جديد المواضيع |
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
مواضيع و فتاوى تتناولان حكم الاحتفال بعيد النبوي الشريف.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أمّا بعد: فقد قرر أهل السنة والجماعة أنّ العبادة لا تقع صحيحة ولا مقبولة إلاّ إذا قامت على أصلين عظيمين: أولهما: عبادة الله وحده لا شريك له، أي أن تكون العبادة خالصة لله تعالى من شوائب الشرك إذ كلّ عبادة خالطها شرك أبطلها قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلىَ الذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ، بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ﴾(الزمر ٦٥-٦٦)، وقال تعالى: ﴿وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾(الأنعام ٨٨). كما أنّ الأصل يقتضي أن يكون الله سبحانه وتعالى هو الوحيد المشرّع لها قال تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللهُ﴾(الشورى ٢١) وقال تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَبِعْ أَهْوَاءَ الذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ﴾(الجاثية ١٨)، وقال سبحانه عن نبيه: ﴿قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ﴾(الأحقاف ٩)، ومعنى ذلك أنّ العبادة التي شرعها الله تعالى توقيفية في هيئتها وعددها ومواقيتها ومقاديرها لا يجوز تعديها وتجاوزها بحال ولا مجال للرأي فيها، قال تعالى: ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرُ﴾(هود ١١٢). ثانيها: عبادة الله بما شرع على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، ويظهر من هذا الأصل أنّ النبي صلى الله عليه وسلم هو المبلّغ الوحيد عن الله تعالى والمبيّن لشريعته قولا وفعلا، أي هو القدوة في العبادة، ولا يقضى بصلاح العبادة وصوابها إلاّ إذا قيّدت بالسنة والإخلاص قال تعالى: ﴿فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً﴾(الكهف ١١٠). وقد أمر الله تعالى بطاعته، وجعل طاعته من طاعة الله، قال تعالى: ﴿مَن يُّطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ﴾(النساء ٨٠)، وقال تعالى: ﴿وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا﴾(الحشر ٧)، وقال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً﴾(الأحزاب ٢١)، وقال صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو ردّ)(١- أخرجه مسلم في الأقضية(٤٥٩٠)، وأحمد(٢٥٨٧٠)، والدارقطني في سننه(٤٥٩٣)، من حديث عائشة رضي الله عنها). ولقد بين النبي صلى الله عليه وسلم هذا الدين وأدّى واجب التبليغ خير أداء، وقد امتثل لأمر ربه في قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾(المائدة ٣)،وقام به أتمّ قيام وقد أتمّ الله به هذا الدين فلا ينقصه أبدا ورضيه فلا يسخطه أبدا، قال تعالى: ﴿اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً﴾(المائدة ٣) فكملت الشريعة واستغنت عن زيادة المبتدعين واستدراكات المستدركين قال صلى الله عليه وسلم: (وأيم الله لقد تركتم على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء)(٢- أخرجه ابن ماجة في المقدمة(٥)، من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه، وحسنه الألباني في صحيح الجامع(٩)، وفي السلسلة الصحيحة(٦٨٨))، وقد شهدت له أمّته بإبلاغ الرسالة وأداء الأمانة، واستنطقهم بذلك في أعظم المحافل في خطبته يوم حجة الوداع، وقد سار على هديه الشريف أهل الإيمان من سلفنا الصالح من الصحابة والذين اتبعوهم بإحسان غير مبدلين ولا مغيرين سالكين السبيل المستقيم فمن جانبه وحاد عنه ساء مصيره، قال تعالى: ﴿وَمَن يُّشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِهِ مَا تَوَلَى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً﴾(النساء ١١٥). وتفريعا على ما تقدم فإنّ الاحتفال بالمولد النبوي الذي أحدثه بعض الناس إمّا مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام، وإمّا محبة للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيما له يعتبر من البدع المحدثة في الدين التي حذّر الشرع منها، لأنّ هذا العمل ليس له أصل في الكتاب والسنة، ولم يتخذ النبي صلى الله عليه وسلم موالد لمن قبله من الأنبياء والصالحين، ولم يؤثر عن الصحابة والتابعين إحياء مثل هذه الموالد والاحتفال بها، أي: لم ينقل عن أهل القرون المفضلة إقامة هذا العمل، وإنّما حدث ذلك في دولة بني عبيد، المتسمّين بالفاطميين، وأنّ أول من أحدث المعز لدين الله سنة (٣٦٢ﻫ) بالقاهرة، واستمر الاحتفال به إلى أن ألغاه الأفضل أبو القاسم أمير الجيوش ابن بدر الجمالي، ووزير الخليفة المستعلي بالله، سنة (٤٩٠ﻫ)(٣- انظر الإبداع لعلي محفوظ (١٢٦)، "المواعظ والاعتبار" للمقريزي١/٤٣٢-٤٣٣)، "القول الفصل في حكم الاحتفال بولد خير الرسل" صلى الله عليه وسلم، لإسماعيل الأنصاري٦٨)). ومعنى ذلك أنّ هذه الموالد لم تعرف عند المسلمين قبل القرن الرابع الهجري، ولم يفعله السلف مع قيام المقتضي له، وانتفاء المانع، ولو كان هذا خيرا محضا أو راجحا لكان السلف رضي الله عنهم أحقّ به منّا، فإنّهم كانوا أشدّ محبة لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيما له منّا، وهم على الخير أحرص، كما صرح بذلك شيخ الإسلام في "الاقتضاء"(٤- "اقتضاء الصراط المستقيم" لابن تيمية٢/١٢٣))، علما أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الرّاشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ)(٥- أخرجه أبو داود في «السنة»: (4607)، والترمذي في «العلم»: (2891)، وابن ماجة في «المقدمة»: (44)، وأحمد: (17606)، من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه. وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة(936).)، والمهديون من الخلفاء لم يفعلوا هذا العمل. هذا وكعادة أهل الأهواء التمسك بالشبهات يلبسّونها على العوام وسائر من سار على طريقتهم، ومن جملة الشبهات والتعليلات استنادهم إلى قوله تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾(يونس:58)، على أنّ في الآية أمرا بالفرح بمولده صلى الله عليه وآله وسلم والاحتفال به، وجاء تأييدهم لذلك بما ورد في صحيح مسلم: أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن صوم الاثنين؟ فقال: (فيه ولدت، وفيه أنزل عليّ)(٦- أخرجه مسلم في الصيام(٢٨٠٧)، وأبو داود في الصوم(٢٤٢٨)، وأحمد(٢٣٢١٥)، من حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه)، ووجهه يدلّ على شرف ولادته صلى الله عليه وآله وسلم ويفيد شرعية الاحتفال بمولده، لأنّ الغرض من إقامة مولده صلى الله عليه وآله وسلم هو شكر الله على نعمة إيجاده، وشكر الله تعالى عليه بإقامة الولائم وإطعام الطعام والتوسعة على الفقراء، فضلا عن أعمال البر الأخرى النافعة كالاجتماع على قراءة القرآن وتلاوته والذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسماع شمائله الشريفة وقراءة سيرته العطرة كل ذلك محمود غير محظور بل مطلوب، لذلك حثّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على صوم عاشوراء شكرا لله على نجاة موسى ومن معه فإنّ ذلك كلّه يستفاد منه شرعية الاحتفال بالمولد ويعكس-حال الاجتماع عليها- محبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمه، ويذهب بعضهم إلى أنّ أعياد الميلاد من عادات أهل الكتاب، والعادة إذا تفشت عند المسلمين أصبحت من عاداتهم، والبدعة لا تلج العادات وإنّما تدخل في العبادات. ولا يخفى أنّ تفسير«فضل الله ورحمته» على مولده صلى الله عليه وآله وسلم لا يشهد له أيّ تفسير، وهو مخالف لما فسّرها الصحابة الكرام والأئمة الأعلام، وقد جاء عنهم أنّ المراد بفضل الله القرآن، ورحمته الإسلام، وبهذا قال ابن عباس وأبو سعيد الخدري رضي الله عنهم، وعنهما أيضا: فضل الله القرآن ورحمته أن يجعلكم من أهله، وقيل العكس(٧- تفسير القرطبي(٨/٢٥٣)، تفسير ابن كثير(٢/٤٠٢/٤٠٣)) فالحاصل أنّ الله تعالى لم يأمر عباده بتخصيص ليلة المولد بالفرح والاحتفال، وإنّما أمرهم أن يفرحوا بالإسلام وهو دين الحق الذي أنزل على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ويدلّ عليه قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾(الأنبياء 107)، وفي صحيح مسلم: (إنّي لم أبعث لعانا، وإنّما بعثت رحمة(٨- أخرجه مسلم في البر والآداب والصلة(٦٧٧٨)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه))(٩- حوار المالكي لابن منيع٨٥)). أمّا شبهتهم بالحديث فغاية ما يدلّ عليه الترغيب في الصيام يوم الاثنين وقد اكتفى به، وما كفى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يكفي أمّته، وما يسعه وسعها. ولذلك كان شكر الله على نعمة ولادته بنوع ما شكر به صلى الله عليه وآله وسلم إنّما يكون في هذا المعنى المشروع. وليس لليوم الثاني عشر من ربيع الأول -إن صحّ أنّه مولده- من ميزة دون الأيام الأخرى، لأنّه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه خصصه بالصيام أو بأي عمل آخر ولا فعله أهل القرون المفضلة من بعده، فدلّ ذلك على أنّه ليس له من فضل على غيره من الأيام. والتوسعة على الفقراء بإطعام الطعام وغيرها من أفعال البر والإحسان إن وقعت على الوجه الشرعي فهي من أعظم القربات والطاعات، لكن تخصيصها على الوجه الذي لا يثبت إلاّ بنص شرعي، إذا انتفى تنتفي المشروعية. أمّا الدروس والعبر والعظات وتلاوة القرآن والذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقراءة سيرته وغيرها إنّما تشرع كلّ وقت وفي كلّ مكان من غير تخصيص كالمساجد والمدارس والمجالس العامة والخاصة. وأمّا عاشوراء الذي حثّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم على صيامه شكرا لله على نجاة موسى ومن معه فإنّما كان امتثالا لأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وطاعة له وهو شكر لله على تأييده للحق على الباطل، لكن ليس فيه دليل لا من قريب ولا من بعيد على إقامة الموالد والاجتماع إليها وإحداث المواسم الدينية لربط الأزمنة بالأحداث -زعموا- فتعدد الأعياد وتكثر المناسبات، وإنمّا التوجيه النبوي لأمّته يتمثل في صيام عاشوراء شكرا لله تعالى. ثمّ إنّ الاحتفال بعيد ميلاد عيسى عليه السلام ليس من عادات الكفار، وإنّما هو من عباداتهم، كما أفصح عن ذلك ابن القيم بقوله: <من خصّ الأمكنة والأزمنة من عنده بعبادات، لأجل هذا، كان من جنس أهل الكتاب الذين جعلوا زمان أحوال المسيح مواسم وعبادات، كيوم ميلاده، ويوم التعميد(١٠- التعميد أو المعمودية عند النصارى: أن يغمس القَسُّ الطفل في الماء باسم الأب والابن وروح القدس، ويتلو عليه بعض فِقَرٍ من الإنجيل، تعبيرا عن تطهير النفس من الخطايا والذنوب، وهو آية التنصير عندهم، (انظر: "المعجم الوسيط"(٢/٦٢٦)، "المسيحية" لأحمد شبلي٣٠/١٦٨-١٦٩)))، وغير ذلك من أحواله>(١١- "زاد المعاد" لابن القيم١/٥٩)). وإذا سلمنا -جدلا- أنّه من عاداتهم، فقد نهينا عن التّشبه بأهل الكتاب، وتقليدهم، سواء في أعيادهم أو في غيرها. ومعلوم أنّ المشابهة إذا كانت في أمور دنيوية فإنّها تورّث المحبة والموالاة، فكيف بالمشابهة في أمور دينية؟ فإنّ إفضاءها إلى نوع من الموالاة أكثر وأشدّ، والمحبة والموالاة لهم تنافي الإيمان، كما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-(١٢- "اقتضاء الصراط المستقيم": (١/٥٥٠)). وليس من محبته صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمه ارتكاب البدع التي حذّر منها، وأخبر أنّها شر وضلالة، وقد كان الصحابة الكرام رضي الله عنهم أشدّ محبة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيما له منّا، وأحرص على الخير ممّن جاء بعدهم، وأسبق إليه من غيرهم، وكانوا أعلم الناس بما يصلح له النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلو كان في إقامة مولده صلى الله وعليه وآله وسلم والاحتفال به واتخاذه عيدا أدنى فضل ومحبة له وتعظيم له صلى الله عليه وآله وسلم لكانوا رضي الله عنهم أسرع الناس إليه وأحرصهم على إقامته والاحتفال به، لكن لم ينقل عنهم ذلك وإنّما أثر عنهم هو ما عرفوه من الحق من محبته وتعظيمه بالإيمان به وطاعته واتباع هديه والتمسك بسنته ونشر ما دعا إليه، والجهاد على ذلك بالقلب واللسان، وتقديم محبته صلى الله عليه وآله وسلم على النفس والأهل والمال والولد والناس أجمعين(١٣- الاقتضاء لابن تيمية٢/١٣٢)). قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: <كلّ ما لم يسنه ولا استحبه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا أحد من هؤلاء الذين يقتدي بهم المسلمون في دينهم، فإنّه يكون من البدع المنكرات، ولا يقول أحد في مثل هذا إنّه بدعة حسنة>(١٤- مجموع الفتاوى لابن تيمية٢٧/١٥٢)). هذا، وأخيرا فإنّنا نحمد الله تعالى على نعمة ولادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلى نعمة النبوة والرسالة فأنزل عليه القرآن وأتمّ به الإسلام، وبيّنه أتمّ البيان، وبلّغه على التمام، وبهذا نفرح ونبتهج من غير غلو ولا إطراء ونستلهم العبر والعظات من سيرته العطرة ومن شمائله الشريفة وسائر مواقفه المشرفة في ميادين الجهاد والتعليم، ونحرص على اتباع هديه صلى الله عليه وآله وسلم والتمسك بسنته على ما مضى عليه سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى. ونسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه، ولا يجعله متلبسا علينا فنضل، ولا يجعل في قلوبنا غلاّ للذين آمنوا إنّه رؤوف رحيم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما. الجزائر في: 19 صفر 1426ﻫ الموافق لـ: 29 مارس 2005م ----------------------------------------------- ١- أخرجه مسلم في الأقضية: (٤٥٩٠)، وأحمد: (٢٥٨٧٠)، والدارقطني في سننه: (٤٥٩٣)، من حديث عائشة رضي الله عنها. ٢- أخرجه ابن ماجه في المقدمة: (٥)، من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه، وحسنه الألباني في صحيح الجامع: (٩)، وفي السلسلة الصحيحة: (٦٨٨). ٣- انظر الإبداع لعلي محفوظ: (١٢٦)، "المواعظ والاعتبار" للمقريزي: (١/٤٣٢-٤٣٣)، "القول الفصل في حكم الاحتفال بولد خير الرسل" صلى الله عليه وسلم، لإسماعيل الأنصاري: (٦٨). ٤- "اقتضاء الصراط المستقيم" لابن تيمية: (٢/١٢٣). ٥- أخرجه أبو داود في «السنة»: (4607)، والترمذي في «العلم»: (2891)، وابن ماجة في «المقدمة»: (44)، وأحمد: (17606)، من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه. وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة(936). ٦- أخرجه مسلم في الصيام: (٢٨٠٧)، وأبو داود في الصوم: (٢٤٢٨)، وأحمد: (٢٣٢١٥)، من حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه. ٧- تفسير القرطبي: (٨/٢٥٣)، تفسير ابن كثير: (٢/٤٠٢/٤٠٣). ٨- أخرجه مسلم في البر والآداب والصلة: (٦٧٧٨)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه))(٩- حوار المالكي لابن منيع: (٨٥). ٩- حوار المالكي لابن منيع: (٨٥). ١٠- التعميد أو المعمودية عند النصارى: أن يغمس القَسُّ الطفل في الماء باسم الأب والابن وروح القدس، ويتلو عليه بعض فِقَرٍ من الإنجيل، تعبيرا عن تطهير النفس من الخطايا والذنوب، وهو آية التنصير عندهم، (انظر: "المعجم الوسيط": (٢/٦٢٦)، "المسيحية" لأحمد شبلي: (٣٠/١٦٨-١٦٩)). ١١- "زاد المعاد" لابن القيم: (١/٥٩). ١٢- "اقتضاء الصراط المستقيم": (١/٥٥٠). ١٣- الاقتضاء لابن تيمية: (٢/١٣٢). ١٤- مجموع الفتاوى لابن تيمية: (٢٧/١٥٢). المفتي سماحة الشيخ أبي عبدالمعز محمد علي فركوس ـ حفظه الله ـ. |
#2
|
|||
|
|||
رسالة " حكم الاحتفال بالمولد النبوي " الشيخ الإمام عبدالعزيز بن عبدالله بن باز ـ رحمه الله ـ. الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه . أما بعد : فقد تكرر السؤال من كثير عن حكم الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم ، والقيام له في أثناء ذلك ، وإلقاء السلام عليه ، وغير ذلك مما يفعل في الموالد . والجواب أن يقال : لا يجوز الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا غيره ؛ لأن ذلك من البدع المحدثة في الدين ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله ، ولا خلفاؤه الراشدون ، ولا غيرهم من الصحابة ـ رضوان الله على الجميع ـ ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة ، وهم أعلم الناس بالسنة ، وأكمل حباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومتابعة لشرعه ممن بعدهم . وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " ، أي : مردود عليه ، وقال في حديث آخر : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة " . ففي هذين الحديثين تحذير شديد من إحداث البدع والعمل بها . وقد قال الله سبحانه في كتابه المبين : ( ومآ ءاتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) ( سورة الحشر : 7 ) ، وقال عز وجل : ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) ( سورة النور : 63 ) ، وقال سبحانه : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً ) ( سورة الأحزاب : 21 ) ، وقال تعالى : ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم ) ( سورة التوبة : 100 ) ، وقال تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ) ( سورة المائدة : 3 ) . والآيات في هذا المعنى كثيرة . وإحداث مثل هذه الموالد يفهم منه : أن الله سبحانه لم يكمل الدين لهذه الأمة ، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبلغ ما ينبغي للأمة أن تعمل به ، حتى جاء هؤلاء المتأخرون فأحدثوا في شرع الله ما لم يأذن به ، زاعمين : أن ذلك مما يقربهم إلى الله ، وهذا بلا شك فيه خطر عظيم ، واعتراض على الله سبحانه ، وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم ، والله سبحانه قد أكمل لعباده الدين ، وأتم عليهم النعمة . والرسول صلى الله عليه وسلم قد بلغ البلاغ المبين ، ولم يترك طريقاً يوصل إلى الجنة ويباعد من النار إلا بينه للأمة ، كما ثبت في الحديث الصحيح ، عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما بعث الله من نبي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم ، وينذرهم شر ما يعلمه لهم " رواه مسلم في صحيحه . ومعلوم أن نبينا صلى الله عليه وسلم هو أفضل الأنبياء وخاتمهم ، وأكملهم بلاغاً ونصحاً ، فلو كان الاحتفال بالموالد من الدين الذي يرضاه الله سبحانه لبيَّنه الرسول صلى الله عليه وسلم للأمة ، أو فعله في حياته ، أو فعله أصحابه رضي الله عنهم ، فلما لم يقع شيء من ذلك علم أنه ليس من الإسلام في شيء ، بل هو من المحدثات التي حذر الرسول صلى الله عليه وسلم منها أمته ، كما تقدم ذكر ذلك في الحديثين السابقين .وقد جاء في معناهما أحاديث أُُخر ، مثل قوله صلى الله عليه وسلم في خطبة الجمعة : " أما بعد : فإن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة " رواه الإمام مسلم في صحيحه . والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة . وقد صرح جماعة من العلماء بإنكار الموالد والتحذير منها ؛ عملاً بالأدلة المذكورة وغيرها . وخالف بعض المتأخرين فأجازها إذا لم تشتمل على شيء من المنكرات ؛ كالغلو في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكاختلاط النساء بالرجال ، واستعمال آلات الملاهي ، وغير ذلك مما ينكره الشرع المطهر ، وظنوا أنها من البدع الحسنة . والقاعدة الشرعية : رد ما تنازع فيه الناس إلى كتاب الله ، وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم . كما قال الله عز وجل : ( يآأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً ) ( سورة النساء : 59 ) ، وقال تعالى : ( وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ) ( سورة الشورى : 10 ) . وقد رددنا هذه المسألة ـ وهي الاحتفال بالموالد ـ إلى كتاب الله سبحانه ، فوجدنا يأمرنا باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به ويحذرنا عما نهى عنه ، ويخبرنا بأن الله سبحانه قد أكمل لهذه الأمة دينها ، وليس هذا الاحتفال مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، فيكون ليس من الدين الذي أكمله الله لنا وأمرنا باتباع الرسول فيه ، وقد رددنا ذلك ـ أيضاً ـ إلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فلم نجد فيها أنه فعله ، ولا أمر به ولا فعله أصحابه رضي الله عنهم ، فعلمنا بذلك أنه ليس من الدين ، بل هو من البدع المحدثة ، ومن التشبه بأهل الكتاب من اليهود والنصارى في أعيادهم . وبذلك يتضح لكل من له أدنى بصيرة ورغبة في الحق وإنصاف في طلبه أن الاحتفال بالموالد ليس من دين الإسلام ، بل هو من البدع المحدثات التي أمر الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم بتركها والحذر منها . ولا ينبغي للعاقل أن يغتر بكثرة من يفعله من الناس في سائر الأقطار ، فإن الحق لا يعرف بكثرة الفاعلين ، وإنما يعرف بالأدلة الشرعية ، كما قال تعالى عن اليهود والنصارى : ( وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ) ( سورة البقرة : 111 ) ، وقال تعالى : ( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ) ( سورة الأنعام : 116 ) . ثم إن غالب هذه الاحتفالات بالموالد مع كونها بدعة لا تخلو من اشتمالها على منكرات أخرى ؛ كاختلاط النساء بالرجال ، واستعمال الأغاني والمعازف ، وشرب المسكرات والمخدرات ، وغير ذلك من الشرور ، وقد يقع فيها ما هو أعظم من ذلك وهو الشرك الأكبر ، وذلك بالغلو في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو غيره من الأولياء ، ودعائه والاستغاثة به وطلبه المدد ، واعتقاد أنه يعلم الغيب ، ونحو ذلك من الأمور الكفرية التي يتعاطاها الكثير من الناس حين احتفالهم بمولد النبي صلى الله عليه وسلم وغيره ممن يسمونهم بالأولياء . وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إياكم والغلو في الدين ، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين " ، وقال صلى الله عليه وسلم : " لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم إنما أنا عبده ، فقولوا : عبد الله ورسوله " أخرجه البخاري في صحيحه من حديث عمر رضي الله عنه . ومن العجائب والغرائب : أن الكثير من الناس ينشط ويجتهد ي حضور هذه الاحتفالات المبتدعة ، ويدافع عنها ، ويتخلف عما أوجب الله عليه من حضور الجمع والجماعات ، ولا يرفع بذلك رأساً ، ولا يرى أنه أتي منكراً عظيماً ، ولا شك أن ذلك من ضعف الإيمان وقلة البصيرة ، وكثرة ما ران على القلوب من صنوف الذنوب والمعاصي ، نسأل الله العافية لنا ولسائر المسلمين . ومن ذلك : أن بعضهم يظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحضر المولد ؛ ولهذا يقومون له محيين ومرحبين ، وهذا من أعظم الباطل وأقبح الجهل ، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يخرج من قبره قبل يوم القيامة ، ولا يتصل بأحد من الناس ، ولا يحضر اجتماعاتهم ، بل هو مقيم في قبره إلى يوم القيامة ، وروحه في أعلى عليين عند ربه في دار الكرامة ، كما قال الله تعالى في سورة المؤمنون ( 15 ـ 16 ) : ( ثم إنكم بعد ذلك لميتون * ثم إنكم يوم القيامة تبعثون ) . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أنا أول من ينشق عنه القبر يوم القيامة ، وأنا أول شافع ، وأول مُشَفَّعٍ " عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام . فهذه الآية الكريمة والحديث الشريف وما جاء في معناهما من الآيات والأحاديث ، كلها تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأموات إنما يخرجون من قبورهم يوم القيامة ، وهذا أمر مجمع عليه بين علماء المسلمين ليس فيه نزاع بينهم ، فينبغي لكل مسلم التنبه لهذه الأمور ، والحذر مما أحدثه الجهال وأشباههم من البدع والخرافات التي ما أنزل الله بها من سطان . والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا به . أما الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي من أفضل القربات ، ومن الأعمال الصالحات ، كما قال تعالى : ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يآ أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ) ( سورة الأحزاب : 56 ) . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من صلى عليَّ واحدة صلى الله عليه بها عشراً " ، وهي مشروعة في جميع الأوقات ، ومتأكدة في آخر كل صلاة ، بل واجبة عند جمع من أهل العلم في التشهد الأخير من كل صلاة ، وسنة مؤكدة في مواضع كثيرة ، منها بعد الأذان ، وعند ذكره عليه الصلاة والسلام ، وفي يوم الجمعة وليلتها ، كما دلت على ذلك أحاديث كثيرة . والله المسؤول أن يوفقنا وسائر المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه ، وأن يمن على الجميع بلزوم السنة والحذر من البدعة ، إنه جواد كريم . وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وآله وصحبه . |
#3
|
|||
|
|||
سئل فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله كما في " فتاوى الشيخ محمد الصالح العثيمين " إعداد وترتيب أشرف عبد المقصود ( 1 / 126 ) :
ما الحكم الشرعي في الاحتفال بالمولد النبوي ؟ فأجاب فضيلته : ( نرى أنه لا يتم إيمان عبد حتى يحب الرسول صلى الله عليه وسلم ويعظمه بما ينبغي أن يعظمه فيه ، وبما هو لائق في حقه صلى الله عليه وسلم ولا ريب أن بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام ولا أقول مولده بل بعثته لأنه لم يكن رسولاً إلا حين بعث كما قال أهل العلم نُبىءَ بإقرأ وأُرسل بالمدثر ، لا ريب أن بعثته عليه الصلاة والسلام خير للإنسانية عامة ، كما قال تعالى : ( قل يأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورَسُولِهِ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) ( الأعراف : 158 ) ، وإذا كان كذلك فإن من تعظيمه وتوقيره والتأدب معه واتخاذه إماماً ومتبوعاً ألا نتجاوز ما شرعه لنا من العبادات لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفى ولم يدع لأمته خيراً إلا دلهم عليه وأمرهم به ولا شراً إلا بينه وحذرهم منه وعلى هذا فليس من حقنا ونحن نؤمن به إماماً متبوعاً أن نتقدم بين يديه بالاحتفال بمولده أو بمبعثه ، والاحتفال يعني الفرح والسرور وإظهار التعظيم وكل هذا من العبادات المقربة إلى الله ، فلا يجوز أن نشرع من العبادات إلا ما شرعه الله ورسوله وعليه فالاحتفال به يعتبر من البدعة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " كل بدعة ضلالة " قال هذه الكلمة العامة ، وهو صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بما يقول ، وأفصح الناس بما ينطق ، وأنصح الناس فيما يرشد إليه ، وهذا الأمر لا شك فيه ، لم يستثن النبي صلى الله عليه وسلم من البدع شيئاً لا يكون ضلالة ، ومعلوم أن الضلالة خلاف الهدى ، ولهذا روى النسائي آخر الحديث : " وكل ضلالة في النار " ولو كان الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم من الأمور المحبوبة إلى الله ورسوله لكانت مشروعة ، ولو كانت مشروعة لكانت محفوظة ، لأن الله تعالى تكفل بحفظ شريعته ، ولو كانت محفوظة ما تركها الخلفاء الراشدون والصحابة والتابعون لهم بإحسان وتابعوهم ، فلما لم يفعلوا شيئاً من ذل علم أنه ليس من دين الله ، والذي أنصح به إخواننا المسلمين عامة أن يتجنبوا مثل هذه الأمور التي لم يتبن لهم مشروعيتها لا في كتاب الله ، ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولا في عمل الصحابة رضي الله عنهم ، وأن يعتنوا بما هو بيّن ظاهر من الشريعة ، من الفرائض والسنن المعلومة ، وفيها كفاية وصلاح للفرد وصلاح للمجتمع . وإذا تأملت أحوال هؤلاء المولعين بمثل هذه البدع وجدت أن عندهم فتوراً عن كثير من السنن بل في كثير من الواجبات والمفروضات ، هذا بقطع النظر عما بهذه الاحتفالات من الغلو بالنبي صلى الله عليه وسلم المودي إلى الشرك الأكبر المخرج عن الملة الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه يحارب الناس عليه ، ويستبيح دماءهم وأموالهم وذراريهم ، فإننا نسمع أنه يلقى في هذه الاحتفالات من القصائد ما يخرج عن الملة قطعاً كما يرددون قول البوصيري : يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حدوث الحادث العمم إن لم تكن آخذاً يوم المعاد يدي صفحاً وإلا فقل يا زلة القدم فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم مثل هذه الأوصاف لا تصح إلا لله عز وجل ، وأنا أعجب لمن يتكلم بهذا الكلام إن كان يعقل معناه كيف يسوغ لنفسه أن يقول مخاطباً النبي عليه الصلاة والسلام : ( فإن من جودك الدنيا وضرتها ) ومن للتبعيض والدنيا هي الدنيا وضرتها هي الآخرة ، فإذا كانت الدنيا والآخرة من جود الرسول عليه الصلاة والسلام ، وليس كل جوده ، فما الذي بقي لله عز وجل ، ما بقي لله عز وجل ، ما بقي له شيء من الممكن لا في الدنيا ولا في الآخرة . وكذلك قوله : ( ومن علومك علم اللوح والقلم ) ومن : هذه للتبعيض ولا أدري ماذا يبقى لله تعالى من العلم إذا خاطبنا الرسول عليه الصلاة والسلام بهذا الخطاب . ورويدك يا أخي المسلم .. إن كنت تتقي الله عز وجل فأنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلته التي أنزله الله .. أنه عبد الله ورسوله فقل هو عبدالله ورسوله ، واعتقد فيه ما أمره ربه أن يبلغه إلى الناس عامة : ( قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي ) ( الأنعام : 50 ) ، وما أمره الله به في قوله : ( قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً ) ( الجن : 21 ) ، وزيادة على ذلك : ( قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحداً ) ( الجن : 22 ) ، حتى النبي عليه الصلاة والسلام لو أراد الله به شيئاً لا أحد يجيره من الله سبحانه وتعالى . فالحاصل أن هذه الأعياد أو الاحتفالات بمولد الرسول عليه الصلاة والسلام لا تقتصر على مجرد كونها بدعة محدثة في الدين بل هي يضاف إليها شئ من المنكرات مما يؤدي إلى الشرك . وكذلك مما سمعناه أنه يحصل فيها اختلاط بين الرجال والنساء ، ويحصل فيها تصفيق ودف وغير ذلك من المنكرات التي لا يمتري في إنكارها مؤمن ، ونحن في غِنَى بما شرعه الله لنا ورسوله ففيه صلاح القلوب والبلاد والعباد ) " فتاوى الشيخ محمد الصالح العثيمين " إعداد وترتيب أشرف عبد المقصود ( 1 / 126 ). |
#4
|
|||
|
|||
حوار مع أنصار المولد النبوي
هناك طائفة من المسلمين تحتفل في الثاني عشر من شهر ربيع الأول من كل سنة هجرية بمناسبة مولد النبي صلى الله عليه وسلم ويؤدى هذا المولد بطقوس وأنماط متنوعة والهدف من ذلك إظهار الفرح والسرور والشكر والمحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن طريق ذكرى مولده ، فيا ترى هل هذا التصرف صحيح وهل هو موافق للشرع وهل فاعل ذلك مأجور ؟ فإلى أنصار هذا المولد ومؤيديه أتوجه لهم بهذه الكلمات من قلب يفيض بالشفقة والنصيحة لهم قصدا للوصول للحق والذب عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم وعملا بقوله (الدين النصيحة قلنا لمن يارسول الله قال لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم) متفق عليه ، وألخص حواري معهم في النقاط الآتية: أولا - بداية أقول لهم لا شك أن كل مسلم يحب النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد ينازع في هذا ومحبته فرض على كل مسلم بل هي أصل من أصول الإيمان ولا يصح إيمان العيد إلا بها قال رسول الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين) متفق عليه ، ولكن يختلف المسلمون في طريقة التعبير عن هذه المحبة وإظهارها على الواقع. إذن نحن متفقون على وجوب محبة النبي صلى الله عليه وسلم. ثانيا – أسألهم ما هو مفهوم محبة النبي صلى الله عليه وسلم لديكم ؟ هل محبته مجرد إحساس وجداني وعلاقة قلبية وولاء عاطفي أم هي عمل قلبي وسلوك عملي . لا شك أن أصل المحبة تكون في القلب لكن هذه المحبة لها مقتضى وثمرة ، فكمال المحبة وتمامها تكون في اجتماع إذعان القلب وذكر اللسان وطاعة الجوارح وتقتضي أيضا تصديق أخباره وامتثال أوامره واجتناب نواهيه قال تعالى (قُلْ إن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ويَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى "قيل : ومن يأبى يارسول الله ؟قال "من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبي"رواه لبخاري ، فمن أحب أحدا أكثر من ذكره والتزم طاعته وتجنب معصيته. إذن فالمحبة ليست مجرد دعاوى وشعارات وهتافات بل هي حياة ومنهج وواقع عملي ملموس , وكثير من المسلمين وللأسف يتصور أن محبة النبى صلى الله عليه وسلم تقتصر على المدح والثناء ولذلك ترى حياته بعيدة كل البعد عن هدى النبى ومنهجه وأقواله وأفعاله وتراه كثير المخالفة للنبي صلى الله عليه وسلم في سائر السنة فإذا جاءت مناسبة دينية أقام حفلا أظهر فيه المحبة وبانقضاء الحفل عاد إلى ما كان عليه من الغواية ولا شك أن هذه المحبة جوفاء وهى محبة ناقصة وربما كانت باطلة . ثالثا – إذا سألناهم ما حقيقة الإحتفال بالمولد النبوي قالوا هذا مجرد عادة كسائر الإحتفالات الدنيوية ولا علاقة له بالدين والأصل في ذلك الجواز فيجوز للمسلم الإحتفال بالنبي صلى الله عليه وسلم كما يحتفل بأمر دنيوي كحصول وظيفة أو رجوع غائب أو حصول نعمة كمال وولد ونحو ذلك . وقولهم هذا فيه مغالطة كبيرة ومخادعة للنفس والمنطق والعقل وكل إنسان ولو كان أميا يفهم لأول وهلة أن هذا احتفال ديني ، ومن تأمل في هذا الإحتفال تيقن أنه قائم على فكرة محبة النبي صلى الله عليه وسلم والمقصود الأعظم منه التقرب إلى الله واتخاذه وسيلة لتزكية النفس وصفائها وفيه ذكر وابتهال ودعاء ، وبهذا يتبين أن المولد عبادة وقربة يتقرب به أصحابه إلى الله ويتخذونه شعيرة من شعائر الدين ولذلك يلتزمونه دائما ويأمرون الناس به وينكرون على من تركه ويتهمونه بالجفاء . وإذا تقرر أنه عبادة فلا بد للعبادة من شروط تصح بها وإلا كانت باطلة لا أساس لها. رابعا – إذا سألناهم هل هناك دليل شرعي يدل على مشروعية المولد النبوي وجوازه قالوا نعم وذكروا جملة من الأدلة . ولكن عند البحث فيها ونقدها يتبين أن ما استلوا به لا يخلو أن يكون أحد نوعين: 1- أدلة خاصة ضعيفة أو مكذوبة. 2- أدلة عامة صحيحة لا دلالة فيها بوجه من الوجوه ، كاستدلالهم بما جاء في صحيح مسلم ( أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم الاثنين فقال : فيه ولدت وفيه أنزل علي) ، واستدلالهم بفضل يوم الجمعة واستحباب الصلاة على النبي فيه واستدلالهم بفضائل الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهذه الأدلة بحمد الله لا تدل أبدا على مشروعية المولد ، وإنما تدل علة أمرين: 1- فضل هذه الأيام فقط دون غيرها. 2- صفة العبادة المشروعة فيها من صوم وذكر وصلاة وليس فيها احتفالات . ونحن نطالبهم بإثبات أمرين ولن يستطيعوا ذلك إلى يوم الدين: 1- تخصيص يوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم دون سائر الأيام. 2- مشروعية إقامة احتفال للنبي صلى الله عليه وسلم على هذه الصفة الخاصة. ولا يجوز بناء العبادات على القياس والنظر الخالي من الدليل كقولهم إن هذا الإحتفال من جنس إظهار الشكر أو إظهار المحبة الواجبة أو من جنس التعظيم المشروع للرسول صلى الله عليه وسلم ، لأن هذا استحسان وقياس مخالف للأدلة والأصول الشرعية ، ولأن العبادات توقيفة يتوقف إثباتها والتعبد بها على ثبوت الأدلة الشرعية الخاصة. وبهذا يتبين أن رؤسائهم يستخفون بعقول الناس وأفهامهم ويخدعونهم بإسم محبة النبي صلى الله عليه وسلم. خامسا – إذا سألناهم هل أقام النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه إحتفالا أو أحد من خلفاءه أو الصحابة أو التابعين أو أتباعهم أو الأئمة المقتدى بهم كالأئمة الأربعة أو أحد من القرون المفضلة حاروا جوابا .والحق الذي لا مرية فيه أن المولد لم يعرف في صدر الإسلام ولا في القرون المفضلة وإنما أحدثه الفاطميون الباطنيون الزنادقة في أواخر القرن الرابع في مصر ثم تبعهم على ذلك أصحاب الطرق الصوفية ونقول لهم: 1- هل أنتم أشد حبا للرسول صلى الله عليه وسلم من الصحابة أو تشكون في حبهم . 2- وهل طريقتكم وعملكم خير من طريقتهم وعملهم فإن كان قد خفي عنهم وظهر لكم فلا خير في عمل خفي عليهم وإن كان قد ظهر لهم وتركوه فلا خير فيما تركه السلف لأنهم خير الأمة وأفضلهم طريقة وأزكاهم عملا. وبهذا يتبين أن المولد النبوي عمل موتور ليس له نسب في الإسلام بل فيه شبه بطقوس أهل الملل المخالفة للإسلام كاحتفال اليهود والنصارى بعظمائهم ، ولا يوجد أبدا في شرائع الإسلام وأعماله إحتفال بمولد أحد أو حياته أو موته وإنما هذه عادة دخيلة وفدت من غير المسلمين. سادسا – إذا سألناهم عن برامج المولد النبوي وأعماله قالوا هو مجرد ذكر ومدح للنبي صلى الله عليه وسلم وقراءة سيرته وغيرها من الأعمال المستحبة ، والواقع أنه لا تخلو جميع الموالد النبوية من مخالفات وبدع ومظاهر شركية وتتفاوت في هذه الأمور ما بين مقل ومستكثر: 1- الذكر بصفة جماعية على هيئة غير مشروعة. 2- الغلو في مدح النبي صلى الله عليه وسلم وقد نهى عن ذلك. 3- رفع النبي صلى الله عليه وسلم فوق منزلته ووصفه بصفات إلهية كعلمه للغيب وتصرفه في الكون وغير ذلك. 4- فعل عبادات ووسائل شركية كالإستغاثة بالنبي والأولياء وسؤالهم تفريج الكربات وجلب الخيرات . 5- اللهو والرقص . 6- إستماع المعازف والملاهي . 7- إختلاط الرجال والنساء وحضور المردان وحسان الوجوه. 8- إدعاء وزعم حضور النبي صلى الله عليه وسلم للمولد. 9- ما يصيب أهل المولد من حالة العشق والوجد والفناء وغيرها من الأحوال الشيطانية . والمقصود أن كل عمل بني على باطل فهو باطل وسبيل للشيطان ومبعد عن الرحمان ومرتع خصب لكل بدعة ومعصية والله المستعان. سابعا – نسألهم ما هو معنى البدعة وما حقيقة الإبتداع وهل يمكن أن تفسروا لنا قول الحبيب صلى الله عليه وسلم (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) متفق عليه ؟ فسيجيبون بجواب فيه تلبيس الحق بالباطل وتدليس ولي لأعناق النصوص وتحريف لمعانيها ، وسيقولون البدعة قسمان بدعة حسنة وبدعة سيئة 0000إلخ. والحق أن معنى الإبتداع هو إحداث طريقة أو عمل أو عبادة مما يتقرب به إلى الله في الدين وليس له أصل شرعي ، فكل من تعبد لله بعمل أو عبادة لم يدل الشرع عليها ولم يستند على دليل أو إجماع فقد ابتدع في الدين بدعة وهو آثم وعمله مردود عليه لا يقبل منه أبدا وقد شاق الرسول واتبع غير سبيل المؤمنين ، وليس في الدين بدعة حسنة ، ولا شك أن المولد النبوي ينطبق عليه وصف البدعة لعلتين : 1- أنه عمل ديني يتقرب به إلى الله. 2- ليس له أصل في الشرع. ونقول لهم أن بإحداثكم لهذا المولد إشعار بأن هذا الدين فيه نقص يحتاج إلى تكميل وإتمام وقد قال الله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) . وفيه أيضا فتح لباب شر عظيم وهو أن كل من استحسن مناسبة جعل له احتفالا وهذا يفضي إلى التلاعب بدين الله كما تلاعب به الرافضة وغيرهم. ثامنا – عند سؤالنا لكثير من العوام الذين يقيمون الموالد ويشاركون فيها ما هو مستندكم في هذا يقولون لنا فعل المشائخ والأولياء ونتبعهم على ذلك .فنقول لهم لا حجة في تصرف أحد من الناس ولو كان من المشائخ إذا خالف الشرع وإنما الحجة في الكتاب والسنة وما أجمع عليه سلف الأمة ، وليس أحد معصوما عن الخطأ ، كيف ومن اتبعتموهم لا يعرفون بالرسوخ في العلم واتباع منهج السلف الصالح قال الله تعالى (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله) ، وكيف تقدمون طاعتهم على طاعة الله ورسوله والأئمة الأعلام كالشافعي وأبي حنيفة ومالك وأحمد وغيرهم ممن عرفوا بالعلم والعمل والزهد والنسك ولم يعرفوا هذه الطرق الصوفية المحدثة التي أساءت للإسلام وشوهت صورته الجميلة. أسألكم هل في الإسلام هذا الدين العظيم رقص ولهو ديني. هل كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يرقصون ويهزون ويترنحون كما يفعل أهل المجون والفسق . لقد آن لكم ياعوام المسلمين أن تحرروا عقولكم من هذه الخرافات والخزعبلات التي فرضها عليكم أدعياء المحبة والولاية. لقد آن لكم أن تتحرروا من قيود مشائخ الطرق وتكونوا أحرارا تعبدون الله على بصيرة. لقد انتهى زمن الجمود والتخلف الفكري الذي أصاب العالم الإسلامي في تاريخه الأوسط وضعفت فيه السنة والإتباع وانتشرت فيه مظاهر الجهل والبدعة والخرافة وأتى بحمد الله زمن الإتباع والحجة والتحري عن الحق وانتشار السنة والطاعة. وأخيرا يا من تحب النبي صلى الله عليه وسلم وتسعى جاهدا في سبيل ذلك إني مشفق عليك وأحذرك أن تأتي يوم القيامة وترد على حوض النبي صلى الله عليه وسلم لتشرب منه فيطردك عن حوضه ويكون خصيما لك لما غيرت وبدلت في دينك فقد أخرج البخاري عن سهل بن سعد قال : قال النبي : " ليوردن علي أقوام أعرفهم ويعرفونني ، ثم يحال بيني وبينهم " . قال أبو حازم : فسمعني النعمان بن أبي عياش فقال : هكذا سمعت من سهل فقلت : نعم ، فقال : أشهد على أبي سعيد الخدري لسمعته وهو يزيد فيها : " فأقول إنهم مني ، فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول : سحقا سحقا لمن غير بعدي " . بقلم : خالد بن سعود البليهد عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة |
#5
|
|||
|
|||
تحذير المسلمين من بدعة الاحتفال بمولد سيد المرسلين
وليد بن علي المديفر بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى صحبه وآله أجمعين, أما بعد فإن أكبر نعمة وأعظم منة, منَّ الله بها على عباده أن بعث فيهم رسلاً مبشرين بجنات النعيم , ومنذرين من عذاب الجحيم, آمرين بإخلاص العبادة لله رب العالمين, قال تعالى: (ولقد بعثنا في كل أمةٍ رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) وأعظم هؤلاء الرسل قدراً, و أبلغهم أثرا ,وأعلاهم منزلة وأرفعهم مكانة, وأعمهم رسالة , هو خاتم النبيين و سيد المرسلين ,وخليل رب العالمين محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة والتسليم بعثه الله بعد وقوع الناس في الضلالة والفجور والردى , وانتشار الخرافات والبدع واستحكام الهوى ,ففتح به قلوباً غلفاً, وأعيناً عمياً , وأذان صماً, وهدى به بعد الضلالة, وألف به بعد الفرقة ,وأغنى به بعد العيلة كما قال تعالىوكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري مالكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراطٍ مستقيم) وفي الصحيحين عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله يقول: ((إنما مثلي ومثل الناس كمثل رجلٍ استوقد ناراً فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش وهذه الدواب التي تقع في النار يقعن فيها ,فجعل الرجل يزعهن ويغلبنه فيقتحمن فيها فأنا أخذ بحجزكم عن النار وأنتم تقتحمون فيها ) وقد قال حسان بن ثابت رضي الله عنه في مدحه عليه الصلاة والسلام أغر عليه في النبوة خاتم *** من الله ميمون يلوح ويشهد وضم الإله اسم النبي إلى اسمه *** إذ قال في الخمس المؤذن أشهد وشق له من اسمه ليجله *** فذو العرش محمود وهذا محمد نبي أنا أتانا بعد يأس وفترة *** من الرسل والأوثان في الأرض تعبد فأمسى سراجا مستنيرا وهاديا *** ولاح كما لاح الصقيل المهند وأنذرنا نارا وبشر جنة *** وعلمنا الإسلام فلله نحمد ولقد ترك النبي صلى الله عليه وسلام أمته على البيضاء الواضحة كما روى الإمام أحمد وابن ماجه عن العرباض بن سارية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال تركتم على البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك ) وعند الإمام أحمد الطبراني عن أبي ذر رضي الله عنه قال ( لقد تركنا صلى الله عليه وسلم ، وما يحرك طائر جناحيه في السماء إلا أذكرنا منه علماً ) وحثنا عليه الصلاة والسلام على التمسك بسنته ,ونهانا عن الابتداع في الدين, فقال (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ, وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثةٍ بدعة ) رواه أحمد وأبو داود والترمذي من حديث العرباض بن سارية. وفي صحيح مسلم من حديث جابر –رضي الله عنه –أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أما بعد فإن خير الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد, وشر الأمور محدثاتها)) زاد النسائي ((وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار)) واستجابة لهذا الأمر النبوي فقد تمسك الصحابة بالسنة وابتعدوا عن البدعة, وأمروا الناس بذلك فقد روى ابن وضاح عن عبد الله بن مسعود أنه قال: (( اتبعوا آثارنا ولا تبتدعوا فقد كفيتم )) وروى أبو داود عن حذيفة بن اليمان –رضي الله عنه- أنه قال: (كل عبادة لا يتعبدها أصحاب محمد فلا تتعبدوها , فإن الأول لم يدع للآخر مقالاً, فاتقوا الله يا معشر القراء وخذوا طريق من كان قبلكم ) وروى الدارمي عن ابن عمر قال: (كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة) وأخرج ابن وضاح عن ابن عباس قال: (( عليكم بالاستفاضة والأثر وإياكم والبدع )) وقال سفيان الثوري : (البدعة أحب إلى إبليس من المعصية ,المعصية يتاب منها والبدعة لا يتاب منها ) وكان الإمام أحمد يتمثل بهذه الأبيات : دين النبي محمد أخباره *** نعم المطية للفتى آثار لا تغفلن عن الحديث وأهله *** فالرأي ليلٌ والحديث نهارُ ولربما ضل الفتى أثر الهدى *** والشمس واضحةٌ لها أنوارُ والواجب على كل مسلم أن يحرص على إتباع سنة سيد المرسلين ويحذر من سلوك طريق المبتدعين, لأنه أمام كل مسلم طريقان , وليست ثم طريقٌ ثالث, طريق الشرع والسنة, وطريق الهوى والبدعة ,فمن سلك طريق الشرع اهتدى ونجى , وفاز بالدرجات العلى, ومن سلك طريق الهوى ضل وغوى ,وفي دركات النار هوى, كما قال تعالى: ((فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهوائهم بغير علم )) وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :- (( كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قالوا : يا رسول الله ومن يأبى ، قال :- من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى )) وقد قال بعض السنة : البدعة طوفان مغرق والسنة الصحيحة سفينة نوح ، من ركبها فقد نجى ، ومن تركها فقد غرق )) وإذا تبينت خطورة البدع ، وإنها مشاقة لسنة النبي الكريم ، وأنه يحب الحذر كل الحذر من الوقوع منها . فإنه ينبغي أن يعلم أن أصل هذه الكلمة (( بدعة )) من الاختراع ، وهو الشيء يحدث من غير أصل سبق ، ولا مثال أحتذي ، ولا ألف مثله ، ومن قولهم : أبدع الله الخلق ، أي خلقهم ابتداء ,ذكر هذا أبو شامة رحمه الله ، وقال الجوهري في الصحاح : ((البدعة الحدث في الدين بعد الإكمال )) وإن من أخطر البدع التي يترتب عليه مفاسد عقدية وسلوكية وأخلاقية : بدعة الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، وقبل ذكر الأدلة على بدعية الاحتفال بالمولد النبوي ، لابد من الإشارة إلى ما يلي : أولاً :- أول من ابتدع الاحتفال بالمولد في الأمة الإسلامية: اختلف المؤرخون في ذلك بعد اتفاقهم على أنها لم تكن موجودة في القرون الثلاثة المفضلة بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم )) فقال بعض العلماء : إن أول من ابتدع الاحتفال بالمولد النبوي هو الشيخ عمر بن محمد الملا كما قال أبو شامة: (( وكان أول من فعل ذلك بالموصل _ أي الاحتفال بالمولد _ الشيخ عمر بن محمد الملا أحد الصالحين المشهورين ، و به اقتدى في ذلك صاحب إربل وغيره )) وقال ابن كثير في البداية والنهاية في ترجمة أبو سعيد كوكبوري ملك إربل : وكان يعمل المولد الشريف ربيع الأول ، ويحتفل احتفالا هائلا ، ويعمل الصوفية سماعا من الظهر إلى الفجر ، ويرقص بنفسه معهم )), وقال كثير من العلماء أن أول من أحدثه الفاطميون العبيديون كما نقل ذلك المقريزي في خططه ، والقلقشندي ، والسندوبي ، ومحمد بخيت ، وعلي فكري وعلي محفوظ . قال المقريزي ( كان للخلفاء الفاطمين في طوال السنة أعياد ومواسم ؛ وهي موسم رأس السنة وموسم أول العام ويوم عاشوراء ، ومولد النبي صلى الله عليه وسلم، ومولد علي بن أبي طالب ، ومولد الحسن والحسين ، ومولد فاطمة الزهراء ومولد الخليفة الحاضر ، وليلة أول رجب ، وليلة نصفه ، وليلة أول شعبان ، وليلة نصفه )) المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والاعتبار وقال مفتي الديار المصرية محمد بخيت المطيعي )):مما أحدث وكثر السؤال عنه الموالد ؟ فنقول : إن أول من أحدثها بالقاهرة الخلفاء الفاطميون ، وأولهم المعز لدين الله )) وهذا هو الصحيح أن أول من أحدث بدعة الاحتفال بالمولد النبوي الفاطميون ، وبالتحديد المعز لدين الله عام 1362 ، ثم كان أول من أظهرها بعدهم الملك المظفر أبو سعيد كوكبوري ملك إربل في آخر القرن السادس ، وأول القرن السابع الهجري . ثانيا :- أسباب نشأة المولد :- 1- نشر العقائد الشيعية من خلال التذرع بحب آل البيت ، وهذا مما يبين السر في كون الدولة الفاطمية هي أول من ابتدع هذه البدعة . 2- إفساد عقائد المسلمين ، ونشر البدع والمحرمات في الأمة الإسلامية ، كما فعلت ذلك الدولة الفاطمية قديما . 3- كسب تعاطف المسلمين وإشغالهم عن دينهم ومعالي الأمور ، وصرف أنظارهم عن ما ترتكبه الحكومات الصليبية والعلمانية من مخالفات شرعية في بلاد المسلمين ، مما يؤكد هذا ما ذكره الجبرتي في تاريخه : أن نابليون أمر الشيخ البكري بإقامة الاحتفال بالمولد النبوي وأعطاه ثلاثمائة ريال فرنسي ، وأمر بتعليق الزينات ، بل وحضر الحفل من أوله إلى آخره ، ليجذب إليه قلوب المصريين ، ويعلن لهم أنه صديق للإسلام والمسلمين ، ولما في الاحتفال من الخروج عن الشريعة والاختلاط واتباع الشهوات والرقص وفعل المحرمات)) 4- كسب الولاء الديني لمشايخ الصوفية. 5- السعي لنيل الشهرة والصيت من خلال الاحتفال بالمولد كما يحدث من الأغنياء والموسرين . 6- الارتزاق الدنيوي ، كما يحدث من قبل تجار الحلوى ومشايخ الطرق وسدنة الأضرحة والمداحيين والقصاصين والمنشدين والمغنيين والراقصات وغيرهم . 7- الحصول على الشهوات والمحرمات كما يحدث من الفساق والفجار . 8- موافقته لهوى النفس والطباع البشرية الضعيفة ، قال محمد رشيد رضا في كتابه (( ذكرى المولد النبوي )) : أن من طباع البشر أن يبالغوا في مظاهر تعظيم أئمة الدين والدنيا في طور ضعفهم في أمر الدين والدنيا ، لأن هذا التعظيم لا مشقة فيه على النفس ، فيعملونه بدلا مما يجب عليهم من الأعمال الشاقة التي يقوى بها أمر المعظم ، ويعتز بها دينه ولاشك أن الرسول الأعظم أحق الخلق بكل تعظيم ، وليس من تعظيمه أن يبتدع في دينه شيء نعظمه به ، وإن كان بحسن نية ، فقد كان جل ما أحدث أهل الملل قبلنا من التغيير في دينهم عن حسن نية ، ومازالوا يبتدعون بقصد التعظيم وحسن النية حتى صارت أديانهم غير ما جاءت به رسلهم )) ثالثا: أقسام المحتفلين بالمولد النبوي :- 1- الوزارات الحكومية , متمثلة في وزارات الأوقاف ,وأحياناً يحضر رئيس الدولة,وبعض الشخصيات الإسلامية الحكومية, وعلماء الدولة الرسمين , وينقل بالتلفاز والقنوات وإذاعات القرآن . 2- الجهات الشبه رسمية: مثل مجالس الصوفية العليا , التي تقيم الموائد و مجالس الذكر وتسير المواكب , وتعقد حلقات للذكر والرقص والإنشاد والتشبيب . 3- عامة الناس الذين يحتفلون مع الدولة , أو المجالس الصوفية , أو من خلال الاجتماعات في البيوت وغيرها . 4- بعض الاتجاهات والحركات والجماعات الإسلامية التي تقيم الأمسيات الدينية التي تذكر بهديه صلى الله عليه وسلم وتخلوا احتفالاتها من المنكرات , لكن مجرد تخصيصهم هذه الليالي للاجتماع على ذكر سيرته وهديه هو من البدع المحدثة التي لم يكن عليها السلف الصالح . 5- ما يقوم به بعض المنتسبين إلى العلم والدعوة والأدب والإعلام , من إلقاء الخطب والمحاضرات والكتابة في الصحف, وعقد البرامج والندوات , عن مولد النبي وسيرته وهديه في أيام شهر ربيع الأول , وخصوصاً ليلة الثاني عشر ويومه, وهذا داخل في البدع المنهي عنها , إذ أنه نوع من الاحتفال بمولده, ولم ينقل عن السلف الصالح تخصيص شهر ربيع أو بعض أيامه ولياليه ، للكلام عن مولد وسيرته من خلال الخطب والدروس والمحاصرات أو أي وسيلة دعوية أخرى . رابعا : أنواع الاحتفالات بالمولد النبوي: النوع الأول: ما خلا من العقائد والأقوال الشركية ، والكبائر والموبقات ، واقتصر فيه على الأكل والاجتماع والخطب ، فهذا بدعة له حكم غيره من البدع . قال ابن الحاج فإن خلا – أي المولد النبوي – منه – أي السماع وتوابعه – وعمل طعاما فقط ، ونوى به المولد ، ودعا إليه الأخوان وسلم من كل ما تقدم ذكره، فهو بدعة بنفس نيته فقط ، إذ أن ذلك زيادة في الدين ، وليس من عمل السلف الماضين ، وبعضهم يتورع عن هذا أي عن سماع الأغاني بقراءة صحيح البخاري وغيره عوضا عن ذلك, هذا وان كانت قراءة الحديث في نفسها من أكبر القرب والعبادات ،وفيها البركة العظيمة والخير الكثير, لكن إذا فعل ذلك بشرطه اللائق به على الوجه الشرعي لا بنية المولد, ألا ترى أن الصلاة من أعظم القرب إلى الله تعالى ,ومع ذلك لو فعلها الإنسان في غير الوقت المشروع لها, لكان مذموماً مخالفاً, فإذا كانت الصلاة بهذه المثابة فما بالك بغيرها) وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :في الفتاوى الكبرى: أما اتخاذ مواسم غير المواسم الشرعية ,كبعض ليالي شهر ربيع الأول التي يقال إنها ليلة المولد , أو بعض ليالي رجب , أو ثامن عشر ذو الحجة, أو أول جمعة من رجب أو ثامن شوال الذي يسميه الجهال (( عيد الأبرار )) فإنها من البدع التي لم يستحبها السلف الصالح ولم يفعلوها. وقال العلامة الفاكهاني في رسالته( المورد في الكلام عن المولد ) : في النوع الخالي من المحرمات, بأن يعمل الرجل من عين ماله لأهله وأصحابه وعياله, ولا يجاوزون في ذلك الاجتماع لأكل الطعام , ولا يقترفون شيئاً من الآثام ,فهذا الذي وصفناه بأنه بدعة مكروهةً وشناعةً, إذ لم يفعله أحد من متقدمي أهل الطاعة الذين هم فقهاء الإسلام , وعلماء الأنام ,ولا أعلم لهذا المولد أصلاً في كتاب ولا سنة , ولم ينقل عمله عن أحد من علماء الأمة الذين هم قدوة الدين , المتمسكون بآثار المتقدمين, بل هو بدعة أحدثها البطالون وشهوة اعتنى بها الأكالون ) النوع الثاني: وهو الاحتفال المحتوي على المحرمات, التي ذكر بعضها ابن الحاج في المدخل وهي: 1- استعمال الأغاني وآلات الطرب. 2- الاستهزاء بكتاب الله حيث يجمعون بين تلاوته وسماع الأغاني في هذه الاحتفالات. 3- تبرج النساء وافتنان الرجال بهن. 4- الافتنان بالمردان الذين يغنون ويدورون بالطيب والعنبر ، ويتكسرون في مشيتهم وكلامهم ورقصهم . 5- اختلاط الرجال بالنساء ، ومايترتب عليه من الفواحش والرقص وشرب الخمور . 6- الإسراف في الموائد والأموال . وقال أبو المحاسن جمال الدين عن مولد الإميابي : وصار يعمل المولد في كل سنة فيأتيه الناس ويجتمع من النسوان والشبان خلق كثير , فذكروا أنه عمل المولد على عادته في شهر ربيع الأول سنة 790هـ ,فهرع الناس لحضور المجتمع حتى غص المكان بكثرة العالم ,وتنوعوا تلك الليلة في الفسوق لكثرة اختلاط النسوان والمردان بأهل الخلاعة , فتواتر الخبر بأنه وجد في صبيحة تلك الليلة من جرار الخمر التي شربت بالليل فوق خمسين فارغة, وافتضت تلك الليلة عدة أبكار ,وأوقدت شموع بمال كثير فبعث الله يوم الأحد صباح المولد قاصفاً من الريح كدرت على من كان هناك ,وسفت في وجوههم التراب, واقتطعت الخيم , ولم يقدر أحد على ركوب البحر , ولم يعد يعمل مولد بعدها , فإن الشيخ الإميابي مات في آخر شعبان سنة 790هـ ) فمثل هذه الصفة من الاحتفالات المنكرة القبيحة لا يشك أي عاقل في تحريمها وبدعيتها قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: فأما الاجتماع في عمل المولد على غناء ورقص ونحو ذلك واتخاذه عبادة , فلا يرتاب أحد من أهل العلم والإيمان في أن هذا من المنكرات التي ينهى عنها، ولايستحب ذلك إلا جاهل أو زنديق )) وقال العلامة الفاكهاني في رسالته (المورد) النوع الثاني من الموالد : هو أن تدخله الجناية ، وتقوى به العناية لاسيما إن انضاف إلى ذلك شيء من الغناء المليء بالات الباطل من الدفوف والشبابات ، واجتماع الرجال مع الشبان المرد والنساء الفاتنات ، إما مختلطات بهم أو مشرفات ، ويرقصن بالتثني والانعطاف والاستغراق في اللهو ، وهذا الذي لا يختلف في تحريمه اثنان ، ولا يستحسنه ذو المروءة من الفتيان وإنما يحلو لنفوس موتى القلوب ,وغير المستقلين من الآثام والذنوب , وأزيدك أنهم يرون ذلك من العبادات لا من المنكرات, فإنا لله وإنا إليه راجعون)) . النوع الثالث: ما احتوى على عقائد فاسدة وخطب وأشعار وأعمال شركية أو بدعية , ومن ذلك ما يفعله كثير من الجهلة من القيام عندما يذكر الواعظ ولادة النبي صلى الله عليه وسلم وخروجه إلى الدنيا, وذلك لأن الكثير من هؤلاء المحتفلين يعتقدون أن النبي حضر بجسده الشريف في تلك اللحظات وأن البخور والماء قد وضعا له , وبعض أدعياء العلم منهم يعتقدون أن النبي صلى الله عليه وسلم حي حياة كاملة برزخية كاملة لائقة بمقامه ,وأن روحه جوالة سياحة في ملكوت الله ,ويمكن أن تحضر مجالس الخير ومشاهد النور, مثل الاحتفال بمولده, قلت: والحق أن كلتا العقيدتين عقائد فاسدة وأن كلا الفريقين في ضلال مبين, إذ لم يقم الدليل من الكتاب والسنة على حضور النبي لاحتفال مولده ولا غيره من مجالس الذكر لا بروحه ولا بجسده. ثم إنهم وقعوا في محذور آخر , في قيامهم للنبي صلى الله عليه وسلم تعظيماً له , كما روى الترمذي وأبو داود وابن ماجه عن أبي أمامة قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم متوكئاً على عصا, فقمنا له , فقال: (لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظم بعضهم بعضاً) ثم إن هذه الاحتفالات لا تخلو من ذكر أبيات البردة , ومنها : يا أكرم الناس مالي من ألوذ به *** سواك عند حلول الحادث العمم إن لم تكن بآخرتي آخذاً بيدي *** فضلاً و إلا فقل يا زلة القدم فإن من جودك الدنيا وضرتها *** ومن علومك علوم اللوح والقلم فإذا كانت الدنيا والآخرة من جود النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك علم اللوح والقلم من علومه فماذا أبقى هؤلاء المبتدعة لله تعالى من جود وعلوم تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً. وغالباً ما يذكر فيها الوعاظ هذه الأبيات البدعية: سعد السعود علا في الحل والحرم *** نور الهدى قد بدا في العرب والعجم بمولد المصطفى أصل الوجود ومَن *** لولاه لم تخرج الأكوان من عدم وإليك نموذجاً مما يقرأ في الموالد من الأذكار المبتدعة والعقائد الفاسدة, وهي قصص الموالد المنسوبة للحافظ عبد الرحمن الشيباني اليمني المعروف (بابن الديبع ) يقول في فاتحتها :فسبحانه وتعالى من ملك أوجد نور نبيه محمد صلى الله عليه وسلم من نوره قبل أن يخلق آدم من الطين اللازب , وعرض فخره على الأشياء , فقال : هذا سيد الأنبياء , وأجل الأصفياء وأكرم الحبائب , قيل هو آدم أنيله به أعلى المراتب, ثم ذكر حديثين أحدهما عن ابن عباس رفعه: إن قريشاً كانت نوراً بين يدي الله تعالى , قبل أن يخلق آدم بألفي عام , يسبح الله ذلك النور وتسبح الملائكة بتسبيحه ,والثاني أثر عن كعب الأحبار لا يصح أيضاً ,ولا يخفى ما في هذا الكلام من زلل وطوام . وهذا النوع من الاحتفالات أضاف بدعة على بدعة , وأصحابه في ظلمات بعضها فوق بعض , نسأل الله العافية والسلامة من كل ما يغضب الله ويأباه من البدع والمحدثات والمنكرات. خامسا: ذكر الأدلة على بدعية الاحتفال بالمولد النبوي:- 1. أن الله تعالى قد أكمل لنا الدين قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم, كما قال تعالى } اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا { وقد ثبت في الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه قال عن هذه الآية :" نزلت يوم عرفة " وذلك في حجة الوداع , فمن أتى بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم بعبادة جديدة مبتدعة , فهو ضال مبتدع في دين الله الذي أكمله لعباده وارتضاه قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم. 2. أن النبي صلى الله عليه وسلم بلغ الرسالة وأدى الأمانة, وتركنا على البيضاء ليلها كنهارها, لايزيغ عنها الا هالك وقد روى مسلم في صحيحه عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ما بعث الله من نبي الا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم , وينذرهم من شر ما يعلمه لهم " , ومعلوم من الدين بالضرورة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بمولده , ولم يأمر أصحابه بذلك, ولو كان الاحتفال بمولده من الدين الذي ارتضاه الله , والخير الذي تنتفع الأمة بإقامته , لبينه لأمته أو فعله في حياته أو فعله أصحابه , ومن زعم بعد ذلك كله أن الاحتفال بمولده من مقتضيات محبة النبي صلى الله عليه وسلم وتعبد الله به , فإما أن يتهم الله تعالى بالكذب تعالى الله عن ذلك في قوله :} اليوم أكملت لكم دينكم { لأن النبي صلى الله عليه وسلم مات والدين ناقص حتى أتى هؤلاء فأكملوه بالاحتفال بالمولد , وإما أن يتهم النبي صلى الله عليه وسلم بالخيانة والتقصير في أداء الأمانة وتبليغ الرسالة والدين لأمته , وكلا الإتهامين جناية قبيحة بل كفر بواح وردة عن الإسلام ولهذا قال ابن الماجشون : سمعت مالكا يقول :- "من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة , فقد زعم أن محمدا خان الرسالة , لأن الله يقول } اليوم أكملت لكم دينكم... { فما لم يكن يومئذ دينا فلا يكون اليوم دينا ". 3. أن الاحتفال بالمولد ليس من عمل السلف الصالح من القرون الثلاثة المفضلة، وإنما هو بدعة أحدثت بعد ذلك، بإجماع العلماء المنكرين لها، كشيخ الإسلام ابن تيمية و الشاطبي و ابن الحاج و الفاكهاني، وإجماع المرتضين لها في صورها الخالية من الاعتقادات الشركية و المحرمات ، كابن حجر العسقلاني الذي قال :-" أصل عمل المولد بدعة، لم تنقل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة " ، وكذلك السخاوي الذي قال :-" لم ينقل عن أحد من السلف الصالح في القرون الثلاثة الفاضلة، وإنما حدث بعد". وإننا لنتسائل بعجب : أيعقل أن يغفل أهل القرون الفاضلة الذين أثنى عليهم النبي صلى الله عليه وسلم عن الخير الذي يكون في الاحتفال بالمولد النبوي، ويوفق إليه من يأتي بعدهم من القرون المتأخرة المذمومة في جملتها. 4. أن الاحتفال بالمولد من ابتداع الدولة الفاطمية كما تقدم، وكانت تحاول كسب قلوب المسلمين و تعاطفهم من خلال الاحتفال بالمولد، وحتى تعرف حقيقة هذه الدولة استمع إلى قول الغزالي في الدولة الفاطمية حيث قال :" ظاهر مذهبهم الرفض، وباطنه الكفر المحض، واتفق طوائف المسلمين علماؤهم و ملوكهم و عامتهم من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وغيرهم على أنهم كانوا خارجين عن شريعة الإسلام، وأن قتالهم كان جائزا، وهم من أشد الناس تعظيما للمشاهد، ودعوة للكواكب، ونحو ذلك من دين المشركين، ومن أبعد الناس عن تعظيم المساجد التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه". 5. أنه من المعلوم بالضرورة عظم محبة الصحابة رضوان الله عليهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم و مسارعتهم لطاعة أوامره و حرصهم على إتباع سنته و تعظيمه التعظيم اللائق به من غير مبالغة ولا غلو، كما روى البخاري في صحيحه من حديث المسور بن مخرمة أن عروة بن مسعود لما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم مفاوضا في عمرة الحديبية قال بعد ذلك واصفا حال الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم :" أي قومي والله لقد وفدت على الملوك كلهم كسرى و قيصر والنجاشي، والله ما رأيت قوما يعظمون ملكهم كما يعظم أصحاب محمد محمدا، والله إن تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه و جلده، وإذا أمرهم ابتدءوا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده و ما يحدون إليه النظر تعظيما له ". نعم هكذا كان الصحابة مع رسول الله و أما جهادهم و بذلهم و تضحيتهم في سبيل الله فأمر مشهور ومعلوم، ومع ذلك كله لم ينقل عن واحد منهم الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، وإننا نسأل هؤلاء المحتفلين بالمولد النبوي فنقول: أأنتم أشد حبا للنبي صلى الله عليه وسلم ؟ أم الصحابة ؟ فإن قالوا: نحن أشد حبا فقد كذبوا، وإن قالوا: بل أصحابه أشد حبا فقد خصموا، إذا أنه لا يسعهم إحداث عبادة لم يتعبدها أصحابه رضوان الله عليهم، لأن الصحابة أعمق منهم علما، وأطهر قلوبا و أصلح حالا، وأحرص على ما يقربهم إلى الله من العبادات، وأشد حبا للنبي صلى الله عليه وسلم. 6. أن مما ينبغي أن يعلم أن النعمة العظيمة التي أنعم الله بها على عباده، وأمته بها عليهم هي بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وليست مولده، ولهذا فإن الله تعالى لم ينوه في القرآن بمولده، وإنما نوه ببعثته عليه الصلاة و السلام فقال تعالى :} لقد من الله على المؤمنين إذا بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آيته و يزكيهم و يعلمهم الكتاب و الحكمة،وإن كانوا من قبل في ضلال مبين{. 7. أن العبادات مبنية على التوقيف من الشارع، و لا مجال فيها للاجتهاد أو الابتداع، ويدل على ذلك :- أن خير يوم طلعت عليه الشمس هو يوم الجمعة، و معلوم أن أفضل ما يفعل في اليوم الفاضل هو صومه، كيوم عرفة و عاشوراء، ومع ذلك فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الجمعة مفردا، فدل هذا على أنه لا يجوز إحداث عبادة في زمان و لا مكان إلا إذا كانت مشروعة من الشارع، وأما ما لم يشرعه الشارع فلا يفعل، إذ لا يأتي آخر هذه الأمة بأهدى مما أتى به أولها، وهذا الاحتفال بالمولد النبوي لم يشرعه الشارع، ولذلك فهو بدعة محدثة غير جائزة. 8. أن الاحتفال بالمولد النبوي يفتح الباب على مصراعيه للبدع الأخرى و الموالد و الاحتفالات، كما هو حال الجهلة الآن، من إقامة الاحتفالات بذكرى الهجرة و الإسراء و معركة بدر، ومولد البدوي و الدسوقي و الشاذلي، حتى صار غالب دين هؤلاء احتفالات و رقص و غناء و ذكريات و لا حول و لا قوة إلا بالله. 9. أن الاحتفال بالمولد، لاسيما في صوره الحالية وسيلة إلى الغلو في مدحه و إطرائه، والمبالغة في تعظيمه، حتى يفضي ذلك بالناس إلى دعائه و الاستغاثة به، وقد نهانا نبينا عن الغلو في مدحه فقال كما في الصحيحين من حديث عمر بن الخطاب : " لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله". 10. أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بالتزام سنته و سنة الخلفاء الراشدين المهدين، ونهانا في نفس الحديث عن المحدثات كما تقدم من حديث العرباض بن سارية، فدل ذلك على أن العبادات قسمان:- أ- قسم من سنته و سنة الخلفاء الراشدين. ب- قسم من المحدثات. وتقدم نقل إجماع العلماء على أن هذا المولد ليس من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، و لا من سنة الخلفاء الراشدين، وأنه محدث بعد القرون الفاضلة، فتبين بذلك أنه بدعة محدثة، لا تقرب إلى الله، إذ أن التقرب إلى الله لا يكون إلا من خلال طريق محمد بن عبدالله صلوات الله و سلامه عليه. 11. أن هذا الاحتفال مع كونه بدعة في الدين، فهو كذلك مشابهة للنصارى في احتفالاتهم البدعية بمولد المسيح عيسى بن مريم في كل سنه، وقد نهانا عليه الصلاة و السلام من مشابهتهم في عباداتهم، وأعيادهم وعاداتهم التي يختصون بها. بل قد قال المستشرق كارل هينرش بكر :" من المؤكد أن الاحتفال بمولد النبي قد نشأ تحت تأثير مسيحي" تراث الأوائل في الشرق و الغرب. 12. أنه يوجد في الاحتفال بالمولد النبوي ممارسات هي أقرب إلى الاستهزاء بالله و برسوله من تعظيمه، ومن ذلك: الجمع بين تلاوة القرآن و استماع الأغاني و الموسيقى في تلك الليلة، ومنه التقرب إلى الله تعالى بما حرمه من الرقص والغناء والاختلاط بين الرجال والنساء، بل و شرب الخمور واللواط والزنا و الفواحش، ولا حول ولا قوة إلا بالله. 13. أنه قد وقع خلاف كبير في يوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم, فالجمهور على أنه ولد في الثاني عشر من ربيع الأول, وهناك ستة أقوال أخرى, بل ووقع الخلاف في الشهر الذي ولد فيه, فقال بعضهم في رمضان وقال آخرون في ربيع الأول, وكون هذا الاختلاف يقع بهذا الشكل, ولا يسعى الصحابة ومن بعدهم من التابعين إلى تحقيق القول الراجح, يدل دلالة واضحة جلية على أنهم لم يكونوا يزيدون فيه زيادة على سائر الليالي والأيام, إذ لو كانت الليلة التي ولد في صبيحتها تحدث وتشرع فيها عبادة, لكانت معلومة مشهورة عند الصحابة ومن بعدهم من التابعين محددة بالقول الراجح عندهم. 14. نقول لهؤلاء المحتفلين المدعين محبة النبي صلى الله عليه وسلم:- إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ولد في شهر ربيع الأول فقد مات فيه أيضا, فلماذا تحتفلون فيه وتظهرون الفرح والسرور, ولا تحزنون وتبكون على مصيبة موته عليه الصلاة والسلام, وهي المصيبة العظيمة التي لم تصب الأمة الإسلامية بمثلها, إذ بموته انقطع الوحي من السماء وقد روى ابن ماجة عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً قوله: " فإن أحدا من أمتي لن يصاب بمصيبة بعدي أشد عليه من مصيبتي " ولذا قال الفاكهاني : " إن الشهر الذي ولد فيه رسول الله, هو بعينه الشهر الذي توفي فيه, فليس الفرح فيه بأولى من الحزن فيه ". وختاماً نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإخواننا المسلمين لما يحب ويرضى وأن يثبتنا على التوحيد والسنة, ويجنبنا الشرك والبدعة . وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين كتبه / وليد بن علي المديفر إمام وخطيب جامع الربع 11\3\1429هـ. |
#6
|
|||
|
|||
السؤال:
تعودت عائلتي بين فترة وأخرى وفي كل مناسبة أن تقيم احتفالًا في البيت لمولد النبي صلى الله عليه وسلم ويتضمن دعوة شخص مؤمن لديه كتاب اسمه "أشرف الأنام" ويتضمن الكتاب مولد النبي - صلى الله عليه وسلم - وسيرته بعد النبوة وقبلها وأبيات شعر في مدحه صلى الله عليه وسلم وكذلك نقوم بذبح ذبيحة ونعمل وجبة ندعو لها جيراننا وأقرباءنا متوخين من كل هذا أن يستمع المدعوون إلى السيرة النبوية وخصال النبي الكريم وفضائله ومعجزاته ليزداد إيمانهم بالواحد الأحد وكذلك نرجو الأجر والثواب من جراء إطعامنا لهؤلاء الناس الذين من بينهم الفقير واليتيم وغيرهم فهل هذا العمل صحيح أم لا؟ علمًا أن هذا الشخص الذي يقرأ المولد يتقاضى أجرًا نقديًّا منا هل يجوز ذلك أم لا؟ الجواب : أولا: عمل المولد النبوي بدعة لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الخلفاء الراشدين وصحابته الكرام ولا عن القرون المفضلة أنهم كانوا يقيمون هذا المولد وهم أكثر الناس محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأحرص الأمة على فعل الخير ولكنهم كانوا لا يفعلون شيئًا من الطاعات إلا ما شرعه الله ورسوله عملًا بقوله تعالى : ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) [الحشر : 7] فلما لم يفعلوا إقامة هذا المولد عُلِم أن ذلك بدعة وإنما حدثت إقامة المولد والاحتفال به بعد مضي القرون المفضلة وبعد القرن السادس من الهجرة وهو من تقليد النصارى؛ لأن النصارى يحتفلون بمولد المسيح عليه السلام فقلدهم جهلة المسلمين ، ويقال : إن أول من أحدث ذلك الفاطميون يريدون من ذلك إفساد دين المسلمين واستبداله بالبدع والخرافات الحاصل أن إقامة المولد النبوي من البدع المحرمة التي لم يرد بها دليل من كتاب الله ولا من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم : « وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة » [رواه النسائي في "سننه" من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما] والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في الحديث : « من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد » [رواه الإمام البخاري في "صحيحه"] وفي رواية : « من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد » [رواها الإمام البخاري في "صحيحه" من حديث عائشة رضي الله عنها] فهذا من الإحداث في الدين ما ليس منه فهو بدعة وضلالة ، وأما قراءة السيرة النبوية للاستفادة منها فهذا يمكن في جميع أيام السنة كلها لا بأس أن نقرأ سيرة الرسول وأن نقررها في مدارسنا ونتدارسها وأن نحفظها لقوله تعالى : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) [الأحزاب : 21] ولكن ليس في يوم المولد خاصة وإنما نقرؤها في أي يوم من أيام السنة كلها حسب ما يتيسر لنا ولا نتقيد بيوم معين وكذلك إطعام المساكين والأيتام فالإطعام أصله مشروع ولكن تقييده بهذا اليوم بدعة فنحن نطعم المساكين ونتصدق على المحتاجين في أي يوم وفي أي فرصة سنحت ، وأما الذي يقرأ المولد ويأخذ أجرة فأخذه للأجرة محرم؛ لأن عمله الذي قام به محرم فأخذه الأجرة عليه محرم أضف إلى ذلك أن هذه القصائد وهذه المدائح لا تخلو من الشرك ومن أمور محرمة مثل قول صاحب البردة : يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ** سواك عند حلول الحادث العمم إن لم تكن في معادي آخذًا بيدي ** وإلا يـا زلـــت القـدم فإن من جودك الدنيا وضرتهـا ** ومن علومك علم اللوح والقلم وأشباه هذه القصيدة الشركية مما يقرأ في الموالد. الشيخ العلامة الفاضل: صالح الفوزان |
#7
|
|||
|
|||
حكم الاحتفال بمولد النبي والمناسبات الإسلامية
موقع القرضاوي/ 27-3-2007 تلقى فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين سؤالا مفاده: ما حكم الاحتفال بذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من المناسبات الإسلامية مثل مقدم العام الهجري وذكرى الإسراء والمعراج. وردا على ذلك، قال العلامة القرضاوي: بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد ... هناك من المسلمين من يعتبرون أي احتفاء أو أي اهتمام أو أي حديث بالذكريات الإسلامية، أو بالهجرة النبوية، أو بالإسراء والمعراج، أو بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم، أو بغزوة بدر الكبرى، أو بفتح مكة، أو بأي حدث من أحداث سيرة محمد صلى الله عليه وسلم، أو أي حديث عن هذه الموضوعات يعتبرونه بدعة في الدين، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، وهذا ليس بصحيح على إطلاقه، إنما الذي ننكره في هذه الأشياء الاحتفالات التي تخالطها المنكرات، وتخالطها مخالفات شرعية وأشياء ما أنزل الله بها من سلطان، كما يحدث في بعض البلاد في المولد النبوي وفي الموالد التي يقيمونها للأولياء والصالحين، ولكن إذا انتهزنا هذه الفرصة للتذكير بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبشخصية هذا النبي العظيم، وبرسالته العامة الخالدة التي جعلها الله رحمة للعالمين، فأي بدعة في هذا وأية ضلالة ؟! إننا حينما نتحدث عن هذه الأحداث نذكر الناس بنعمة عظيمة، والتذكير بالنعم مشروع ومحمود ومطلوب، والله تعالى أمرنا بذلك في كتابه (يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرًا، إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا)، يذكر بغزوة الخندق أو غزوة الأحزاب حينما غزت قريش وغطفان وأحابيشهما النبي عليه الصلاة والسلام والمسلمين في عقر دارهم، وأحاطوا بالمدينة إحاطة السوار بالمعصم، وأرادوا إبادة خضراء المسلمين واستئصال شأفتهم، وأنقذهم الله من هذه الورطة، وأرسل عليهم ريحاً وجنوداً لم يرها الناس من الملائكة ، يذكرهم الله بهذا، اذكروا لا تنسوا هذه الأشياء، معناها أنه يجب علينا أن نذكر هذه النعم ولا ننساها، وفي آية أخرى (يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيدهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون) يذكرهم بما كان يهود بني قينقاع قد عزموا عليه أن يغتالوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومكروا مكرهم وكادوا كيدهم وكان مكر الله أقوى منهم وأسرع، (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين). ذكر النعمة مطلوب إذن، نتذكر نعم الله في هذا، ونذكر المسلمين بهذه الأحداث وما فيها من عبر وما يستخلص منها من دروس، أيعاب هذا ؟ أيكون هذا بدعة وضلالة. والله أعلم. |
#8
|
|||
|
|||
السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم ، ما حكم الاحتفال بمولد النبي (صلَى الله عليه وسلَم) ، سواءً كان ذلك في في شهر ربيع الأول أو في أي شهر آخر . أفيدونا جزاكم الله خيراً. الجواب:بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الاحتفال بالمولد النبوي له شقان؛ الأول: كون الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن موجودا على عهد الصحابة والتابعين . الثاني:اعتقاد المحتفلين به أنه من السنن الواردة. والحقيقة أن كلا الفريقين جانبه الصواب،فليس عدم الاحتفال بالمولد النبوي في السلف يعني أنه بدعة، ولا يعني الاحتفال به أنه أمر من الشرع، ولكنه من المباحات، بشرط عدم اعتقاد سنيته، وألا يكون فيه من الخروج عن هدي النبي صلى الله عليه وسلم مما يفعل في كثير من الاحتفالات، وفي الاحتفال بذكرى المولد تذكير بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم. يقول المستشار فيصل مولوي نائب رئيس المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث: إن ذلك جائز شرعاً ولو لم يكن له أصل بمعنى أنّه لم يحتفل به الصحابة والتابعون ولا تابعو التابعين من أهل الفقه في الدين وهم خير القرون. ولكن لما جهل كثير من المسلمين صفات الرسول (صلَى الله عليه وسلَم) وحياته، وكيف كان يعيش حياة البساطة والتواضع والرحمة والشفقة، وأصبحت محبة الرسول (صلَى الله عليه وسلَم) في قلوب الكثيرين محبة سطحية، جمع أحد سلاطين المسلمين العلماء وطلب من أحدهم أن يؤلف كتاباً يتناول حياة الرسول منذ الولادة إلى الوفاة وذكر أخلاقه الطيبة العطرة، وأقام لذلك احتفالاً مهيباً وصار الاحتفال بالمولد ذكرى استحبها كثير من العلماء وبقيت حتى يومنا هذا. إلاّ أنّه لا بدّ من القول: إنّ هذا الاحتفال ليس نوعا من العبادات التي يشرّعها الله ، ولكنّه من أنواع العادات والأعراف التي يخترعها النّاس، ثمّ يأتي الشّرع بإباحتها إذا لم يكن فيها حرام، أو بمنعها إذا اشتملت على محرّمات. وبما أن ذكرى المولد في الأصل تذكير بسيرة الرّسول (صلَى الله عليه وسلَم) وأخلاقه فهي مباحة وفيها من الأجر إن شاء الله ما لا يخفى. لكن يجب الحذر ممّا ورد في بعض كتب الموالد من انحرافات وشطحات تصل إلى حدّ الكفر أحياناً. فهذه حرام ولو كانت في غير ذكرى المولد. وإذا اقترنت بها الاحتفالات تصبح حراماً أيضاً. ويقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي هناك لون من الاحتفال يمكن أن نقره ونعتبره نافعا ًللمسلمين،ونحن نعلم أن الصحابة رضوان الله عليهم لم يكونوا يحتفلون بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا بالهجرة النبوية ولا بغزوة بدر، لماذا؟ لأن هذه الأشياء عاشوها بالفعل، وكانوا يحيون مع الرسول صلى الله عليه وسلم، كان الرسول صلى الله عليه وسلم حياً في ضمائرهم، لم يغب عن وعيهم، كان سعد بن أبي وقاص يقول: كنا نروي أبناءنا مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نحفِّظهم السورة من القرآن، بأن يحكوا للأولاد ماذا حدث في غزوة بدر وفي غزوة أحد، وفي غزوة الخندق وفي غزوة خيبر، فكانوا يحكون لهم ماذا حدث في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يكونوا إذن في حاجة إلى تذكّر هذه الأشياء. ثم جاء عصر نسي الناس هذه الأحداث وأصبحت غائبة عن وعيهم، وغائبة عن عقولهم وضمائرهم، فاحتاج الناس إلى إحياء هذه المعاني التي ماتت والتذكير بهذه المآثر التي نُسيت، صحيح اتُخِذت بعض البدع في هذه الأشياء ولكنني أقول إننا نحتفل بأن نذكر الناس بحقائق السيرة النبوية وحقائق الرسالة المحمدية، فعندما أحتفل بمولد الرسول فأنا أحتفل بمولد الرسالة، فأنا أذكِّر الناس برسالة رسول الله وبسيرة رسول الله. وفي الهجرة أذكِّر الناس بهذا الحدث العظيم وبما يُستفاد به من دروس، لأربط الناس بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر) لنضحي كما ضحى الصحابة، كما ضحى علِيّ حينما وضع نفسه موضع النبي صلى الله عليه وسلم، كما ضحت أسماء وهي تصعد إلى جبل ثور، هذا الجبل الشاق كل يوم، لنخطط كما خطط النبي للهجرة، لنتوكل على الله كما توكل على الله حينما قال له أبو بكر: والله يا رسول الله لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا، فقال: "يا أبا بكر ما ظنك في اثنين الله ثالثهما، لا تحزن إن الله معنا". نحن في حاجة إلى هذه الدروس فهذا النوع من الاحتفال تذكير الناس بهذه المعاني، أعتقد أن وراءه ثمرة إيجابية هي ربط المسلمين بالإسلام وربطهم بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم ليأخذوا منه الأسوة والقدوة، أما الأشياء التي تخرج عن هذا فليست من الاحتفال ؛ ولا نقر أحدًا عليها . والله أعلم . |
#9
|
|||
|
|||
"نص السؤال:
هل المولد حرام؟ إذا لم يكن حرام فما هو حكم رقص بعض الشباب في المولد؟ أرجو أدلة من القرآن أو من الحديث الشريف؟ نص الفتوى: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله: الاحتفال بالمولد النبوي الشريف جائز إذا انتفت المحرمات التي تصاحب هذا الاحتفال، وقد جاء في كتاب فضيلة الشيخ سعيد حوى ( أحد العلماء والدعاة المعاصرين بسوريا ) التفصيل في هذه المسألة. مما استحدث خلال العصور الاحتفال بيوم ميلاد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتوضع حول هذا الموضوع عادات تختلف باختلاف البلدان، وقد تحدث ابن الحاج في مدخله عن كثير مما أنكره من عادات توضعت حول المولد، ووجدت بسبب من ذلك وبسبب من غيره ردود فعل كثيرة حول هذا الموضوع فمن محرم ومن مدافع، وقد رأينا أن لابن تيمية رحمه الله رأيا في غاية الإنصاف، فهو يرى أن أصل الاجتماع على المولد مما لم يفعله السلف ولكن الاجتماع على ذلك يحقق مقاصد شرعية. والذي نقوله: أن يعتمد شهر المولد كمناسبة يذكر بها المسلمون بسيرة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وشمائله، فذلك لا حرج، وأن يعتمد شهر المولد كشهر تهيج فيه عواطف المحبة نحو رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فذلك لا حرج فيه، وأن يعتمد شهر المولد كشهر يكثر فيه الحديث عن شريعة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فذلك لا حرج فيه. وأن مما ألف في بعض الجهات أن يكون الاجتماع على محاضرة وشعر أو إنشاد في مسجد أو في بيت بمناسبة شهر المولد، فذلك مما لا أرى حرجا على شرط أن يكون المعني الذي قال صحيحا. إن أصل الاجتماع على صفحة من السيرة أو على قصيدة في مدح رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ جائز ونرجو أن يكون أهله مأجورين، فأن يخصص للسيرة شهر يتحدث عنها فيه بلغة الشعر والحب فلا حرج. ألا ترى لو أن مدرسة فيها طلاب خصصت لكل نوع من أنواع الثقافة شهرا بعينه فهل هي آثمة، ما نظن أن الأمر يخرج عن ذلك - بعض أقوال العلماء في الاحتفال بالمولد: 1ـ رأي ابن الحاج ـ رحمه الله ـ في الاحتفال: من المعروف أن ابن الحاج في مدخله كان من أشد الناس حربا على البدع، ولقد اشتد رحمه الله بمناسبة الكلام عن المولد على ما أحدثوه فيه من أعمال لا تجوز شرعا من مثل استعمال لآلات الطرب، ثم قال: فآلة الطرب والسماع أي نسبة بينهما وبين تعظيم هذا الشهر الكريم الذي من الله تعالى علينا فيه بسيد الأولين والآخرين. فكان يجب أن يزاد فيه من العبادات والخير، شكرا للمولى سبحانه وتعالى على ما أولانا من هذه النعم العظيمة، وإن كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يزد فيه على غيره من الشهور شيئا من العبادات، وما ذاك إلا لرحمته ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأمته ورفقه بهم، لأنه عليه الصلاة والسلام كان يترك العمل خشية أن يفرض على أمته رحمة منه بهم، كما وصفه المولى سبحانه وتعالى في كتابه حيث قال: (بالمؤمنين رؤوف رحيم) لكن أشار عليه الصلاة والسلام إلى فضيلة هذا الشهر العظيم بقوله عليه الصلاة والسلام للسائل الذي سأله عن صوم يوم الإثنين، فقال له عليه الصلاة والسلام: (ذلك يوم ولدت فيه) فتشريف هذا اليوم متضمن لتشريف هذا الشهر الذي ولد فيه. فينبغي أن نحترمه حق الاحترام، ونفضله بما فضل الله به الأشهر الفاضلة، وهذا منها لقوله عليه الصلاة والسلام: "أنا سيد ولد آدم ولا فخر" ولقوله عليه الصلاة والسلام: "آدم ومن دونه تحت لوائي". وفضيلة الأزمنة والأمكنة تكون بما خصها الله تعالى به من العبادات التي تفعل فيها لما قد علم أن الأمكنة والأزمنة لا تتشرف لذاتها، وإنما يحصل لها الشرف بما خصت به من المعاني. فانظر رحمنا الله وإياك إلى ما خص الله تعالى به هذا الشهر الشريف ويوم الإثنين، ألا ترى أن صوم هذا اليوم فيه فضل عظيم، لأنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولد فيه، فعلى هذا ينبغي إذا دخل هذا الشهر الكريم أن يكرم ويعظم ويحترم الاحترام اللائق به وذلك بالاتباع له ـ صلى الله عليه وسلم ـ في كونه عليه الصلاة والسلام كان يخص الأوقات الفاضلة بزيادة فعل البر فيها وكثرة الخيرات. ألا ترى إلى ما رواه البخاري ـ رحمه الله تعالى: "كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان" فنتمثل تعظيم الأوقات الفاضلة بما امتثله عليه الصلاة والسلام على قدر استطاعتنا. 2ـ رأي ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في الاحتفال: معروفة شدة ابن تيمية وتشدده، ومع ذلك كان كلامه لينا في قضية المولد ومن كلامه في كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم": (وكذلك ما يحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام، وإما محبة للنبي وتعظيما له، والله قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد لا على البدع، وأكثر هؤلاء الناس الذين تجدونهم حرصاء على أمثال هذه البدع، مع ما لهم فيها من حسن المقصد والاجتهاد الذي يرجى لهم به المثوبة، تجدونهم فاترين في أمر الرسول عما أمروا بالنشاط فيه. واعلم أن من الأعمال ما يكون فيه خير لاشتماله على أنواع من المشروع، وفيه أيضا شر من بدعة وغيرها، فيكون ذلك العمل شرا بالنسبة إلى الإعراض عن الدين بالكلية، كحال المنافقين والفاسقين.. فتعظيم المولد واتخاذه موسما قد يفعله بعض الناس، ويكون له فيه أجر عظيم، لحسن قصده، وتعظيمه لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه يحسن من بعض الناس ما يستقبح من المؤمن المسدد، ولهذا قيل للإمام أحمد عن أحد الأمراء أنه أنفق على مصحف ألف دينار ونحو ذلك، فقال: دعه فهذا أفضل ما أنفق فيه الذهب، أو كما قال. 3ـ رأي السيوطي ـ رحمه الله ـ في الاحتفال: وللسيوطي في كتابه "الحاوي للفتاوى " رسالة مطولة أسماها: "حسن المقصد في عمل المولد" وهذه بعض فقراتها: عندي أن أصل عمل المولد الذي هو اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن ورواية الأخبار الواردة في مبدأ أمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وما وقع في مولده من الآيات ثم يمد لهم سماط يأكلونه، وينصرفون من غير زيادة على ذلك هو من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها لما فيها من تعظيم قدر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف. وروى البيهقي بإسناده في مناقب الشافعي عن الشافعي قال: المحدثات من الأمور ضربان، أحدهما: ما أحدث مما يخالف كتابا أو سنة، أو أثرا أو إجماعا فهذه البدعة الضلالة، والثاني: ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا، وهذه محدثة غير مذمومة وقد قال عمر رضي الله عنه في قيام شهر رمضان نعمت البدعة هذه، يعني أنها محدثة لم تكن، وإذا كانت فليس فيها رد لما مضى هذا آخر كلام الشافعي. وهو أي المولد وما يكون فيه من طعام من الإحسان الذي لم يعهد في العصر الأول، فإن إطعام الطعام الخالي عن اقتراف الآثام إحسان فهو من البدع المندوبة كما في عبارة ابن عبد السلام. وقد سئل شيخ الإسلام حافظ العصر أبو الفضل أحمد بن حجر عن عمل المولد فأجاب بما نصه: أصل عمل المولد بدعة لم تنقل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة، ولكنها مع ذلك قد اشتملت على محاسن وضدها، فمن تحرى في عملها المحاسن وتجنب ضدها كان بدعة حسنة وإلا فلا، قال: وقد ظهر لي تخريجها على أصل ثابت وهو ما ثبت في الصحيحين من أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم فقالوا: "يوم أغرق الله فيه فرعون ونجى موسى فنحن نصومه شكرا لله تعالى" فيستفاد منه فعل الشكر لله على ما من به في يوم معين من إسداء نعم، أو دفع نقمة، ويعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة، والشكر لله يحصل بأنواع العبادة كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة، وأي نعمة أعظم من النعمة ببروز هذا النبي نبي الرحمة في ذلك اليوم وعلى هذا فينبغي أن يتحرى اليوم بعينه حتى يطابق قصة موسى في يوم عاشوراء ومن لم يلاحظ ذلك لا يبالي بعمل المولد في أي يوم من الشهر، بل توسع قوم فنقلوه إلى يوم من السنة وفيه ما فيه، فهذا ما يتعلق بأصل عمله. وأما ما يعمل فيه: فينبغي أن يقتصر فيه على ما يفهم الشكر لله تعالى من نحو ما تقدم ذكره من التلاوة والإطعام والصدقة وإنشاد شيء من المدائح النبوية والزهد المحركة للقلوب إلى فعل الخير والعمل للآخر، وأما ما تبع ذلك من السماع واللهو وغير ذلك فينبغي أن يقال ما كان من ذلك مباحا، بحيث يقتضي السرور بذلك اليوم ولا بأس بإلحاقه به، وكما كان حراما أو مكروها فيمنعه وكذا ما كان خلفا الأولى. انتهى. قال السيوطي تعليقا على كلام ابن حجر: ـ (وقد ظهر لي تخريجه على أصل آخر وهو ما أخرجه البيهقي عن أنس أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عق عن نفسه بعد النبوة، مع أنه قد ورد أن جده عبد المطلب عق عنه في سابع يوم لولادته، والعقيقة لا تعاد مرة ثانية، فيحمل ذلك على أن الذي فعله النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إظهار للشكر على إيجاد الله إياه رحمة للعالمين، وتشريع لأمته كما كان يصلى على نفسه لذلك، فيستحب لنا أيضا إظهار الشكر بمولده بالاجتماع وإطعام الطعام ونحو ذلك من وجوه القربات وإظهار المسرات، ثم رأيت إمام القراء الحافظ شمس الدين ابن الجزري قال في كتابه المسمى عرف التعريف بالمولد الشريف ما نصه: قد رؤي أبو لهب بعد موته فقيل له ما حالك؟. قال في النار إلا أنه يخفف عني كلي ليلة إثنين وأمص من بين أصبعي ماء بقدر هذا وأشار لرأس أصبعه وإن ذلك بإعتاقي لثويبة عندما بشرتني بولادة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبإرضاعها له، فإذا كان أبو لهب الكافر الذي نزل القرآن بذمه جوزي في النار بفرحة ليلة مولد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ به ، فما حال المسلم الموحد من أمة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يسر بمولده ويبذل ما تصل إليه قدرته في محبته ـ صلى الله عليه وسلم ـ لعمري إنما يكون جزاؤه من الله الكريم أن يدخله بفضله جنات النعيم. انتهي ملخصا من كتاب السيرة بلغة الحب والشعر للشيخ سعيد حوى رحمه الله والله أعلم". |
#10
|
|||
|
|||
المــــولــد النبــوي تـاريخـــه حكمــــه أقــوال العلمـــاء فيــه رسالة " حكم الاحتفال بالمولد النبوي " الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. إلى عموم إخواننا المسلمين في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: فلتعلم أخي المسلم أن الله تعالى قد أكمل الدين وأتم الرسالة، كما قال سبحانه: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا )، وأن الله قد ختم الشرائع ببعثة رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي لم يترك أمر خيرٍ إلا دلَّ الأمة عليه، ولا أمر شرٍ إلا حذرها منه وأمر بطاعته واتباع هديه فقال: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) , وقال تعالى : (وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ), وقال صلى الله عليه وسلم : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ). [رواه البخاري, ومسلم] . وفي رواية لمسلم: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد). ولتعلم أن الله قد افترض علينا محبة نبيه صلى الله عليه وسلم فلا يقوم إيمان العبد حتى يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من نفسه وماله وولده والناس أجمعين، فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فوالذي نفسي بيده لايؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده وولده والناس أجمعين) رواه البخاري ، ومن لوازم محبته طاعته واتباع هديه وعدم الخروج على شرعه بأي وجه كان. وقد بين العلماء قديماً وحديثاً أن الاحتفال بمناسبة مولد الرسول صلى الله عليه وسلم بدعة محدثة لم تكن من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا من سنة خلفائه، ومن فعل شيئاً يتقرب به إلى الله تعالى لم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يأمر به، ولم يفعله خلفاؤه من بعده، فقد تضمن فعلُه ذلك اتهامَ الرسول بأنه لم يبين للناس دينهم ، وتضمن تكذيبَ قوله تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ). وإذا كان البعض ينازع في بدعية المولد؛ فإن القاعدة الشرعية تقتضي رد ما تنازع فيه الناس إلى كتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، كما قال الله عز وجل: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) وقال تعالى: ( وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ) . وقد رددنا هذه المسألة إلى كتاب الله سبحانه، فوجدناه يأمرنا باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به، ويحذرنا عما نهى عنه، ويخبرنا بأن الله سبحانه قد أكمل لهذه الأمة دينها، وليس هذا الاحتفال مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فيكون ليس من الدين الذي أكمله الله لنا، وأمرنا باتباع الرسول فيه. أخي المسلم: إن ذكرى الرسول صلى الله عليه وسلم تتجدد مع المسلم في كل أوقاته، ويرتبط بها كلما ذُكر اسمه صلى الله عليه وسلم في الأذان والإقامة والخطبة، وكلما ردد المسلم الشهادتين بعد الوضوء وفي الصلوات، وكلما صلى على النبي صلى الله عليه وسلم في صلواته وعند ذكره، وكلما عمل المسلم عملاً صالحاً واجباً أو مستحباً مما شرعه الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه بذلك يتذكره.. وهكذا المسلم دائماً يحيي ذكرى الرسول صلى الله عليه وسلم ويرتبط به في الليل والنهار طوال عمره بما شرعه الله ، لا في يوم المولد فقط ، ولا بما هو بدعة ومخالفة لسنته ، فإن البدعة تبعدك أخي المسلم عن الرسول صلى الله عليه وسلم. والرسول صلى الله عليه وسلم غني عن هذا الاحتفال البدعي بما شرعه الله له من تعظيمه وتوقيره كما في قوله تعالى : (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ) ، فلا يذكر الله عز وجل في أذان ولا إقامة ولا خطبة إلا ويذكر بعده الرسول صلى الله عليه وسلم وكفى بذلك تعظيماً ومحبة وتجديداً لذكراه وحثاً على اتباعه. اللهم اجعلنا من اتباع دينك ظاهراً وباطناً ، اللهم اجعل حبّك وحبّ نبيك أحب إلينا من أنفسنا وأهلينا والناس أجمعين، اللهم ارزقنا اتباع هدي رسولك الأمين صلى الله عليه وسلم واجعلنا من ورثة جنة النعيم ،،، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه. هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمدينة المنورة- 8/3/1424هـ حكم الاحتفال بالمولد
الشيخ محمد بن عثيمين ـ رحمه الله ـ سئل فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله كما في " فتاوى الشيخ محمد الصالح العثيمين " إعداد وترتيب أشرف عبد المقصود ( 1 / 126 ) : ما الحكم الشرعي في الاحتفال بالمولد النبوي ؟ فأجاب فضيلته : ( نرى أنه لا يتم إيمان عبد حتى يحب الرسول صلى الله عليه وسلم ويعظمه بما ينبغي أن يعظمه فيه ، وبما هو لائق في حقه صلى الله عليه وسلم ولا ريب أن بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام ولا أقول مولده بل بعثته لأنه لم يكن رسولاً إلا حين بعث كما قال أهل العلم نُبىءَ بإقرأ وأُرسل بالمدثر ، لا ريب أن بعثته عليه الصلاة والسلام خير للإنسانية عامة ، كما قال تعالى : ( قل يأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورَسُولِهِ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) ( الأعراف : 158 ) ، وإذا كان كذلك فإن من تعظيمه وتوقيره والتأدب معه واتخاذه إماماً ومتبوعاً ألا نتجاوز ما شرعه لنا من العبادات لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفى ولم يدع لأمته خيراً إلا دلهم عليه وأمرهم به ولا شراً إلا بينه وحذرهم منه وعلى هذا فليس من حقنا ونحن نؤمن به إماماً متبوعاً أن نتقدم بين يديه بالاحتفال بمولده أو بمبعثه ، والاحتفال يعني الفرح والسرور وإظهار التعظيم وكل هذا من العبادات المقربة إلى الله ، فلا يجوز أن نشرع من العبادات إلا ما شرعه الله ورسوله وعليه فالاحتفال به يعتبر من البدعة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " كل بدعة ضلالة " قال هذه الكلمة العامة ، وهو صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بما يقول ، وأفصح الناس بما ينطق ، وأنصح الناس فيما يرشد إليه ، وهذا الأمر لا شك فيه ، لم يستثن النبي صلى الله عليه وسلم من البدع شيئاً لا يكون ضلالة ، ومعلوم أن الضلالة خلاف الهدى ، ولهذا روى النسائي آخر الحديث : " وكل ضلالة في النار " ولو كان الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم من الأمور المحبوبة إلى الله ورسوله لكانت مشروعة ، ولو كانت مشروعة لكانت محفوظة ، لأن الله تعالى تكفل بحفظ شريعته ، ولو كانت محفوظة ما تركها الخلفاء الراشدون والصحابة والتابعون لهم بإحسان وتابعوهم ، فلما لم يفعلوا شيئاً من ذل علم أنه ليس من دين الله ، والذي أنصح به إخواننا المسلمين عامة أن يتجنبوا مثل هذه الأمور التي لم يتبن لهم مشروعيتها لا في كتاب الله ، ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولا في عمل الصحابة رضي الله عنهم ، وأن يعتنوا بما هو بيّن ظاهر من الشريعة ، من الفرائض والسنن المعلومة ، وفيها كفاية وصلاح للفرد وصلاح للمجتمع . وإذا تأملت أحوال هؤلاء المولعين بمثل هذه البدع وجدت أن عندهم فتوراً عن كثير من السنن بل في كثير من الواجبات والمفروضات ، هذا بقطع النظر عما بهذه الاحتفالات من الغلو بالنبي صلى الله عليه وسلم المودي إلى الشرك الأكبر المخرج عن الملة الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه يحارب الناس عليه ، ويستبيح دماءهم وأموالهم وذراريهم ، فإننا نسمع أنه يلقى في هذه الاحتفالات من القصائد ما يخرج عن الملة قطعاً كما يرددون قول البوصيري : يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حدوث الحادث العمم إن لم تكن آخذاً يوم المعاد يدي صفحاً وإلا فقل يا زلة القدم فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم مثل هذه الأوصاف لا تصح إلا لله عز وجل ، وأنا أعجب لمن يتكلم بهذا الكلام إن كان يعقل معناه كيف يسوغ لنفسه أن يقول مخاطباً النبي عليه الصلاة والسلام : ( فإن من جودك الدنيا وضرتها ) ومن للتبعيض والدنيا هي الدنيا وضرتها هي الآخرة ، فإذا كانت الدنيا والآخرة من جود الرسول عليه الصلاة والسلام ، وليس كل جوده ، فما الذي بقي لله عز وجل ، ما بقي لله عز وجل ، ما بقي له شيء من الممكن لا في الدنيا ولا في الآخرة . وكذلك قوله : ( ومن علومك علم اللوح والقلم ) ومن : هذه للتبعيض ولا أدري ماذا يبقى لله تعالى من العلم إذا خاطبنا الرسول عليه الصلاة والسلام بهذا الخطاب . ورويدك يا أخي المسلم .. إن كنت تتقي الله عز وجل فأنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلته التي أنزله الله .. أنه عبد الله ورسوله فقل هو عبدالله ورسوله ، واعتقد فيه ما أمره ربه أن يبلغه إلى الناس عامة : ( قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي ) ( الأنعام : 50 ) ، وما أمره الله به في قوله : ( قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً ) ( الجن : 21 ) ، وزيادة على ذلك : ( قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحداً ) ( الجن : 22 ) ، حتى النبي عليه الصلاة والسلام لو أراد الله به شيئاً لا أحد يجيره من الله سبحانه وتعالى . فالحاصل أن هذه الأعياد أو الاحتفالات بمولد الرسول عليه الصلاة والسلام لا تقتصر على مجرد كونها بدعة محدثة في الدين بل هي يضاف إليها شئ من المنكرات مما يؤدي إلى الشرك . وكذلك مما سمعناه أنه يحصل فيها اختلاط بين الرجال والنساء ، ويحصل فيها تصفيق ودف وغير ذلك من المنكرات التي لا يمتري في إنكارها مؤمن ، ونحن في غِنَى بما شرعه الله لنا ورسوله ففيه صلاح القلوب والبلاد والعباد ) " فتاوى الشيخ محمد الصالح العثيمين " إعداد وترتيب أشرف عبد المقصود ( 1 / 126 ) حكم الاحتفال بالمولد النبوي وحضوره الشيخ الإمام عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله س 148 يقول السائل: ما حكم المولد النبوي؟ وما حكم الذي يحضره؟ وهل يعذب فاعله إذا مات وهو على هذه الصورة؟ الجواب: المولد لم يرد في الشرع ما يدل على الاحتفال به؛ لا مولد النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره، فالذي نعلم من الشرع المطهر وقرره المحققون من أهل العلم أن الاحتفالات بالموالد بدعة لا شك في ذلك، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أنصح الناس وأعلمهم بشرع الله، والمبلغ عن الله لم يحتفل بمولده صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، لا خلفاؤه الراشدون، ولا غيرهم، فلو كان حقا وخيرا وسنة لبادروا إليه ولما تركه النبي صلى الله عليه وسلم ولعلمه أمته أو فعله بنفسه ولفعله أصحابه، وخلفاؤه رضي الله عنهم، فلما تركوا ذلك علمنا يقينا أنه ليس من الشرع، وهكذا القرون المفضلة لم تفعل ذلك، فاتضح بذلك أنه بدعة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد وقال عليه الصلاة والسلام: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد في أحاديث أخرى تدل على ذلك. وبهذا يعلم أن الاحتفالات بالمولد النبوي في ربيع الأول أو في غيره، وكذا الاحتفالات بالموالد الأخرى كالبدوي والحسين وغير ذلك؛ كلها من البدع المنكرة، التي يجب على أهل الإسلام تركها، وقد عوضهم الله بعيدين عظيمين: عيد الفطر وعيد الأضحى ففيهما الكفاية عن إحداث أعياد واحتفالات منكرة مبتدعة. وليس حب النبي صلى الله عليه وسلم يكون بالموالد وإقامتها، وإنما حبه صلى الله عليه وسلم يقتضي اتباعه والتمسك بشريعته، والذبِّ عنها، والدعوة إليها، والاستقامة عليها، هذا هو الحب الصادق كما قال الله عز وجل: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران: 31]، فحب الله ورسوله ليس بالموالد ولا بالبدع. ولكن حب الله ورسوله يكون بطاعة الله ورسوله وبالاستقامة على شريعة الله، وبالجهاد في سبيل الله، وبالدعوة إلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وتعظيمها والذب عنها، والإنكار على من خالفها، هكذا يكون حب الله سبحانه وحب الرسول صلى الله عليه وسلم ويكون بالتأسي به؛ بأقواله وأعماله، والسير على منهاجه عليه الصلاة والسلام، والدعوة إلى ذلك، هذا هو الحب الصادق الذي يدل عليه العمل الشرعي، والعمل الموافق لشرعه. وأما كونه يعذب أو لا يعذب هذا شيء آخر، هذا إلى الله جل وعلا، فالبدع والمعاصي من أسباب العذاب، لكن قد يعذب الإنسان بسبب معصيته وقد يعفو الله عنه؛ إما لجهله، وإما لأنه قلد من فعل ذلك ظنا منه أنه مصيب، أو لأعمال صالحة قدمها صارت سببا لعفو الله أو لشفاعة الشفعاء من الأنبياء والمؤمنين أو الأفراط. فالحاصل أن المعاصي والبدع من أسباب العذاب، وصاحبها تحت مشيئة الله جل وعلا إذا لم تكن بدعته مكفرة، أما إذا كانت بدعته مكفرة من الشرك الأكبر فصاحبها مخلد في النار -والعياذ بالله-، لكن هذه البدعة إذا لم يكن فيها شرك أكبر وإنما هي صلوات مبتدعة، واحتفالات مبتدعة، ليس فيها شرك، فهذه تحت مشيئة الله كالمعاصي، لقول الله سبحانه في سورة النساء: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وأما الأشخاص الذين يجعلون لأنفسهم عيدا لميلادهم فعملهم منكر وبدعة كما تقدم، وهكذا إحداث أعياد لأمهاتهم أو لآبائهم أو مشايخهم كله بدعة يجب تركه والحذر منه. وأما ما أحدثه الفاطميون المعروفون، فإن ذلك كان في مصر والمغرب في القرن الرابع والخامس، وقد أحدثوا موالد للرسول صلى الله عليه وسلم، وللحسن والحسين، وللسيدة فاطمة، ولحاكمهم، ثم وقع بعد ذلك الاحتفال بالموالد بعدهم من الشيعة وغيرهم، وهي بدعة بلا شك، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو المعلم المرشد، وأصحابه أفضل الناس بعد الأنبياء، وقد بلغ البلاغ المبين، ولم يحتفل بمولده عليه الصلاة والسلام، ولا أرشد إلى ذلك، ولا احتفل به أصحابه أفضل الناس، وأحب الناس للنبي صلى الله عليه وسلم، ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة الثلاثة. فعلم أنه بدعة، ووسيلة إلى الشرك والغلو في الأنبياء وفي الصالحين، فإنهم قد يعظمونهم بالغلو والمدائح التي فيها الشرك بالله، الشرك الأكبر، كوصفهم لهم بأنهم يعلمون الغيب، أو أنهم يدعون من دون الله، أو يستغاث بهم، وما أشبه ذلك، فيقعون في هذا الاحتفال في أنواع من الشرك وهم لا يشعرون، أو قد يشعرون. فالواجب ترك ذلك، وليس الاحتفال بالمولد دليلا على حب المحتفلين بالنبي صلى الله عليه وسلم وعلى اتباعهم له، وإنما الدليل والبرهان على ذلك هو اتباعهم لما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام، هذا هو الدليل على حب الله ورسوله الحب الصادق، كما قال عز وجل: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [آل عمران: 31]. فمن كان يحب الله ورسوله فعليه باتباع الحق، بأداء أوامر الله، وترك محارم الله، والوقوف عند حدود الله، والمسارعة إلى مراضي الله، والحذر من كل ما يغضب الله عز وجل، هذا هو الدليل، وهذا هو البرهان، وهذا هو ما كان عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان. أما الاحتفال بالموالد للنبي صلى الله عليه وسلم، أو للشيخ عبد القادر الجيلاني، أو للبدوي، أو لفلان وفلان، فكله بدعة وكله منكر يجب تركه، لأن الخير في اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم واتباع أصحابه والسلف الصالح، والشر في الابتداع والاختراع ومخالفة ما عليه السلف الصالح، هذا هو الذي يجب وهذا هو الذي نفتي به، وهذا هو الحق الذي عليه سلف الأمة ولا عبرة لمن خالف ذلك وتأول ذلك، فإنما هدم الدين في كثير من البلدان، والتبس أمره على الناس بسبب التأويل والتساهل، وإظهار البدع، وإماتة السنة، ولا حول ولا قوة إلا بالله - والله المستعان. |
#11
|
|||
|
|||
الإمام ابن تيمية لم يستحسن الاحتفال بالمولد النبوي. الأخ (أ.م.م) من الكويت يقول في سؤاله: ذكر أحد العلماء أن الإمام ابن تيمية رحمه الله يستحسن الاحتفال بذكرى المولد النبوي فهل هذا صحيح يا سماحة الشيخ؟ الاحتفال بالمولد النبوي على صاحبه أفضل الصلاة وأزكى التسليم بدعة لا تجوز في أصح قولي العلماء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله، وهكذا خلفاؤه الراشدون، وصحابته جميعاً رضي الله عنهم، وهكذا العلماء وولاة الأمور في القرون الثلاثة المفضلة، وإنما حدث بعد ذلك بسبب الشيعة ومن قلدهم، فلا يجوز فعله ولا تقليد من فعله. والشيخ تقي الدين أحمد بن تيمية رحمه الله ممن ينكر ذلك ويرى أنه بدعة. ولكنه في كتابه (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم) ذكر في حق من فعله جاهلاً، ولا ينبغي لأحد أن يغتر بمن فعله من الناس أو حبذ فعله أو دعا إليه، كمحمد علوي مالكي وغيره؛ لأن الحجة ليست في أقوال الرجال وإنما الحجة فيما قال الله سبحانه أو قاله رسوله صلى الله عليه وسلم أو أجمع عليه سلف الأمة، لقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا[1]، وقوله سبحانه: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ[2] الآية، وقوله سبحانه: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا[3]، وهو عليه الصلاة والسلام لم يفعل ذلك، وقد بلغ البلاغ المبين بأقواله وأفعاله صلى الله عليه وسلم، وأصحابه رضي الله عنهم لم يفعلوا ذلك، ولو كان خيراً لسبقونا إليه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) متفق على صحته، وقال عليه الصلاة والسلام ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) أخرجه مسلم في صحيحه، وكان صلى الله عليه وسلم يقول في خطبه: ((أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة)) أخرجه مسلم في صحيحه. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة وقد كتبت في ذلك كتابة مطولة بعض الطول، وفي بدع أخرى كبدع الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج، وليلة النصف من شعبان، وقد طبعت كلها في كتيب بعنوان (التحذير من البدع) وهو يوزع من دار الإفتاء ومن وزارة الشئون الإسلامية، وهو موجود في كتابي بعنوان (مجموع فتاوى ومقالات) في المجلد الأول ص227 فمن أحب أن يراجع ذلك فليفعل. ونسأل الله أن يوفقنا وجميع المسلمين لمعرفة الحق واتباعه، وأن يعيذنا جميعاً من البدع والمنكرات ما ظهر منها وما بطن، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه. [1] سورة النساء الآية 59. [2] سورة الشورى الآية 10. [3] سورة الأحزاب الآية 21. من ضمن أسئلة موجهة من المجلة العربية بإملاء سماحته في 29/ 5/ 1417 هـ - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء التاسع. |
#12
|
|||
|
|||
حكم الاحتفال بالمولد النبوي. يقول السائل: ما حكم المولد النبوي؟ وما حكم الذي يحضره؟ وهل يعذب فاعله إذا مات وهو على هذه الصورة؟المولد لم يرد في الشرع ما يدل على الاحتفال به، لا مولد النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره، فالذي نعلم من الشرع المطهر وقرره المحققون من أهل العلم أن الاحتفالات بالموالد بدعة لا شك في ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أنصح الناس وأعلمهم بشرع الله، والمبلغ عن الله لم يحتفل بمولده صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، ولا خلفاؤه الراشدون، ولا غيرهم، فلو كان حقاً وخيراً وسنة لبادروا إليه، ولما تركه النبي صلى الله عليه وسلم، ولعَلَّمه أمته، أو فعله بنفسه، ولفعله أصحابه، وخلفاؤه رضي الله عنهم، فلما تركوا ذلك عَلِمْنا يقيناً أنه ليس من الشرع، وهكذا القرون المفضلة لم تفعل ذلك، فاتضح بذلك أنه بدعة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: ((من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد))وقال عليه الصلاة والسلام: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد))، في أحاديث أخرى تدل على ذلك. وبهذا يعلم أن الاحتفالات بالمولد النبوي في ربيع الأول أو في غيره، وكذا الاحتفالات بالموالد الأخرى كالبدوي والحسين وغير ذلك، كلها من البدع المنكرة التي يجب على أهل الإسلام تركها، وقد عوضهم الله بعيدين عظيمين: عيد الفطر، وعيد الأضحى، ففيهما الكفاية عن إحداث أعياد واحتفالات منكرة مبتدعة. وليس حب النبي صلى الله عليه وسلم يكون بالموالد وإقامتها، وإنما حبه صلى الله عليه وسلم يقتضي اتباعه والتمسك بشريعته، والذب عنها، والدعوة إليها، والاستقامة عليها، هذا هو الحب الصادق، كما قال الله عز وجل: قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ[1]، فحب الله ورسوله ليس بالموالد ولا بالبدع. ولكن حب الله ورسوله يكون بطاعة الله ورسوله وبالاستقامة على شريعة الله، وبالجهاد في سبيل الله، وبالدعوة إلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وتعظيمها والذب عنها، والإنكار على من خالفها، هكذا يكون حب الله سبحانه وحب الرسول صلى الله عليه وسلم، ويكون بالتأسي به، بأقواله وأعماله، والسير على منهاجه عليه الصلاة والسلام، والدعوة إلى ذلك، هذا هو الحب الصادق الذي يدل عليه العمل الشرعي، والعمل الموافق لشرعه. وأما كونه يعذب أو لا يعذب هذا شيء آخر، هذا إلى الله جل وعلا، فالبدع والمعاصي من أسباب العذاب، لكن قد يعذب الإنسان بسبب معصيته وقد يعفو الله عنه؛ إما لجهله، وإما لأنه قلد من فعل ذلك ظناً منه أنه مصيب، أو لأعمال صالحة قدمها صارت سبباً لعفو الله أو لشفاعة الشفعاء من الأنبياء والمؤمنين أو الأفراط. فالحاصل: أن المعاصي والبدع من أسباب العذاب، وصاحبها تحت مشيئة الله جل وعلا إذا لم تكن بدعته مكفرة، أما إذا كانت بدعته مكفرة من الشرك الأكبر فصاحبها مخلد في النار - والعياذ بالله -، لكن هذه البدعة إذا لم يكن فيها شرك أكبر وإنما هي صلوات مبتدعة، واحتفالات مبتدعة، وليس فيها شرك، فهذه تحت مشيئة الله كالمعاصي؛ لقول الله سبحانه في سورة النساء: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء[2]. وأما الأشخاص الذين يجعلون لأنفسهم عيداً لميلادهم فعملهم منكر وبدعة كما تقدم. وهكذا إحداث أعياد لأمهاتهم أو لآبائهم أو مشايخهم، كله بدعة يجب تركه والحذر منه. وأما ما أحدثه الفاطميون المعروفون، فإن ذلك كان في مصر والمغرب في القرن الرابع والخامس. وقد أحدثوا موالد للرسول صلى الله عليه وسلم، وللحسن والحسين، وللسيدة فاطمة، ولحاكمهم، ثم وقع بعد ذلك الاحتفالات بالموالد بعدهم من الشيعة وغيرهم، وهي بدعة بلا شك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو المعلم المرشد، وأصحابه أفضل الناس بعد الأنبياء، وقد بلغ البلاغ المبين، ولم يحتفل بمولده عليه الصلاة والسلام، ولا أرشد إلى ذلك، ولا احتفل به أصحابه أفضل الناس، وأحب الناس للنبي صلى الله عليه وسلم، ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة الثلاثة. فعلم أنه بدعة، ووسيلة إلى الشرك والغلو في الأنبياء وفي الصالحين، فإنهم قد يعظمونهم بالغلو والمدائح التي فيها الشرك بالله، الشرك الأكبر، كوصفهم لهم بأنهم يعلمون الغيب، أو أنهم يدعون من دون الله، أو يستغاث بهم، وما أشبه ذلك. فيقعون في هذا الاحتفال في أنواع من الشرك وهم لا يشعرون، أو قد يشعرون. فالواجب ترك ذلك، وليس الاحتفالات بالمولد دليلاً على حب المحتفلين بالنبي صلى الله عليه وسلم وعلى اتباعهم له، وإنما الدليل والبرهان على ذلك هو اتباعهم لما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام، هذا هو الدليل على حب الله ورسوله الحب الصادق، كما قال عز وجل: قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ[3]. فمن كان يحب الله ورسوله فعليه باتباع الحق، بأداء أوامر الله، وترك محارم الله، والوقوف عند حدود الله، والمسارعة إلى مراضي الله، والحذر من كل ما يغضب الله عز وجل، هذا هو الدليل، وهذا هو البرهان، وهذا هو ما كان عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان. أما الاحتفال بالموالد للنبي صلى الله عليه وسلم، أو للشيخ عبد القادر الجيلاني، أو للبدوي، أو لفلان وفلان فكله بدعة، وكله منكر يجب تركه؛ لأن الخير في اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم واتباع أصحابه والسلف الصالح، والشر في الابتداع والاختراع ومخالفة ما عليه السلف الصالح، هذا هو الذي يجب وهذا هو الذي نفتي به، وهذا هو الحق الذي عليه سلف الأمة، ولا عبرة لمن خالف ذلك وتأول ذلك، فإنما هُدم الدين في كثير من البلدان، والتبس أمره على الناس بسبب التأويل والتساهل، وإظهار البدع، وإماتة السنة، ولا حول ولا قوة إلا بالله، والله المستعان. [1] آل عمران: 31. [2] النساء: 48. [3] آل عمران: 31. فتاوى نور على الدرب الجزء الأول
|
#13
|
|||
|
|||
حكم الاحتفال بالمولد النبوي وغيره من المولد. الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه . في يوم الخميس الموافق 18 / 3 / 1378 هـ اطلعت على مقال محمد أمين يحيى نشرته صحيفة الأضواء في عددها الصادر يوم الثلاثاء الموافق 16 / 3 / 78هـ ، ذكر فيه الكاتب المذكور أن المسلمين في كافة أقطار الأرض يحتفلون بيوم المولد النبوي على صاحبه أفضل الصلاة وأكمل التسليم بشتى أنواع الاحتفالات وأنه يجب علينا قبل غيرنا أفرادا وجماعات أن نحتفل به احتفالا عظيما ، وعلى الصحف أن تهتم به وتدبج به المقالات ، وعلى الإذاعة أن تهتم بذلك وتعد البرامج الخاصة لهذه المناسبة الذكرى الخالدة ، هذا ملخص المقال المذكور .
وقد عجبت كثيرا من جرأة هذا الكاتب على الدعاية - بهذا المقال الصريح - إلى بدعة منكرة تخالف ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام والسلف الصالح التابعون لهم بإحسان في بلاد إسلامية تحكم شرع الله وتحارب البدع ، ولواجب النصح لله ولكتابه ولرسوله وللمسلمين رأيت أن أكتب كلمة على هذا المقال تنبيها للكاتب وغيره على ما تقتضيه الشريعة الكاملة حول الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم فأقول : لا ريب أن الله سبحانه بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق ، وهما العلم النافع والعمل الصالح ، ولم يقبضه إليه حتى أكمل له ولأمته الدين وأتم عليهم النعمة كما قال سبحانه وتعالى : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا[1] فأبان سبحانه بهذه الآية الكريمة أن الدين قد كمل والنعمة قد أتمت ، فمن رام أن يحدث حدثا يزعم أنه مشروع وأنه ينبغي للناس أن يهتموا به ويعملوا به فلازم قوله إن الدين ليس بكامل بل هو محتاج إلى مزيد وتكميل ، ولا شك أن ذلك باطل ، بل من أعظم الفرية على الله سبحانه والمصادمة لهذه الآية الكريمة. ولو كان الاحتفال بيوم المولد النبوي مشروعا لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته؛ لأنه أنصح الناس ، وليس بعده نبي يبين ما سكت عنه من حقه؛ لأنه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ، وقد أبان للناس ما يجب له من الحق كمحبته واتباع شريعته ، والصلاة والسلام عليه وغير ذلك من حقوقه الموضحة في الكتاب والسنة ، ولم يذكر لأمته أن الاحتفال بيوم مولده أمر مشروع حتى يعملوا بذلك ولم يفعله صلى الله عليه وسلم طيلة حياته ، ثم الصحابة رضي الله عنهم أحب الناس له وأعلمهم بحقوقه لم يحتفلوا بهذا اليوم ، لا الخلفاء الراشدون ولا غيرهم ، ثم التابعون لهم بإحسان في القرون الثلاثة المفضلة لم يحتفلوا بهذا اليوم . أفتظن أن هؤلاء كلهم جهلوا حقه أو قصروا فيه حتى جاء المتأخرون فأبانوا هذا النقص وكملوا هذا الحق ؟ لا والله ، ولن يقول هذا عاقل يعرف حال الصحابة وأتباعهم بإحسان . وإذا علمت أيها القارئ الكريم أن الاحتفال بيوم المولد النبوي لم يكن موجودا في عهده صلى الله عليه وسلم ولا في عهد أصحابه الكرام ولا في عهد أتباعهم في الصدر الأول ، ولا كان معروفا عندهم - علمت أنه بدعة محدثة في الدين ، لا يجوز فعلها ولا إقرارها ولا الدعوة إليها ، بل يجب إنكارها والتحذير منها عملا بقوله صلى الله عليه وسلم في خطبته يوم الجمعة : ((خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة)) وقوله صلى الله عليه وسلم : ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة)) وقوله عليه الصلاة والسلام : ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) وفي لفظ : ((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)) والأحاديث في هذا المعنى كثيرة . ومعلوم عند كل من له أدنى مسكة من علم وبصيرة أن تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم لا يكون بالبدع كالاحتفال بيوم المولد ، وإنما يكون بمحبته واتباع شريعته وتعظيمها والدعوة إليها ومحاربة ما خالفها من البدع والأهواء ، كما قال تعالى : قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ[2] وقال سبحانه : وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا[3] وفي الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى)) قيل : يا رسول الله : ومن يأبى ؟ قال : ((من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى)) خرجه البخاري في صحيحه . وتعظيمه صلى الله عليه وسلم لا ينبغي أن يكون في وقت دون آخر ، ولا في السنة مرة واحدة ، بل هذا العمل نوع من الهجران ، وإنما الواجب أن يعظم صلى الله عليه وسلم كل وقت بتعظيم سنته والعمل بها والدعوة إليها والتحذير من خلافها ، وببيان ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الأعمال الصالحة والأخلاق الزاكية والنصح لله ولعباده وبالإكثار من الصلاة والسلام عليه وترغيب الناس في ذلك وتحريضهم عليه ، فهذا هو التعظيم الذي شرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم للأمة ووعدهم الله عليه الخير الكثير والأجر الجزيل والعزة في الدنيا والسعادة الأبدية في الآخرة . وليس ما ذكرته هنا خاصا بمولد النبي صلى الله عليه وسلم ، بل الحكم عام في سائر الموالد التي أحدثها الناس ، وقد قامت الأدلة على أن الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم بدعة منكرة ولا يجوز إقرارها فغيره من الناس أولى بأن يكون الاحتفال بمولده بدعة ، فالواجب على العلماء وولاة أمر المسلمين في سائر الأقطار الإسلامية أن يوضحوا للناس هذه البدعة وغيرها من البدع ، وأن ينكروها على من فعلها ، وأن يمنعوا من إقامتها نصحا لله ولعباده ، وأن يبينوا لمن تحت أيديهم من المسلمين أن تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء والصالحين إنما يكون باتباع سبيلهم والسير على منهاجهم الصالح ودعوة الناس إلى ما شرعه الله ورسوله وتحذيرهم مما خالف ذلك ، وقد نص العلماء المعروفون بالتحقيق والتعظيم للسنة على إنكار هذه الموالد والتحذير منها ، وصرحوا بأنها بدع منكرة لا أصل لها في الشرع المطهر ولا يجوز إقرارها . فالواجب على من نصح نفسه أن يتقي الله سبحانه في كل أموره وأن يحاسب نفسه فيما يأتي ويذر وأن يقف عند حدود الله التي حدها لعباده ، وأن لا يحدث في دينه ما لم يأذن به الله. فقد أكمل الله الدين وأتم النعمة ، وتوفي الرسول صلى الله عليه وسلم وقد ترك أمته على المحجة البيضاء التي لا يزيغ عنها إلا هالك . والله المسئول أن يهدينا وسائر المسلمين صراطه المستقيم ، وأن يعصمنا وإياهم من البدع والأهواء ، وأن يمن على الجميع بالتمسك بالسنة وتعظيمها والعمل بها والدعوة إليها والتحذير مما خالفها ، وأن يوفق ولاة أمر المسلمين وعلماءهم لأداء ما يجب عليهم من نصر الحق وإزالة أسباب الشر وإنكار البدع والقضاء عليها إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . ................ [1] - سورة المائدة الآية 3. [2] - سورة آل عمران الآية 31. [3] - سورة الحشر الآية 7. |
#14
|
|||
|
|||
حكم الاحتفال بالمولد النبوي. هل يجوز الاحتفال بالمولد النبوي؟ قد سبق منا جوابات كثيرة في هذا، في هذا البرنامج وفي غيره، وكتبنا في ذلك كتابات كثيرة فهذا الاحتفال بدعة، الاحتفال بالموالد بدعة عند أهل العلم عند أهل التحقيق بدعة، بمولد النبي-صلى الله عليه وسلم –وغيره, فلا يجوز الاحتفال بالموالد، لا بمولده - صلى الله عليه وسلم -, ولا بغيره من الأنبياء والأخيار, فما يفعله الناس بمولد النبي - صلى الله عليه وسلم -, أو البدوي أو الشيخ عبد القادر, أو الحسن, أو الحسين, أو غيرهم كله بدعة لا يجوز فعله, والواجب الترضي عنهم, واتباع طريقهم الطيب, والإكثار من الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -, واتباع سبيله, والحث على سنته, وتعليم دنيه, والقيام بحقه, وطاعة أمره, وترك نهيه, والسير على منهاجه - صلى الله عليه وسلم -, هذا هو الواجب على المؤمن، قال- تعالى-: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي(آل عمران: من الآية31), ما قال فاتخذوا مولدا لي واحتفلوا بي، قال: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ(آل عمران: من الآية31)، فعلامة المحبة إتباعه, وطاعة أوامره, وترك نواهيه, أما إقامة الموالد, والبدع التي ما أنزل الله بها من سلطان فهذا لا يجوز, بل هو من وسائل الشرك, فكثير من هؤلاء الذين يتخذون الموالد يقعون في الشرك, في دعاء النبي, والاستغاثة به, وبعضهم يقع في البدعة كالتوسل بجاهه, وبحقه, فهذا لا يجوز، أما التوسل بمحبته, والإيمان به لا بأس، اللهم إني أسألك محبة نبيك, والإيمان بنبيك أن تغفر لي هذا لا بأس به، أما التوسل بجاه النبي, أو بحق النبي هذا بدعة ما عليه دليل، فهو من البدع، والتوسل بمحبته, والإيمان به, والسير على مناهجه هذا توسل شرعي، فالمقصود أن الاحتفال بالموالد من البدع سواء كان مولد النبي-صلى الله عليه وسلم-, أو مولد غيره من الأنبياء, أو الصالحين, أو الصحابة أو غيرهم كلهم لا يجوز, وهكذا الاحتفال بليلة النصف من شعبان, أو بليلة السابع والعشرين من رجب يسمونها ليلة الإسراء والمعراج هذه بدعة, أو الاحتفال بأول ليلة من رجب أول جمعة من رجب، يسمونها صلاة الرغائب بدعة, فالمقصود أن الاحتفال الذي ما شرعه الله نتقرب به إلى الله هذا من البدع، ما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - ، النبي-صلى الله عليه وسلم - هو أصدق الناس وأنصح الناس, علم الأمة كل خير، ودعاها إلى كل خير، ولم يحتفل بمولده في حياته- صلى الله عليه وسلم -مكث في المدينة عشر سنين وهو رئيس المؤمنين وأميرهم ليس له معارض ولم يحتفل بمولده- عليه الصلاة والسلام- ثم الصديق بعده, ثم عمر, ثم عثمان, ثم علي, ثم الخلفاء بعدهم ما احتفلوا بالمولد ولو كان خيراً لسبقونا إليه، فجميع القرون المفضلة ليس فيها احتفال بالموالد إنما أحدثه الرافضة في القرن الرابع،بني عبيد القداح الفاطميون، ثم تابعهم بعض المسلمين جهلاً منهم وعدم بصيرة. سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن بازـ رحمه الله ـ. |
#15
|
|||
|
|||
في الاحتفال بالمولد النبوي. لقد سمعت منكم مؤخرا بأن المولد النبوي الشريف من المنكر والبدع، وأود أن أقول وأسال هنا: إن في المولد النبوي الشريف يجتمع الناس على الأخوة والتقوى وقراءة شيء من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وقراءة شيء من الشعر الذي قيل قديماً، إما يمدح الإسلام والرسول العظيم، وهذا كل ما يحدث، وليس في ذلك ما يعارض الشريعة الإسلامية، أرجو توضيح ذلك؟ ولكم كل تقديري واحترامي ورعاكم الله وسدد خطاكم وجعلكم ذخراً للإسلام والمسلمين لا ريب أن الاحتفال بالمولد النبوي على صاحبه أفضل الصلاة والسلام قد يقع فيه شيء من مما ذكره السائل بالنسبة إلى أهل العلم وأهل المـ...، ولكن ينبغي أن يعلم أننا عبيد مأمورون لا مُشرِّعون، علينا أن نمتثل أمر الله وعلينا أن نمتثل شريعة الله، وليس لنا أن نبتدع في ديننا ما لم يأذن به الله، علينا أن نعلم هذا جيداً، الله سبحانه يقول: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ.. (21) سورة الشورى، ويقول المصطفى عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح الذي رواه الشيخان عن عائشة رضي الله عنها: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد). يعني هو مردود على من أحدثه، وفي لفظٍ آخر عند مسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد). وجاء في هذا المعنى أحاديث كثيرة تدل على تحريم البدع، وأن البدع هي محدثات في الدين، وكان النبي عليه الصلاة والسلام يقول في خطبته: (أما بعـد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعةٍ ضلالة)، وتعلمون أيها المستمعون من أهل العلم أن الرسول عليه الصلاة والسلام عاش بعد النبوة ثلاث وعشرون سنة، ولم يحتفل بمولده عليه الصلاة والسلام، ولم يقل للناس احتفلوا بالمولد بدراسة السيرة أو بغير ذلك، ولا سيما بعد الهجرة فإنها وقت التشريع، كمال التشريع، فمات صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئاً من ذلك، وأما حديث أنه سئل عن صوم يوم الاثنين فقال: (ذلك يوم ولدت فيه وبعثت فيه)، هذا لا يدل على ... الموالد كما يظن بعض الناس، وإنما يدل على فضل يوم الاثنين وأنه يوم شريف، لأنه أوحي إلى النبي فيه، ولأنه ولد فيه عليه الصلاة والسلام، ولأنه يوم تعرض فيه الأعمال على الله عز وجل، فإذا أصابه الإنسان ما فيه من المزايا فهذا حسن، أما أن يزيد شيئاً غير ذلك هذا ما شرعه الله، إنما قال النبي: (ذاك يوم ولدت فيه) لبيان فضل صومه، ولما سئل في حديثٍ آخر عن صوم الاثنين والخميس أعرض عن الولادة وقال في يوم الخميس والاثنين: (فإنهما يومان تعرض فيه الأعمال على الله وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم)، وسكت عما يتعلق بالمولد، فعلم بذلك أن كونه يوم المولد جزء من أسباب استحباب صومه مع كونه تعرض فيه الأعمال على الله، وكونه أنزل عليه الوحي فيه، فهذا لا يدل على الاحتفال بالموالد، ولكن يدل على فضل صيام يوم الاثنين وأنه يصام لهذه الأمور، لكونه ولد فيه النبي صلى الله عليه وسلم، ولكونه أنزل عليه الوحي فيه، ولأنه تعرض فيه الأعمال على الله عز وجل. لو كان الاحتفال بمولده عليه الصلاة والسلام أمراً مشروعاً ومرغوباً فيه، لما سكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم وهو المبلغ عن الله، وهو أنصح الناس، ولا يجوز الظن به أنه يسكت عن أمرٍ ينفع الأمة وينفعه عليه الصلاة والسلام، وهو في الله عز وجل، وهو أنصح الناس وهو ليس بغاش للأمة، وليس بخائن ولا كاذب، فقد بلغ البلاغ المبين عليه الصلاة والسلام وأدى الأمانة ونصح الأمة، وكل شيء لم يكن في وقته مشروعاً فلا يكون بعد وقته مشروعاً، فالتشريع من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أوحى الله إليه جل وعلا، وصحابته يبلغون عنه، ويحملون عنه ما بلغهم به، فهو لم يبلغ الناس بأن الاحتفال بمولده مطلوب لا فعلاً ولا قولاً، وصحابته ما فعلوا ذلك، ولا أرشدوا إليه، لا بأفعالهم ولا بأقوالهم، وهم أحب الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهم أعلم الناس بالسنة، وهم أفقه الناس، وهم أحرص الناس على كل خير، فلم يفعلوه، ثم التابعون لهم كذلك، ثم أتباع التابعين حتى مضت القرون المفضلة، فكيف يجوز لنا أن نحدث شيئاً ما فعله هؤلاء الأخيار؟ ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أرشد إليه، ولا فعله الصحابة رضي الله عنهم، ولا أتباعهم بإحسانٍ من القرون من المفضلة، وإنما أحدثه بعض الشيعة، بعض الرافضة، أحدثه أول من أحدثه شيعة أبي عبيد القداح، شيعة الفاطميين، الذين قال فيهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (إن ظاهرهم الرفض المحض وباطنهم الكفر المحض)، ظاهرهم الرفض، هم الفاطميون الذين ملكوا المغرب ومصر والشام على رأس المائة الثالثة وما بعدها، إلى القرن الخامس وأول السادس. فالمقصود أن هؤلاء هم الذين أحدثوا الأعياد الاحتفال بالموالد، كما ذكر جماعة من المؤرخين، أحدثوا ذلك في المائة الرابعة، ثم جاء بعدهم من أحدث هذه الأشياء، أحدثوها لمولد النبي صلى الله عليه وسلم وللحسن والحسين وفاطمة وحاكمهم، فالمقصود أنهم هم أول من أحدث هذه الموالد، فكيف يتأسى بهم المؤمن في بدعةٍ أحدثها الرافضة؟! هذا من البلاء العظيم. ثم أمر آخر: وهو أنه قد يقع في هذه الاحتفالات في بعض الأحيان وفي بعض البلدان شرور كثيرة، قد يقع فيها من الشرك بالله والغلو في النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه من دون الله والاستغاثة وبمدحه بما لا يليق إلا بالله كما في البردة فإن صاحب البردة قال فيها: يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العممِ إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي فضلاً وإلا فقل يا زلة القدمِ لولاك لم تخلق الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم فأي شيءٍ أبقى هذا لله عز وجل؟! هذا غلو عظيم، وكثير من الناس يأتون بهذه القصيدة في احتفالاتهم وفي اجتماعاتهم وهي قصيدة خطيرة فيها هذا الشرك العظيم. المقصود أن كثيراً من الاحتفالات في بعض البلدان يقع فيها شرك أكبر، مثل الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم، الغلو في مدحه، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله)، ويقع فيها بعض الأحيان أيضاً منكرات أخرى من شرب الخمور ومن الفواحش والزنا، ومن اختلاط الرجال بالنساء، هذا يقع في بعض الأحيان، وقد أخبرني بهذا من لا نتهم، وإن كانت بعض الاحتفالات سليمة من هذا. والحاصل أنه بدعة مطلقة حتى ولو كان على أحسن حالة، لو كان ما فيه إلا مجرد قراءة السيرة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فهو بدعة بهذه الطريقة، أن يحتفل به في أيام مولده من ربيع الأول على طريقةٍ خاصة كل سنة، أو في يوم يتكرر، يعتاد مثل الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، هذا يكون بدعة، لأنه ليس في ديننا هذا الشيء، وأعيادنا عيدان، عيد النحر، وعيد الفطر، وأيام النحر، ويوم عرفة، هذه أعياد المسلمين، فليس لنا أن نحدث شيئاً ما شرعه الله عز وجل، وإذا أراد الناس أن يدرسوا سيرته فيدرسوها بغير هذه الطريقة، يدرسوها في المساجد، وفي المدارس، سيرة النبي صلى الله عليه وسلم مطلوبة، مطلوب دراستها والتفقه فيها، في المدارس، في المعاهد، في الكليات، في البيوت، في كل مكان، لكن بغير هذه الطريقة، بغير طريقة الاحتفال بالمولد، هذا شيء وهذا شيء، فيجب على أهل العلم التنبه لهذا الأمر، وعلى طالب العلم أن يتنبه لهذا الأمر، وعلى محب الخير أن يتنبه لهذا الأمر، فإن السنة خير وسلامة، والبدعة كلها شر وبلاء، نسأل الله للجميع العافية والهدى ولا حول ولا قوة إلا بالله. سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن بازـ رحمه الله ـ. |
#16
|
|||
|
|||
الاحتفال بالمولد النبوي. ما حكم الإسلام في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، الاحتفال بالمولد تكلم فيه العلماء وأوضحوا حكمه، وبينوا أن الاحتفال بالموالد بدعة لا أساس له في الشرع، وقد كتبنا في هذا كتابات منذ سنوات كثيرة، وبينا أن الاحتفال بالمولد من البدع التي أحدثها الناس، وأول من أحدثها فيما ذكرها بعض المؤرخين هم الفاطميون الشيعة الرافضة المعروفون حكام مصر والمغرب في الفئة الرابعة والخامسة، وأول ما أحدثها في الفئة الرابعة أحدثوا احتفالاً بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وبمولد فاطمة والحسين والحسن، وبمولد حاكمهم، ثم تتابع الناس في ذلك، وأحدثها جماعة من المسلمين في كثير من الدول الإسلامية تقليداً لمن قبلهم، وإلا فالنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يفعل ذلك ولم يأمر به، وهكذا أصحابه - رضي الله عنهم - والخلفاء الراشدون لم يفعلوه، وهكذا بقية أصحابه - رضي الله عنه - لم يفعلوه، وهكذا أصحاب القرون المفضلة القرن الثاني والثالث لم يفعلوه، وإنما حدث في القرن الرابع كما تقدم، والذين أحدثوه هم الشيعة هم الرافضة ليسوا بالقدوة في هذا ولا في غيره فالذي ينبغي للمؤمن أن يتأسى بأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأن يسير على نهجهم في عدم إحداث البدع، ومن ذلك المولد، فإنه ليس له أصل في الشرع، وحب النبي - صلى الله عليه وسلم - وتذكر سنته أمر مطلوب دائماً، فينبغي للمسلمين دائماً أن يذكروا - صلى الله عليه وسلم - وأن يتبعوا سنته ويعظموها ويشجعوا عليها ويدعوا إليها في كل وقت في دروسهم وفي خطبهم وفي مجالسهم وفي معاهدهم وفي غير ذلك هكذا شرع الله لهم - سبحانه وتعالى -، وقد رفع الله ذكره وشرع للعباد إتباع سنته وتعظيم أمره، ونهيه -عليه الصلاة والسلام- فهو ينادى بذكره في كل يوم خمس مرات في الأذان وفي الإقامة أشهد أن محمداً رسول الله، والمسلمون يصلون عليه ويشهدون له بالرسالة في كل صلاة مرتين في الظهر والعصر والمغرب والعشاء مرتين التشهد الأول والتشهد الأخير وفي الفجر وفي الجمعة كذلك في صلواتهم النافلة يشهدون أنه لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فهو - صلى الله عليه وسلم - مذكور بين المسلمين في صلواتهم وفي أذانهم وفي إقامتهم وفي غير ذلك، فليس بمنسي حتى يحيا له مولد ومذكور دائماً -عليه الصلاة والسلام-، فالواجب على المسلمين أن يتبعوا سنته، وأن يعظموا أمره ونهيه، وأن يكتفوا بما شرع وأن يحذروا البدع، فقد قال -عليه الصلاة والسلام-: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد). وقال -عليه الصلاة والسلام-: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد). يعني مردود. وكان يقول في خطبة يوم الجمعة عليه الصلاة والسلام: (أما بعد.. فإن أفضل الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة). ويقول في الحديث: (إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعوة ضلالة). فالاحتفال بالموالد كلها من البدع، ومن جملة ذلك مولده- عليه الصلاة والسلام-. فينبغي للأمة أن يتركوا هذه البدع، وأن يجتهدوا في اتباع سنته، وتعظيم وأمره ونهيه، وأن يسارعوا إلى ما جاء به-عليه الصلاة والسلام- من الهدى، وأن يبتعدوا عما نهى عنه من الباطل، هكذا يكون حب النبي- صلى الله عليه وسلم -، وهكذا يكون تعظيمه، وهكذا يكون ذكره الذي ينفع العبد في الدنيا والآخرة، لا بالبدع والخرافات، وقد نبه جماعة من أهل العلم على هذه البدع كالشاطبي، وشيخ ابن تيمية، وجماعة آخرين، نبهوا على هذه البدع، وبينوا أنها خطأ، وأنها محدثة، فينبغي للمسلمين دائماً ترك البدع والحذر منها، والتواصي بأحياء السنة، والاستقامة عليها، واتباعها، والحذر من ما خالفها- نسأل الله للجميع التوفيق والهداية-. سماحة الشيخ في ختام.... سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن بازـ رحمه الله ـ. |
#17
|
|||
|
|||
بارك الله فى جهودك اخى الكريم
جزاك الله خير ينقل للقسم العام
__________________
قال أيوب السختياني رحمه الله: من أحب أبابكر فقد أقام الدين، ومن أحب عمر فقد أوضح السبيل، ومن أحب عثمان فقد استنار بنور الله، ومن أحب علياً فقد استمسك بالعروة الوثقى، ومن قال الحسنى في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فقد برئ من النفاق. [align=center][/align] |
#18
|
|||
|
|||
ما حكم الاحتفال بالمولد النبوي. أحييكم بتحية الإسلام, وسؤالي هو كالآتي: إخواني في الإسلام! سؤالي هو: أن أحد الأشخاص قال لي في المولد النبوي الشريف: يعتبر هذا غير وارد في ديننا, فهل هذا صحيح أم لا، أنا أقول له: بأن هذا يوم عظيم، ويجب أن نحتفل فيه, فما هو رأي الشرع -في نظركم- الاحتفال بالمولد النبوي غير مشروع؛ بل هو بدعه لم يفعله النبي-صلى الله وعليه وسلم- ولا أصحابه, وهكذا الموالد الأخرى لعلي, أو الحسين, أو لعبد القادر الجيلاني أو لغيرهم، الاحتفال بالموالد بدعة غير مشروعة، والرسول- صلى الله وعليه وسلم- هو الداعي إلى كل خير، وهو المعلم المرشد للأمة، ومن بعثه الله بشيراً ونذيراً وسراجاً منيراً يدعو إلى كل خير، وقال الله في حقه: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً (سـبأ:28), وقال في حقه: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً*وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً (الأحزاب:45-46)، وقال-تعالى-: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً(لأعراف: من الآية158), ولم يرشد أمته إلى الاحتفال, ولم يحتفل في حياته بمولده, ولا فعله الصديق, ولا عمر, ولا عثمان, ولا علي ولا غيرهم من الصحابة، ولا في القرون المفضلة في القرن الأول, والثاني, والثالث، وإنما أحدثه الرافضة ثم تابعهم بعض المنتسبين إلى للسنة، والرسول-صلى الله وعليه وسلم-قال: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد), وقال-عليه الصلاة والسلام-: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد), وكان يقول في خطبته-عليه الصلاة والسلام-: (خير الحديث كتاب الله, وخير الهدي هدي محمد-صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعه ظلاله), فالراجح والصواب عدم شرعية الاحتفال بالمولد بمولد النبي- صلى الله عليه وسلم- وغيره، والله-جل وعلا-إنما نفع الأمة وهداها ببعثته ما هو بالمولد، إنما نفع الله الأمة وأرشدها وأخرجها من الظلمات إلى النور ببعثته-صلى الله عليه وسلم- والوحي إليه، لما بعثه الله على رأس أربعين سنه وصار نبياً رسولا فنفع الله به الأمة، وأنقذ به الأمة من جهلها وضلالها لا بل المولد، نسأل الله أن- يصلي عليه ويسلم عليه-صلاة وسلاماً دائمين، المقصود أن الراجح هو أن الاحتفال بالمولد بدعة ولا يجوز فعله، وإن فعله كثير من الناس الآن، فالبدع لا ترجع سنة بفعل الناس، البدع بدع وإن فعلها كثير من الناس، ولكن المشروع للمسلمين العناية بأحاديثه وسيرته والسير على منهاجه، وتدريس سنته في المدارس وفي المساجد، تعليم الناس لسنته ودينه في المسجد, في المدرسة, في أي احتفال في الإذاعة حتى يتعلم الناس دينهم, وحتى يسترشدوا بما بينه لهم -عليه الصلاة والسلام-هذا هو المشروع، أما الاحتفال بمولده في ربيع الأول من كل سنة, بالأكل, والشرب, والذبائح, والخطب فهذا لا أصل له، وهذا من البدع ووسيلة للشرك، كثير من هؤلاء المحتفلين يقع منهم الشرك والغلو في النبي- عليه الصلاة والسلام- مع البدعة –نسأل الله السلامة والعافية-. سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن بازـ رحمه الله ـ. |
#19
|
|||
|
|||
"نص السؤال:
هل المولد حرام؟ إذا لم يكن حرام فما هو حكم رقص بعض الشباب في المولد؟ أرجو أدلة من القرآن أو من الحديث الشريف؟ نص الفتوى: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله: الاحتفال بالمولد النبوي الشريف جائز إذا انتفت المحرمات التي تصاحب هذا الاحتفال، وقد جاء في كتاب فضيلة الشيخ سعيد حوى ( أحد العلماء والدعاة المعاصرين بسوريا ) التفصيل في هذه المسألة. مما استحدث خلال العصور الاحتفال بيوم ميلاد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتوضع حول هذا الموضوع عادات تختلف باختلاف البلدان، وقد تحدث ابن الحاج في مدخله عن كثير مما أنكره من عادات توضعت حول المولد، ووجدت بسبب من ذلك وبسبب من غيره ردود فعل كثيرة حول هذا الموضوع فمن محرم ومن مدافع، وقد رأينا أن لابن تيمية رحمه الله رأيا في غاية الإنصاف، فهو يرى أن أصل الاجتماع على المولد مما لم يفعله السلف ولكن الاجتماع على ذلك يحقق مقاصد شرعية. والذي نقوله: أن يعتمد شهر المولد كمناسبة يذكر بها المسلمون بسيرة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وشمائله، فذلك لا حرج، وأن يعتمد شهر المولد كشهر تهيج فيه عواطف المحبة نحو رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فذلك لا حرج فيه، وأن يعتمد شهر المولد كشهر يكثر فيه الحديث عن شريعة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فذلك لا حرج فيه. وأن مما ألف في بعض الجهات أن يكون الاجتماع على محاضرة وشعر أو إنشاد في مسجد أو في بيت بمناسبة شهر المولد، فذلك مما لا أرى حرجا على شرط أن يكون المعني الذي قال صحيحا. إن أصل الاجتماع على صفحة من السيرة أو على قصيدة في مدح رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ جائز ونرجو أن يكون أهله مأجورين، فأن يخصص للسيرة شهر يتحدث عنها فيه بلغة الشعر والحب فلا حرج. ألا ترى لو أن مدرسة فيها طلاب خصصت لكل نوع من أنواع الثقافة شهرا بعينه فهل هي آثمة، ما نظن أن الأمر يخرج عن ذلك - بعض أقوال العلماء في الاحتفال بالمولد: 1ـ رأي ابن الحاج ـ رحمه الله ـ في الاحتفال: من المعروف أن ابن الحاج في مدخله كان من أشد الناس حربا على البدع، ولقد اشتد رحمه الله بمناسبة الكلام عن المولد على ما أحدثوه فيه من أعمال لا تجوز شرعا من مثل استعمال لآلات الطرب، ثم قال: فآلة الطرب والسماع أي نسبة بينهما وبين تعظيم هذا الشهر الكريم الذي من الله تعالى علينا فيه بسيد الأولين والآخرين. فكان يجب أن يزاد فيه من العبادات والخير، شكرا للمولى سبحانه وتعالى على ما أولانا من هذه النعم العظيمة، وإن كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يزد فيه على غيره من الشهور شيئا من العبادات، وما ذاك إلا لرحمته ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأمته ورفقه بهم، لأنه عليه الصلاة والسلام كان يترك العمل خشية أن يفرض على أمته رحمة منه بهم، كما وصفه المولى سبحانه وتعالى في كتابه حيث قال: (بالمؤمنين رؤوف رحيم) لكن أشار عليه الصلاة والسلام إلى فضيلة هذا الشهر العظيم بقوله عليه الصلاة والسلام للسائل الذي سأله عن صوم يوم الإثنين، فقال له عليه الصلاة والسلام: (ذلك يوم ولدت فيه) فتشريف هذا اليوم متضمن لتشريف هذا الشهر الذي ولد فيه. فينبغي أن نحترمه حق الاحترام، ونفضله بما فضل الله به الأشهر الفاضلة، وهذا منها لقوله عليه الصلاة والسلام: "أنا سيد ولد آدم ولا فخر" ولقوله عليه الصلاة والسلام: "آدم ومن دونه تحت لوائي". وفضيلة الأزمنة والأمكنة تكون بما خصها الله تعالى به من العبادات التي تفعل فيها لما قد علم أن الأمكنة والأزمنة لا تتشرف لذاتها، وإنما يحصل لها الشرف بما خصت به من المعاني. فانظر رحمنا الله وإياك إلى ما خص الله تعالى به هذا الشهر الشريف ويوم الإثنين، ألا ترى أن صوم هذا اليوم فيه فضل عظيم، لأنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولد فيه، فعلى هذا ينبغي إذا دخل هذا الشهر الكريم أن يكرم ويعظم ويحترم الاحترام اللائق به وذلك بالاتباع له ـ صلى الله عليه وسلم ـ في كونه عليه الصلاة والسلام كان يخص الأوقات الفاضلة بزيادة فعل البر فيها وكثرة الخيرات. ألا ترى إلى ما رواه البخاري ـ رحمه الله تعالى: "كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان" فنتمثل تعظيم الأوقات الفاضلة بما امتثله عليه الصلاة والسلام على قدر استطاعتنا. 2ـ رأي ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في الاحتفال: معروفة شدة ابن تيمية وتشدده، ومع ذلك كان كلامه لينا في قضية المولد ومن كلامه في كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم": (وكذلك ما يحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام، وإما محبة للنبي وتعظيما له، والله قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد لا على البدع، وأكثر هؤلاء الناس الذين تجدونهم حرصاء على أمثال هذه البدع، مع ما لهم فيها من حسن المقصد والاجتهاد الذي يرجى لهم به المثوبة، تجدونهم فاترين في أمر الرسول عما أمروا بالنشاط فيه. واعلم أن من الأعمال ما يكون فيه خير لاشتماله على أنواع من المشروع، وفيه أيضا شر من بدعة وغيرها، فيكون ذلك العمل شرا بالنسبة إلى الإعراض عن الدين بالكلية، كحال المنافقين والفاسقين.. فتعظيم المولد واتخاذه موسما قد يفعله بعض الناس، ويكون له فيه أجر عظيم، لحسن قصده، وتعظيمه لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه يحسن من بعض الناس ما يستقبح من المؤمن المسدد، ولهذا قيل للإمام أحمد عن أحد الأمراء أنه أنفق على مصحف ألف دينار ونحو ذلك، فقال: دعه فهذا أفضل ما أنفق فيه الذهب، أو كما قال. 3ـ رأي السيوطي ـ رحمه الله ـ في الاحتفال: وللسيوطي في كتابه "الحاوي للفتاوى " رسالة مطولة أسماها: "حسن المقصد في عمل المولد" وهذه بعض فقراتها: عندي أن أصل عمل المولد الذي هو اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن ورواية الأخبار الواردة في مبدأ أمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وما وقع في مولده من الآيات ثم يمد لهم سماط يأكلونه، وينصرفون من غير زيادة على ذلك هو من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها لما فيها من تعظيم قدر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف. وروى البيهقي بإسناده في مناقب الشافعي عن الشافعي قال: المحدثات من الأمور ضربان، أحدهما: ما أحدث مما يخالف كتابا أو سنة، أو أثرا أو إجماعا فهذه البدعة الضلالة، والثاني: ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا، وهذه محدثة غير مذمومة وقد قال عمر رضي الله عنه في قيام شهر رمضان نعمت البدعة هذه، يعني أنها محدثة لم تكن، وإذا كانت فليس فيها رد لما مضى هذا آخر كلام الشافعي. وهو أي المولد وما يكون فيه من طعام من الإحسان الذي لم يعهد في العصر الأول، فإن إطعام الطعام الخالي عن اقتراف الآثام إحسان فهو من البدع المندوبة كما في عبارة ابن عبد السلام. وقد سئل شيخ الإسلام حافظ العصر أبو الفضل أحمد بن حجر عن عمل المولد فأجاب بما نصه: أصل عمل المولد بدعة لم تنقل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة، ولكنها مع ذلك قد اشتملت على محاسن وضدها، فمن تحرى في عملها المحاسن وتجنب ضدها كان بدعة حسنة وإلا فلا، قال: وقد ظهر لي تخريجها على أصل ثابت وهو ما ثبت في الصحيحين من أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم فقالوا: "يوم أغرق الله فيه فرعون ونجى موسى فنحن نصومه شكرا لله تعالى" فيستفاد منه فعل الشكر لله على ما من به في يوم معين من إسداء نعم، أو دفع نقمة، ويعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة، والشكر لله يحصل بأنواع العبادة كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة، وأي نعمة أعظم من النعمة ببروز هذا النبي نبي الرحمة في ذلك اليوم وعلى هذا فينبغي أن يتحرى اليوم بعينه حتى يطابق قصة موسى في يوم عاشوراء ومن لم يلاحظ ذلك لا يبالي بعمل المولد في أي يوم من الشهر، بل توسع قوم فنقلوه إلى يوم من السنة وفيه ما فيه، فهذا ما يتعلق بأصل عمله. وأما ما يعمل فيه: فينبغي أن يقتصر فيه على ما يفهم الشكر لله تعالى من نحو ما تقدم ذكره من التلاوة والإطعام والصدقة وإنشاد شيء من المدائح النبوية والزهد المحركة للقلوب إلى فعل الخير والعمل للآخر، وأما ما تبع ذلك من السماع واللهو وغير ذلك فينبغي أن يقال ما كان من ذلك مباحا، بحيث يقتضي السرور بذلك اليوم ولا بأس بإلحاقه به، وكما كان حراما أو مكروها فيمنعه وكذا ما كان خلفا الأولى. انتهى. قال السيوطي تعليقا على كلام ابن حجر: ـ (وقد ظهر لي تخريجه على أصل آخر وهو ما أخرجه البيهقي عن أنس أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عق عن نفسه بعد النبوة، مع أنه قد ورد أن جده عبد المطلب عق عنه في سابع يوم لولادته، والعقيقة لا تعاد مرة ثانية، فيحمل ذلك على أن الذي فعله النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إظهار للشكر على إيجاد الله إياه رحمة للعالمين، وتشريع لأمته كما كان يصلى على نفسه لذلك، فيستحب لنا أيضا إظهار الشكر بمولده بالاجتماع وإطعام الطعام ونحو ذلك من وجوه القربات وإظهار المسرات، ثم رأيت إمام القراء الحافظ شمس الدين ابن الجزري قال في كتابه المسمى عرف التعريف بالمولد الشريف ما نصه: قد رؤي أبو لهب بعد موته فقيل له ما حالك؟. قال في النار إلا أنه يخفف عني كلي ليلة إثنين وأمص من بين أصبعي ماء بقدر هذا وأشار لرأس أصبعه وإن ذلك بإعتاقي لثويبة عندما بشرتني بولادة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبإرضاعها له، فإذا كان أبو لهب الكافر الذي نزل القرآن بذمه جوزي في النار بفرحة ليلة مولد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ به ، فما حال المسلم الموحد من أمة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يسر بمولده ويبذل ما تصل إليه قدرته في محبته ـ صلى الله عليه وسلم ـ لعمري إنما يكون جزاؤه من الله الكريم أن يدخله بفضله جنات النعيم. انتهي ملخصا من كتاب السيرة بلغة الحب والشعر للشيخ سعيد حوى رحمه الله والله أعلم". |
#20
|
|||
|
|||
بدعة احتفال المولد . ولما ثقلت السنة على بعض الناس وخالفت أهواءهم أرادوا من منطلق الانسحاب النفسي وإراحة أنفسهم بزعمهم أن يكون لهم رمزٌ يعبرون به عن محبتهم هذه المزعومة دون أن يتمسكوا بالسنة الثقيلة على أنفسهم، وتداخلت قضية الابتداع بالدين، مع شيء من الرغبات النفسية المنحرفة، مع شيءٍ من التشبه بالنصارى، مع شيءٍ من مكائد الباطنية الذين كانوا في بعض بلاد المسلمين وأرادوا إلهاء المسلمين بمناسبات ابتدعوها، تداخلت هذه الأمور لتولد في القرن السادس أو السابع الهجري بدعة وهي بدعة الاحتفال بمولده عليه الصلاة والسلام، فجاءت هذه البدعة لتغطي على تقصير أولئك في السنة بزعمهم، ولكي تريحهم شيئاً ما نفسياً من تقصيرهم طوال العام بهذه الحفلة التي يعملونها، كما يعمل الكفار اليوم في عيد الأم فيقذفون على أمهاتهم بهدية في يومٍ في السنة وهم يعقونها بقية العام ويريحون ضمائرهم بزعمهم بعيد الأم ثم يعصونها ويهجرونها بقية العام فلا يتذكرونها إلا في ذلك اليوم يوم الأم وعيد الأم كما يزعمون. وهكذا قام المبتدعة في المسلمين بإحياء هذه الاحتفالات نتيجة لهذه العوامل المتداخلة، وخرجوا علينا بأن هذا الاحتفال عبادة يعظمون به النبي عليه الصلاة والسلام؛ لكن أيهم أشد تعظيماً للنبي عليه الصلاة والسلام أهؤلاء أم أصحابه؟! هل احتفلوا إذاً بمولده أصحابه؟ ولماذا لم يحتفلوا بما هو أعظم كالبعثة والهجرة؟ أليست البعثة والهجرة مناسبتين أعظم من المولد؛ لأن التغيير الذي ترتب على البعثة والهجرة في التاريخ أشد بل لا يقارن بالتغيير الذي حصل بمجرد مولده، بل إنك لا تكاد تجد تغييراً واضحاً بمجرد مولده، لكنك تجد التغيير بهجرته وبعثته، فلماذا إذاً جعلوها في مولده بالذات؟! لما احتفل النصارى بميلاد عيسى واتبع هؤلاء ملة النصارى في هذه القضية مصداقاً لما أخبر به عليه الصلاة والسلام: (لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة) وأقام هؤلاء الموالد واحتجوا بأن أكثر المسلمين يفعلونها، فمتى كانت الأكثرية دليلاً على الحق؟ وقد قال الله: وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [الأنعام:116] وقالوا: نحيي ذكراه، فنقول: هو حيٌ في قلوب المؤمنين الصادقين على مدار العام، فكل يومٍ يذكرونه ويصلون عليه، ويسمعونه في النداء، وقد قرن الله اسمه باسمه في الأذان للصلاة: وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ [الشرح:4] وهكذا يحيون سنته ويروون أحاديثه يومياً، فمتى كان جعل يوماً في السنة مغنياً؟ ومتى كان إحداث هذا العيد دليلاً على المحبة؟ إذا كانت المحبة واجبة في جميع أيام السنة، وإذا نظرنا فلم نجد في أصحاب النبي عليه الصلاة السلام ولا في السلف من فعل ذلك وإنما هي على أحسن الحالات استحسانات قام بها بعض الجهلة. عباد الله: لا شك أن معرفة سيرة النبي عليه الصلاة والسلام أمرٌ مهمٌ جداً، ولكن لماذا تخصيص قراءة السيرة في هذا اليوم بالذات يوم المولد؟! أليس الصادق في المحبة يقرأ سيرته ويتداول سيرته على مدار العام صلى الله عليه وسلم؟! إذاً ينبغي أن تكون الذكرى حية على مدار العام وليس أن تحصر في يوم من أيام العام.
|
أدوات الموضوع | |
|
|