وهذه الاستعاذة بغير الله, التي نعاها الله على أهل الجاهلية, من الشرك الأكبر، الذي لا يغفره الله إلا بالتوبة النصوح منه. وفي الآية تحذير شديد من اللجوء إلى السحرة والمشعوذين وأشباههم. وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً (7) وأن كفار الإنس حسبوا كما حسبتم- يا معشر الجن- أن الله تعالى لن يبعث أحدًا بعد الموت. وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعْ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَصَداً (9) وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً (10) وأنَّا- معشر الجن- طلبنا بلوغ السماء؛ لاستماع كلام أهلها, فوجدناها مُلئت بالملائكة الكثيرين الذين يحرسونها, وبالشهب المحرقة التي يُرمى بها مَن يقترب منها. وأنا كنا قبل ذلك نتخذ من السماء مواضع; لنستمع إلى أخبارها, فمن يحاول الآن استراق السمع يجد له شهابًا بالمرصاد, يُحرقه ويهلكه. وفي هاتين الآيتين إبطال مزاعم السحرة والمشعوذين, الذين يدَّعون علم الغيب، ويغررون بضعاف العقول؛ بكذبهم وافترائهم. وأننا معشر الجن- لا نعلم: أشرًا أراد الله أن ينزله بأهل الأرض، أم أراد بهم خيرًا وهدى؟ وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَداً (11) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعجِزَ اللَّهَ فِي الأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً (12) وأنا منا الأبرار المتقون، ومنا قوم دون ذلك كفار وفساق, كنا فرقًا ومذاهب مختلفة. وأنا أيقنا أن الله قادر علينا، وأننا في قبضته وسلطانه, فلن نفوته إذا أراد بنا أمرًا أينما كنا, ولن نستطيع أن نُفْلِت مِن عقابه هربًا إلى السماء، إن أراد بنا سوءًا. وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخَافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً(13) وإنا لما سمعنا القرآن آمنَّا به, وأقررنا أنه حق مِن عند الله، فمن يؤمن بربه، فإنه لا يخشى نقصانًا من حسناته، ولا ظلمًا يلحقه بزيادة في سيئاته وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً (14) وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً (15) وأنا منا الخاضعون لله بالطاعة, ومنا الجائرون الظالمون الذين حادوا عن طريق الحق، فمن أسلم وخضع لله بالطاعة, فأؤلئك الذين قصدوا طريق الحق والصواب, واجتهدوا في اختياره فهداهم الله إليه, وأما الجائرون عن طريق الإسلام فكانوا وَقودًا لجهنم. وَأَلَّوْ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً (16) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً (17) وأنه لو سار الكفار من الإنس والجن على طريقة الإسلام، ولم يحيدوا عنها لأنزلنا عليهم ماءً كثيرًا، ولوسَّعنا عليهم الرزق في الدنيا؛ لنختبرهم: كيف يشكرون نعم الله عليهم؟ ومن يُعرض عن طاعة ربه واستماع القرآن وتدبره, والعمل به يدخله عذابًا شديدًا شاقًّا. وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً(18) وأن المساجد لعبادة الله وحده, فلا تعبدوا فيها غيره، وأخلصوا له الدعاء والعبادة فيها؛ فإن المساجد لم تُبْنَ إلا ليُعبَدَ اللهُ وحده فيها, دون من سواه، وفي هذا وجوب تنزيه المساجد من كل ما يشوب الإخلاص لله, ومتابعة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم. وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً (19) وأنه لما قام محمد صلى الله عليه وسلم, يعبد ربه، كاد الجن يكونون عليه جماعات متراكمة, بعضها فوق بعض ; مِن شدة ازدحامهم لسماع القرآن منه. قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً(20) قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً (21) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنْ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (22) إِلاَّ بَلاغاً مِنْ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً (23) حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً (24) قل- أيها الرسول- لهم: إني لا أقدر أن أدفع عنكم ضرًا، ولا أجلب لكم نفعًا، قل: إني لن ينقذني من عذاب الله أحد إن عصيته, ولن أجد من دونه ملجأ أفرُّ إليه مِن عذابه, لكن أملك أن أبلغكم عن الله ما أمرني بتبليغه لكم, ورسالتَه التي أرسلني بها إليكم. ومَن يعص الله ورسوله, ويُعرض عن دين الله, فإن جزاءه نار جهنم لا يخرج منها أبدًا. حتى إذا أبصر المشركون ما يوعدون به من العذاب، فسيعلمون عند حلوله بهم: مَن أضعف ناصرًا ومعينًا وأقل جندًا؟ قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً (25) عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً (26) إِلاَّ مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً (27) لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً (28) قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: ما أدري أهذا العذاب الذي وُعدتم به قريب زمنه, أم يجعل له ربي مدة طويلة؟ وهو سبحانه عالم بما غاب عن الأبصار, فلا يظهر على غيبه أحدًا من خلقه، إلا من اختاره الله لرسالته وارتضاه، فإنه يُطلعهم على بعض الغيب، ويرسل من أمام الرسول ومن خلفه ملائكة يحفظونه من الجن; لئلا يسترقوه ويهمسوا به إلى الكهنة; ليعلم الرسول صلى الله عليه وسلم, أن الرسل قبله كانوا على مثل حاله من التبليغ بالحق والصدق، وأنه حُفظ كما حُفظوا من الجن, وأن الله سبحانه أحاط علمه بما عندهم ظاهرًا وباطنًا من الشرائع والأحكام وغيرها, لا يفوته منها شيء, وأنه تعالى أحصى كل شيء عددًا، فلم يَخْفَ عليه منه شيء ******* وقبل أن نختم تعالوا نتعرض لأنوار الصفات والأسماء الحسنى لله سبحانه وتعالى وصفات الجلال والجمال المانع - الضار النافع سبحانه يعطي كل ما هو في مصلحة المخلوق , ويمنع ما هو سبب فساده وفق مشيئته , ويغني من يشاء بالعطاء , ويمنع من يشاء بالابتلاء , فهو المعطي والمانع . وإن من العباد من يصلح له الفقر , ولو أغناه الله لفسد حاله , وإن من العباد من يصلح له الغنى ولو أفتقر لفسد حاله . وورد في الحديث الصحيح : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة : لا إله إلا الله وحده لا شرك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير . اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد . الراوي: المغيرة بن شعبة المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 844 خلاصة الدرجة: [صحيح] أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ؟ - 14 الملك فهو سبحانه الخبير بما يصلح عباده . ****** الضار النافع هذان الاسمان من الصفات الفعلية ... يدلان على تمام المقدرة .. فلا ضر ولا نفع إلا بإرادته قال تعالى : أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا – 78 مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا – 79 النساء فكل شئ بإرادة الله تعالى , فتنزل الحسنات على عباد الله الصالحين , وتنزل الكوارث والمصائب على الذين أجرموا وأشركوا ولم يتوبوا . قال تعالى : وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ -107 يونس إن الخير والشر والنفع والضر إنما هو راجع إلى الله تعالى وحده لا يشاركه في ذلك أحد , فهو الذي يستحق العبادة وحده لا شريك له وقد يكون الشر والخير إختبار للإنسان . قال تعالى : وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ-168 الأعراف كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ – 35 الأنبياء وورد في الحديث الصحيح : ما يصيب المسلم ، من نصب ولا وصب ، ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم ، حتى الشوكة يشاكها ، إلا كفر الله بها من خطاياه الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 5641 خلاصة الدرجة: [صحيح] فهو سبحانه الفعال لما يريد .. ولا يقع في ملكه إلا ما يريد قال تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ – 22 الحديد فما يحدث في الكون من شئ إلا بإرادته سبحانه . قال تعالى : وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ , إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا-30 يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا - 31 الإنسان سبحان الله , المانع , الضار , النافع . ليس كمثله شئ هو الله ******** وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى |
#90
|
|||
|
|||
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
|
#91
|
|||
|
|||
مبدأ التوحيد في القرآن العظيم - الجزء التاسع والعشرون ( 5 )
بسم الله الرحمن الرحيم الجزء التاسع و العشرون من القرآن العظيم ومبدأ التوحيد ( 5 ) وبعض آيات من سورة المزمل – المدثر المزمل نعيش اليوم مع ذكر الله تعالى والوقوف في حضرته بقيام الليل وتلاوة القرآن , الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ – 28 الرعد كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ – 17 وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ - 18 الذاريات ينامون في زمن يسير من الليل ويصلون أكثره ولا غرابة في هذا لأنهم عاشوا بقلوب متعلقة بالله تعالى عاشوا مع قوله تعالى : وقال ربكم ادعوني أستجب لكم وعاشوا مع قوله تعالى : وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ . ومع ذلك كانوا أنشط وأقوى البشر على وجه الأرض حيث فتحوا العالم من المشرق والمغرب في حدود العشرين عاما فما أحوجنا اليوم إلى هذا النشاط . يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمْ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً (2) نِصْفَهُ أَوْ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلْ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً (5) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً (6) إن العبادة التي تنشأ في جوف الليل هي أشد تأثيرًا في القلب, وأبين قولا , لفراغ القلب مِن مشاغل الدنيا. إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحاً طَوِيلاً (7) إن لك في النهار تصرفًا وتقلبًا في مصالحك, واشتغالا واسعًا بأمور الرسالة, ففرِّغْ نفسك ليلا لعبادة ربك. وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلا (8) رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلا (9) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ , أي أكثر من ذكره , وتبتل إليه تبتيلا " أي أخلص له العبادة هو "رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا" موكلا له أمورك قال تعالى: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ – 115 البقرة ******** المدثر وبقدر التقرب من الله تعالى وقيام الليل وتلاوة القرآن , ترى هناك أناس يعرضون عن مجرد التذكير بالخالق الأعظم . فَمَا لَهُمْ عَنْ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (49) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (50) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (51) فما لهؤلاء عن القرآن وما فيه من المواعظ منصرفين ؟ كأنهم حمر وحشية شديدة النِّفار, فرَّت من أسد كاسر. بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفاً مُنَشَّرَةً (52) كَلاَّ بَلْ لا يَخَافُونَ الآخِرَةَ (53) بل يطمع كل واحد من هؤلاء البشر الذين لا يؤمنون أن يُنزل الله عليه كتابًا من السماء منشورًا, كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ (54) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (55) وَمَا يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (56) ******* وقبل أن نختم تعالوا نتعرض لأنوار الصفات والأسماء الحسنى لله سبحانه وتعالى النور قال تعالى : اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ - 35 النور "الله نور السماوات والأرض , مثل نوره , أي صفته في قلب المؤمن "كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة" هي القنديل والمصباح السراج النور من أسماء الله الحسنى , إذ هو سبحانه الذي مد جميع المخلوقات , بالأنوار الحسية والمعنوية . فهو منور الكون بنور الوجود , حيث أن العدم ظلمة . فهو سبحانه النور المطلق فلا وجود إلا مستمد من وجوده , ولا نور إلا مستمد من نوره . وفي الحديث : قام فينا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بخمس كلمات : قال : إن الله لا ينام ، ولا ينبغي له أن ينام ، ولكن يخفض القسط ويرفعه ، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار ، وعمل النهار قبل عمل الليل ، حجابه النور ، لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه الراوي: أبو موسى الأشعري المحدث: ابن خزيمة - المصدر: التوحيد - الصفحة أو الرقم: 177/1 خلاصة الدرجة: [أشار في المقدمة أنه صح وثبت بالإسناد الثابت الصحيح] سبحانه الله ( ليس كمثله شئ و هو السميع البصير ) ****** وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى |
#92
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم الجزء التاسع و العشرون من القرآن العظيم ومبدأ التوحيد ( 6 ) وبعض آيات من سورة القيامة – الإنسان القيامة إن الإيمان باليوم الأخر شرط هام في عقيدة التوحيد روى مسلم في صحيحه حين سئل النبي صلى الله عليه وسلم من جبريل : قال فأخبرني عن الإيمان ؟ قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره . وضرورة الإيمان باليوم الأخر تنفي العبثية في خلق الإنسان. قال تعالى: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ -115 فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ -116 المؤمنون أفحسبتم- أيها الخلق- أنما خلقناكم مهملين, لا أمر ولا نهي ولا ثواب ولا عقاب، وأنكم إلينا لا ترجعون في الآخرة للحساب والجزاء؟ تعالى وتَقَدَّس عن أن يخلق شيئًا عبثًا ، لا إله غيره ربُّ العرشِ الكريمِ، ونستمع إلى الآيات من سورة القيامة أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (36) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (37) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى (39) أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40) أيظنُّ هذا الإنسان المنكر للبعث أن يُترك هَمَلا لا يُؤمر ولا يُنْهى، ولا يحاسب ولا يعاقب؟ ألم يك هذا الإنسان نطفة ضعيفة من ماء مهين ، ثم صار قطعة من دم جامد، فخلقه الله بقدرته وسوَّى صورته في أحسن تقويم؟ فجعل من هذا الإنسان الصنفين: الذكر والأنثى، أليس ذلك الإله الخالق لهذه الأشياء بقادر على إعادة الخلق بعد فنائهم؟ بلى إنه - سبحانه وتعالى- لقادر على ذلك. ومع الجانب العلمي لهذه الآيات الكريمة المصدر موسوعة الإعجاز العلمي ابتداءً من اليوم الرابع والعشرين في الأسبوع الرابع وحتى الأسبوع السادس تظهر على جانبي مبادئ العمود الفقري للجنين نتوءات..ويتقوس الشكل الخارجي للجنين بسبب حدوث انثناءات في جسم الجنين نظراً لاختلاف معدل نموأجزائه المختلفة. ويكون أفضل وصف للجنين في هذه المرحلة هو وصف المضغة نظراً للشكل المنثني المميز ولوجود النتوءات التي تشبه مواضع الأسنان على قطعة صغيرة من اللحم الممضوغ ويكون طول الجنين في هذه المرحلة حوالي 1-2 سم مما يجعله في حجم ما يمضغ، وصدق الله العظيم إذ يقول ( ثم خلقنا النطفة علقة...) الجنين في مرحلة المضغة يحتوي علي أصول جميع أجهزة الجسم ( الجهاز الدوري – التنفسي – الهضمي – البولي ) فأوليات جميع الأجهزة قد إكتمل تشكيلها ولكن تفاصيل هذه الأجهزة لم تكتمل بعد..وأيضاً فإن بعض الخلايا قد تخصصت ولكن بعضها ما زال غير متخصص في صور خلايا غير متميزة والعجيب أن القرآن الكريم يصف المضغة بهذا الوصف (مخلقةٍ وغير مخلقة ) ولاحظ إستعمال القرآن الكريم للفظ (مخلقة ) ولم يستعمل لفظ (مخلوقة) فكل الخلايا في هذه المرحلة (مخلوقة ) ولكن بعضاً منها ما زالت غيرُ مُخلقة حيث بعض الخلايا لم تتخصص في وظيفتها كما أن الأجهزة ما زالت في صورة أولية، فجمع الجنين في هذه المرحلة بين وصف ( مُخلقة ) من حيث إكتمال تشكيل المضغة في ذاتها على أحسن هيئة وتخصص بعض خلاياها وبين وصف ( غير مخلقة ) من حيث عدم إكتمال صفة الأجهزة وعدم تخصص كثير من الخلايا والله تعالى أعلم. قال تعالى(....ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم....) (سورة الحج:5). ******** الإنسان هَلْ أَتَى عَلَى الإنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا – 1 إِنَّا خَلَقْنَا الإنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا - 2 إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا - 3 وتبدأ سورة الإنسان بسؤال يجب أن ننتبه اليه جيدا بل يجب أن نستصحب الصورة ونحن نجيب والسؤال هو : هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً ؟ ونستحضر صورة الأرض وليس عليها إنسان والجواب الذي يقر به كل إنسان عاقل- نعم قد أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا وبنظرة سريعة لصورة الأرض اليوم - من خلق هؤلاء المليارات من البشر ؟ فهل يصعب على الله تعالى أن يعيد أولئك البشر مرة أخرى يوم القيامة ؟ بعد هذا المنطق .. هل يوجد من يعترض على البعث..؟ فهل لأي مجادل أن يأتي بحجة تناقد هذه القضية ؟ فإن رحمة الله الواسعة بعباده تمهل الإنسان حتى يعود لرشده إن الله يدعوا إلى دار السلام وهي الجنة وبها أماكن لكل البشر فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر وهذه مشيئة الله في البشر جعلهم مختارين في العقيدة لا إكراه في الدين . فالإنسان مجبر في أمور كثيرة ..حيث ولد بدون إختيار ويموت دون إختيار ويبعث دون إختيار ******* وقبل أن نختم تعالوا نتعرض لأنوار الصفات والأسماء الحسنى لله سبحانه وتعالى الهادي قال تعالى : قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ – 38 البقرة قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى – 50 طه والهداية في اللغة هي الدلالة بلطف على ما يوصل إلى المطلوب والهداية أنواع : أولا - هداية الفطرة وهي التي تجعل الطفل يلتقم ثدي أمه للرضاعة , وتجعل الفرخ ينقر بيضه ليخرج في الوقت المناسب .. ثانيا – هداية الحواس وهي متممة للأولى مثل عمل الرئتين في التنفس عقب الولادة مباشرة , وتبدأ في بعض الكائنات بصور متباينة مثل حاسة البصر عند الصقور والنسور , وحاسة الشم عند الكلاب وحاسة السمع عند القطط .. وهكذا . ثالثا – هداية العقل , وما أعظمها هداية , أنعم الله تعالى بها على الإنسان , فقد أستخدمه الإنسان في التدبر لآيات الله في الكون وعرف به نعمة الله عليه وعلى سائر المخلوقات , وقد أستخدمه في معالجة المواد الموجودة على الأرض وإستنباط جميع الصناعات التي نراها . ولا نستطيع أن نحصي فضل هداية العقل . ورد في الأثر : لما خلق الله العقل قال له : أقبل فأقبل ثم قال له أدبر ، فأدبر ، فقال : وعزتي ما خلقت خلقا هو أعجب إلي منك ، بك آخذ ، وبك أعطي ، ولك الثواب ، وعليك العقاب . رابعا – هداية الدين والرسل , فإن رحمة الله تعالى بنا أن أرسل لنا القرآن الكريم على خاتم رسله محمد صلوات ربي وسلامه عليه مبينا آلاء الله تعالى في الكون والأنفس ودلائل التوحيد فلا مجال للكلام عن توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات عن مصادر لا تعتمد على القرآن الكريم والسنة المطهرة . إن عقيدة التوحيد هبة خالصة من الله تعالى للبشر عرفها لهم عن طريق الرسل , ولم يتدرج الإنسان في هذه المعرفة كما تدرج في الصناعات .. فقد جاءت الرسالات الإلهية منذ فجر التاريخ كاملة حاسمة في دعوة التوحيد وإن دعوة الرسل جميعا من لدن أدم إلى خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم لا إله إلا الله وقد غال بعض الناس في أنبيائهم لدرجة العبادة لهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تطروني ، كما أطرت النصارى ابن مريم ، فإنما أنا عبده ، فقولوا : عبد الله ورسوله الراوي: عمر بن الخطاب - المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 3445 خلاصة الدرجة: [صحيح] خامسا – الهداية الخاصة وهي اصطفاء واختيار وإنعام وإحسان وقد علمنا ربنا إن نتوجه إليه في الصلاة بالقول : اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ (7) وكل أنواع الهداية هي فضل ونعمة منه سبحانة وتعالى . سبحان الهادي ****** وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى
|
#93
|
|||
|
|||
مبدأ التوحيد في القرآن العظيم - الجزء التاسع والعشرون ( 7 )
بسم الله الرحمن الرحيم الجزء التاسع و العشرون من القرآن العظيم ومبدأ التوحيد ( 7 ) وبعض آيات من سورة الإنسان - المرسلات ومع ختام الجزء التاسع والعشرون الإنسان إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً (23) إنا نحن نَزَّلْنا عليك -أيها الرسول- القرآن تنزيلا من عندنا؛ لتذكر الناس بما فيه من الوعد والوعيد والثواب والعقاب. إن الإيمان بالله تعالى يستلزم أن تؤمن برسالاته التي أرسلها لهداية البشر . وإن التكذيب بواحد منها يعد تكذيب بكافة الرسل . فالقاعدة المعروفة في القانون أن التشريع الجديد يلغي العمل بالتشريعات القديمة , وبهذا المنطق تسير كل قوانين الأرض . فالقرآن العظيم هو الكتاب الأخير المنزل من عند الله تعالى . فوجب العمل به كأخر تشريعات الله تعالى لأهل الأرض . وخاصة أنه تفرد على سائر كتب الأرض بأنه معجز في بيانه ومعجز في آياته ومعجز في موضوعاته . قال تعالى: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا – 88 الإسراء لو اجتمعت الإنس والجن كلهم واتفقوا على أن يأتوا بمثل ما أنزله على رسوله لما أطاقوا ذلك ولما استطاعوه ولو تعاونوا وتساعدوا وتظافروا فإن هذا أمر لا يستطاع وكيف يشبه كلام المخلوقين كلام الخالق الذي لا نظير له ولا مثال له ولا عديل له . فيجب على البشر تدبر ماأرسل إليهم , قبل فوات الأوان حيث لا رجعة بعد الموت للإيمان , ولكن بعد الموت بعث وحساب . وما على الإنسان العاقل إلا تدبر القرآن بكل هدوء . قال تعالى : أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا – 82 النساء فهو من عند الله كما قال تعالى مخبرا عن الراسخين في العلم حيث قالوا " آمنا به كل من عند ربنا " قال تعالى : وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ – 37 يونس هذا بيان لإعجاز القرآن وأنه لا يستطيع البشر أن يأتوا بمثله ولا بعشر سور ولا بسورة من مثله لأنه بفصاحته وبلاغته ووجازته وحلاوته واشتماله على المعاني العزيزة الغزيرة النافعة في الدنيا والآخرة لا يكون إلا من عند الله الذي لا يشبهه شيء في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله وأقواله فكلامه لا يشبه كلام المخلوقين ولهذا قال تعالى " وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله " أي مثل هذا القرآن لا يكون إلا من عند الله ولا يشبه هذا كلام البشر " ولكن تصديق الذي بين يديه " أي من الكتب المتقدمة ومهيمنا عليه ومبينا لما وقع فيها من التحريف والتأويل والتبديل ***** المرسلات ومن إعجاز الترتيب في القرآن العظيم أن تأتي أخر آيه في سورة المرسلات لتضع البشرية كلها في موضع المساءلة في حالة إعراضهم عن رسالة ربهم . فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (50) إن لم يؤمنوا بهذا القرآن، فبأي كتاب وكلام بعده يؤمنون؟ وهو المبيِّن لكل شيء، الواضح في حكمه وأحكامه وأخباره، المعجز في ألفاظه ومعانيه. وهذا القرآن العظيم كتاب رب العالمين كتاب أتى بعقيدة التوحيد واضحة جلية كما رأينا من خلال هذه السلسلة , ولم يوجد كتاب على ظهرالأرض مثل القرآن في بيان الحقيقة الإلهية . واشتماله على منهاج تطبيقي في المعاملات الإنسانية , وبيان الفرائض والعبادات التي تقربنا الى الله تعالى . كتاب وضع مبادئ القيم الرفيعة والأخلاق العالية . كتاب أتى بشريعة صالحة لكل زمان ومكان . كتاب أتى بأخبار الرسل السابقين والأمم السابقة . كتاب بين بداية خلق الإنسان ونشئة الكون . كتاب به أخبار الدار الأخرة بالتفاصيل كتاب به معجزات علمية تم اكتشافها حديثا وسوف تستمر إلى يوم القيامة . فعلى المؤمنين التمسك بكتاب ربهم جاء في الحديث: عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ستكون فتنة . قلت : فما المخرج منها يا رسول الله ؟ قال : كتاب الله, فيه نبأ ما قبلكم, و خبر ما بعدكم, و حكم ما بينكم, هو بالفصل ليس بالهزل, من تركه من جبار قصمه الله, و من ابتغى الهدى في غيره أضله الله, وهو حبل الله المتين, وهو الذكر الحكيم, وهو الصراط المستقيم, وهو الذي لا تزيغ به الأهواء, و لا تلتبس به الألسن, و لا يخلق على كثرة الرد, و لا تنقضي عجائبه, من قال به صدق, ومن عمل به أجر, ومن حكم به عدل, ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم الراوي: علي بن أبي طالب المحدث: ابن تيمية - المصدر: حقوق آل البيت - الصفحة أو الرقم: 22 خلاصة الدرجة: مشهور فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (50) ؟ ****** وقبل أن نختم تعالوا نتعرض لأنوار الصفات والأسماء الحسنى لله سبحانه وتعالى البديع بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ -101 الأنعام بديع السموات والأرض " أي مبدعهما وخالقهما ومنشئهما ومحدثهما على غير مثال سبق إبتدع الأمر أي أنشأه على غير مثال سابق بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ – 117 البقرة فالبديع تعني الذي أبدع صور جميع المخلوقات في الكون وفطرها على غير مثال سابق . فهو الذي ليس كمثله شئ في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله . البديع المطلق أزلا وأبدا . سبحانه هو الله ******
وإلى الجزء التالي إن شاء الله تعالى |
#94
|
|||
|
|||
مبدأ التوحيد في القرآن العظيم - الجزء الثلاثون ( 1 )
بسم الله الرحمن الرحيم الجزء الثلاثون من القرآن العظيم ومبدأ التوحيد ( 1 ) وبعض آيات من سورة النبأ النبأ العظيم تحت هذا العنوان نتأمل معا بعض آيات من سورة النبأ فإن من أعظم الأنباء على الإطلاق نبأ رسالة الله إلى البشرية القرآن العظيم أنار بنورالتوحيد وجه الأرض بعد أن كانت في ظلام الشرك والكفر والجهل. قال تعالى : ...قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مبين - 15 يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ -16المائدة قد أشتملت رسالة الله تعالى على أنباء عديدة , نذكر منها على سبيل المثال: قال تعالى : أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ – 5 التغابن أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ – 9 إبراهيم تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ – 49 هود فهل توجد أنباء أهم من هذه ؟ يبحث عنها الإنسان الحائر ؟ إننا نسمع عن رحلات الفضاء وأنها لإكتشاف أسرار الحياة . , هذا مجهود رائع ولكن ما تبحثون عنه جاء في رسالة الله إلينا , فتعالوا نجتهد في رحلات إلى الفضاء وفي أعماق الأرض ولكن من منطلق الإيمان , وننظر كيف بدأ الله الخلق . فهذا نص آية عندنا قال تعالى : قُلْ سِيرُوا فِي الأرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ -20 العنكبوت فالله تعالى سخر لنا ما في السموات والأرض قال تعالى : وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ – 13 الجاثية بالتدبر نزداد إيمانا وبالعلم نزداد خشية من الله جل جلاله . إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ – 28 فاطر إن جميع الأنباء التي جاء بها الإسلام سوف تتحقق بإذن الله تعالى . عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1) عَنْ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (3) كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ (4) ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ (5) النبأ العظيم هو الذي فيه نجاة البشرية الحائرة رسالة الله الى البشر - القرآن العظيم . قال تعالى : قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ - سورة ص-67 أي ما أنذركم به من الحساب والثواب والعقاب خبر عظيم القدر فلا ينبغي أن يستخف به . عم يتساءلون ؟ عن الخبر العظيم الشأن، وهو القرآن العظيم الذي ينبئ عن البعث وينظم حركة الحياة على الأرض بتشريعاته . سيعلم هؤلاء المشركون عاقبة تكذيبهم، ويظهر لهم ما الله فاعل بهم يوم القيامة, ثم سيتأكد لهم ذلك, ويتأكد لهم صدق ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم, من القرآن والبعث. وهذا تهديد ووعيد لهم. قال تعالى : سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ – فصلت 53 ولو تدبر الإنسان قليلا فيمن حوله لتشوق لرسالة ربه وخضع لأمره . أَلَمْ نَجْعَلْ الأَرْضَ مِهَاداً (6) وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً (7) ألم نجعل الأرض ممهدة لكم كالفراش؟ وانظروا إلى الكواكب الأخرى التي لم تسخر للعيش عليها وكيف كان حال الإنسان لو وجد على كوكب ليس به زرع يأكل منه , أو هواء يتنفسه , أو أنعام وطيور يأكل منها والجبال رواسي؛ كي لا تتحرك بكم الأرض؟ وجد حديثا أن الجبال تخترق الطبقة الأولى التي يصل سمكها إلى خمسين كيلو مترا من الصخور هي قشرة الأرض يخترق هذه الطبقة ليمد جذرا له في الطبقة الثانية المتحركة تحتها وتحت أرضنا هذه طبقة أخرى تتحرك لكن الله ثبت هذه الأرض على تلك الطبقة المتحركة بجبال تخترق الطبقتين فتثبتها كما يثبت الوتد الخيمة بالأرض التي تحت الخيمة وهكذا وجدوا جذرا تحت كل جبل وكانت دهشت الباحثين والدارسين عظيمة وهم يكتشفون أن هذا كله قد سجل في كتاب الله من قبل فقال تعالى : وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً (8) هل فكر الإنسان كيف تم هذا التوازن العجيب في نسبة الذكور والإناث على ظهر الأرض ؟ وهذا التوازن في جميع المخلوقات الحيوانية والنباتية فسبحان من خلق الأزواج كلها . وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً (9) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً (11) هل يستطيع معارض أن يستمر مستيقظا فوق أسبوع , بالطبع لا يستطيع أن يستمر أكثر من ثلاثة أيام وبعدها يغلبه النوم . فهل فكر الإنسان ما سر هذا النوم ؟ وأدرك أنه مخلوق مكون من أجهزة يجب أن تستريح لكي يستطيع مواصلة نشاطه . هل سأل الإنسان نفسه إين كنت أثناء النوم , ومن الذي بعثني حيا حين اليقظة , ولو أنك تأملت الليل عبر العصور لرأيته سكنا وكذلك لو تأملت النهار عبر العصور لرآيته بعث متجدد للمخلوقات فهو معاشا , فسبحان الخالق العظيم . وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً (12) وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً (13) وَأَنزَلْنَا مِنْ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً (14) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً (15) وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً (16) وبنينا فوقكم سبع سموات متينة البناء محكمة الخلق, لا صدوع لها ولا فطور؟ وجعلنا الشمس سراجًا وقَّادًا مضيئًا؟ قال تعالى : وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا – نوح 16 قال تعالى : هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا – يونس 5 وقال تعالى : تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا – 61 الفرقان وجعل فيها سراجا . أي الشمس وقمرا منيرا وذكر إنارة القمر بعد ذكر السراج يدل على أن القمر يستنير بنور السراج . فسبحان الله العظيم وأنزلنا من السحب الممطرة ماء منصَبّا بكثرة, لنخرج به حبًا مما يقتات به الناس وحشائش مما تأكله الدَّواب، وبساتين ملتفة بعضها ببعض لتشعب أغصانها؟ إننا نعيش في نعم الله تعالى التي لا نستطيع أن نحصيها . فإلى متى يغفل عن هذه الآلاء المنكرون . هل ينتظرون يوم النبأ العظيم يوم يستقظ الناس لايرون شروق الشمس فينتظرون وينتظرون فإذا هي تطلع من مغربها . وقتها لا ينفع الندم . إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً (17) يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً (18) وَفُتِحَتْ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً (19) وَسُيِّرَتْ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً (20) إن يوم الفصل بين الخلق, وهو يوم القيامة, كان وقتًا وميعادًا محددًا للأولين والآخرين, يوم ينفخ المَلَك في "القرن" إيذانًا بالبعث فتأتون أممًا, كل أمة مع إمامهم. وفُتحت السماء، فكانت ذات أبواب كثيرة لنزول الملائكة. ونسفت الجبال بعد ثبوتها, فكانت كالسراب. ******* وقبل أن نختم تعالوا نتعرض لأنوار الصفات والأسماء الحسنى لله سبحانه وتعالى الباقي الباقي المطلق هو الذي لا ينتهي تقدير وجوده في الاستقبال إلى آخر ويعبر عنه بالأبدي... والقديم المطلق هو الذي لا ينتهي تمادي وجوده في الماضي إلى أول ويعبر عنه بالأذلي ... وكلمة واجب الوجود بذاته تتضمن ذلك كله فهو جل جلاله الأول والأخر والظاهر والباطن . ليس كمثله شئ . قال سبحانه : كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ - 26 وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ – 27الرحمن وقال تعالى : مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ – 96 النحل وقال تعالى : بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ – 86 هود سبحانه هو الباقي بحق هو الله . ********
وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى |
#95
|
|||
|
|||
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
بارك الله فيك يا اخي وجعلبها في ميزان حسناتك |
#96
|
|||
|
|||
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
|
#97
|
|||
|
|||
مبدأ التوحيد في القرآن العظيم -الجزء الثلاثون (2)
بسم الله الرحمن الرحيم الجزء الثلاثون من القرآن العظيم ومبدأ التوحيد ( 2 ) وبعض آيات من سورة النازعات من خصائص الآلهية , الكمال المطلق من جميع الوجوه الذي لا نقص فيه بوجه من الوجوه وذلك يوجب أن تكون العبادة كلها له وحده والتعظيم والاجلال والخشية والدعاء والرجاء والإنابة. إن مبدأ التوحيد يوقظ الضمائر لخشية الله الواحد المتفرد بالألوهية والمتفرد بالربوبية , ويجعل الإنسان حرا لا يعبد بشرا مهما بلغ من ملكه وجبروته. ونشاهد اليوم نموذج عجيب من البشر , وصل إلى حد إدعاء الربوبية , فكيف صدقه الناس ؟ لابد أن العيب فيهم أيضا قال تعالى : فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ – 54 الزخرف أي استخف عقولهم فدعاهم إلى الضلالة فاستجابوا له . فَحَشَرَ فَنَادَى (23) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمْ الأَعْلَى (24) فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى (25) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى (26) جمع فرعون أهل مملكته وناداهم، فقال: أنا ربكم الذي لا ربَّ فوقه ، كيف يدعي هذا ؟ وهو لا يستطيع أن يطعم البشر ولو بوجبة طعام واحدة . كيف يدعي ذلك وهو ينام ولا يدري ما يدور حوله من أمور . كيف يدعي ذلك من خلق من ماء مهين ثم تم رضاعه وكبر شيئا فشيئا ولا يستطيع أن يدفع عن نفسه الموت . فانتقم الله منه بالعذاب في الدنيا والآخرة، وجعله عبرة ونكالا لأمثاله من المتمردين. إن في فرعون وما نزل به من العذاب لموعظةً لمن يتعظ وينزجر. إن إدعاء الربوبية من بشر أمر ترفضه الفطرة السليمة , فهل يدعي ذلك رسول مرسل من الله ؟ الجواب لا. مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ - ال عمران 79 فالرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين هم السفراء بين الله وبين خلقه في أداء ما حملوه من الرسالة وإبلاغ الأمانة فقاموا بذلك أتم القيام ونصحوا الخلق وبلغوهم الحق. ******* وإذا أمعن الإنسان النظر في الكون فنظر إلى السماء وإلى أعداد النجوم الهائلة , ثم نظر إلى الأرض يجد أن الأرض ومن عليها لا تساوي جناح بعوضة بالنسبة إلى الكون من حولنا . وتدور الأرض حول محورها دون شعور منا بهذه الحركة الدقيقة الناعمة , فكيف للأرض وهي جماد أن تدور بانتظام عبر ملايين السنين بهذه الدقة حيث ينشأ الليل والنهار , وتدور في نفس الوقت في مدار حول الشمس وبنفس الدقة ,حيث تنشأ الفصول الأربعة ,ويختلف طول الليل والنهار مع هذا المدار . أين المحرك لهذه الأرض ؟؟ ومن يديره ؟؟ سبحان الله العظيم ونهبط إلى الأرض ونرى العجب أولا البحار وتشمل أكثر من سبعين في المائة من مساحة الأرض وبها قوانين وضعها الله تعالى حتي تصلح لجريان السفن عليها ثانيا مياه الأمطار وتكوين الأنهار وعلاقة كل من الشمس والبحار والسحاب في منظومة علمية دقيقة لإستمرار الحياة على الأرض حيث تتبخر المياه من البحار ومن سطح الأرض بفعل حرارة الشمس مكونة السحاب الذي سخره الله بحيث لا ينفلت من الأرض , وينقى الماء ثم يعود مرة أخرى إلى ينابيع الأنهار وتجري الأنهار وتتحرك يشرب منها جميع المخلوقات . فقد نقاها خالقها لكي تصلح للشرب والري . ولأنها أي مياه الأنهار متحركة فهي لا تعطب ,وتتجه دائما لتصب في البحار . وللحفاظ على مياه البحار من العطب وضع الله فيها الأملاح التي لا تتبخر مع الماء الصاعد إلى السحاب . سبحان الخالق العظيم أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ السَّمَاءُ بَنَاهَا (27) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29) وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (31) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32) مَتَاعاً لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ (33) أبَعْثُكم أيها الناس- بعد الموت أشد في تقديركم أم خلق السماء؟ رفعها فوقكم كالبناء ، وأظلم ليلها , وأبرز نهارها بشروقها الشمس عندما بدأت الأرض تتكون - تكونت الجبال عن طريق خروجها من باطن الأرض في صورة براكين ثم خرجت المياه من باطن الأرض , وجميع البحار والأنهار كانت كلها في باطن الأرض ,خرجت من باطن الأرض إلى أعلى . كذلك النباتات وغاز ثاني أكسيد الكربون في الهواء الذي تتكون منه أجسام النباتات إلى جانب التربة كلها كانت في باطن الأرض . وتحت أرضنا هذه طبقة أخرى تتحرك لكن الله ثبت هذه الأرض على تلك الطبقة المتحركة بجبال تخترق الطبقتين فتثبتها كما يثبت الوتد الخيمة بالأرض التي تحت الخيمة . كل هذه التدابير من تمهيد الأرض للحياة وتثبيتها بالجبال , لكي يعيش عليها الأنسان متمتعا وجميع الأنعام والمخلوقات . فسبحان الواحد الأحد, مالك الملك , ذو الجلال والإكرام . ******* وقبل أن نختم تعالوا نتعرض لأنوار الصفات والأسماء الحسنى لله سبحانه وتعالى الوارث قال سبحانه : إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ – 40 مريم فإن الله كتب على خلقه حين خلقهم الموت فجعل مصيرهم إليه وقال فيما أنزل في كتابه الصادق الذي حفظه بعلمه وأشهد ملائكته على حفظه أنه يرث الأرض ومن عليها وإليه يرجعون إن أرباب البصائر يدركون أن الملك لله وحده أبدا وأذلا وأنه سبحانه المنفرد بالملك والملكوت على الحقيقة قال تعالى: آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ – 7 الحديد مستخلفين فيه - أي مما هو معكم على سبيل العارية فإنه قد كان في أيدي من قبلكم ثم صار إليكم , وهكذا الحال إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها . سبحانه هو الوارث الحق هو الله . ********
وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى |
#98
|
|||
|
|||
مبدأ التوحيد في القرآن العظيم -الجزء الثلاثون (3)
بسم الله الرحمن الرحيم الجزء الثلاثون من القرآن العظيم ومبدأ التوحيد ( 3 ) وبعض آيات من سورة عبس نعم الله علينا لا تعد ولا تحصى فهو المعطى بغير سؤال .. لايبالى كم أعطي , ولا لمن أعطى .. وإن سئل غيره لا يرضى وهو صاحب الإنعام والجود والإحسان , الذى يكرم خلقه بفيض نعمه ,ويكرم آولياءه بفيض فضله . ومن حرم من كرم الله فلا مكرم له على الإطلاق , قال تعالى: ..وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ ...- 18الحج فهو الكريم أزلا وأبدا, قال تعالى : كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ – 26 وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ –27 الرحمن فهو يجيب الداعي إذا دعاه .. فهو سبحانه القائل : وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ - 60غافر فيعطي السائل ما طلب وزيادة أو يصرف عنه من الشر بمقدار ما طلب أو يدخره له في الأخرة حسنات , فخير الله كثير والإنسان لايعرف على الحقيقة أي خير أصلح له . وهو سبحانه يجيب دعوة المضطرين ... قال تعالى : أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ - 62 النمل سبحانه يعلم حاجة المحتاجين قبل سؤالهم فهو المنعم وهو المتفضل بإجابة دعوات عباده . نعم الله علينا لا تعد ولا تحصى وهي دليل في نفس الوقت على وحدانية الله تعالى وعلى وقدرته وعلمه بما يحتاجه الخلق , ولا تجد دليل واحد للكافر ولا للمشرك ولا للملحد قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20) ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21) ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ (22) كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ (23) لُعِنَ الإنسان الكافر وعُذِّب, ما أشدَّ كفره بربه!! ألم ير مِن أيِّ شيء خلقه الله أول مرة؟ خلقه الله من ماء قليل- وهو المَنِيُّ- فقدَّره أطوارا, ثم بين له طريق الخير والشر, ثم أماته فجعل له مكانًا يُقبر فيه, ثم إذا شاء سبحانه أحياه, وبعثه بعد موته للحساب والجزاء. ليس الأمر كما يقول الكافر ويفعل, فلم يُؤَدِّ ما أمره الله به من الإيمان والعمل بطاعته. فَلْيَنْظُرْ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبّاً (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقّاً (26) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبّاً (27) وَعِنَباً وَقَضْباً (28) وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً (29) وَحَدَائِقَ غُلْباً (30) وَفَاكِهَةً وَأَبّاً (31) مَتَاعاً لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ (32) فليتدبر الإنسان: كيف خلق الله طعامه الذي هو قوام حياته؟ أنَّا صببنا الماء على الأرض صَبًّا, ثم شققناها بما أخرجنا منها من نبات شتى, يرمي المزارع البذر في الأرض الزراعية ويتعدها بالسقي وتنبت الزراعة ..فهل فكر من الذي أنبتها ؟ ثم إن أي نبات له جذر وساق . يتجه الجذر لأسفل ويتجه الساق لأعلى حاملا الأوراق والثمار – إذن يجب أن توضع البذرة على وضع منضبط بحيث يكون مخرج الجذر لأسفل ومخرج الساق لأعلى – فهل الفلاح يقوم بهذا العمل وهو معاينة وضع كل بذرة على الأرض ؟ قطعا لا - ولكنه يرميها دون أن يفكر – ولكن الذي خلقها وضع فيها هذه البرامج الذي يحدد لها كيف يتجه الساق وكيف يتجه الجذر وكيف تأخذ عناصر غذائها من الأرض في غاية الدقة – بحيث يختلف طعم الثمار من شجرة لأخرى وهما على أرض واحدة و الماء واحد , فأنبتنا فيها حبًا, وعنبًا وعلفًا للدواب, وزيتونًا ونخلا وحدائق عظيمة الأشجار, وثمارًا وكلأ تَنْعَمون بها أنتم وأنعامكم. أمام هذا النموذج البسيط من الخلق – نخر ساجدين لله تعالى ونقول سبحان الله لا قوة إلا بالله وهكذا تتوالى أدلة الكون من حولنا على وحدانية من كونه فأين أدلة الكافرين ؟ وإلى متى ينتظرون ؟ فَإِذَا جَاءَتْ الصَّاخَّةُ (33) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37) فإذا جاءت صيحة يوم القيامة التي تصمُّ مِن هولها الأسماع, يوم يفرُّ المرء لهول ذلك اليوم من أخيه, وأمه وأبيه, وزوجه وبنيه. لكل واحد منهم يومئذٍ أمر يشغله ويمنعه من الانشغال بغيره. وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (39) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (40) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (41) أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (42) وجوه أهل النعيم في ذلك اليوم مستنيرة، مسرورة فرحة, ووجوه أهل الجحيم مظلمة مسودَّة, تغشاها ذلَّة , لأنهم كفروا بربهم وتجرؤوا على محارم الله بالفجور والطغيان. ******* وقبل أن نختم تعالوا نتعرض لأنوار الصفات والأسماء الحسنى لله سبحانه وتعالى الرشيد قال سبحانه : مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا – 17 الكهف وقال سبحانه : وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ – 186 البقرة الرشيد هو المرشد لعباده , فهو المتصف بكمال الكمال .. عظيم الحكمة والرشاد الذي تتجه تدبيراته إلى غاية الصواب والسداد , فهو الذي يرشد الخلق ويهديهم إلى مافيه صلاحهم , ويوجههم بحكمته إلى مافيه خيرهم ورشدهم في دنياهم وأخرتهم و الفعل : رشد يرشد رشدا ورشادا , بمعنى أصاب وجه الصواب والخير والحق , والمرشد : الهادي إلى الحق وإلى الخير مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا – 17 الكهف سبحان المرشد لما فيه الخير في الدنيا والأخرة هو الله . ******** وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى
|
#99
|
|||
|
|||
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ...
__________________
|
#100
|
|||
|
|||
مبدأ التوحيد في القرآن العظيم -الجزء الثلاثون (4)
بسم الله الرحمن الرحيم الجزء الثلاثون من القرآن العظيم ومبدأ التوحيد ( 4 ) سورة التكوير هذه السورة ذات مقطعين اثنين في كل مقطع منهم تقرير حقيقة ضخمة من حقائق العقيدة : الأولي حقيقة القيامة ومايصاحبها من انقلاب كوني هائل كامل ، يشمل الشمس والنجوم والجبال والبحار ،والأرض والسماء ، والأنعام والوحوش ، كما يشمل بني الإنسان . والثانية حقيقة الوحي ، وما يتعلق بها من صفة الملك الذي يحملة . وصفة النبي الذي يتلقاه ، ثم شأن القوم المحاطين بهذا الوحي معه ، ومع المشيئة الكبرى التي فطرتهم ونزلت لهم الوحي . والمشاهد الأولى للسورة تهز النفس البشرية هزاً عنيفاً طويلا ، يخلعها من كل مااعتادت أن تسكن إليه ، فإذا هي في عاصفة الهول المدمر والجارف ريشة لا وزن لها ولا قرار ولا ملاذ لها ولا ملجأ إلا في حمي الواحد القهار ، الذي له وحده البقاء والدوام ، وعنده وحده القرار والاطمئنان . ومن ثم فالسورة بإيقاعها العام تخلع النفس من كل ما تطمئن إليه وتركن ، لتلوذ بكنف الله ، وتأوي إلى حماه ، وتطلب عندة الأمن والطمأنينة والقرار. إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ (2) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (3) وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (4) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (6) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (7) وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (10) وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ (11) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (12) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (13) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ (14) إذا الشمس لُفَّت وذهب ضَوْءُها, وإذا النجوم تناثرت, فذهب نورها, وإذا الجبال سيِّرت عن وجه الأرض فصارت هباءً منبثًا, وإذا النوق الحوامل تُركت وأهملت, وإذا الحيوانات الوحشية جُمعت واختلطت؛ ليقتصَّ الله من بعضها لبعض, وإذا البحار أوقدت، فصارت على عِظَمها نارًا تتوقد, فتفجير عناصرها وانفصال الأيدروجين عن الأكسوجين فيها. أو تفجير ذراتها على نحو ما يقع في تفجير الذرة، وهو أشد هولاً. أو على نحو آخر. وحين يقع هذا فإن نيراناً هائلة لا يتصور مداها تنطلق من البحار. فإن تفجير قدر محدود من الذرات في القنبلة الذرية أو الأيدروجينية يحدث هذا الهول الذي عرفته الدنيا؛ فإذا انفجرت ذرات البحار على هذا النحو أو نحو آخر، فإن الإدراك البشري يعجز عن تصور هذا الهول؛ وتصور جهنم الهائلة التي تنطلق من هذه البحار الواسعة! وإذا النفوس قُرنت بأمثالها ونظائرها, وإذا الطفلة المدفونة حية سُئلت يوم القيامة سؤالَ تطييب لها وتبكيت لوائدها : بأيِّ ذنب كان دفنها؟ وقد كان من هوان النفس الإنسانية في الجاهلية أن انتشرت عادة وأد البنات خوف العار أو خوف الفقر. قال تعالى: وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم. يتوارى من القوم من سوء ما بشر به. أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون – 16 النحل فهذه كانت نظرة الجاهلية إلى المرأة على كل حال. حتى جاء الإسلام. يشنع بهذه العادات ويقبحها. وينهى عن الوأد ويغلظ فعلته. ويجعلها موضوعاً من موضوعات الحساب يوم القيامة . وإذا صحف الأعمال عُرضت, إن هذا النشر والكشف لون من ألوان الهول في ذلك اليوم ؛ نسأل الله الستر في الدنيا والأخرة . وإذا السماء قُلعت وأزيلت من مكانها, وإذا النار أوقدت فأضرِمت, وإذا الجنة دار النعيم قُرِّبت من أهلها المتقين, إذا وقع ذلك, تيقنتْ ووجدتْ كلُّ نفس ما قدَّمت من خير أو شر. كل نفس تعلم، في هذا اليوم الهائل ما معها وما لها وما عليها . ***** فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِي الْكُنَّسِ (16) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18) أقسم الله تعالى بالنجوم المختفية أنوارها نهارًا, الجارية والمستترة في أبراجها, والليل إذا أقبل بظلامه, والصبح إذا ظهر ضياؤه, وجدير بالذكر أن نذكر أراء العلماء المحدثين في تفسير النجوم المختفية والتي تسمى بالثقوب السوداء . الثقب الأسود هي منطقة في الفضاء، عبارة عن كتلة كبيرة في حجم صغير تسمى الحجم الحرج بالنسبة لهذه الكتلة، حيث تبدأ المادة بالانضغاط تحت تأثير جاذبيتها الخاصة ويحدث فيها انهيار من نوع خاص هو الانهيار بفعل الجاذبية ،و ذلك ينتج عن القوة العكسية للانفجار حيث أن هذه القوة تضغط النجم و تجعله صغيرًا جدًا وذا جاذبية قوية خارقة، ويزداد تركيز الكتلة أي كثافة الجسم نتيجة تداخل جسيمات ذراته وإنعدام الفراغ البيني بين الجزيئات ، وتصبح قوّة جاذبيته قوّية إلى درجة لا يمكن لأي جسم يمر بمسافة قريبة منه أن يفلت من جاذبيتهُ مهما بلغت سرعته وبالتالي يزداد كمّ المادة الموجودة في الثقب الأسود ، إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21) وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ (23) وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (25) إن هذا القرآن، وهذا الوصف لليوم الآخر.. لقول رسول كريم.. وهو جبريل الذي حمل هذا القول وأبلغه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذِي قوة في تنفيذ ما يؤمر به, صاحبِ مكانة رفيعة عند الله, تطيعه الملائكة, مؤتمن على الوحي الذي ينزل به. فأما الرسول الذي حمله إليكم فهو صاحبكم .. عرفتموه حق المعرفة عمراً طويلاً . فما لكم حين جاءكم بالحق تقولون فيه ما تقولون . وتذهبون في أمره المذاهب، وهو صاحبكم الذي لا تجهلون . وهو الأمين على الغيب الذي يحدثكم عنه عن يقين : وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ . وما محمد الذي تعرفونه بمجنون, ولقد رأى محمد جبريل الذي يأتيه بالرسالة في الأفق العظيم, وما هو ببخيل في تبليغ الوحي. وما هذا القرآن بقول شيطان رجيم, مطرود من رحمة الله, ولكنه كلام الله تعالى ووحيه . فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26) إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (27) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29) فأين تذهب بكم عقولكم في التكذيب بالقرآن بعد هذه الحجج القاطعة ؟ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ذكر يذكرهم بحقيقة وجودهم، وحقيقة نشأتهم، وحقيقة الكون من حولهم.. للعالمين.. فهو دعوة عالمية لمن شاء منكم أن يستقيم على الحق والإيمان, وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ وذلك كي لا يفهموا أن مشيئتهم منفصلة عن المشيئة الكبرى، التي يرجع إليها كل أمر. فإعطاؤهم حرية الاختيار، ويسر الاهتداء ، إنما يرجع إلى تلك المشيئة. المحيطة بكل شيء كان أو يكون . ******* وقبل أن نختم تعالوا نتعرض لأنوار الصفات والأسماء الحسنى لله سبحانه وتعالى الصبور الصبور : ملهم الصبر لجميع خلقه , الصابر على ما لا يرضاه منهم . فلا تستفزه المعاصي .. ولا يعجل بالعقوبة على من عصاه والصبور أيضا هو الذي لا يسارع إلى الفعل قبل أوانه .. بل ينزل الأمور بقدر معلوم بحيث تأتي على الوجه الذي يجب أن تكون وكل ذلك من غير معاناة أو معارض يعترض إرادته سبحانه . وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول : ما أحد أصبر على أذى سمعه من الله ، يدعون له الولد ، ثم يعافيهم ويرزقهم . الراوي: أبو موسى الأشعري المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 7378 خلاصة الدرجة: [صحيح] سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا وقد مدح الله تعالى من يتصف بصفة الصبر في مواضع كثيرة قال الله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصابرين – 153 البقرة يكفي ان يستشعر المؤمن الذي يتحلى بتلك الصفة وهي الصبر , يستشعر بمعية الملك – إن الله مع الصابرين ولذلك قال تعالى بعدها : الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون . أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون وقال تعالى : وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ – 146 ال عمران سبحان الله الصبور المطلق هو الله . ******** وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى
|
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
أجداد المجوس يقولون أسماء الأئمة في القرآن وأحفادهم يقولون أسماء الأئمة قالها النبي ولكن التشويش | ابو هديل | الشيعة والروافض | 0 | 2020-03-20 07:29 PM |
شبهات حول القرآن د. محمد عمارة | عادل محمد عبده | كتب إلكترونية | 0 | 2020-03-12 06:47 AM |
القرآن يثبت صحبة مهدي عبد الرزاق محسن لأصحاب الجحيم الملعونون | ابو هديل | الشيعة والروافض | 0 | 2020-02-05 12:12 AM |