جديد المواضيع |
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
أسباب الإعراض عن الحق
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد: فهذا تفريغ لمحاضرة الشيخ محمد بن سعيد رسلان -حفظه الله-التي بعنوان أسباب الإعراض عن الحق: إنّ الحمد لله نحمد ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه و على آله وسلم و شر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار أما بعد: وقد يتساءل الإنسان أحيانا تساؤلا لا يجد له جوابا وهو ما الذي يمنع المرء إذا علم الحق أن يتّبعه وما الذي يمنع الإنسان إذا علم معلوما من الخير أن يأتي به في حياته فعلا للخير واجتنابا للشر وفي رصدٍ دقيق للجواب عن هذا السؤال ذكر العلامة ابن القيم – رحمه الله تعالى – في كتابه العُجاب مفتاح دار السعادة ورصد تلك الأسباب وهي حرية بأن ينظر فيها وأن يحرص على معرفتها حتى لا يتورط المرء في شيء من ذلك فيجانب الصواب و يقع فيما به يعاب و حتى لا يكون الإنسان مجانبا للحق متنكّبا لصراطه فيتورط في الباطل تورطا أراد أم لم يرد قال العلامة – رحمه الله تعالى– إن العلم بكون الشيء سببا لمصلحة العبد ولذّته وسروره قد يتخلف عنه عمله بمقتضاه قد يعلم الإنسان الشيء مما فيه صالحه وفيه لذّته وسروره ويتخلف عن العلم العمل بمقتضى ما علم لأسباب عديدة قال – رحمه الله –: السبب الأول: ضَعف معرفته بذاته. السبب الثاني: عدم الأهلية و قد تكون معرفته به تامة لكن يكون مشروطا بزكاة المحلّ أي بطهارته وقبوله للتزكية أي للطهارة و التطهير فإذا كان المحلّ غير زكي ولا قابل للتزكية كان كالأرض الصلبة التي لا يخالطها الماء فإنه يمتنع النبات منها لعدم أهليتها وقبولها فإذا كان القلب قاسيا حجريا لا يقبل تزكية ولا تؤثر فيه النصائح ولم ينتفع بكل علم يعلمه كما لا تنبت الأرض الصلبة ولو أصابها كل مطر و بذِر فيها كل بذر كما قال تعالى في هذا الصنف من الناس (إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يرو العذاب الأليم) وقال تعالى (ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله) وقال تعالى (قل انظروا ماذا في السماوات والأرض وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون) وهذا في القرآن كثير فإذا كان القلب قاسيا غليظا جافيا لا يعمل فيه العلم شيئا وكذلك إذا كان مريضا مهينا مائيا رخوا لا صلابة فيه ولا قوة ولا عزيمة لم يؤثر فيه العلم فهذا سبب يدعو الإنسان بعد أن يعرف الحق لعدم اتباعه ويحضه على مجانبته وتنكب سبيله و مثل هؤلاء لو أتيتهم بكل آية ما نفذ شيء من نور الحق إلى ظلمة قلوبهم كما قال ربنا جلت قدرته في شأن هؤلاء (ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله وما تغن الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون). السبب الثالث: قيام مانع فذكر ضعف المعرفة أولا وذكر عدم قبول المحلّ ثانيا ثم ذكر قيام المانع ثالثا وهو إما حسد أو كبر فهذا مانع قائم في القلب يمنع نفاذ نور الحق إلى ظلمة القلب لتُبدِّل أنوار الحق ظلمته وهو إما حسد أو كبر وذلك مانع إبليس من الانقياد للأمر وهو داء الأولين والآخرين إلا من عصم الله وبه تخلف الإيمان عن اليهود الذين شاهدوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعرفوا صحة نبوته ومن جرى مجراهم وسار على نهجهم واتبع سبيلهم وهو الذي منع عبد الله ابن أبي من الإيمان وبه تخلف الإيمان عن أبي جهل وسائر المشركين فإنهم لم يكونوا يرتابون في صدق النبي الأمين وأن الحق معه ولكن حملهم الكبر والحسد على الكفر وبه تخلف الإيمان عن أمية وأطرابه ممن كان عنده علم بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم هذا سبب أيضا يمنع من الانقياد للحق ومن قبوله مع التسليم به باطنا ولكن لا ينقاد له ظاهرا وهو قيام المانع من الكبر أو الحسد وهو داء الأولين والآخرين إلا من رحم الله رب العالمين. السبب الرابع: مانع الرياسة والملك وإن لم يكن بصاحبه حسد ولا كبر يمنعه عن الانقياد للحق لكن لا يمكنه أن يجتمع له الانقياد وملكه ورياسته فيضن بملكه ورياسته كحال هرقل وأضرابه من ملوك الكفار الذين علموا نبوة النبي المختار وتيقنوا من صدقه صلى الله عليه وآله وسلم وأقروا بذلك باطنا وأحبوا الدخول في دينه صلى الله عليه وسلم لكنهم خافوا على ملكهم هذا داء أرباب الملك والولاية والرياسة وقلّ من نجى منه إلا من عصم الله وهو داء فرعون الذي قبله داء إبليس وهذا داء فرعون وقومه ولهذا قالوا ( أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون ) أنفوا أن يؤمنوا ويتبعوا موسى وهارون وينقادوا لهما وبنو إسرائيل عبيد لهم ولهذا قيل إن فرعون لما أراد متابعة موسى وتصديقه شاور هامان وزيره فقال بينما أنت إله تُعبد تصير عبدا تَعبد غيرك فأبى العبودية واختار الرياسة والإلهية المحاه هذا أيضا سبب خطير من الأسباب التي تمنع من قبول الحق و الانقياد له وتمنع من الانتفاع بالعلم إذا تحصل. سبب خامس: وهو مانع الشهوة والمال وهو الذي منع كثيرا من أهل الكتاب من الإيمان خوفا من بطلان مأكلهم وأموالهم التي تصير إليهم من قومهم وقد كانت كفار قريش يصدون الرجل عن الإيمان بحسب شهوته فيدخلون عليه منها فكانوا يقولون لمن يحب الزنى والفواحش إن محمدا صلى الله عليه وسلم يحرّم الزنى فيرجع ولمن يحب الخمر إنه يحرم الخمر فيرجع كما صدوا الأعشى الشاعر عن الإسلام بهذا وقد فاوض العلامة ابن القيم – رحمه الله – غير واحد من أهل الكتاب في الإسلام وصحته قال فكان آخرَ ما كلمني به أحدهم أنا لا أترك الخمر و أشربها أمنا فإذا أسلمت حلتم بيني وبينها وجلدتموني إن شربتها قال وقال آخر منهم بعد أن عرف ما قلت له قال لي أقارب أرباب أموال وإني إن أسلمت لم يصل إلي من أمواله شيء و أنا أأمل أن أرثهم أو كما قال ولا ريب أن هذا القدر في نفوس خلق كثير من الكفار فتتفق قوة دواعي الشهوة والمال وضعف داعي الإيمان فيجيب داعي الشهوة والمال ويقول لا أرغب بنفسي عن آبائي وسلفي. السبب السادس: من الأسباب القاطعة عن الانقياد للحق والانتفاع بالعلم إذا علم محبة الأهل والأقارب والعشيرة يرى أنه إذا اتبع الحق وخالفهم أبعدوه وطردوه عنهم وأخرجوه من بين أظهرهم وهذا سبب لبقاء خلق كثير على الكفر بين قومهم و أهاليهم وعشائرهم. السبب السابع: محبة الدار والوطن وإن لم يكن له بها عشيرة ولا أقارب لكن يرى أن في متابعة الرسول خروجه عن داره ووطنه إلى دار الغربة والنوى فيظن بوطنه وداره. السبب الثامن: من تخيل أن في الإسلام ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم إزراءا وطعنا منه على آبائه وأجداده وذما لهم وهذا هو الذي منع أبا طالب وأمثاله عن الإسلام استعظموا آبائهم وأجدادهم أن يشهدوا عليهم بالكفر والضلال وأن يختاروا خلاف ماختار أولئك لأنفسهم ورأو أنهم إن أسلموا سفهوا أحلام أولئك وضللوا عقولهم ورموهم بأقبح القبائح وهو الكفر والشرك ولهذا قال أعداء الله لأبي طالب عند الموت أترغب عن ملة عبد المطلب فكان آخر ما كلمهم به هو على ملة عبد المطلب كما في الصحيحين فلم يدعه أعداء الله إلا من هذا الباب ولم يتركوه لينفذ إلى نور الصواب ولم يدعوه إلا من هذا القبيل لعلمهم بتعظيمه أباه عبد المطلب وأنه إنما حاز الفخر والشرف به فكيف يأتي أمرا يلزم منه غاية تنقيصه وذمه ولهذا قال لولا أن تكون مسبة على بني عبد المطلب لأقررت بها عينك صلى الله عليه وآله وسلم يعني كان يعلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صادق في ما جاء به من عند ربه بل قال ذلك شعرا كما قاله نثرا هذا شعره يصرح فيه بأنه قد علم وتحقق نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهاهو يقر بصدق النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول وهذا كلام أبي طالب عم الرسول صلى الهو عليه وسلم وقد أبى أن يقول لا إله إلا الله عند موته والنبي صلى الله عليه وسلم يراجعه المرة بعد المرة قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله فكان آخر ما كلمهم به هو على ملة عبد المطلب ومات كافرا فتأمل في شعره: ولقد علمت بأن دين محمد من خير أديان البرية دينا لولا الملامة أو حذار مسبة لوجدتني سمحا بذاك مبينا وفي قصيدته اللامية التي مدح فيها خير البرية صلى الله عليه وآله وسلم يقول: فوالله لولا أن تكون مسبة تجر على أشياخنا في المحافل لكنا تبعناه على كل حالة من الدهر جدا غير قول الهازل لقد علموا أن ابننا لا مكذب لدينا ولا يعنى بقول الأباطل صلى الله عليه وآله وسلم يقول هذا في رسول الله لقد علموا أن ابننا يعني النبي صلى الله عليه وسلم لقد علموا أن ابننا لا مكذب لدينا بل هو مصدق عندنا ولا يعنى بقول الأباطل المسبة التي زعم أنها تجر على أشياخه شهادته عليهم بالكفر والضلال وتسفيه الأحلام وتضليل العقول فهذا هو الذي منعه من الإسلام بعد تيقنه وهذا المانع ما يزال موجودا عند كثير من المسلمين لا في قبول الإسلام وإنما في قبول السنة وفي قبول الصواب بعد الخطأ فكثير منهم لا يعرف كيف يتوضأ ولا كيف يصلي و قد غبر عليه دهر طال حتى تجاوز خمسين وستين عاما وهو على تلك الحال فإذا جاء من يعلمه السنة ويقول صل فإن صلاتك هذه ليست بصلاة في ميزان الشرع يأنف من قبول كلامه لأنه يظن بالتضحية بما مر من صلواته التي لم يكن في الحقيقة فيها مصليا وقد يقول قائل إن هذا جاهل وجهله يشفع له ولم ينظر إلى كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم للرجل الذي صلى بين يديه فأساء الصلاة فقال ارجع فصل فإنك لم تصل فقام فصلى كما صلى قبل مرة ومرة وفي كل مرة يقول ارجع فصل فإنك لم تصل حتى قال لما قال ذلك له بعد الثالثة والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا فعلمني فعلمه الرسول صلى الله عليه وسلم فلما صلى الصلاة الصحيحة شرعا ومضى بعد قال النبي صلى الله عليه وسلم لو مات على ما كان عليه لدخل النار لأن العلم مبذول والناس يحيدون عنه ويصدفون عن سبيله والواحد منهم يأنف أن يسأل عما جهل من أمر دينه ولو أن له مصلحة من مصالح الدنيا لسأل عنها حتى السفهاء ولا يستنكر وأما أمر الدين فهين عليه وعنده فيه من الكبر ما يحجز عن السؤال عن البصر بالبصيرة فيه ولذلك يلج في طغيانه فإذا قلت ارجع فصل فإنك لم تصل فإن كثيرا من هؤلاء يردون الحق الحقيق بالاتباع فكيف بما فوق ذلك مما يتعلق بأمور العقيدة وجدوا أسلافهم يذبحون لغير الله ويشدّون الرحال للمقبورين يعبدونهم من دون رب العالمين وغبروا على ذلك أزمانا وهذا إذا ما رجعوا عنه سفهوا بالرجوع عنه أسلافهم من آبائهم وأجدادهم فيضنون بذلك ويكون على ماهم عليه من الشرك البعد عن الحق الحقيق بالاتباع مما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم وكثير أيضا ممن تورط في اتباع الباطل في الدخول منتظما في بعض الجماعات هذا إذا تبين له الحق لا يعود وإنما يلجّ في طغيانه مع أنه ينبغي عليه أن يعرض هذا على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإن ما اختطف صغيرا فإذا جاءه من يعلمه يرد الأمر عليه ولا يقبله منه كبرا كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الكبر بطر الحق دفعه ورده وعدم قبوله ممن جاء به استصغارا لسنه أو احتقارا لأمره أو بالنظر إليه بمؤخر العين استحقارا إلى غير ذلك من تلك الأمور وهذا كله كبر فبطر الحق ورده على من جاء به كبر بطر الحق وغمط الناس وهذا الذي في قلبه ذرة من هذا الكبر حرم الله تبارك وتعالى عليه الجنة كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة من كان قلبه مثقال ذرة من كبر كثير من الناس لا يدري عندما يعادي لما يعادي هو يعادي على حسب موافقة الطبع لأنه يبغض الشخص لأمر يتعلق بالدنيا لأمر يتعلق بالمنافسة بالدين من طرف واحد إلى غير ذلك من تلك الآفات التي تعترض سبيل الحق وتورط من التبس وتلبّس بشيء منها في مخالفة الحق ومحاربته. السبب التاسع: متابعة من يعاديه من الناس للرسول وسبقه إلى الدخول في دينه وتخصيصه وقربه منه فهذا القدر منع خلقا كثيرا من اتباع الهدى ويكون للرجل عدو ويبغض مكانه ولا يحب أرضا يمشي عليها ويقصد مخالفته ومناقضته فيراه قد اتبع الحق فيحمله قصد مناقضته ومعاداته على معادات الحق وأهله و إن كان لا عداوة بينه وبينهم في الأصل هذا كما جرى لليهود مع الأنصار فإنهم كانوا أعداءهم و كانوا يتواعدونهم بخروج النبي صلى الله عليه وسلم وكانت يهود تقول إنهم يتبعونه ويقاتلون أهل المدينة معه فلما بدرهم إليه الأنصار وأسلموا حملهم معاداتهم على البقاء على كفرهم ويهوديتهم فهذا سبب أيضا وأضرب لك عليهم مثالا بشيء عجيب ماكان من أبي علي الفارسي مع ابن جني وابن جني من علماء اللغة الكبار هو أبو علم التصريف وفيلسوف العربية كما هو معلوم أسأل الله أن يغفر له على ما كان عنده من الانحراف عن الحق كان شيخه أبو علي يبغض أبا الطيب وكان هو راوية أبي الطيب حتى كان أبو الطيب يقول عندما يشكل أمر من شعره على من يسأله عنه يقول سلوا أبا الفتح يعني ابن جني فإنه أعلم بشعري مني ابن جني أعلم بشعري مني فكان راوية أبي الطيب وكان مقدرا له وكان أبو علي يبغض أبا الطيب بغضا شديدا فتحيل عليه بحيلة وأتى بقصيدة من شعر أبي الطيب ومن قصائده العصماء فجعلها في قرطاس ثم عرضها أبو الفتح على شيخه من غير أن يعلمه بناظمها فكان يستملح كل بيت يمر عليه ويقول هذا هو الشعر فلما فرغ من القصيدة قال الفارسي أبو علي لابن جني يا أبا الفتح استنسخ لي منها نسخة أي اكتب لي منها نسخة فإنها من أروع ما سمعت شعرا فقال أبو الفتح لشيخه أبي علي يعلم الشيخ -حفظه الله- شعر من يسمع منذ اليوم قال لمن هي ياأبا الفتح قال هي لمن يبغضه الشيخ و يشنؤه هي لأبي الطيب لم يمض طويل زمان على هذا العلم حتى قال له في التو واللحظة يا أبا الفتح خرق خرق فإن أثر التكلف بين عليه خرق خرق يا أبا الفتح فإن أثر التكلف بين عليه كيف صارت إلى هذا لهذا في هذا الوقت الذي لا يعد شيئا زمانا للبغض الكامن في القلب فيجعل المرأى على هذا النحو المعيب. السبب العاشر: مانع الإلف و العادة والمنشإ فإن العادة قد تقوى حتى تغلب حكم الطبيعة ولهذا قيل العادة طبيعة فانية فيربى الرجل على المقالة وينشأ عليها صغيرا فيتربى قلبه ونفسه عليه كما يتربى لحمه وعظمه على الغذاء المعتاد ولا يعقل نفسه إلا عليه وهذا موجود في أفراخ أبناء المنحرفين من الحزبيين وغيرهم ممن أضلهم الله والله رب العالمين عن الحق فيربون أبناءهم على بغض الحق وأهله حتى يصير من جاء بالحق أبغض إليهم من الشيطان الرجيم بغير موجب وهم لا يعلمون شيئا وإنما تربو على هذا الباطل وتغذو به صغارا حتى استقامت على ذلك معوجات أنفسهم ولا تستقيم بحال أبدا ثم يأتيه العلم وهلة واحدة يريد إزالة ما كان من إلف العادة ويريد إخراجها من قلبه وأن يسكن أي الحق موضعها فيعسر عليه الانتقال ويصعب عليه الزوال وهذا السبب وإن كان أضعف الأسباب معنى فهو أغلبها على الأمم وأرباب المقالات والنحل ليس مع أكثرهم بل جميعمهم إلا ما عسى أن يشد إلا عادة ومربى تربى عليها طفلا لا يعرف غيرها ولا يحسن إلا إياها فدين العوائد هو الغالب على أكثر الناس فالانتقال عنه كالانتقال عن الطبيعة إلى طبيعة ثانية فصلوات الله وسلامه على أنبياءه ورسله خصوصا على خاتمهم وأفضلهم محمد صلى الله عليه وآله وسلم كيف غيروا عوائد الأمم الباطلة ونقلوهم إلى الإيمان حتى استحدثوا به طبيعة ثانية خرجوا بها عن عادتهم وطبيعتهم الفاسدة ولا يعلم مشقة هذا على النفوس إلا من زاول نقل رجل واحد عن دينه وعمّ خالته إلى الحق فجزى الله المرسلين أفضل ما جزى به أحدا من العالمين فهذه هي الأسباب التي تحول دون نفاذ نور الحق إلى قلب المبطل إذا وجد في قلبه شيء من تلك الأسباب و أكبر ذلك وأعظمه ما يتربى عليه الصغار من بغض الحق و أهله فيأبى أهل الباطل إلا أن يربوا أبنائهم على بغض الحق و بغض أهله فيتورطون في حمل آثاماهم و أوزارهم و في حرفهم عن الصراط المستقيم. فنسأل الله جلت قدرته وتقدست أسماؤه أن يرينا الحق حقا وأن يرزقنا اتباعه وأن يرينا الباطل باطلا وأن يرزقنا اجتنابه وأن يحيينا مؤمنين وأن يتوفنا مسلمين وأن يلحقنا بالصالحين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. الخطبة مرئية [MEDIA]http://www.rslan.org/wmv//908_01.wmv[/MEDIA] |
#2
|
|||
|
|||
رد: أسباب الإعراض عن الحق
جزاك الله خيرا
وبارك الله فيك أسئل الله ان يبارك في وقتك
__________________
قال النبي صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس :إنّ فيك خَصلتين يُحبهما الله:الحلمُ ، والأناةُ )رواه مسلم :1/48 وعن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من أحبّ لِقاء الله أحبّ الله لقاءهُ ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءهُ ) رواه مسلم : 4/2065 |
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
اول فرقة خرجت | موحد مسلم | الشيعة والروافض | 0 | 2020-01-30 11:00 PM |