جديد المواضيع |
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
تعريف الإمامة عند رفاعة الطهطاوي
منقول من كتاب رفاعة الطهطاوي بين العلمانية والإسلام طبعة دار الحكمة بمصر
يرى رِفَاعَة أنَّ الإِمَامَةَ العظمى هي منصب رسول الله ، وهي استحقاق التصرف العام على المُسْلِمِيْنَ، وحَيْثُ أطلقت الإِمَامَة فإِنَّمَا تنصرف للخلافة، ثُمَّ يقدم تعريفًا لها فيقول: «وهي رئاسةٌ عامةٌ في أمور الدِّين والدُّنْيَا، خلافة عن النَّبِي، وإن كانت تنقسم إلى إمامة وحي كالنبوة، ووراثة كالعلم، وعبادة كالصلاة( )، وأثر هذه الإِمَامَة هو أنْ ينصب له بعد وفاته خليفة بعد خليفة إلى انقضاء الزمان»( ). فهذا التعريف للإمامة الذي ارتضاه الطَّهْطَاوِيّ يشتمل على ثلاثة عناصر: الأول: موضوعها رئاسة عامة في أمور الدِّين والدُّنْيَا. الثاني: غايتها أنَّها خلافة عن النَّبِي في استحقاق التصرف في شئون المُسْلِمِيْنَ. الثالث: أثرها استمرار خلافة النَّبِي إلى قيام الساعة. ويلاحظ أنَّ النص على العنصر الأول كاف في الدلالة على أنَّ الطَّهْطَاوِيّ يرى تبعًا لإجماع المُسْلِمِيْنَ أنَّ سياسة أمور الدُّنْيَا تدخل في صميم اختصاصات الإمام، إضافة إلى شئون الدِّين. وقد أكد ذلك في موضع آخر بقوله: «الإمَارَةُ تخلف النبوةَ في حراسة الدِّين والدُّنْيَا، فتقف عِنْدَ حدود الله عز وجل المعضدة بقوله تعالى: اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ( ) بناء على تفسير الدِّين بإكمال الفرائض والأحكام»( ). ومن الحق أن يقال إنَّ الإِسْلام لا يفصل بين الدِّين والدولة، فقد كان الرسول مكلفًا بهداية النَّاس إلى الله عز وجل، وبأنْ يسوسهم في أمور دنياهم، وهو إمامهم في الصلاة، وقائدهم في الحرب، ورئيسهم عِنْدَ توقيع المعاهدات مع غيرهم. وقد انتقلت هذه المهام إلى خلفاء الرسول أي أمراء المؤمنين"( ). والعنصر الثاني يبين أنَّ سياسة الدُّنْيَا تُعَدُ من اختصاصات النبوة، ومن يخلف النَّبِي تبعًا له في ذلك. فقد كان مبلغًا عن ربه، وإمامًا للمسلمين في شئونهم الدِّينية، وفي الوقت نفسه حاكمًا ورئيسًا لدولة، أمَّا البلاغ عن الله عز وجل فقد انتهى بوفاته ، وبإكماله لأمته أمر دينهم، وأمَّا غيرها من شئون المُسْلِمِيْنَ الدِّينية والدنيوية، فيجب على المُسْلِمِيْنَ أن يقيموا فيما بينهم من يخلفه فيها، وهو ما فهمه صحابة النَّبِي عِنْدَما انشغلوا بتولية مَنْ يخلفه قبل دفنه كراهة أن يبقوا بعض يوم بغير إمام. والعنصر الثالث: يبين أنَّ هذه الخِلافَة باقيةٌ إلى قيام الساعة - أو هكذا يجب على المُسْلِمِيْنَ أن يقيموها- فبوفاته وجب تنصيب خليفة له، وهكذا إلى آخر الزمان. وعموم هذا التعريف يدل على إدراك الطَّهْطَاوِيّ الواعي للعلاقة الوثيقة بين شئون الدِّين وشئون الدُّنْيَا، حَيْثُ يشترك الإمام في سياستهما معًا، دون الفصل المزعوم بينهما، الذي انتهت إليه المدنية الغربية، ومِنْ ثَمَّ فلا وجه لنسبة الطرح العلماني لعلاقة الدِّين بالدولة المتأثر بالنَّمَطِ الغربي لرِفَاعَة الطَّهْطَاوِيّ، وهو ما سنزيده وضوحًا في الصفحات التالية. حكم انعقادها: وإذا كانت الإِمَامَةُ هي التَّصرفُ العام على المُسْلِمِيْنَ « فنصب الإمام - فيما يرى الطَّهْطَاوِيّ- واجب على الأمة بالشَّرعِ وجوبًا كفائيًا» ( ).«حَيْثُ إنَّ الإِمَامَة أعظم مهمات الدِّين، وبها بقاء الدُّنْيَا ونظامها»( ) «ولا تقام الحدود، ولا يستقيم أمر النَّاس إلا بالإمام»( ) والذي يقوم بنصب الإمام «أهل الحَلِ والعَقْدِ، وهم العلماء ووجوه النَّاس، فإذا قاموا بذلك سقط الحرج عن الباقين، وإلا أثم المسلمون جميعًا»( ). ويتعلق اختيار من يصلح للإمامة بالمُسْلِمِيْنَ جميعًا، خاصة أولو الأمر منهم، إلا في حالة وجود نص شرعي على معين، وهو مفقود هنا، أو تعيين الإمام من يخلفه بعده، فينبغي الرضا به. ويستدرك الطَّهْطَاوِيّ على قوله بوجوب نصب المُسْلِمِيْنَ الإمامَ مستثنيًا هاتين الحالتين فيقول: «وإِنَّمَا يجبُ علينا ذلك عِنْدَ عدم النَّصِ من الله عز وجل ورسوله على التولية لمعين، وعِنْدَ عدم العهد بها من الإمام السابق لغيره بإقامة معين»( ). ولاية العهد: فإذا عهد الإمام لمن يخلفه بالأمر فينبغي طاعته، توحيدًا لكلمة المسلمين، وهو ما يشير إليه رفاعةُ بقوله: «نعم يجبُ الامتثال كما وردت الأحاديث بذلك حقنًا لدماء المسلمين وحذرًا من شق العصا بينهم، كما وردت الأحاديث بذلك، فمما ورد في ذلك قوله : "أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد، وإنَّه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة" ( )» وبذلك يرى الطَّهْطَاوِيّ بحق وجوب نصب الإمام خليفةً عن رسول الله في أمور الدِّين والدُّنْيَا، وأنَّه يستمد سلطته من الأمة ممثلة في أهل الحَلِ والعَقْدِ. الدليل على وجوب نصب الإِمَامَة: وقد تعرض الطَّهْطَاوِيّ في عدة مواضع للحديث عن وجوب نصب الإمام خليفة عن رسول الله ، وعلى رأس تلك الأدلة ما قرره جمعٌ غفيرٌ من العلماء كابن خلدون والشهرستاني والجويني وغيرهم من أنَّ مستند الخِلافَة الأول هو الإجماع. دليل الإجماع: يقول رِفَاعَة: «وعمدة أدلته الإجماع؛ لإجماع الصحابة على ذلك بعد وفاة النَّبِي ، حتى قدموه على دفنه ؛ لما ظهر لهم أنَّه من أهم الواجبات، ولم يزل النَّاس على ذلك في الأعصار الماضية، وهلم جرا إلى وقتنا هذا»( ). ويذكر في ثنايا كلامه بعض الأحاديث التي تؤكد أهمية عقد الإمام، وضرورة طاعته، والدعاء له؛ لما لصلاحه من أثرٍ عظيم على عموم المُسْلِمِيْنَ يقول: «روي عن رسول الله "السُّلطان ظل الله في الأرض، فإذا دخل أحدكم بلدا ليس فيها سلطان فلا يقيمن به"( ). وروي عن أبي عبيدة بن الجراح قال سمعت رسول الله يقول: "لا تسبوا السُّلطان فإنه فيء الله في أرضه"( )»( ). ثم يعلق الطَّهْطَاوِيّ على هذه الآثار بقوله: «هذه الأدلة دالة على شرف مرتبة السُّلطان، وعلو منزلته؛ ولهذا كان السلف الصالح كالفضيل بن عياض والإمام أحمد وغيرهما يقولون: لو كان لنا دعوة مستجابة لدعونا بها للسلطان؛ لأن في صلاحه صلاح المُسْلِمِيْنَ»( ). الدليل الثاني: الدليل العقلي: ضرورة الاجتماع البشري ومن الأدلة التي اعتمد عليها الطَّهْطَاوِيّ في وجوب الإِمَامَة ما سبق أن قرره ابن خلدون في مقدمته، وغيره من وجوب الإِمَامَة، وازعًا اقتضته ضرورة الاجتماع البشري( ). يقول الطَّهْطَاوِيّ مبينًا هذا المعنى: «ولأنَّ الجنس الإنساني مضطر إلى التآلف والتجمع في إتمام معيشته، وانتظام حال نفسه، فيحتاج إلى سياسة تقيم أمره على الاستقامة. وقد شبه بعضهم الملك بالروح، والرعية بالجسد، فلا قوام للجسد إلا بالروح، ولو لم يكن في شرف الملك وعظيم خطره إلا ما أشار إليه الحديث النبوي في قوله : "السُّلطان ظل الله في الأرض يأوي إليه الضعيف، وبه ينتصف المظلوم من الظالم، ومن أكرم سلطان الله في الدُّنْيَا أكرمه الله"( ) لكان كافيًا في الاحتياجِ إلى السُّلطان»( ). ويستطرد الطَّهْطَاوِيّ مؤكدًا أهمية تنصيب الإمام لانتظام الجنس البشري وتحقيق العَدْل في المجتمع فيقول: «وإذا كان الإنسان مدنيًا بطبعه، والنَّاس تختلف مقاصدهم وأغراضهم، وتمتد مطامعهم، ولا يرضون بالعَدْل والإِنْصَاف، وينتصفون ولا ينصفون؛ لأنَّ النفس مطبوعة على الشح والجبن والحرص والكبر، فاحتاجوا إلى واحد يدفع الظلم عن المظلوم، والقوي عن الضعيف، فقيل لابد من سلطان في كل زمان؛ ليعمل بالعَدْل والإحسان، وينهى عن البغي والعدوان؛ إذ العَدْل ميزان الله وصفة الإنسان»( ). فوجود الحاكم إذًا ضرورة اجتماعية حضارية لانتظام شئون المجتمع «فلولا ولي الأمر لما قدر العالم على نشر علمه، ولا الحاكم الشَّرعي والسياسي على تنفيذ حكمه، ولا العابد على عبادته، ولا الصانع على صناعته، ولا التاجر على تجارته، ولولاهم لانقطعت السبل، وتعطلت الثغور، وكثرت الفتن والشرور، ولولا ردع الملوك لتغالبت النَّاس وتهارجت، وطمع بعضهم في بعض، واستولى الأقوياء على الضعفاء، وتمكن الأشرار من الأخيار، فيصيرون إلى التشرد والتفرد، وفي ذلك خراب البلاد وفناء العباد» ( ). تبين مما سبق من تعريف رِفَاعَةَ للإمامةِ، وبيان حكم تنصيب الإمام، أنَّه يقر ابتداء بوجوب تنصيب الإمام الذي يخلف النَّبِي في شئون الدِّين وسياسة الدُّنْيَا، باعتباره واجبًا دينيًا، وضرورة اجتماعية حضارية. ومن ناحية أخرى يؤكد الطَّهْطَاوِيّ ارتباط سياسة الدُّنْيَا بالدِّين، وذلك في إطار الإِمَامَة أو الخِلافَة الإِسْلاميَّة، التي وضع نواتها النَّبِي ، ثم أجمع المسلمون بعد وفاته على وجوب تنصيب من يخلفه في إمامة الدِّين وسياسة الدُّنْيَا إلى يوم القيامة، ومِنْ ثَمَّ عدم إمكانية الفصل بين الدِّين والسياسة، فضلا عن شتى مناحي الحياة. وهو إذْ يقرر ذلك يؤكدُ بطلان تلك الدَّعاوى المزعومة إلى الفصل بين الدِّين والدُّنْيَا، أو بين السياسة والدِّين، وما تنطوي عليه من زعم بأنَّ وظيفة النَّبِي مقتصرة على أمور الدِّين. فكيف بعد هذا البلاغ الواضح، الذي لا لبس فيه، تنسب العَلْمَانِيَّة إلى الطَّهْطَاوِيّ، وأنَّها خرجت من تحت عباءته أو أنَّه واضع بذورها، وهو ما سنزيده وضوحًا في الصفحات التالية............................ وللحجيث بقية |
أدوات الموضوع | |
|
|