جديد المواضيع |
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
الترادف في القرآن الكريم بين إنكاره وإثباته
الحمد لله تعالى منزل الكتاب وهازم الأحزاب ، وصل اللهم وسلم وبارك على سيد الأحباب عالي الهمة رفيع الجناب ، وعلى آله جميعاً والأصحاب ،، أما بعد
فقد كتب أ/ زياد السلوادي مقالاً بعنوان (لا ترادف في القرآن .. وهو إساءة كبرى لكتاب الله العظيم ودعوة لعدم التدبر والكسل العقلي) . جاء فيه قوله (الترادف إساءة لكتاب الله العظيم ، واختلاف المبنى يؤدي حتما إلى اختلاف المعنى . ولكل كلمة دلالاتها . فكل كلمة تضيئ جانب معين من المعنى . ولو كانت الظالمون هي ذاتها الكافرون وهي ذاتها الفاسقون لأصبح القرآن العظيم أربع صفحات ونص) أ. هـ وقوله ( الترادف يعني أن توجد كلمتين أو أكثر تختلفان بالمبنى اللغوي ، ولكن يزعم بعضهم إنهما يتشابهان في المعنى !!! مثل " القول والكلام والنطق واللفظ " وغيرها ...الخ) أ. هـ وقد أخطأ أ/ زياد فيما قال ، حيث ذهب إلى أن اختلاف المبنى بين كلمتين مترادفتين أو أكثر يؤدي حتماً إلى" اختلاف " المعنى . وفيما يلي بيان وجه الخطأ فيما ذهب إليه : أولاً: إن أوثق مصدر يمكن أن يستمد منه المسلمون المعنى الصحيح والدقيق للترادف هو الذي يدل عليه لفظه الوارد في آيات القرآن الكريم . وقد وردت بعض مشتقات لفظ الترادف في ثلاث مواضع منه فقط . وكلها دلت على معنى" التقارب ". لا على التطابق التام . ولا على التشابه . لأن التشابه بين شيئين قد تصل شدته إلى التطابق بينهما . أما الكلمة التي استعملها السلوادي وهي كلمة (اختلاف) فهي بهذا الاطلاق تحتمل وجود فارق الكبير بينما، وهو ضد معنى التقارب الذي يدل عليه لفظ " الترادف". فلو أنه قال (بعض الاختلاف) لأصاب المعنى الصحيح للترادف . وفيما يلي ذكر المواضع التي وردت فيها مشتقات لفظ الترادف في القرآن الكريم: 1 - في قوله تعالى ( قل عسى أن يكون رَدِفَ لَكُم بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ )72 ، النمل . أي : دنا و قَرُب و أَزِفَ . فبهذا المعنى فسَّر ابنُ عباس رضي الله عنهما، لفظ ( ردف ) ، وقاله كذلك عامة المفسرين .(أنظر : الترجمان والدليل لآيات التنزيل ، للشنقيطي ، ( الراء مع الدال) ، ص 97 ، والدر المنثور للسيوطي ، 10 / 321 ، الدر المصون في علم الكتاب ، للحلبي ، 1 / 4553 ، الكشف والبيان للنيسابوري ، 7/ 221، ، تفسير البغوي ، 6 / 175، تفسير الألوسي ، 15 / 30 ، التفسير والمفسرون ، للذهبي ، 2 / 15، اللباب في علوم الكتاب ، لابن عادل الحنبلي ، 15 / 195) . وقال الزمخشري ( أي القيامة التي يستعجلها الكفرة استبعاداً لها، وهي رادفة لهم لاقترابها ) أ . هـ ( أنظر : الكشاف ، 7/ 225 ) . وقال ابن كثير ( وهذا هو المراد بقوله تعالى ( وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ، قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا) 51 ، الإسراء ( أنظر: تفسير القرآن العظيم 6 / 309) . 2 ـ وفي قوله تعالى ( يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ// تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ ) 6 و7 النازعات . قال سيد طنطاوي ( والمراد بالرادفة : النفخة الثانية ، التي تردف الأولى أي: تأتى بعدها) . ( أنظر الوسيط 1/ 4425) . 3 ـ وفي قوله تعالى (أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ ) الآية 9 ، الأنفال . قال ابن كثير( مُرْدِفِينَ) أي متتابعين بعضهم على أثر بعض . ( أنظر: تفسير القرآن العظيم ، 4/ 20). قال الرازي كل شيء يتبع شيئاً فهو ردفه . ( مختار الصحاح ، مادة ( ردف) ، ص 101) . فالصواب إذاً أن معنى الترادف في اللغة هو الدنو والقرب سواء كان مادياً ، أو معنوياً . لأن هذا هو معناه الذي دلت عليه الآيات الكريمة . ولم يأت لفظ ( الترادف) في الآيات للدلالة على معنى التطابق ، كما قال أ/ زياد ، وغيره . قال ابن تيمية ( قَلَّ أن يعبر عن لفظ واحد، بلفظ واحد يؤدي جميع معناه. بل يكون فيه تقريب لمعناه. وهذا من أسباب إعجاز القرآن) أ. هـ ( أنظر: تفسير ابن تيمية الحراني ، 2/ 219) . ثانياً : وقد تسبب خطأ فهم أ/ زياد - وغيره - للمعنى الصحيح للترادف في تهجمهم على من خالفوهم . فانهالوا عليهم بالانتقاد والتشنيع ، ونسبوا إليهم قول ما لم يقولوه . فنسبوا إلى مخالفيهم أنهم يقولون بأن (الكلمتين - أو أكثر - المختلفتين في المبنى قد تتشابهان في المعنى) . مع أن مخالفيهم في الحقيقة - وأنا منهم - لم يقولوا بذلك . لأن التشابه بين شيئين قد يصل إلى حد التطابق بينهما . وهم : لا يقولون بهذا . بل يقولون بأن الكلمتين أو أكثر المختلفتين في المبنى لا يصح اعتبارهما مترادفتين إلا إذا كان بينهما تقارب في المعنى . لا تطابقاً تاماً فيه . فليت أ/ زياد، وموافقيه الرأي احتفظوا بفهمهم الخاطئ للترادف لأنفسهم . بل قد تعدوا هذه المرحلة : بأن اعتبروه عيباً يقدح في الكلام فلا يصح القول بوجوده في كلام الله تعالى . لأنه يعني الانتقاص من بلاغة نظمه، وأنه يطعنها في الصميم . في حين أن الترادف من محسنات البديع التي تضمنها نظم آيات كتاب الله المجيد بالفعل . لا أن يعتبر الترادف نقيصة يسعى المسلمون لتنزيه كلام الله تعالى عنها . هذا وقد أضافوا لهجومهم أمراًً آخر : ألا وهو اعتبارهم أن القول بوجود الترادف في كتاب الله تعالى هو بمثابة دعوة لعدم التدبر الناجم عن الكسل العقلي . والجواب عليه على النحو التالي . ثالثاً : الحقيقة أن الإقرار بوجود الترادف (بمفهومه الصحيح (التقارب في المعنى بين المترادفات المختلفة في المبنى) في آيات التنزيل الحكيم يشكل عبئاً إضافياً يقع على كاهل كل من يسعى لتدبر الآيات الكريمة تدبراً صحيحاً . لأنه يزيد من القدرة البيانية للكلام . فهو يزيد من دقة أداء الألفاظ المترادفة للمعاني المتقاربة ، لكون يؤدي دوراً أساسيا في التفريق بينها في المعاني . إن دقة الفروق بين الألفاظ المترادفة في دلالاتها على المعاني قد تجعل تلك الفروق لا يظهرها إلا سياق الكلام الذي يتضمنها . كما في سياق الآية رقم (106) من سورة الشعراء التي أظهر سياقها أن هناك فرقاً في المعنى بين فعلي ( جاء ، وأتى) في قوله تعالى على لسان فرعون مخاطباً رسول الله موسى عليه الصلاة والسلام بقوله (إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) . فتبين من السياق أن (المجيئ) يدل على الحضور من بعيد ، وأن ( الإتيان) يدل عليه أيضاً ، لكن من قريب . ففعلي (جاء ، وأتى) في هذه الآية مترادفين لاختلافهما في المبنى وتقاربهما في المعنى . فكلاهما يدل على معنى الانتقال إلى المكان الأقرب . وينبغي التنبيه إلى أن الإقرار بحقيقة وجود الترادف في آيات القرآن الكريم من شأنه إُلزِام المتدبر لآياته ، بمزيد من البحث في مصادر اللغة العربية والأدب العربي ومراجعهما نثراً ، وشعراً للعثور على الفروق في المعاني بين الألفاظ المترادفة ، مهما كانت تلك الفروق دقيقة . ليتبين للمتدبر لكلام الله تعالى سبب اختيار كلٍ لفظ منها تحديداً - في الموضع الذي ورد فيه من الآيات الكريمة - دون غيره من مرادفاته المقاربة لمعناه . فتمكنه من معرفة سبب استعمال لفظ دون غيره ، تزيد من صواب ودقة إدراكه للمعني العام المراد من سياق الآية الكريمة (أي على زيادة معرفة أبعاد دلالة النظم) . مما يساعد على فهم أعمق ، واوضح لكامل السياق . وفي المقابل فإن نفي حقيقة وجود الترادف في آيات كتاب الله تعالى يمثل عقبة مفتعلة (أي مصطنعة) تعترض طريق المتدبر للآيات الكريمة. فالذي ينفي وجود الترادف في الآيات سيلجئه ذلك إلى أن يعمل العقل ويحكمه في استنباط دلالات النصوص ، كبديل عن التوجه للبحث في مصادر اللسان العربي لمعرفة الفروق الدقيقة في المعاني بين الألفاظ المترادفة ، من أجل اجتياز العقبة التي اصطنعها بنفسه . لأن الله تعالى يقول تعالى ( بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ) 193، الشعراء . ومعلوم أنه إذا تم تحكيم العقل في شأن لا ينبغي استعماله فيه أصلاً ينتج عنه حتماً إفساد ذلك الشأن . لأن عقول الناس تجاذبها الأهواء . فلا يؤمن منها ارتكاب التحريف اتباعاً لأهواء النفوس . بخلاف مرجعية اللغة في معرفة دلالات الألفاظ على المعاني ، فهي منضبطة و ثابتة ، وموثوق بها . فالسبيل الأصوب لتدبر آيات كتاب الله تعالى لفهمها فهماً صحيحاً، إنما هو سبيل اللغة ، وليس العقل . ولكنه يأتي في المرتبة الثانية . لأن المرتبة الأولى في بيان معاني ألفاظ و دلالات سياق (أي معاني ومقاصد نظم) آيات كتاب الله تعالى - إنما تختص بها السنة المشرفة . فما صح من أحاديثها الشريفة هي التي ينبغي اتخاذها المصدر الأول لبيان معاني السياق ، وألفاظه . فكلما وجد المتدبر حديثاً صحيحاً يبين معنى أي آية كريمة ، أو أي لفظ من ألفاظها، فهو المرجع الأول في بيان المعاني ، والمقاصد والدلالات لمعاني نظم الآيات وألفاظها . لأن الله تعالى يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُون) 44 ، النحل . فأسند سبحانه إلى رسوله محمداً - صلى الله عليه و سلم - مهمة البيان و كلفه بها . وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً - - - - وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِيِ) . رواه أحمد في مسنده ( 3/ 387) ، وأبو يعلى والطبراني في الأوسط ، من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما . قال الحافظ ابن حجر في " الفتح" (13 / 284) " رواه أحمد ، وابن أبى شيبة ، والبزار ، ورجاله موثقون ، إلا أن في مجالد ضعفا ". وقال عنه الألباني ( الحديث قوي " فإن له شواهد كثيرة " وذكر ثلاثاً منها . ( أنظر إرواء الغليل ، 6/37) . قال العدوي ( لابد من استحضار سنة النبي عليه الصلاة والسلام عند تأويل الآيات ، حتى لا نذهب مذهباً بعيداً في التأويل ، بناء على ظواهر الآيات ، مع إغفالٍ لسنةِ النبي عليه الصلاة والسلام ، ولعمومات الشرع في هذا المقام) أ. هـ ( أنظر: سلسلة التفسير لمصطفى العدوي ، 26/ 4). وحيث أن اللغة العربية تمتلك أكبر رصيد من جذور الكلمات ، إضافة لمرونة وسعة أوزانها التي تتيح رحابها مجالاً هائلاً من الاشتقاقات المنتمية لجذور الكلمات . ولهذا هي تمتلك أوسع مخزون من الألفاظ المترادفة . وبسببه هي أغنى وأقوى لغات العالم . و هذه حقيقة لا ينكرها إلا جاهل ، أو جاحد . وبالتالي فهي- دون شك - أكثر لغات العالم قدرة على التعبير البليغ المبين المفهم ، وعلى التمييز لفظيا بين الفروق الدقيقة جداً، والحساسة بين المختلفات سواء في الماديات المحسوسة ، أو في المعنويات المجردة . فسعة جعبتها - من الجذور وأوزانها، وأساليب التعبير المختلفة - تؤهلها للهيمنة باقتدار على شطري العلوم النظري ، والعملي . فثراء هذه اللغة يزيد من قدرة مستعملها على اختيار اللفظ الأدق والأنسب ن بل والأليق للدلالة على كل معنى بذاته . فتميزه عن غيره بدقة متناهية مع بلاغة مذهلة . كدقة أداء لفظ ( التقمه) مثلاً في قوله تعالى ( فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ ) 142، الصافات . ففعل (الالتقام) يختلف بعض الاختلاف عن لفظ (الأكل) وعن (الابتلاع) و غيرها . ففعل (التقم) يصف سرعة الإدخال إلى الفم أ.هـ (أنظر: التحرير والتنوير، للطاهر بن عاشور ، 7/ 226 . والترجمان والدليل لآيات التنزيل ، " اللام مع القاف " ، ص 308) . وأداة الالتقاط هي مقدمة الفم ، وهي الشفتين . فالالتقام يطلق على تناول الطفل ثدي أمه بشفتيه ليمصه فيحصل منه على اللبن . وهذه الصفات في فعل (الالتقام) لا تنطبق على مرادفاته . ففعل (الأكل) يدل على تناول الطعام بقضمه بالأسنان . وهذا ما لم يفعله الحوت بيونس عليه الصلاة والسلام . بدليل قوله تعالى ( فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ) 145، الصافات . ومعلوم أن السقيم ليس متقطعاً بالأسنان . أما (الابتلاع) فهو تمرير الطعام لداخل الفم بدون استعمال الشفتين . وقد ذكر الماوردي أن ابن عباس قال ( أوحى الله تعالى إلى سمكة يقال لها اللخم من البحر الأخضر أن شقي البحار حتى تأخذي يونس ، وليس يونس لك رزقاً ولكن جعلت بطنك له سجناً ، فلا تخدشي له جلداً ولا تكسري له عظماً) أ.هـ ( أنظر النكت والعيون ، 3/ 475) . ومع أن هذه الرواية قد لا تكون صحيحة إلا أن مؤدى معناها صحيح . ففي اختيار لفظ (التقمه) بالذات غاية الدقة في وصف ما جرى كما حصل تماماً . هذا من جهة . ومن جهة أخرى فلإيضاح مدى سعة مخزون لغة الضاد من جذور المترادفات مختلف المباني مع تقارب المعاني عن غيرها من اللغات : أمثل : بالماء النازل من السماء . ليس له في اللغة الإنجليزية سوى اسم واحد( أي مفردة واحدة فقط تدل عليه) هي (Rain) . أما في اللغة العربية فإن له أسماء كثيرة تدل عليه منها : الغيث ، الوابل ، الصيب ، الطل ، الهتان ، القطر ، الندى ، الهطل ، الحيا ، البرد - - - الخ . ولكن دلالات هذه المترادفات ليست متطابقة في أدائها للمعنى تطابقاً كاملاً. بل بينها فقط تقارب فيه . فكل واحدة منها تدل على صفة معينة من صفات ماء السماء . من حيث ( كميته ، أو حالته ، أو كيفية نزوله ، أو سرعة نزوله، أو تصنيف أثره " النفع ، أو الضرر"، أو درجة حرارته - - الخ ) مع اشتراكها جميعاً في الدلالة على أنه الماء النازل من السماء . فمن استعمال بعضها، قوله تعالى ( وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) 265، البقرة . وقوله تعالى ( أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَ رَعْدٌ وَ بَرْقٌ) 19، البقرة . فلا جرم أن هذا الثراء الكبير في مواد اللغة ، واشتقاقاتها يعتبر أهم وسائل دقة التوصيف ، ووضوح التعبير عن الفروق بين الأمور، والأشياء التي يجمعها بعض الشبه من بعض الوجوه ،مع اختلافها من وجه ، أو من وجوه أخرى . ولعل هذا سبب اختيار العليم الحكيم سبحانه وتعالى هذه اللسان العربي المبين لإنزال كتابه الخالد به ، مخاطباً خلقه جميعاً لهدايتهم إلى قيام الساعة. هذا اللسان الذي بلغ الغاية في قوة الأداء ، وبلاغة البيان . قال تعالى (بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ ) 195، الشعراء . وقال تعالى (وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا) 63،النساء . وقد بين الله تعالى أن سبب إنزاله كتابه الكريم باللسان العربي ، بأنه الأرجى للتعقل (أي للفهم) بقوله سبحانه ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) 2، يوسف . لذا فإن خطورة نفي أو إنكار وجود الترادف في آيات التنزيل الحكيم تكمن في أنه يفتح الباب على مصراعيه لإعمال العقل - كما أسلفت - في موضع عمل اللغة ، أي بدلاً منها . ومصادر اللغة هي وسيلة المتدبر للتعرف على الفروق الدقيقة في المعاني بين الألفاظ المترادفة . ومن أمثلة بيان السنة المشرفة لمعاني ألفاظ ، ومقاصد آيات التنزيل الحكيم ما روي في الصحيحين عن ابن مسعود: أنه لما نزل قوله تعالى (الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ) 82 ، الأنعام ، شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقالوا: أينا لم يظلم نفسه ؟ . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس هو كما تظنون . إنما هو كما قال لقمان لابنه (يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم) 13، لقمان . متفق عليه . ( انظر : الجمع بين الصحيحين ، لعبدالحق ، 1/ 84) . فبين لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المقصود بالظلم في هذه الآية هو الشرك بالله تعالى تحديداً . وكبيانه صلى الله عليه و سلم لمعنى كلمة "وسطاً " أنه " عدلاً " فقد روى سعيد بن منصور ، وأحمد ، والترمذي ، والنسائي وصححه ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن حبان ، والحاكم وصححه عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا) 143، البقرة ، قال (عدلا) . هذا بيان ما اهتديت إليه . والله تعالى أعلى وأعلم . والحمد لله رب العالمين . |
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
شيعة اليوم ..... خوارج الأمس | مسلم مهاجر | الشيعة والروافض | 6 | 2014-01-22 07:48 PM |
رد شبهات السنه حول الشيعه | الحسيني بشار | الشيعة والروافض | 51 | 2010-05-06 10:14 PM |
الشيعة في اليمن...هام جدا | بنت المدينة | الشيعة والروافض | 19 | 2010-01-24 09:50 PM |
حقيــقــة اتــهام الشيعــه لأهل السنــه بالتحـــريف | بنت المدينة | الشيعة والروافض | 0 | 2009-12-09 02:11 PM |
اليمن.. صراع على السلطة ام حرب شيعيه؟ | بنت المدينة | الشيعة والروافض | 17 | 2009-11-25 03:40 AM |