أنصار السنة  
جديد المواضيع







للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب
 مأذون شرعي بمدينة الرياض   Online quran classes for kids   online quran academy   Online Quran School 
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك


العودة   أنصار السنة > الفرق الإسلامية > المعتزلة | الأشعرية | الخوارج

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 2011-05-11, 07:21 AM
د.أبو عمر د.أبو عمر غير متواجد حالياً
عضو جديد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2011-04-03
المشاركات: 16
افتراضي مفهوم الدولة المدنية عند الإتجاهات المختلفة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

مصطلح الدولة المدنية هو مصطلح مستورد ولا أصل له عند العرب
لذلك إختلفت تفسيراته ومقصوداته عندهم ,

الاتجاه الأول: وهو يمثل من قَبِل هذا المصطلح كما جاء من الغرب:‏

وهذا الاتجاه يمكن تقسيمه إلى فئتين:‏
فئة قبلت اللفظ ومفرداته لكن لم تصل به إلى غايته، أما الفئة الثانية فقد وصلت باللفظ إلى غايته ‏وصرحت بأن الدولة المدنية هي الدولة العلمانية:‏
الفئة الأولى: فإذا ذهبنا إلى من قَبِل هذا المصلح في بيئتنا العربية لننظر كيف تلقوه عن الغرب ‏وكيف يفهمونه، فإننا نجد من يقول مبينا خصائص هذه الدولة: والدولة‎ ‎المدنية هي الدولة التي تقوم ‏على المواطنة وتعدد الأديان والمذاهب وسيادة القانون ، ومن يقول: الدولة المدنية هي الدولة التي يحكم ‏فيها أهل الاختصاص في الحكم والإدارة والسياسية والاقتصاد ... الخ وليس علماء الدين بالتعبير ‏الإسلامي أو " رجال الدين " بالتعبير المسيحي"‏
ومن يقول: الدولة المدنية هي دولة المؤسسات التي تمثل الإنسان بمختلف أطيافه الفكرية ‏والثقافية والأيدلوجية داخل محيط حر لا سيطرة فيه لفئة واحدة على بقية فئات المجتمع الأخرى، مهما ‏اختلفت تلك الفئات في الفكر والثقافة والأيدلوجيا ‏.، ‏
لكن هذا الكلام إذا أُخذ مفصولا عن لواحقه فقد لا يتبين منه شيء، فهو كلام محتمل يسهل ‏التخلص من لوازمه، لذا لو رجعنا إلى تفصيلات الكلام فإنها تكشف كثيرا من هذا الإجمال أو ‏الغموض، ففي تفصيلات الكاتب الأول ، نجده يضع الدولة المدنية في مقابل ما يسمونه بالإسلام ‏السياسي، ما يعني أن علاقة هذا المصطلح في فهمهم بالإسلام ليست علاقة توافق، وإنما هي علاقة ‏تعارض.‏
‏ والحقيقة أنه ليس هناك ما يمكن أن يسمى إسلاما سياسيا وإسلاما غير سياسي، فتلك مسميات ‏ما أنزل الله تعالى بها من سلطان، فالإسلام هو الدين الذي رضيه رب العباد للعباد، بما فيه من عقائد ‏وعبادات وتشريعات ومعاملات، فتقسيم الإسلام إلى سياسي وغير سياسي ونحو ذلك من ‏المصطلحات، وقبول ما يزعمونه بأنه إسلام غير سياسي وينعتونه بالإسلام المعتدل، ورفض ما يسمونه ‏بالإسلام السياسي وينعتونه بالإسلام المتشدد، هو مناظر لفعل المشركين من قبل: "الذين جعلوا القرآن ‏عضين"، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: " هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ جَزَّءُوهُ أَجْزَاءً فَآمَنُوا بِبَعْضِهِ وَكَفَرُوا ‏بِبَعْضِهِ "‏ ‏.‏
يقول الكاتب المذكور: "فالخوف على‎ ‎الدولة المدنية‎ ‎قائم، والسؤال عن مستقبلها مطروح، في عدد ‏متزايد من الدول التي يتنامى فيها دور حركات الإسلام السياسي"‏ ، ويعلق على محاولة الملك فؤاد-بعد ‏سقوط الخلافة في تركيا-أن يجعل من نفسه خليفة فيقول: "عندما أغرى سقوط الخلافة العثمانية عام ‏‏1924الملك الراحل فؤاد بأن يحمل اللقب الذي بات بلا‎ ‎صاحب، لم يكن واضحاً حينئذ لكثير من ‏المصريين مدى التغيير الذي يمكن أن يحدث في‎ ‎طبيعة الدولة إذا نجح فؤاد في تنصيب نفسه خليفة، لم ‏يدرك الخطر على‎ ‎الدولة المدنية‎ ‎إلا قسم في‎ ‎النخبة السياسية والثقافية. ولكن هذه النخبة في مجملها كانت ‏مؤمنة بأن الخلط بين‎ ‎السياسة والدين هو نوع من الشعوذة التي تسيء إلى كليهما، على نحو ما أبلغه الزعيم‎ ‎الوطني الراحل مصطفى النحاس بعد ذلك بسنوات إلى مؤسس جماعة "الإخوان" حسن البنا"‏ ‏ ، ‏ويقول أيضا :" وسجل التاريخ لرجال مثل علي عبد الرازق وطه حسين وعبد العزيز فهمي وغيرهم، ‏دورهم المقدر في حماية‎ ‎الدولة المدنية "‏ ‏.‏
‏ ومعروف ماذا كان دور علي عبد الرازق الذي يعد أول من أنكر علاقة الدين بالحكم أو السياسة، ‏وأنكر أن تكون خلافة الصديق رضي الله تعالى خطة دينية، وكذلك دور طه حسين التغريبي وغيره ممن ‏ذكرهم الكاتب أو أشار إليه، وهذا الاعتراف يعني أن الدولة المدنية هي الدولة العلمانية، وإن كان بعض ‏الناس يفضل استخدام لفظ المدنية على العلمانية من أجل الخداع والمراوغة.‏
ويقول الكاتب الثاني: نريد أن نتجاوز التسميات إلى المضامين أي أن المضمون للفكرة هي: قيام ‏الدولة على أساس مدني، وعلى دستور بشري أيا كان مصدره، وعلى احترام القانون وعلى المساواة وحرية ‏الاعتقاد، ويزيد الأمر تفصيلا فيضيف: نقبل وننادي وندعم الدولة المدنية الحديثة القائمة على سلطة ‏الشعب في التشريع وكما ورد بالنص في برنامج حزب الوسط الجديد في المحور السياسي " الشعب ‏مصدر جميع السلطات التي يجب الفصل بينها واستقلال كل منها عن الأخرى في إطار من التوازن العام ، ‏وهذا المبدأ يتضمن حق الشعب في أن يشرع لنفسه وبنفسه القوانين التي تتفق ومصالحه.. ويؤمنون ‏بأساس المساواة التامة في الحقوق والواجبات بكافة أشكالها ومنها السياسية بين الرجل والمرأة والمسلم ‏وغير المسلم على أساس المواطنة الكاملة ، ويؤمنون بالتعددية الفكرية والدينية والسياسية والثقافية
ويقول الكاتب الثالث: في الدولة المدنية يضع الإنسان قوانينه التي تنظم حياته كونه أعرف بأمور ‏دنياه، ويستمد من قوانين دينه القوانين التي تنظم علاقته بربه، ليكون مؤمنا لا يمنح لنفسه الحق أن ‏يكون مدعيا لامتلاك الحقيقة ومفسرا‎ ‎وحيدا لمفاهيم الدين، مما يجعل الدولة كهنوتية تخضع لحكم ‏الكهنوت وليس لحكم القانون ، فالدولة المدنية في فهمه تعني استقلال الإنسان بوضع التشريعات التي ‏تحكم أمور الحياة، وحصر الدين في المفهوم العلماني الذي يقصر الدين على الشعائر التعبدية في معناها ‏الضيق
وإذا كان ذلك الكاتب الأول والثاني من دولة والثالث من دولة أخرى فإن هنا كاتبا آخر من دولة ‏ثالثة يردد المقولة نفسها، فعلى بعد ما بينهم من المسافات وافتراق الديار وحدت بينهم الأفكار، فيقول: ‏‏"إن مصدر السلطة في‎ ‎الدولة‎ ‎المدنية‎ ‎هو الأمة والشعب، فالأمة باب الشرعية الوحيد لها ... وللسلطة في‏‎ ‎الدولة‎ ‎المدنية‎ ‎ثلاثة أنواع مستقلة عن بعضها تمام الاستقلال، ولكل منها مؤسساتها‏‎ ‎واختصاصاتها، ‏وهي: السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية ... والمواطنة في‏‎ ‎الدولة‎ ‎المدنية‎ ‎حق لكل من توافرت فيه ‏شروطها، بغض النظر عن دينه وعرقه، ومن حصل عليه كفلت حقوقه باسم القانون، فلا طبقية ولا ‏طائفية ولا عنصرية "‏ ‏.‏
وهناك من يقابل بين الدولة المدنية والدولة البوليسية فيزعم أن كل دولة ليست مدنية هي دولة ‏بوليسية قائمة على القمع والظلم بغض النظر عن أي انتماء عقدي، وكلامه هنا يعني أن الدولة الإسلامية ‏دولة بوليسية لا يمكن القبول بها، لأنها من وجهة نظره ليست دولة ديمقراطية فيقول: والدولة المدنية : ‏نقيض الدولة العسكرية، وكل حكم سلطوي قمعي لا يقوم على الأسس الديمقراطية، هو حكم بوليسي ‏سواء كان متسميا باسم الدولة الدينية أو بغيره من الأسماء التي مهما تنوعت فإن السلطة التي تحتكر ‏الحكم عن طريق فئة واحدة وفكر واحد هي سلطة لدولة بوليسية استبدادية متخلفة... ليس هناك دولة ‏دينية، وإنما دولة مدنية أو دولة بوليسية، لان الدولة المدنية كفيلة باحتضان كل الأديان والأفكار، أما ‏الدولة البوليسية. فإنها دولة لا تقبل الآخر وتستعدي التعدد والتنوع مرة تحت مظلة الحكم العسكري ‏المعلن ومرة تحت مظلة الحكم الديني، وكلاهما حكم بوليسي لا علاقة له بمبادئ الدين ، فكل حكم لا ‏يقوم على الأسس الديمقراطية-عنده- هو حكم بوليسي استبدادي متخلف، سواء كان يستمد مرجعيته ‏من الإسلام أو من غيره، ‏
‏ الفئة الثانية: وهناك من يصرح تصريحا دون مواربة أو تلاعب بالألفاظ أن الدولة المدنية تعني ‏الدولة العلمانية، فهذا كاتب يقول في مقال له بعنوان لماذا ننادي بالدولة العلمانية؟: "ومن هنا حرصت ‏البلاد التي انتهجت الديمقراطية الليبرالية الحقة، وأقامت الدولة المدنية الحديثة على عدم تضمين ‏دساتيرها ما يفيد بديانة الدولة،... إن إقامة الدولة المدنية العلمانية وفق الصورة المنوه عنها، باتت ضرورة ‏لإخراج مجتمعاتنا المتخلفة من شرنقة الجدل وحالة اللاحسم حول الكثير من القضايا الصغيرة والكبيرة ‏التي لا تزال تراوح مكانها بسبب إقحام الدين فيها وبالتالي الاختلاف المرير حولها"‏ ، وهذا كاتب آخر ‏يقول: " لا يمكن بناء الدولة المدنية في ظل الدولة المذهبية أو الدينية المجردة من العلمانية، لأن العقيدة، ‏أية عقيدة كانت لا تؤمن بحق جميع المواطنين على قدم المساواة طالما أن القانون الديني يميز بين العقائد. ‏ومن هنا تبرز أهمية حرية العقيدة في المجتمع المدني...إلى أن يقول: وأخيرا نؤكد أن الدولة المدنية العلمانية ‏الليبرالية الدستورية ليست شكلا مجردا إنما مضمونا يساهم في تقدم المجتمع بكل مكوناته وقومياته ‏وأديانه "‏ ، وهذا كاتب آخر يضع الشروط الأساس لبناء الدولة المدنية فيقول : "استكمال بناء الدولة ‏المدنية الحديثة بما يتطلب من خلو المجال العام من كل الإِشارات والرموز الدينية، حتى يصبح من ‏الرحابة إلى الحد الذي يسع فيه كل المختلفين. وأن تجرى السياسة على أساس المصلحة، وأن يكون ‏التشريع تعبيرا عن تنوع الأمة"‏ ‏.‏

الدولة الثيوقراطية ليست من مصطلحاتنا:‏
يحلو لكثير من الكتاب في هذا الموضوع من أصحاب الاتجاه التغريبي المقابلة بين ما يسمونه دولة ‏مدنية ودولة ثيوقراطية، أي الحكم بمقتضى التفويض الإلهي للحاكمين مما يضفي عليهم صفة العصمة ‏والقداسة، ويذكرون ما في الدولة الثيوقراطية من المثالب والعيوب والآفات، ويسقطون ذلك على الدولة ‏الإسلامية، وهذا ليس من المنهج العلمي الذي يتبجح به هؤلاء فإن هذا اللفظ (ثيوقراطية) ليس من ‏الألفاظ العربية، وهو لم يأت في أي كتاب من كتب المسلمين فكيف يحاسبوننا عليه؟ وهل هذا إلا كمثل ‏من يتهم غيره بتهمة من عند نفسه ثم يحاسبه عليها وهو لا يعلم بها؟، فإذا كانت الدولة الثيوقراطية ‏ليست من مصطلحاتنا أو مفرداتنا، لم يجز لأحد أن يحاكمنا إليها، ومن أراد فليجأ إلى ألفاظنا ‏ومصطلحاتنا حتى يكون النقاش علميا. ‏
إن الدولة الثيوقراطية التي يتحدثون عنها بالصفات التي يذكرونها لا نعلم عن وجودها إلا ما ‏كان في بلاد الغرب النصراني الذين نشأ فيهم هذا المصطلح، حيث تسلط علماء اللاهوت على كل شيء ‏حتى على قلوب الناس بزعم تمثيلهم للإرادة الإلهية، فهذه خبرة نصرانية لا علاقة لها بالإسلام من قريب ‏أو بعيد، فما الذي يدعو هؤلاء إلى محاكمتنا إلى لفظ ليس من عندنا ولا يحاكموننا إلى ألفاظنا ومصطلحاتنا ‏الثابتة في كتب أعلام هذه الأمة؟ وهل هذه إلا دليل على أن هؤلاء يحاكمون تاريخنا وهم في الوقت نفسه ‏ينظرون إلى تاريخ الغرب النصراني؟ وهو يعني اختزال الخبرة السياسية في العالم كله في الخبرة الغربية؟ ‏وهذا في منتهى التبعية واحتقار الذات، يقول أحد الكتاب: "ثقافتنا الإسلامية لم تعرف دولة مدنية ‏وأخرى دينية، فهذا التقسيم أفرزته حركة التنوير في الغرب المناهضة لسلطة الكنيسة المطلقة، والتي كانت ‏تمثل نمط السلطة الدينية غير المرغوب فيها،وهو المعنى الذي يعنيه مصطلح (ثيوقراطية) الذي هو نظام ‏حكم يستند على أفكار دينية في الأساس مستمدة من المسيحية واليهودية، وتعني حكماً بموجب الحق ‏الإلهي المزعوم، وهو نظام كان له وجود في العصور الوسطى في أوروبا، نتجت عنه دول دينية مستبدة ‏ولكننا في الشرق الإسلامي لم نعرف هذا اللون من الحكم، فليس في الإسلام مؤسسة دينية كالكنيسة، ‏التي فيها التراتيبية المعهودة بين رهبانها ولا يجب أن يسمح بقيامها
لقد نعى القرآن الكريم على أهل الكتاب، ما يحاول هؤلاء بافتراء واضح أن يلصقوه بأمة ‏المسلمين، فقال تعالى: "اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله" وقد بين أهل التفسير أن تلك ‏الربوبية كانت في استقلال الأحبار والرهبان بالتشريع حتى إنهم ليحلون ما حرم الله تعالى ويحرمون ما ‏أحل الله تعالى، وهذا لم يكن بحمد الله تعالى في أمة المسلمين

الاتجاه الثاني: وهو يمثل من حاول المواءمة بين الدولة المدنية في مفهومها الغربي وبين الإسلام ‏

يرى هذا الاتجاه أن المسألة هينة وأنها مجرد اصطلاح والاصطلاح لا مشاحة فيه كما يذكر أهل العلم، ‏وعلى ذلك فهم يقررون إن الدولة في الإسلام مدنية ليست دينية، بينما دستورها من القرآن والسنة،: "إن ‏الدولة مدنية لا دينية، أما مصدر الدستور والقانون فيها فحتما هو الكتاب والسنة ومورث الأمة فقهاً ‏وفكراً، والدولة المدنية في عصرنا هي دولة المؤسسات التي تحكم من خلالها"‏ ،‎ ‎وهذا لا شك فيه محاولة ‏للتوفيق بين الأفكار المعاصرة وبين ما هو مستقر في الشريعة بلا خلاف بين أحد من الأمة، إذ لم يدَّع أحد ‏أن للأمة أن تشرع بمحض إرادتها وفق ما تراه مصلحة من دون التفات إلى موافقة الشريعة أو مخالفتها، ‏لكن هذا الكلام في الحقيقة يحمل التناقض في ثناياه، إذا كيف نقول عنها إنها لا دينية ثم نقول في الوقت ‏نفسه إن دستورها هو الكتاب والسنة، فمعنى كونها لا دينية أنها لا ترتبط بالدين، وكون دستورها ‏الكتاب والسنة أنها ترتبط بالدين، وهذا تناقض، وهذه المشكلة يقع فيها من يحاول التوفيق بين المختلفات ‏في الظاهر، من غير إزالة أسباب الخلاف الحقيقية.‏
‏ والحقيقة أن المشكلة لا تكمن في التسمية أو الاصطلاح، فقد كان بالإمكان أن تُسمى الدولة في ‏الإسلام دولة مدنية أو غير ذلك من الأسماء، لو لم تكن تلك المصطلحات ذات استعمال مستقر مناقض ‏للشريعة، ومن ثَمَّ يصير استعمال هذا المصطلح لوصف الدولة في الإسلام سببا في اللبس وخلط الأمور، ‏لأن هذا الاصطلاح لم يعد اصطلاحا مجردا وإنما صار اصطلاحا محملا بالدلالات التي حملها من البيئة ‏التي قدم منها.‏
فإذا كان بعض المتكلمين بهذا المصطلح والآخذين به يقولون بمرجعية الشريعة، فما الذي يحملهم ‏على الإصرار على استعمال مصطلح أقل ما يقال فيه أنه مصطلح مشبوه، يدعو استعماله إلى تفرقة الأمة لا ‏إلى جمعها، كما يمثل نوعا من التبعية الثقافية للغرب، في الوقت الذي لا يوجد فيه أي مسوغ مقبول ‏للإصرار على هذا الاستعمال. ‏
ومما هو مقبول في العقل السليم أن الكلمة ذات المعنى الصحيح إذا كانت تحتمل معنى فاسدا فإنه ‏يعدل عنها إلى كلمة لا تحتمل ذلك المعنى الفاسد ، وهذا الأمر المعقول قد أرشد إليه القرآن حينما قال الله ‏تعالى: [‏‎ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ْوَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ] [البقرة: 104 ] قال ابن كثير رحمه الله تعالى: "نهى الله تعالى المؤمنين أن يتشبهوا بالكافرين في ‏مقالهم وفعالهم، وذلك أن اليهود كانوا يُعَانُون من الكلام ما فيه تورية لما يقصدونه من التنقيص -عليهم ‏لعائن الله-فإذا أرادوا أن يقولوا: اسمع لنا يقولون: راعنا. يورون بالرعونة"‏ ‏ وقال القرطبي رحمه الله ‏تعالى: "في هذه الآية دليلان: أحدهما - على تجنب الألفاظ المحتملة التي فيها التعريض للتنقيص ‏والغض... الدليل الثاني - التمسك بسد الذرائع وحمايتها... والذريعة عبارة عن أمر غير ممنوع لنفسه ‏يخاف من ارتكابه الوقوع في ممنوع"‏ ‏.‏

الاتجاه الثالث: وهو يمثل من يرى أن الدولة المدنية هي جوهر الإسلام وحقيقته

يرى أصحاب هذا الاتجاه أن مصطلح الدولة المدنية تعبير عن حقيقة الإسلام وجوهره، "فالدولة ‏الإسلامية كما جاء بها الإسلام، وكما عرفها تاريخ المسلمين دولة‎ ‎مَدَنِيَّة، تقوم السلطة بها على البَيْعة ‏والاختيار والشورى والحاكم فيها وكيل عن‎ ‎الأمة أو أجير لها، ومن حق الأمة ـ مُمثَّلة في أهل الحلِّ والعَقْد ‏فيها ـ أن‎ ‎تُحاسبه وتُراقبه، وتأمره وتنهاه، وتُقَوِّمه إن أعوجَّ، وإلا عزلته، ومن حق كل‎ ‎مسلم، بل كل ‏مواطن، أن ينكر على رئيس الدولة نفسه إذا رآه اقترف منكرًا، أو ضيَّع‎ ‎معروفًا، بل على الشعب أن يُعلن ‏الثورة عليه إذا رأي كفرًا بَوَاحًا عنده من الله‎ ‎برهان"‏ ‎.‎‏ لكن أصحاب هذا الاتجاه لم يقدموا شيئا ‏يدعمون به تلك المقولة، فمن حيث اللفظ فإن هذا المصطلح جديد، فلا يمكن البحث عنه في التراث ‏الشرعي للتدليل على تلك الفرضية، ومن حيث المعنى فإن هذا المعنى المذكور لا يوافق عليه جميع ‏القائلين بالدولة المدنية الموافقين عليها، فضلا عن اشتمال هذا المصطلح لمضامين مناقضة للعقيدة ‏والشريعة.‏
على أن هناك ممن يدعي هذه الدعوى لا يقدم مشاريع وأطروحات واضحة مفصلة تبين بها تلك ‏المسألة، بعيدا عن الكلام المجمل الذي يمكن صرفه إلى عدة معاني محتملة غير قاطعة في المراد منها ‏

الاتجاه الرابع: رفض هذا المصطلح لما اشتمل عليه من مفاسد ولعدم الحاجة إليه:‏

‏ يرى هذا الاتجاه أن الدولة المدنية التي يجري عنها الحديث هي دولة علمانية، "هذا الاصطلاح ‏‏(الدولة المدنية) هو مطاطي ينكمش في أحسن حالاته ليحاكي الغرب في كثير من مناهجه السياسية في ‏الحكم مع الحفاظ على بعض الخصوصيات، ويتمدد حتى يصل إلى أصل استعماله دولة علمانية صرفة"‏ ، ‏‏"ومن وصف الدولة الإسلامية بأنها دولة مدنية وقع في خطأ ... ذلك أن الدولة المدنية الحديثة تنكر حق ‏الله في التشريع، وتجعله حقاً مختصاً بالناس، وهذا بخلاف الدولة الإسلامية، بل إن هذا يخرجها عن كونها ‏إسلامية، ويُسمّى هذا النوع من الحكم في الإسلام بحكم الطاغوت. وكل حكم سوى حكم الله هو ‏طاغوت"‏ ‏ ‏
وفي هذا الجانب يتفق هذا الاتجاه مع الاتجاه الأول ولكن بفارق جوهري جدا، وهو أن الاتجاه ‏الأول لا يظهر منه رفض واضح لعلمانية الدولة المدنية، بل منهم من يصرح بعلمانيتها ويدعو إلى ذلك، ‏وأما هذا الاتجاه فيظهر منه الرفض الواضح لعلمانية الدولة ويحذر منها، ويرى أن الدين والعلمانية ‏نقيضان لا يجتمعان معا، وأما الاتجاه الثاني فيحاول أن يوائم بين الأمرين فيقبل شيئا من هؤلاء وشيئا من ‏هؤلاء، وأما الاتجاه الثالث فهو يجعل الدولة المدنية من صميم الإسلام .‏

ومن هنا يتبين أن القابلين لهذا المصطلح مختلفون فيما بينهم فيما يظهر من كلامهم، فإن كان ‏اختلافهم هذا حقيقيا، فهو دليل منهم على غموض هذا المصطلح وعدم وضوحه، واشتماله على كثير من ‏الأمور التي يناقض بعضها بعضا، فهم مدعوون لتنقيته من تلك التناقضات، واللائق بمثل هذا المصطلح ‏في هذه الحالة تركه وعدم التعويل عليه، والبحث-إن كان لا بد-عن مصطلح آخر بريء من هذه ‏التناقضات والغموض الذي يحيط به ‏.

المصدر :
http://www.saaid.net/Doat/alsharef/37.htm
http://www.saaid.net/Doat/alsharef/38.htm

الشيخ محمد بن شاكر الشريف
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 2011-05-11, 07:22 AM
د.أبو عمر د.أبو عمر غير متواجد حالياً
عضو جديد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2011-04-03
المشاركات: 16
افتراضي

ملخص لما سبق عن مفهوم الدولة المدنية :

الاتجاه الأول: يمثل من قَبِل هذا المصطلح كما جاء من الغرب.
الاتجاه الثاني: يمثل من حاول المواءمة بين الدولة المدنية في مفهومها الغربي وبين الإسلام.
الاتجاه الثالث: يمثل من يرى أن الدولة المدنية هي جوهر الإسلام وحقيقته.
الاتجاه الرابع: رفض هذا المصطلح لما اشتمل عليه من مفاسد ولعدم الحاجة إليه.‏


كما ينبغى التفريق بين مصطلحين :

الدولة العلمانية : التى تفصل الدين عن السياسة
الدولة المدنية: بإختصار شديد تعنى حق المجتمع فى إختيار مرجعيته
فإن إختار الشعب مرجعية إسلامية تكون الدولة إسلامية
وإن إختار مرجعية علمانية تكون الدولة علمانية
وهكذا ....
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


 link 
*** مواقع صديقة ***
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب
 مظلات حدائق   موقع اضافه عقارات مجانا   كورة لايف   فني سخانات مركزية   yalla shoot english   اشتراك هولك   تطبيقات التداول والاستثمار   شركة تنظيف اثاث بالرياض   متجر نقتدي   متاجر السعودية   مأذون شرعي   كحل الاثمد   الاسطورة لبث المباريات   yalla live   يلا لايف   bein sport 1   كورة لايف   مباريات اليوم مباشر   Koora live 
 best metal detector for gold   جهاز كشف الذهب   الاسطورة   فني سيراميك 
 افضل اشتراك ‏iptv   اشتراك فالكون   مظلات وسواتر   تركيب مظلات سيارات في الرياض   تركيب مظلات في الرياض   مظلات وسواتر   دينا نقل عفش داخل الرياض   شركة تنظيف بجدة   شركة تنظيف بجدة 
 صيانة غسالات خميس مشيط   صيانة غسالات المدينة   صيانة مكيفات المدينة   صيانة ثلاجات المدينة   صيانة غسالات الطائف   صيانة غسالات الرياض   صيانة غسالات مكة المكرمة   صيانة ثلاجات مكة المكرمة   صيانة مكيفات مكة   صيانة مكيفات جدة   صيانة مكيفات المدينة   صيانة مكيفات تبوك   صيانة مكيفات بريدة   سباك المدينة المنورة 
 شركة سياحة في روسيا   بنشر متنقل   شركة تصميم مواقع   Online Quran Classes 
 شركة مكافحة حشرات في دبي 
 سطحة شمال الرياض   سطحة بين المدن   سطحه شرق الرياض   شحن السيارات   سطحة هيدروليك   شركة نقل السيارات بين المدن   أرخص شركة شحن سيارات   شركة شحن سيارات   شراء سيارات تشليح   بيع سيارة تشليح 
 certified translation office in Jeddah   جهاز كشف الذهب   تأمين زيارة عائلية   Best Advocate in Dubai   خبير تسويق الكتروني   يلا شوت   اهم مباريات اليوم   يلا شوت 
 yalla shoot   يلا شوت   yalla shoot   سوريا لايف 
 يلا كورة 
 شركة تنظيف افران   صيانة غسالات الدمام   صيانة غسالات ال جي   صيانة غسالات بمكة   شركة صيانة غسالات الرياض   صيانة غسالات سامسونج   تصليح غسالات اتوماتيك   شركة مكافحة حشرات   شركة عزل خزانات بجدة   شركة نقل عفش بالرياض   شركة نقل عفش بالرياض 
 شركة تنظيف بجدة   شركة تنظيف فلل بجدة   شركة مكافحة حشرات بجدة   شركة تنظيف المنازل بجدة 
 دكتور مخ وأعصاب 
 شركة صيانة افران شمال الرياض   شركة تنظيف منازل بخميس مشيط 
 شدات ببجي   شدات ببجي اقساط   شدات ببجي   شدات ببجي تابي   شدات ببجي اقساط   شدات ببجي اقساط   شدات ببجي اقساط   شدات ببجي   شدات ببجي تابي   مجوهرات يلا لودو   شحن يلا لودو   ايتونز امريكي   بطاقات ايتونز امريكي   شدات ببجي تمارا   شدات ببجي اقساط 
 شركة نقل اثاث بالرياض   افضل شركة مكافحة النمل الابيض بالرياض   شركة تنظيف مكيفات بالرياض   شركه تنظيف بالرياض 
 نشر سناب 
 اضافات سناب   حسابات تويتر 
 كشف تسربات المياه مجانا   لحام خزانات فيبر جلاس بالرياض   شركة تخزين عفش بالرياض   برنامج ارسال رسائل الواتساب   شركة تسليك مجاري بالرياض   كشف تسربات المياه بالخرج   شركة مقاولات   تنسيق حدائق 
 كشف تسربات المياه    شركة تنظيف منازل   نقل اثاث بالرياض   شراء اثاث مستعمل بالرياض   نقل اثاث   كشف تسربات المياه   شركة تنظيف بالرياض   شركة عزل اسطح   عزل اسطح بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   كشف تسربات المياه بالخرج   تنظيف خزانات بالرياض   شركة مكافحة حشرات بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل فوم بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة عزل فوم بالرياض   كشف تسربات المياه   عزل خزانات بالاحساء   شركة نقل اثاث بالرياض   نقل عفش بالرياض   عزل اسطح   شركة تنظيف بالرياض   شركة عزل فوم بالرياض 
 شركات نقل الاثاث   شركة عزل فوم بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة تنظيف خزانات بالرياض 
 شركة تخزين اثاث بالرياض   شركة تسليك مجاري بالرياض   شركة نقل اثاث بالرياض   شركة عزل اسطح   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة كشف تسربات المياه   شركة نقل اثاث بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   شركة عزل اسطح   عزل خزانات   شركات عزل اسطح بالرياض   شركة عزل خزانات المياه   شركة تنظيف فلل بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   شركة عزل اسطح بجدة   عزل خزانات بالاحساء   عزل فوم بالرياض   عزل اسطح بجدة   عزل اسطح بالطائف 
 شركة عزل فوم بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   شركة عزل شينكو بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة كشف تسربات المياه 
 شركة حور كلين للتنظيف   شركة صيانة افران بالرياض   دعاء القنوت 
دليل السياح | تقنية تك | بروفيشنال برامج | موقع . كوم | شو ون شو | أفضل كورس سيو أونلاين بالعربي | المشرق كلين | الضمان | Technology News | خدمات منزلية بالسعودية | فور رياض | الحياة لك | كوبون ملكي | اعرف دوت كوم | طبيبك | شركة المدينة الذهبية للخدمات المنزلية | خدماتنا فى البلد | الزاجل دوت كوم

تطوير موقع الموقع لخدمات المواقع الإلكترونية

Powered by vBulletin Copyright ©2000 - 2024 Jelsoft Enterprises Ltd
الليلة الحمراء عند الشيعة، الغرفة المظلمة عند الشيعة، ليلة الطفية، ليلة الطفية عند الشيعة، الليلة الظلماء عند الشيعة، ليلة الظلمة عند الشيعة الليلة السوداء عند الشيعة، ليلة الطفيه، ليلة الطفية'' عند الشيعة، يوم الطفية'' عند الشيعة، ليلة الطفيه الشيعه، يوم الطفيه عند الشيعه ليله الطفيه، ماهي ليلة الطفيه عند الشيعه، الطفيه، الليلة المظلمة عند الشيعة، ماهي الليله الحمراء عند الشيعه يوم الطفيه، الطفية، الليله الحمراء عند الشيعه، ليلة الظلام عند الشيعة، الطفية عند الشيعة، حقيقة ليلة الطفية أنصار السنة | منتدى أنصار السنة | أنصار السنة المحمدية | جماعة أنصار السنة المحمدية | جماعة أنصار السنة | فكر أنصار السنة | فكر جماعة أنصار السنة | منهج أنصار السنة | منهج جماعة أنصار السنة | جمعية أنصار السنة | جمعية أنصار السنة المحمدية | الفرق بين أنصار السنة والسلفية | الفرق بين أنصار السنة والوهابية | نشأة جماعة أنصار السنة | تاريخ جماعة أنصار السنة | شبكة أنصار السنة | انصار السنة | منتدى انصار السنة | انصار السنة المحمدية | جماعة انصار السنة المحمدية | جماعة انصار السنة | فكر انصار السنة | فكر جماعة انصار السنة | منهج انصار السنة | منهج جماعة انصار السنة | جمعية انصار السنة | جمعية انصار السنة المحمدية | الفرق بين انصار السنة والسلفية | الفرق بين انصار السنة والوهابية | نشاة جماعة انصار السنة | تاريخ جماعة انصار السنة | شبكة انصار السنة | انصار السنه | منتدى انصار السنه | انصار السنه المحمديه | جماعه انصار السنه المحمديه | جماعه انصار السنه | فكر انصار السنه | فكر جماعه انصار السنه | منهج انصار السنه | منهج جماعه انصار السنه | جمعيه انصار السنه | جمعيه انصار السنه المحمديه | الفرق بين انصار السنه والسلفيه | الفرق بين انصار السنه والوهابيه | نشاه جماعه انصار السنه | تاريخ جماعه انصار السنه | شبكه انصار السنه |