جديد المواضيع |
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
أضواء على عقيدتي الولاء والبراء في الإسلام
الحمد لله تعالى الذي أعز المؤمنين بدين الإسلام ، و رحمهم ، والعالمين جميعاً ببعثة خاتم المرسلين وسيد ولد آدم أجمعين . اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد الذي وصفته بقولك ( وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ و َسِرَاجًا مُّنِيرًا) 47 ، الأحزاب ، وعلى آله وصحبه أجمعين . أما بعد :
فإن هناك طابوراً خبيثاً - لا ينبغي الاستهانة به - يندس داخل صفوف المسلمين من بني جلدتهم ، يحملون أفكاراً لتيارات مناوئة لصحيح الإسلام ، وعقائده كالعلمانية والليبرالية واللاقرآنيين ، وغيرهم من الكارهين للحق وأهله . ويسعى هؤلاء جاهدين لهدم أهم عقائد الإسلام في عقول ونفوس المسلمين . ويستعملون طرقاً مختلفة من المراوغة والمكر والخديعة . بأساليب عديدة منها : التدليس - المغالطات - خلط الأوراق - المزاعم الكاذبة - التلاعب بالأسماء - والتعاميم الفاسدة، لتحريف ، وتمييع حقائق الدين الثابتة . ولذلك عزمت - مستعيناً بالله تعالى - على كتابة هذه السطور لتسليط الضوء على عقيدتين إسلاميتين يركز أعداء الإسلام - من الداخل والخارج - على محاربتهما ، و التشكيك فيهما . وهما بالتحديد عقيدتي ( الولاء ، والبراء) : أولاً : إن معنى الولاء شرعاً هو المحبة والنصرة والاتباع . ويتضمن الأخير معنى الطاعة . قال تعالى (وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ) من الآية121،الأنعام . ويسمى الذين تربطهم بغيرهم صلة الولاء ( أولياء ) . ومفرده ولي . فالموالاة هي اتخاذ الموالي . إن عقيدتي الولاء والبراء ثبتتا بآيات عديدة من كتاب الله تعالى ، وبأحاديث صحيحة من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم المشرفة ، وتمثلان جزءً أساسياً من كامل مشهد هذه الحياة الدنيا التي يحياها بنو آدم منذ بداية وجودهم فيها، لعلاقتهما بمعاداة إبليس لآدم ولذريته. فمما يدل على معنى المحبة في عقيدة الولاء قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ) الآية 1، الممتحنة. وقوله تعالى (هَا أَنتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ) الآية 119، آل عمران . ومما يدل على معنى النصرة في الولاية قوله تعالى ( وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ) 113، هود . و مما يدل على معنى الاتباع في الولاية قوله تعالى ( وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ) من الآية رقم 3 ، الأعراف . وأما عقيدة البراء فمعانيها مناقضة لمعاني عقيدة الولاء تماماً . فالبراء هوالبغض ، والعداوة ، والتخلي والبعد تنزها . فمما يدل على معنى البغض في عقيدة البراء قوله تعالى ( وَ بَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا) من الآية 4، الممتحنة . ومما يدل على معنى العداوة فيها، قوله تعالى ( أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا) من الآية رقم 50 ، الكهف . ومما يدل على معنى التخلي فيها ، قوله تعالى ( وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ) 167، البقرة . فكل معنى من معاني عقيدة الولاء يناقضه أحد معاني عقيدة البراء. فنقيض المحبة في الولاء ، هو البغض والعداوة في البراء. ونقيض النصرة في الولاء ، هي المحاربة في عقيدة البراء . ونقيض الاتباع والطاعة في الولاء ، هي المخالفة و البعد وعصيان الأمر في البراء . ثانياُ : إن المتدبر لآيات كتاب الله تعالى يجد أن كل آية من آياته جاء فيها ذكر لعقيدتي الولاء والبراء ، من قريب أو من بعيد قد تحدثت حتماً عن واحد أو أ كثر من المعاني الستة لهاتين العقيدتين . وهذه حقيقة ماثلة فيه بوضوح ، وبكثرة ، وبأساليب مختلفة . ثالثاً : إن الأصل في عقيدة ( الولاء) في الإسلام هو وجوب موالاة المؤمنين لله تعالى الخالق المنعم سبحانه أصالة . يليها وجوب موالاتهم لرسوله صلى الله عليه وسلم المبلغ عنه دينه لعباده . تليهما موالاة المؤمنين بعضهم لبعض . وقد جمعت الآية رقم ( 55، المائدة) ما يجب على المؤمنين بشأن عقيدة الولاء . فجعلت الولاية لله تعالى ، ولرسوله ، ثم لكل مؤمن . وهي بهذا الترتيب ، قال تعالى ( إ ِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) الآية 55 ، المائدة . فبينت مراتب وجوب بذل المؤمنين الولاية فقررت أنها لله تعالى أصالة بكل معانيها الثلاث ، ثم لرسوله محمداً مصطفاه من خلقه صلى الله عليه وسلم ، المبلغ عنه . ثم لإخوانهم المؤمنين . هذا وقد ذكرت آيات كثيرة وجوب موالاة المؤمنين بعضهم لبعض . ولعل أصرحها قوله تعالى ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) من الآية 71، التوبة . قال الطبري : ( هم المصدقون بالله و رسوله وآيات كتابه ، فإن صفتهم : أن بعضهم أنصارُ بعض وأعوانهم) . ( جامع البيان 4/ 292) . وقال ابن كثير ( أي يتناصرون ويتعاضدون ، كما جاء في الصحيح « المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً» و شبك بين أصابعه " صلى الله عليه وسلم . وفي الصحيح أيضاً " مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى و السهر " ) . ( تفسير القرآن العظيم 7 / 107 ) . وقال ابن الجوزي : أي بعضهم يوالي بعضا، فهم يد واحدة . ( زاد المسير 25/ 66) . وقال السعدي ( في المحبة والانتماء والنصرة) . ( فيض الرحمن تفسير جواهر القرآن 2/ 164) . وقال الشنقيطي ( الولي هو من انعقد بينك وبينه سبب يواليك وتواليه به . فالإيمان سبب يوالي به المؤمنين ربهم بالطاعة ، ويواليهم به الثواب والنصر والإعانة) . (أضواء البيان ، 3/ 326 -327) . قال ابن أبي العز الحنفي ( فهذه النصوص كلها ثبت فيها موالاة المؤمنين بعضهم لبعض وأنهم أولياء الله ، وأن الله وليهم ومولاهم . فالله يتولى عباده المؤمنين فيحبهم ويحبونه، ويرضى عنهم ويرضون عنه . ومن عادى له وليا فقد بارزه بالمحاربة . وهذه الولاية من رحمته تعالى وإحسانه . ليست كولاية المخلوق للمخلوق للحاجة إليه ، قال تعالى ( وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا)الآية ،111، الإسراء . فالله تعالى ليس له ولي من الذل . بل لله العزة جميعاً . خلاف الملوك وغيرهم ممن يتولونهم لذلتهم وحاجتهم إلى ولي ينصرهم . ( أنظر : شرح العقيدة الطحاوية ، ص 358 ) . رابعاً : ولقد تعددت الزوايا التي تناولت من خلالها آيات كتاب الله المجيد الأحداث الأولى التي مر بها أبونا آدم عليه السلام منذ ان خلقه الله . ولعل من أهمها وأكثرها تأثيراً على حياة ذريته، هو عصيان إبليس لأمر الله تعالى له بالسجود لآدم المذكور في قوله تعالى (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ) الآية 34، البقرة . وذكرت آية أخرى تصريح إبليس بأن ما دفعه للامتناع عن امتثال أمر الله تعالى بالسجود لآدم هو حسده الآثم له . والذي أسسه على ظنه الباطل بأنه خير منه، من حيث مادة خلقه ، وهي النار. والتي رأى خطأً منه أنها خير من الطين الذي خلق الله تعالى منه آدم . فظن بأنه أحق من آدم بسجود التكريم ،و بالخلافة . في قوله تعالى ( قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ) الآية رقم12، من سورة الأعراف . فكان تجاهل إبليس أن السجود لآدم هو أمر الخالق سبحانه ، فتسبب عصيانه الأمر في طرده ولعنه وهلاكه . فالمانع الحقيقي لإبليس من السجود لآدم - امتثالاً لأمر الله تعالى - هواستكباره على آدم وحسده إياه ، على ما أنعم الله تعالى به عليه من التكريم . فالحقيقة إذاً هي أن الكبر والحسد هما أساس ومنطلق بغض إبليس لآدم و مناصبته العداء وذريته . ومحاربته له ولذريته ، ومخالفته في كل شيء . وهذه هي معاني عقيدة البراء الثلاث . وذكرت بعض الآيات الكريمة تصريح إبليس بعداوته لذرية آدم ، وتوعده بإغوائهم وترصده لهم لإبعادهم عن صراط ربهم المستقيم . كما في قوله تعالى على لسان إبليس ( قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ// ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ)الآيتين 16، 17، الأعراف . ولعل من أهم العبر المستفادة مما آل إليه مصير إبليس من اللعن والطرد : أن المخلوق إذا ارتكب معصية لأمر من أوامر الخالق فإنه مهما حاول تبريرها بالتأويلات والمخارج المختلفة فإن مساعيه لن تجديه نفعاً . بل ستحل به حتماً عواقب معصيته الوخيمة . ولا سبيل له للسلامة من عواقبها إلا أن يتوب عنها ، ويستغفر الله تعالى منها . فإن فعل فإن الله تعالى غفور رحيم. فقد وصف سبحانه نفسه بقوله ( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ)الآية 25، الشورى . بل قد أمر تعالى رسوله أن يخبر عباده المسرفين على أنفسهم بكثرة الذنوب بقوله ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الآية 53 ، الزمر . كما قد تفضل سبحانه على عباده التائبين بزيادة إكرامهم فقال عزوجل ( إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) الآية 70، الفرقان . خامساً : إن الآيات المثبتة لعقيدة " البراء" نصت على نهي المؤمنين عن موالاة كل من لا يؤمن بالله تعالى . أي حرمت موالاتهم . وأوجبت على المؤمنين البراءة منهم امتثالاً لأمر الله تعالى . وأوجبت عليهم أن يبغضوا غير المسلمين في ذات الله تعالى بسبب كفرهم به سبحانه وإشراكهم . فمن تلك الآيات على سبيل المثال : 1 - قوله تعالى ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَ الَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) الآية 5 ، الممتحنة . قال الطبري في معناها ( قد كان لكم أيها المؤمنون أسوة حسنة : يقول : قدوة حسنة في إبراهيم خليل الرحمن ، تقتدون به، والذين معه من أنبياء الله أنكرنا ما كنتم عليه من الكفر بالله وجحدنا عبادتكم ، ما تعبدون من دون الله أن تكون حقا، وظهر بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا على كفركم بالله، وعبادتكم ما سواه ، ولا صلح بيننا ولا هوادة ، حتى تصدقوا بالله وحده ، فتوحدوه ، وتفردوه بالعبادة).( جامع البيان 23/ 105) . 2 - قوله سبحانه ( وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ) الآية (81) ، المائدة . قال ابن كثير ( أي لو آمنوا حق الايمان بالله والرسول والقرآن لما ارتكبوا ما ارتكبوه من مولاة الكافرين في الباطن ومعاداة المؤمنين بالله والنبي وما أنزل الله " ولكن كثيرا منهم فاسقون " أي خارجون عن طاعة الله ورسوله مخالفون لآيات وحيه وتنزيله) . ( تفسير القرآن العظيم 3 / 244) . وقال النسفي ( يعني أن موالاة المشركين تدل على نفاقهم) . ( مدارك التنزيل1 /302 ) . فيستفاد منه أن عدم تولي الكافرين شرط يثبت بوجوده ( أي بامتثاله) إيمان العبد، وينتفي إيمانه بانتفائه. 3 - قوله تعالى (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ). الآية 28، آل عمران . قال الطبري ( وهذا نهي من الله عز وجل المؤمنين أن يتخذوا الكفار أعوانا وأنصارا وظهورا ومعنى ذلك : لا تتخذوا أيها المؤمنون الكفار ظهرا وأنصارا، توالونهم على دينهم ، وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين ، وتدلونهم على عوراتهم ، فإنه من يفعل ذلك فليس من الله في شيء ، يعني بذلك ، فقد برئ من الله، و برئ الله منه بارتداده عن دينه، ودخوله في الكفر.(إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً) إلا أن تكونوا في سلطانهم ، فتخافوهم على أنفسكم . فتظهروا لهم الولاية بألسنتكم ، وتضمروا لهم العداوة، ولا تشايعوهم على ما هم عليه من الكفر ، ولا تعينوهم على مسلم بفعل . وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال ( إلا أن تكونوا في سلطانهم ، فتخافوهم على أنفسكم ، فتظهروا لهم الولاية بألسنتكم ، وتضمروا لهم العداوة . ولا تشايعوهم على ما هم عليه من الكفر ، ولا تعينوهم على مسلم بفعل ) أ. هـ ( أنظر : جامع البيان ، 25/ 412) . وقال الزمخشري ( ومن يوالي الكفرة فليس من ولاية الله في شيء يقع عليه اسم الولاية ، يعني أنه منسلخ من ولاية الله رأساً، وهذا أمر معقول فإنّ موالاة الوليّ ، وموالاة عدوّه متنافيان ) . ( الكشاف ،1/ 265) . قال النابغة الشيباني ( تَوَدُّ عَدُوّي ثُمَّ تَزعُمُ أَنَّني - - صَديقُكَ إِنَّ الرَأيَ منكَ لَعازِبُ) . أي : إن الصواب لبعيد عما تدعيه . قلت : وفي الآية إخبار من الله سبحانه بأن من يخالف أمره ويتولى أحداً من الكافرين فإنه يخسر بذلك ولاءه لله تعالى بكل صور ولايته . وهذا هو الهلاك بعينة والخسران المبين في الدارين . إلا إن كان المسلم يظهر موالاته لهم اتقاء لشرورهم . ولا يجيز العقل وجود الحاجة لاتقاء شر أحد، إلا أن يكون المتقى منه في موقف القوة . ويكون الذي يخاف شر القوي ويتقيه في موقف ضعف . ولهذا قال النيسابوري والبيضاوي في قوله تعالى (ِ إلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً) قالا : معناه ( إلاَّ أنْ تخافوا منهم مخافة ) أ.هـ ( أنظر : الكشف والبيان ، 3 /47 ، أنوار التنزيل للبيضاوي 1/ 330) . وقال النسفي (أي إلا أن يكون للكافر عليك سلطان فتخافه على نفسك و مالك فحينئذ يجوز لك إظهار الموالاة، وإبطان المعاداة) أ. هـ ( أنظر: مدارك الترتيل وحقائق التنزيل ،1/ 153) . قلت : فلينظر كل مسلم لنفسه قبل أن يقدم على التقرب إلى أي أحد من الكافرين أو ملاطفته دون حاجة . أو دون أن يكون متخوفاً من شرورهم . لأن التقرب والملاطفة لهم والانس بهم والمصادقة لهم معاني لا تناسب معنى (الاتقاء مخافة الشر) بل تناقضها . فالمخافة هي المعنى الوحيد المستفادة من الاستثناء الوارد في هذه الآية الكريمة . وأعظم منه أن التقرب والملاطفة والأنس والمصادقة فيها جميعاًُ معنى الرضا بكفرهم ، وانعدام الغضب لحق الله تعالى لكفرهم به . هذا وقد علق الطاهر ابن عاشورعلى النهي عن موالاة الكافرين بقوله (لأنّ اتّخاذهم أولياء بعد أنْ سَفَّه الآخرون دينهم و سَفَّهوا أحلامهم في اتِّباعه يعدّ ضعفاً في الدين و تصويباً للمعتدين) أ. هـ ( التحرير والتنوير، 3/ 215) . 4 - قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ) الآية 118 ، آل عمران . قال الطبري ( لا تتخذوا أولياء وأصدقاء لأنفسكم من دونكم ) : من دون أهل دينكم وملَّتكم ، يعني من غير المؤمنين . وإنما جعل " البطانة " مثلا لخليل الرجل . فشبهه بما ولي بطنه من ثيابه، لحلوله منه - في اطِّلاعه على أسراره وما يطويه عن أباعده ، وكثير من أقاربه - محلَّ ما وَلِيَ جَسده من ثيابه ) أ. هـ ( أنظر: جامع البيان ، 28/ 104) . 5 - قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ ) الآية 1، الممتحنة . نهي المؤمنين عن اتخاذ الكافرين - أعداء الله تعالى - أولياء لهم ، يودونهم ، مع كفرهم بدين الله الحق . سادساً : هذا و قد بينت بعض الآيات الكريمة النتائج الوخيمة لموالاة المؤمنين ، غير المؤمنين على المستويين الفردي والجماعي . كقوله تعالى ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ ) 73، الأنفال . وقوله تعالى ( ألم تر إلى الذين يتولون قوماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ ) من الآية 14، المجادلة . سابعاً : لابد من التأكيد على أن وجوب بغض المؤمنين للكافرين إنما هو واجب قلبي على كل مؤمن ، ولا دور للجوارح فيه . لأن البغض شعور نفسي ، وليس عملا جسدياً . ( أنظر: دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب ، ص 252 ). وقد ضمن الطاهر بن عاشور كلامه عن قوله تعالى ( لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ) من الآية 22، المجادلة . قوله (والخطاب للنبيء صلى الله عليه وسلم ، والمقصود منه أمره بإبلاغ المسلمين أن موادّة من يعلم أنه محاد ّالله ورسوله هي مما ينافي الإِيمان ، ليكف عنها من عسى أن يكون متلبساً بها ) . ( التحرير والتنوير 28 / 59) . ولكن كثيراً من المسلمين - للأسف - يخطؤون بإقحام الجوارح فيما هو عمل خاص بالقلب . فينتج عن استعمالهم الجوارح للتعبير عن هذا البغض تشويه صورة الإسلام . والحقيقة أنه تزيد آثم على شرع الله تعالى . وقد نشأ هذا الخطأ بسبب تعطيلهم العمل بقوله تعالى ( لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) الآية رقم 8 ، الممتحنة . إن إذن الله تعالى للمسلمين بـأن يبروا غير المسلمين - الذين ليسوا من المحاربين لهم ، ولا معاونين لعدوهم - وأن يقسطوا معهم ( أي: ينصفوهم في حقوقهم) يحمل معنى إباحة مخالطتهم . مما يدل على أن عقيدة " البراء" لا تلزم المسلم بتبرك مخالطة من يتبرأ منهم ( أي غير المسلمين) . بل عليه أن يمتثل لآمر الله تعالى بالتأسي برسوله إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام . فقد تبرأ من قومه، ولكنه لم يقصر في دعوتهم ، و لم يترك السعي في هدايتهم . وهذا يحتم مخالطتهم ، وعدم اعتزالهم . قال الشنقيطي : ( كما أن دخول امرأة فرعون الجنة يعلم منه أن الإنسان إذا دعته الضرورة لمخالطة الكفار من غير اختياره ، وأحسن عمله وصبر على القيام بدينه ، أنه يدخل الجنة ولا يضره خبث الذين يخالطهم ويعاشرهم . فالخبيث خبيث وإن خالط الصالحين كامرأة نوح ولوط . والطيب طيب وإن خالط الأشرار، كامرأة فرعون . ولكن مخالطة الأشرار لا تجوز اختياراً، كما دلت عليه أدلة أخرى) أ. هـ ( أنظر : دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب ، ص 236 ) . أما عن مدى مخالطتهم بهدف الدعوة فمعلوم أنه لا يصل إلى درجة المؤانسة والصداقة الحميمة . كما أن صور المخالطة لأجل البيع والشراء والمجاورة و زمالة العمل والدراسة والسفر وغيرها، يجب أن تقتصر على برهم والقسط في أداء حقوقهم . وأن لا تستدرج المسلم لمودتهم والمحبة القلبية لهم ، المنهي عنها . ولكن الضالين المضلين من العلمانيين والليبراليين وغيرهم يتعمدون خلط الأمور ليلبسوا على المسلمين دينهم . فغرضهم من تحريض المسلمين على الإفراط (أي التوسع) في استعمال هذا الإذن هو إضاعة واجب براءة المسلمين من غير المسلمين . ثامناً : إن بعض الآيات التي نهت المؤمنين عن موالاة الكافرين وحرمت ذلك عليهم صرحت بأن دين الإسلام يصنف كل آدمي بناء على ما يعتقده . أي بناء على موقفه من عقيدتي الولاء ، والبراء اللتين قررتا ما يجب ، وما يحرم على المسلمين ، وفق ما ثبت بشأنهما بآيات كتاب الله تعالى ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . فقد أعلنت آيات القرآن الكريم عن حقيقة كبرى بصراحة مدوية " أنه ليس للناس سوى حزبين اثنين فقط . هما حزب الله تعالى وهم أولياؤه المؤمنون به . قال تعالى " وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ " الآية 56، المائدة . قال الزمخشري ( يحتملُ أن يكُون الجوابُ مَحْذُوفاً لدلالة الكلام عَلَيْه . أي " ومن يتولَّ اللَّه ورسوله و الَّذِين آمنُوا " يَكُنْ من حِزْب الله الغَالِب) . ( أنظر : الدر المصون في علم الكتاب المكنون 1/ 2062، اللباب في علوم الكتاب ، 7/ 396 - 397 ، الكشاف ، للزمخشري 2 / 38 ) . روى ابن أبي حاتم ، و ابن جرير قول ابن عباس ، في قوله تعالى ( إ ِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) الآية 55 المائدة ( قال : يعني من أسلم فقد تولى الله ورسوله والذين آمنوا ) . ( أنظر: الدر المنثور للسيوطي 5 / 130) . وينغي التنبه إلى أنه وإن كان لفظ هذه الآية في صورة تقرير الولاية ، إلا أن القصر المستفاد من (إنّما) هو قصر صفة على موصوف قصراً حقيقياً . ومعنى كون الّذين آمنوا أولياء للّذين آمنوا أنّ المؤمنين بعضُهم أولياء بعض ، كما في الآية رقم 71، التوبة . وأما قوله تعالى " وليّكم الله و رسوله " فهو خبر مستعمل في معنى الأمر) أ. هـ أي : والوا الله و رسوله . أنظر : التحرير والتنوير، 6/ 239 . وقال الحلبي ، وابن عادل الحنبلي (" إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ " مبتدأٌ و خبرٌ، و"رسولهُ " و" الذين" عطفٌ على الخبر. قال الزمخشري : قد قالَتْ جماعةٌ فهلاً قيل : إنما أولياؤُكم . وأجاب َعنه : بأنَ الوِلايةَ بطريقِ الأصالةِ لله تعالى ، ثم نَظَّم في سلكِ إثباتها لرسوله وللمؤمنين . ولو جيء به جمعاً فقيل : " إنما أولياؤُكم " لم يكنْ في الكلامِ أصلٌ وتَبَعٌ" .( أنظر: الدر المصون في علم الكتاب المكنون ، 1/ 2062، اللباب في علوم الكتاب ، 7/ 396 - 397 ، الكشاف ، للزمخشري ، 2/ 38) . أما الحزب الثاني فهو حزب الشيطان . وهم أولياؤه . وينتمي لهذا الحزب كل من لم يؤمن بالله تعالى ، وأشرك به سواء علم بذلك أم لم يعلم . فكل واحد من بني آدم ينتمي حقيقة لواحد من هاذين الحزبين لامحالة . لأنه ليس في دين الإسلام حزب ثالث البتة . وقد أوضحت آيات كثيرة أن المؤمنين بالله تعالى وبرسوله هم اولياؤه . منها على سبيل المثال لا الحصر: قوله تعالى(اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) من الآية 257 البقرة . وقوله تعالى ( وَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِير) 40، الأنفال . وقوله تعالى ( لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ - - - أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الآية 22، المجادلة . كما أوضحت آيات عديدة أن الظالمين ( والمشركين و الكافرين عموماً) هم حزب الشيطان الموالين له، لقوله تعالى ( وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) من الآية 254، البقرة . فمن تلك الآيات قوله تعالى ( اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ) رقم 19، سورة الممتحنة . وقوله تعالى ( وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ) الآية رقم 19، من سورة الجاثية . وقوله تعالى ( حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ، وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ) الآية 31، سورة الحج . ومثلها الآية ( إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ) الآية 100 ، سورة النحل ، ( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ) الآية 42 ، سورة الحجر. ولذلك فإن الله تعالى لما ذكر موالاة بعض الناس لإبليس وذريته، مع علمهم بأنهم أعداء لهم سمى ذلك " استبدالا" وقبحه، في قوله سبحانه ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا) الآية 50 ، الكهف . وقوله تعالى ( وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ) الآية 19، الجاثية) . يوضح تضاد الحزبين . تاسعاً : إن في كتاب الله تعالى عدة آيات بينت الأحكام التي تضبط نوع وشكل ومضمون علاقات المسلمين مجتمعات وأفراداً - بغيرهم (أي بالكافرين) ، وكذلك في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم . ونظراً لكون الكافرين بالله تعالى ليسوا جميعاً على ملة واحدة . بل ينقسمون إلى ملل وعقائد مختلفة . فمنهم الكتابيون ، و هم اليهود ، والنصارى ، ومنهم الوثنيون ، ومنهم المشركون وغيرهم . ولما كان من فئات الكفار عموماً: معاهدين للمسلمين ، وغير معاهدين . ومنهم أهل ذمة يعيشون في بلاد المسلمين تحت حكمهم ( أي في بلد إسلامي . تكون أغلبية أهله الساحقة مسلمين) ومنهم محاربين للمسلمين. فقد جاءت في عدد من آيات كتاب الله تعالى أحكاماً عديدة بشأن علاقات المسلمين بكل فئة منهم. إلا أن أهم مقصدين شرعيين يضبطان كل تلك الأحكام هما عقيدتي الولاء والبراء . فبينت تلك الزمرة من الآيات الكريمة ، وكذلك بعض الأحاديث النبوية الشريفة ، أوامر ونواهي تتعلق بالأحكام الشرعية الضابطة لعلاقات المسلمين بكل فئة من فئات الكافرين . وليس هذا مقام استقصاء تلك الأحكام . وهي مفصلة بكتب الفقه . فمن تلك الآيات على سبيل المثال لا الحصر : قوله تعالى ( وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ) من الآية رقم 5، من سورة المائدة . وقوله تعالى ( إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) الآية 4، التوبة . وقوله تعالى ( وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ) الآية 6، التوبة . وقوله تعالى ( كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللَّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) من الآية رقم 7، من سورة التوبة . وقوله تعالى ( إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا) من الآية 28 ، التوبة . وعلى سبيل المثال قول النبي صلى الله عليه وسلم ( إنَّا لَا نَسْتَعِينُ بِمُشْرِك) . رواه مسلم في صحيحه ، وأصحاب السنن ( أنظر: فتح الباري 16 / 226) ، وأحمد في المسند عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها مرفوعاً للنبي صلى الله عليه وسلم . وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة برقم ( 2822). وهناك أحكام تشمل غير المسلمين مع أنها ليست خاصة بهم وحدهم ، بل يستوي فيها المسلم وغيره. كما في قوله تعالى ( مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) من الآية 32، المائدة . عاشراً : كما أن خواتيم الآيات - التي أوجبت على المسلمين تولي الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وإخوانهم المؤمنين - تضمنت بياناً لمشهد الحياة متأثرة بالنتائج الإيجابية لامتثالهم لما أمرهم الله تعالى به وأوجبه عليهم من الولاء للمؤمنين ، والبراءة من غيرهم . منها على سبيل المثال الآيات ( 56 المائدة ، والآية 71 التوبة ، والآيات 62- 64، يونس) . وبينت الآيات في المقابل صورة الحياة متأثرة بالنتائج السلبية لمخالفتهم وعصيانهم ما اوجبه الله تعالى على المسلمين من الولاء لإخوانهم المؤمنين ، والبراءة من الكافرين أفراداً، وجماعات . تركت إيراد أكثرها تجنباً للإطالة . وبعد كل ما تقدم أود أن أختم هذه السطور بالتأكيد على شديد أهمية رابطة الولاء والأخوة بين المؤمنين بالله ربا وبالإسلام ديناً و بمحمد بن عبدالله صلى الله عليه و سلم نبياً و رسولا لهم من ربهم الثابتة بقوله تعالى ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)الآية71، التوبة . وقوله تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) من الآية 10، الحجرات . وأن حفاظهم على بقاء هذه الرابطة وقوتها من أهم أسباب سعادتهم في الدنيا، وفلاحهم في الآخرة . وهي أهم حاجز يقيهم من محاولات أعدائهم اختراق صفوفهم ،لإخضاعهم . فتكاتفهم وتعاونهم على إقامة دين الله تعالى هو الكفيل بإخضاع عدوهم لعزتهم بدينهم ، كما كانت عليه القرون الأولى للإسلام . قال الشنقيطي ( ولا يخفى أن أسلافنا معاشر المسلمين إنما فتحوا البلاد ومصروا الأمصار بالرابطة الإسلامية ، لا بروابط عصبية ، ولا بأواصر نسبية ) . ( أنظر :أضواء البيان 12 / 68) . " إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ " الآية 37، سورة ( ق) . والحمد لله رب العالمين . |
#2
|
|||
|
|||
سلمت يداك وما خطهُ قلمك إستاذنا الفاضل على الموضوع الراقي و المفيد وجزاك الله خيراً تقبل مروري مع إحترامي و تقديري. و جعل الله كيد أعداء الدين في نحرهم. |
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
أخي المسلم هل تصدق أن الشيعة يكذبون القرآن ويعتقدون بصلب المسيح | MALCOMX | الشيعة والروافض | 100 | 2015-03-21 08:29 PM |
موقف المفسرين من الايات الكونيه في القران الكريم القران يحض علي تدبر اياته ومعانيه | طالب عفو ربي | الإعجاز فى القرآن والسنة | 1 | 2013-12-26 10:43 AM |
بروتوكولات حاخامات قم | عدو الروافض | الشيعة والروافض | 0 | 2010-09-15 04:15 PM |
الشيعة في اليمن...هام جدا | بنت المدينة | الشيعة والروافض | 19 | 2010-01-24 09:50 PM |
"تارك التقية كتارك الصلاة"...؟ ادخل وشوف | بنت المدينة | الشيعة والروافض | 3 | 2009-12-06 01:10 AM |