جديد المواضيع |
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
ظاهرة ألقرآنيون وحقيقتها ..........
https://ar.wikipedia.org/wiki/قرآنيون#.D9.84.D8.A7_.D9.86.D8.A7.D8.B3.D8.AE_.D9. 88.D9.84.D8.A7_.D9.85.D9.86.D8.B3.
يدور هنا حوارات مع ألقرآنيين (منكروا ألسنة) ولعل ألقارىء ألكريم يسأل من هم ألقرآنيين فوددت بأن أبين للقارىء ألكريم بهذه ألطروحات وألبحوث ألمقتبسة لتكن توضيحا مفصلا ورد على تساؤلاته وألبقية تأتي بعون ألله تعالى ....... |
#2
|
|||
|
|||
قال رسولنا ألكريم محمد صلى ألله عليه وسلم (صلوا كما رأيتموني أصلي ) .
ونحن نعرف بأن صلاة ألمسلمين هي إتباع لسنة رسولنا ألكريم صلى ألله عليه وسلم وإليكم صلاة ألقرآنيون كما يشرحها أحد ألقرآنيون : https://www.youtube.com/watch?v=DVzO3L3j46g |
#3
|
|||
|
|||
|
#4
|
|||
|
|||
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لك أخي ابن الصديقة عائشة على فتح مثل هذا الموضوع.. ولعله من المناسب هنا...وبعد أذنك أن اشاركك هذا البيان...حيث انني حاورتهم كثيرا ليس في هذا المنتدى فقط وانما في منتديات آخرى.... وبالتالي أريد أن الفت نظر جميع الاخوة الافاضل الى نقاط رئيسية عن ما يمسون انفسهم بالقرآنيين... 1) أنه لمن الأنسب والأصح تسميتهم ((بمنكري السنة))...أو ...بالأصح أكثر وأكثر مبغضي التراث الأسلامي...وذلك لأن القرآن هو (آخر همهم) ... 2) إدعائهم أن حركتهم هذه لها اصول تاريخية بالإشارة الى المعتزلة والخوارج...إدعاء كاذب ..فالخوارج والمعتزلة وبالرغم من مساؤهم فهم ليسو منكرين للسنة وليسو مبغضين للتراث...وأنما لهم وجهة نظر منحرفة...وأن هذا الإدعاء (اي الجذور التاريخية) ادعاء باطل يريدون من خلاله اضفاء صفة غير مستحقة لانفسهم.!!!!و كمثل قولهم أن عمر بن الخطاب كان يمنع كتابة الحديث!!! 3) إدعائهم أنهم يحترمون الصحابة ...إدعاء كاذب...فالصحابة هم ((الهدف الغير معلن)) ... فأنكارهم للفتوحات الإسلامية صريح وواضح جدا...والفتوحات حدثت قبل البخاري ومسلم...وما البخاري ومسلم إلا ((شماعة)) أو بالآحرى وكما يقال في المثل الأردني ((الحيطة الواطية)) أي بمعنى أنهم لا يجرؤن على سيرة ابو بكر ((تحديدا))..ولكنهم يجرؤن على سيرة البخاري ومسلم...وهذا التافه احمد منصور بدأ يفصح عما في قلبه وله مقال يسمى : المسكوت عنه في سيرة عمر بن الخطاب..ثم بالتالي ليصل الدور الى ابو بكر الصديق 4) يكثرون من عرض احاديث فيها شبهات لاظهار صحة معتقدهم ... علما بأن هذه الاحاديث يوجد مثلها في القرآن...فالحجر الذي جرى بثوب موسى...يوجد في القرآن حوتا اتخذ سبيله في البحر بعد ان كان ميتا...والبقرة التي تكلمت في الحديث...فالهدهد والنملة تكلمت في القرآن ايضا...وحديثهم عن بول البعير...فلما ذكرت لهم ان الطبيب ابن سينا ذكر ان بول البعير من الأدوية الشافية لنفس الامراض التي ذكرها الحديث لم يعقبوا وكأن ابن سينا اهم من الرسول... 5) مجاراتهم للغرب صريحه واضحة لا يختلف عليها اثنان...وهي ((الهدف المعلن)) ... فالقرآن دون التراث ...يمكن اعادة صياغته بما يتلائم مع هذا الهدف...فعلى سبيل المثال...منهم من يفسر (( ما ملكت ايمانكم)) ...الصديقات بالمفهوم العصري...ومنهم من يبيح الزنا بين الغير متزوجين ...ويجعله محرما بين المتزوجين...فكر غربي ((بحت)). وللحديث بقية...فهنالك الكثير والكثير... |
#5
|
|||
|
|||
اقتباس:
وعليكم ألسلام ورحمة ألله وبركاته أخي ألحبيب أحمد عبد ألحفيظ ........ تشرفني وتسعدني مشاركتك وألشكر موصول لشخصك ألمحترم لإهتمامك في هذا ألموضوع لتثريه بمعلومات قيمة ومهمة لتعريف ألقارىء ألكريم بحقيقة منكري ألسنة كما أسلفت حظرتك ....... كنت أحاور ألرافضة وهم يسيئون للرسول صلى ألله عليه وسلم بصورة مبطنة من خلال ألطعن بصحاته وزوجاته رضي ألله عنهم أجمعين ولكن كنت أتصفح طروحات منكري ألسنة فوجدت ماهو ألعن من ذلك فهم يسيئون ألى الرسول صلى ألله عليه وسلم مباشرة بانكارهم لسنته ألشريفة وألمطهرة وهذه هي ألطامة ألكبرى من خلال التبرقع باسم ألإسلام ومن خلاله ألطعن بمن أتى لنا بالقرآن وجزاك ألله خير ألجزاء |
#6
|
|||
|
|||
السلام عليكم ورحمة الله وبركانه
اقوال الناس لا تعتبر حجة على الكتاب الا من اتى بالايات شارحا لنا دون اختلاف اثبت لنا بالايات صحة مذهبك بشرحك او مفهومك وعلمك ودراستك نورنا الله ينور عليك .. ما تضعه لنا الان لا يعني ان ما تتبعه صحيح انما فقط تزيين لعدم اتباع القران كلمة قرانيين تعني اتباع الكتاب ولا تعني مذهب حتى تعمم للناس هذه الافكار وكلنا نعلم ان هؤلاء لا يمثلون الا انفسهم اخطؤا احيانا واصابوا احيانا رجاءا افصل بين الكتاب وبين افعال واقوال بعض البشر احمد عبد الحفيظ احمد غيث يكثرون من عرض احاديث فيها شبهات لاظهار صحة معتقدهم عندما نعرض حديث فيه شبهة فهذا هو منهجكم لم ناتي بافكار شيخ او عالم او حتى شخص من هنا او هناك انما حديث متواتر اولا تؤمن بالتواتر ؟ الا تؤمن بالصحيح والضعيف الا تؤمن بعلم الرجال والثقاة وعلم الجرح والتعديل ... لماذا الغضب اذا ؟ ثانيا عرض الحديث يكون على القران .... ان كنت تبحث عن ما يوافق القران فلم الاعتراض ؟ لكن عندما تعرض لي اقوال صبحي منصور فهو لا يمثلني ولا يمثل طائفة معينة ولا نؤمن به ايضا انما رجل اجتهد فقط والله اعلم ما في قلبه الست صاحب حق ؟ اذا فاعرض الايات وبين لنا اخطائنا وما هو الصحيح جزاك الله الف خير حديث سحر الرسول عليه الصلاة والسلام الا يثير الشبهات حوله ؟ الرجم وقتل المرتد الا يثير الشبهات بما يوافق القران ... غيره وغيره ؟ بول البعير الا يثير الشبهات ؟ اما اتباع الغرب فانت ادرى بذلك اكثر مني عندما يوافق العلم شيئ معين من الحديث وافقتهم وعندما العلم يوافق اية معينة جاء بها اهل القران رفضت ذلك فمسالة الغرب مسالة مزاجية متغيرة دعك منها الله يهديكم وايانا |
#7
|
|||
|
|||
اقتباس:
الاخ محمد7788 لنبدأ بنقطة واحدة مما اثرته حضرتك... المنكرة يثيرون شبهات في أحاديث وينكرونها لسبب معين....((ركز معي)) ولا تتشتت كعادتك...نقول ونعيد ينكرونها لسبب معين...وبالتالي فمن المفترض ولنفس السبب أن ينكرون مثلها وقد ورد في القرآن... هل وصلت الرسالة أم لا؟؟؟؟!!!!!! يعني ينكرون الحديث الذي جاء فيه عن ((تكلم)) البقرة...بسبب ((غرابة أن البقرة تكلمت)).... حسنا ..إلا يوجد مثل ذلك في القرآن...الهدد والنملة...ولا تقل لي ((مجاز))...أوليس الله قادر على كل شيء ...!!! |
#8
|
|||
|
|||
اقتباس:
ما تسميهم المنكرة نحن لا نعرفهم و من هم ومن يكونون هل هم فعلا مسلمين ام لا هل هم فعلا يريدون الحق ام الفتنة هل هم فعلا قراو الكتاب ام مجرد ادعاء لعل يكون منهم نصارى او غير ذلك و تاكد من ذلك فلذلك نحن لا نهتم بالمسمى او بما يقول فلان ... ان كان فعلا مسلما اراد اتباع الكتاب فلياتي بالايات ويشرح بما اجتهد ودرس وغير ذلك مرفوض اما عن حديث البقرة او غيره ذلك من ما هو متواتر لعل يكون صحيحا ولكني لا اهتم بمظمون الحديث اكثر من اهتمامي لمضمون طريقة التوثيق في النقل وذلك لاسباب يجب ان تعرفها 1-عدم اللجوء للكتاب واللجوء الى علم اخر 2- فهم القران بطريقة غير صحيحة 3- القياس وامور اخرى كثيرة يعرفها اغلب من قرا القران بتمعن وتدبر بدون تحيز اقرا الكتاب واخبرنا ماذا تجد ... اوليس مصدرنا الاول اقرا ما المانع انا شخصيا لا اعرفك ولا اعرف احدا هنا فاقرا الكتاب وفيدنا برايك هذا اغلب ما يعترض عليه اهل القران ولتلك الاسباب التي ذكرتها تفتح مجالا للمنطق والعقل لان طريقة توثيق وتدقيق الحديث من عند البشر ولعل هناك اسباب اخرى يعلمها الله |
#9
|
|||
|
|||
اقتباس:
الاخ محمد7788 أن القرآن بلا شك ولا ريب هو المعجزة الخالدة في الأسلام...!!!!؟؟؟ روى مسلم في صحيحه عن عمر رضي الله عنه قال إني سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين وبلا شك أن اهل السنة والجماعة لم يشغلهم شيء أكثر من القرآن وعلومه... المشكلة يا عزيزي محمد7788 هي الزاوية التي ينظر منها المرء للإشياء وخذها مني نصيحة : كن على مراد الله منك...ولا تكن على مرادك أنت منه...!!!! فأن الله يعلم وأنت لا تعلم... فلما لا تغير الزاوية التي تنظر منها للامور....!!!! لو قال لك أحدهم أن حد الردة ضد نشر الاسلام وذلك لأنك لو اخبرت احد يريد اعتناق الاسلام بأنه سوف يقتل ان ارتد؛ فهذا سوف يمنعه من اعتناق الإسلام..... حسنا .... لو غيرنا الزاوية التي ينظر اليها الامر... وقلنا أن عرض حد الردة على من يريد ان يعتنق الاسلام....سوف يدفعة بالتأكيد على أن لا يدخل الإسلام إلا مقتنعا وواثقا... وهنا ((يهتم الاسلام بالنوعيةوليس بالعدد))...فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر!!!! ثم يا عزيزي ...يوجد آية تتوعد من يكفر بعد إسلامه بأن له عذاب اليم في الدنيا....وما هو العذاب الأليم في الدنيا.... وبفرض اننا لم نتفق على ان المراد بذلك هو القتل.... ولكن هل يمكنك القول ان هذه الآية تعارض حرية الدين: قال تعالى: { وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ } |
#10
|
|||
|
|||
( القرآنيون وشبهاتهم )
تأليف الفقير إلى الله رياض بن عبد المحسن بن سعيد بسم الله الرحمن الرحيم ( التعريف بهم ونشأتهم ): في أواخر القرن الثاني الهجري قام في الأمة من يدعو إلى إلغاء السنة بالكلية ، وعدم الاعتداد بها في مصدرية التشريع نتيجة للشبهات التي خلفها الشيعة والخوارج والمعتزلة. وقد ذكر الإمام الشافعي مناظرة جرت بينه وبين أحد أفراد هؤلاء ، وذلك في كتاب (جماع العلم ) المطبوع مع الأم (7/273). في باب ( حكاية قول الطائفة التي ردت الأخبار كلها). وهذه الطائفة تنكر السنة وقد ناظرهم الشافعي ، « وتتلخص حجة هؤلاء في رد الأخبار كلها في قولهم : 1- إن القرآن حوى بين دفتيه تبيان كل شيء وتفصيل ما تحتاج إليه الأمة ما لا يدع مجالاً للسنة في دين الله عز وجل . 2- إذا جاءت الأخبار بأحكام جديدة لم ترد في القرآن كان ذلك معارضة من ظني الثبوت وهي الأخبار – لقطعية القرآن ولا يقوى الظنى على معارضة القطعي البتة ، وإن جاءت مؤكدة ومؤيدة لحكم القرآن كان الاتباع للقرآن لا للسنة ، وإن جاءت مبينة لما أجمله القرآن كان ذلك تبياناً للقطعي الذي يكفر منكر حرف منه بظني لا يكفر من أنكر ثبوته . 3- تروى السنة عن طريق رجال لا يرتفع احتمال الكذب وخيانة الذاكرة عنهم ، فالسنة على هذا كلها لا تعدو مرحلة الظن والوهم» . أفاده الأستاذ خادم بخش في كتابه ( القرآنيون ص 94). وهذه الطائفة الذين ناظرهم الشافعي يذهب الدكتور مصطفى السباعي في كتابه( السنة ومكانتها في التشريع ) إلى أنهم معتزلة البصرة ، وخالفه الأستاذ خادم حسين بخش في كتابه ( القرآنيون ) (ص95) وذهب إلى أنهم الخوارج ، ولا أعرف ثمرة الخلاف ، فالمهم هو أن طائفة المبتدعة في القرن الثاني انكرت السنة ، وإن كان المرجح أنهم الخوارج . ومن المعلوم أن هذا الاتجاه لإنكار السنة لم يكن منتشراً في الأقطار بل وجد عند بعض الأفراد ولا يشكل ظاهر . هذا وبعد القرن الثاني لا نرى في كتب التاريخ والعقائد ومن ألف في الفرق والمذاهب ظهور هذه الفرقة وهذا المذهب واستمر الوضع هكذا أحد عشر قرناً على وجه التقريب ، كما ذكره الأعظمي في ( دراسات في الحديث النبوي ) (ص26). وفي القرن الثالث عشر الهجري ظهرت هذه الفتنة من جديد فكانت نشأتها في مصر وترعرعت وقويت في الهند. «إن الدعوة إلى الاعتماد على القرآن دون السنة في التشريع الإسلامي بدأت تغزو الهند منذ نهاية القرن التاسع عشر ، على إثر انتشار الأفكار التي بثها أعضاء حركة أحمد خان ، غير أن مفعولها سرى بشكل واضح في بنجاب بأواسط الهند الموحدة ففي سنة 1900م نهض من تلك البقعة غلام أحمد القادياني وأدعى النبوة ، ومنها في عام 1902م بدأ غلام نبي المعروف بعبد الله جكرالوي مؤسس الحركة القرآنية نشاطه الهدام ، بإنكار السنة كلها متخذاً مسجداً بلاهور مقراً لحركته تلك ، وقد تزعم حركة القرآنيين في بداية الأمر شخصيتان : محب الحق عظيم أبادي في بهار – شرقي الهند – وعبد الله جكر الوي في لا هور في آن واحد من منبع متحد» أفاده الأستاذ خادم بخش في كتابه ( القرآنيون ص 19-20) وقال في ص ( 21-24) : «ويمكننا القول في ضوء دراسة الظروف التي أدت إلى نشأة الحركة القرآنية بأن نشأتهم تعود إلى أسباب عديدة أهمها ما يلي :- 1- اتفقت المصادر التي بحثت عن نشأة القرآنيين وخروجهم إلى حيز الوجود ، أنهم الثمرة التي بذر بذورها أعضاء حركة أحمد خان. 2- الاستعمار بأساليبه المختلفة ومنها : أ*- تشجيع أهل الإسلام على الجهل في العلوم الدينية والعصرية مما نتج عنه فقدان العلم الصحيح بين الأوساط الإسلامية. ب*- شجعت الدولة المستعمرة جميع من يمد إليها العون حرصاً على بقائها في الهند بتقديم الأفكار والمقترحات ، ومن ثم منحها للأوسمة والمعونات لأولئك الأفراد ، وقد كان على رأس هؤلاء أحمد خان وأتباعه . ج- استغلال الدولة تربية بعض الأفراد من المسلمين وشحن أفكارهم لصالحها، وكان على رأس هؤلاء غلام أحمد القادياني وعبد الله جكر الوي وأتباعها. د- سياسة ( فرق تسد ) من ذلك إدخال بعض المعتقدات غير الإسلامية إلى الإسلام مما تسبب عنه تشطير الصف الإسلامي الموحد. 3- اغترار بعض الفئات الإسلامية بالنظريات العلمية و الأوروبية المنتشرة خلال النصف الأول من القرن العشرين ، وتفسير الحقائق الإسلامية على ضوءها ، والتوفيق بينها وبين الإسلام . وقد ترأس أتباع أحمد خان إيجاد هذا الانسجام، ثم تبعهم القرآنيون في هذا المسلك ، لوجود الصلة الروحية بين الفريقين. 4- ولعل السبب المباشر لنشأة القرآنيين بين المسلمين هو شعورهم بضرورة وحدة الصف الإسلامي ، والخلاص من الفرق المتعددة والمذاهب – من الحنفية والحنابلة والشافعية وجعلهم المسلمين تحت راية واحدة . وقد استغلت الدولة هذا الأمر وشجعت على المضي فيه». ويقول العلامة المحدث حبيب الرحمن الأعظمي في كتابه ( نصرة الحديث ص 17) وهو يتحدث عن نشأتهم : " إن فتنة إنكار الحديث في الهند قد أثارها- ظاهرة الأمر – عبد الله الجكر الوي البنجابي ، لكن الحق أنه قد غرس بذرتها قبله بكثير طائفة الطبيعيين ، أما عبد الله الجكر الوي فإنه قد سقى تلك الشجرة الملعونة ، فنمت وازدهرت ، حتى رأى الناس – بوجه عام – أنه هو الذي أحدث هذه الفتنة. ثم إن طائفة الطبيعيين ، لم تكن تبدي هذه العقيدة ، بطريق تكون أكثر شناعة ، ولكن الجكر الوي قد أظهر خرافاته ، ومعتقداته الباطلة ، دون احتشام واستحياء ، واتخذ لها أسلوباً فيه شيء كثير من الإلحاد والكفر والزندقة ، فلذلك كله نسبت إليه فتنة إنكار الحديث». ( أبرز دعاتهم ): قبل أن نذكر دعاتهم يستحسن أن نذكر من ذهب إلى إنكار حجية السنة والاعتماد على القرآن وحده من الفرق الضالة ومن تبعهم على ذلك على مر العصور. يقول الدكتور عبد الموجود محمد عبد اللطيف في كتابه ( السنة النبوية بين دعاة الفتنة وأدعياء العلم ص 88-89): " إنكار حجية السنة اعتماداً على القرآن وحده : إلى ذلك ذهب الخوارج ، والزنادقة ، وطائفة من غلاة مذهب الرافضة ، وتابعهم عليها أذيالهم في الأزمنة المتأخرة في القارة الهندية ... وكذا أذيالهم في مصر ...» أبرز وأهم دعاتهم : القرآنيون لهم دعاة في الهند ومصر وغيرهما من البلدان ، فأما دعاتهم في الهند فهم ما يلي : 1- عبد الله جكر الوي 2- أحمد الدين الأمر تسري . 3- أسلم جراجُبوري . 4- غلام أحمد برويز ويوجد في الهند في الوقت الحاضر أربع فرق من القرآنيين هي امتداد لمدارس الأربعة المذكورين وبعض هذه الفرق تتلمذ دعاتها عليهم . وهي ما يلي : 1- الفرقة الأولى : ( فرقة أمة مسلم أهل الذكر والقرآن ) . 2- الفرقة الثانية ( فرقة أمة مسلمة). 3- الفرقة الثالثة : ( فرقة طلوع إسلام). 4- الفرقة الرابعة : ( فرقة تحريك إنسانيت). وقد فصل الباحث خادم حسين بخش في تراجم أهم دعاتهم وفرقهم من المتقدمين والمعاصرين في كتابه ( القرآنيون ص 25-64) فمن أراد التوسع فليراجعه. وكذا ظهر إنكار السنة الكلي في مصر والاكتفاء بالقرآن وكان أبرز الدعاة ما يلي: 1- الطبيب محمد توفيق صدقي. 2- محمود أبو رية. 3- الطبيب أبو شادي أحمد زكي. 4- الدكتور إسماعيل أدهم. 5- محمد أبو زيد الدمنهوري. وكما أن هناك دعاة إلى إنكار السنة كلها والأخذ بالقرآن ، كذلك هناك دعاة اجتهدوا في إنكار جزئيات من السنة وهم في مصر ويشاركهم بعض الدعاة في أغلب البلدان. ودعاة إنكار السنة الجزئي أبرزهم في مصر هم : 1- محمد رشيد رضا . 2- أحمد أمين . 3- العقيد معمر القذافي.وهوفي ليبيا . 4- عبد الله عنان. 5- الشيخ محمود شلتوت. 6- أحمد فوزي. 7- الشيخ محمد بخيت المطيعي الحنفي. 8- عبد المتعال الصعيدي. وقد فصل الباحث خادم حسين بخش في كتابه ( القرآنيون ص 153-202) في ذكر تراجم ومناهج دعاة إنكار السنة الكلي والجزئي ، لم أجد هذا في غيره من الكتب ، فمن أراد التوسع في معرفتهم فليراجع هذا الكتاب القيم. ( شبهاتهم حول السنة والرد عليهم ): الشبهة الأولى : القرآن يستغنى به عن السنة لأنه تكفل بذكر الأمور الدينية كلها بالشرح والتفصيل. الرد عليهم : لإنزاع أن القرآن شمل أُصول الشريعة كلها ، ونص على بعض جزئياتها اليسيرة ، وأما ما أدعاه هؤلاء من تنصيصه على كل صغيرة وكبيرة فهو بهتان عليه لا يقره واقع القرآن ، يقول د مصطفى السباعي في كتابه ( السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي ص 178) : « إن القرآن الكريم قد حوى أصول الدين وقواعد الأحكام العامة ، ونص على بعضها صراحة، وترك بعضها الآخر لرسوله صلى الله عليه وسلم فمنها ما أحكم فرضه بكتابه وبين كيف هو على لسان نبيه مثل عدد الصلاة والزكاة ووقتها وغير ذلك من فرائضه التي أنزل من كتابه». ويقول خادم حسين بخش في كتابه ( القرآنيون ص 212) : «ولعل الذي أوقعهم في اللبس هو الفهم الخاطئ لقوله تعالى [ ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء]. ويقول عماد السيد الشربيني في كتابه ( السنة النبوية في كتابات أعداء الإسلام 1/193) : «إن أعداء السنة المطهرة فهموا أن المراد من الكتاب في قوله تعالى : [ ما فرطنا في الكتاب من شيء] القرآن ، ولكن مجموع الآيات ابتداء ونهاية ، يفيد أن المراد بالكتاب هنا هو اللوح المحفوظ الذي حوى كل شيء » الشبهة الثانية : السنة لو كانت حجة لتكفل الله بحفظها. الرد عليهم : زعم أعداء السنة أن الله تعالى تكفل بحفظ القرآن دون السنة ، واحتجوا بقوله تعالى : [إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون]. الرد عليهم : إن رب العزة قد تكفل بحفظ ما صح من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والدليل من القرآن على حفظ السنة قوله تعالى : [ وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ] فليست كلمة الذكر في القرآن خاصة بالقرآن بل هي للسنة أيضاً، فيلزم من هذا أن يكون الله تكفل بحفظ السنة ، لأن حفظ المبين يستلزم حفظ البيان للترابط بينهما. يقول الدكتور عبد الله المهدي عبد القادر في كتابه ( دفع الشبهات عن السنة النبوية ص 64): « سلمنا جدلاً أن " الذكر " هو القرآن ، إلا أن الآية تفيد حفظ الله سبحانه وتعالى السنة ، فإن حفظ المبين يقتضي حفظ المبين ، فمادامت السنة بيان القرآن ، فإن حفظ القرآن يقتضي حفظ السنة ، وإلا لبقي القرآن دون بيان فلا يكون قد حفظ ! » الشبهة الثالثة : ( لو كانت السنة حجة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بكتابتها، ولعمل الصحابة والتابعون من بعد على جمعها وتدوينها ، لما في ذلك من صيانتها من العبث والتبديل ، وفي صيانتها من ذلك وصولها للمسلمين مقطوعاً بصحتها. الرد عليهم : قال د مصطفى السباعي في كتابه ( السنة ومكانتها في التشريع ص 81) : «إن عدم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بكتابة السنة ونهيه عن ذلك كما ورد في بعض الأحاديث الصحيحة ، لا يدل على عدم حجيتها ، بل إن المصلحة حينئذ كانت تقتضي وبتضافر كتاب الصحابة – نظراً لقلتهم – على كتابة القرآن وتدوينه ، ويتضافر المسلمين على حفظ كتاب الله خشية من الضياع واختلاط شيء به ، وما ورد من النهي إنما كان عن كتابة الحديث وتدوينه رسمياً كالقرآن ، أما أن يكتب الكاتب لنفسه فقد ثبت وقوعه في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم . وليست حجية السنة مقصورة على الكتابة حتى يقال : لو كانت حجية السنة مقصودة للنبي لأمر بكتابتها ، فإن الحجية تثبت بأشياء كثيرة : منها التواتر ، ومنها نقل العدول الثقات ، ومنها الكتابة ، والقرآن نفسه لم يكن جمعه في عهد أبي بكر بناء على الرقاع المكتوبة فحسب ، بل لم يكتفوا بالكتابة حتى تواتر حفظ الصحابة لكل آية منه ... » الشبهة الرابعة : السنة انتقدت متناً وسنداً ، وعلماء الحديث تكلموا في رجالها ومتونها، وما كان ذلك ودخله النقد وآراء الرجال لا يصلح ديناً. الرد عليهم : مثل هذا الكلام لا يصدر إلا ممن يجهل تاريخ الإسلام لمقاومة حركة الوضع في السنة ، فقد كان الصحابة على نقاء من السيرة والسريرة فنقلوا الدين بأمانة وإخلاص ، وفي أخر عهد عثمان رضي الله عنه خرج إلى حيز الوجود جماعة يتكلمون باسم الإسلام ، ويدسون فيه ما ليس منه ، ثم مع مرور الزمن إزداد عدد هؤلاء وكثر خداعهم ، إذ لم يكن هناك ما يردعهم عن هذا المسلك ، كما أن الخلافات السياسية والكلامية كانت من العوامل الرئيسية في حركة الوضع، يقول الباحث خادم بخش في كتابه ( القرآنيون ص 234-235) : «ثم دخل هذه الساحة الزنادقة والقصاصون والمتعصبون للجنس والبلد فاستحلوا الكذب في الحديث، وقد قاوم العلماء هذه الحركة الوضعية ، ووضعوا الأسس العلمية لفحص الحديث ومعرفة الصحيح من السقيم ، ومن بين هذه الأسس المطالبة بالإسناد المتصل الخالي من العلة والشذوذ حتى ينتهي الأمر إلى صاحب المتن ، ومن بين تلك الأصول عرض الرواة على علم الجرح والتعديل ، والبحث عن ضبطهم ومخالفتهم لغيرهم من الرواة، ثم البحث عن مضمون الحديث وعرضه على الأصول الإسلامية ، وقد أدت حركة الوضع إلى نتائج إيجابية من تشييد صرح السنة وإيجاد العلوم والفنون لضبطها سنداً ومتناً ، فهل يزعم بعد هذا أن الأحاديث قد انتقدت ، وما أنتقد لا يسعنا إقحامه في الدين وإقامة الشعائر بمقتضاه ؟! فالنقد والفحص للسنة لم يكن إلا لإزالة ما لصق بها ما ليس من أصلها . الشبهة الخامسة : السنة أخبار آحاد تفيد الظن وهو ليس حجة. الرد عليهم : إن خبر الأحاد أمرنا القرآن بقبوله وجرى العمل عليه في شرع الله قال تعالى : [ واستشهدوا شهيدين من رجالكم ] ولم يشترط شهادة التواتر ، كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم كتب الرسائل إلى كسرى والنجاشي والمقوقس ، وقام بإيصال تلك الرسائل أفراد معدودون من رسله ، على اعتبار قبول خبر الآحاد والاحتجاج به فقبل أولئك الملوك تلك الرسائل دون أن يقولوا للرسل إنكم أفراد آحاد ، لا يستفاد من خبركم الحجة واليقين. وقد ذكر الإمام الشافعي في كتابه ( الرسالة ص 401) أدلة كثيرة على حجية خبر الآحاد منها : 1- حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « نضَّر الله عبداً سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأداها » 2- وحديث أم سلمة في الرجل الذي قبَّل امرأته وهو صائم فأرسل امرأته تسأل عن ذلك فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: « ألا أخبرتيها أني أفعل ذلك» قال الشافعي : «فيه دلالة على أن خبر أم سلمة عنه مما يجوز قبوله ، لأنه لا يأمرها بأن تخبر عن النبي إلا وفي خبرها ما تكون الحجة لمن أخبرته . وهكذا خبر امرأته إن كانت من أهل الصدق عنده» . 3- وحديث ابن عمر رضي الله عنه قال : «بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ أتاهم آت فقال: إن رسول الله قد أنزل عليه قرآن ، وقد أمر أن يستقبل القبلة فاستقبلوها " وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة. ولم يكن لهم أن يدعوا فرض الله في القبلة إلا بما تقوم عليهم الحجة ولم يلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم». ويقول الدكتور عبد المهدى عبد الهادي في كتابه ( دفع الشبهات عن السنة النبوية) (ص51): «وهذه الشبهة مغالطة في وصف الأحاديث بأنها آحاد ، فهذا المصطلح لم يستعمله المحدثون وإنما أطلقه من أرادوا إبطال الأحكام ، ومن راجع كتب المصطلح لا يجد هذا المصطلح عند المتقدمين ، ومن راجع كتب الأصول لم يجد هذه الدعوى عن المتقدمين منهم أيضا»ً الشبهة السادسة : السنة فيها الصحيح والموضوع بخلاف القرآن . الرد عليهم : إن من قال السنة فيها الصحيح والموضوع وسكت ، أفاد أن صحيح السنة مختلط بموضوعها ، ولا يميز الغث من السمين وهذا تجن على الحقيقة ومجانبة للصواب ، ولو أن قائله أنصف لأكمل الكلام فقال : السنة فيها الصحيح والموضوع، والصحيح معلوم والموضوع معلوم. يقول د. عبد المهدي عبد الهادي في كتابه ( دفع الشبهات عن السنة النبوية ص 46-49) : «إن السنة لها رجالها وعلماؤها ولقد بينوا حال كل حديث ، وحكموا على الصحيح بالصحة ، وعلى الحسن بالحسن ، وعلى الضعيف بالضعف ، وعلى الموضوع بالوضع. وألف بعضهم كتباً في ذلك ، إن وجود كتب جامعة للأحاديث المقبولة وكتب للأحاديث المردودة ظاهرة طيبة في شأن السنة النبوية فمن أراد الأحاديث المقبولة فلها كتبها الكثيرة، وذلك لمعرفتها والتحذير من روايتها». فمن قال من أراد إنكار السنة بأن فيها الصحيح والموضوع أراد بهذا أن تمييز الصحيح من الموضوع لا يمكن بل هو مختلط بعضه مع بعض وهذا لا يصلح أن يكون تشريعاً ومصدراً في الإسلام فلهذا الخطر لابد من إنكارها والاكتفاء بالقران. الشبهة السابعة : التأخر في تدوين السنة النبوية فالسنة لم تدون إلا في مطلع القرن الثاني الهجري. الرد عليهم : قال عماد السيد الشربيني في كتابه ( السنة النبوية في كتابات أعداء الإسلام ص 346-353). «استعراض الشبهة وأصحابها : روى البخاري في صحيحة تعليقاً قال وكتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم انظر «ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء ، ولا تقبل إلا حديث رسول الله صلى الله عليه سلم ولتفشوا العلم ، ولتجلسوا حتى يعلم من لا يعلم ، فإن العلم لا يهلك حتى يكون سراً » بهذه الرواية تعلق أعداء الإسلام من الرافضة ، والمستشرقين ، ودعاة اللادينية المتفرنجة فقالوا: إن السنة لم تدون إلا في مطلع القرن الثاني الهجري ، لأن أول من أمر بتدوينها هو الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ، وهو قد تولى الخلافة سنة 99هـ وتوفي سنة 101هـ. وهذه المدة الطويلة تكفي لأن يحصل فيها من التلاعب والفساد ما قد حصل. والجواب ؛ بأدئ ذي بدء – نحن نجزم بصحة هذه الرواية التي صدرنا بها البحث ، وهي التي تفيد أن عمر بن عبد العزيز ، هو أول من أمر بتدوين السنة ، نجزم بصحتها لأنها وردت في أوثق مصادرنا ، وأصحها بعد كتابه تعالى ، وهو صحيح البخاري ، ولكننا نهدف من وراء هذا البحث إلى إثبات حقائق هامة وهي : 1- الحقيقة الأولى : أن الكثيرين خلطوا بين النهي عن كتابة السنة، وبين تدوينها حيث فهموا خطئاً أن التدوين هو الكتابة ، وعليه فإن السنة النبوية –ظلت محفوظة في الصدور لم تكتب إلا في نهاية القرن الأول الهجري في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز- رحمه الله – ولو أن المعاصرين فهموا حقيقة الكتابة ، وحقيقة التدوين ، وأدركوا الفرق بينهما ، لما تعارضت النصوص في فهمهم ، ولما صح تشكيك أعداء الإسلام في السنة النبوية بدعوى تأخر تدوينها مدعين أنه دخلها الزيف ، لأن العلم الذي يظل قرناً دون تسجيل لابد وأن يعتبره يعتريه ويخله التحريف ، فإن الذهن يغفل والذاكرة تنسى ، أما القلم فهو حصن آمان لما يدون به. الحقيقة الثانية : أن عمر بن عبد العزيز حينما أمر بتدوين السنة لم يبدأ ذلك من فراغ ، ولكنه اعتمد على أصول مكتوبة كانت تملأ أرجاء العالم الإسلامي كله من خلال روح علمية نشطة ، أشعلها الإسلام في أتباعه ، فأصبحوا يتقربون إلى الله بأن يزدادوا في كل يوم علماً ، وخير العلوم قطعاً ما كان متعلقاً بالقرآن والسنة. إن القول بأن السنة قد بدأت كتابتها منذ عصر النبي صلى الله عليه وسلم إلى زمن تدوينها رسمياً أصبح حقيقة علمية مؤكدة ثبتت بالبراهين القطعية ، وتضافرت على إثبات هذه الحقيقة الساطعة أقوال جملة من الباحثين الثقات الأثبات». وهناك شبهات كثيرة لدعاة إنكار السنة وقد رد عليها العلماء ، ودعاة إنكار السنة في الهند يحسن لطالب العلم أن يقرأ في الرد عليهم ممن عرفهم وجالسهم وهم علماء الحديث من الهند فهم أفضل من رد عليهم وذلك لمعرفتهم بهم على التفصيل. فقد ألف الأستاذ خادم بخش ( القرآنيون وشبهاتهم حول السنة ) وألف العلامة حبيب الرحمن الأعظمي ( نصرة الحديث في الرد على منكري الحديث) وألف د. صلاح الدين مقبول ( زوابع في وجه السنة قديماً وحديثاً ). وهناك دعاة لإنكار السنة قويت شوكتهم وتعددت شبهاتهم وقد اجتهدوا في الطعن في الحديث وحملته من الصحابة ومن بعدهم من أهل الحديث ، وأخبث وأشد هؤلاء الساقطين محمود أبو رية فقد ألف كتابه ( أضواء على السنة المحمدية) وكان من أفضل من رد عليه العلامة المحدث عبد الرحمن المعلمي في كتابه (الأنوار الكاشفة) وكذا الشيخ محمد أبو شهبة في كتابه ( دفاع عن السنة ). هذا ونسأل الله الثبات على الإسلام والسنة ، وأن يعيذنا من مضلات الفتن . وآخر دعوانا أن الحمد لله برب العالمين . المـــراجــع 1- القرآنيون وشبهاتهم حول السنة . تأليف : خادم حسين بخش ، الناشر مكتبة الصديق. 2- السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي . تأليف : الدكتور مصطفى السباعي ، الناشر دار الوراق. 3-السنة النبوية في كتابات أعداء الإسلام مناقشتها والرد عليها. تأليف : عماد السيد الشربيني ، الناشر دار اليقين – مصر 4- دفاع عن السنة ، تأليف : د. محمد أبو شهبة. 5- السنة النبوية بين دعاة الفتنة وأدعياء العلم. تأليف د . عبد الموجود محمد عبد اللطيف ، الناشر مطبعة طيبة –مصر. 6-دفع الشبهات عن السنة النبوية . تأليف د. عبد المهدي عبد القادر عبد الهادي ، الناشر مكتبة الإيمان – مصر 7- زاوبع في وجه السنة ، تأليف د. صلاح الدين مقبول أحمد، الناشر مجمع البحوث العلمية الإسلامية – الهند 8- نصره الحديث في الرد على منكري الحديث ، تأليف حبيب الرحمن الأعظمي، الناشر دار رحاب طيبة – المدينة المنورة. 9- الأنوار الكاشفة لما في كتاب أضواء على السنة من الزلل والتضليل والمجازفة تأليف الشيخ عبد الرحمن المعلمي ، الناشر المكتب الإسلامي – بيروت 10- دراسات في الحديث النبوي ، تأليف محمد الأعظمي ، ا لناشر مطابع الرياض. __________________ أبو سعد الأثري رياض بن عبدالمحسن بن سعيد منقوووول
|
#11
|
|||
|
|||
اقتباس:
العلم فيه هداية ولا يعني الهداية بعينها والا الغرب هم اول من اهتدى ,,, كثيرا تجد من الشيوخ المسلمين لم يهديهم الله وكثيرا من المسلمين ذو علم بسيط والله يهديهم ما قلته لي في : كن على مراد الله منك...ولا تكن على مرادك أنت منه ------------>ذلك صحيح ولا شك فيه لكن عندما قلت لي : فلما لا تغير الزاوية التي تنظر منها للامور -------------> هنا اختلف الوضع راسا على عقب لان ما ذكرته لي في حد الردة : ( وقلنا أن عرض حد الردة على من يريد ان يعتنق الاسلام....سوف يدفعة بالتأكيد على أن لا يدخل الإسلام إلا مقتنعا وواثقا)... ذلك شيئ من المنطق والقناعة....... ولكن السؤال هل هذا هو مراد الله ؟ بالنسبة للاية الكريمة ... لا علاقة لها بالحرية التي اشرت اليها حرية الدين عندما يعذب الله قوما فيعذبهم بذنوبهم سواء كانوا مرتدين او غير مرتدين منهم المسلمين و منهم الكافرين فالعذاب واقع في الدنيا او في الاخرة .........ماشان الحرية في الموضوع اعوذ بالله من الشيطان الرجيم وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ |
#12
|
|||
|
|||
اقتباس:
ذلك الكلام هو فقط ظاهري لا يحتوى على ادلة وبراهين تفصيلية تبين اراء الطرفين كما انه يفتقر احداث الواقع |
#13
|
|||
|
|||
اقتباس:
الاخ محمد7788 مع الدليل والقرينة....تصبح التبعية واجبة وملزمة!!! *** انقذ الله بني اسرئيل من فرعون وجنوده ((بعصا موسى)) *** اغرق فرعون وجنده امام اعينهم!!!! ***اجتازوا البحر....وجدوا قوما يعبدون ((عجلا)) ***غاب عنهم نبيهم .... فعبدوا العجل من دون الله... ***ارتدوا عن دينهم بعد ان هداهم الله...فماذا كان عقابهم.... ان يقتلوا انفسهم ليتوب الله عليهم ويطهرهم..... اليس هذا مراد الله امامك واضحا.... هل ستقول لي (( هذا قاسي )) او يعارض حرية المعتقد!!!! ام لعلك تقول لي ...ان القتل هنا المقصود منه شيء آخر... كالذي يفسر ((قطع يد السارق)) أي منعه من السرقة ... أو آخر يقول المراد بذلك ((جرح يده)) ... ولكنني سألتهم....هل يعقل أن يستخدم الله (اصطلاحات خطرة) يراد بها غير ظاهرها...(فوالله انسان عاقل لا يقول مثل ذلك ...فكيف نسقط ذلك على الله كالذي يقول لأبنه الكبير : إذا ازعجك اخوك الصغير ((فقذفه من النافذه))...ثم لا يكون مراده هذا فعلا.... |
#14
|
|||
|
|||
اقتباس:
عذا قياس يا اخ احمد وليس امر صريح للقتل الله حرم على اليهود اشياء كثيرة بظلمهم هل يعني يحق لنا ان نحلل ونحرم على الناس يسبب ظلمهم طبعا لا ....مالك كيف تحكم ؟ لو قلت لك ان ان جلد الزاني امر قاس ويجب ان نخفف عن ذلك... هنا بكون كلامك صحيح و لا غبار عليه فالله اعلم بعباده وهذا مراده لكن عندما نفرض العذاب على الناس دون وجود نص يامرنا بذلك انما لمجرد ان الله عذب قوما لسبب ما فذلك قياس وهذا تدخل في شئون الخالق لا يحق لي ولا لك |
#15
|
|||
|
|||
اقتباس:
لن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا... ومضى مثل الأولين... والقصص لا تقال للتسلية وانما للذكر والعبرة... والعبرة هنا ...((مصير الكفر بعد الايمان))... يبعث الله لمن يعبدون الاصنام...رسلا تخرجهم من الظلمات الى النور!!!! ويبعث لمن يعبد الاصنام من بعد أن هداه الله (( العذاب الأليم )) فيا اخ محمد 7788 يا فهيم هل يغير الله سنته ...ام هل يبدلها....؟؟!!!!!!!!!!! أجب نعم ام لا.... |
#16
|
|||
|
|||
فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلا
|
#17
|
|||
|
|||
مقالات في التجديد
“اللا قرآنيون”-1-:الاسم على غير المسمى.. “اللا قرآنيون”-1-: الاسم على غير المسمى.. د.أحمد خيري العمري أريد أن أكون أكثر فجاجة من المعتاد هذه المرة ، لست منزعجا على نحو شخصي، ولا أكتب نتيجة لرد فعل، ولكن في بعض الأحيان علينا أن نسمي الأشياء بمسمياتها، ونترك الاحتمالات المفتوحة التي من ضمنها “الاجتهاد الخاطئ الذي يؤجر صاحبه عليه”.. بعض الآراء تحتمل ذلك فعلا( قليلة بالمناسبة!) ولكن البعض الآخر لا يحتمل ذلك بالمرة، ومعاملته بحسن نية يتجاوز السذاجة أحيانا إلى التواطؤ والمشاركة المباشرة في الجريمة.. سبب حديثي عمن يسمون أنفسهم بالقرآنيين(والقرآن منهم براء طبعاً) هو رسالة استلمتها من سيدة فاضلة ومثقفة تشكو لي تأثر أكبر أبنائها بهذا التيار.. عمليا ما كنت لأهتم كثيرا بذلك لأن انحراف البعض مع تيارات التخريب والانحراف أمر حتمي، لا يمكن عمليا منع ذلك، بعض البشر يختارون ببساطة وبملء إرادتهم أن يكونوا حطبا لجهنم.. ولا شيء سيمنع ذلك مهما كان، حدث ذلك عبر التاريخ وحتى مع الرسل الأنبياء ومعجزاتهم وأخلاقهم وسيرهم الكريمة، ولذا فلا يمكن عمليا أن نركض خلف كل من يتأثر بدعاوى الانحراف ونجره جرا إلى جادة الصواب.. يكفي فقط أن نبين مدى انحراف الدعوى.. وكنت أعتقد، حتى وصول رسالة السيدة الفاضلة أن انحراف هذا التيار شديد الوضوح ولا يحتاج إلى بيان بسبب التناقضات الهائلة المترسخة فيه أولا، وبسبب افتقاده إلى أية منظومة قابلة للصمود أمام أي نقاش ودحض ثانيا.. وبذلك كنت أعتقد أن كل من يتبع هذا التيار يجب أن يكون واحدا من اثنين: أن يكون أولاً من أصحاب الأهواء الذين يريدون أي مسوغ ومبرر لجعل أهوائهم محمية عبر من يسميه أتباعه عالما (لدينا مثل شعبي في العراق يعبر عن حالة سلوكية عامة في عموم بلاد المسلمين للأسف، يقول المثل:خلها براس عالم، واطلع منها سالم، أي ضع خطيئتك في رقبة من أفتى لك، واخرج سالما من الإثم يوم القيامة..) وهؤلاء عموما غير جادين بكل المعايير وهمهم الوحيد الجدل من أجل الجدل فحسب بغض النظر عن أي وصول لحق والالتزام به، إنهم النموذج الموجود في كل زمان ومكان الذين ينطبق عليهم قوله تعالى:“قَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا (7) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا الفرقان(8)” أي إنهم سيستمرون بالجدل والرفض بكل الأحوال، وإتباعهم هذا التيار المنحرف ليس سوى شكل من أشكال هذا الجدل. الاحتمال الثاني أكثر تعقيدا، ويضم أناسا من أصحاب الاحتياجات الخاصة، ولا أقصد هنا بالاحتياجات الخاصة نواحي فيزيائية في المشي أو السمع والنطق أو التخلف العقلي بمعناه المباشر، بل أقصد أنهم أصحاب احتياجات خاصة بالمعنى النفسي، معظمهم متعلمون والبعض منهم موهوبون بطريقة ما، وهم يؤمنون بأنهم أفضل من سواهم بشكل عام.. لكنهم في الغالب فاشلون اجتماعيا عاجزون عمليا عن تحقيق أي شيء مما يمنحهم مكانة اجتماعية، وفشلهم هذا جزء من فشل الحكومات العربية والإسلامية عامة في استيعاب الجيش الهائل من الخريجين الذين أنتجتهم سياسات التعليم الجماعي، اصطدامهم بصعوبات الحياة وعدم تمكنهم من إثبات جدارتهم ولّد عندهم إحباطا شديدا تجاه المجتمع ككل.. النتيجة المعتادة لهذا الإحباط وفي الحالات الاعتيادية تكون إما إفراطا (تيارات العنف والتكفير الجماعي المنفلتة من أي ضابط والموظفة بإتقان لخدمة مصالح سياسية) أو تفريطا( الانحراف والمخدرات والجريمة).. لكن هؤلاء ليسوا من الحالات الاعتيادية، إنهم أصحاب احتياجات خاصة وهم يعتبرون أنهم أفضل من سائر المجتمع عقلا وتميزا وإدراكا.. لذلك فحقدهم على المجتمع وشعورهم بالإحباط يتخذ شكلا مختلفا تماما، وهم يتجهون بالذات نحو الأسس العميقة للمجتمع، والرموز التي لا يُختلَف على مكانتها التاريخية لكي يصبوا عليها جام غضبهم وإحباطهم.. هؤلاء هم ضحايا من نوع خاص للمجتمعات المعاصرة، ولعلهم كانوا موجودين دوما دون أن ينتبه لهم أو يسمع بهم أحد.. لكن “الانترنت” اليوم منحهم صوتا ومنابر افتراضية جمعتهم ونظمت من شتاتهم ، وشيئا فشيئا صار هناك من يقرأ لهذيانهم، لا شك أن خطرهم أقل من دعاة العنف ومنفذيه مثلا، لكن دعونا لا ننسى أن ذاك العنف يمتلك من القبح ما ينفر الناس منه، أما هؤلاء فقبحهم أخفى وبالتالي قد يكون أشد ضررا على المدى البعيد.. كنت أعتقد حتى وصول تلك الرسالة، أن لا أحد يتبع هؤلاء إلا إذا كان من الصنفين السابقين، لكن هذه الرسالة، ولأني أعرف السيدة وأعرف تقييمها لابنها، صححت لي أوهامي عن الأمر، يبدو أن الصنفين المذكورين (أصحاب الأهواء+ أصحاب الاحتياجات الخاصة) يمثلان المنبع الأساسي الذي ينتج “الكتاب” في هذا التيار، أي أولئك الذين لديهم وقت كافٍ من الفراغ، ولوحة تحكم مربوطة بشاشة حاسوب واتصال بالانترنت.. هؤلاء هم من يسودون الصفحات في الانترنت (يسودونها بكافة المعاني) ويعلقون على نتاج بعضهم البعض وعلى تعليقات بعضهم البعض، وبالتالي يشغلون مساحة من الانترنت تتيح لغيرهم أن يتبعوهم.. هذا (الغير) –الذي لا ينتمي عمليا لأي من الصنفين، هو ما يدفعني للكتابة، وهو الذي يجب توفير الحماية له.. على الأقل يجب توفير وسائل المناعة التي تجعل انحرافه أكثر صعوبة وبالتالي يكون هذا الانحراف عندما يحدث على بينة أكثر.. بماذا يؤمن هؤلاء الذين يسمون أنفسهم بالقرآنيين(والقرآن منهم براء).. هم يقولون طبعا إنهم يؤمنون بالقرآن الكريم فقط، ويقصدون بذلك أنهم لا يعترفون بالسنة النبوية بالمطلق، ولا بأي شيء منها وهم يشددون على ذلك على نحو غريب( من شروط المشاركة بموقعهم على الانترنت ما يلي:[gdwl]موقع ( أهل القرآن!) يفتح أبوابه لكل فكر حر بشرط ألاّ يسند الكاتب حديثا لخاتم النبيين محمد عليه السلام عبر ما يعرف بالسنة، أو أن ينسب قولا لله تعالى خارج القرآن عبر الأكذوبة المسماة بالحديث القدسي) هكذا إذن، الشرط الأول [/gdwl]هو أن لا يستعمل الحديث النبوي بغض النظر عن صحته أو ضعفه أو تواتره أو أي شيء..[gdwl] (ممنوع استعمال الحديث النبوي وانتهى)[/gdwl].. أي إن الأمر هنا لا علاقة له بكون الحديث النبوي له حجة تشريعية أو لا، بل هم ينسفون أي سند للرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، كما لو أنه جاء إلى هذه الدنيا ورحل دون أن يتحدث ولو كلمة واحدة.. مهما قالوا عن أسباب تحييدهم للحديث النبوي، وهي أسباب سنأتي لشرحها لاحقا، فإن كونهم لا يعتمدون إلا على القرآن كذبة سخيفة، بل إن تحييدهم للسنة النبوية ليس سوى وسيلة لإدخال مفاهيم أخرى من منظومات ثقافية مختلفة، وبالتالي فإن إدعاءهم (القرآن وكفى مصدرا للتشريع) ليس سوى وسيلة لتمرير مفاهيم أخرى(على سبيل المثال،الديمقراطية عند كبيرهم تعد قدس الأقداس، بفعل الموضة -أو بقوة مصادر التمويل-، فهل وجدها في القرآن أم من التجربة الغربية.. ) ولست هنا بصدد مناقشة تناقض الديمقراطية أو توافقها مع الإسلام، لكني فقط أناقش شعارهم (القرآن و كفى مصدرا للتشريع).. فهم يؤكدون ذلك تبريرا لاستغنائهم عن الحديث النبوي، لكنهم عمليا يقرؤون القرآن عبر منظومات ثقافية أخرى، [gdwl]أي إنهم يستندون إلى (الكتب الأخرى) في قراءة القرآن، وهذا يجعل هذه الكتب مصدرا مشاركا للتشريع..[/gdwl] لغة القرآنيين واضحة عند أغلب (كتابهم).. وهم يستثمرون في قارئ لا يدقق كثيرا لهذا السبب أو ذاك (الكسل، عدم القدرة على التدقيق بسبب القراءة التلقينية التي تعودنا عليها..الخ).. إنهم يُغرقون القارئ بسيل من الانتقاءات القرآنية وتتخللها بعض التعليقات والتحذيرات من ترك القرآن والسير خلف كتب الحديث! فمثلا هذه الآيات: (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ)العنكبوت 51 (فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ )الطور 34 (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) الزمر(23) (و يعلق الكاتب، كيف نترك أحسن الحديث إلى سواه!) (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ المرسلات) (50) والأعراف 185 هذه الآيات التي يعرفها كل مسلم يقدمها القرآنيون في صياغة مختلفة، فبدلا من السياق الذي نزلت فيه، ومن خلاله، أي سياق حوار الإيمان والكفر، الحق مع الباطل، وهو السياق الذي لا يزال مستمرا في أوجه ومظاهر عديدة، والذي نملك من القرائن والأدلة أنه سيستمر، نجد القرآنيين يقدمونها في سياق مواجهة مزعومة بين القرآن والحديث النبوي !.. وهكذا يتم حشر تعليقات موحية بذلك بين الآيات المذكورة وسواها.. فلنقرأ هذا المثال المنقول حرفيا من أهم كتبهم.. (.. والنبي أيضاً ليس لديه إلا القرآن ملتحداً وملجأ ﴿واتل ما أوحى إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا﴾ هذا بالنسبة للنبي عليه السلام.. فكيف بنا نحن؟…) ( انتهى!) .. وذلك الذي يعرض عن آيات الله شأنه أنه يتمسك بأحاديث أخرى غير القرآن سماها القرآن ﴿لهو الحديث﴾ يقول تعالى: ﴿ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين. وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبراً كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم﴾ (لقمان 6: 7). أي إن الكاتب يعتبر أن الحديث النبوي هو “لهو الحديث” الذي يحذر الله منه وليس حديثا كحديثه مثلا !.. ويقحم خلال ذلك كله لهجة تحذر القارئ وتتوعده سوء المصير إذا أصر على تفضيل الحديث النبوي (و كتبه!)..على القرآن الكريم وتحثه على الكف عن ذلك قبل أن يأتي الأجل المحتوم ولا ينفع الندم! من السهل على القارئ الذي نشأ في رحم ثقافة التلقين، وتعود أن يخاف من نفس التحذيرات (في سياق آخر أكثر عراقة وموضوعية ) أن يسقط في الفخ الذي ينصبه هؤلاء بهذا الأسلوب، خاصة إذا كان لديه مآخذ وردود أفعال تجاه السلوكيات السلبية لبعض المتدينين وبعض مشايخهم (الذين يهاجمهم من يسمون أنفسهم بالقرآنيين بين سطر وآخر).. العلة الأساسية في الموضوع هنا هو أن من يسمون أنفسهم “القرآنيون” يعاملون القرآن كما لو كان “مجرد كتاب“..[gdwl] مجرد كتاب يتألف من صفحات ورقية وغلاف يضمها.. [/gdwl] اختزال القرآن إلى هذا المعنى هو الذي يسهل كل ما سبق من ما يعقدونه من مقارنات، وما يزعمونه من تناقضات.. القرآن، قبل أن يكون كتابا بهذا المعنى، هو منظومة ثقافية كاملة، دستور،عقد بين البشرية وخالقها، وجوده على الورق وبين الغلافين ( أو كنسخة الكترونية على الجوال أو الكمبيوتر) هو مجرد إجراء تنفيذي لا أكثر.. وبالتالي فإن تشابهه مع ما نقرأه ونتداوله من مطبوعات هو تشابه لفظي فحسب، بعبارة أخرى، عندما نضع القرآن في مواجهة، ونحن نؤمن سلفا أنه سيتفوق حتما، فإن الطرف الآخر في المواجهة لا يمكن أن يكون مجرد كتاب (رواية مثلا، أو كتاب شعر، أو كتاب في علم التربية أو حتى أحد كتب الحديـــث الشريف).. المواجهة أصلا غير موجودة في حالة كهذه، ولذا فإن افتراض من يسمون أنفسهم بالقرآنيين باطل أصلا، لأنهم يضعون كتب الحديث في المواجهة، يفترضون أن المواجهة ممكنة ومن ثم يبنون على هذا الافتراض كل ما ينتج عن ذلك… الكتب التي يمكن أن تكون في المواجهة هي الكتب التي تعبر عن منظومة ثقافية مغايرة، الكتب السماوية مثلا، أو مدونات وأدبيات الديانات الوثنية (ريج فيدا للهندوس ،تيبتاكا للبوذية…الخ)،. كتب كهذه يمكن أن تكون في المواجهة لأنها تعبر عن رؤية للحياة،.. منظومات ثقافية أخرى قد لا يعبر عنها كتاب واحد بل مجموعة كتب (المنظومة القيمية الغربية على سبيل المثال لا يعبر عنها كتاب واحد، بل هناك مجموعة من الكتب التي تكوّن هذه المنظومة: العقد الاجتماعي لجان جان روسو، مقال عن المنهج لديكارت، رسائل لوثر الخمس والتسعون، ثروة الأمم لأدم سميث، الماغنا كارتا.. عصر المنطق لتوماس بين.. مؤلفات فرويد وايمرسون وتوكوفيل..الخ)..هذه كلها يمكن أن تضم بمجموعها لتكون الكتاب المضاد على الطرف الآخر.. باعتبار أنها تمثل رؤية حياة.. أما أن يتم اعتبار كل كتاب مطبوع أو منتج ثقافي مهما كان تصنيفه على أنه في المواجهة المقصودة في سياق الآيات فهذا سخف في أحسن الأحوال، وتزوير في أغلبها.. هذه الطريقة في النظر إلى القرآن باعتبار أنه مجرد كتاب، التي يمررها من يسمون أنفسهم قرآنيين، هي التي تؤدي إلى النظر إلى كتب الحديث النبوي والسنة النبوية كما لو أنها (كتب أخرى).. أي كما لو كانت مستقلة عن المنظومة التي يمثلها القرآن.. وهو ما يؤدي إلى ما يزعمونه من مواجهة وتناقض…الحديث النبوي يجب أن ينظر إليه على أنه بمثابة الحواشي والهوامش على الكتاب الأصلي.. على القرآن، وبالتالي فإنه جزء لا يتجزأ من المنظومة الثقافية التي أنتجها القرآن، لا يمكن التعامل معه على أنه مستقل عن المتن الأصلي.. ولا معنى لقراءة الهامش والحاشية فحسب-بل لا معنى لقراءة الهامش بمعزل عن النص،هذا النوع من العلاقة بين القرآن الكريم والحديث النبوي تجعل من المستحيل وضع الاثنين في مواجهة كما يزعم هؤلاء.. لن نقول إن العلاقة بينهما هي علاقة تكامل لأن التكامل يكون بين ندين يحتاج أحدهما الآخر، والأمر هنا مختلف، فالحديث النبوي وسنته عليه أفضل الصلاة والسلام تابعة للقرآن الكريم ولا يمكن أن يكون لها وجود مستقل عنه.. علاقة الحاشية والهامش بالمتن هنا هي بمثابة متابعة للتطبيق العملي للقرآن الكريم على أرض الواقع البشري.. لا يمكن أن نفهم آليات التطبيق ما لم تكن لدينا هذه الحواشي التي تقدم لنا الصورة الواقعية لهذا التطبيق وما استلزمته أحيانا من قوانين لم تذكر في القرآن لكنها كانت ضرورية لتنفيذ تشريعاته… سيقول من يسمون أنفسهم قرآنيين إن هذا يعني إن القرآن يحتاج إلى بيان وتفصيل وهو ما يناقض ما جاء في القرآن نفسه من أن فيه تبيان وتفصيل لكل شيء (نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لكل شيء) النحل 89 (وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ الأعراف(52)…لكنهم في الوقت ذاته يتجاهلون أمرين اثنين.. الأمر الأول: أن هذا الكتاب الذي نزل بالبيان والتفصيل لكل شيء لم ينزل في قرطاس من السماء أو لوح حجري، بل نزل عليه أفضل الصلاة والسلام، وهذا يجعل من سيرته ومن حديثه ومن كل ما فعله مرتبطا بما أنزل عليه بشكل مباشر..(قالت السيدة عائشة في الحديث الذي لا يعترف به هؤلاء عنه عليه الصلاة و السلام:كان خلقه القرآن..أي أنه كان يمثل تجسيدا عمليا لما أنزل على صدره عليه الصلاة و السلام،فكيف يمكن لنا أن نترك شيئا كهذا و هو امتداد طبيعي للقرآن؟) الأمر الثاني: إن الكتاب ذاته، الذي يدعون الاحتجاج به، يحيلنا إليه عليه الصلاة والسلام في أكثر من موضع “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا النساء(59)“، فهل يكون في هذه الإحالة إليه ما يتناقض مع معنى اكتمال البيان والتفصيل أم إن هذه الإحالة تعزز هذا البيان وتمنحنا فرصا أخرى في الفهم المفصل من خلال الحديث النبوي وسنته عليه الصلاة والسلام؟ لدى من يسمون أنفسهم بالقرآنيين حيلة (غير شرعية !) للخروج من هذا المأزق.. وهو ما سنتابعه لاحقا معهم.. |
#18
|
|||
|
|||
مقالات في التجديد
اللا قرآنيون2: قطع الرأس علاجاً للصداع!.. 2010/07/30 admin 145 تعليق اللا قرآنيون- 2-: قطع الرأس علاجاً للصداع!.. د.أحمد خيري العمري لن نذيع سراً إذا ما قلنا إن وجود مشكلة في التعامل مع الحديث النبوي الشريف ليس أمراً طارئاً يعود إلى ظهور هذه الفئة التي تسمي نفسها بما نتشرف به جميعاً دون أن تملك به أدنى صلة، بل يعود حتماً إلى عصور مبكرة أسهمت في تقديم حلول مختلفة ومتنوعة للتعامل مع السنة النبوية.. الجذر الأصلي لمشكلة التعامل مع الحديث النبوي يعود ببساطة إلى ضرورة التثبت منه.. لقد تنبه الفقهاء العاملون، ومنذ مرحلة مبكرة جداً، قد تعود لعصر الخليفة الفاروق على الأقل، إلى اختلاف طبيعة المصدر الأول (القرآن الكريم المحفوظ عبر تواتر عام وشامل لا مجال فيه لثغرة واحدة) وبين المصدر الثاني الذي قد يشمل جملة قالها عليه الصلاة والسلام في حضور عدد قليل من صحابته، وقد يكون فهمهم لما قال متفاوتاً وبالتالي نقلهم لما قاله عليه الصلاة والسلام متأثرا بهذا الفهم.. و هكذا نشأت آليات مختلفة للتعامل مع الحديث النبوي، تهدف هذه الآليات في عمومها إلى التثبت من صلة الحديث بالرسول الكريم عليه الصلاة والسلام أساساً، ومن ثم يتم تثبيت الفهم الصحيح للحديث.. وعندما نقول “التثبت” فإن هذا يعني ضمناً أن الأصل والأساس في التعامل المباشر مع أي حديث هو الحكم بالضعف إلى حين إثبات العكس وذلك ابتداء من عصر ما بعد الصحابة.. هذا الميل المسبق إلى رفض كل ما لم يتم إثباته عنه عليه أفضل الصلاة والسلام عبّر عن حالة من الدقة العلمية (لا أرى تناقضاً كذلك إن سميتها بالورع ) وهي جزء صغير من حالة أكبر من الدقة أو الورع التي غمرت المجتمع الإسلامي ككل نتيجة تشبعه بالمفاهيم التي غرسها الإسلام عموماً والقرآن خصوصا.. كل ما في الأمر أن هذه الحالة أنتجت آثاراً صار يمكن تتبعها إلى يومنا هذا، لكن نفس الحالة كانت ولابد موجودة في تفاصيل الحياة اليومية، في البيع والشراء والمعاملات بين الناس .. مما يلاحظ على الورع والدقة العلمية في موضوع التثبت من أحاديثه عليه الصلاة والسلام (والتي لا بد أن تكون قد طغت على الأمثلة الأخرى) أنها كانت حالة ورع إيجابية، إي إن موقف الرفض تجاه ما لم يثبت كان يؤدي إلى البحث والتثبت رفضا أو قبولاً، وكان أهل الحديث يرحلون بين الأمصار والبلدان لأشهر طويلة لأجل التحقق من أمر حديث واحد، وهذا هو الورع الايجابي ما دام يؤدي إلى العمل، إلى الدقة.. بينما نجد أحدهم اليوم يهز كتفه غير مبالٍ وهو يقول: لو كان هذا مهما لجاء في القرآن، الأحاديث مليئة بالكذب! تميَّز هذا الورع العلمي في هذه الجزئية بأمرين في غاية الأهمية.. أولهما: أنه كان عملاً جماعياً صرفاً، تجلت فيه معاني الجماعة بأفضل ما يمكن، لا يمكن تخيل عمل الرواة وهم يتناقلون الأحاديث من واحد لآخر وعمل علماء الجرح والتعديل وهم يقيمون كل واحد من هؤلاء الرواة، لا يمكن تخيل هذا المشهد إلا كما لو كان ورشة عمل جماعي منظم بأدق القواعد والقوانين.. وهو أمر نفتقده بشدة اليوم ( ولا أستطيع أن أجزم إن كان اختفاؤه نتيجة لانسحابنا الحضاري أم إن انسحابنا الحضاري كان نتيجة له!). الأمر الثاني: هو أن هذه الدقة كانت دقة آليات ووسائل ولم تتعدَّ حدودها المرسومة إلى “متن الحديث”.. وهذا الأمر قد يبدو للوهلة الأولى غريباً لكنه وفّر للجميع الحياد المهني اللازم الذي جعل الرواة ينقلون عن رجال ينتمون إلى الفرق الأخرى –مادامت تتوفر فيهم حدوداً معينة حددها أهل الجرح والتعديل- كما نقلوا أحيانا أحاديث يمكن أن تؤول لصالح تلك الفرق لكنهم وجدوا أن شروط نقلها حسب قواعد عملهم صحيحة.. هذه المهنية في التعامل ظاهرة لها معانٍ حضارية كثيرة، والسؤال السابق أيضا يمكن طرحه هنا مجدداً.. كل هذه الآليات التي تمثّلت بعلم ضخم له أقسامه العديدة هو علم الحديث لم تنشأ في حقيقة الأمر إلا استجابة للمشاكل الناتجة عن التعامل مع الحديث الشريف، أي من أجل التثبت منه قبولاً أو رفضاً… وهكذا فإن انتهاء الأمر بوجود عدد من الأحاديث الصحيحة الذي لا يتجاوز العشرة آلاف (بعد حذف المكرر منها) هو أمر طبيعي جداً ومتوقع ومحاولة (استكثاره) والتهويل من الأمر محاولة سخيفة جداً ولا يمكن اعتبارها بريئة على الإطلاق، فلو أنه عليه الصلاة والسلام نطق بجملتين فقط يوميا بعد الهجرة إلى المدينة وبقي ساكتاً طوال اليوم بعدها لتجمع لدينا عدد مماثل من الأحاديث، علما أن بعض هذه الأحاديث لم تكن “أحاديث” بالمعنى المباشر بل كانت وصفا لما قام به عليه أفضل الصلاة والسلام دون أن ينطق.. وهذا كله على فرض أننا حذفنا الثلاث عشر سنة الأولى من الدعوة. هل يعني كل هذا أن علم الحديث ونتاجه لم تتخلله أخطاء؟ قطعا لا، فهو جهد بشري في النهاية، وما دمنا نفخر بأننا لا نؤمن بعصمة أحد بعد الأنبياء، فإننا يجب أن نعتبر وجود أخطاء في هذا الجهد أمر محسوم نتيجة للطبيعة البشرية، ولا يجب أن نسمح باعتبار هذه الأخطاء الطبيعية مطعناً على من بذل تلك الجهود (كما يجب ألا ننجرّ كرد فعل إلى إنكار هذه الأخطاء وإنكار حتمية وقوعها).. الأخطاء البشرية متى تكون مقبولة ومتى ترفض؟ ما يجب أن يكون واضحاً بخصوص هذه الأخطاء (أي أخطاء وليس فيما يخص علم الحديث) أي بشريتها وكونها حتمية ولا يمكن أن تكون مطعناً، هو أمران اثنان: الأول: أنها أخطاء ليست في صميم المنهج المتبع بل في تطبيقه فحسب، أي إن الخطأ ليس في القانون الأصلي أو القاعدة المتبعة بل في تطبيق هذه القاعدة…. بعبارة أخرى أن تكون قواعد صحة الحديث من حيث اتصال السند وعدالة الرواة صحيحة ومتماسكة ضمن منهجها نفسه، أما أن “تفلت” بعض طرق الأحاديث أو بعض الرواة من هذا المنهج، فهذا خطأ في التطبيق فحسب.. الثاني: ألاّ تكون نسبة هذه الأخطاء كبيرة بحيث تؤثر على النتيجة العامة لهذا الجهد، أي ألاّ تمرر كمية من الأحاديث الضعيفة بحيث تشوش على الصحيح وتناقضه.. وهذا هو بالضبط ما حدث مع الأحاديث: منهج علم الحديث بحد ذاته متماسك ويمتلك من الحيادية والموضوعية ما جعل أهل الجرح والتعديل لا يمنعون قبول رواية بعض من انتمى إلى “فرق أخرى” مخالفة في العقيدة (مثل الشيعة و الخوارج).. أو قبول بعض الأحاديث التي يمكن أن تؤول لصالح هذه الفرقة أو تلك.. أما أن تكون هناك نسبة من الخطأ، فهذا أمر حتمي ومفروغ منه، وهي نسبة مقبولة بل هي أفضل من نسبة الخطأ المقبولة في أدق التجارب العلمية المخبرية، ومن يجعجع اليوم بغير ذلك هو واحد من اثنين: إما جاهل يهرف بما لا يعرف أو متجاهل عامد لغرض في نفسه (أو لغرض في نفس مصادر التمويل ).. في مختبر البخاري للدقة العلمية مثال على نسبة الخطأ المقبولة (بل والممتازة( تلك التعقيبات التي وجهها الدارقطني وسواه على صحيح البخاري من ناحية وجود رواة لا يتناسقون مع المعايير العالية التي التزم بها البخاري نفسه في شروط صحة الرواية، عدد رواة البخاري من غير الصحابة 1484 راوٍ، عدد الرواة المجروحين (أي الذين هناك ما يقدح في عدالتهم ويجعلهم غير متناسقين مع شروط البخاري) 17 راوياً فقط، أي إن نسبتهم إلى مجمل الرواة لن تتجاوز 1.14%….(هل يوجد تجربة بهذه الدقة في العالم؟) هؤلاء المجروحون لديهم ما يبلغ 23 حديثاً من أصل 7032 حديثاً أي نسبة هذه الأحاديث لا تتجاوز 0.4% ..! من هذه الأحاديث الـ 23 هناك متابعات بأسانيد قوية حسب معايير البخاري لـ21 حديثاً… أي إن البخاري أورد عدة طرق لنفس الحديث، وأورد أولاً الطرق القوية والخالية من العلة ثم أضاف الطرق الأقل قوة.. وهذا يقلل نسبة الخطأ إلى 0.03%.. الحديثان المتبقيان لا يتضمنان أية عقيدة أو سلوك، واحد منهما عن اسم فرس للنبي عليه الصلاة والسلام والآخر يروي جانباً من حادثة الإفك وهي حادثة مروية بعدد كبير من الأحاديث في البخاري وغيره ولن يؤثر عليها حتى لو حذف هذا الحديث! وهذا يزيد طبعاً من نسبة دقة البخاري ويجعلنا أكثر ثقة بالآليات التي أوصلت لهذه الدقة والتي جعلته دوناً عن سواه الأكثر قبولا عند الأمة..(دون أن يعني ذلك الإيمان بعصمته أو قداسته فنتاجه جهد بشري وصل لدرجة عالية من الدقة والإتقان لكنه يظل جهداً بشرياً).. سقت كل ما سبق لا لتبجيل البخاري أو سواه من رجال الحديث بل لتوضيح الجهود الكبيرة التي بذلت لمواجهة المشاكل التي يمكن أن تنتج عن الأخذ بحديث ضعيف أو موضوع أو ترك حديث صحيح.. أكرر: كل علم الحديث، بكل ضوابطه وأقسامه، كان الاستجابة العلمية الأدق والأفضل لمواجهة مشاكل كهذه.. نقد متن الحديث و سلسلة الدومينو تباعا.. اليوم، يتصور البعض، أنه بالإمكان حرق المراحل، وتجاوز أسانيد الرواة، والحكم على الحديث بالصحة والضعف بناءً على ما يتصوره هؤلاء أنه “العقل” (علماً أن مصطلح العقل مطاط جداً ويعامل كما لو كان مطلقاً بينما هو يتغير بحسب المؤثرات الثقافية المحيطة).. نقد متن الحديث بمعزل عن سنده ليس ظاهرة حديثة، فقد كتب فيها ابن القيم كتاباًً مهماً هو “المنار المنيف في الصحيح والضعيف” حدد فيه أربعاً وأربعين علامة يمكن من خلالها معرفة ما إذا كان الحديث ضعيفاً قبل النظر في سنده، واستخرج بعض الباحثين عشر قواعد ذهبية في نقد متن الحديث عند ابن تيمية… هذا الجهد المؤصل لم يهدف إلى تضعيف حديث ثبتت صحته سنداً، بل كان بمثابة التعضيد للأول، أي الوصول إلى النتيجة ذاتها عبر طريق وقواعد مختلفة.. لكن ما الذي يحدث عندما يبدو لنا أن هناك تناقضاً ما، أو خللا ما بين متن حديث صحيح ومنطوقه وبين نصوص أخرى أو مبادئ عامة مستمدة من نصوص قاطعة..؟ حلّ التناقض عبر القول إن الحديث ضعيف –حتى لو صح سنده- ليس حلاً، بل هو انتحار،.. لأننا نفتح أبواب مشاكل أكبر تباعاً.. فالحديث صحيح سنداً، وإذا حدث وضعّفناه فإن لا شيء عملياً سيمنع تطبيق هذا التضعيف على كل حديث نراه مغايرا لما نفهمه من مبادئ عامة.. سيكون هذا التضعيف بمثابة إسقاط لقطعة دومينو تجر وراءها سلسلة الأحاديث الصحيحة كلها (وهذا هو بالتأكيد ما يريدونه!) ما هو أسلم وأكثر علمية هو بذل بعض الجهد (بعد التأكد من صحة الحديث سندا) في فهم السياق المحتمل الذي ورد فيه هذا الحديث الذي يناقض غيره من نصوص، فلنتذكر هنا أن الحديث النبوي ليس قرآنا حفظ كلمة بكلمة وحرفا بحرف، بل هو أحياناً رواية لصحابي عن واقعة ربما شهد جزءاً منها، وربما رواها بالمعنى لا باللفظ وهو أمر مقبول عند أهل الحديث، وهذا كله يحتم علينا-ما دام السند صحيحاً- أن نبحث عن تفاصيل ساقطة من السياق أو سبب يمنح الحديث خصوصية، عبر البحث عن كل ما يمكن إيجاده عن الواقعة.. إرضاع الكبير:زوبعة في فنجان حليب! على سبيل المثال: حديث إرضاع الكبير الذي عرف شهرة كبيرة مؤخراً لأسباب لا تخفى، الحديث صحيح وهو في البخاري ومسلم، يمكن أن ينجرّ البعض بسهولة إلى رفضه لأسباب واضحة، لكن ذلك سيفتح باباً ما لا يمكن معرفة عواقبه من أبواب عديدة ومختلفة لرفض أي حديث صحيح بناء على أنه لا يتوافق مع فهمنا لنصوص أخرى.. وهكذا سيتم تضعيف وإقصاء نصوص صحيحة لصالح نصوص أخرى تتسق مع رؤية معينة يريد أصحاب أجندة معينة تمريرها.. لا أتحدث هنا عن حديث “إرضاع الكبير” على الإطلاق بل عن المبدأ ككل.. أيُّ تضعيف لحديث صحيح بناء على ما نعده غرابة متنه سيفتح الباب مشرعاً أمام أصحاب الأهواء ليمرروا ما يريدون.. وما دمنا في حديث إرضاع الكبير، فإن البحث عن تفاصيل السياق، التي قد لا تظهر في الحديث مجردا، وبالتأكيد لا تظهر في وسائل الإعلام التي تصطاد في الماء العكر، سيدلنا على خصوصية القصة ضمن سياقها الطبيعي المتدرج في المرحلة التي تلت تحريم التبني، فسالم كان ابناً لأبي حذيفة بالتبني قبل أن يحرم الإسلام التبني، كانت امرأة أبي حذيفة قد ربت سالماً على حجرها كما لو كان ابناً لها،.. إلا أنها لم ترضعه، فصار زوجها أبو حذيفة يتحرج من وضع سالم الجديد بينهم (لم يعد ابناً لهم بل صار مولى).. وهكذا كان إرضاعه(بالواسطة حتما أي دون تماس بين البشرتين) هو الحل الذي يخص سالما وحده ولا يخص أيَّ أحد سواه ولا يمكن أن يبنى عليه حكم فقهي يتجاوز هذه المرحلة الانتقالية.. وهذا أكثر علمية ودقة من مجرد رفض الحديث لأن متنه لم يوافق ما نفهمه.. ليتهم كانوا مثل الغزالي.. لكن ليس كل من ينقد متن الحديث ويرفضه يقصد الطعن بالسنة بالضرورة، ولا يمكن أن تغيب عن بالنا هنا محاولة الشيخ محمد الغزالي رحمه الله في كتابه (السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث) التي رفض فيها بضعة أحاديث صحاح لما وجد فيها من معانٍ عدّها شاذة.. وأنا أودّ أن أسجّل هنا احترامي للشيخ الغزالي وتقديري بل وتأثري الكبير به، ومَن مثله لا يحتاج لثناء مَن هو مثلي، لكني أثبت هذا كي أؤكد أن عدم اقتناعي بوجود شذوذ حقيقي في الأحاديث لا ينبع من موقف مسبق من الشيخ الغزالي رحمه الله.. ولكي أثبت فقط أن البحث عن سياقات محتملة للحديث بين سطوره، أو التأويل إن شئتم، يبقى أسلم وأدق.. على سبيل المثال، اعترض الشيخ على متن حديث “إن أبي وأباك في النار” وتساءل عن الحكمة والفائدة في زجّ والده عليه الصلاة والسلام في النار وقد توفي قبل بعثته الشريفة؟.. لكن متابعة نص الحديث قد تجعلنا نفهم شيئا آخرا غير ما فهمه الشيخ الغزالي و استصعبه،حيث أن أحدهم قد سأل الرسول عليه الصلاة والسلام عن أبيه (أي أبي السائل) فقال له الرسول: في النار، فلما انصرف الرجل، ناداه الرسول ليقول له “إن أبي وأباك في النار” (الحديث في صحيح مسلم) والسياق العام هنا –كما هو واضح- لا يشير إلى شخص والد الرسول ابتداء بل جاء ذكره عرضا أي أنه من المحتمل إنه يشير إلى ضرورة التخلص من التفكير غير المجدي في الآباء، في ضرورة إحداث قطيعة تامة لإرث الجاهلية، في ضرورة البدء من جديد والانسلاخ من كل ما يعطل ذلك،.. تقبل فكرة أن كل ما مضى سيكون في النار، مهما كنا متعلقين عاطفيا به، سيؤهلنا لإحداث هذه القطيعة الضرورية للبدء والبناء بمعزل عن أنقاض الماضي.. هكذا فإن جملة ” إن أبي وأباك في النار” يمكن أن تفهم في سياق لا يمس شخص والد الرسول بقدر ما يمس مفهوم الآبائية برمته.. اعترض الشيخ أيضا على الحديث المتفق عليه من أن ملك الموت عندما أمره الله أن يقبض روح موسى عليه السلام فإن موسى رفض ذلك ولطمه على عينه وفقأها.. والشيخ الغزالي لا يعترض على تمثل ملك الموت بل على عدم رغبة موسى في الموت ولقاء ربه وهو ما يعده الشيخ شاذاً إذ إن العباد الصالحين يكونون مشتاقين للقاء الله فكيف بنبي كريم بل من أولي العزم من الرسل مثل موسى؟ لكن لِمَ لا يكون موسى قد تمنى عدم الموت في تلك الفترة -بغضّ النظر عن تمثُّل ملك الموت وحادثة لطم العين التي قد تكون مجازاً- لأنه ببساطة كان يودّ إكمال مهمته قبل الموت، كان موسى آنذاك في طريقه لا يزال يقود قومه خروجاً من التيه إلى فلسطين، وكان يودّ كأي صاحب رسالة أن يلاقي ربه وقد أتمّ مهمته.. أي إن عدم رغبته في الموت كان رغبة في المزيد من العمل وإصلاح قومه.. ولا علاقة للأمر بنظرتنا التقليدية للعبد الصالح الذي يشتهي الموت أكثر من أيّ شيء آخر..(كما إن نص الحديث في بعض طرقه يشير إلى ذلك صراحة،إذ يطلب موسى منه عز وجل أن يقربه من الأرض المقدسة). أنا هنا لا أقول إن هذه القراءة لما بين سطور الأحاديث هي قراءة نهائية وقاطعة، بل هي مجرد أمثلة على تأويل أراه متماسكا مع بقية النصوص وأعتقد أنه يبقى أسلم من فتح باب “رد الأحاديث الصحيحة”.. موقف الغزالي رد فعل طبيعي تجاه تطرف”السنة قاضية على الكتاب” ينبغي هنا أن نثبت أن موقف الشيخ الغزالي رحمه الله كان “رد فعل” تجاه تطرُّف لا يمكن إنكار وجوده تجاه الحديث النبوي، تطرُّف ساوى بين القرآن والسنة، وقرأ القرآن بعيون السنة بدلاً من العكس، وجعل “السنة قاضية على الكتاب”-صراحة وبصوت عالٍ- بدلاً من أن يكون الاحتكام إلى الكتاب هو الأساس في فهم الأحاديث ووضعها في موضعها المناسب وبحجمها المناسب.. هذا التطرُّف ليس وليد اليوم ولا هو ظاهرة حديثة، فهناك أثرٌ واضح له في التراث ، لكن العقود الأخيرة شهدت ازدهارا كبيرا لهذه الظاهرة لأسباب لا مجال للخوض فيها الآن ولا يمكن أن تعالج هذه الظاهرة إلا بنظرة جذرية تعيد ترسيم العلاقة بين القرآن والحديث النبوي وتضع كلاً منهما في مجال فاعليته الرئيسية.. أي دون إفراط في مساواة الحديث بالقرآن أو تفريط في رفضه لمجرد أنه لا يناسب ما نتصور أنه العقل.. (بالمناسبة،كتاب الغزالي يبقى أثرا مهما جدا رغم هذه الملاحظات، و اقترح قراءته بالتكامل مع كتاب الشيخ القرضاوي في الموضوع ذاته بعنوان”كيف نتعامل مع السنة النبوية؟” ففيه ما لا يمكن لمسلم معاصر أن يستغني عنه من القواعد في التعامل مع السنة النبوية خصوصا في ظل الهجوم اليومي الذي تتعرض له السنة من طرف خفي وغير خفي عبر وسائل الإعلام..).. القرآنيون:رد فعل..أم فعل مع سبق الإصرار والترصد؟ لكن أين من يطلقون على أنفسهم اسم “القرآنيين” من كل ذلك؟ وهل يمكن اعتبار موقفهم كرد فعل تجاه هذا التطرف في مساواة القرآن بالسنة على سبيل المثال؟ هل يمكن اعتبارهم رد فعل على ما يفعله الإعلام الموجه من تضخيم لفتاوى شاذة من أشباه علماء لغرض تشويه النظرة إلى الدين ورجاله؟.. الحقيقة هذه النظرة تبالغ في حسن الظن، فتعامُل القرآنيين مع الحديث الشريف أبعد ما يكون عن ذلك، وسنرى في مقال لاحق نماذج من التعامل المليء بالدس والتدليس مع صحيح البخاري على سبيل المثال.. كما أن “فوضاهم” تفوق بمراحل كل ما عرفناه من تطرف في الفتاوى عند البعض من أشباه العلماء..(تخيلوا أنهم مختلفون بشدة على كون الخمر حراماً أم حلالاً!..البعض منهم يرى حرمتها –جزاهم الله خيرا على ذلك!، البعض الآخر يرى أن لاشيء فيها !.. والبعض منهم يرى أن الأذان للصلاة بدعة!!.. إلى آخر هذه المهازل التي تمس حياة الفرد اليومية بينما فتوى إرضاع الكبير مثلا غير قابلة للتطبيق أصلاً..).. تعامل هؤلاء مع الحديث الشريف والمشاكل التي يمكن أن تنتج عن الأخذ بحديث ضعيف أو ترك حديث ضعيف، يشبه وصفة تقدم لشخص يعاني من بعض الصداع.. كل الوصفات السابقة التي قدمها المختصون كانت تركز على علاج المرض وأسبابه وإزالة أعراضه (وهذا هو علم الحديث ورجاله وكل جهودهم المستمرة حتى اليوم).. أما وصفة القرآنيين للتخلص من الصداع فهي تحل مشكلة وجع الرأس عبر قطع الرأس..! إنها تقضي على الصداع فعلا.. ولكنها تقتل في الوقت نفسه المصاب بالصداع…. هذه هي وصفة القرآنيين لنا..إنهم يقترحون حلاً لا يقبله عاقل..و نسف السنة النبوية والحديث الشريف هو انتحار يخسر من يقوم به الدنيا والآخرة على حد سواء.. وللكلام بقية.. |
#19
|
|||
|
|||
القرآنيون -3-: مسيلمة تلميذ عندهم !
د.أحمد خيري العمري http://www.quran4nahda.com/?p=1753 تتلخص خطة القرآنيين (عفوا، خطة من يطلقون على أنفسهم القرآنيين والقرآن منهم براء) في الإيقاع بضحاياهم عبر تشويه كتب الحديث المعتمدة والعلماء الذين قاموا بتصنيفها تشويهاً يهدم كل ثقة يملكها القارئ العادي بهذه المصنفات.. وعندما أقول تشويهاً فإني هنا لا أقصد التقليل من قيمتها العلمية أو المطالبة بإعادة النظر في بعض مكوناتها (وهو أمر يبقى مقبولاً طالما بقى ضمن إطار علمي).. لكن هذا ليس غايتهم على الإطلاق بل هم يركزون على نسفها تماما وبالكلية، وحرقها حرقا نهائياً بأثر رجعي غير قابل للنقض.. هم مثلاً، أو على الأقل في كتبهم المعتمدة والأساسية عندهم وكما سنأتي على ذكر الأمثلة تفصيلاً، يعتبرون أن كبار أهل الحديث كانوا يقودون مؤامرة ضد الرسول عليه الصلاة والسلام بغرض تشويه سيرته والحطّ من مكانته، وذلك عبر الافتراء عليه ووضع أحاديث ينسبونها له ووقائع يتهمونه بكونه جزءاً منها، وكل ذلك ليس سوى جزء من خطة معدة مسبقاً ضد الإسلام ورسوله.. نركّز هنا، كما سنأتي على أمثلة مقتبسة نصاً من أهم كتاب للقرآنيين، على أنهم لا يتحدثون عن خطأ غير متعمد –مثلاً-وقع فيه البعض من رواة وجامعـي الأحاديث- بل يتحدثون عن سبق إصرار وترصد مزعوم، ويكررون ذلك كثيراً وبإصرار كما فعل ويفعل كل محترفي التزوير عبر التاريخ..، أي كما عبّر بالنيابة عنهم جميعا “غوبلز”-وزير الإعلام في ألمانيا النازية: عندما تكذب كذبة كبيرة وتستمر في ترديدها، فإن هناك احتمالية كبيرة أن يصدقك الناس.. أي إن الكذبة يجب أن تكون كبيرة أولاً، ويجب أن تستمر في ترديدها طول الوقت لكي تجعل البعض يصدقك بالتدريج.. وهذا ما يفعله القرآنيون، كذبتهم كبيرة بحيث إنها تحوِّل البخاري إلى سلمان رشدي وأسوأ (بلا أية مبالغة.. وسنقتبس منهم مباشرة).. ثم إنهم بعد ذلك يرددون كذبتهم في كل حين، ويزعمون الدفاع عنه عليه الصلاة والسلام ضد العصابة المزعومة المكونة من البخاري ومسلم (وهي الفئة التي يتمنى أن يحشر معها كل مسلم عاقل محب للرسول عليه الصلاة والسلام).. لماذا يعمد هؤلاء أصلاً إلى ذلك؟ وما الهدف من إستراتيجية الكذب والتزوير هذه؟ الهدف عندهم هو إجراء مناورة يلتفون فيها حول حجية السنة، (أي حول كون السنة حجة ثابتة ومصدر أساسي في التشريع).. إنهم يدركون تماما صعوبة إلغاء هذه الحقيقة (كما سنأتي في مقال لاحق) لذلك فهم يحاولون إلقاء قنابل دخانية-صوتية، لا على حجية السنة بل على محتواها، فيزعمون أنه محتوى مكذوب على الرسول عليه الصلاة والسلام، وبالتالي لا يكون للحديث عن “حجية السنة” معنى ما دامت السنة التي وصلتنا نفسها جزء من مؤامرة ضده عليه الصلاة والسلام بزعمهم.. التشكيك الجزئي، خاصة عندما يكون عبر أكاذيب كبيرة، يبقى أسهل تنفيذاً وأكثر استجلاباً للنتائج بالنسبة لهم من النقاش النظري حول حجية السنة، لذا نراهم يبذلون جهداً اكبر في هذه الحملة وينفقون جزءاً كبيراً من جهدهم فيها.. سنرى أيضا تركيزهم في هذا على البخاري تحديداً أكثر من سواه، والهدف في ذلك واضح، عندما يشككون بالبخاري-وهو من هو في دقته العلمية-لا يعود هناك معنى أصلاً لبذل أي جهد للتشكيك بحديث في الترمذي أو ابن ماجة.. البخاري هو “الحلقة الأقوى” التي يدرك هؤلاء أن النيل منها سيؤدي إلى النيل من الحلقات الأقل قوة، أي من كل الأحاديث ضمناً.. لكن ما هي آليات النيل والتشكيك بالبخاري واتهامه بكل هذا وهو تلك القمة السامقة في علم الحديث؟ تدور آليات هذه الإستراتيجية حول محورين أساسيين يمكن أن نجدهما في كل التهم.. المحور الأول: يركز على أحاديث صحيحة وموجودة فعلاً في البخاري وغيره، وهي أحاديث تدور حول الحياة الخاصة بالرسول الكريم، أو علاقاته بأقاربه وقريباته، ويتم نقل النصوص غالباً من دون إحداث أي تزوير في نصوصها، ولكن إما بإخفاء بعض الحقائق، أو بالتعليق عليها على نحو يحرض القارئ على اتخاذ موقف ضدها. المحور الثاني: يعمل على إحداث تحريف في الأحاديث، غالباً ما تكون هذه التحريفات بسيطة جداً لكنها كفيلة بتغيير معناها تماماً ويصاحب ذلك تحريض القارئ في الأسلوب ذاته ضد البخاري. وهذا المحور أشد خبثاً وخطراً على القارئ الكسول الذي لا يحاول التدقيق فيما يسمع، ولكن من الناحية العملية هذا المحور يفضح القرآنيين، ولا يترك أي مجال لحسن الظن،.. يمكن للبعض أن يحسن الظن تجاه بعض هذيان القرآنيين (أن يعتبر أنهم ممن رُفِع عنهم القلم مثلا!).. أو أن يعدّهم مجرد ردّ فعل تجاه تيار ساوى بين القرآن والسنة دون ضوابط أو شروط.. لكن عندما يصل الأمر إلى وجود تحريف وتزوير متعمد فإن ذلك يقوّض أية إمكانية لحسن الظن بهم بل يجعل من يحسن الظن بهم في دائرة الاتهام المباشر.. نماذج من المحور الأول: فرضية إن الرسول لم يكن إنسانا ! من الأمثلة على النموذج الأول مجمل الأحاديث التي تتحدث عن العلاقة بينه عليه الصلاة والسلام وبين زوجاته، فالقرآنيون، من أجل نسف هذه الأحاديث، يفترضون أو يزعمون أن الرسول الكريم يجب أن يكون مشغولاً –طول الوقت،24/7 كما يقال اليوم، ببناء الأمة صباحاً وبالتهجد ليلاً، ولا وجود لعلاقة زوجية حقاً كما لو أن كل زيجاته عليه الصلاة والسلام هي زيجات شكلية مع وقف التنفيذ.. لذا فهو يستغرب ويستنكر ويستهول أي حديث يتحدث عن مرور الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم على زوجاته في ليلة واحدة، وننقل هنا نص ما كتب[i].. (“كيف كان النبي يقضي يومه: لك يا عزيزي القارئ أن تتخيل الإجابة على هذا السؤال وستجدها مطابقة لما جاء فى القرآن الكريم. فمنذ أن نزل الوحى على النبى وهو قد ودع حياة الراحة وبدأ عصر التعب والإجهاد والجهاد، ويكفى أن أوائل ما نزل من القرآن يقول له ﴿يا أيها المدثر. قم فأنذر﴾ و﴿يا أيها المزمل. قم الليل إلا قليلا﴾ أى أن وقت النبى منذ أن نزل عليه الوحى كان بين تبليغ الرسالة والمعاناة فى سبيلها ثم قيام الليل.. وليس هناك بعد ذلك متسع للراحة التى هى حق لكل إنسان، وانتقل النبى للمدينة وقد جاوز الخمسين من عمره فزادت أعباؤه، إذ أصبح مسئولاً عن إقامة دولة وتكوين أمة ورعاية مجتمع، ثم هو يواجه مكائد المنافقين فى الداخل والصراع مع المشركين باللسان والسنان، ثم هو بعد ذلك يأتيه الوحى ويقوم على تبليغه وتأسيس المجتمع المدنى على أساسه.. ونجح النبى عليه السلام فى ذلك كله. وفى السنوات العشر التى قضاها فى المدينة إلى أن مات انتصر على كل أعدائه الذين بدأوه بالهجوم، ودخل الناس فى دين الله أفواجا.. ومع هذا فإنه فى حياته عليه السلام لم ينقطع عن قيام الليل ومعه أصحابه المخلصين الذين كانوا الفرسان بالنهار العابدين لله تعالى بالليل، رضى الله عنهم أجمعين.. هذا ما لا نشك لحظة يا عزيزى القارئ فى أنك تتفق معنا فيه. بل وكل عاقل من أى ملة ودين لا يملك إلا أن يسلم بأن الذى أقام دولة من لا شىء ونشر دعوة ونهضت به أمة لا يمكن إلا أن يكون قد وهب وقته كله لله ولدين الله وعمل كل دقيقة فى حياته لتكون كلمة الله هى العليا وكلمة الذين كفروا هى السفلى.. (….) إذن كان النبى يقضى النهار فى الجهاد وتبليغ الدعوة ورعاية الدولة ويقضى ليله فى قيام الليل للعبادة، وكان معه أصحابه. هذا ما يثبته الرحمن فى القرآن. وهذا ما ينبغى الإيمان به وتصديقه إذا كنا نحب الله ورسوله ونؤمن بكتابه وندفع عن النبى الأذى وما يشوه سيرته العظيمة. وإذا بحثنا عن إجابة لنفس السؤال “كيف كان يقضى يومه” فى أحاديث البخارى وجدنا إجابة مختلفة وعجيبة.. نقرأ فى البخارى حديث أنس “إن النبى كان يطوف على نسائه فى ليلة واحدة وله تسع نسوة”. (…….) والآن.. هل نصدق حديث القرآن عن النبى وقيامه الليل مع أصحابه وانشغالهم بالجهاد أم نصدق تلك الروايات البشرية؟ نترك لك ذلك عزيزى القارئ. ولا حول ولا قوة إلا بالله..!!) انتهى باختصار –القرآن وكفى،الفصل الثالث..“ وهكذا فالكاتب يفترض وجود تعارض بين قيام الليل والجهاد والتبليغ وبين العلاقة الزوجية، وهي نظرة رهبانية لا وجود لها في الاسلام، بل إنها مضادة تماما للتوازنات التي عبّر عنها الإسلام، والتي هي جزء أساسي من فاعليته ومن تميزه عن بقية الأديان.. بل هي نظرة مؤذية وسلبية جداً على صعيد تعليم الأجيال: إذ إنها تعطي انطباعاً خاطئاً عن القائد أو داعية التغيير بأنه “رجل خارق” تخلّص من إنسانيته واحتياجاته البشرية وعواطفه، وهي نظرة تؤدي عملياً إلى عدم ظهور “القادة الحقيقيين” وإلى التشويش عليهم عندما يظهرون فعلاً دون أن يكفوا عن كونهم بشرا.. وللحقيقة فإني هنا لا أؤمن أن من يُسمّون أنفسهم قرآنيين يؤمنون حقاً بالنظرة التطهرية، فمعظم من نكبت بمعرفتهم منهم كانوا متفلتين من أبسط الالتزامات الشرعية، لكنهم فقط يزايدون على البخاري.. بل على الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام.. (فلنتذكر هنا أن نص ما ذكره الكاتب كان تحت عنوان كيف كان الرسول يقضي يومه، ولكنه انتقى هذه الأحاديث فقط كما لو أن البخاري لم يروِ شيئا عن تعبد الرسول وعن جهاده وقيامه وخصفه لنعاله ومساعدته لأهله..الخ) من الأمثلة الأخرى نطق الرسول بكلمة معينة لها معنى الجماع الصريح.. ومرة أخرى ننقل من نصوصهم… (…”ولا تتورع -!-أحاديث البخارى عن نسبة الألفاظ النابية والتعبيرات المكشوفة الخارجة للنبى عليه السلام، وذلك حتى تكتمل صورة الشخص المهووس بالجنس والنساء التى أحاط بها شخصية النبى عليه السلام وسيرته فى ليله ونهاره. فهناك حديث نسبه البخارى للنبى جعل النبى يقص قصة إسرائيلية يقول فيها “وكان فى بنى إسرائيل رجلً يقال له جريج كان يصلى جاءته أمه فدعتهفقال: أجيبها أو أصلى فقالت: اللهم لاتمته حتى تريه وجوه المومسات” .. إن الرجل المحترم لا يستطيع أن يتلفظ بهذه الكلمة (المومسات) فكيف برسول الله عليه الصلاة والسلام.. وتلك القصة لا تستند إلى منطق درامى فى عالم التأليف .واعتقد أن الهدف من صياغتها الركيكة هى أن يضعوا كلمة نابية على لسان الرسول بأى شكل.. وتفوح الإيحاءات الجنسية المثيرة من بعض أحاديث البخارى التى ينسبها للنبى مثل “لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعها آخر اليوم”. (البخارى الجزء السابع ص 42) وما الذى نستفيده من هذه النصيحة الغير الغالية. وأسوأ ما فى هذه الأحاديث المكشوفة هو لفظ أورده البخارى لا نجرؤ على كتابته ونترك للقارئ فهمه والبحث عنه بنفسه، يقول “لما أتى ماعز بن مالك النبى (صلى الله عليه وسلم) قال له: لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت: قالا لا… قال (…..)(2) لايكنى، قال فعند ذلك أمر برجمه”..هل نتصور قائد أمة يتلفظ بهذا اللفظ النابى؟ فكيف بالرسول الكريم الذى قال فيه ربنا جل وعلا ﴿وإنك لعلى خلق عظيم﴾!!! نعوذ بالله من الكذب على رسول الله… ) انتهى..الفصل الثالث باختصار..“ هذه المزايدات السخيفة لا تزايد على البخاري ،ولا على النبي عليه أفضل الصلاة والسلام بل على رب العزة الذي ذكر في القرآن نفسه ألفاظا مثل عتل وزنيم في سياق التعريض بالمشركين.. ينبغى كذلك التفريق بين التلفظ بكلمة معينة لها مدلولها ضمن السياق، وبين الكلمة في سياق السب والتعريض بالأشخاص المنهي عنه حتماً.. حوار الرسول عليه الصلاة والسلام مع ماعز مثلاً هو بمثابة تحقيق يتطلب أن تكون فيه كل كلمة واضحة، فكلمة زنا مثلاً يمكن أن تكون بمعان مختلفة (كما في الحديث الشريف، زنا النظر، وزنا اللسان..الخ).. لذلك من أجل التأكد كان لابد من استخدام اللفظ المباشر الذي يؤكد وقوع ما يستلزم تنفيذ الحدّ الشرعي.. هذا بالإضافة إلى إن تحديد ما يكون أو لا يكون مناسباً للذوق العام أمر يختلف من منطقة لأخرى ومن زمان لآخر(الرجاء عدم تحويل ذلك إلى مسألة صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان فالحديث عن لفظ عابر وليس عن حكم شرعي) ومن الأمثلة المعروفة أن اللفظ الذي يشار به للمرأة في لهجة العراق أو المشرق العربي عموماً، يعد لفظا نابياً في مصر.. فهل يعني هذا شيء على الإطلاق.. هل يمكن أن نستهول اللفظ إذا نطق به عراقي ضمن بيئته؟.. أسجل مرة أخرى عدم اقتناعي بعفة لسان الكاتب لدرجة أنه يستهول وجود ألفاظ كهذه، فما نقل عنه من تصريحات سوقية في موقعه على الانترنت ينافي ذلك تماما “السنة دي ودت الإسلام في داهية.. والبخاري مليان بلاوي..!!) كما إن اعتراضه على ورود لفظ المومسات أو النهي عن ضرب المرأة ومن ثم مجامعتها، هذا الاعتراض مجرد تنطع سخيف لا محل له من الإعراب اللهم إلا بالبحث عن “ضمير غائب تقديره..هُم! كل ما مضى يبقى أقل مما سيأتي، الرجل مرهف الحس ورقيق ولا يود أن يعرف أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان إنسانا بكل معنى الكلمة ويزعجه الحديث عن ذلك.. لكن لنر الآن هذا المقطع الخطير المنقول نصا من الكتاب ذاته.. “..يسند البخارى رواية أخرى لأنس تجعل النبى يخلو بأم سليم الأنصارية، تقول الرواية “إن أم سليم كانت تبسط للنبى نطعاً فيقيل عندها- أى ينام القيلولة عندها- على ذلك النطع، فإذا نام النبى أخذت من عرقه وشعره فجعلته فى قارورة ثم جمعته فى سك” ويريدنا البخارى أن نصدق أن بيوت النبى التى كانت مقصداً للضيوف كانت لا تكفيه وأنه كان يترك نساءه بعد الطواف عليهن ليذهب للقيلولة عند امرأة أخرى، وأثناء نومه كانت تقوم تلك المرأة بجمع عرقه وشعره.. وكيف كان يحدث ذلك.. يريدنا البخارى أن نتخيل الإجابة.. ونعوذ بالله من هذا الإفك. ..ثم يؤكد البخارى على هذا الزعم الباطل بحديث أم حرام القائل “كان رسول الله يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه، وكانت أم حرام تحت عبادة بن أبى الصامت فدخل عليها رسول الله فأطعمته وجعلت تفلى رأسه فنام رسول الله ثم استيقظ وهو يضحك فقالت: وما يضحكك يا رسول الله؟… إلخ” فالنبى على هذه الرواية المزعومة تعود الدخول على هذه المرأة المتزوجة وليس فى مضمون الرواية وجود للزوج، أى تشير الرواية إلى أنه كان يدخل عليها فى غيبة زوجها ويصور البخارى كيف زالت الكلفة والاحتشام بين النبى وتلك المرأة المزعومة، إذ كان ينام بين يديها وتفلى له رأسه وبالطبع لابد أن يتخيل القارئ موضع رأس النبى بينما تفليها له تلك المرأة فى هذه الرواية الخيالية، ثم بعد الأكل والنوم يستيقظ النبى من نومه وهو يضحك ويدور حديث طويل بينه وبين تلك المرأة نعرف منه أن زوجها لم يكن موجوداً وإلا شارك فى الحديث. وصيغة الرواية تضمنت الكثير من الإيحاءات والإشارات المقصودة لتجعل القارئ يتشكك فى أخلاق النبى. فتقول الرواية “كان رسول الله يدخل على أم حرام..” ولاحظ اختيار لفظ الدخول على المرأة ولم يقل كان يزور والدخول على المرأة له مدلول جنسى لا يخفى، والايحاء هنا موظف جيدا بهذا الأسلوب المقصودة دلالته. ثم يقول عن المرأة “وكانت أم حرام تحت عبادة بن أبى الصامت” فهنا تنبيه على أنها متزوجة ولكن ليس لزوجها ذكر فى الرواية ليفهم القارئ أنه كان يدخل على تلك المرأة المتزوجة فى غيبة زوجها، وهى عبارة محشورة فى السياق عمدا حيث لا علاقة لها بتفصيلات الرواية . الا أن حشرها هكذا مقصود منه ان النبى كان يدخل على امرأة متزوجة فى غيبة زوجها ويتصرف معها وتتعامل معه كتعامل الزوجين. وحتى يتأكد القارىء ان ذلك حرام وليس حلالا يجعل البخارى اسم المرأة “أم حرام” ليتبادر إلى ذهن القارئ أن ما يفعله النبى حرام وليس حلالاً. ثم يضع الراوى- بكل وقاحة- أفعالاً ينسبها للنبى عليه السلام لا يمكن أن تصدر من أى إنسان على مستوى متوسط من الأخلاق الحميدة فكيف بالذى كان على خلق عظيم.. عليه الصلاة والسلام، فيفترى الراوى كيف كانت تلك المرأة تطعمه وتفلى له رأسه وينام عندها ثم يستقيظ ضاحكاً ويتحادثان.. نعوذ بالله من الافتراء على رسول الله.. وقد كرر البخارى هذه الرواية المزعومة بصور متعددة وأساليب شتى ليستقر معناها فى عقل القارئ ) انتهى.المصدر ذاته. البخاري إذن هنا وفي رأي الكاتب يتحول إلى سلمان رشدي بل أخطر من ذلك، فالأخير قوبل برفض من قبل عموم المسلمين، أما المؤامرة البخارية في زعم الكاتب، فقد انطلت على المسلمين، وصدقوا جميعا هذه الافتراءات.. فلنلاحظ محاولة الكاتب حشو النص الذي رواه البخاري بملاحظاته، فهو يقول إن الرسول الكريم بعد أن انتهى من “طوافه”على نسائه، ذهب لينام عند امرأة أخرى.. فهو يحاول قسرا إسقاط معنى الطواف على زيارة النبي عليه الصلاة والسلام لأم سليم (كما لو أن البخاري قد أورد الحديثين الواحد تلو الآخر!) وإدراج ذلك ضمن إيحاءات لم ترد في نص البخاري قط…. كذلك يكرر نفس الاتهامات في سياق قصة أم حرام، فهو يقرر أن كلمة حرام هنا كانت لتذكير القارئ بأنه عليه الصلاة والسلام كان يفعل الحرام..! كما إنه يقرر أن البخاري تعمد استخدام لفظ “الدخول” ليوحي لنا بما تعنيه الكلمة من معان جنسية.. كما يتهم البخاري بأنه تعمد ذكر اسم زوج المرأة ليذكر القارئ بأنها كانت امرأة متزوجة وأن الرسول كان يدخل عليها في غيبة زوجها!! القارئ العادي، قليل الإطلاع أو حتى المتوسط الإطلاع ستؤثر عليه الشبهة، وسيجد نفسه أمام خيارين: إما أنه عليه الصلاة والسلام كان يفعل ذلك بكل ما يعنيه الأمر .. أو أن البخاري يكذب عليه، وهذا يعني أنه يمكن أن يكذب في كل شيء رواه عنه.. والحقيقة التي تعمد الكاتب إخفاءها والتي لا أشك أنه يعلمها علم اليقين، هي أن أم سليم وأم حرام (وهما شقيقتان بالمناسبة) هما خالتا النبي عليه الصلاة والسلام بالرضاعة، خالتاه..!(أي أنهما أختا والدة الرسول الكريم آمنة بنت وهب بالرضاعة،وهما من بني النجار نفس عشيرة آمنة بنت وهب..).. الرجل حشد الحديث بكل ما يمكن وما لا يمكن من إيحاءات، بل وأمسك طبلاً ليشهر ويفضح ويغمز ويلمز.. والنتيجة هي أنه لم يكن يغمز البخاري فحسب بل كان عمليا يغمز الرسول عليه الصلاة والسلام.. هل هناك تزوير وكذب أكثر من هذا، من تمرير القصة وبهذا السياق دون ذكر أن المرأة كانت خالته، وأنها من محارمه عليه الصلاة والسلام..؟ هل هناك تعمد أكثر من هذا..؟ وهل يمكن تبرئة الكاتب والتصور أنه يهدف للدفاع عن الرسول عليه الصلاة والسلام..(الدفاع عنه ضد من؟ ضد البخاري!..) قد يقول قائل: لِم لَم يقل البخاري أنها خالته وينهي المشكلة أصلاً ويردّ الشبهة.. أية مشكلة وأية شبهة؟؟!!.. هل كان على البخاري أن يعرف أي سوء سيأتي به أدعياء التجديد وأمثالهم، المرأة كانت خالته، وكان ذلك معروفا عند الناس، ولذلك لم يذكر ذلك وليس مطلوبا منه أن يرد على شبهات لم تطرح في وقته.. (يحضرني هنا استغلال من نوع آخر للحديث ذاته، قام به أحد أدعياء التجديد،إذ إنه بنى على الحديث جواز الاختلاط والدخول على النساء الأجنبيات والنوم عندهن! ..).. نماذج من المحور الثاني..نقاط على الحروف: نماذج المحور الثاني أكثر خطورة وجرأة عبر إحداث تحريف بسيط جداً في نص الحديث لكنه تحريفٌ كافٍ ليغير المعنى ليتناسب مع التعليقات التي يحشدها على الحديث… ومع النصوص.. (…. ونقرأ حديث أنس: “جاءت امرأة من الأنصار إلى النبى فخلا بها فقال: والله إنكن لأحب الناس إلى” والرواية تريد للقارئ أن يتخيل ما حدث فى تلك الخلوة التى انتهت بكلمات الحب تلك.. ولكن القارئ الذكى لابد أن يتساءل إذا كانت تلك الخلوة المزعومة قد حدثت- فرضاً- فكيف عرف أنس- وهو الراوى ما قال النبى فيها؟. وفى نفس الصفحة التى جاء فيها ذلك الحديث يروى البخاري حديثاً آخر ينهى فيه النبي عن الخلوة بالنساء، يقول الحديث “لا يخلونّ رجل بامرأة إلا مع ذي محرم” وذلك التناقض المقصود فى الصفحة الواحدة فى “صحيح البخارى” يدفع القارئ للاعتقاد بأن النبى كان ينهى عن الشىء ويفعله.. يقول للرجال “لا يخلون رجل بامرأة” ثم يخلو بامرأة يقول لها “والله إنكن لأحب النساء إلى” هل نصدق أن النبى عليه السلام كان يفعل ذلك؟ نعوذ بالله…)انتهى الاقتباس. حرف واحد فقط هو الذي اختاره الكاتب هنا،لكنه حرف يغير المعنى كليا.. فنص حديث البخاري قال في طريق آخر “إنكم لأحب الناس إلي” (علما أن الكاتب لاحقا غير كلمة الناس إلى النساء في سياق تعليقه ليتماشى أكثر مع تهمة الغزل)..!! بين إنكم وإنكن فرق كبير جدا.. فهو لم يكن يوجه حديثه إلى النسوة خاصة.. بل إلى الأنصار عموما، والكلام يحتوي على فرق كبير،خاصة أنه حشده بما شاهدنا من إيحاءات مثل (يمكن للقارئ أن يتخيل ما حدث في تلك الخلوة!).. والحقيقة هي أن الرسول انتحى بالمرأة جانباً وقال لها ما لا خلاف عليه ولا إشكال فيه من تفضيله للأنصار..(وفي طريق آخر للحديث عند البخاري أيضا كان مع المرأة أولادها الثلاث أي أنها لم تكن خلوة أصلا) ولم ير أحد أي إشكال في الأمر حتى جاءت هذه النماذج لتحاول هدم مكانته عليه الصلاة والسلام تحت شعار محاربة البخاري.. كما إن وضع الحديث في نفس الصفحة مع حديث النهي عن الخلوة كان كما هو واضح لتعليمنا كيف يمكن للاختلاط أن يكون شرعيا، أي أن الخلوة هنا كانت أمام الناس بحيث إن الناس يرون ما يحدث ويسمعون على الأقل صوت أحد المتحدثين..أو ان تكون برفقة صغار من طرف المرأة. نفس التغيير أحدثه الكاتب عندما روى قصة الجونية وصورها كما لو كانت قصة اختطاف ومحاولة اغتصاب ..فلنحاول أولاً أن نقرأ القصة مجردة عن تعليقاته.. عَنْ أَبِى أُسَيْدٍ – رضى الله عنه – قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – حَتَّى انْطَلَقْنَا إِلَى حَائِطٍ يُقَالُ لَهُ الشَّوْطُ، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى حَائِطَيْنِ فَجَلَسْنَا بَيْنَهُمَا فَقَالَ النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – « اجْلِسُوا هَا هُنَا » . وَدَخَلَ وَقَدْ أُتِىَ بِالْجَوْنِيَّةِ، فَأُنْزِلَتْ فِى بَيْتٍ فِى نَخْلٍ فِى بَيْتٍ أُمَيْمَةُ بِنْتُ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ وَمَعَهَا دَايَتُهَا حَاضِنَةٌ لَهَا، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « هَبِى نَفْسَكِ لِى » . قَالَتْ وَهَلْ تَهَبُ الْمَلِكَةُ نَفْسَهَا لِلسُّوقَةِ . قَالَ فَأَهْوَى بِيَدِهِ يَضَعُ يَدَهُ عَلَيْهَا لِتَسْكُنَ فَقَالَتْ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ . فَقَالَ « قَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ » . ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا، فَقَالَ « يَا أَبَا أُسَيْدٍ اكْسُهَا رَازِقِيَّتَيْنِ وَأَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا. وللحديث طريق آخر في البخاري أيضا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ – رضى الله عنه – قَالَ ذُكِرَ لِلنَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – امْرَأَةٌ مِنَ الْعَرَبِ، فَأَمَرَ أَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِىَّ أَنْ يُرْسِلَ إِلَيْهَا فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا، فَقَدِمَتْ فَنَزَلَتْ فِى أُجُمِ بَنِى سَاعِدَةَ، فَخَرَجَ النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – حَتَّى جَاءَهَا فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَإِذَا امْرَأَةٌ مُنَكِّسَةٌ رَأْسَهَا، فَلَمَّا كَلَّمَهَا النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَتْ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ . فَقَالَ « قَدْ أَعَذْتُكِ مِنِّى » . فَقَالُوا لَهَا أَتَدْرِينَ مَنْ هَذَا قَالَتْ لاَ . قَالُوا هَذَا رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – جَاءَ لِيَخْطُبَكِ . قَالَتْ كُنْتُ أَنَا أَشْقَى مِنْ ذَلِكَ . فَأَقْبَلَ النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – يَوْمَئِذٍ حَتَّى جَلَسَ فِى سَقِيفَةِ بَنِى سَاعِدَةَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، ثُمَّ قَالَ « اسْقِنَا يَا سَهْلُ » . فَخَرَجْتُ لَهُمْ بِهَذَا الْقَدَحِ فَأَسْقَيْتُهُمْ فِيهِ، فَأَخْرَجَ لَنَا سَهْلٌ ذَلِكَ الْقَدَحَ فَشَرِبْنَا مِنْهُ . قَالَ ثُمَّ اسْتَوْهَبَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَعْدَ ذَلِكَ فَوَهَبَهُ لَهُ . الرواية إذن عن امرأة ذكرت للرسول وجاء ليخطبها فامتنعت أو أنها خدعت فقيل لها أن تتعوذ منه (كما جاء في غير روايات البخاري) المهم أنها أظهرت تمنعا بغض النظر إن كان ذلك حقيقياً أو أنه كان تمنعاً “نسوياً”.. وأنه عليه الصلاة والسلام قد أكرمها وأرجعها إلى أهلها..(قيل إنها ظلت تلقط البعر وتردد أنا الشقية). كيف تعامل من يسميه أتباعه شيخ القرآنيين مع القصة؟ (..إذ يروى عن بعضهم حديثاً يقول “خرجنا مع النبى (صلى الله عليه وسلم) حتى انطلقنا إلى حائط- أى بستان أو حديقة- يقال له الشوط، حتى انتهينا إلى حائطين فجلسنا بينهما فقال النبى: اجلسوا هاهنا، ودخل وقد أُتى بالجونية فأنزلت فى بيت نخل فى بيت أميمة بنت النعمان بن شراحيل ومعها دايتها حاضنة لها، فلما دخل عليها النبى (صلى الله عليه وسلم) قال: هبى نفسك لى. قالت: وهل تهب الملكة نفسها للسوقة، فأهوى بيده عليها لتسكت فقالت: أعوذ بالله منك.. وبالتمعن فى هذه الرواية الزائفة نشهد رغبة محمومة ! من البخارى لاتهام النبى بأنه حاول اغتصاب ! امرأة أجنبية جىء له بها، وانها رفضته وشتمته باحتقار . فالراوى يجعل النبى يذهب عامداً إلى المكان المتفق عليه وينتظره أصحابه فى الخارج، والمرأة الضحية- واسمها الجونية- قد أحضروها له، ونفهم من القصة أنها مخطوفة جئ بها رغم أنفها. ويدخل النبى فى تلك الرواية المزعومة على تلك المرأة وقد جهزتها حاضنتها أو وصيفتها لذلك اللقاء المرتقب، والمرأة فى تلك الرواية المزعومة لم تكن تحل للنبى لذا يطلب منها أن تهب نفسها له بدون مقابل، وترفض المرأة ذلك بإباء وشمم قائلة “وهل تهب الملكة نفسه للسوقة؟” أى تسب النبى فى وجهه – بزعم البخارى – وبدلا من أن يغضب لهذه الاهانة يصر على أن ينال منها جنسيا ويقترب منها بيده فتتعوذ بالله منه، أى تجعله- فى تلك الرواية الباطلة- شيطاناً تستعيذ بالله منه.. ولكن ذلك البناء الدرامى لتلك القصة الوهمية البخارية ينهار فجأة أمام عقل القارئ الواعى.. إذا كان الراوي للقصة قد سجل على نفسه أنه انتظر النبي فى الخارج فكيف تمكن من إيراد الوصف التفصيلي والحوار الذي حدث فى خلوة بين الجدران؟؟..).. الشيء الوحيد الذي يريده شيخ القرآنيين أن ينهار هو كل ما يتعلق بسيرته وسنته عليه الصلاة والسلام.. حتى لو تطلب الأمر تحويل قصة الخطبة العادية إلى فلم جيمسبوندي تختطف فيه البطلة الحسناء.. قد تنهار هذه القصة إذا ما حاول القارئ أن يقرأ القصة الأصل في صحيح البخاري بمعزل عن تعليقات صاحبنا وقنابله الدخانية لكن هذا يتطلب أيضا قارئاً نفض عن نفسه الكسل وحاول تتبع القصة من مصادرها الأصلية وذلك رغم سهولته تقنيا في العصر الحالي إلا انه صار أصعب في عصر الثقافة الجاهزة وثقافة الوجبات السريعة.. وقد يزداد تعقيد الأمر عندما تخالط القارئ أهواء تزين له “ترك السنة” بكل التزامها.. التزوير في هذا القصة لم يقف عند شحنها وحشوها بالتعليقات فحسب، بل تجرأ أيضا على تغيير حرف واحد له دلالته، فقد قال “فأهوى بيده عليها لتسكت” والصحيح في رواية البخاري هو “لتسكن” أي ليهدئ روعها.. والفرق كبير بين اللفظتين.. فالإسكات هنا سينسجم مع قصة الاختطاف المزعوم بنية الاغتصاب.. كما لو أنه لا يريد أحدا أن يسمع صوت صراخها أثناء الواقعة.. بل إنه حذف عامدا لفظ ” يضع يده عليها” من جملة “فَأَهْوَى بِيَدِهِ يَضَعُ يَدَهُ عَلَيْهَا لِتَسْكُنَ” وذلك لكي يربطنا فقط بكلمة أهوى يده عليها، بما في ذلك من إيحاء بالتهديد.. هل يمكن لشيء أن يبرر ذلك الكذب كله؟ هل يمكن لأحد أن يقتنع مثلاً أنه استخدم طبعة للبخاري تحوي تلك الأخطاء؟ هل يعقل ذلك في عصر صار كل شيء في متناول الباحث في كبسة زر؟ وإذا فهم ذلك في الطبعة الأولى من الكتاب مثلا.. فهل يمكن فهمه في طبعة تلو أخرى؟ بل وفي موقعه الشخصي على الانترنت الذي يمكن تعديل الخطأ فيه بكبسة زر أيضاَ؟ .. ألا يوحي هذا الكذب أيضاً أن هؤلاء يعرفون فعلا أنهم مخطئون.. لِمَ تكذب إذا كنت مؤمناً بقضيتك؟ لم تضطر للافتراء على البخاري إن كنت مؤمناً أصلاً أن “القرآن وكفى”..ألا يمكن أن يكون “القرآن وكفى”-كما تدعي، إلا إذا كان البخاري قد كذب على النبي عليه الصلاة والسلام؟.. فإذا كان لم يكذب، بل كذبت أنت في نقلك لما قال.. ألا يعني هذا أن نظريتك كلها قائمة على الكذب؟؟ وستتهاوى عند أول تدقيق؟ كل ما ذكر في هذا الكتاب، الذي هو المصدر الأهم للقوم، هو من قبيل هذه الأكاذيب، إما تحريف للشرح أو استهوال لما هو طبيعي أو جرأة في تغيير الكلمات.. الإفك في نسف حادثة الإفك وإن تعجب من شيء فأعجب من إنكاره لقصة الإفك برمتها واتهامه البخاري بتلفيقها للنيل من سمعة السيدة عائشة.. كما لو أن القصة رويت عند البخاري فقط!.. (ألم نقل لكم إنه يحاول أن يجعل البخاري نسخة من سلمان رشدي؟).. تفسيره لآيات الإفك –بعد حذف قصة السيدة عائشة- فيه من الاضطراب ما يمكن أن يكون نموذجاً للكثير من التخبط الذي سيحدث فيما لو حذفت السنة.. فهو يقول مثلاً إن سورة النور كانت من أوائل ما أنزل في المدينة (كيف عرف؟! وهو مخطئ بكل الأحوال لكن على فرض أنه على صواب، كيف يمكن أن يعرف ذلك بغير الحديث السنة؟).. يقول بالنص: (فلا يزال حديث الإفك وصمة تطارد عائشة وتنسج الخيالات المريضة حولها أساطير وروايات، ووجد فيه بعض المستشرقين مجالاً للطعن في شرف عائشة وفى اتهام النبي بأنه اختلق الآيات ليبرئها، وهذه إحدى أفضال البخاري والمصدر الثاني علينا وعلى ديننا الحنيف..!! …. ولا ريب أن بعض المهاجرات كان حالهن أشد بؤساً فقد تركن أزواجهن المشركين فراراً بدينهن، ولا ريب أيضاً أنهن كن يتلقين مساعدات من بعض مؤمنى الأنصار الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.. ولا ريب أن المنافقين وجدوا فرصتهم فى تشويه ذلك العمل النبيل بإشاعة قصص كاذبة عن علاقات آثمة بين أولئك المؤمنين والمؤمنات من المهاجرات والأنصار.. …. ويؤكد ذلك أن آيات سورة النور تتحدث عن اتهام جماعة من أهل المدينة لجماعة من المؤمنين الأبرياء، تتحدث عن جماعة ظالمة اتهمت جماعة بريئة، تتحدث عن مجموعة ولا تتحدث عن ضحية واحدة وإنما عن مجموعة من الضحايا البريئات) انتهى. هكذا يقوم شيخ القرآنيين بالتضحية بالمجتمع برمته في سبيل الدفاع عن السيدة عائشة ضد افتراءات البخاري.. لكن لحظة واحدة.. لَم يفعل ذلك؟ من قال أصلاً أنه كان هناك السيدة عائشة أو حفصة أو أبو بكر أو عمر.. لم ترد هذه الأسماء أبداً في القرآن.. وهو لا يعترف بسند، تحت حجة القرآن وكفى.. فلماذا أصلاً يعترف بوجودهم ويدافع عن أي منهم.. ربما كان التاريخ كله كذبة من أكاذيب الرواة وأهل الحديث.. لعل هذه النتيجة التي يرومها هؤلاء؟.. أن يُحذَف تاريخنا بكل ما فيه.. وللحديث أيضا بقية.. |
#20
|
|||
|
|||
مقالات في التجديد
اللا قرآنيون 4: الحيل غير الشرعية لهدم الثوابت الشرعية اللا قرآنيون 4: الحيل غير الشرعية لهدم الثوابت الشرعية د.أحمد خيري العمري http://www.quran4nahda.com/?p=1778 رغم إيماني أن البحث عن أدلة لإثبات حجية السنة هي من قبيل لزوم ما لا يلزم، لأنها محاولة للبرهنة على ما يستحق أن يكون برهاناً وبديهة ، إلا إني سأضطر هنا للتذكير ببعض هذه الأدلة، ومن ثم عرض حيل القرآنيين للالتفاف عليها عبر نهج معين يعيد فهم وتركيب كل شيء ليجعل هذه الحيل تبدو متماسكة مع رؤيتهم المتفلتة من كل التزام شرعي.. من هذه الأدلة مثلا قال الله تعالى: ( من يطع الرّسول فقد أطاع الله ) وقوله تعالى: ( يـا أيّها الّذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرّسول )، والآية الكريمة: (فليحذر الّذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عـذاب ألـيم) والآية الكريمة: (فلا وربك لا يؤمنون حتّى يحكمُّوك فيما شجر بينهم ثمّ لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مـمّا قضيت ويسلموا تسليماً)، (فإن تنازعتم في شيء فردّوُه إلى الله والرّسول) إلخ… هذه الآيات ومثيلاتها كثير..[i] كيف يمكن لأيٍّ كان أن يهرب من الدلالات القاطعة لهذه الآيات التي يفهمها من كان له أبسط معرفة باللغة العربية وحدٌّ أدنى من العمليات العقلية التي تعني أنه مؤهل للتكليف؟.. كيف يمكن أن يهرب القرآنيون وهم يدَّعون إنهم يكتفون بالقرآن من الآيات القرآنية التي تحيل إلى السنة؟ وهي الآيات التي يمكن من خلالها ومن خلال تكاملها مع بقية الآيات-التي يحاول القرآنيون اجتزاءها- فَهْم كيف يمكن للكتاب أن يكون كافياً وفيه تفصيل وبيان كل شيء، إذ أنه يتكامل مع الآيات التي تحيل إلى التجربة النبوية التي تمثل التطبيق القرآني المباشر على أرض الواقع (وهذا هو الجواب الأساسي الذي يجب أن يستخدم عندما ينوح ويندب هؤلاء وهم يستخدمون هذه الآيات للتشكيك بالسنة، إذ ينبغي التذكير بالآيات التي تحيل إلى الرسول الكريم والتأكيد على عدم التناقض بين الأمرين بل تكاملهما..) الحيل التي يستخدمها هؤلاء تتمحور حول نقطتين أساسيتين، وهما نقطتان تؤديان إلى إعادة تفسير كل شيء لينسجم مع هذه الحيل وتكون النتيجة في النهاية تركيبة تشبه حذاء الطنبوري: كلها رقع!.. يقدم هؤلاء فرضيتهم (الخاطئة) دون برهان، لكنهم يبنون عليها كل شيء فيكونون كمن افترض أن الأرض مسطحة وأنه عندما يصل إلى طرفها الأقصى فإنه سيسقط في الفراغ المروع..! وقبل أن أسرد حيلهم الشرعية من مصادرهم أود أن أستميح القارئ عذرا في نقلي لهذه الركاكة التي لا علاج لها إلا بالنسف التام لطريقة التفكير التي أنتجتها، كما أود أن أؤكد على جديتي التامة في النقل إذ إن بعض ما يردده هؤلاء يمكن أن يفهم على أنه مزحة لا أكثر.. الحيلة الأولى: الطاعة للرسول ولا طاعة للنبي! تهدف الحيلة الأولى إلى إجراء عملية جراحية للفصل بين محمد الرسول ومحمد النبي ( هل يجب أن نقول صلى الله وسلم عليهما في هذه الحالة!!!) فمحمد الرسول هو محمد الذي نطق بالرسالة (أي بالقرآن؟) وهو من يجب أن نطيعه حصراً أما محمد النبي فهو محمد في حياته الشخصية ولا تلزمنا طاعته في شيء! مرة أخرى مع نصٍّ مقتبس من أهم كتبهم.. (..يخطئ الناس فى فهم الأمر بطاعة الرسول واتباع الرسول، وذلك لأنهم يخطئون فى فهم الفارق بين مدلول النبى ومدلول الرسول.. “النبى” هو شخص محمد بن عبد الله فى حياته وشئونه الخاصة وعلاقاته الإنسانية بمن حوله، وتصرفاته البشرية. ومن تصرفاته البشرية ما كان مستوجباً عتاب الله تعالى، لذا كان العتاب يأتى له بوصفه النبى، كقوله تعالى ﴿يا أيها النبى لم تحرم ما أحل الله لك؟ تبتغى مرضات أزواجك؟!..﴾ (التحريم 1) . …. وكان الحديث عن علاقته بالناس حوله يأتى أيضاً بوصفه النبى ﴿يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن﴾ (الأحزاب 59) ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبى إلا أن يؤذن لكم﴾ (الأحزاب 53) ﴿ويستأذن فريق منهم النبى يقولون إن بيوتنا عورة﴾ (الأحزاب 13). وهكذا فالنبى هو شخص محمد البشرى فى سلوكياته وعلاقاته الخاصة والعامة، لذا كان مأموراً بصفته النبى باتباع الوحى… أما حين ينطق النبى بالقرآن فهو الرسول الذى تكون طاعته طاعة لله ﴿من يطع الرسول فقد أطاع الله..، .. وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله﴾ (النساء 80، 64) والنبى محمد بصفته البشرية أول من يطيع الوحى القرآنى وأول من يطبقه على نفسه.. وهكذا ففى الوقت الذى كان فيه (النبى) مأموراً باتباع الوحى جاءت الأوامر بطاعة (الرسول) أى طاعة النبى حين ينطق بالرسالة أى القرآن ﴿قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول..﴾ (النور 54). ولم يأت مطلقاً فى القرآن “أطيعوا الله وأطيعوا النبى” لأن الطاعة ليست لشخص النبى وإنما للرسالة أى للرسول. أى لكلام الله تعالى الذى نزل على النبى والذى يكون فيه شخص النبى أول من يطيع..كما لم يأت مطلقا فى القرآن عتاب له عليه السلام بوصفه الرسول.) انتهى الاقتباس .من كتاب القرآن وكفى.الفصل الثاني المعنون “القرآن والنبي والرسول”. إستراتيجية هذه الحيلة قائمة على ما يلي: أولا-افتراض إن الفرق بين لفظتي(الرسول والنبي) يستلزم الفصل بينهما.. وهي فرضية خبيثة لا دليل عليها لكنها أساسية في هذا المنهج الذي سيفقد كل معنى له في حالة نسفت هذه الفرضية. وهو متهاوية كالقول أن تعدد الأسماء الحسنى لله تعالى تعني تعدده عز وجل، تعالى جل جلاله عن هذرهم.. ثانيا-بناء كل ما يلي بناء على هذه الفرضية، وإغراق القارئ بما سيوحي له أن الفرضية الأولى صحيحة، فإذا بالعتب كان يوجه دوما إلى شخص النبي دون شخص الرسول وهذا يعني أن النبي يمكن أن يخطئ بشكل روتيني وبالتالي فإن طاعته غير واجبة.. ويتم هذا عبر الآلية نفسها التي يمكن أن تثمر في نوع معين من القراء أو المتلقين (القارئ الذي نشأ في ثقافة تلقينية جامدة غير قادرة على النقاش، القارئ الكسول، القارئ الذي يمتلك أهواء يريد شرعنتها بكل الأحوال).. وهذه الآلية تعتمد كالعادة على انتقاء تبعيضي لآيات معينة تخدم المعنى الذي رغب في تكريسه هؤلاء وتجاهل تام لآيات أخرى تتناقض مع ذلك.. على سبيل المثال، يتم الحديث عن كون آيات الطاعة لم تأت إلا مع لفظ الرسول للوصول إلى أن طاعة النبي غير ملزمة لأنها ببساطة غير موجودة، ولفظ النبي هنا في مفهومهم لا يشمل فقط “السنة النبوية” التي يرومون نسفها وإلغاء اتخاذها منهجا، ولكن تشمل أيضا كل سياق قرآني ورد فيه لفظ النبي!! فهؤلاء مثلا يتجاهلون عمداً ما يلي.. 1. الجمع بين المفردتين في آية واحدة كما في “الذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ ” الأعراف(157) و“قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158)”“، فالرسول الذي أُمرنا بطاعته هو ذاته النبي بنص القرآن، ولم يوجد هناك فاصل أو حاجزٌ بين الاثنين من أي نوع (مجرد الكلام في هذا يشعرني بأني أضيع وقتي في تفسير ما لا داع لتفسيره). 2. إن مفهوم الاتباع -الذي ورد في الآية الكريمة مرتبط بلفظ النبي هو أقوى من مفهوم الطاعة، فالطاعة مرتبطة بأمر واضح موجه إلى شخص بعينه، أما الإتباع فهو انقياد غير مشروط بأمر.. تطيع فلاناً إذا أمرك، لكنك عندما تتبعه، تسير خلفه وخلف خطاه حتى دون أن يقول لك ذلك .. مرة أخرى: نحن لا نفرق فعلياً بين شخص الرسول وشخص النبي، بحيث نجعل الطاعة للرسول والإتباع للنبي ولكننا فقط نناقش حجة القرآنيين الأساسية، ونؤكد بطلانها من حيث الدلالة اللغوية لكلمة الاتباع. 3. أيهما أقوى؟ طاعة الرسول الكريم أم كونه “أولى بالمؤمنين من أنفسهم“؟ فالمعنى الأخير يتجاوز معنى الطاعة حتماً إلى آفاق أكثر التصاقاً وتماهياً معه عليه الصلاة والسلام، وقد شاء الله عز وجل أن يختار لفظ النبي في هذا السياق تحديداً بدلاً من لفظ الرسول “النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا الأحزاب (6). 4. كما أنه عليه الصلاة والسلام أولى ليس بالمؤمنين فقط بل من إبراهيم نفسه، وهو من هو، ومرة أخرى يختار السياق القرآني أن يكون هنا لفظ النبي وليس لفظ الرسول “إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ” آل عمران(68) . 5. جاء السياق القرآني ليتحدث مع النبي بصفته الشاهد والمبشر والنذير، والسراج المنير.. “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شاهدا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا الأحزاب(46)” فهل هذا السياق يتحدث عن نبي في شؤون حياته الشخصية التي لا تلزم أحداً من أتباعه أم أنها على العكس صريحة تماماً في وجوب اتباعه وطاعته والانقياد لخطواته؟ 6. أكبر مكانة له عليه الصلاة والسلام ستكون مع لفظ النبي وليس لفظ الرسول: “إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا” الأحزاب(56).. فهل جاء لفظ النبي هنا في هذه الآية الكريمة اعتباطا؟ علماً أن الصلاة عليه لا تعني التلفظ بالكلمة فحسب بل هي إتباعه والاقتداء بسنته عليه أفضل الصلاة والسلام (وردّ الأذى عنه أيضا بوجه من يحاول إلغاء حجية سنته). 7. لأنه لا فرق حقيقة بين الرسول والنبي، فإن بعض الآيات الكريمة خاطبته عليه الصلاة والسلام مباشرة دون أن تشير في السياق إلى أي من اللفظين: ” فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا” النساء(65) “إن الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ” الفتح(10)..و في الحالتين “التحكيم والمبايعة” فإن المعنى يشتمل على الطاعة في التحكيم وما فوقها في المبايعة علما أن سياق آخر ذكر المبايعة مع لفظ النبي (وهي فوق الطاعة حتما) “يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ” الصف(12).. كل واحد من هذه الأدلة كافٍ لدحض شبهة أن الطاعة للرسول منفصلةٌ عن طاعة النبي وعن الالتزام بالسنة النبوية، فكيف إذا اجتمعت كلها ؟ لكن لِمَ نزل العتب في الآيات القرآنية مقرونا بلفظ النبي وليس لفظ الرسول؟ الحقيقة أن هذه ليست شبهة “ضد” الاحتكام لسنته عليه الصلاة والسلام بقدر ما هي دليل على تأييدها فعندما يكون “التصحيح” معدود ومحدود بما ذكر في القرآن الكريم، فهذا يعني وجود موافقة ضمنية على سائر ما قاله عليه الصلاة والسلام، هذا بالإضافة إلى أن واقعة العتب في “لِمَ تُحرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ” –مثلا-لم تكن تشير إلى حكم تشريعي عام أطلقه عليه الصلاة والسلام بل كان قد حرم شيئاً على نفسه فحسب.. كما أن العتب جاء أيضاً في سياق آخر لم يُذكَر فيه رسول أو نبي “عبس وتولى أن جاءه الأعمى”.. لكن هذا كله يجب أن لا يصرفنا عن مناقشة معنى لفظي النبي والرسول دون انفصام مزعوم بينهما، فلفظ النبي في الغالب لم يطلق عليه (عليه الصلاة والسلام) إلا في المرحلة المدنية باستثناء مرتين في سورة الأعراف متزامنا مع لفظ الرسول، كما أنه عليه الصلاة والسلام كان الوحيد بين الأنبياء الذي أطلق عليه القرآن الكريم لفظ “النبي” مع أل التعريف.. بينما ورد ذلك مع لفظ الرسول مع رسل آخرين.. كل هذه القرائن، وخاصة استقرار لفظ النبي في المرحلة المدنية من القرآن تجعلنا مطمئنين إلى أن مفهوم النبوة يمثل ترقياً في مراتب الرسالة، فإذا كان “مَا عَلَى الرَّسولِ إلا البلاغُ المُبِين” فإن النبي سيكون عليه أشياء أخرى تتضمن البلاغ المبين حتما ولكن تتضمن أيضاً ومن دون شك واجبات ومهام أخرى (يمكن فهمها عبر فهم الاختلاف بين المرحلتين المكية والمدنية).. وهكذا فإذا كانت الطاعة للرسول واجبة بنص القرآن، فإن الطاعة للنبي هي تحصيل حاصل، لأن مرحلة النبوة تتضمن مرحلة الرسالة، والطاعة للنبي هي جزء من الطاعة للرسول بلا انفصال بين الاثنين.. يشبه الأمر –بلا تشبيه- الحصول على شهادة في الطب العام، ومن ثم الحصول على شهادة في تخصص أكثر دقة وصعوبة، ألقاب الشهادة الأولى لن تلغى بل ستُضَم وتُحتَوى ضمن الألقاب الجديدة.. وهكذا فإن الطاعة للرسول تعني من باب أولى الطاعة للنبي[ii].. الحيلة الثانية: ..لا يوجد رسول أصلاً!! هذه الحيلة أكثر ركاكة وضعفاً من الحيلة الأولى.. تعتمد هذه الحيلة على إلغاء شخصية الرسول والنبي بالكلية، وتفسير كلمة الرسول بأنها تعني القرآن، وبذلك يرتاح هؤلاء من آيات طاعة الرسول مرة واحدة وكلما أوحت الآيات بإتباع الرسول وسنته عليه الصلاة والسلام.. ( الرسول بمعنى القرآن أو الرسالة، وبهذا المعنى تتداخل معنى الرسالة مع النبى الذى ينطلق بالوحى وينطبق ذلك على كل الأوامر التى تحث على طاعة الله ورسوله.. فكلها تدل على طاعة كلام الله الذى أنزله الله على رسوله وكان الرسول أول من نطق به وأول من ينفذه ويطيعه. والرسول بمعنى القرآن !! يعنى أن رسول الله قائم بيننا حتى الآن وهو كتاب الله الذى حفظه الله إلى يوم القيامة، نفهم هذا من قوله تعالى ﴿وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله؟ ومن يعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقيم﴾ (آل عمران 101) أى أنه طالما يتلى كتاب الله فالرسول قائم بيننا ومن يعتصم بالله وكتابه فقد هداه الله إلى الصراط المستقيم . ينطبق ذلك على كل زمان ومكان طالما ظل القرآن محفوظا، وسيظل محفوظا وحجة على الخلق الى قيام الساعة.. وكلمة الرسول فى بعض الآيات القرآنية تعنى القرآن بوضوح شديد !! كقوله تعالى ﴿ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله﴾ (النساء 100). فالآية تقرر حكماً عاماً مستمراً إلى قيام الساعة بعد وفاة محمد عليه السلام. فالهجرة فى سبيل الله وفى سبيل رسوله- أى القرآن!!- قائمة ومستمرة بعد وفاة النبى محمد وبقاء القرآن أو الرسالة.)انتهى وعلامات التعجب مني. تخيلوا!!..هكذا وبكل بساطة ومن دون أية محاولة –ولو من باب ذرّ الرماد في العيون- لتفسير ذلك يتم تحويل معنى الرسول إلى القرآن.. لماذا؟ ..هل كان هناك إشكالٌ أصلاً في أن تفسَّر هذه الآيات بكونها تشير إلى الرسول بشخصه في حياته وسنته بعد وفاته؟.. أو أن تكون الهجرة إلى الله-بمعنى أوامره وكتبه- والرسول بمعنى سنته عليه الصلاة والسلام؟.. لا إشكال طبعا في ذلك، إلا أنهم مستعدون لفعل أي شيء لتمرير أكبر الغرائب والأكاذيب في سبيل هدفهم الذي لا يقبلون أيّ شيء دونه: هدفهم في نسف سنته عليه الصلاة والسلام ليخلو لهم الجو في تمييع المفاهيم، ووضعها في قوالب مطاطة بقدر ما يحتاجون. تخيَّلوا إنَّ كل ما يُمكِنهم تقديمه من براهين بخصوص أنَّ لفظة الرسول تعني القرآن هو مجرد ضميرين في آيتين كريمتين (وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على افتقادهم للضمير).. (..وأحياناً تعنى كلمة “الرسول” القرآن فقط وبالتحديد دون معنى آخر. كقوله تعالى ﴿لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا﴾ (الفتح 9) فكلمة “ورسوله” هنا تدل على كلام الله فقط ولا تدل مطلقاً على معنى الرسول محمد!.. والدليل أن الضمير فى كلمة “ورسوله” جاء مفرداً فقال تعالى ﴿وتعزروه وتقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا﴾ والضمير المفرد يعنى أن الله ورسوله أو كلامه ليسا اثنين وإنما واحد فلم يقل “وتعزروهما وتوقروهما وتسبحوهما بكرة وأصيلا”. والتسبيح لا يكون إلا لله سبحانه وتعالى وحده . ولا فارق بين الله وتعالى وكلامه، فالله تعالى أحد فى ذاته وفى صفاته ﴿قل هو الله أحد﴾… ويقول تعالى ﴿يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه﴾ (التوبة 62) ولو كان الرسول في الآية يعنى شخص النبى محمد لقال تعالى “أحق أن يرضوهما” ولكن الرسول هنا يعنى فقط كلام الله لذا جاء التعبير بالمفرد الذى يدل على الله تعالى وكلامه..)أنتهى ، المصدر نفسه. هذا كل شيء.. ليس لديهم في جعبة أدلتهم شيء آخر: ضمير هنا وضمير هناك، وهذه المجادلة المتنطعة السخيفة: لِم لَم يقل تسبحوهما؟..إذن لا فارق بين الله ورسوله!.. ولا فارق بين الله وكلامه!.. تعالى الله وكلامه عن هذا الهذر كله.. لو فرضنا جدلاً أن المقصود هنا بالرسول كلام الله وقرآنه، فهل سمعنا قبل هذا إيراد لفظ التسبيح على القرآن؟ هل سيستقيم هذا المعنى؟..والصواب هو ما أوجزه علماء التفسير بلا تكلف ولا تكليف: فكل ضمير يرجع لمن يليق به الفعل: التعزير له عليه الصلاة والسلام، والتسبيح له عز وجل، ولا مانع من أن يكون التوقير لهما معا.. الأمر ذاته يخص تطبيلهم المشار إليه في الاقتباس حول “والله ورسوله أحق أن يرضوه” بدلا من يرضوهما.. فَرِضا الرسول تابعٌ لرضا الله حتما، كما أنه لا معنى أصلاً لكون هناك إرضاء لكلام الله أو لقرآنه.. وهل هناك معنى في أن يكون الرسول يعني القرآن في آية كهذه مثلا: “وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا ” الفرقان (7) أثبت هنا على مسؤوليتي الشخصية وأتحمل ذلك كاملا وسوف أحاسب عليه يوم لا ينفع مال ولا بنون ولا مشجعون أو منددون، أثبت أن من يبحث عن ضمير هنا أو هناك ويتسلل كالأفعى بهدف نسف سنته عليه الصلاة والسلام هو ممن ينطبق عليه حتما قوله تعالى: “فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ” آل عمران 7 والحديث لم ينته بعد.. [i] علما أننا سنقتصر هنا على نوع معين من الأدلة التي تشير إلى الرسول صراحة ولن نتطرق إلى ما لا خلاف عليه من معان السنة النبوية مثل الحكمة والذكر وذلك لأن القرآنيين سيرفضونه بكل الأحوال. [ii] يمكن الاستزادة من هذا الموضوع في الجزء الخامس من كيمياء الصلاة بعنوان سدرة المنتهى. |
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
كل نعمةً ظاهرة خلفها عمل خفي | معاوية فهمي إبراهيم مصطفى | المجتمع المسلم | 0 | 2020-03-15 01:12 PM |