أنصار السنة  
جديد المواضيع



للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب
 محاسب قانوني   Online quran classes for kids 
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك


العودة   أنصار السنة > الإعجاز فى الإسلام > الإعجاز فى القرآن والسنة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 2009-10-31, 06:21 AM
طالب عفو ربي طالب عفو ربي غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-02-28
المشاركات: 716
افتراضي موقف المفسرين من الايات الكونيه في القران الكريم القران يحض علي تدبر اياته ومعانيه

من اسرار القران

موقف المفسرين من الايات الكونيه في القران الكريم

القران يحض علي تدبر اياته ومعانيه والاجتهاد في تفسيره ضروره


طال الجدل حول جواز تفسير الاشارات الكونيه الوارده في كتاب الله علي اساس من معطيات علوم العصر وفنونه, وتفاوتت مواقف العلماء من ذلك تفاوتا كبيرا بين مضيقين وموسعين ومعتدلين مما يمكن ان نوجزه فيما يلي:
موقف المضيقين:وهو الموقف الذي يري اصحابه ان تفسير الايات الكونيه الوارده في كتاب الله, علي ضوء ماتجمع لدي الانسان من معارف هو نوع من التفسير بالراي الذي لا يجوز استنادا الي اقوال منسوبه لرسول الله( صلي الله عليه وسلم) منها:من قال في القران برايه فاصاب فقد اخطاومن قال في القران بغير علم فليتبوا مقعده من النار والي اقوال منسوبه الي كل من الخليفتين الراشدين ابي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله تعالي عنهما من قول الاول اي سماء تظلني, واي ارض تقلني ان قلت في كتاب الله برايي وقول الثاني اتبعوا ماتبين لكم من هذا الكتاب فاعملوا به, ومالم تعرفوه فكلوه الي ربه وكذلك استنادا الي قول كل من سعيد بن المسيب وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما في الصحيح المنقول عن الاول انا لا نقول في القران شيئا والي الثاني لقد ادركت فقهاء المدينه وانهم ليعظمون القول في التفسير.والي القول المنسوب الي مسروق بن الاجدع( رضي الله عنه:) اتقوا التفسير فانما هو الروايه عن اللهالرد علي المضيقين:فات اصحاب هذا الموقف المضيق ان المقصود بالراي في الحديث هو الهوي, لا الراي المنطقي المبني علي الحجه الواضحه والبرهان المقبول, ويوكد ذلك عباره بغير علم التي وردت في الحديث الثاني هذا بغض النظر عن كون الحديثين قد اعتبرا من ضعاف السند.كذلك فاتهم ان ماقد ورد علي لسان بعض الصحابه والتابعين مما يوحي بالتحرج من القول في القران الكريم بالراي الاجتهادي, انما هو من قبيل الورع, والتادب في الحديث عن كلام الله, خاصه انهم كانوا قد فطروا علي فهم اللغه العربيه, وفطنوا بها وباسرارها, ودرجوا علي عادات المجتمع العربي والموا باسباب النزول, وعايشوا رسول الله صلي الله عليه وسلم عن قرب وهو الموصول بالوحي وسمعوه صلي الله عليه وسلم وهو يتلو القران الكريم ويفسره, واستعانوا به علي فهم ماوقفوا دونه, وادركوا تفاصيل سنته الشريفه في ذلك وغيره, فهل يمكن لمن توافر له كل ذلك ان يكون له مجال للاجتهاد بالراي؟ خاصه ان العصر لم يكن عصر تقدم علمي كالذي نعيشه, وانهم كانوا لايزالون قريبي عهد بالجاهليه التي كان قد خيم فيها علي شبه الجزيره العربيه, بل وعلي العالم اجمع ركام من العقائد الفاسده, والتصورات الخاطئه, والافكار السقيمه, والاوهام والاساطير... ولم يسلم من ذلك الركام احد, حتي اصحاب الحضارات البائده.وان العصر كان عصر انتشار للاسلام, ودخول للكثيرين من اصحاب العقائد واللغات الاخري في دين الله افواجا, ومعهم خلفياتهم الفكريه الموروثه, والتي لم يتمكنوا من التخلص منها كليه بمجرد دخولهم في الاسلام, وان اعدادا غير قليله من هولاء كانوا قد دخلوا الاسلام لياتمروا به ويتامروا عليه, ويكيدوا له, بتاويل القران علي وجوه غير صحيحه, وبتفتيت وحده الصف الاسلامي, وبث بذور الفرقه فيه, وكان من نتائج ذلك كله هذا الفكر الغريب الذي دس علي المسلمين والذي عرف فيما بعد بالاسرائيليات نسبه الي السلالات الفاسده من بني اسرائيل( اي اليهود) الذين كثر النقل عنهم, وكثر دسهم علي دين الله, وعلي انبيائه ورسله( صلي الله وسلم عليهم اجمعين), وكان من نتائجه كذلك بروز الشيع والفرق والطرائق المختلفه, ومحاوله كل فرقه منها الانتصار لرايها بالقران... وهذا هو الهوي الذي عبر عنه بالراي فيما نسب من اقوال الي رسول الله صلي الله عليه وسلم والي عدد من صحابته وتابعيهم( عليهم رضوان الله اجمعين).اللهم فقهه في الدينكذلك فقد فات هولاء, وهم ينادون بعدم الاجتهاد بالراي في فهم كتاب الله, والوقوف عند حدود الماثور وهو مانقل عن رسول الله صلي الله عليه وسلم مباشره, او عن صحابته الكرام, او عمن عاصر الصحابه من التابعين, موكلين مالم يفسره التراث المنقول الي الله وهو ماعرف بمنهج التفسير بالماثور او التفسير بالمنقول, وكلنا يعلم ان التفسير بالماثور لم يشمل القران كله, فلحكمه يعلمها الله وقد ندرك طرفا منها اليوم لم يقم رسول الله صلي الله عليه وسلم بالتنصيص علي المراد في كل ايه من ايات القران الكريم, وان صحابته الكرام كانوا يجتهدون في فهم مالم ينص عليه, وكانوا يختلفون في ذلك ويتفقون, وان من الثابت انه( صلي الله عليه وسلم) قد صوب راي جماعه من اصحابه حين فسروا ايات من كتاب الله, وانه قد دعا لابن عباس بقوله اللهم فقهه في الدين, وعلمه التاويل, وان ذلك وغيره من الاقوال الماثوره قد اتخذ دليلا علي جواز الاجتهاد في التفسير في غير ما حدده رسول الله( صلي الله عليه وسلم فمما يروي عن علي( رضي الله عنه) حين سئل: هل خصكم رسول الله( صلي الله عليه وسلم) بشيء؟ انه قال: ما عندنا غير ما في هذه الصحيفه, وفهم يوتاه الرجل في كتابه وهذا يوكد علي ان فهم المسلمين لدلاله ايات القران الحكيم وتدبر معانيها هي ضروره تكليفيه لكل قادر عليها موهل للقيام بها, وذلك يقرره الحق تبارك وتعالي في قوله وهو احكم القائلين:كتاب انزلناه اليك مبارك ليدبروا اياته وليتذكر اولوا الالباب( ص29)وهذه الايه الكريمه, وكثير غيرها من الايات القريبه في المعني امر صريح من الله تبارك وتعالي بتدبر ايات القران الكريم وفهم معانيها, فالقران ينعي علي اولئك الذين لا يتدبرونه, ولا يستنبطون معانيه, وهذه اياتهافلا يتدبرون القرءان ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا واذا جاءهم امر من الامن او الخوف اذاعوا به, ولو ردوه الي الرسول والي اولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم.....[ النساء الايتان83,82].افلا يتدبرون القرءان ام علي قلوب اقفالها( محمد الايه 24)وقد ساق الامام الغزالي( يرحمه الله) الادله علي جواز فهم القران بالراي( اي بالاجتهاد) ثم اضاف: فهذه الامور تدل علي ان في فهم معاني القران مجالا رحبا, ومتسعا بالغا, وان المنقول من ظاهر التفسير ليس منتهي الادراك فيهوبناء علي ذلك فقد اجاز الغزالي لكل انسان ان يستنبط من القران بقدر فهمه وحد عقله, ولو ان المبالغه في استخدام تلك الرخصه قد افرزت نتاجا لم يكن كله مستساغا مقبولا لدي العلماء, مطابقا لمقاصد القران الكريم في الهدايه, فقد خرج قوم من المفسرين بالايات القرانيه( اما عن عمد واضح او جهل فاضح) الي مالا يقبله العقل القويم, والصحيح المنقول عن رسول الله( صلي الله عليه وسلم) وعن اصحابه والتابعين لهم, وعن المنطق اللغوي واساليب العرب في الاداء حقيقه ومجازا, وذلك لانطلاق الفرق المختلفه والمذاهب المتنوعه من غير اهل السنه والجماعه( من فقهيه وكلاميه, وصوفيه وباطنيه) من منطلق التعصب لمذاهبهم ومحاولاتهم اخضاع التفاسير لخدمه مللهم ونحلهم, مما ادي الي الموقف المتشدد من القول في القران بالراي, ومن ثم رفض تفسير الايات الكونيه الوارده في كتاب الله علي اساس من معطيات المعارف الانسانيه المكتسبه في حقل العلوم البحته والتطبيقيه.الدعوه الي الاجتهاد في التفسيرهناك اعداد كبيره من علماء المسلمين الذين اقتنعوا بضروره الاجتهاد في تفسير كتاب الله, ولكنهم حصروا ذلك في مناهج محدده منها المنهج اللغوي الذي يهتم بدلاله الالفاظ, وطرائق التعبير واساليبه والدراسات النحويه المختلفه, والمنهج البياني الذي يحرص علي بيان مواطن الجمال في اسلوب القران, ودراسه الحس اللغوي في كلماته, والمنهج الفقهي الذي يركز علي استنباط الاحكام الشرعيه والاجتهادات الفقهيه, كما ان من هولاء المفسرين من نادي بالجمع بين تلك المناهج في منهج واحد عرف باسم المنهج الموسوعي( او المنهج الجمعي), ومنهم من نادي بتفسير القران الكريم حسب الموضوعات التي اشتمل عليها, وذلك بجمع الايات الوارده في الموضوع الواحد في كل سور القران, وتفسير واستنباط دلالاتها استنادا الي قاعده ان القران يفسر بعضه بعضا, وقد عرف ذلك باسم المنهج الموضوعي في التفسير.من مبررات رفض المنهج العلمي للتفسيراما المنهج العلمي في التفسير والذي يعتمد علي تفسير الاشارات الكونيه الوارده في كتاب الله تعالي حسب اتساع دائره المعرفه الانسانيه من عصر الي عصر وتبعا للطبيعه التراكميه لتلك المعرفه فقد ظل مرفوضا من غالبيه المجتهدين في التفسير وذلك لاسباب كثيره منها:(1) ان الاسرائيليات كانت قد نفذت اول ما نفذت الي التراث الاسلامي عن طريق محاوله السابقين تفسير تلك الاشارات الكونيه الوارده في كتاب الله, وذلك لان الله تعالي قد شاء ان يوكل الناس في امور الكشف عن حقائق هذا الكون الي جهودهم المتتاليه جيلا بعد جيل, وعصرا بعد عصر..., ومن هنا جاءت الاشارات الكونيه في القران الكريم بصيغه مجمله, يفهم منها اهل كل عصر معني من المعاني, وتظل تلك المعاني تتسع باستمرار في تكامل لا يعرف التضاد, ومن هنا ايضا لم يقم رسول الله( صلي الله عليه وسلم) بالتنصيص علي المراد منها في احاديثه الشريفه, التي تناول بها شرح القران الكريم, ولكن لما كانت النفس البشريه تواقه دوما الي التعرف علي اسرار هذا الوجود, ولما كان الانسان قد شغل منذ القدم بتساولات كثيره عن نشاه الكون, وبدايه الحياه, وخلق الانسان ومتي حدث كل ذلك, وكيف تم, وما هي اسبابه؟, وغير ذلك من اسرار الوجود.., فقد تجمع لدي البشريه في ذلك تراث ضخم, عبر التاريخ اختلط فيه الحق بالباطل, والواقع بالخيال, والعلم بالدجل والخرافه, وكان اكثر الناس حرصا علي هذا النوع من المعرفه المكتسبه هم رجال الدين في مختلف العصور, وقد كانت الدوله الاسلاميه في اول نشاتها محاطه بحضارات عديده تباينت فيها تلك المعارف وامثالها ثم بعد اتساع رقعه الدوله الاسلاميه واحتوائها لتلك الحضارات المجاوره, ودخول امم من مختلف المعتقدات السابقه علي بعثه المصطفي صلي الله عليه وسلم الي دين الله.. ووصول هذا التراث الي قيامهم علي ترجمته ونقده والاضافه اليه. حاول بعض المفسرين الاستفاده به في شرح الاشارات الكونيه الوارده بالقران الكريم فضلوا سواء السبيل لان العصر لم يكن بعصر تطور علمي كالذي نعيشه اليوم, ولان هذا التراث كان اغلبه في ايدي اليهود, وهم الذين ائتمروا علي الكيد للاسلام منذ بزوغ فجره, وان النقل قد تم عمن اسلم ومن لم يسلم منهم, علي الرغم من تحذير رسول الله صلي الله عليه وسلم بقوله: اذا حدثكم اهل الكتاب فلا تصدقوهم ولاتكذبوهم, فاما ان يحدثوكم بحق فتكذبوه, واما ان يحدثوكم بباطل فتصدقوه.ويفسر ابن خلدون اسباب نقل هذه الاسرائيليات بقوله: والسبب في ذلك ان العرب لم يكونوا اهل كتاب, ولاعلم, وانما غلبت عليهم البداوه والاميه, واذا تشوقوا الي معرفه شيء مما تتشوق اليه النفوس البشريه: في اسباب المكونات, وبدء الخليقه, واسرار الوجود, فانما يسالون عنه اهل الكتاب قبلهم, ويستفيدون منهم, وهم اهل التوراه من اليهود, ومن تبع دينهم من النصاري, واهل التواره الذين بين العرب يومئذ وهم باديه مثلهم ولايعرفون من ذلك الا ما تعرفه العامه من اهل الكتاب, ومعظمهم من حمير الذين اخذوا بدين اليهوديه, فلما اسلموا بقوا علي ما كان عندهم مما لاتعلق له بالاحكام الشرعيه التي يحتاطون لها...2 ان القران الكريم هو في الاصل كتاب هدايه ربانيه, اي كتاب عقيده وعباده واخلاق ومعاملات, بمعني اخر هو كتاب دين الله الذي اوحي به الي سائر انبيائه ورسله وتعهد الله تعالي بحفظه فحفظ, فعلي ذلك لابد من التاكيد ان القران الكريم ليس كتاب علم تجريبي, وان الاشارات العلميه التي وردت به جاءت في مقام الارشاد والموعظه لا في مقام البيان العلمي بمفهومه المحدد, وان تلك الاشارات علي كثرتها جاءت في اغلب الاحيان مجمله, وذلك بهدف توجيه الانسان الي التفكير والتدبر وامعان النظر في خلق الله, لابهدف الاخبار العلمي المباشر.3 ان القران الكريم ثابت لايتغير بينما معطيات العلوم التجريبيه دائمه التغير والتطور وان ما تسمي بحقائق العلم ليست سوي نظريات وفروض يبطل منها اليوم ما كان سائدا بالامس, وربما في الغد ماهو سائد اليوم وبالتاكيد فلا يجوز الرجوع اليها عند تفسير كتاب الله العزيز لانه لايجوز تاويل الثابت بالمتغير.4 ان القران الكريم هو بيان من الله, بينما معطيات العلوم التجريبيه لاتعدو ان تكون محاوله بشريه للوصول الي الحقيقه, ولايجوز في ظنهم رويه كلام الله في اطار محاولات البشر, كما لايجوز الانتصار لكتاب الله تعالي بمعطيات العلوم المكتسبه لان القران الكريم بصفته كلام الله هو حجه علي البشر كافه, وعلي العلم واهله.5 ان العلوم التجريبيه تصاغ في اغلب دول العالم اليوم صياغه تنطلق كلها من منطلقات ماديه بحت, تفكر او تتجاهل الغيب, ولا تومن بالله, وان للكثيرين من المشتغلين بالعلوم الكونيه( البحت والتطبيقيه) مواقف عدائيه واضحه من قضيه الايمان بالله تعالي وبملائكته وكتبه ورسله, وبالقدر خيره وشره, وبحياه البرزخ وبالبعث والنشور والحساب وبالحياه الخالده في الدار الاخره اما في الجنه ابدا او في النا ر ابدا.6 ان بعض معطيات العلوم التجريبيه قد يتباين مع عدد من الاصول الثابته في الكتاب والسنه نظرا لصياغتها من منطلقات ماديه بحت منكره لكل حقائق الغيب او متجاهله لها.7 ان عددا من المفسرين الذين تعرضوا لتاويل بعض الاشارات الكونيه الوارده في كتاب الله قد تكلفوا في تحميل الايات من المعاني مالا تحمله في تعسف واضح وتكلف مفتعل علي اعناق الكلمات والايات وتحميلها من المعاني مالا تحمله.الرد علي الرافضين للمنهج العلمي في التفسيران حجج المعارضين للمنهج العلمي للتفسير والتي اوردناها في الفقرات السابقه هي كلها حجج مردوده حجه بحجه كما يلي:1 انه لاحاجه بنا اليوم الي الاسرائيليات في تفسير ايات الكونيات, لان الرصيد العلمي في مختلف تلك المعارف قد بلغ اليوم شاوا لم يبلغه من قبل, واذا كان من استخدم الاسرائيليات في تفسيره من الاوائل قد ضل سواء السبيل, فان من يستخدم حقائق العلم الثابته, ومشاهداته المتكرره في شرح تلك الايات لابد ان يصل الي فهم لها لم يكن من السهل الوصول اليه من قبل, وان يجد في ذلك من صور الاعجاز مالم يجده السابقون, تاكيدا لوصف رسول الله صلي الله عليه وسلم للقران بانه لاتنقضي عجائبه ولايخلق من كثره الرد.3 انه لاتعارض البته بين كون القران الكريم كتاب هدايه ربانيه, وارشادا الهيا ودستور عقيده وعباده واخلاقا ومعاملات وكتاب تشريع سماوي يشمل نظاما كاملا للحياه, وبين احتوائه علي عدد من الاشارات العلميه الدقيقه التي وردت في مقام الاستدلال علي عظمه الخالق وقدرته في ابداعه للخلق, وقدرته علي افناء ما قد خلق, واعاده كل ذلك من جديد, وذلك لان الاشارات تبقي بيانا من الله, خالق الكون ومبدع الوجود, فلابد وان تكون حقا مطلقا, لانه من ادري بالخليقه من الخالق سبحانه وتعالي) ولو ان المسلمين وعووا هذه الحقيقه منذ القدم لكان لهم في مجال الدراسات الكونيه سبق ملحوظ, وثبات غير ملحوق فنحن ندرك اليوم وفي ضوء ماتجمع لنا من معارف في مجال دراسات العلوم البحته والتطبيقيه ان ايات الكونيات في كتاب الله تتسم جميعها بالدقه المتناهيه في التعبير والشمول في المعني, والاطراد والثبات في الدلاله والسبق لكثير من الكشوف العلميه بعشرات المئات من السنين وفي ذلك شهاده قاطعه لايستطيع ان ينكرها جاحد بان القران لايمكن ان يكون الا كلام الله الخالق.اما القول بان تلك الاشارات قد تم سردها بصوره مجمله, فانها بحق احدي صور الاعجاز العلمي والبياني في القران الكريم, وذلك لان كل اشاره علميه وردت فيه قد صيغت صياغه فيها من اعجاز الايجاز والدقه في التعبير والاحكام في الدلاله, والشمول في المعني ما يمكن الناس علي اختلاف ثقافاتهم وتباين مستويات ادراكهم وتتابع اجيالهم وازمانهم ان يدركوا لها من المعاني مايتناسب وهذه الخلفيات كلها, بحيث تبقي المعاني المستخلصه من الايه الواحده يكمل بعضها بعضا في تناسق عجيب.. وتكامل اعجب لانه تكامل لايعرف التضاد وهذا عندي من اروع صور الاعجاز في كتاب الله فالاجمال في تلك الاشارات مع وضوح الحقيقه العلميه للاجيال المتلاحقه, كل علي قدر حظه من المعرفه بالكون وعلومه هي بالقطع امر فوق طاقه البشر وصوره من صور الاعجاز لم تتوافر ولايمكن ان تتوافر لغير كلام الله الخالق, ومن هنا كان فهم الناس للاشارات العلميه الوارده بالقران الكريم علي ضوء مايتجمع لديهم من معارف, فهما يزداد اتساعا وعمقا جيلا بعد جيل, وهذا في حد ذاته شهاده للقران الكريم بانه لاتنتهي عجائبه, ولايبلي علي كثره الرد كما وصفه المصطفي( صلي الله عليه وسلم).وقد ادرك نفر من السابقين ذلك وفي مقدمتهم الامام المزركشي الذي كتب في كتابه البرهان في علوم القران مانصه.. وما من برهان ودلاله وتقسيم, وتحديد شيء من كليات المعلومات العقليه والسمعيه الا وكتاب الله تعالي قد نطق به, لكن اورده تعالي علي عاده العرب دون دقائق طرق احكام المتكلمين لامرين: احدهما بسبب ماقاله سبحانه وتعالي:وما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه ليبين لهم[ سوره ابراهيم:4]والثاني ان المائل الي دقيق المحاجه هو العاجز عن اقامه الحجه بالجليل من الكلام, فان استطاع ان يفهم بالاوضح الذي يفمهه الاكثرون لم يتخط الي الاغمض الذي لايعرفه الا الاقلون, وكذلك اخرج تعالي مخاطباته في محاجه خلقه من اجل صوره تشتمل علي ادق دقيق لتفهم العامه من جليلها مايقنعهم الحجه, وتفهم الخواص من اينائها مايوفي علي ما ادركه الخطباء....ثم يضيف: ومن ثم كان علي كل من اصاب حظا في العلم اوفر ان يكون نصيبه من علم القران اكثر, لان عقله حينئذ يكون قد استنار باضواء العلم, وهولاء الذين اهتم القران بمناداتهم كلما ذكر حجه علي الربوبيه والوحدانيه, او اضاف اليهم اولو الالباب والسامعون والمفكرون والمتذكرون تنبيها الي ان بكل قوه من هذه القوي يمكن ادراك حقيقه منها.من هنا كان واجب المتخصصين من المسلمين في كل عصر وفي كل جيل ان ينفر منهم من يستطيع ان يجمع الي حقل تخصصه الماما بحد ادني من علوم اللغه العربيه وادابها, ومن الحديث وعلومه, والفقه واصوله, وعلم الكلام وقواعده, واحاطه باسباب النزول, وبالماثور في التفسير, وباجتهاد السابقين من ائمه المفسرين, ثم يعود هولاء الي دراسه الاشارات الكونيه الوارده في كتاب الله كل فيما يخصه محاولين فهمها في ضوء معطيات العلم وكشوفه, وقواعد المنطق واصوله حتي يدركوا ما يستطيعون من فهم لكتاب الله حتي تتحقق نبوءه المصطفي( صلي الله عليه وسلم) في وصفه لكتاب الله انه لاتنتهي عجائبه..(3) ان القول بعدم جواز تاويل الثابت بالمتغير قول ساذج, لان معناه الجمود علي فهم واحد لكتاب الله, يناي بالناس عن واقعهم في كل عصر, حتي لايستسيغوه فيملوه ويهملوه, وثبات القران الكريم.. وهو من السمات البارزه له لايمنع من فهم الاشارات الكونيه الوارده فيه علي اساس من معطيات العلوم الكونيه البحته منها والتطبيقيه, حتي ولو كان ذلك يتسع من عصر الي اخر بطريقه مطرده, فالعلوم المكتسبه كلها لها طبيعه تراكميه, ولا يتوافر للانسان منها في عصر من العصور الا اقدار تتفاوت بتفاوت الازمنه, وتباين العصور, تقدما واضمحلالا, وهذه الطبيعه التراكميه للمعرفه الانسانيه المكتسبه تجعل الامم اللاحقه اكثر علما بصفه عامه من الامم السابقه, الا اذا تعرضت الحضاره الانسانيه باكملها للانتكاس والتدهور.من هنا كانت معطيات العلوم الكونيه بصفه خاصه, والمعارف المكتسبه كلها بصفه عامه دائمه التغير والتطور, بينما كلمات وحروف القران الكريم ثابته لاتتغير, وهذا وحده من اعظم شواهد الاعجاز في كتاب الله.وعلي الرغم من ثبات اللفظ القراني, وتطور الفهم البشري لدلالاته مع اتساع دائره المعرفه الانسانيه جيلا بعد جيل فان تلك الدلالات يتكامل بعضها مع بعض في اتساق لايعرف التضاد, ولايتوافر ذلك لغير كلام الله, الا اذا كان المفسر لاياخذ بالاسباب, او يسيء استخدام الوسائل فيضل الطريق....!! ويظل اللفظ القراني ثابتا, وتتوسع دائره فهم الناس له عصرا بعد عصر.. وفي ذلك شهاده للقران الكريم بانه يغاير كافه كلام البشر, وانه بالقطع بيان من الله.... ولذلك فاننا نجد القران الكريم يحض الناس حضا علي تدبر اياته, والعكوف علي فهم دلالاتها, ويتحدي اهل الكفر والشرك والالحاد ان يجدوا فيه صوره واحده من صور الاختلاف او التناقض علي توالي العصور عليه, وكثره النظر فيه, وصدق الله العظيم اذ يقول:افلا يتدبرون القرءان ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا.[ النساء82]واذ يكرر التساول التقريعي في سوره الرحمن احدي وثلاثين مره فباي الاء ربكما تكذبان, ويوكد ضروره تدبر القران وانه تعالي قد جعله في متناول عقل الانسان فيذكر ذلك اربع مرات في سوره القمر حيث يصدع التنزيل بقول الحق:( تبارك وتعالي)ولقد يسرنا القرءان للذكر فهل من مدكر[ القمر: الايات17 و22 و32 و40]والذكر هنا كما يجمع المفسرون يشمل التلاوه والتدبر معا, ويشير الي استمرار تلك العمليه مع تبادل العصور وتجدد الازمان, ومن هنا يبقي النص القراني ثابتا ويتجدد, فهم الناس له كلما اتسعت دائره معارفهم ونمت حصيلتهم العلميه, وذلك بالقطع فيما لم يرد في شرحه شيء من الماثور الموثق, وليس في ذلك مقابله بين كلام الله وكلام الناس كما يدعي البعض ولكنه المحاوله الجاده لفهم كلام الله وهو الذي انزله الله تعالي للبشر لكي يفهموه ويتعظوا بدروسه, وفهمه في نفس الوقت هو صوره من صور الاعجاز في كتاب الله, لاينكرها الا جاحد.اما القول بان مايسمي بحقائق العلم ليس الا نظريات وفروضا, يبطل منها اليوم ما كان سائدا بالامس, وربما يبطل في الغد ماهو سائد اليوم فهو ايضا قول ساذج لان هناك فروقا واضحه بين الفروض والنظريات من جهه والقواعد والقوانين من جهه اخري, وهي مراحل متتابعه في منهج العلوم التجريبيه الذي يبدا بالفروض ثم النظريات وينتهي بالقواعد والقوانين, والفروض هي تفسيرات اوليه للظواهر الكونيه, والنظريات هي صياغه عامه لتفسير كيفيه حدوث تلك الظواهر ومسبباتها, اما الحقائق الكونيه فهي مايثبت ثبوتا قاطعا في علم الانسان بالادله المنطقيه المقبوله وهي جزء من الحكمه التي نحن اولي الناس بها, وكذلك القوانين العلميه فهي تعبيرات بشريه عن السنن الالهيه في الكون, تصف علاقات محدده تربط بين عناصر الظاهره الواحده, او بين عدد من الظواهر الكونيه المختلفه, وهي كذلك جزء من الحكمه التي امرنا بان نجعلها ضاله المومن.
==================================

2
حرص كثير من علماء المسلمين, علي الا يتم تاويل الاشارات العلميه, الوارده في القران الكريم الا في ضوء الحقائق العلميه الموكده من القوانين والقواعد الثابته, اما الفروض والنظريات فلا يجوز تخديمها في فهم ذلك وحتي هذا الموقف نعتبره تحفظا مبالغا فيه, فكما يختلف دارسو القران الكريم في فهم بعض الدلالات اللفظيه, والصور البيانيه, وغيرها من القضايا اللغويه ولا يجدون حرجا في ذلك العمل الذي يقومون به في غيبه نص ثابت ماثور, فاننا نري انه لا حرج علي الاطلاق في فهم الاشارات الكونيه الوارده بالقران الكريم علي ضوء المعارف العلميه المتاحه, حتي ولو لم تكن تلك المعارف قد ارتقت الي مستوي الحقائق الثابته, وذلك لان التفسير يبقي جهدا بشريا خالصا بكل ما للبشر من صفات القصور, والنقص, وحدود القدره, ثم ان العلماء التجريبيين قد يجمعون علي نظريه ما. لها من الشواهد ما يويدها, وان لم ترق بعد الي مرتبه القاعده او القانون, وقد لا يكون امام العلماء من مخرج للوصول بها الي ذلك المستوي ابدا, فمن امور الكون العديده مالا سبيل للعلماء التجريبيين من الوصول فيها الي حقيقه ابدا, ولكن قد يتجمع لديهم من الشواهد مايمكن ان يعين علي بلوره نظريه من النظريات, ويبقي العلم التجريبي مسلما بانه لا يستطيع ان يتعدي تلك المرحله في ذلك المجال بعينه ابدا, والامثله علي ذلك كثيره منها النظريات المفسره لاصل الكون واصل الحياه واصل الانسان, وقد مرت بمراحل متعدده من الفروض العلميه حتي وصلت اليوم الي عدد محدود من النظريات المقبوله, ولا يتخيل العلماء انهم سيصلون في يوم من الايام الي اكثر من تفضيل لنظريه علي اخري, او تطوير لنظريه عن اخري, او وضع لنظريه جديده, دون الادعاء بالوصول الي قانون قطعي, او قاعده ثابته لذلك, فهذه مجالات اذا دخلها الانسان بغير هدايه ربانيه فانه يضل فيها ضلالا بعيدا, وصدق الله العظيم اذ يقول:ما اشهدتهم خلق السماوات والارض ولا خلق انفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا.( الكهف51)وذلك لانه علي الرغم من ان العلماء التجريبيين يستقرئون حقائق الكون بالمشاهده والاستنتاج, او بالتجربه والملاحظه والاستنتاج, في عمليات قابله للتكرار والاعاده, الا ان من امور الكون مالا يمكن اخضاعه لذلك من مثل قضايا الخلق: خلق الكون, وخلق الحياه وخلق الانسان. وهي قضايا لا يمكن للانسان ان يصل فيها الي تصور صحيح ابدا بغير هدايه ربانيه, ولولا الثبات في سنن الله التي تحكم الكون ومافيه ما تمكن الانسان من اكتشافها,... ولا يظن عاقل ان البشر مطالبون بما هو فوق طاقاتهم خاصه في فهم كتاب الله الذي انزل لهم, ويسر لتذكرهم لقول الحق تبارك وتعالي:(ولقد يسرنا القران للذكر فهل من مدكر)( القمر: الايات40,32,22,17)ففي الوقت الذي يقرر القران الكريم فيه ان الله لم يشهد الناس خلق السموات والارض ولا خلق انفسهم, نجده في ايات اخر يامرهم بالنظر في كيفيه بدايه الخلق, وهي من اصعب قضايا العلوم الكونيه البحته منها والتطبيقيه قاطبه اذ يقول( عز من قائل:(او لم يروا كيف يبديء الله الخلق ثم يعيده ان ذلك علي الله يسير* قل سيروا في الارض فانظروا كيف بدا الخلق ثم الله ينشيء النشاه الاخره ان الله علي كل شيء قدير)( العنكبوت:20,19)مما يشير الي ان بالارض سجلا حافلا بالحقائق التي يمكن ان يستدل منها علي كيفيه الخلق الاول, وعلي امكانيه النشاه الاخره, والامر في الايه من الله تعالي الي رسوله الكريم ليدع الناس كافه الي السير في الارض, واستخلاص العبره من فهم كيفيه ا لخلق الاول, وهي قضيه تقع من العلوم الكونيه( البحته والتطبيقيه) في الصميم, ان لم تكن تشكل اصعب قضيه علميه عالجها الانسان.وهذه القضايا: قضايا الخلق وافنائه واعاده خلقه لها في كتاب الله وفي سنه رسوله( صلي الله عليه وسلم) من الاشارات اللطيفه مايمكن الانسان المسلم من تفضيل نظريه من النظريات او فرض من الفروض والارتقاء بها او به الي مقام الحقيقه لمجرد ورود ذكر لها او له في كتاب الله او في سنه رسوله( صلي الله عليه وسلم) ونكون بذلك قد انتصرنا بالقران الكريم والسنه النبويه المطهره للعلم وليس العكس.وعلي ذلك فاني اري جواز فهم الاشارات العلميه الوارده بالقران الكريم علي اساس من الحقائق العلميه الثابته اولا, فان لم تتوافر فبالنظريه السائده, فان لم تتوافر فبالفرض العلمي المنطقي المقبول, حتي لو ادي التطور العلمي في المستقبل الي تغيير تلك النظريه, او ذلك الفرض او تطويرهما او تعديلهما, لان التفسير كما سبق ان اشرت يبقي اجتهادا بشريا خالصا من اجل حسن فهم دلاله الايه القرانيه ان اصاب فيه المرء فله اجران وان اخطا فله اجر واحد, ويبقي هذا الاجتهاد, قابلا للزياده والنقصان, وللنقد والتعديل والتبديل.الرد علي القائلين بعدم جواز رويه كلام الله في اطار محاولات البشران في كون القران الكريم بيانا من الله تعالي الي الناس كافه, يفرض علي المتخصصين من ابناء المسلمين ان يفهموه كل في حقل تخصصه علي ضوء ماتجمع له من معارف بتوظيف مناهج الاستقراء الدقيقه, فالقران نزل للناس ليفهموه وليتدبروا اياته. ثم ان تاويل ايات الكونيات علي ضوء من معطيات العلوم التجريبيه لا يشكل احتجاجا علي القران بالمعارف المكتسبه, ولا انتصارا له بها, فالقران بالقطع فوق ذلك كله, ولان التاويل علي اساس من المعطيات العلميه الحديثه يبقي محاوله بشريه للفهم في اطار لم يكن متوفرا للناس من قبل, ولا يمكن ان تكون محاولات البشر لفهم القران الكريم حجه علي كتاب الله, سواء اصابت ام اخطات تلك المحاولات, والا لما حفل القران الكريم بهذا الحشد الهائل, من الايات التي تحض علي استخدام كل الحواس البشريه للنظر في مختلف جنبات الكون بمنهج علمي استقرائي دقيق. وذلك لان الله تعالي قد جعل السنن الكونيه علي قدر من الثبات والاطراد يمكن حواس الانسان المتامل لها, المتفكر فيها, المتدبر لتفاصيلها من ادراك اسرارها( علي الرغم من حدود قدرات تلك الحواس), ويعين عقله علي فهمها( علي الرغم من حدود قدرات ذلك العقل), وربما كان هذا هو المقصود من ايات التسخير التي يزخر بها القران الكريم, ويمن علينا ربنا تبارك وتعالي وهو صاحب الفضل والمنه بهذا التسخير الذي هو من اعظم نعمه علينا نحن العباد.ومن اروع مايدركه الانسان المتامل في الكون كثره الادله الماديه الملموسه علي كل حدث وقع في الكون صغر ام كبر, ادله مدونه في صفحه الكون وفي صخور الارض بصوره يمكن لحواس الانسان ولعقله ادراكها لو اتبع المنهج العلمي الاستقرائي الصحيح, فما من انفجار حدث في صفحه الكون الا وهو مدون, ومامن نجم توهج او خمد الا وله اثر, وما من هزه ارضيه او ثوره بركانيه او حركه بانيه للجبال الا وهي مسجله في صخور القشره الارضيه, وما من تغير في تركيب الغلاف الغازي او المائي للارض الا وهو مدون في صخور الارض, ومامن تقدم للبحار او انحسار لها, ولا تغير في المناخ الا وهو مدون كذلك في صخور الارض, ومامن هبوط نيازك او اشعه كونيه علي الارض الا وهو مسجل. في صخورها. ومن هنا فان الدعوه القرانيه للتامل في الكون واستخلاص سنن الله فيه وتوظيف تلك السنن في عماره الارض والقيام بواجب الاستخلاف فيها هي دعوه للناس في كل زمان ومكان, وهي دعوه لا تتوقف ولا تتخلف ولا تتعطل انطلاقا من الحقيقه الواقعه انه مهما اتسعت دائره المعرفه الانسانيه فان القران الكريم يبقي دوما مهيمنا عليها, محيطا بها لانه كلام الله الخالق الذي ابدع هذا الكون بعلمه وقدرته وحكمته, والذي هو ادري بصنعته من كل من هم سواه.وعلي ذلك فان مقابله كلام الله بمحاوله البشر لتفسيره واثبات جوانب الاعجاز فيه لا تنتقص من جلال الربوبيه الذي يتلالا بين كلمات هذا البيان الرباني الخالص, وانما تزيد المومنين ثباتا علي ايمانهم, وتقيم الحجه علي الجاحدين من الكفار والمشركين, وحتي لو اخطا المفسر في فهم دلاله ايه من ايات القران الكريم فان هذا الخطا يعد علي المفسر نفسه ولا ينسحب علي جلال كلام الله ابدا, والذين فسروا باللغه اصابوا واخطاوا, وكذلك الذين فسروا بالتاريخ, فليحاول العلماء التجريبيون تفسير الايات الكونيه بما تجمع لديهم من معارف لان تلك الايات لا يمكن فهم دلالاتها فهما كاملا, ولا استقراء جوانب الاعجاز فيها في حدود اطرها اللغويه وحدها.الرد علي المدعينبكفر الكتابات العلميه المعاصرهان الاحتجاج بان العلوم التجريبيه في ظل الحضاره الماديه المعاصره تنطلق في معظمها من منطلقات ماديه بحته, تنكر او تتجاهل الغيب, ولا تومن بالله, وان للكثيرين من المشتغلين بالعلوم مواقف عدائيه واضحه من قضيه الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر, فمرده بعيد عن طبيعه العلوم الكونيه, وانما يرجع ذلك الي العقائد الفاسده التي افرزتها الحضاره الماديه المعاصره, والتي تحاول فرضها علي كل استنتاج علمي كلي, وعلي كل رويه شامله للكون والحياه, في وقت حققت فيه قفزات. هائله في مجال العلوم الكونيه البحته منها والتطبيقيه, بينما تخلف المسلمون في كل امر من امور الحياه بصفه عامه, وفي مجال العلوم والتقنيه بصفه خاصه, مما ادي الي انتقال القياده الفكريه في هذه المجالات علي وجه الخصوص الي امم سبق للعلماء فيها ان عانوا معاناه شديده من تسلط الكنيسه عليهم, واضطهادها لهم, ورفضها للمنهج العلمي ولكل معطياته ووقوفها حجر عثره في وجه اي تقدم علمي, كما حدث في اوروبا في اوائل عصر النهضه. فانطلق العلماء الغربيون من منطلق العداوه للكنيسه اولا ثم لقضيه الايمان بالتبعيه, وداروا بالعلوم الكونيه ومعطياتها في اطارها المادي فقط, وبرعوا في ذلك براعه ملحوظه, ولكنهم ضلوا السبيل وتنكبوه حينما حبسوا انفسهم في اطار الماده, ولم يتمكنوا من ادراك ما فوقها, او منعوا انفسهم من التفكير فيه, فاصبحت الغالبيه العظمي من العلوم تكتب من مفهوم مادي صرف, وانتقلت عدوي ذلك الي عالمنا المسلم اثناء مرحله اللهث وراء اللحاق بالركب التي نعيشها وما صاحب ذلك من مركبات الشعور بالنقص, او نتيجه لدس الاعداء, وانبهار البلهاء بما حققته الحضاره الماديه المعاصره من انتصارات في مجال العلوم البحته والتطبيقيه, وما وصلت اليه من اسباب القوه والغلبه, وما حملته معها حركه الترجمه من غث وسمين, فاصبحت العلوم تكتب اليوم في عالمنا المعاصر من نفس المنطلق لانها عاده ماتدرس وتكتب وتنشر بلغات اجنبيه علي نفس النمط الذي ارست قواعده الحضاره الماديه, وحتي ماينشر منها باللغه العربيه, او بغيرها من اللغات المحليه, لا يكاد يخرج في مجموعه عن كونه ترجمه مباشره او غير مباشره للفكر الغريب الوافد بكل مافيه من تعارض واضح احيانا مع نصوص الدين, وهنا تقتضي الامانه اثبات ان ذلك الموقف غريب علي العلم وحقائقه ومن هنا ايضا كان من واجب المسلمين اعاده التاصيل الاسلامي للمعارف العلميه اي اعاده كتابه العلوم بل والمعارف المكتسبه كلها من منطلق اسلامي صحيح خاصه ان المعطيات الكليه للعلوم البحته والتطبيقيه بعد وصولها الي قدر من التكامل في هذا العصر اصبحت من اقوي الادله علي وجود الله وعلي تفرده بالالوهيه والربوبيه وبكامل الاسماء و,الصفات, وانصع الشواهد علي حقيقه الخلق وحتميه البعث وضروره الحساب وان العلوم الكونيه كانت ولا تزال النافذه الرئيسيه التي تتصل منها الحضاره المعاصره بالفطره الربانيه وان المنهج العلمي ونجاحه في الكشف عن عدد من حقائق هذا الكون متوقف علي اتساق تلك الفطره واتصاف سننها بالاطراد والثبات.الرد علي الادعاء بالتعارضبين معطيات العلم والدينان القول بان عددا من المعطيات الكليه للعلوم التجريبيه كما تصاغ في الحضاره الماديه المعاصره قد تتباين مع الاصول الاسلاميه الثابته قول علي اطلاقه غير صحيح لانه اذا جاز ذلك في بعض الاستنتاجات الجزئيه الخاطئه, او في بعض الاوقات كما كان الحال في مطلع هذا القرن, والمعرفه بالكون جزئيه متناثره, ساذجه بسيطه, او في الجزء المتاخر منه عندما ادت المبالغه في التخصص الي حصر العلماء في دوائر ضيقه للغايه حجبت عنهم الرويه الكليه لمعطيات العلوم, فانه لا يجوز:اليوم حين بلغت المعارف باشياء هذا الكون حدا لم تبلغه البشريه من قبل وقد اصبحت الاستنتاجات الكليه لتلك المعارف توكد ضروره الايمان بالخالق الباريء المصور الذي ليس كمثله شيء, وعلي ضروره التسليم بالغيب وبالوحي وبالبعث وبالحساب, فمن المعطيات الكليه للعلوم الكونيه المعاصره ما يمكن ايجازه فيما يلي:ان هذا الكون الذي نحيا فيه متناه في ابعاده مذهل في دقه بنائه, مذهل في احكام ترابطه وانتظام حركاته.ان هذا الكون مبني علي نفس النظام من ادق دقائقه الي اكبر وحداته.ان هذا الكون دائم الاتساع الي نهايه لا يستطيع العلم المكتسب ادراكها.ان هذا الكون علي قدمه مستحدث مخلوق, كانت له في الماضي السحيق بدايه حاول العلم التجريبي قياسها, ووصل فيها الي دلالات تكاد تكون ثابته لو استبعدنا الاخطاء التجريبيه.ان هذا الكون عارض اي انه لابد ان ستكون له في يوم من الايام نهايه تشير اليها كل الظواهر الكونيه من حولنا.ان هذا الكون المادي لا يمكن ان يكون قد اوجد نفسه بنفسه ولا يمكن لاي من مكوناته الماديه ان تكون قد اوجدته.ان هذا الكون المتناهي الابعاد. الدائم الاتساع, المحكم البناء, الدقيق الحركه والنظام الذي يدور كل ما فيه في مدارات محدده وبسرعات مذهله متفاوته وثابته لا يمكن ان يكون قد وجد بمحض المصادفه.هذه المعطيات السابقه تفضي الي حقيقه منطقيه واحده موداها انه اذا كان هذا الكون الحادث لا يمكن ان يكون قد وجد بمحض المصادفه. فلابد له من موجد عظيم له من العلم والقدره والحكمه وغير ذلك من صفات الكمال والتنزيه ما لا يتوافر لشيء من خلقه بل ما يغاير صفات المخلوقات جميعا فلا تحده. حدود المكان ولا الزمان ولا قوالب الماده او الطاقه, ولا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار ولا ينسحب عليه ما يحكم خلقه من سنن وقوانين, لانه( سبحانه وتعالي)( ليس كمثله شيء)( الشوري:11)هذا الخالق العظيم الذي اوجد الكون بما فيه ومن فيه هو وحده الذي يملك القدره علي ازالته وافنائه ثم اعاده خلقه وقتما شاء وكيفما شاء:يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب, كما بدانا اول خلق نعيده وعدا علينا انا كنا فاعلين.( الانبياء: ايه104)انما قولنا لشيء اذا اردناه ان نقول له كن فيكون( النحل:40)ان الوحده في هذا الكون تشير الي وحدانيه هذا الخالق العظيم, وحده بناء كل من الذره والخليه الحيه والمجموعه الشمسيه والمجره وغيرها, ووحده تاصيل العناصر كلها وردها الي ابسطها وهو غاز الايدروجين, ووحده تواصل كل صور الطاقه, وتواصل الماده والطاقه, وتواصل المخلوقات, هذا التواصل وتلك الوحده التي يميزها التنوع في ازواج, وتلك الزوجيه التي تنتظم كل صور المخلوقات من الاحياء والجمادات تشهد بتفرد الخالق الباريء المصور بالوحدانيه, واستعلاء هذا الخالق الواحد الاحد الفرد الصمد فوق خلقه بمقام الالوهيه والربوبيه الذي لا يشاركه فيه احد ولا ينازعه علي سلطانه منازع ولا يشبهه من خلقه شيءان العلوم التجريبيه في تعاملها مع المدرك المحسوس فقط, قد استطاعت ان تتوصل الي ان بالكون غيبا قد لا يستطيع الانسان ان يشق حجبه, ولولا ذلك الغيب ما استمرت تلك العلوم في التطور والنماء, لان اكبر الاكتشافات العلميه قد نمت نتيجه للبحث الدءوب عن هذا الغيب.توكد العلوم التجريبيه ان بالاحياء سرا لا نعرف كنهه, لاننا نعلم مكونات الخليه الحيه, والتركيب المادي لجسد الانسان, ومع ذلك لم يستطع هذا العلم ان يصنع لنا خليه حيه واحده, او ان يوجد لنا انسانا عن غير الطريق الفطري لا يجاده.ان النظر في اي من زوايا هذا الكون ليوكد حاجته بمن فيه وما فيه الي رعايه خالقه العظيم في كل لحظه من لحظات وجودهان العلوم الكونيه اذ تقدر ان الكون والانسان في شكليهما الحاليين ليسا ابديين, فانها وعلي غير قصد منها لتوكد حقيقه الاخره, بل وعلي حتميتها, والموت يتراءي في مختلف جنبات هذا الكون في كل لحظه من لحظات وجوده, شاملا الانسان والحيوان والنبات والجماد واجرام السماء علي تباين هيئاتها, وتكفي في ذلك الاشاره الي ما اثبتته المشاهده من ان الشمس تفقد من كتلتها بالاشعاع ما يقدر بحوالي4,6 مليون طن في كل ثانيه وانها اذ تستمر في ذلك فلابد من ان ياتي الوقت الذي تخبو فيه جذوتها, وينطفيء اوراها, وتنتهي الحياه علي الارض قبل ذلك, لاعتمادها في ممارسه انشطتها الحيويه علي اشعه الشمس وان الطاقه تنتقل من الاجسام الحاره الي الاجسام الاقل حراره بطريقه مستمره في محاوله لتساوي درجات حراره الاجرام المختلفه في الكون ولابد ان تنتهي بذلك او قبله كل صور الحياه المعروفه لنا, وليس معني ذلك انه يمكن معرفه متي تكون نهايه هذا الوجود, لان الاخره قرار الهي لا يرتبط بسنن الدنيا, وان ابقي الله تعالي لنا في الدنيا من الظواهر والسنن ما يوكد امكانيه وقوع الاخره, بل حتميتها انصياعا للامر الالهي كن فيكون وان الانسان الذي يحوي جسده في المتوسط الف مليون مليون خليه يفقد فيها في كل ثانيه ما يقدر بحوالي125 مليون خليه تموت ويتخلق غيرها بحيث تتبدل جميع خلايا جسد الفرد من بني البشر مره كل عشر سنوات تقريبا, فيما عدا الخلايا العصبيه التي اذا ماتت لا تتجدد, وتكفي في ذلك ايضا الاشاره الي ان انتقال الاليكترون من مدار الي اخر حول نواه الذره يتم بسرعه مذهله دفعت بعدد من العلماء الي الاعتقاد بانه فناء في مدار وخلق جديد في مدار اخر, كما تكفي الاشاره الي ظاهره اتساع الكون عن طريق تباعد المجرات عن بعضها البعض بسرعات مذهله تقترب من سرعه الضوء( اي حوالي ثلاثمائه الف كيلو متر في الثانيه) وتخلق الماده في المسافات الجديده الناتجه عن هذا التباعد المستمد بطريقه لايعلمها الا الله, وتباطو هذا التباعد الناتج عن ظاهره الانفجار العظيم مع الزمن مما يشير الي حتميه تغلب الجاذبيه علي عمليه الدفع الي الخارج مما يودي الي اعاده جمع ماده الكون ومختلف صور الطاقه فيه في جرم واحد ذي كثافه بالغه مما يجعله في حاله من عدم الاستقرار تودي الي انفجاره علي هيئه شبيهه بالانفجار الاول الذي تم به خلق الكون, فيتحول هذا الجرم الي غلاله من دخان كما تحول الجرم الاول, وتتخلق من هذا الدخان ارض غير الارض, وسماوات غير السماوات.كما وعد ربنا تبارك وتعالي بقوله( عز من قائل):يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدانا اول خلق نعيده وعدا علينا انا كنا فاعلين( الانبياء: ايه104)وقوله( سبحانه):يوم تبدل الارض غير الارض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار( ابراهيم:48).وتكفي في ذلك ايضا الاشاره الي ان الذرات في جميع الاحماض الامينيه والجزيئات البروتينيه تترتب ترتيبا يساريا في اجساد كافه الكائنات الحيه علي اختلاف مراتبها, فاذا مامات الكائن الحي اعادت تلك الذرات ترتيب نفسها ترتيبا يمينيا بمعدلات ثابته محدده يمكن باستخدامها تحديد لحظه وفاه الكائن الحي اذا بقيت من جسده بقيه بعد مماته, ويتعجب العلماء من القدره التي مكنت الذرات من تلك الحركات المنضبطه بعد وفاه صاحبها وتحلل جسده!!فهل يمكن لعاقل بعد ذلك ان يتصور ان العلوم الكونيه ومعطياتها في ازهي عصور ازدهارها تتصادم مع قضيه الايمان بالله, وهذه هي معطياتها الكليه, وهي في جملتها تكاد تتطابق مع تعاليم السماء, وفي ذلك كتب المفكر الاسلامي الكبير الاستاذ محمد فريد وجدي( يرحمه الله) في خاتمه كتابه المستقبل للاسلام ما نصه:ان كل خطوه يخطوها البشر في سبيل الرقي العلمي, هي تقرب الي ديننا الفطري, حتي ينتهي الامر الي الاقرار الاجماعي بانه الدين الحق.ثم يضيف:.. نعم ان العالم بفضل تحرره من الوراثات والتقاليد, وامعانه في النقد والتمحيص, يتمشي علي غير قصد منه نحو الاسلام,بخطوات متزنه ثابته, لاتوجد قوه في الارض ترده. عنه الا اذا انحل عصام المدنيه, وارتكست الجماعات الانسانيه عن وجهتها العلميه.وقد بدات بوادر هذا التحول الفكري تظهر جليه اليوم, وفي مختلف جنبات الارض, باقبال اعداد كبيره من العلماء والمتخصصين وكبار المثقفين والمفكرين علي الاسلام, اقبالا لم تعرف له الانسانيه مثيلا من قبل, واعداد هولاء العلماء الذين توصلوا الي الايمان بالله عن طريق النظر المباشر في الكون, واستدلوا علي صدق خاتم رسله وانبيائه( صلي الله عليه وسلم) بالوقوف علي عدد من الاشارات العلميه البارقه الصادقه في كتاب الله, هم في تزايد مستمر, وهذا واحد منهمموريس بوكاي الطبيب والباحث الفرنسي يسجل في كتابه الانجيل والقران والعلم مانصه:.. لقد اثارت هذه الجوانب العلميه التي يختص بها القران دهشتي العميقه في البدايه, فلم اكن اعتقد قط بامكان اكتشاف عدد كبير الي هذا الحد من الدعاوي الخاصه بموضوعات شديده التنوع ومطابقه تماما للمعارف العلميه الحديثه, وذلك في نص دون منذ اكثر من ثلاثه عشر قرنا.
====================================

الاشارات الكونيه في القران الكريمومغزي دلالتها العلميه
ان فهم الاشارات الكونيه في كتاب الله, علي ضوء ما تجمع للبشريه اليوم من معارف, وتقديمها للعالم كواحد من الادله العديده علي ان القران الكريم هو كلام الله الذي انزله بعلمه والذي لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه, والذي حفظ بحفظ الله, بنفس اللغه التي اوحي بها, بدقائق حروفه وكلماته واياته وسوره, يعتبر فتحا جديدا للاسلام, وانقاذا للبشريه من الهاويه التي تتردي فيها اليوم بسبب تقدمها العلمي والتقني المذهل وتضاول روح الايمان بالله, وانعدام الخشيه من عذابه في نفوس القطاع الاكبر من الناس خاصه في اكثر المجتمعات البشريه المعاصره اخذا باسباب التقدم العلمي والتقني, فاغلب المجتمعات البشريه في الدول غير المسلمه تعاني اليوم من انفراط عقد الاسره, والتقنين للممارسات الجنسيه بدون ادني رباط, فكثر حمل المراهقات, وابناء الزنا, والاسر ذات العائل الواحد, وتفشت الامراض والاوباء والعلل مما لم يكن معروفا من قبل, وقننت الحكومات والتشريعات للعلاقات الشاذه, وصرحت بتبني الاطفال وتنشئتهم في وسط الشواذ, وهي عمليه مدمره للفطره الانسانيه فكثرت الازمات النفسيه وامراضها, وتضاعفت معدلات كل من الادمان والجريمه والانتحار, وملئت اكثر المجتمعات البشريه ثراء وتطورا ماديا باخطر مشاكل المجتمعات الانسانيه علي الاطلاق...!!!ومن هولاء الذين لايعرفون لهم ابا, والذين خرجوا الي الحياه بطرق غير مشروعه, ونشئوا في بيئات فاسده وبين سلوكيات منحطه وضيعه من يمكن ان يصل الي مقام السلطه في دول تملك من تقنيات ووسائل الغلبه الماديه, من مختلف اسلحه الدمار الشامل ما يعينه علي البطش بالخلق, وافشاء الظلم, وتدمير الحياه علي سطح الارض, وافساد بيئاتها والقضاء علي مختلف صور الحياه فيها...!!! ولا يجد من دين او خلق او منطق اي رادع يمكن ان يرده عن ذلك...!!!واغلب وسائل الاعلام في العالم قد وقعت اليوم في ايدي اليهود, في موامره خسيسه علي الانسانيه واليهود هم اشد الناس عداوه للذين امنوا بصفه خاصه وللانسان غير اليهودي بصفه عامه فوظفوا كافه تلك الوسائل الاعلاميه في تدمير البقيه الباقيه من عقائد واخلاقيات وسلوكيات المجتمعات الانسانيه, وفي تشويه صوره الاسلام في اذهان الناس, وذلك لان مما يسوءهم ان يروا الاسلام ينتشر في مجتمعاتهم المريضه في الوقت الذي يتصورون فيه انهم قد احاطوا بالاسلام والمسلمين احاطه كامله. ويقبل علي الاسلام في الغرب والشرق قمم الفكر والعلم والراي لانهم يرون فيه المخرج الوحيد من الوحل النتن الذي غاصت فيه مجتمعاتهم والذي يعيشون فيه الي اذقانهم في غالبيتهم الساحقه, ووسيلتنا في تحسين صوره الاسلام في العالم هي حسن الدعوه اليه بالكلمه الطيبه, والحجه الواضحه, والمنطق السوي. وخير ما نقدمه في ذلك المضمار مما يتناسب مع طبيعه العصر ولغته هو الاعجاز العلمي للقران الكريم, لاننا نعيش في زمن ادار غالبيه الناس ظهورهم فيه للدين, ولم تعد قضايا الغيب المطلق من بعث بعد الموت, وعرض اكبر امام الله الخالق, وخلود في حياه قادمه: اما في الجنه ابدا, او في النار ابداوغيرها من قضايا الدين لم تعد تحرك فيهم ساكنا, ولكنهم في نفس الوقت قد فتنوا بالعلم ومعطياته فتنه كبيره, فاذا اشرنا الي سبق للقران الكريم في الاشاره الي عدد من حقائق الكون قبل ان يصل الانسان الي شيء منها بعشرات المئات من السنين, وهو الكتاب الذي انزل علي نبي امي( صلي الله عليه وسلم) في امه كانت غالبيتها الساحقه من الاميين, فان ذلك سوف يحرك عقولهم وقلوبهم, وسوف يحضهم علي الاطلاع في كتاب الله الذي ما اطلع عليه عاقل الا ويشهد له انه لا يمكن ان يكون كلام احد غير الله الخالق( سبحانه وتعالي), وفي ذلك تحييد لحجم الكراهيه الشديده التي غرستها وسائل الاعلام الدوليه للاسلام والمسلمين في قلوب الملايين, ودعوه مستنيره الي دين الله وما احوجنا للدعوه لهذا الدين الخاتم في زمن التحدي بالعولمه الذي نعيشه, والذي يتهدد كافه شعوب الارض بالذوبان في بوتقه الحضاره الماديه الجارفه...!!!ولا يمكن ان يصدنا عن ذلك دعوي ان عددا من المفسرين السابقين الذين تعرضوا لتاويل بعض الايات الكونيه في كتاب قد تكلفوا في تحميل تلك الايات من المعاني مالا تحتمله وذلك بسبب نقص في وفره المعلومات العلميه او جهل بها, وذلك لما سبق وان اوضحناه بان التفسير لاي القران الكريم هو محاوله بشريه لحسن فهم دلاله تلك الايات ان اصاب فيها المرء فله اجران, وان اخطا فله اجر واحد, والمعول في ذلك النيه, وان الخطا في التفسير لا ينال من جلال القران الكريم, ولكنه ينعكس علي المفسر, خاصه وان الذين فسروا باللغه اصابوا واخطاوا والذين فسروا بالتاريخ اصابوا واخطاوا ولم ينل ذلك من قدسيه القران الكريم ومكانته في قلوب وعقول المومنين شيئا اما اليوم وقد توافر للانسان من المعرفه بحقائق الكون وسننه ما لم يتوافر لجيل من البشر من قبل, فان توظيف ذلك الكم من المعلومات من اجل حسن فهم دلاله الايه القرانيه, واثبات سبقها التاريخي لكافه البشر يعتبر ضروره اسلاميه لتثبيت ايمان المومنين, ولدعوه الضالين من الكفار والمشركين والذي سوف يسالنا ربنا( تبارك وتعالي) عن تبليغهم بهذا الدين, ودعوتهم اليه بالحكمه والموعظه الحسنه.والاخطاء التي وقع فيها عدد من المفسرين الذين تعرضوا للايات الكونيه في كتاب الله, او تكلفهم في تحميل الايات من المعاني ما لا تحمله, في تعسف واضح, وتكلف جلي, يحملونه هم, ولا تتحمله ايات الكتاب المبين, لان التاويل يبقي جهدا بشريا منسوبا لمووله, بكل ما للبشر من نقص وبعد عن الكمال, واذا كان عدد منهم قد جاوز الصواب في تاويله, فان اعدادا اوفر قد وفقت في ذلك ايما توفيق.ولم تكن اخطاء المفسرين محصوره في محاولات تاويل الاشارات الكونيه فقط, فهنالك عدد من كتب التفسير التي تمتليء بالاسرائيليات الموضوعه, والعصبيات المذهبيه الضيقه, وغير ذلك مما لا يقبله العقل القويم, والصحيح المنقول عن رسول الله صلي الله عليه وسلم وعن اصحابه المكرمين والتابعين, ولا يرتضيه المنطق اللغوي السليم. فالمعتزله علي سبيل المثال لا الحصر قد حاولوا في تفاسيرهم اخضاع الايات لمبادئهم في العدل والتوحيد وحريه الاراده والوعد والوعيد وانكار الرويه وغيرها, وتعسفوا في ذلك ايما تعسف.والشيعه علي اختلاف فرقهم قد دفعتهم المغالاه في حب ال البيت الي التطرف في تاويل الايات القرانيه تاويلا لا يحتمله ظاهر الايات. ولا السياق القراني. ولا القرائن المنطقيه المختلفه.وكذلك المتصوفه والاشاريون فهم علي الرغم من تسليمهم بالماثور من التفسير, وقبولهم للمعني الذي يدل عليه اللفظ العربي يسمحون لانفسهم باستنباط معان للايات تخطر في اذهانهم عند التلاوه وان لم تدل عليها الايات القرانيه الكريمه بطريق من طرق الدلالات المعروفه في الاستعمال العربي للغه وطرائق التعبير فيها.اما المنحرفون من اتباع الفرق الباطنيه وافرازاتها القديمه والحديثه( كالقرامطه والبابيه, والبهائيه, والعلويه النصيريه, والقاديانيه الاحمديه, والاسماعيليه, والدرزيه وغيرها) فتمتليء تفاسيرهم بالانحرافات التي تنطق بالتعسف والافتعال, ومحاولات تطويع القران لمبادئهم المضلله في تكلف ملحوظ.فهل معني ذلك ان يتوقف علم التفسير عند حدود جهود السابقين من المفسرين؟ويتوقف فهم الناس لكتاب الله الذي انزل اليهم ليتدبروا اياته, ويعيشوا في معانيه, ويتخذوا منها دستورا كاملا لحياتهم عند جهود قدامي المفسرين علي فضلهم, وفضل ما قدموه لخدمه فهم القران الكريم في حدود المعرفه المتاحه في ازمنتهم؟ بالقطع لا, علي الرغم من التسليم بان هذه الانحرافات وامثالها كانت من وراء الدعوه الي الوقوف بالتفسير عند حدود الماثور, فكتب التفسير علي تباينها تحوي تراثا فكريا وتاريخيا لهذه الامه لايمكن التضحيه به, حتي ولو كانت به بعض الاخطاء او التجاوزات, الا اذا كان القصد الواضح هو التحريف, وهو امر لايصعب علي عاقل ادراكه.من كل ما سبق يتضح لنا ان حجج المضيقين في رفض تفسير الاشارات الكونيه في كتاب الله علي ضوء ما تجمع اليوم لدي الانسان من معارف بالكون وعلومه هي كلها حجج مردوده, فالكون صنعه الله, والقران هو كلام خالق الكون وواضع نواميسه, ولا يمكن ان يتعارض كلام الله الخالق مع الحقائق التي قد اودعها في خلقه, اذا اتبع الناظر في كليهما المنهج السليم, والمسلك الموضوعي الامين, فمن صفات الايات الكونيه في كتاب الله انها صيغت صياغه معجزه يفهم منها اهل كل عصر معني من المعاني في كل ايه من تلك الايات الداله علي شيء من اشياء الكون او ظواهره او نشاته او افنائه واعاده خلقه, وتظل تلك المعاني تتسع باتساع دائره المعرفه الانسانيه في تكامل لايعرف التضاد, وهذا عندي من اعظم جوانب الاعجاز في كتاب الله, ومن هنا كانت ضروره استمراريه النظر في تفسير تلك الايات الكونيه, وضروره مراجعه تراجمها الي اللغات الاخري بطريقه دوريه.اما ايات العقيده والعباده والاخلاق والمعاملات فقد صيغت صياغه محكمه يفهم دلالتها كل مستمع اليها مهما قلت ثقافته او زادت, لان تلك الايات تمثل ركائز الدين الذي هو صلب رساله القران الكريم.وكذلك الايات المتعلقه بصفات الله, وبالاخره وبالملائكه والجن وغير ذلك من الامور الغيبيه غيبه مطلقه فلا يملك المسلم الا الايمان بها, والتسليم في فهمها لنص القران الكريم او للماثور من تفسير المصطفي( صلي الله عليه وسلم) لان الانسان لايمكن له ان يصل الي عالم الغيب المطلق الا ببيان من الله الخالق, وذلك لان قدرات عقل الانسان المحدوده, وحواسه المحدوده لايمكن لهما اجتياز حدود عوالم الغيوب المطلقه مهما اوتي الانسان من اسباب الذكاء والفطنه, ومن هنا كان امتداح القران الكريم للذين يومنون بالغيب...!!!موقف الموسعين: في التفسير العلميويري اصحاب هذا الموقف ان الاشارات الكونيه في القران الكريم قد قصدت لذاتها اي لدلالاتها العلميه المحدده, مع التسليم بوجوب استخلاص الحكمه والعبره منها, والوصول الي الهدايه عن طريقها, وانطلاقا من ذلك فقد قام اصحاب هذا الموقف بتبويب ايات الكونيات في كتاب الله, وتصنيفها حسب مختلف التصانيف المعروفه في مختلف مجالات العلوم البحته والتطبيقيه, ثم اندفعوا في حماسهم لهذا الاتجاه الي المناداه بان القران الكريم يشتمل علي جميع العلوم والمعارف.ولابد لحسن فهم تلك الاشارات الكونيه في كتاب الله من تفسيرها علي ضوء اصطلاحات تلك العلوم والمعارف, ثم زاد البعض بمحاوله اثبات ان جميع حقائق العلوم البحته والتطبيقيه التي استخلصها الانسان بالنظر في جنبات هذا الكون هي موجوده في القران الكريم استنادا الي قوله تعالي:(.. ما فرطنا في الكتاب من شيء...)(الانعام: ايه38)وقوله...( ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء..)(النحل: ايه89)وهذا في راينا موقف مبالغ فيه لان السياق القراني في الايتين السابقتين لايتمشي مع ما وصلوا اليه من استنتاج, لانهما يركزان علي رساله القران الاساسيه وهي الدين بركائزه الاربع الاساسيه: العقيده, والعباده, والاخلاق والمعاملات, وهي القضايا التي لا يمكن للانسان ان يضع فيها لنفسه ضوابط صحيحه. وهي التي استوفاها القران استيفاء لايقبل اضافه, اما قصص الامم السابقه والاشارات الي الكون ومكوناته فقد جاء القران الكريم بنماذج منها تشهد لله الخالق بطلاقه القدره علي الخلق وافنائه واعادته من جديد. وربما كان هذا الموقف وامثاله من الاسباب الرئيسيه التي ادت الي تحفظ المتحفظين من الخوض في تفسير الايات الكونيه الوارده في كتاب الله علي اساس من معطيات العلوم البحته والتطبيقيه, او التعرض لاظهار جوانب الاعجاز العلمي فيها.موقف المعتدلين في التفسير العلميويري اصحاب هذا الموقف انه مع التسليم بان القران الكريم هو في الاصل كتاب هدايه ربانيه, اساسها الدعوه الي العقيده الصحيحه والامر بالعبادات المفروضه والحث علي الالتزام بمكارم الاخلاق وعلي التعامل بالعدل, اي انه دستور كامل للحياه في طاعه خالق الكون والحياه.ومع التسليم كذلك بان الاشارات الكونيه الوارده في كتاب الله قد جاءت في معرض التذكير بقدرته المطلقه, وبديع صنعه في خلقه, وشمول علمه, وكمال صفاته وافعاله, الا انها تبقي بيانا من الله, خالق الكون ومبدع الوجود, ومن اعلم بالكون من خالقه...؟من هنا كانت تلك الاشارات الكونيه كلها حق, وكانت كلها منسجمه مع قوانين الله وسننه في الكون, وثابته في دلالاتها مهما اتسعت دائره المعرفه الانسانيه فلا تعارض ولا تناقض ولا اضطراب وصدق الله العظيم القائل:(ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا)( النساء:82).ومن هنا ايضا كان واجب علماء المسلمين في مدارسه تلك الايات الكونيه مستفيدين بكل انواع المعارف المتاحه في تفسيرها واظهار جوانب الاعجاز بها, في حجه واضحه ومنطق سوي وذلك تاكيدا لايمان المومنين, ودحضا لافتراءات المفترين, وتثبيتا للحقيقه الراسخه ان القران كلام الله العزيز الرحمن الرحيم.ومن هنا كذلك كان التسليم بان تلك الاشارات الكونيه لم ترد في القران الكريم بهدف التبليغ بالحقيقه العلميه, لان الحكمه الالهيه قد تركت مجالا مفتوحا لاجتهاد المجتهدين, يتنافس فيه المتنافسون, ويتباري المتبارون, امه بعد امه, وجيلا بعد جيل, الي ان يرث الله تعالي الارض ومن عليها, فلولا ان الاراده الالهيه قد ارتضت بسط الكون بكل حقائقه كامله امام الانسان, لانتفت الغايه من الحياه الدنيا, وهي دار ابتلاء واختبار, ولاختفي ذلك الغيب الذي يشد الانسان اليه, ويشحذ جميع حواسه وكل قواه العقليه والفكريه, ولتبلدت تلك الحواس والقدرات ولمضت حياه الانسان علي الارض رتيبه كئيبه بائسه, جيلا بعد جيل, وعصرا بعد عصر, بغير تجديد او تنويع او ابداع, وسط عالم يتميز بالتغير في كل امر من اموره, وفي كل لحظه من لحظات وجوده, هذا فضلا عن ان العقل البشري عاجز عن تقبل الحقائق الكونيه الكليه دفعه واحده, وانه يحتاج في فهمها الي شئ من التدرج في الكشف, وفي استخراج الادله, وفي اثباتها وتكامل معطياتها علي مدي اجيال متعاقبه.ويستدل اصحاب هذا الموقف بالحشد الهائل من الاشارات الكونيه في كتاب الله, وبمطالبه القران الكريم للانسان دوما بتحصيل المعرفه النافعه علي اطلاقها, وهذه اولي ايات القران العظيم تامر بذلك وتحدد وسائله, وتحض علي التامل في الخلق, بل وتشير الي حقيقه علميه لم تكتشف الا بعد ذلك بقرون طويله الا وهي... خلق الانسان من علق... وهي حقيقه لم يتوصل اليها الانسان الا بعد اكتشاف حقيقه المجاهر المكبره, وفي ذلك يقول الحق تبارك وتعالي:(اقرا باسم ربك الذي خلق. خلق الانسان من علق. اقرا وربك الاكرم. الذي علم بالقلم. علم الانسان ما لم يعلم).( العلق:1 5)ويستدل اصحاب هذا الموقف المعتدل علي ذلك بما يقرره القران من مسئوليه الانسان عن حواسه وعقله, وما يفرضه من حسن استخداماتها في التعرف علي الكون, واكتساب المعارف النافعه منه, وتخديمها في حسن فهم كتاب الله, حيث يقرر الحق( تبارك وتعالي) ذلك بقوله في محكم كتابه:(ان السمع والبصر والفواد كل اولئك كان عنه مسئولا..)( الاسراء:36).كما يستدلون برفض القران للتقليد والجمود علي الاراء الموروثه الخاطئه, والحكم بالظن والهوي, ومطالبته الانسان دوما بتاسيس الاحكام علي الدليل العقلي الذي لا يقبل النقض, وهذه كلها من اخص خصائص المنهج التجريبي في دراسه الكون وما فيه, كذلك يستشهدون بتكريم القران الكريم للعلم والعلماء بمن فيهم من علماء الكونيات في العديد من اي الذكر الحكيم نختار منها قول الحق( تبارك وتعالي):(هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)( الزمر:9)وقوله( عز من قائل):(يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات)( المجادله:11)وقوله( سبحانه وتعالي):(شهد الله انه لا اله الا هو والملائكه واولو العلم قائما بالقسط لا اله الا هو العزيز الحكيم)( ال عمران:18)وقوله:(انما يخشي الله من عباده العلماء)( فاطر:28).والايه الاخيره قد وردت بعد استعراض لكثير من المشاهد الكونيه, مما يوكد ان الايه تشمل علماء الكونيات, ان لم يكونوا هم المقصودين بها مباشره, فالايه تنطق:(الم تر ان الله انزل من السماء ماء فاخرجنا به ثمرات مختلفا الوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف الوانها, وغرابيب سود, ومن الناس والدواب والانعام مختلف الوانه كذلك انما يخشي الله من عباده العلماء ان الله عزيز غفور)( فاطر:28,27).كذلك يستشهد اصحاب هذا الموقف المعتدل بمطالبه القران الكريم للانسان في تشديد واضح بالنظر في كل ما خلق الله, وهذه اوامره صريحه جليه نختار منها قول الحق( تبارك وتعالي):(قل انظروا ماذا في السموات والارض)( يونس:101)( او لم ينظروا في ملكوت السموات والارض وما خلق الله من شئ)( الاعراف:185)( قل سيروا في الارض فانظروا كيف بدا الخلق)( العنكبوت:20)( وفي الارض ايات للموقنين وفي انفسكم افلا تبصرون)( الذاريات:21,20)( افلا ينظرون الي الابل كيف خلقت, والي السماء, كيف رفعت, والي الجبال كيف نصبت, والي الارض كيف سطحت)( الغاشيه17 20).وينتصر اصحاب هذا الموقف المعتدل لموقفهم بما ينعاه القران علي الغافلين في التفكير في ايات السماوات والارض في كثير من اياته التي منها قول الحق( تبارك وتعالي):(وكاي من ايه في السموات والارض يمرون عليها وهم عنها معرضون)( يوسف:105)ووصفه لهولاء الغافلين بانهم كالانعام بل هم اضل, وتقديره بان جزاءهم جهنم عقابا لهم علي اهمالهم نعم الله التي انعم بها عليهم, وذلك في مثل قول الله( تعالي):(ولقد ذرانا لجهنم كثيرا من الجن والانس, لهم قلوب لا يفقهون بها, ولهم اعين لا يبصرون بها, ولهم اذان لا يسمعون بها, اولئك كالانعام بل هم اضل, اولئك هم الغافلون)( الاعراف:129).ويستشهدون علي ضروره توظيف المعارف العلميه المتاحه لفهم دلاله الايات الكونيه في كتاب الله بربط القران دوما بين الايمان بالله والنظر فيما خلق الله, من مثل قوله( تعالي):(ان في خلق السموات والارض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما انزل الله من السماء من ماء فاحيا به الارض بعد موتها وبث فيها من كل دابه, وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والارض لايات لقوم يعقلون)( البقره:164)وقوله( عز من قائل):(ان في خلق السموات والارض واختلاف الليل والنهار لايات لاولي الالباب, الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلي جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والارض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار)(ال عمران:191,190).وقوله( سبحانه وتعالي):(وكذلك نري ابراهيم ملكوت السموات والارض وليكون من الموقنين)( الانعام:75).وقوله:(لخلق السموات والارض اكبر من خلق الناس ولكن اكثر الناس لا يعلمون)( غافر:57)ويستشهد المنادون بضروره توظيف المعارف العلميه في تفسير الايات الكونيه في كتاب الله بالاشاره الي ان القران الكريم في استعراضه لامور الكون يتناول كليات الاشياء, تاركا التفاصيل لاجتهاد الانسان, ولكنه في نفس الوقت ينبه باستمرار الي جوانب مهمه في اشياء مثل الكم والكيف وهما من اسس العلوم التجريبيه, الكم الذي يتعلق بالحجم والكتله وبالزمان والمكان, وبدرجات النمو والاندثار وغيرها يتمثل في كثير من الايات القرانيه التي نختار منها قول الحق( تبارك وتعالي):(وكل شئ عنده بمقدار)( الرعد:5)وقوله( سبحانه):(قد جعل الله لكل شئ قدرا)( الطلاق:3)وقوله( عز من قائل):(انا كل شئ خلقناه بقدر)( القمر:49)وقوله( تعالي):(وخلق كل شئ فقدره تقديرا)( الفرقان:2)وقوله( سبحانه وتعالي):(وانزلنا من السماء ماء بقدر فاسكناه في الارض..)( المومنون:18).وبخصوص الكيف بمعني هيئه الاشياء وتركيبها ومسبباتها, ومجري الظواهر الكونيه وحدوثها والسنن الالهيه وجريانها, فان القران يشدد التنبيه عليها في مواضع كثيره منها قول الله( تعالي):(فانظر الي اثار رحمه الله كيف يحيي الارض بعد موتها)( الروم:50)وقوله( سبحانه):( الم تر الي ربك كيف مد الظل, ولو شاء لجعله ساكنا, ثم جعلنا الشمس عليه دليلا ثم قبضناه الينا قبضا يسيرا)( الفرقان:46,45).وقوله عز من قائل:(افلم ينظروا الي السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها ومالها من فروج..)( ق:6)وقوله( تعالي):( افلا ينظرون الي الابل كيف خلقت والي السماء كيف رفعت والي الجبال كيف نصبت والي الارض كيف سطحت)( الغاشيه:17 20)ويستشهد اصحاب هذا الموقف المعتدل كذلك علي ضروره توظيف المعارف العلميه في تفسير الايات الكونيه بتاكيد القران الكريم علي ان لكل شيء في هذا الكون فطرته السويه التي فطره الله عليها, والتي تخصه وتميزه, وهي قاعده اساسيه من قواعد المنهج العلمي التجريبي في الكشف عن حقائق هذا الكون ومكوناته وسنن الله فيه, ونقرا في ذلك قول الحق( تبارك وتعالي):ربنا الذي اعطي كل شيء خلقه ثم هدي..( طه:50)وقوله( سبحانه)( الذي خلق فسوي والذي قدر فهدي)( الاعلي:3,2)وان هذه الفطره ثابته, لا تتغير ولا تتبدل لقول الحق( تبارك وتعالي):(... لا تبديل لخلق الله)( الروم: ايه30)وانها خاضعه لقوانين مطرده, لا تتخلف ولا تتوقف الا باذن الله, وانه لولا ثبات تلك الفطره واطراد القوانين التي تحكمها ماتمكن الانسان من اكتشاف اي من امور هذا الكون, وان القران يصر علي تسميه تلك القوانين بالحق, وعلي ان الكون ومافيه خلق بالحق, ويطالب الانسان بالتعرف علي ذلك الحق والتزامه, فالتنزيل ينطق بقول الله( تعالي):( ماخلقنا السموات والارض ومابينهما الا بالحق واجل مسمي)( الاحقاف: ايه3)وقوله( سبحانه):( او لم يتفكروا في انفسهم ماخلق الله السموات والارض ومابينهما الا بالحق واجل مسمي وان كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون).( الروم:8)وقوله( عز من قائل):( خلق السموات والارض بالحق, يكور الليل علي النهار, ويكور النهار علي الليل, وسخر الشمس والقمر كل يجري لاجل مسمي الا هو العزيز الغفار)( الزمر: ايه5)وقوله( تعالي):( هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب, ماخلق الله ذلك الا بالحق يفصل الايات لقوم يعلمون)( يونس: ايه5)وقوله( سبحانه):( وماخلقنا السموات والارض ومابينهما لاعبين ماخلقناهما الا بالحق ولكن اكثرهم لا يعلمون)(الدخان: الايتان39,38)كذلك فان الذين يرون ضروره توظيف المعارف العلميه في تفسير الايات الكونيه الوارده في كتاب الله, وفي الاستشهاد علي الاعجاز العلمي لتلك الايات ينتصرون لذلك بان اكثر من اربعين سوره من سور القران الكريم البالغ عددها114 سوره تحمل اسماء لبعض اشياء الكون وظواهره, ويستشهدون بعرض القران للعديد من القضايا التي هي صميم العلوم التجريبيه من مثل خلق السماوات والارض, واختلاف الليل والنهار, واتساع الكون, ورتق السماوات والارض وفتقهما, وبدء السماء بدخان, وخلق الحياه من الماء وفي الماء واستعراض مراحل الجنين في الانسان وغير ذلك كثير مما لا يوفيه في هذا المقام حصر ولكن تكفي الاشاره الي ايات قليله منها من مثل قول الحق تبارك وتعالي:
( او لم ير الذين كفروا ان السموات والارض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي افلا يومنون)( الانبياء:30)
وقوله( عز من قائل):
( ثم استوي الي السماء وهي دخان, فقال لها وللارض ائتيا طوعا او كرها, قالتا اتينا طائعين)( فصلت:11)
وايات الكتاب الحكيم في كل ماعرضت له من امور الكون تتميز بمنتهي الدقه في التعبير, والشمول في المعني والدلاله, وبالسبق الاخباري بحقائق لم يتيسر للانسان المام بها الا في العقود المتاخره من القرن العشرين. وهذا بالقطع يشكل صوره من صور الاعجاز لم تتوافر لجيل من الاجيال من قبل. وسافصل الحديث في الاعجاز العلمي للاشارات الكونيه في كتاب الله في المقالات القادمه ان شاء الله( تعالي).
وخلاصه القول ان القران الكريم يزخر بالعديد من الايات التي تشير الي الكون ومابه من كائنات( احياء وجمادات) والي صور من نشاتها ومراحل تكوينها, والي العديد من الظواهر الكونيه التي تصاحبها, وقد احصي الدارسون من مثل هذه الايات حوالي الالف ايه صريحه, بالاضافه الي ايات اخري عديده تقرب دلالاتها من الصراحه. مما يبلغ بالايات الكونيه الي سدس ايات القران الكريم تقريبا. ويقف المفسرون من هذه الايات الكونيه مواقف متعدده, فمنهم المضيقون والموسعون والمعتدلون, فالمضيقون يرون ان تلك الاشارات لم ترد في القران لذاتها, وانما وردت من قبيل الاستدلال علي قدره الله تعالي, وابداعه في خلقه, وقدرته علي افناء الخلق واعادته من جديد, ومن ثم فلا يجوز تفسيرها في ضوء من معطيات العلوم الحديثه وذلك بدعوي انطلاق الكتابات العلميه من منطلقات ماديه, منكره لكل ماهو فوق المدرك المحسوس.
اما الموسعون فيرون ان القران الكريم يشتمل علي جميع العلوم والمعارف, ولابد لحسن فهم ذلك من تفسيره علي ضوء ماتجمع لدي الانسان من رصيد علمي خاصه في مجال العلوم البحته والتطبيقيه, ومن ثمن فقد قاموا بتبويب ايات الكونيات في كتاب الله وتصنيفها حسب التصانيف المعروفه في مختلف مجالات تلك; العلوم, وقد تميز ذلك بشيء من التكلف الذي ادي الي رفض المنهج والوقوف في وجهه.
اما المعتدلون فيرون انه مع التسليم بان الاشارات الكونيه في القران الكريم قد وردت في معرض التذكير بقدره الله, وبديع صنعه, فانها تبقي بيانا من الله, خالق الكون ومبدع الوجود, ومن ثم فهي كلها حق مطلق. ولا غرابه اذن من انسجامها مع قوانين الله وسننه في الكون, ومع معطيات العلوم الحديثه عن حقائق هذا الكون, كذلك فانهم يرون انه مع التسليم بان تلك الاشارات لم ترد في القران الكريم بهدف التبليغ بالحقيقه العلميه, لان الحكمه الالهيه قد اقتضت ترك ذلك لاجتهاد الانسان علي مر الزمن, الا انها تتميز بالدقه المتناهيه في التعبير, والثبات في الدلاله, والشمول في المعني بحيث يدرك فيه كل جيل مايتناسب ومستوياتهم الفكريه, وماوصلوا اليه من علوم عن الكون ومافيه, ثم ان تلك الدلالات تتميز كلها بالسبق الي الحقيقه الكونيه قبل ان تدرك الكشوف العلميه شيئا منها بقرون طويله, وهذا في حد ذاته يمثل الاعجاز العلمي للقران الكريم الذي هو احد اوجه الاعجاز العديده في كتاب الله, ولكنه يبقي من انسبها لعصر التقدم العلمي والتقني الذي نعيشه لتثبيت ايمان المومنين, ودعوه الجاحدين من مختلف صور المشركين والكافرين والضالين, في زمن تحول فيه العالم الي قريه كبيره, مايحدث في احد اركانها يتردد صداه في بقيه ارجائها, ولا يامن اهل الحق ان يصيبهم مااصاب الامم الضاله من عقاب, او ان يجرفهم تيار الحضاره الماديه فيذيبهم في بوتقتها فيخسرون بذلك الدنيا والاخره, وطوق النجاه في الجالتين الاعتزاز بالاسلام العظيم, والتمسك بالقران الكريم الذي يتجلي اعجازه العلمي في عصر العلم الذي نعيشه.

===================================

2
اولم ير الذين كفروا ان السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهما... الانبياء:30
بقلم الدكتور: زغلول النجار
في الوقت الذي ساد فيه الاعتقاد الخاطئ بازليه الكون بلا بدايه ولا نهايه, وعدم محدوديته الي ما لا نهايه, وسكونه وثباته( اي عدم حركته, علي الرغم من حركه بعض الاجرام فيه), بمعني ان هذا الكون اللانهائي الساكن كان موجودا منذ الازل, وسيبقي الي الابد, وهي فريه اطلقها الكفار والملحدون من بني البشر في محاوله يائسه لنفي الخلق, والتنكر للخالق سبحانه وتعالي, في هذا الوقت نزل القران الكريم موجها انظار هولاء الجاحدين من الكفار والمشركين والوثنيين الي طلاقه القدره الالهيه في ابداع خلق الكون من جرم ابتدائي واحد, وذلك في صيغه استفهام توبيخي, استنكاري, تقريعي يقول فيه ربنا تبارك وتعالي:
اولم ير الذين كفروا ان السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شئ حي افلا يومنون( الانبياء:30).
وهذه الايه الكريمه واضحه الدلاله علي ان الكون الذي نحيا فيه كون مخلوق له بدايه, بدا الله تعالي خلقه من جرم ابتدائي واحد مرحله الرتق, وهو القادر علي كل شيء, ثم امر الله تعالي بفتق هذا الجرم الابتدائي فانفتق مرحله الفتق وتحول الي غلاله من الدخان مرحله الدخان, وخلق الله تعالي من هذا الدخان كلا من الارض والسماء اي جميع اجرام السماء وما ينتشر بينها من مختلف صور الماده والطاقه مما نعلم وما لا نعلم وتعرف هذه المرحله باسم مرحله الاتيان بكل من الارض والسماء, وقد جاء وصف المرحلتين الاخيرتين في الايه الحاديه عشره من سوره فصلت, والتي يقول فيها ربنا تبارك وتعالي موبخا كلا من الذين كفروا بالله تعالي فانكروا الخلق, او اشركوا مع الله تعالي معبودا اخر:
قل ائنكم لتكفرون بالذي خلق الارض في يومين وتجعلون له اندادا ذلك رب العالمين, وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها اقواتها في اربعه ايام سواء للسائلين, ثم استوي الي السماء وهي دخان فقال لها وللارض ائتيا طوعا او كرها قالتا اتينا طائعين, فقضاهن سبع سماوات في يومين واوحي في كل سماء امرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم.( فصلت:9 11).
وهذه الايات القرانيه الكريمه في كل من سورتي الانبياء وفصلت تعرض لخلق السماوات والارض في اجمال وشمول وايجاز, كما تعرض لعدد من الحقائق الكونيه الاخري, وتربط بينها وبين عقيده الايمان بالله الخالق, الواحد الاحد, الفرد الصمد, لان عقيده التوحيد تقوم علي اساس من الحق الذي قامت به السماوات والارض, وكل ما فيهما من صور الخلق, ولكننا سوف نقصر حديثنا هنا علي الاشارات الوارده في تلك الايات عن خلق السماوات والارض, وقبل ان نفعل ذلك لابد من تاكيد حقيقه الدلاله العلميه للايات الكونيه الوارده في كتاب الله الخالق.
الدلاله العلميه للايات الكونيه في القران الكريم
من المسلمات ان الايات الكونيه لم ترد في كتاب الله الخالد من قبيل الاخبار العلمي المباشر للانسان, وذلك لان التحصيل العلمي قد ترك لاجتهاد الناس, يجمعون شواهده جيلا بعد جيل, وامه بعد امه, نظرا للطبيعه التراكميه للمعارف المكتسبه, ولمحدوديه حواس الانسان وقدرات عقله, ومحدوديه كل من مكانه في بقعه محدده من الارض وزمانه اي عمره.
ومع تسليمنا بهذا الفهم, وتسليمنا كذلك بان الايات الكونيه التي اشار اليها ربنا تبارك وتعالي في محكم كتابه جاءت في مقام الاستدلال علي طلاقه القدره الالهيه في ابداع الخلق, وللاستشهاد علي ان الله تعالي الذي ابدع هذا الخلق قادر علي افنائه, وعلي اعاده خلقه من جديد, كما تاتي هذه الايات الكونيه في مقام الاستدلال علي وحدانيه الخالق العظيم بغير شريك, ولا شبيه, ولا منازع, وتتراءي هذه الوحدانيه لكل ذي بصيره في جميع جنبات الكون, وفي كل امر من اموره, في السماوات وفي الارض, في الانفس وفي الافاق, في كل سنه من سنين الكون, وفي كل ناموس من نواميسه, وفي كل جزئيه من جزئياته من الذره الي الخليه الحيه الي المجره, كما تتراءي في وحده بناء الكون, ووحده لبناته وتاصل عناصره التي ترد كلها الي غاز الايدروجين وفي وحده كل من الماده والطاقه, وفي تواصل كل من المكان والزمان, وفي وحده بناء الخليه الحيه, وفي وحده الحياه والممات والمصير, لكل حي.
وتتراءي وحدانيه الخالق سبحانه وتعالي في تعميم الزوجيه علي جميع المخلوقات من الاحياء والجمادات, حتي يبقي الخالق في علاه, متفردا بالوحدانيه فوق جميع خلقه.
ومع تسليمنا بكل ذلك فان القران الكريم يبقي كلام الله الخالق, الذي اوحي به الي خاتم انبيائه ورسله صلي الله عليه وسلم, وتعهد سبحانه وتعالي بحفظه باللغه نفسها التي اوحاه بها اللغه العربيه فحفظ كلمه كلمه, وحرفا حرفا تحقيقا للوعد الالهي الذي قطعه ربنا تبارك وتعالي علي ذاته العليه فقال عز من قائل:
انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون( الحجر:9)
ولما كان القران الكريم هو كلام الله الخالق, وكان الكون من صنعته وابداع خلقه, فلابد ان يكون كل حرف وكلمه وايه في القران الكريم حقا مطلقا, وان تكون كل الاشارات الكونيه فيه ناطقه بالحقيقه المطلقه للكون ومكوناته, ولو وعي المسلمون ذلك حق الوعي لكان لهم قصب السبق في الكشف عن العديد من حقائق هذا الكون قبل غيرهم من الامم بقرون عديده, وكان هذا السبق من افضل وسائل الدعوه الي دين الله الخاتم في زمن التقدم العلمي والتقني الذي نعيشه.
(1) العلوم المكتسبه وخلق السماوات والارض
للعلوم المكتسبه شواهد تويد فكره الانفجار العظيم منها ما يلي:
(1) توسع الكون كدليل علي الانفجار العظيم:
علي الرغم من تاكيد القران الكريم الذي انزل قبل اكثر من الف واربعمائه من السنين حقيقه توسع الكون يقول الحق تبارك وتعالي:
والسماء بنيناها بايد وانا لموسعون
(الذاريات:47)
فقد بقي الفلكيون الي مطلع العشرينيات من القرن الماضي مصرين علي ثبات الكون وعدم تغيره
وفي السنوات من1914 1925 م اثبت الفلكي الامريكي ف.م سلايفر
ان معظم المجرات التي قام برصدها خارج مجرتنا درب اللبانه تتباعد عنا وعن بعضها بعضا بسرعات كبيره.
وفي سنه1929 م تمكن الفلكي الامريكي الشهير ادوين هبل من تاكيد ظاهره توسع الكون, وتوصل الي الاستنتاج الصحيح ان سرعه تباعد المجرات الخارجيه عن مجرتنا تتناسب تناسبا طرديا مع بعدها عنا, وفي سنه1934 م اشترك هو واحد من مساعديه في قياس ابعاد وسرعات تحرك32 من تلك المجرات الخارجيه بعيدا عن مجرتنا وعن بعضها بعضا.
من جانب اخر استطاع علماء كل من الفيزياء النظريه والفلكيه تاكيد حقيقه توسع الكون بتوظيف القوانين الرياضيه في عدد من الحسابات النظريه, ففي سنه1917 م اطلق البرت اينشتاين نظريه النسبيه العامه لشرح طبيعه الجاذبيه كقوه موثره في الكون المدرك, واشارت المعادلات الرياضيه المستنتجه من تلك النظريه الي ان الكون الذي نحيا فيه كون غير ثابت, فهو اما ان يتمدد واما ان ينكمش وفقا لعدد من القوانين المحدده له, وجاءت هذه النتيجه علي عكس ما كان يعتقد اينشتاين وجميع معاصريه من الفلكيين وعلماء الفيزياء النظريه, ولقد اصاب اينشتاين الذعر حينما ادرك ان معادلاته تنبئ رغم انفه بان الكون في حاله تمدد مستمر, فعمد الي ادخال معامل من عنده اطلق عليه اسم الثابت الكوني ليلغي به تمدد الكون, ويوكد ثباته واستقراره برغم دوران الاجرام التي يحتويها, وحركاتها المتعدده, ثم عاد اينشتاين ليعترف امام سيل ملاحظات الفلكيين عن تمدد الكون بان تصرفه هذا كان اكبر خطا علمي اقترفه في حياته.
في السنوات1917 1924 م قام الروسي اليكساندر فريدمان بادخال عدد من التحسينات علي معادلات اينشتاين, وقدم نموذجين لتفسير نشاه الكون يبدا كل منهما بحاله متفرده تتميز بكثافه لا نهائيه, وتتمدد منها الي حالات ذات كثافه اقل.
وتحدث فريدمان عن انحناء الكون, وعن تحدبه تبعا لكميه الماده الموجوده فيه, فان كانت تلك الماده اقل من قدر معين كميه حرجه وجب ان يستمر تمدد الكون الي الابد, وفي هذه الحاله يكون نظام الكون مفتوحا, اما اذا كانت كميه الماده بالكون اقل من الكميه الحرجه غدت الجاذبيه علي قدر من القوه بحيث تحدب الكون الي درجه تتوقف عندها عمليه التمدد في لحظه معينه من المستقبل, عندها يبدا الكون في الانطواء علي ذاته ليعود الي حاله الكثافه اللانهائيه الاولي التي بدا بها الكون, وفي هذه الحاله يكون نظام الكون مغلقا.
وقد اثبت كل من وليام دي سيتر في سنه1917 م وارثر ادنجتون في سنه1930 م ان الكون كما صورته معادلات اينشتاين هو كون غير ثابت, ولكن تصور كل منهما للكون كان تصورا بدائيا, فبينما كان نموذج اينشتاين للكون نموذجا ماديا دون حركه, ونموذج دي سيتر حركيا دون ماده, جاء نموذج ادنجتون وسطا بين النموذجين بمعني ان الكون بدا بحاله ساكنه, ثم اخذ في التمدد نظرا لطغيان قوي الدفع للخارج علي قوي الجاذبيه, ولكن انطلاقا من فكر الالحاد السائد في عصره اضطر ادنجتون الي فرض ماض لا نهائي للكون ليتخلص من حقيقه الخلق, وشبح الانفجار الكبير والذي سماه بالبدايه الكارثه.
في السنوات1934,1932 م اقترح ريتشارد تولمان نموذجا متذبذبا للكون يبدا وينتهي بعمليه الانفجار الكبير. واخيرا اقترح الان جوت نموذج الكون المتضخم, والذي يقترح فيه ان الكون المبكر تمدد في اول الانفجار تمددا راسيا سريعا جدا مع سطوع فائق. ثم اخذت معدلات التوسع في التباطو الي معدلاتها الحاليه,
ومن منطلق انكار الخلق ينادي الفلكيون المعاصرون بفكره الكون المفتوح اي الذي يتمدد الي ما لا نهايه ولكن حسابات الكتل المفقوده
توكد انغلاق الكون, هذا الانغلاق الذي سيقف بتمدده عند لحظه في المستقبل يعود الكون فيها الي الانكماش والتكدس علي ذاته ليعاود سيرته الاولي.
وبالتدريج بدات فكره تمدد الكون الي حد ما في المستقبل تلقي القبول من الغالبيه الساحقه من علماء الفلك والفيزياء الفلكيه والنظريه, وان بقيت اعداد منهم يدعون الي ثبات الكون حتي مشارف الخمسينيات من القرن العشرين, ومن هذه الاعداد جامعه كنبردج المكونه من كل من هيرمان بوندي, وتوماس جولد, وفريد هويل. وقد قام هذا الفريق بنشر سلسله من المقالات والبحوث في السنوات1946 م,1949,1948 م دفاعا عن النموذج الثابت للكون
ثم اضطروا الي الاعتراف بحقيقه تمدده بعد ذلك بسنوات قليله, ومن عجائب القدر بهولاء الجاحدين لحقيقه الخلق, المتنكرين لجلال الخالق سبحانه وتعالي المنادين كذبا بازليه العالم, ان يكون احد زعمائهم وهو فريد هويل الذي حمل لواء الادعاء بثبات الكون واستقراره وازليته
لسنوات طويله هو الذي يعلن بنفسه في سخريه لاذعه تعبير الانفجار الكبير للكون
وذلك في سلسله احاديث له عبر الاذاعه البريطانيه في سنه1950 م ينتقد فيها ظاهره تمدد الكون, ويحاول اثبات بطلانها, ثم جاء بعد ذلك بسنوات ليكون من اشد المدافعين عنها.
وكانت نظريه خلق الكون من جرم اولي واحد عالي الكثافه قد توصل اليها البلجيكي جورج لوميتر في سنه1927 م وذلك في رساله تقدم بها الي معهد ماشوسيتس للتقنيه, دافع فيها وفي عدد من بحوثه التاليه عن حقيقه تمدد الكون, ولم تلق ابحاثه اي انتباه الي ان جاء ادنجتون في سنه1930 م ليلفت اليها الانظار ومن هنا اطلق علي لوميتر لقب صاحب فكره الانفجار الكبير في صورتها الاولي.
(2) بقايا الاشعاع الكوني كدليل علي الانفجار العظيم:
في سنه1948 م اعلن كل من جورج جامو وزميله رالف الفر ان تركيز العناصر في الجزء المدرك من الكون يشير الي ان الجرم الاولي الذي بدا به الكون كان تحت ضغط وفي درجه حراره لا يكاد العقل البشري ان يتصورهما, وعند انفجاره انتقلت تلك الحراره الي سحابه الدخان الكوني التي نتجت عن ذلك الانفجار, وسمحت بعدد من التفاعلات النوويه التي ادت الي تكون العناصر الاوليه من مثل الايدروجين والهيليوم.
وفي السنه نفسها1948 م قدم كل من الفر وهيرمان اقتراحا بان الجرم الابتدائي للكون كان له اشعاع حراري يشابه اشعاع الاجسام المعتمه, وان هذا الاشعاع تناقصت شدته مع استمرار تمدد الكون وتبرده, ولكن لابد ان تبقي منه بقيه في صفحه السماء, اذا امكن البحث عنها وتسجيلها, كانت تلك البقيه الاشعاعيه من اقوي الادله علي بدء خلق الكون بعمليه الانفجار الكبير.
وفي سنه1964 م تمكن اثنان من علماء مختبرات بل للابحاث وهما ارنو بنزياس وروبرت ويلسون بمحض المصادفه من اكتشاف تلك البقايا الاثريه للاشعاع الحراري الكوني علي هيئه ضوضاء لاسلكيه محيره تفد بانتظام الي الهوائي الذي كانا قد نصباه لغايه اخري من جميع الجهات في السماء حيثما وجه الهوائي, وقدروها بثلاث درجات مطلقه 270 درجه مئويه .
في الوقت نفسه كان كل من روبرت دايك وتلميذه بيبلز قد استنتجا من معادلاتهما الرياضيه الفلكيه ان النسب المقدره لغازي الايدروجين والهيليوم في الكون توكد الكميه الهائله من الاشعاع التي نتجت عن الانفجار الكبير وتدعم نظريته, ومع تمدد الكون ضعف هذا الاشعاع بالتدريج وانخفضت درجه حرارته الي بضع درجات قليله فوق الصفر المطلق 273 درجه مئويه.
في سنه1965 م قام كل من بنزياس وولسون بتصحيح قيمه البقايا الاثريه للاشعاع الحراري الكوني الي2.73 من الدرجات المطلقه, واثبتا انها من الموجات الكهرومغناطيسيه المتناهيه في القصر, وتقدر قيمتها اليوم باقل قليلا من قيمتها السابقه2.726 من الدرجات المطلقه.
في سنه1989 م ارسلت موسسه ناسا الامريكيه الي الفضاء قمرا صناعيا لجمع المعلومات حول الاشعاع الحراري الكوني اطلق عليه اسم كوب وزود باجهزه فائقه الحساسيه اثبتت وجود تلك الاشعه الاثريه المتبقيه عن عمليه الانفجار العظيم.
وكان في هذا الاكتشاف التفسير المنطقي لسبب الازيز اللاسلكي المنتظم الذي يعج به الكون والذي ياتي الينا من مختلف اطراف الكون المدرك, والذي بقي علي هيئه صدي لعمليه الانفجار الكبير, وقد منح كل من بنزياس وولسون جائزه نوبل في سنه1978 م علي اكتشافهما الذي كان فيه الدليل المادي الملموس لدعم نظريه الانفجار الكبير, والارتقاء بها الي مقام الحقيقه شبه الموكده, ودفع بالغالبيه الساحقه من علماء الفلك والفيزياء الفلكيه الي الاعتقاد بصحتها, وسبحان الخالق الذي انزل في محكم كتابه من قبل اكثر من الف واربعمائه سنه قوله الحق:
اولم ير الذين كفروا ان السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي افلا يومنون( الانبياء:30).
وبدء خلق الكون بعمليه انفجار كبري هو من دلائل طلاقه القدره الالهيه لانه من المعروف ان الانفجار بطبيعته يودي الي تناثر الماده وبعثرتها ولا يخلف وراءه الا الدمار, اما هذا الانفجار الكوني الفتق بعد الرتق فقد ادي الي ابداع نظام كوني له تصميم دقيق محكم الابعاد والعلاقات والتفاعلات, منضبط الكتل والاحجام والمسافات, منتظم الحركه والجري والتداخلات, مبني علي الوتيره نفسها من ادق دقائقه الي اكبر وحداته علي الرغم من تعاظم ابعاده, وكثره اجرامه, وتعقيد علاقاته, وانفجار هذه نتائجه لا يمكن ان يكون قد تم بغير تدبير حكيم وتقدير مسبق عظيم لا يقدر عليه الا رب العالمين, وقد اشار العالم البريطاني المعاصر ستيفن وهوكنج الي شيء من ذلك في كتابه المعنون تاريخ موجز للزمن الذي نشره في كندا سنه1988 م ولكن اشاراته جاءت علي استحياء شديد نظرا لجو الالحاد الذي يسود الغرب بصفه عامه في زمن العلم والتقنيه الذي نعيشه, والكتاب مملوء بالاستنتاجات الموكده لحقيقه الخلق, وعظمه الخالق سبحانه وتعالي.
القران الكريم وخلق السماوات والارض
في الوقت الذي ساد فيه الاعتقاد الخاطئ بان الكون الذي نحيا فيه كان منذ الازل, وسيبقي الي الابد, وانه كون لا نهائي, اي لا تحده حدود, وانه كون ساكن, ثابت في مكانه, لا يتغير, وان النجوم مثبته في السماء التي تدور بنجومها كقطعه واحده حول الارض, وان الكون شامل للعناصر الاربعه: التراب, والماء, والهواء, والنار, وحول هذه الكرات الاربع تدور السماء بنجومها, وغير ذلك من الخرافات والاساطير, في هذا الوقت جاء القران الكريم موكدا ان الكون مخلوق له بدايه, ولابد انه ستكون له في يوم من الايام نهايه, وكل مخلوق محدود بحدود لا يتجاوزها, وموكدا ان جميع اجرام السماء في حركه دائبه, وجري مستمر الي اجل مسمي, وان السماء ذاتها في توسع دائب الي اجل مسمي, وان السماوات والارض كانتا في الاصل جرما واحدا ففتقهما الله( تعالي) فتحولت ماده هذا الجرم الاول الي الدخان الذي خلقت منه الارض والسماء, وان هذا الكون سوف يطوي ليعود كهيئته الاولي جرما واحدا مفردا ينفتق مره اخري الي غلاله من الدخان تخلق منها ارض غير ارضنا الحاليه, وسماوات غير السماوات التي تظلنا في حياتنا الدنيا, وهنا تتوقف رحله الحياه الاولي وتبدا رحله الاخره.
وقد لخص لنا ربنا( تبارك وتعالي) عمليه خلق السماوات والارض وافنائهما, واعاده خلقهما في صياغه كليه شامله من قبل اكثر من الف واربعمائه سنه, وذلك في خمس ايات من اي القران الكريم علي النحو التالي:
(1) والسماء بنيناها بايد وانا لموسعون( الذاريات:47).
(2) اولم ير الذين كفروا ان السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي افلا يومنون( الانبياء:30).
(3) ثم استوي الي السماء وهي دخان فقال لها وللارض ائتيا طوعا او كرها قالتا اتينا طائعين( فصلت:11).
(4) يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدانا اول خلق نعيده وعدا علينا انا كنا فاعلين( الانبياء:104).
(5) يوم تبدل الارض غير الارض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار( ابراهيم:48).
وهذه الايات القرانيه الكريمه تشير الي عدد من حقائق الكون الكبري والتي منها:
(1) توسع الكون منذ اللحظه الاولي لخلقه والي ان يشاء الله.
(2) ابتداء خلق الكون من جرم اولي واحد( مرحله الرتق الاول).
(3) فتق هذا الجرم الاولي اي انفجاره( مرحله الفتق الاول).
(4) تحول الماده في الجرم الاولي عند فتقه الي الدخان( مرحله الدخان).
(5) خلق كل من الارض والسماوات من الدخان الكوني( مرحله الاتيان بكل من الارض والسماء).
(6) حتميه عوده الكون بكل ما فيه ومن فيه الي جرم ابتدائي واحد مشابه للجرم الاولي الذي ابتدا منه الخلق( مرحله الرتق الثاني او طي السماء او الانسحاق الشديد للكون).
(7) حتميه فتق هذا الجرم الثاني اي انفجاره( مرحله الفتق للرتق الثاني).
(8) حتميه تحول الرتق الثاني بعد فتقه الي غلاله من الدخان الكوني.
(9) اعاده خلق ارض غير ارضنا الحاليه وسماوات غير السماوات التي تظللنا اليوم وبدايه رحله الاخره.
وهذه الحقائق الكونيه لم يستطع الانسان ادراك شيء منها الا في القرن العشرين, حين توصل العلم الحديث الي اثبات توسع الكون
في الثلث الاول من ذلك القرن, ثم اندفع بهذه الملاحظه الصحيحه الي الاستنتاج المنطقي اننا اذا عدنا بهذا الاتساع الي الوراء مع الزمن, فلابد ان تلتقي جميع صور الماده والطاقه المنتشره في الكون, كما يلتقي كل من المكان والزمان, وجميع ما في الكون من موجودات في نقطه واحده تكاد تقترب من الصفر اي العدم علي هيئه ابتدائيه للكون
او( مرحله الرتق), وان تلك الهيئه الاوليه كانت متناهيه في الصغر, كما كانت بالقطع في مستوي من الكثافه ودرجه الحراره لا يكاد العقل البشري ان يتصورهما فانفجرت( مرحله الفتق), ونتج عن هذا الانفجار الكوني العظيم( الفتق بعد الرتق) تحول هذا الجرم الاولي للكون المتناهي في ضاله الحجم وضخامه الكثافه وشده الحراره الي غلاله من الدخان( مرحله الدخان الكوني) الذي خلق الله( تعالي) منه الارض والسماء( مرحله الاتيان بكل من الارض والسماء).
ويتوقف العلم المكتسب عند ملاحظه ان عمليه التوسع الكوني لا يمكن لها ان تستمر الي ما لا نهايه, وذلك لان قوه الدفع الي الخارج الناتجه عن الانفجار الكوني التي بدات بعنف بالغ حتي اليوم في تناقص مستمر, وسوف يودي هذا التناقص التدريجي في سرعه توسع الكون الي الوصول به الي مرحله تتغلب فيها قوي الجاذبيه علي قوي الدفع الي الخارج, فيبدا الكون في الانكماش والتكدس علي ذاته حتي يعود الي حاله مشابهه تماما لحالته الاولي التي ابتدا منها خلق الكون( مرحله الرتق الاولي), وتعرف هذه المرحله المستقبليه باسم مرحله الرتق الثانيه[ او الرتق بعد الفتق او طي السماء او مرحله الانسحاق الشديد للكون
كما يحلو لبعض الفلكيين المعاصرين تسميتها].
وقد اخبرنا ربنا( تبارك وتعالي) من قبل اكثر من الف واربعمائه سنه انه( سبحانه) قد تعهد باعاده السماوات والارض الي سيرتها الاولي وذلك بقوله في محكم كتابه( عز من قائل):
يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدانا اول خلق نعيده وعدا علينا انا كنا فاعلين( الانبياء:104),
وليس من قبيل المصادفه ان ترد الايتان رقم(30) وهي المتعلقه بخلق الكون( الفتق بعد الرتق), ورقم(104) وهي المتعلقه بافناء الكون( الرتق بعد الفتق) في سوره واحده وهي سوره الانبياء.
ولولا ان الله( تعالي) قد تعهد باعاده خلق ارض غير ارضنا, وخلق سماء غير سمائنا, واخبرنا بذلك من قبل اكثر من الف واربعمائه سنه في محكم كتابه وذلك بقوله( عز من قائل):
يوم تبدل الارض غير الارض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار( ابراهيم:48).
ما كان امام العلوم المكتسبه من سبيل الي معرفه ذلك.
هذه الحقائق الكونيه الكبري في خلق السماوات والارض, لم يستطع الانسان الوصول الي ادراك شيء منها الا في منتصف القرن العشرين او بعد ذلك, حين تبلورت نظريه فلكيه باسم نظريه الانفجار العظيم
وهذه النظريه هي الاكثر قبولا عند علماء الفلك وعلماء الفيزياء الفلكيه والنظريه في تفسير نشاه الكون, وقد سبق القران الكريم بالاشاره اليها من قبل اكثر من الف واربعمائه سنه وذلك بقول الحق تبارك وتعالي.
او لم ير الذين كفروا ان السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي افلا يومنون( الانبياء:30).
والرتق: في اللغه عكس الفتق, لان الرتق هو الضم والالتحام والالتئام سواء كان ذلك طبيعيا او صناعيا, يقال رتقت الشيء فارتتق اي فالتام والتحم.
والفتق: لغه هو الفصل والشق والانشطار.
والمعني الواضح لنا من هذه الايه الكريمه ان السموات والارض كانتا في الاصل شيئا واحد متصلا, ملتئما, وملتحما, ففتقه ربنا تبارك وتعالي بامر منه سبحانه الي الارض التي نحيا عليها, والي سبع سماوات من فوقنا.
والقران الكريم هنا يعطي الصوره الكليه الجامعه لهذا الحدث الكوني العظيم, ويترك التفاصيل لجهود العلماء والمفكرين الذين يتفكرون في خلق السموات والارض, والذين تجمعت ملاحظاتهم العلميه الدقيقه في صفحه السماء لتوكد في منتصف القرن العشرين صدق ما قد انزله الله تعالي في اخر كتبه, وعلي خاتم انبيائه ورسله( عليه وعليهم اجمعين افضل الصلاه وازكي التسليم من قبل الف واربعمائه من السنين.
هذا السبق القراني بحقيقه الفتق بعد الرتق يجعلنا نرتقي بنظريه الانفجار الكوني العظيم الي مقام الحقيقه, ونكون هنا قد انتصرنا بالقران الكريم للعلم المكتسب, وليس العكس, والسبب في لجوئنا الي تلك النظريه لحسن فهم دلاله الايه القرانيه رقم30 من سوره الانبياء هو ان العلوم المكتسبه لايمكن لها ان تتجاوز مرحله التنظير في القضايا التي لاتخضع لحس الانسان المباشر او ادراكه المباشر من مثل قضايا الخلق والافناء واعاده الخلق خلق الكون, خلق الحياه, وخلق الانسان وصدق الله العظيم اذ يقول:
ما اشهدتهم خلق السماوات والارض ولاخلق انفسهم وماكنت متخذ المضلين عضدا( الكهف:51).
كذلك فان نظريه الانسحاق الكوني العظيم
يرتقي بها الي مقام الحقيقه قول ربنا تبارك وتعالي:
يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدانا اول خلق نعيده وعدا علينا انا كنا فاعلين( الانبياء:104).
هذا السبق القراني بالاشاره الي حقيقه الفتق بعد الرتق او ما يعبر عنه بالانفجار الكوني العظيم, والي حقيقه توسيع السماء او تمدد الكون, والي حقيقه الخلق من الدخان, والي حقيقه الرتق بعد الفتق طي المساء او الانسحاق الكوني العظيم, والي حقيقه اعاده خلق ارض غير الارض وسماوات غير السماوات الحاليه, والي العديد غيرها من الحقائق التي صاحبت خلق السماوات والارض او التي تلازمهما اليوم, او التي سوف تحدث عند افناء الكون, هو من اعظم الشهادات بان القران الكريم هو كلام الله الخالق, ولايمكن له ان يكون كلام احد غير الله, كما يشهد لهذا النبي الخاتم صلي الله عليه وسلم بانه كان موصولا بوحي السماء, ومعلما من قبل خالق السماوات والارض, حيث انه لم يكن لاحد من الخلق علم بهذه الحقائق الكونيه الكبري في زمن الوحي, ولا لقرون متطاوله من بعد نزوله:
وتشهد هذه الايات الكونيه الوارده في كتاب الله وامثالها من الايات القرانيه الاخري المتعلقه بالكون وظواهره وبعض مكوناته بالدقه والشمول والكمال, وبالصياغه المعجزه التي يفهم منها اهل كل عصر معني من المعاني يتناسب مع المستوي العلمي للعصر, وتظل هذه المعاني تتسع باستمرار مع اتساع دائره المعرفه الانسانيه في تكامل لايعرف التضاد, وهذا عندي من ابلغ جوانب الاعجاز في كتاب الله.


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 2013-12-26, 10:43 AM
أبو عادل أبو عادل غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2011-01-05
المكان: المملكة المغربية
المشاركات: 703
افتراضي

جزاكم الله خيراً ، وبارك الله فيكم ، ونفع بكم.
__________________








رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


 link 
*** مواقع صديقة ***
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب
 yalla shoot   يلا شوت   يلا شوت   برنامج موارد بشرية   يلا شوت 
 شركة تنظيف بالطائف   سحب مجاري   فني صحي   افضل شركة نقل اثاث بجدة   شراء اثاث مستعمل   شركة تنظيف منازل بالرياض   شركة تنظيف منازل بالرياض   pdf help   كورة لايف   koora live   شركة تنظيف في دبي   شركة تنظيف في رأس الخيمة   شركة تنظيف في دبي 24 ساعة   كحل الاثمد   متاجر السعودية   مأذون شرعي   كحل الاثمد الاصلي   تمور المدينة   شركة عزل خزانات بجدة   شركة تنظيف افران   صيانة غسالات الدمام   صيانة غسالات ال جي   صيانة غسالات بمكة   شركة صيانة غسالات الرياض   صيانة غسالات سامسونج 
شركة صيانة افران بالرياض  سطحة هيدروليك   سطحة بين المدن   سطحة غرب الرياض   سطحة شمال الرياض 
 yalla live   يلا لايف   bein sport 1   كورة لايف   بث مباشر مباريات اليوم   Kora live   yalla shoot 
 translation office near me   كورة سيتي kooracity   مظلات وسواتر   تركيب مظلات سيارات في الرياض   تركيب مظلات في الرياض   مظلات وسواتر   شركة تنظيف منازل بالرياض   شركة تنظيف مكيفات بالرياض   شركه تنظيف بالرياض 
 برنامج ادارة مطاعم فى السعودية   افضل برنامج كاشير سحابي   الفاتورة الإلكترونية فى السعودية   المنيو الالكترونى للمطاعم والكافيهات   افضل برنامج كاشير فى السعودية 
 شركة تنظيف مكيفات بجدة   عزل فوم بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   الحلوى العمانية 
 يلا لايف   يلا شوت 
 Yalla shoot   شركة حور كلين للتنظيف 
 تركيب ساندوتش بانل   تركيب مظلات حدائق 
 موقع الشعاع   بيت المعلومات   موقع فكرة   موقع شامل العرب   صقور الخليج   إنتظر 
 شركة نقل عفش بالرياض   شركة نقل عفش بالرياض 
 كشف تسربات المياه   شركة تنظيف منازل   نقل اثاث بالرياض   شراء اثاث مستعمل بالرياض   نقل اثاث   كشف تسربات المياه   شركة تنظيف بالرياض   شركة عزل اسطح   عزل اسطح بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   كشف تسربات المياه بالخرج   تنظيف خزانات بالرياض   مكافحة حشرات بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة عزل فوم   كشف تسربات المياه   عزل خزانات بالاحساء   شركة نقل اثاث بالرياض   نقل عفش بالرياض   عزل اسطح   شركة تنظيف بالرياض   شركات نقل الاثاث   شركة تنظيف منازل بجدة   شركة عزل فوم   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة تنظيف خزانات بالرياض   شركة تخزين اثاث بالرياض   شركة تنظيف مكيفات بخميس مشيط   شركة تنظيف مكيفات بالرياض   شركة عزل اسطح   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة كشف تسربات المياه   شركة نقل اثاث بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   شركة عزل اسطح   عزل خزانات   شركات عزل اسطح بالرياض   شركة عزل خزانات المياه   شركة تنظيف فلل بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   شركة كشف تسربات المياه بالدمام   عزل خزانات بالاحساء   عزل فوم بالرياض   عزل اسطح بجدة   عزل اسطح بالطائف 
دليل السياح | تقنية تك | بروفيشنال برامج | موقع . كوم | شو ون شو | أفضل كورس سيو أونلاين بالعربي | المشرق كلين | الضمان | Technology News | خدمات منزلية بالسعودية | فور رياض | الحياة لك | كوبون ملكي | اعرف دوت كوم | طبيبك | شركة المدينة الذهبية للخدمات المنزلية

تطوير موقع الموقع لخدمات المواقع الإلكترونية

Powered by vBulletin Copyright ©2000 - 2024 Jelsoft Enterprises Ltd