جديد المواضيع |
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
الأدلة القرآنية على حجية السنة النبوية
الأدلةُ القرآنيةُ على حجيةِ السنةِ النبوية الجزء الأول 1 الحمدُ لله والصلاةُ والسلام على رسول الله وبعد ،،، للحق أهلُهُ، كما أنَّ للباطل أهلَه، وكِلا الفريقينِ يدّعي أنه على الحقِّ ومن خالفه على الباطل، وكلا الفريقينِ يحشدُ الأدلةَ لإثبات صحةِ مذهبِه، وبطلانِ مذهبِ مُخالفه، وسيظلُّ الأسلوبُ الأمثلُ والأقوى للمحاجةِ أن تستخدمَ أدلةَ الخصمِ في إثباتِ صحةِ مذهبِك وبطلانِ مذهبِه ويحلو لمنكري السنة -على اختلاف دركاتهِم- أن يجحدوا حجيةَ السنةِ النبويةِ في التشريعِ جنباً إلى جنبٍ مع القرآنِ الكريم. وغنيٌّ عن البيانِ أنهم في هذا قد أنكروا صريحَ القرآنِ وما أجمع عليه أهلُ الإسلام -منذ عهدِ النبيّ صلى الله عليه وسلم حتى الآن- من اعتبارِ السنةِ المصدرَ الثاني للتشريع في الإسلام ولا أملُّ من ذِكر أن السنةِ النبويةِ ليست في حاجةٍ لأن نثبتَ حجيتَها في التشريع الإسلاميِّ، فأدلةُ حجيةِ السنةِ متواترةٌ ومتضافرةٌ ولا يمكنُ أن نذكرَ عددَ ولا حجمَ ولا قوةَ تلك الأدلةِ حتى نذكرَ قولَ الشاعر قد تُنكرُ العين ضَوءَ الشمسِ من رمدٍ ****** ويُنكرُ الفمُ طَعمَ الماءِ من سَقمِ وقولَ الشاعر ولربما جهِلَ الفتى سُبُلَ الهدى****** والشمسُ بازغةٌ لها أنوارُ فأدلةُ حجيةِ السنةِ منها ما هو أدلةٌ شرعيةٌ ومنها ما هو أدلةٌ عقلية، ولكني سأعمدُ إلى ما ذكرتُه في بداية مقالي من أن أَمثَلَ أُسلوبٍ لمحاجةِ الخصمِ هو استخدامُ أدلتِه لإثباتِ صحةِ مذهبِنا وفسادِ مذهبِه. فطائفةٌ من منكري السنةِ ينكرونها بدعوى أنها تُعارضُ القرآنَ الكريم، ويدَّعون أن القرآنَ الكريمَ هو المصدرُ التشريعيُّ الوحيدُ فيالإسلام، ودون أن نخوضَ في تفصيلاتٍ كثيرةٍ يتضحُ بها فسادُ وبطلانُ منهجِ منكري السنة، سأُعرّجُ -سريعاً- على اتباعِ المنهج الذي حددتُه والخطُّ الذي رسمتُه لنفسي سابقاً، وأقولُ إن القرآنَ الكريم هو أعظمُ دليلٍ على حجيةِ السنةِ النبويةِ المطهرةِ في التشريعِ الإسلاميّ. وعادةً ما يستدلُّ علماؤنا ودعاتُنا بآياتٍ معينةٍ ظاهرةِ الدلالةِ في إثباتِحجيةِ السنةِ النبويةِ، ولكنى أرى أن الأمرَ أكثرُ من هذا، فبإمعانِ النظرِ والتدبرِ فيالقرآن الكريم، قد نكتشفُ أن كلَّ آيةٍ من آياتِ القرآنِ الكريمِ تُعدُّ دليلاً على حُجيةِ السنةِ النبوية. أولاً : الآياتُ القرآنيةُ التي تنصُّ صراحةً على حجيةِ السنةِ النبويةِ (وجوبُ طاعةِ الرسولِ ) وتحذيرُ تاركها: ويكفينا هنا أن نوردَ تلك الآياتِ ولسنا بحاجةٍ كبيرةٍ إلى تفسيرِها فكثرتُها ودلالتُها الظاهرةُ تُغني عن تفسيرِها ولكننا سنشيرُ –بإيجازٍ– إلى أحدِ أوجُهِها الاستدلالية. 1- قال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ [آل عمران: 32.] وجه الاستدلال: القرآنُ يحكمُ بالكفرِ على من يعصي اللهَ ورسولَه. 2- وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء: 59]. وجه الاستدلال: صدْرُ الآيةِ يصفُ الذين يطيعون اللهَ ورسولَه بالإيمان، فهي كالمتممةِ لسابقتِها. 3- قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ * إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ [الأنفال: 20–22]. وجه الاستدلال: هذه الآيةُ جمعت بين كلا الأمرين: الأمرُ والنهيُ وتصفُ المخالفينَ لهما بالدواب. 4- قال تعالى : قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ [النور:54]. وجه الاستدلال: هذه الآيةُ سابقةٌ لآيةِ الاستخلاف: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [النور: 55] وكأنها تقولُ أنه لا استخلافَ في الأرضِ ولا تمكينَ إلا بطاعةِ اللهِ واتباعِ الرسول صلى الله عليه وسلم فهي كالسببِ للنتيجة. 5- قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ [محمد: 33]. وجه الاستدلال: تنصُّ الآيةُ على أن مخالفةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم من أسبابِ بطلانِ الأعمال. 6- قال تعالى: قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْتُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِيقُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [الحجرات: 14]. وجه الاستدلال: الآيةُ تبينُ أنه لا إيمانَ إلا بطاعةِ اللهِ ورسولِه. 7- قال تعالى: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُيُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ [النساء: 13-14]. وجه الاستدلال: هذه الآيةُ جاءت بالثوابِ لمن يُطيعُ اللهَ ورسولَه وبالعقابِ لمن يعصي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. 8- قال تعالى : وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا [النساء: 69]. وجه الاستدلال: هذه الآيةُ جاءت بالدرجةِ في الجنةِ وتعيينِ جزاءِ من يطِيعُ اللهَ ورسولَه. 9- قال تعالى: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا [النساء: 80]. وجه الاستدلال: هذه الآيةُ جاءت بالقاعدةِ العظمى التي تبينُ أن طاعةَ الرسولِ هي طاعةٌ للهِ سبحانه بلا خلاف. 10- قال تعالى : إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَاللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ [النور: 51–52]. وجه الاستدلال: تخبرُنا هذه الآيةُ أن من صفاتِ المؤمنين طاعةَ اللهِ ورسولِه. 11- قال تعالى : وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب: 71]. وجه الاستدلال: آيةٌ من سورةِ الأحزابِ تبينُ أن طاعةَ اللهِ ورسولِه من أسبابِ النصرِ في الدنيا والفوزِ بسعادةِ الآخرة، وتُذكرُهم بما كان من أثرِ مخالفةِ أمرِ النبيّ صلى الله عليه وسلم يومَ أُحُدٍ وكأنها تدعوهم لعدم تكرارِ الأمرِ حتى لا تتكررَ النتيجة. 12- قال تعالى: لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْيَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا [الفتح: 17]. وجه الاستدلال: آيةٌ من سورة الفتحِ تخبرُ أن مِن أهمِّ أسبابِ الفتح طاعةَ اللهِ ورسولِه. 13- قال تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [الأحزاب: 71]. وجه الاستدلال: هذه الآيةُ تبينُ أن من صفاتِ المؤمنين: الموالاةَ فيما بينهم، والأمرَ بالمعروفِ، والنهيَ عن المنكر، وإقامةَ الصلاة، وإيتاءَ الزكاة، وطاعةَ الله، وطاعةَ رسولِه، فجاءت طاعةُ اللهِ ورسولِه من جملةِ الأعمالِ الصالحةِ ومن جملةِ صفاتِ المؤمنين. 14- قال تعالى: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَاتَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا [الأحزاب: 32-33]. وجه الاستدلال: تبينُ الآيةُ أن نساءَ النبيّ صلى الله عليه وسلم لَسن مَعفياتٍ من طاعتِه ومن ثَم فمَن دونهُن هو أولى بحُكمهِن. كما تُبين الآيةُ أن في طاعةِ اللهِ وطاعةِ رسولِه إذهابٌ للرجسِ وتطهيرٌ للمسلم. 15- قال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران: 31]. وجه الاستدلال: هذه هي آيةُ المحنةِ والاختبارِ لكل من يَدعي حُبَّ اللهِ سبحانه وتعالى، وتُقَيدُ هذا الحبَّ باتباعِ النبيّ – صلى الله عليه وسلم – وأن نتيجةَ ذلك وجزاءَه، مغفرةُ الذنوب. 16- قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [آل عمران: 130–132]. وجه الاستدلال: القرآنُ الكريمُ ينهى عن الربا ، ولم يُحددْ تعريفَه ولا ماهيتَه، ثم يأمرْ بطاعةِ الرسول صلى الله عليه وسلملأنه هو الذي سيبينُ معنى الربا ويُحددُ ماهيتَه في سُنته. 17- قال تعالى: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ [المائدة:92]. وجه الاستدلال: هذه الآيةُ تكشفُ طاعتين: الأولى لله سبحانه، والثانيةَ للرسول صلى الله عليه وسلم؛ لترُد شبهةَ من يَدعي أن طاعةَ الرسولِ هي الأخذُ بالقرآن دون السنة. وسيأتي – بإذن الله – مزيدُ بيانٍ حول هذه المسألة. 18- قال تعالى : يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [الأنفال: 1] ثم يتكرر الأمر في نفس السورة : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ [الأنفال: 20] ثم يتكررُ الأمرُ نفسُه في السورةِ نفسِها للمرةِ الثالثة: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال: 46]. وجه الاستدلال: ثلاثُ أوامرَ بطاعةِ الله ورسولِه في سورةٍ واحدةٍ، ولولا السنةُ والأحاديثُ ما علِمنا ما هي الأنفال. 19- قال تعالى: وَأَقِيمُواالصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [النور:56]. وجه الاستدلال: اقتصرت هذه الآيةُ على طاعةِ الرسولِ ولم تذكرْ (طاعةَ الله) لبيانِ استقلاليتَها عن طاعةِ اللهِ سبحانه، كما جاءت الايةُ في إطارِ الأمرِ بإقامةِ الصلاةِ وأداءِ الزكاةِ للإشارةِ إلى أن السنةَ هي المبينةُ لماهية كِليهما. 20- قال تعالى: أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المجادلة: 13]. وجه الاستدلال: يتكررُ الأمرُ نفسُه بطاعةِ النبيِّ في سياقِ آياتٍ تشيرُ إلى أن مناجاةَ الرسولِ صلى الله عليه وسلم ليست كمناجاةِ أحدٍ من باقي الأمةِ ومن ثَمّ فإن طاعتَه ليست كطاعةِ أحدٍ من أُمتِه. 21- قال تعالى: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُواالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ [التغابن: 12]. وجه الاستدلال: الأمرُ بطاعةِ الرسول يأتي في سياقِ آياتٍ تتحدثُ عن ضرورةِ تصديقِ الرسلِ وبيانِ عقابِ الذين خالفوهم : أَلَمْيَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ [التغابن: 5-6] 22- قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا [النساء: 64]. وجه الاستدلال: التأكيدُ على طاعةِ الرسولِ بعينِها وأن هذه هى سنةُ اللهِ في أنبيائِه أجمعين، وقال تعالى: ليطاعَ بإذن اللهولم يقل: "ليطاع الله" ليُعلمَ أن طاعةَ الرسلِ هدفٌ في ذاتِها. 23- قال تعالى: فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [النساء: 65]. وجه الاستدلال: احتياجُنا لحكمِ الرسول صلى الله عليه وسلم رغم وجودِ القرآنِ يشيرُ إلى أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم يبينُ لنا الأحكامَ التي ينغلقُ علينا فهمُها من القرآنِ الكريم، وهذا دليلٌ قاطعٌ على حجيةِ السنة. 24- قال تعالى: فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ * رَبَّنَا آَمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ [آل عمران: 52 – 53] وجه الاستدلال: هذا كلامُ الحوارييّنَلعيسى صلى الله عليه وعلى نبينا وسلم، وهم يُقرون باتباعِهم له، ونبيُّنا صلى الله عليه وسلم في هذا أولى، لأنه خاتمُ النبيين. وتبينُ الآيةُ أن التصديقَ وحدَه لا يكفي، ولكن لا بُد من الاتباع، والاتباعُ لا يكون إلا بالعمل، والعملُ لايكونُ إلا بمنهج، ومنهجُ الرسولِ هو سنتُه، ولو لم تكنْ السنةُ لكان من الأولى أن يكون الخطابُ: "ربنا آمنا بما أنزلتَ واتبعناه"، ولكن هذا لم يكن، للدلالةِ على حجيةِ السنة. شبيهٌ بذلك: 25- قولُه تعالى : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَاللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب: 21]. وجه الاستدلال: كيف تكونُ الأسوةُ إلا باتباعِ خُطى المؤتسى به وانتهاجِ نهجِ المقتدى به؟!! 26- قال تعالى: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [النساء: 115]. وجه الاستدلال: الإعراضُ عن سنةِ النبيّ صلى الله عليه وسلم من مَشاقتِه، والآيةُ تؤكدُ على ضرورةِ اتباعِ سبيلِ المؤمنينَ الذين نقلوا لنا هذا الدينُ والذين أجمعوا بلا خلافٍ من واحدٍ منهم على حجيةِ السنةِ الشريفة. 27- قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ [محمد: 32] وجه الاستدلال: الجمعُ بين الكفرِ بالله، والصدُّ عن سبيلِه، ومشاقةِ الرسول، لبيانِ شناعةِ الجرمِ في كلٍ. 28- قال تعالى: وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الحشر: 7] وجه الاستدلال: تأويلُها تنزيلُها. 29- قال تعالى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْبِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. [الأعراف: 156–157] وجه الاستدلال: الآيةُ تَنسبُ إلى النبيّ الأمرَ والنهيَ والحِلَّ والتحريم، وتصفُ مُتبعيه بالإيمان، وتذكرُ: النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُعامةً، ولم تذكر القرآنَ خاصة. 30- قال تعالى : وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى [النجم: 1–5]. وجه الاستدلال: طالما أن القرآنَ يصفُ النبيّ صلى الله عليه وسلم بأنه لا ينطقُ عن الهوى، وأنه ينطقُ بالوحيِ، فلا شكَّ أن ما ينطقُ به ملزِمٌ لأُمتِه. وخصوصُ سببِ نزولِ الآيةِ لا ينفي عمومَ لفظها. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
__________________
قـلــت : [LIST][*]من كفر بالسـّنـّة فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله تعالى يقول : (( وما آتاكم الرسول فخذوه )). [*]ومن كذّب رسولَ الله ، فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ،لأن القرآن يقول : (( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )). [*]ومن كذّب أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله سبحانه يقول فيهم : (( رضى الله عنهم ورضوا عنه )). [*]ومن كذّب المسلمين فهو على شفا هلكة ، لأن القرآن يقول : (( يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )) والنبي - صلى الله عليه وسلم يقول : ( من قال هلك الناس فهو أهلكهم ). [/LIST]
|
#2
|
|||
|
|||
الأدلةُ القرآنيةُ على حجيةِ السنةِ النبوية <?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p></o:p> الجزء الثانى <o:p></o:p>2 رَب يسرْ وأعِن. <o:p></o:p> نواصلُ عرضَ الأدلةِ القرآنية على حجيةِ السنةِ النبوية. <o:p></o:p> [ ثانياً ] : آياتٌ قرآنيةٌ لا يمكنُ إدراكُ مقصدِها إلا في إطارٍ من السنة النبوية:<o:p></o:p> <o:p></o:p> إن تشريعَ الإسلامِ تشريعٌ صالحٌ لكل زمانٍ ولكل مكانٍ ولكل الأشخاص ، وتشريعٌ بهذه المواصفاتِ لا بدَّ أن يتسمَ بالكمال والشمول وأن يحتوي على قدرٍ وافرٍ من التفاصيل لأحكامِه ، وعند الرجوعِ إلى القرآن الكريم نجدُ أنه قد جاء بالأحكام العامة دون الدخول في التفاصيل ، وعندي أن إغفالَ القرآنِ الكريم لِذكر تلك التفاصيل وإحالتِها إلى السنة النبوية ، دليلٌ على حجيتِها في التشريع الإسلامي ، ذلك أن القرآن قد أمرنا بالاجتماع وعدم الفرقة ، قال تعالى : وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [ الأنفال : 46 ] وعدمُ ذِكر تفاصيلِ الأحكامِ سيؤدي – لا محالة – إلى الحاجة إلى كثرة إعمالِ العقلِ والنظرِ والاعتمادِ على الرأي دون النص ، الأمر الذي سيؤدي إلى وجود فجوةٍ كبيرةٍ بين الناظرين وبعضِهم البعض.<o:p></o:p> <o:p></o:p> وأذكرُ في هذا المقامِ أنني سبق أن ناظرتُ منكراً للسنةِ في مسألة تفاصيلِ أحكام الصلاةِ فأنكر ما أجمع عليه أهل السنة منذ عهد النبي – صلى الله عليه وسلم - إلى عهدنا هذا ، وجاء بمواصفاتِ صلاةٍ من عنده ، فزعم أن عدد الصلواتِ ثلاثةُ فروضٍ فأسقط الظهرَ والمغرب ،وجاء بهيئةٍ غيرِ التي نعلم ، ثم حاورتُ منكراً آخرَ بعده بفترة قصيرة ، فاتفق مع الأول في التثليث واختلف معه في كل شيء ، حيث أسقط العصرَ والمغربَ وجاء بهيئةٍ غيرَ التي نعلمُ وغيرَ التي ذكرها سلفُه ، والمحصلةُ أنهما اتفقا على إنكارِ السنة ولم يتفقا على شيءٍ بعده.<o:p></o:p> <o:p></o:p> والدرسُ المستفادُ من هذه الواقعةِ أن ترْكَ السنة – حتماً – سيؤدي إلى الاختلاف في الأحكام حداً نصلُ فيه إلى حد التنازعِ والتفرق ، فهذان منكِران للسنة عندما تجنبا السنةَ وأعملا عقليْهما في القرآن بغير ضابطٍ ولا مرشدٍ أوقعهما في التعارضِ والاختلافِ فما بالنا لو زاد المنكرون عن هذين ، ترى ماذا سيكون الحال؟!<o:p></o:p> <o:p></o:p> وأبدأ - بحول الله وقوته – في استعراض بعضِ الآيات القرآنية التي لا نستطيعُ أن ندركَ مقصدَها إلا في إطارِ ضوابطَ من السنة النبوية. ولْنعلمْ أن هذا البابَ واسعٌ لا قيد له ، وبحرٌ شاسعٌ لا ساحلَ له ، ولكننا سننزعُ منه نَزعاً يسيراً لبيان المقصود ، ولْتعلمْ أن ما فاتنا أكثرُ مما حصّلنا ، ويكفينا أن نعرضَ المنهجَ ومن استطاع أن يكمل الطريق ، فاللهُ المستعانُ وهو من وراء القصد.<o:p></o:p> <o:p></o:p> 1- قال تعالى : وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ [ البقرة : 43 ، 83 ، 110م ] ، [ النساء : 77م ] ، [ النور : 56م ] ، [ يونس : 31 ] ، [ المزمل : 20ك ]. الصلاةُ هى الركن العملي الأولُ في الإسلام ، وقد ورد ذكرها والحث عليها في عشرات المواضعِ من القرآن الكريم ولم تنلْ عبادةٌ من الاهتمام في القرآن ما نالته الصلاة ، ورغم هذا نجدْ أن القرآن لم يُشر من قريبٍ أو بعيدٍ إلى تفاصيل الصلاة ، اللهم إلا أوضاعَ الصلاةِ الرئيسية : القيامَ والركوعَ والسجود ، وكذا ثلاثةُ مواقيتَ في اليوم والليلة : وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ [ هود : 114 ]، هي أيضاً مواقيتٌ عامةٌ وغيرُ محددة ، وعدا هذا لم يذكرْ القرآنُ مواضيع في غايةِ الأهمية بدونِها لا تصح الصلاةٌ مثل: كيفيةِ بِدءِ الصلاة ، وكيفيةِ خَتمِها ، بحيث تتميزُ عما عداها من الأقوال والأفعال ، وأحكامِ الإمامةِ والجماعةِ وأركانِها وشروطِ صحتِها ومبطلاتِها.<o:p></o:p> <o:p></o:p> 2- ولْننظرْ إلى معضلةٍ أخرى عندما نقرأُ قولَه تعالى : وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا [ المائدة : 58 ] المقصودُ بالنداء هنا: الأذان ، وقد اكتفى القرآنُ – كعادته – بذِكر أن هناك ثمةُ نداءٍ إلى الصلاةِ ولم يذكرْ هيئةَ هذا النداءِ وماهيةَ ألفاظِه. ولكنَّ السنةَ هي التي تقوم بهذا الدور الفريدِ فعن عبدِ الله بنِ زيدِ بنِ عبدِ ربه : لما أجمع رسولُ الله أن يضربَ بالناقوس وهو له كارهٌ لموافقته النصارى طاف بي من الليل طائفٌ وأنا نائمٌ رجلٌ عليه ثوبان أخضران وفي يده ناقوسٌ يحملُه قال فقلت : يا عبدَ الله أتبيع الناقوس؟ قال : وما تصنعُ به ؟ قال : قلت : ندعو به إلى الصلاة. قال : أفلا أدلُّك على خيرٍ من ذلك فقلت : بلى . قال تقول : الله أكبر …. (إلى نهاية الأذان )… قال : فلما أصبحت أتيت رسولَ الله فأخبرتُه بما رأيت فقال : إنها لرؤيا حقٍّ إن شاء الله فقُم معَ بلالٍ فألْقِ عليه ما رأيت فإنه أندى صوتاً منك قال فقمت معَ بلالٍ فجعلتُ أُلقيه عليه ويؤذنُ به قال : فسمع ذلك عمرُ بنُ الخطاب رضي الله عنه وهو في بيته فخرج يجرُّ رداءَه يقول : والذي بعثك بالحق لقد رأيتُ مثل الذي أُرِي . فقال رسولُ الله فلله الحمد . رواه أحمد ( 15881 ) والترمذي ( 174 ) وأبو داود ( 421 ) و ( 430 ) وابن ماجه ( 698 ) .<o:p></o:p> <o:p></o:p> 3- ثم يقول تعالى : فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا [ النساء : 103 ] نجدُ أن القرآنَ قد أحال على السنة كيفيةَ خَتمِ الصلاة ، ثم ها هو يأمرُنا بذِكر الله بعد الانتهاء منها ولم يوضحْ كيف نذكرُه ، بينما جاءت السنةُ ببيان هذا الذكر تفصيلياً فيما يُعرف بأذكار ما بعد الصلاة من استغفارٍ وتسبيحٍ وتحميدٍ وتكبيرٍ وتهليلٍ وبينت عددَ كلٍّ منها : فالاستغفارُ يكون ثلاثاً والتسبيحُ والتحميدُ والتكبيرُ يكون كلٌّ ثلاثاً وثلاثين ، والتهليلُ : ( لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير ) مرةً واحدةً .<o:p></o:p> <o:p></o:p> كما تذكر الآيةُ الكريمةُ أن الصلاة كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا والشيءُ الموقوتُ يكون له ابتداءٌ وانتهاء ، فأين نجدُ ذلك في كتاب الله ؟ بينما لم يصلْنا إلا من خلال ما ورد في السنة النبوية ، فقد أخرج الإمامُ مسلمٌ في صحيحه (ح 610) عن أبي مسعودٍ الأنصاري قال : سمعت رسولَ الله يقول : "نزل جبريل فأمّني. فصليتُ معه . ثم صليتُ معه . ثم صليتُ معه . ثم صليتُ معه" . يحسبُ بأصابعِه خمسَ صلوات . <o:p></o:p> <o:p></o:p> وفيه أيضاً (ح611) عن عبد الله بنِ عمرو ؛ أن نبيَّ الله قال : "إذا صليتم الفجرَ فإنه وُقتَ إلى أن يطلعَ قرنُ الشمسِ الأول . ثم إذا صليتم الظهرَ فإنه وُقتَ إلى أن يحضرَ العصر . فإذا صليتم العصرَ فإنه وُقتَ إلى أن تصفرَّ الشمس . فإذا صليتم المغربَ فإنه وُقتَ إلى أن يسقطَ الشفق . فإذا صليتم العشاءَ فإنه وُقتَ إلى نصفِ الليل" . <o:p></o:p> <o:p></o:p> وفيه كذلك ( ح 612) عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي ؛ قال : "وُقتَ الظهرُ ما لم يحضرِ العصر . ووُقتَ العصرُ ما لم تصفرُّ الشمس . ووُقتَ المغربُ ما لم يسقطْ ثورُ الشفق . ووُقتَ العشاءُ إلى نصف الليل . ووُقتَ الفجرُ ما لم تطلعِ الشمس" . <o:p></o:p> <o:p></o:p> وفي روايةٍ أن رسولَ الله قال : "وَقتُ الظهرِ إذا زالت الشمس . وكان ظلُّ الرجلِ كطولِه . ما لم يحضرْ العصر . ووقتُ العصرِ ما لم تصفرُّ الشمس . ووقتُ صلاةِ المغربِ ما لم يَغبِ الشفق. ووقتُ صلاةِ العشاءِ إلى نصف الليلِ الأوسط . ووقتُ صلاةِ الصبحِ من طلوعِ الفجر . ما لم تطلعِ الشمس . فإذا طلعت الشمسُ فأمسِك عن الصلاة . فإنها تطلعُ بين قرنَي شيطان" . <o:p></o:p> <o:p></o:p> وفيه (ح 613) عن بريدةَ ، عن أبيه ، عن النبي ؛ أن رجلاً سأله عن وقت الصلاة ؟ فقال له : "صلِّ معنا هذين" (يعني اليومين) فلما زالت الشمسُ أمرَ بلالاً فأذَّن . ثم أمَره فأقام الظهر. ثم أمَره فأقام العصر. والشمسُ مرتفعةُ بيضاءَ نقية . ثم أمَره فأقام المغربَ حين غابت الشمس. ثم أمَره فأقام العشاءَ حين غاب الشفق . ثم أمَره فأقام الفجرَ حين طلع الفجر. فلما أن كان اليومُ الثاني أمَره فأبردَ بالظهر . فأبردَ بها . فأنعِم أن يُبرد بها . وصلى العصرَ والشمسُ مرتفعة . أخَّرها فوق الذي كان. وصلى المغربَ قبل أن يغيبَ الشفق . وصلى العشاءَ بعد ما ذهب ثلثُ الليل . وصلى الفجرَ فأسفر بها. ثم قال : "أين السائلُ عن وقتِ الصلاة ؟" فقال الرجلُ : أنا . يا رسولَ الله ! قال : "وقت صلاتِكم بين ما رأيتم" . <o:p></o:p> <o:p></o:p> إلى غيرِ ذلك من الأحاديثِ التي أفاضت في شرحِ مواقيتِ الصلاة والمنتشرةُ في دواوين السنة ، والتي أجملَها النبي عندما قال : " وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي " [ أخرجه ابنُ حبان في صحيحه عن مالك بن الحويرث ].<o:p></o:p> <o:p></o:p> ثم تأملْ قول النبي في الحديث الأول : " نزل جبريلُ فأمّني " أليس هذا هو عينُ ما قاله القرآنُ الكريم : عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ؟! [ النجم : 5 ]<o:p></o:p> <o:p></o:p> 4- وتستمرُّ المسيرةُ مع الصلاةِ حيث يقول تعالى : إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [ الأحزاب : 56 ] فما الفرق بين الصلاةِ لله والصلاةِ على النبي !؟ القرآن لا يجيبُ على هذا التساؤلِ ، ولكنه يحيلُ الإجابةَ على السنة . وسيعجزُ جهابذةُ منكري السنةِ أن يجيبوا هذا التساؤلَ إذا ما أعرضوا عن السنة ، وستقعُ بينهم الاختلافاتُ سحيقةَ الأعماقِ في هذا الصدد !<o:p></o:p> <o:p></o:p> 5- ولا تزال الصلاةُ تنافحُ عن حجية السنة ، فيقول ربنا سبحانه : وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا [ النساء : 101 ] لم يذكر القرآنُ كيف يكونُ القصر ؟ هل بالتقليل من عدد الفرائض ؟ أم بتقليلِ عددِ الركعات ؟ أم بتخفيضِ زمنِ أدائِها ؟ أم القصرِ من حركاتِ القيامِ والركوعِ والسجود ؟ ما هو معيارُ القصرِ وما هي كيفيتُه ؟ لن يجيبَ القرآنُ وسيحيلُ على السنة ، ترسيخاً لحجيتها .<o:p></o:p> <o:p></o:p> 6- وقبل أن نغادرَ أحكامَ الصلاةِ في القرآن الكريم نأتي بقاصمةِ الظهرِ لمنكري السنةِ في شأنِ الصلاة ، قال تعالى : سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (142) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْه [ البقرة : 142 - 143م ] فما هي القبلةُ التي كان عليها ؟ وأين الأمرُ القرآني بتلك القبلةِ الأولى ؟ إن كان ذلك أمراً قرآنياً فأين هو ؟ وإذا جاز أن يأتي أمرٌ آخرُ من خارجِ القرآنِ فهل هناك أَولى من السنة بهذا ؟!<o:p></o:p> <o:p></o:p> 7- وفي شأن الزكاةِ يقول ربنا جل وعلا : وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [المعارج : 24-25] فكم يبلغْ مقدارُ هذا الحقِّ المعلوم ؟ وكيف يوصفُ بأنه معلومٌ ولم يُذكرْ مقدارُه أصلاً ؟! وتأملْ قولَه تعالى : أموالهم حيث جاء بها على سبيل الجمع ، فهو إذن يتحدثْ عن أجناسٍ شتى ومختلفةٍ من المال ، فالذهبُ مالٌ ، والفضةُ مالٌ ، والماشيةُ ، والإبلُ ، والأغنامُ ، والماعزُ ، كلُّها من صنوفِ المال ، فهل يستوي ذلك الحقُّ المعلومُ من الذهب مع مثيلِه من الفضة ، وهل يستوي هذان مع الآخرِ الخاصِّ بالماشيةِ والإبلِ والأغنام والماعز ؟<o:p></o:p> <o:p></o:p> وماذا عن الأرض والزرع ؟ أليست هي الأخرى مِن جنسِ المال ، ومِن ضِمنِ الثروات ؟ فما مقدارُ الحقِّ المعلومِ منها ؟ ولماذا لم يُفصلْه القرآنُ الكريم ؟ وهل يستطيع أيُّ إنسانٍ مهما أوتيَ من البلاغةِ أو الفصاحةِ أو البيان أن يُدركَ هذا الحقَّ المعلومَ من هذه الأموالِ من كتاب الله دون الرجوعِ إلى السنة ؟!<o:p></o:p> <o:p></o:p> 8- ولعل مناسكَ الحج وشعائرَه الكثيرةَ والمتنوعة ، والتي جاءت مجملةً في القرآنِ الكريم ومفصلةً في السنة ، قد رفعتْ حجيةَ السنةِ إلى مكانةٍ عاليةٍ متمايزةٍ حيث قال النبي – صلى الله عليه وسلم - :" خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ لَعَلِّي لَا أَرَاكُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا " [ السنن الكبرى للبيهقى ]. فعندما يقولُ ربُّنا سبحانه وتعالى : وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [ البقرة : 196 ] ويقول : إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا [ القرة : 158 ] فمن ذا الذي يخبرُنا بالفرقِ بين الحجِّ والعمرةِ من القرآن الكريم ؟! ثم إن الله أمرنا بإتمام الحج والعمرةِ ولم يخبرْنا سبحانه – في القرآن الكريم – بمعيارِ هذا الإتمام.<o:p></o:p> <o:p></o:p> 9- وعندما يقول تعالى : يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [ البقرة : 189 ] فما الحكمةُ من الربط بين الحج وإتيانِ البيوتِ من ظهورها ؟! وما حكمةُ تحريمِ إتيانِ البيوت من ظهورِها في هذا الموضع بالذات ؟! هذا يسمى في علومِ القرآنِ بعلمِ المناسبة ، أي مناسبةُ الآياتِ مع بعضِها ومناسبةُ الفقراتِ المختلفةِ ظاهرياً مع بعضِها البعض ، وهذا العلمُ لا يُدركُ إلا بالسنة .<o:p></o:p> <o:p></o:p> فهذه الأسئلةُ وغيرُها لا يمكنُ الإجابةُ عنها بالنظر إلى القرآن وحدَه مستقلاً عن السنة ، ولكن يسهلُ علينا فهمُها إذا طالعْنا الحديثَ الذي رواه البخاري (ح 4512) عن البراءِ قال : كانوا إذا أحرموا في الجاهليةِ أتَوْا البيتَ من ظهرِه ، فأنزل الله : وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا . "وكذا رواه أبو داودَ الطيالسي، عن شعبة، عن أبي إسحاق ، عن البراء ، قال : كانت الأنصارُ إذا قدموا من سَفَرٍ لم يدخلِ الرجلُ من قِبَلِ بابِه، فنزلت هذه الآية ." ، " وقال الحسن البصري : كان أقوامٌ من أهلِ الجاهليّة إذا أراد أحدُهم سَفرًا وخرج من بيته يُريدُ سفره الذي خرج له ، ثم بدا له بَعْد خُروجِه أن يُقيم ويدعَ سفرَه ، لم يدخل البيتَ من بابه ، ولكن يتسوّرُه من قِبَلِ ظهرِه ، فقال الله تعالى : وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى الآية.<o:p></o:p> <o:p></o:p> وقال محمدُ بنُ كعب : كان الرجلُ إذا اعتكف لم يدخلْ منزلَه من بابِ البيت ، فأنزل الله هذه الآية . وقال عطاءُ بنُ أبي رباح : كان أهلُ يثربَ إذا رجعوا من عيدِهم دخلوا منازلَهم من ظهورِها ويَرَوْنَ أن ذلك أدنى إلى البر ، فقال الله تعالى : وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا" قاله ابن كثير.<o:p></o:p> <o:p></o:p> 10- ويقول تعالى : إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ [ التوبة : 136] ولم يسم لنا هذه الأربعة الحرم ، ألم يقل ربنا : وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا [ الإسراء : 12] فأين تفصيلُ ذلك في كتاب الله ؟! فهل يُكذّبُ هؤلاء اللاقرآنيين ربَّنا ؟! - تعالى الله علواً كبيرا - ولكن الإجابةَ هنا في السنةِ النبوية ، فيما أخرجه الإمامُ البخاريُّ في صحيحِه عن أبي بكرةَ رضي الله عنه قال : قال رسول الله : " إن الزمان قد استدار كهيئتِه يوم خلق الله السموات والأرض ، السنة اثنا عشرَ شهرا ، منها أربعةٌ حُرُم ، ثلاثٌ متواليات : ذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم ، ورجبُ مضرٍ الذي بين جمادى وشعبان" [ البخاري ح (3197 ، 4662 ، 4406 ، 5550 ، 7447) ، مسلم ح (1679)].<o:p></o:p> <o:p></o:p> 11- وفي الحج أيضاً يقول تعالى : الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ [البقرة : 197] رغم أن القرآن ، يصفُ توقيتَ الحجِّ بأنه أشهرٌ معلومات إلا أنه لم يذكرْ ما هي تلك الأشهرِ المعلومات ، ولم يسمِّها لنا بل تركها للسُّنة لتخبرَنا بها . قال ابن عمر : هي شوال ، وذو القَعْدة ، وعشرٌ من ذي الحجة وقد علَّقه البخاريُّ بصيغة الجزمِ وقد رُوي موصولاً عند ابنِ جريرٍ الطبري في تفسيرِه والحاكمِ في مستدركِه بإسنادٍ صحيح . وعلى هذا أجمعَ جمهورُ العلماءِ وكافةُ أهلِ الإسلامِ اتباعاً لسنة النبي .<o:p></o:p> <o:p></o:p> 12- ويقول تعالى : وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [ البقرة : 198] كسابقتِها ، حيث يذكرٌ القرآنُ أن هناك أيامٌ معدوداتٍ ثم يُعرضُ عن تحديدهِن ، فتأتي السنةُ لتخبرَ أن هذه الأيامِ المعدوداتِ عدتُها ثلاثةُ أيام ، وهي أيامٌ التشريق : الحادي عشرَ والثاني عشرَ والثالثَ عشر من شهرِ شوال ، ولا سبيلَ إلى معرفة ذلك إلا بالسنة المحمدية .<o:p></o:p> <o:p></o:p> 13- ثم يقول تعالى : ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [البقرة : 199] ونحن نسأل : مِن أين يفيضُ الناس ؟ ألا يُعدُّ هذا إحالةً من القرآن إلى ما تعارفَ عليه الناسُ من أمر دينِهم وما تلقوه من نبيهم ؟!<o:p></o:p> <o:p></o:p> 14- ويقول تعالى : وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [ المائدة: 38 ] وهنا نقعُ في إشكالياتٍ كثيرةٍ لا يمكن أن نحيطَ بها إلا من خلال السنة . من ذلك : ما هو القدرُ الذي يتمُّ فيه القطع ؟ ومن أين تُقطعُ اليد : مِن الرسغ ؟ أم من المرفق؟ أم من الكتف؟ فاليدُ تُطلق على كل ذلك . وأيُّ يدٍ تُقطع ، اليمنى أم اليسرى ؟ وماذا نفعلُ عند تعددِ السرقات؟<o:p></o:p> <o:p></o:p> إذا أراد المنكرُ للسنة أن يجيبَ عن السؤالِ الأول : ما هو القدرُ الذي يتمُّ فيه القطع ؟ فسيضطرُّ أن يقولَ بالقطع ولو في عقالِ غنم ، ولا شك أنه بهذا سيخالفُ قوله تعالى : وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ [الشورى : 30].<o:p></o:p> <o:p></o:p> ولكن سنةَ النبي جاءتنا بالنور والهدى والسراجِ المنيرِ فقال : " تُقطعُ يدُ السارقِ في رُبعِ دينارٍ فصاعدا " [ أخرجه صحيح البخاري برقم (6789) ومسلم (1684)] كما بينت أحاديثُ أخرى أن القطعَ يكونُ من الرسغِ ويبدأ في الأولى باليدِ اليمنى ثم في الثانيةِ من الرجل اليسرى ثم في الثالثةِ من اليد اليسرى ثم الرابعةِ من اليد اليمنى ثم في الخامسةِ القتل.<o:p></o:p> <o:p></o:p> وبعدُ ، فهذا غيضٌ من فيض ، وقليلٌ من كتير ، وهو جهدُ المُقلِّ ، ولعل المنهجَ الذي نريدُ أن نقدمَه من خلال هذه الحلقةِ من سلسلةِ الأدلةِ القرآنيةِ على حجيةِ السنة النبوية يصلحُ لأنْ نُعممَه على مئاتٍ - إن لم يكن آلافِ - الآياتِ القرآنيةِ والتي من خلالِها يتضحُ لنا أن هناك جملةً كبيرة من آيات القرآنِ الكريمِ لن نتمكنَ من فهمِها وإدراكِ معانيها إلا في إطارِ بيانٍ وتوضيحٍ وتفسيرٍ من السنة النبوية. <o:p></o:p> <o:p></o:p> وكل ما ذكرتُ هنا هو مجردُ أمثلةٍ لمنهجٍ متكاملٍ يستحقُّ أن نؤَصلَه لنستخرجَ جيشاً وحشداً من الأدلةِ التي ندمغُ بها رؤوسَ من ينكرون سنةَ النبي محمدٍ بنِ عبدِ الله صلوات ربي وسلامه عليه .<o:p></o:p> والحمد لله رب<o:p></o:p>
__________________
قـلــت : [LIST][*]من كفر بالسـّنـّة فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله تعالى يقول : (( وما آتاكم الرسول فخذوه )). [*]ومن كذّب رسولَ الله ، فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ،لأن القرآن يقول : (( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )). [*]ومن كذّب أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله سبحانه يقول فيهم : (( رضى الله عنهم ورضوا عنه )). [*]ومن كذّب المسلمين فهو على شفا هلكة ، لأن القرآن يقول : (( يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )) والنبي - صلى الله عليه وسلم يقول : ( من قال هلك الناس فهو أهلكهم ). [/LIST]
|
#3
|
|||
|
|||
الأدلةُ القرآنيةُ على حجيةِ السنةِ النبوية
الأدلةُ القرآنيةُ على حجيةِ السنةِ النبوية <?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p></o:p> <o:p></o:p> الحمدُ لله والصلاةُ والسلام على رسول الله وبعد ،،،<o:p></o:p> <o:p></o:p> للحق أهلُهُ، كما أنَّ للباطل أهلَه، وكِلا الفريقينِ يدّعي أنه على الحقِّ ومن خالفه على الباطل. وكلاالفريقينِ يحشدُ الأدلةَ لإثبات صحةِ مذهبِه، وبطلانِ مذهبِ مُخالفه. وسيظلُّ الأسلوبُ الأمثلُ والأقوى للمحاجةِ أن تستخدمَ أدلةَ الخصمِ في إثباتِ صحةِ مذهبِك وبطلانِ مذهبِه. <o:p></o:p> <o:p></o:p> ويحلو لمنكري السنة - على اختلاف دركاتهِم - أن يجحدوا حجيةَ السنةِ النبويةِ في التشريعِجنباً إلى جنبٍ مع القرآنِ الكريم. وغنيٌّ عن البيانِ أنهم في هذا قد أنكروا صريحَ القرآنِ وما أجمع عليه أهلُ الإسلام - منذ عهدِ النبيّ – صلى الله عليه وسلم – حتى الآن – من اعتبارِ السنةِ المصدرَ الثاني للتشريع في الإسلام. <o:p></o:p> <o:p></o:p> ولا أملُّ من ذِكر أن السنةِ النبويةِ ليست في حاجةٍ لأن نثبتَ حجيتَها في التشريع الإسلاميِّ، فأدلةُ حجيةِ السنةِ متواترةٌ ومتضافرةٌ ولا يمكنُ أن نذكرَ عددَ ولا حجمَ ولا قوةَ تلك الأدلةِ حتى نذكرَ قولَ الشاعر: <o:p></o:p> <o:p></o:p> قد تُنكرُ العين ضَوءَ الشمسِ من رمدٍ ****** ويُنكرُ الفمُّ طَعمَ الماءِ من سَقمِ<o:p></o:p> <o:p></o:p> وقولَ الشاعر: <o:p></o:p> ولربما جهِلَ الفتى سُبُلَ الهدى****** والشمسُ بازغةٌ لها أنوارُ<o:p></o:p> <o:p></o:p> فأدلةُ حجيةِ السنةِ منها ما هو أدلةٌ شرعيةٌ ومنها ما هو أدلةٌ عقلية. ولكني سأعمدُإلى ما ذكرتُه في بداية مقالي من أن أَمثَلَ أُسلوبٍ لمحاجةِ الخصمِ هو استخدامُ أدلتِهلإثباتِ صحةِ مذهبِنا وفسادِ مذهبِه. <o:p></o:p> <o:p></o:p> فطائفةٌ من منكري السنةِ ينكرونها بدعوى أنها تُعارضُ القرآنَ الكريم، ويدَّعون أن القرآنَ الكريمَ هو المصدرُ التشريعيُّ الوحيدُ فيالإسلام، ودون أن نخوضَ في تفصيلاتٍ كثيرةٍ يتضحُ بها فسادُ وبطلانُ منهجِ منكري السنة، سأُعرّجُ - سريعاً – على اتباعِ المنهج الذي حددتُه والخطُّ الذي رسمتُه لنفسي سابقاً، وأقولُ إن القرآنَ الكريم هو أعظمُ دليلٍ على حجيةِ السنةِ النبويةِ المطهرةِ في التشريعِ الإسلاميّ. <o:p></o:p> <o:p></o:p> وعادةً ما يستدلُّ علماؤنا ودعاتُنا بآياتٍ معينةٍ ظاهرةِ الدلالةِ في إثباتِ حجيةِ السنةِ النبويةِ، ولكنى أرى أن الأمرَ أكثرُ من هذا ، فبإمعانِ النظرِ والتدبرِ فيالقرآن الكريم، قد نكتشفُ أن كلَّ آيةٍ من آياتِ القرآنِ الكريمِ تُعدُّ دليلاً على حُجيةِ السنةِ النبوية. <o:p></o:p>
__________________
قـلــت : [LIST][*]من كفر بالسـّنـّة فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله تعالى يقول : (( وما آتاكم الرسول فخذوه )). [*]ومن كذّب رسولَ الله ، فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ،لأن القرآن يقول : (( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )). [*]ومن كذّب أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله سبحانه يقول فيهم : (( رضى الله عنهم ورضوا عنه )). [*]ومن كذّب المسلمين فهو على شفا هلكة ، لأن القرآن يقول : (( يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )) والنبي - صلى الله عليه وسلم يقول : ( من قال هلك الناس فهو أهلكهم ). [/LIST]
|
#4
|
|||
|
|||
[align=center]
الأدلةُ القرآنيةُ على حُجيةِ السنةِ النبوية:<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p></o:p> [/align] <o:p></o:p> وسوف ينتظم بحثى فى البنود التالية بإذن الله : 1- آياتٌ قرآنيةٌ تنص صراحةً على (وجوبُ طاعةِ الرسول) حجيةِ السنةِ النبويةِ وتحذرُ تاركَها. <o:p></o:p> 2- آياتٌ قرآنيةٌ لا يمكنُ فهمُ معناهاولا إدراكُ مقاصدَها إلا في سياقِ السنةِ النبويةِ وجهلُ معناها في السنة يؤدي إلى جهلِ معناها في القرآن. <o:p></o:p> 3- شيوعُ الخطابِ القرآنيِّ الموجهُ للنبيِّ – صلى الله عليه وسلم – باعتبارِ أنه أحدُ مكلَّفي الأُمة. <o:p></o:p> 4- الإتيانُ بمفرداتٍ قرآنيةٍ معينةٍ والعدولُ عن غيرِهالتدلَّ على حجيةِ السنة. <o:p></o:p> 5- آياتٌ قرآنيةٌ ظاهرُها التعارضُ والاختلافُ فيما بينَها ولايُرَدُّ تعارضُها إلا بأحاديثَ مبينةً لها. <o:p></o:p> 6- الإكثارُ من الآياتِ القرآنيةِ التي تؤكد على ضرورةِ الإيمانِ بالنبيّ – صلى الله عليه وسلم – وإقرانُها بآياتِ الإيمانِبالله. <o:p></o:p> 7- تخصيصُ سورٍ كاملةٍ للانتصار للنبي – صلى الله عليه وسلم – وبيانِ فضلِه ومنزلتِه وخصائصِه. <o:p></o:p> 8- ذِكرُ القرآنِ مقترناً بالسنة. <o:p></o:p> 9- آياتٌ قرآنيةٌ تتحدثُ عن الدَّورِ التشريعيِّ للنبي – صلى الله عليه وسلم -. <o:p></o:p> 10- مكانُ وزمانُ نزولِ آياتِ مشروعيةِ السنةِ ودلالةُ ذلك. <o:p></o:p> <o:p></o:p> ******
__________________
قـلــت : [LIST][*]من كفر بالسـّنـّة فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله تعالى يقول : (( وما آتاكم الرسول فخذوه )). [*]ومن كذّب رسولَ الله ، فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ،لأن القرآن يقول : (( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )). [*]ومن كذّب أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله سبحانه يقول فيهم : (( رضى الله عنهم ورضوا عنه )). [*]ومن كذّب المسلمين فهو على شفا هلكة ، لأن القرآن يقول : (( يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )) والنبي - صلى الله عليه وسلم يقول : ( من قال هلك الناس فهو أهلكهم ). [/LIST]
|
#5
|
|||
|
|||
<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p></o:p> <o:p></o:p> الحلقةُ الأولى<o:p></o:p> <o:p></o:p> الآياتُ القرآنيةُ التي تنصُّ صراحةً على حجيةِ السنةِ النبويةِ (وجوبُ طاعةِ الرسولِ ) وتحذيرُ تاركها: ويكفينا هنا أن نوردَ تلك الآياتِ ولسنا بحاجةٍ كبيرةٍ إلى تفسيرِها فكثرتُها ودلالتُها الظاهرةُ تُغني عن تفسيرِها ولكننا سنشيرُ –بإيجازٍ– إلى أحدِ أوجُهِها الاستدلالية.<o:p></o:p> <o:p></o:p> 1- قال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ [آل عمران: 32].<o:p></o:p> وجه الاستدلال: القرآنُ يحكمُ بالكفرِ على من يعصي اللهَ ورسولَه.<o:p></o:p> <o:p></o:p> 2- وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء: 59].<o:p></o:p> وجه الاستدلال: صدْرُ الآيةِ يصفُ الذين يطيعون اللهَ ورسولَه بالإيمان، فهي كالمتممةِ لسابقتِها.<o:p></o:p> <o:p></o:p> 3- قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ * إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ [الأنفال: 20–22].<o:p></o:p> وجه الاستدلال: هذه الآيةُ جمعت بين كلا الأمرين: الأمرُ والنهيُ وتصفُ المخالفينَ لهما بالدواب.<o:p></o:p> <o:p></o:p> 4- قال تعالى : قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ [النور:54].<o:p></o:p> وجه الاستدلال: هذه الآيةُ سابقةٌ لآيةِ الاستخلاف: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [النور: 55] وكأنها تقولُ أنه لا استخلافَ في الأرضِ ولا تمكينَ إلا بطاعةِ اللهِ واتباعِ الرسول صلى الله عليه وسلم فهي كالسببِ للنتيجة.<o:p></o:p> <o:p></o:p> 5- قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ [محمد: 33].<o:p></o:p> وجه الاستدلال: تنصُّ الآيةُ على أن مخالفةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم من أسبابِ بطلانِ الأعمال.<o:p></o:p> <o:p></o:p> 6- قال تعالى: قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِيقُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [الحجرات: 14].<o:p></o:p> وجه الاستدلال: الآيةُ تبينُ أنه لا إيمانَ إلا بطاعةِ اللهِ ورسولِه.<o:p></o:p> <o:p></o:p> 7- قال تعالى: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ [النساء: 13-14].<o:p></o:p> وجه الاستدلال: هذه الآيةُ جاءت بالثوابِ لمن يُطيعُ اللهَ ورسولَه وبالعقابِ لمن يعصي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.<o:p></o:p> <o:p></o:p> 8- قال تعالى : وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا [النساء: 69].<o:p></o:p> وجه الاستدلال: هذه الآيةُ جاءت بالدرجةِ في الجنةِ وتعيينِ جزاءِ من يطِيعُ اللهَ ورسولَه.<o:p></o:p> <o:p></o:p> 9- قال تعالى: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا [النساء: 80].<o:p></o:p> وجه الاستدلال: هذه الآيةُ جاءت بالقاعدةِ العظمى التي تبينُ أن طاعةَ الرسولِ هي طاعةٌ للهِ سبحانه بلا خلاف.<o:p></o:p> <o:p></o:p> 10- قال تعالى : إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَاللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ [النور: 51–52].<o:p></o:p> وجه الاستدلال: تخبرُنا هذه الآيةُ أن من صفاتِ المؤمنين طاعةَ اللهِ ورسولِه.<o:p></o:p> <o:p></o:p> 11- قال تعالى : وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب: 71].<o:p></o:p> وجه الاستدلال: آيةٌ من سورةِ الأحزابِ تبينُ أن طاعةَ اللهِ ورسولِه من أسبابِ النصرِ في الدنيا والفوزِ بسعادةِ الآخرة، وتُذكرُهم بما كان من أثرِ مخالفةِ أمرِ النبيّ صلى الله عليه وسلم يومَ أُحُدٍ وكأنها تدعوهم لعدم تكرارِ الأمرِ حتى لا تتكررَ النتيجة.<o:p></o:p> <o:p></o:p> 12- قال تعالى: لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا [الفتح: 17].<o:p></o:p> وجه الاستدلال: آيةٌ من سورة الفتحِ تخبرُ أن مِن أهمِّ أسبابِ الفتح طاعةَ اللهِ ورسولِه.<o:p></o:p> <o:p></o:p> 13- قال تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [الأحزاب: 71].<o:p></o:p> وجه الاستدلال: هذه الآيةُ تبينُ أن من صفاتِ المؤمنين: الموالاةَ فيما بينهم، والأمرَ بالمعروفِ، والنهيَ عن المنكر، وإقامةَ الصلاة، وإيتاءَ الزكاة، وطاعةَ الله، وطاعةَ رسولِه، فجاءت طاعةُ اللهِ ورسولِه من جملةِ الأعمالِ الصالحةِ ومن جملةِ صفاتِ المؤمنين.<o:p></o:p> <o:p></o:p> 14- قال تعالى: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا [الأحزاب: 32-33].<o:p></o:p> وجه الاستدلال: تبينُ الآيةُ أن نساءَ النبيّ صلى الله عليه وسلم لَسن مَعفياتٍ من طاعتِه ومن ثَم فمَن دونهُن هو أولى بحُكمهِن. كما تُبين الآيةُ أن في طاعةِ اللهِ وطاعةِ رسولِه إذهابٌ للرجسِ وتطهيرٌ للمسلم.<o:p></o:p> <o:p></o:p> 15- قال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران: 31].<o:p></o:p> وجه الاستدلال: هذه هي آيةُ المحنةِ والاختبارِ لكل من يَدعي حُبَّ اللهِ سبحانه وتعالى، وتُقَيدُ هذا الحبَّ باتباعِ النبيّ – صلى الله عليه وسلم – وأن نتيجةَ ذلك وجزاءَه، مغفرةُ الذنوب.<o:p></o:p> <o:p></o:p> 16- قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [آل عمران: 130–132].<o:p></o:p> وجه الاستدلال: القرآنُ الكريمُ ينهى عن الربا ، ولم يُحددْ تعريفَه ولا ماهيتَه، ثم يأمرْ بطاعةِ الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه هو الذي سيبينُ معنى الربا ويُحددُ ماهيتَه في سُنته.<o:p></o:p> <o:p></o:p> 17- قال تعالى: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ [المائدة:92].<o:p></o:p> وجه الاستدلال: هذه الآيةُ تكشفُ طاعتين: الأولى لله سبحانه، والثانيةَ للرسول صلى الله عليه وسلم؛ لترُد شبهةَ من يَدعي أن طاعةَ الرسولِ هي الأخذُ بالقرآن دون السنة. وسيأتي – بإذن الله – مزيدُ بيانٍ حول هذه المسألة.<o:p></o:p> <o:p></o:p> 18- قال تعالى : يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [الأنفال: 1] ثم يتكرر الأمر في نفس السورة : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ [الأنفال: 20] ثم يتكررُ الأمرُ نفسُه في السورةِ نفسِها للمرةِ الثالثة: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال: 46].<o:p></o:p> وجه الاستدلال: ثلاثُ أوامرَ بطاعةِ الله ورسولِه في سورةٍ واحدةٍ، ولولا السنةُ والأحاديثُ ما علِمنا ما هي الأنفال.<o:p></o:p> <o:p></o:p> 19- قال تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [النور:56].<o:p></o:p> وجه الاستدلال: اقتصرت هذه الآيةُ على طاعةِ الرسولِ ولم تذكرْ (طاعةَ الله) لبيانِ استقلاليتَها عن طاعةِ اللهِ سبحانه، كما جاءت الآيةُ في إطارِ الأمرِ بإقامةِ الصلاةِ وأداءِ الزكاةِ للإشارةِ إلى أن السنةَ هي المبينةُ لماهية كِليهما.<o:p></o:p> <o:p></o:p> 20- قال تعالى: أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المجادلة: 13].<o:p></o:p> وجه الاستدلال: يتكررُ الأمرُ نفسُه بطاعةِ النبيِّ في سياقِ آياتٍ تشيرُ إلى أن مناجاةَ الرسولِ صلى الله عليه وسلم ليست كمناجاةِ أحدٍ من باقي الأمةِ ومن ثَمّ فإن طاعتَه ليست كطاعةِ أحدٍ من أُمتِه.<o:p></o:p> <o:p></o:p> 21- قال تعالى: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُواالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ [التغابن: 12].<o:p></o:p> وجه الاستدلال: الأمرُ بطاعةِ الرسول يأتي في سياقِ آياتٍ تتحدثُ عن ضرورةِ تصديقِ الرسلِ وبيانِ عقابِ الذين خالفوهم : أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ [التغابن: 5-6]<o:p></o:p> <o:p></o:p> 22- قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا [النساء: 64].<o:p></o:p> وجه الاستدلال: التأكيدُ على طاعةِ الرسولِ بعينِها وأن هذه هى سنةُ اللهِ في أنبيائِه أجمعين، وقال تعالى: ليطاعَ بإذن الله ولم يقل: "ليطاع الله" ليُعلمَ أن طاعةَ الرسلِ هدفٌ في ذاتِها.<o:p></o:p> <o:p></o:p> 23- قال تعالى: فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [النساء: 65].<o:p></o:p> وجه الاستدلال: احتياجُنا لحكمِ الرسول صلى الله عليه وسلم رغم وجودِ القرآنِ يشيرُ إلى أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم يبينُ لنا الأحكامَ التي ينغلقُ علينا فهمُها من القرآنِ الكريم، وهذا دليلٌ قاطعٌ على حجيةِ السنة.<o:p></o:p> <o:p></o:p> 24- قال تعالى: فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ * رَبَّنَا آَمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ [آل عمران: 52 – 53]<o:p></o:p> وجه الاستدلال: هذا كلامُ الحوارييّنَ لعيسى صلى الله عليه وعلى نبينا وسلم، وهم يُقرون باتباعِهم له، ونبيُّنا صلى الله عليه وسلم في هذا أولى، لأنه خاتمُ النبيين. وتبينُ الآيةُ أن التصديقَ وحدَه لا يكفي، ولكن لا بُد من الاتباع، والاتباعُ لا يكون إلا بالعمل، والعملُ لايكونُ إلا بمنهج، ومنهجُ الرسولِ هو سنتُه، ولو لم تكنْ السنةُ لكان من الأولى أن يكون الخطابُ: "ربنا آمنا بما أنزلتَ واتبعناه"، ولكن هذا لم يكن، للدلالةِ على حجيةِ السنة.<o:p></o:p> <o:p></o:p> شبيهٌ بذلك:<o:p></o:p> 25- قولُه تعالى : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَاللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب: 21].<o:p></o:p> وجه الاستدلال: كيف تكونُ الأسوةُ إلا باتباعِ خُطى المؤتسى به وانتهاجِ نهجِ المقتدى به؟!!<o:p></o:p> <o:p></o:p> 26- قال تعالى: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [النساء: 115].<o:p></o:p> وجه الاستدلال: الإعراضُ عن سنةِ النبيّ صلى الله عليه وسلم من مَشاقتِه، والآيةُ تؤكدُ على ضرورةِ اتباعِ سبيلِ المؤمنينَ الذين نقلوا لنا هذا الدينُ والذين أجمعوا بلا خلافٍ من واحدٍ منهم على حجيةِ السنةِ الشريفة.<o:p></o:p> <o:p></o:p> 27- قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ [محمد: 32]<o:p></o:p> وجه الاستدلال: الجمعُ بين الكفرِ بالله، والصدُّ عن سبيلِه، ومشاقةِ الرسول، لبيانِ شناعةِ الجرمِ في كلٍ.<o:p></o:p> <o:p></o:p> 28- قال تعالى: وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الحشر: 7]<o:p></o:p> وجه الاستدلال: تأويلُها تنزيلُها.<o:p></o:p> <o:p></o:p> 29- قال تعالى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. [الأعراف: 156–157]<o:p></o:p> وجه الاستدلال: الآيةُ تَنسبُ إلى النبيّ الأمرَ والنهيَ والحِلَّ والتحريم، وتصفُ مُتبعيه بالإيمان، وتذكرُ: النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ عامةً، ولم تذكر القرآنَ خاصة.<o:p></o:p> <o:p></o:p> 30- قال تعالى : وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى [النجم: 1–5].<o:p></o:p> وجه الاستدلال: طالما أن القرآنَ يصفُ النبيّ صلى الله عليه وسلم بأنه لا ينطقُ عن الهوى، وأنه ينطقُ بالوحيِ، فلا شكَّ أن ما ينطقُ به ملزِمٌ لأُمتِه. وخصوصُ سببِ نزولِ الآيةِ لا ينفي عمومَ لفظها.<o:p></o:p> <o:p></o:p> وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.<o:p></o:p>
__________________
قـلــت : [LIST][*]من كفر بالسـّنـّة فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله تعالى يقول : (( وما آتاكم الرسول فخذوه )). [*]ومن كذّب رسولَ الله ، فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ،لأن القرآن يقول : (( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )). [*]ومن كذّب أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله سبحانه يقول فيهم : (( رضى الله عنهم ورضوا عنه )). [*]ومن كذّب المسلمين فهو على شفا هلكة ، لأن القرآن يقول : (( يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )) والنبي - صلى الله عليه وسلم يقول : ( من قال هلك الناس فهو أهلكهم ). [/LIST]
|
#6
|
|||
|
|||
الأدلةُ القرآنيةُ على حجيةِ السنة النبوية<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p></o:p> الحلقة الثانية<o:p></o:p> رَب يسرْ وأعِن.<o:p></o:p> <o:p></o:p> نواصلُ عرضَ الأدلةِ القرآنية على حجيةِ السنةِ النبوية. <o:p></o:p> <o:p></o:p> [ ثانياً ] : آياتٌ قرآنيةٌ لا يمكنُ إدراكُ مقصدِها إلا في إطارٍ من السنة النبوية:<o:p></o:p> <o:p></o:p> إن تشريعَ الإسلامِ تشريعٌ صالحٌ لكل زمانٍ ولكل مكانٍ ولكل الأشخاص ، وتشريعٌ بهذه المواصفاتِ لا بدَّ أن يتسمَ بالكمال والشمول وأن يحتوي على قدرٍ وافرٍ من التفاصيل لأحكامِه ، وعند الرجوعِ إلى القرآن الكريم نجدُ أنه قد جاء بالأحكام العامة دون الدخول في التفاصيل ، وعندي أن إغفالَ القرآنِ الكريم لِذكر تلك التفاصيل وإحالتِها إلى السنة النبوية ، دليلٌ على حجيتِها في التشريع الإسلامي ، ذلك أن القرآن قد أمرنا بالاجتماع وعدم الفرقة ، قال تعالى : وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [ الأنفال : 46 ] وعدمُ ذِكر تفاصيلِ الأحكامِ سيؤدي – لا محالة – إلى الحاجة إلى كثرة إعمالِ العقلِ والنظرِ والاعتمادِ على الرأي دون النص ، الأمر الذي سيؤدي إلى وجود فجوةٍ كبيرةٍ بين الناظرين وبعضِهم البعض.<o:p></o:p> <o:p></o:p> وأذكرُ في هذا المقامِ أنني سبق أن ناظرتُ منكراً للسنةِ في مسألة تفاصيلِ أحكام الصلاةِ فأنكر ما أجمع عليه أهل السنة منذ عهد النبي – صلى الله عليه وسلم - إلى عهدنا هذا ، وجاء بمواصفاتِ صلاةٍ من عنده ، فزعم أن عدد الصلواتِ ثلاثةُ فروضٍ فأسقط الظهرَ والمغرب ،وجاء بهيئةٍ غيرِ التي نعلم ، ثم حاورتُ منكراً آخرَ بعده بفترة قصيرة ، فاتفق مع الأول في التثليث واختلف معه في كل شيء ، حيث أسقط العصرَ والمغربَ وجاء بهيئةٍ غيرَ التي نعلمُ وغيرَ التي ذكرها سلفُه ، والمحصلةُ أنهما اتفقا على إنكارِ السنة ولم يتفقا على شيءٍ بعده.<o:p></o:p> <o:p></o:p> والدرسُ المستفادُ من هذه الواقعةِ أن ترْكَ السنة – حتماً – سيؤدي إلى الاختلاف في الأحكام حداً نصلُ فيه إلى حد التنازعِ والتفرق ، فهذان منكِران للسنة عندما تجنبا السنةَ وأعملا عقليْهما في القرآن بغير ضابطٍ ولا مرشدٍ أوقعهما في التعارضِ والاختلافِ فما بالنا لو زاد المنكرون عن هذين ، ترى ماذا سيكون الحال؟!<o:p></o:p> <o:p></o:p> وأبدأ - بحول الله وقوته – في استعراض بعضِ الآيات القرآنية التي لا نستطيعُ أن ندركَ مقصدَها إلا في إطارِ ضوابطَ من السنة النبوية. ولْنعلمْ أن هذا البابَ واسعٌ لا قيد له ، وبحرٌ شاسعٌ لا ساحلَ له ، ولكننا سننزعُ منه نَزعاً يسيراً لبيان المقصود ، ولْتعلمْ أن ما فاتنا أكثرُ مما حصّلنا ، ويكفينا أن نعرضَ المنهجَ ومن استطاع أن يكمل الطريق ، فاللهُ المستعانُ وهو من وراء القصد.<o:p></o:p> <o:p></o:p> 1- قال تعالى : وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ [ البقرة : 43 ، 83 ، 110م ] ، [ النساء : 77م ] ، [ النور : 56م ] ، [ يونس : 31 ] ، [ المزمل : 20ك ]. الصلاةُ هى الركن العملي الأولُ في الإسلام ، وقد ورد ذكرها والحث عليها في عشرات المواضعِ من القرآن الكريم ولم تنلْ عبادةٌ من الاهتمام في القرآن ما نالته الصلاة ، ورغم هذا نجدْ أن القرآن لم يُشر من قريبٍ أو بعيدٍ إلى تفاصيل الصلاة ، اللهم إلا أوضاعَ الصلاةِ الرئيسية : القيامَ والركوعَ والسجود ، وكذا ثلاثةُ مواقيتَ في اليوم والليلة : وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ [ هود : 114 ]، هي أيضاً مواقيتٌ عامةٌ وغيرُ محددة ، وعدا هذا لم يذكرْ القرآنُ مواضيع في غايةِ الأهمية بدونِها لا تصح الصلاةٌ مثل: كيفيةِ بِدءِ الصلاة ، وكيفيةِ خَتمِها ، بحيث تتميزُ عما عداها من الأقوال والأفعال ، وأحكامِ الإمامةِ والجماعةِ وأركانِها وشروطِ صحتِها ومبطلاتِها.<o:p></o:p> <o:p></o:p> 2- ولْننظرْ إلى معضلةٍ أخرى عندما نقرأُ قولَه تعالى : وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا [ المائدة : 58 ] المقصودُ بالنداء هنا: الأذان ، وقد اكتفى القرآنُ – كعادته – بذِكر أن هناك ثمةُ نداءٍ إلى الصلاةِ ولم يذكرْ هيئةَ هذا النداءِ وماهيةَ ألفاظِه. ولكنَّ السنةَ هي التي تقوم بهذا الدور الفريدِ فعن عبدِ الله بنِ زيدِ بنِ عبدِ ربه : لما أجمع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يضربَ بالناقوس وهو له كارهٌ لموافقته النصارى طاف بي من الليل طائفٌ وأنا نائمٌ رجلٌ عليه ثوبان أخضران وفي يده ناقوسٌ يحملُه قال فقلت : يا عبدَ الله أتبيع الناقوس؟ قال : وما تصنعُ به ؟ قال : قلت : ندعو به إلى الصلاة. قال : أفلا أدلُّك على خيرٍ من ذلك فقلت : بلى . قال تقول : الله أكبر …. (إلى نهاية الأذان )… قال : فلما أصبحت أتيت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فأخبرتُه بما رأيت فقال : إنها لرؤيا حقٍّ إن شاء الله فقُم معَ بلالٍ فألْقِ عليه ما رأيت فإنه أندى صوتاً منك قال فقمت معَ بلالٍ فجعلتُ أُلقيه عليه ويؤذنُ به قال : فسمع ذلك عمرُ بنُ الخطاب رضي الله عنه وهو في بيته فخرج يجرُّ رداءَه يقول : والذي بعثك بالحق لقد رأيتُ مثل الذي أُرِي . فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فلله الحمد . رواه أحمد ( 15881 ) والترمذي ( 174 ) وأبو داود ( 421 ) و ( 430 ) وابن ماجه ( 698 ) .<o:p></o:p> <o:p></o:p> 3- ثم يقول تعالى : فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا [ النساء : 103 ] نجدُ أن القرآنَ قد أحال على السنة كيفيةَ خَتمِ الصلاة ، ثم ها هو يأمرُنا بذِكر الله بعد الانتهاء منها ولم يوضحْ كيف نذكرُه ، بينما جاءت السنةُ ببيان هذا الذكر تفصيلياً فيما يُعرف بأذكار ما بعد الصلاة من استغفارٍ وتسبيحٍ وتحميدٍ وتكبيرٍ وتهليلٍ وبينت عددَ كلٍّ منها : فالاستغفارُ يكون ثلاثاً والتسبيحُ والتحميدُ والتكبيرُ يكون كلٌّ ثلاثاً وثلاثين ، والتهليلُ : ( لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير ) مرةً واحدةً .<o:p></o:p> <o:p></o:p> كما تذكر الآيةُ الكريمةُ أن الصلاة كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا والشيءُ الموقوتُ يكون له ابتداءٌ وانتهاء ، فأين نجدُ ذلك في كتاب الله ؟ بينما لم يصلْنا إلا من خلال ما ورد في السنة النبوية ، فقد أخرج الإمامُ مسلمٌ في صحيحه (ح 610) عن أبي مسعودٍ الأنصاري قال : سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول : "نزل جبريل فأمّني. فصليتُ معه . ثم صليتُ معه . ثم صليتُ معه . ثم صليتُ معه" . يحسبُ بأصابعِه خمسَ صلوات . <o:p></o:p> <o:p></o:p> وفيه أيضاً (ح611) عن عبد الله بنِ عمرو ؛ أن نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قال : "إذا صليتم الفجرَ فإنه وُقتَ إلى أن يطلعَ قرنُ الشمسِ الأول . ثم إذا صليتم الظهرَ فإنه وُقتَ إلى أن يحضرَ العصر . فإذا صليتم العصرَ فإنه وُقتَ إلى أن تصفرَّ الشمس . فإذا صليتم المغربَ فإنه وُقتَ إلى أن يسقطَ الشفق . فإذا صليتم العشاءَ فإنه وُقتَ إلى نصفِ الليل" . <o:p></o:p> <o:p></o:p> .وفيه كذلك ( ح 612) عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ قال : "وُقتَ الظهرُ ما لم يحضرِ العصر . ووُقتَ العصرُ ما لم تصفرُّ الشمس . ووُقتَ المغربُ ما لم يسقطْ ثورُ الشفق . ووُقتَ العشاءُ إلى نصف الليل . ووُقتَ الفجرُ ما لم تطلعِ الشمس" . <o:p></o:p> <o:p></o:p> وفي روايةٍ أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : "وَقتُ الظهرِ إذا زالت الشمس . وكان ظلُّ الرجلِ كطولِه . ما لم يحضرْ العصر . ووقتُ العصرِ ما لم تصفرُّ الشمس . ووقتُ صلاةِ المغربِ ما لم يَغبِ الشفق. ووقتُ صلاةِ العشاءِ إلى نصف الليلِ الأوسط . ووقتُ صلاةِ الصبحِ من طلوعِ الفجر . ما لم تطلعِ الشمس . فإذا طلعت الشمسُ فأمسِك عن الصلاة . فإنها تطلعُ بين قرنَي شيطان" . <o:p></o:p> <o:p></o:p> وفيه (ح 613) عن بريدةَ ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أن رجلاً سأله عن وقت الصلاة ؟ فقال له : "صلِّ معنا هذين" (يعني اليومين) فلما زالت الشمسُ أمرَ بلالاً فأذَّن . ثم أمَره فأقام الظهر. ثم أمَره فأقام العصر. والشمسُ مرتفعةُ بيضاءَ نقية . ثم أمَره فأقام المغربَ حين غابت الشمس. ثم أمَره فأقام العشاءَ حين غاب الشفق . ثم أمَره فأقام الفجرَ حين طلع الفجر. فلما أن كان اليومُ الثاني أمَره فأبردَ بالظهر . فأبردَ بها . فأنعِم أن يُبرد بها . وصلى العصرَ والشمسُ مرتفعة . أخَّرها فوق الذي كان. وصلى المغربَ قبل أن يغيبَ الشفق . وصلى العشاءَ بعد ما ذهب ثلثُ الليل . وصلى الفجرَ فأسفر بها. ثم قال : "أين السائلُ عن وقتِ الصلاة ؟" فقال الرجلُ : أنا . يا رسولَ الله ! قال : "وقت صلاتِكم بين ما رأيتم" . <o:p></o:p> <o:p></o:p> إلى غيرِ ذلك من الأحاديثِ التي أفاضت في شرحِ مواقيتِ الصلاة والمنتشرةُ في دواوين السنة ، والتي أجملَها النبي – صلى الله عليه وسلم – عندما قال : " وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي " [ أخرجه ابنُ حبان في صحيحه عن مالك بن الحويرث ].<o:p></o:p> <o:p></o:p> ثم تأملْ قول النبي – صلى الله عليه وسلم – في الحديث الأول : " نزل جبريلُ فأمّني " أليس هذا هو عينُ ما قاله القرآنُ الكريم : عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ؟! [ النجم : 5 ]<o:p></o:p> <o:p></o:p> 4- وتستمرُّ المسيرةُ مع الصلاةِ حيث يقول تعالى : إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [ الأحزاب : 56 ] فما الفرق بين الصلاةِ لله والصلاةِ على النبي – صلى الله عليه وسلم - !؟ القرآن لا يجيبُ على هذا التساؤلِ ، ولكنه يحيلُ الإجابةَ على السنة . وسيعجزُ جهابذةُ منكري السنةِ أن يجيبوا هذا التساؤلَ إذا ما أعرضوا عن السنة ، وستقعُ بينهم الاختلافاتُ سحيقةَ الأعماقِ في هذا الصدد !<o:p></o:p> <o:p></o:p> 5- ولا تزال الصلاةُ تنافحُ عن حجية السنة ، فيقول ربنا سبحانه : وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا [ النساء : 101 ] لم يذكر القرآنُ كيف يكونُ القصر ؟ هل بالتقليل من عدد الفرائض ؟ أم بتقليلِ عددِ الركعات ؟ أم بتخفيضِ زمنِ أدائِها ؟ أم القصرِ من حركاتِ القيامِ والركوعِ والسجود ؟ ما هو معيارُ القصرِ وما هي كيفيتُه ؟ لن يجيبَ القرآنُ وسيحيلُ على السنة ، ترسيخاً لحجيتها .<o:p></o:p> <o:p></o:p> 6- وقبل أن نغادرَ أحكامَ الصلاةِ في القرآن الكريم نأتي بقاصمةِ الظهرِ لمنكري السنةِ في شأنِ الصلاة ، قال تعالى : سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (142) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْه [ البقرة : 142 - 143م ] فما هي القبلةُ التي كان عليها ؟ وأين الأمرُ القرآني بتلك القبلةِ الأولى ؟ إن كان ذلك أمراً قرآنياً فأين هو ؟ وإذا جاز أن يأتي أمرٌ آخرُ من خارجِ القرآنِ فهل هناك أَولى من السنة بهذا ؟!<o:p></o:p> <o:p></o:p> 7- وفي شأن الزكاةِ يقول ربنا جل وعلا : وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [المعارج : 24-25] فكم يبلغْ مقدارُ هذا الحقِّ المعلوم ؟ وكيف يوصفُ بأنه معلومٌ ولم يُذكرْ مقدارُه أصلاً ؟! وتأملْ قولَه تعالى : أموالهم حيث جاء بها على سبيل الجمع ، فهو إذن يتحدثْ عن أجناسٍ شتى ومختلفةٍ من المال ، فالذهبُ مالٌ ، والفضةُ مالٌ ، والماشيةُ ، والإبلُ ، والأغنامُ ، والماعزُ ، كلُّها من صنوفِ المال ، فهل يستوي ذلك الحقُّ المعلومُ من الذهب مع مثيلِه من الفضة ، وهل يستوي هذان مع الآخرِ الخاصِّ بالماشيةِ والإبلِ والأغنام والماعز ؟<o:p></o:p> <o:p></o:p> وماذا عن الأرض والزرع ؟ أليست هي الأخرى مِن جنسِ المال ، ومِن ضِمنِ الثروات ؟ فما مقدارُ الحقِّ المعلومِ منها ؟ ولماذا لم يُفصلْه القرآنُ الكريم ؟ وهل يستطيع أيُّ إنسانٍ مهما أوتيَ من البلاغةِ أو الفصاحةِ أو البيان أن يُدركَ هذا الحقَّ المعلومَ من هذه الأموالِ من كتاب الله دون الرجوعِ إلى السنة ؟!<o:p></o:p> <o:p></o:p> 8- ولعل مناسكَ الحج وشعائرَه الكثيرةَ والمتنوعة ، والتي جاءت مجملةً في القرآنِ الكريم ومفصلةً في السنة ، قد رفعتْ حجيةَ السنةِ إلى مكانةٍ عاليةٍ متمايزةٍ حيث قال النبي – صلى الله عليه وسلم - :" خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ لَعَلِّي لَا أَرَاكُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا " [ السنن الكبرى للبيهقى ]. فعندما يقولُ ربُّنا سبحانه وتعالى : وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [ البقرة : 196 ] ويقول : إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا [ القرة : 158 ] فمن ذا الذي يخبرُنا بالفرقِ بين الحجِّ والعمرةِ من القرآن الكريم ؟! ثم إن الله أمرنا بإتمام الحج والعمرةِ ولم يخبرْنا سبحانه – في القرآن الكريم – بمعيارِ هذا الإتمام.<o:p></o:p> <o:p></o:p> 9- وعندما يقول تعالى : يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [ البقرة : 189 ] فما الحكمةُ من الربط بين الحج وإتيانِ البيوتِ من ظهورها ؟! وما حكمةُ تحريمِ إتيانِ البيوت من ظهورِها في هذا الموضع بالذات ؟! هذا يسمى في علومِ القرآنِ بعلمِ المناسبة ، أي مناسبةُ الآياتِ مع بعضِها ومناسبةُ الفقراتِ المختلفةِ ظاهرياً مع بعضِها البعض ، وهذا العلمُ لا يُدركُ إلا بالسنة .<o:p></o:p> <o:p></o:p> فهذه الأسئلةُ وغيرُها لا يمكنُ الإجابةُ عنها بالنظر إلى القرآن وحدَه مستقلاً عن السنة ، ولكن يسهلُ علينا فهمُها إذا طالعْنا الحديثَ الذي رواه البخاري (ح 4512) عن البراءِ قال : كانوا إذا أحرموا في الجاهليةِ أتَوْا البيتَ من ظهرِه ، فأنزل الله : وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا . "وكذا رواه أبو داودَ الطيالسي، عن شعبة، عن أبي إسحاق ، عن البراء ، قال : كانت الأنصارُ إذا قدموا من سَفَرٍ لم يدخلِ الرجلُ من قِبَلِ بابِه، فنزلت هذه الآية ." ، " وقال الحسن البصري : كان أقوامٌ من أهلِ الجاهليّة إذا أراد أحدُهم سَفرًا وخرج من بيته يُريدُ سفره الذي خرج له ، ثم بدا له بَعْد خُروجِه أن يُقيم ويدعَ سفرَه ، لم يدخل البيتَ من بابه ، ولكن يتسوّرُه من قِبَلِ ظهرِه ، فقال الله تعالى : وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى الآية.<o:p></o:p> <o:p></o:p> وقال محمدُ بنُ كعب : كان الرجلُ إذا اعتكف لم يدخلْ منزلَه من بابِ البيت ، فأنزل الله هذه الآية . وقال عطاءُ بنُ أبي رباح : كان أهلُ يثربَ إذا رجعوا من عيدِهم دخلوا منازلَهم من ظهورِها ويَرَوْنَ أن ذلك أدنى إلى البر ، فقال الله تعالى : وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا " قاله ابن كثير.<o:p></o:p> <o:p></o:p> 10- ويقول تعالى : إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ [ التوبة : 136] ولم يسم لنا هذه الأربعة الحرم ، ألم يقل ربنا : وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا [ الإسراء : 12] فأين تفصيلُ ذلك في كتاب الله ؟! فهل يُكذّبُ هؤلاء اللاقرآنيين ربَّنا ؟! - تعالى الله علواً كبيرا - ولكن الإجابةَ هنا في السنةِ النبوية ، فيما أخرجه الإمامُ البخاريُّ في صحيحِه عن أبي بكرةَ رضي الله عنه قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : " إن الزمان قد استدار كهيئتِه يوم خلق الله السموات والأرض ، السنة اثنا عشرَ شهرا ، منها أربعةٌ حُرُم ، ثلاثٌ متواليات : ذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم ، ورجبُ مضرٍ الذي بين جمادى وشعبان" [ البخاري ح (3197 ، 4662 ، 4406 ، 5550 ، 7447) ، مسلم ح (1679)].<o:p></o:p> <o:p></o:p> 11- وفي الحج أيضاً يقول تعالى : الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ [البقرة : 197] رغم أن القرآن ، يصفُ توقيتَ الحجِّ بأنه أشهرٌ معلومات إلا أنه لم يذكرْ ما هي تلك الأشهرِ المعلومات ، ولم يسمِّها لنا بل تركها للسُّنة لتخبرَنا بها . قال ابن عمر : هي شوال ، وذو القَعْدة ، وعشرٌ من ذي الحجة وقد علَّقه البخاريُّ بصيغة الجزمِ وقد رُوي موصولاً عند ابنِ جريرٍ الطبري في تفسيرِه والحاكمِ في مستدركِه بإسنادٍ صحيح . وعلى هذا أجمعَ جمهورُ العلماءِ وكافةُ أهلِ الإسلامِ اتباعاً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم .<o:p></o:p> <o:p></o:p> 12- ويقول تعالى : وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [ البقرة : 198] كسابقتِها ، حيث يذكرٌ القرآنُ أن هناك أيامٌ معدوداتٍ ثم يُعرضُ عن تحديدهِن ، فتأتي السنةُ لتخبرَ أن هذه الأيامِ المعدوداتِ عدتُها ثلاثةُ أيام ، وهي أيامٌ التشريق : الحادي عشرَ والثاني عشرَ والثالثَ عشر من شهرِ شوال ، ولا سبيلَ إلى معرفة ذلك إلا بالسنة المحمدية .<o:p></o:p> <o:p></o:p> 13- ثم يقول تعالى : ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [البقرة : 199] ونحن نسأل : مِن أين يفيضُ الناس ؟ ألا يُعدُّ هذا إحالةً من القرآن إلى ما تعارفَ عليه الناسُ من أمر دينِهم وما تلقوه من نبيهم صلى الله عليه وسلم ؟!<o:p></o:p> <o:p></o:p> 14- ويقول تعالى : وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [ المائدة: 38 ] وهنا نقعُ في إشكالياتٍ كثيرةٍ لا يمكن أن نحيطَ بها إلا من خلال السنة . من ذلك : ما هو القدرُ الذي يتمُّ فيه القطع ؟ ومن أين تُقطعُ اليد : مِن الرسغ ؟ أم من المرفق؟ أم من الكتف؟ فاليدُ تُطلق على كل ذلك . وأيُّ يدٍ تُقطع ، اليمنى أم اليسرى ؟ وماذا نفعلُ عند تعددِ السرقات؟<o:p></o:p> <o:p></o:p> إذا أراد المنكرُ للسنة أن يجيبَ عن السؤالِ الأول : ما هو القدرُ الذي يتمُّ فيه القطع ؟ فسيضطرُّ أن يقولَ بالقطع ولو في عقالِ غنم ، ولا شك أنه بهذا سيخالفُ قوله تعالى : وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ [الشورى : 30].<o:p></o:p> <o:p></o:p> ولكن سنةَ النبي – صلى الله عليه وسلم – جاءتنا بالنور والهدى والسراجِ المنيرِ فقال صلى الله عليه وسلم : " تُقطعُ يدُ السارقِ في رُبعِ دينارٍ فصاعدا " [ أخرجه صحيح البخاري برقم (6789) ومسلم (1684)] كما بينت أحاديثُ أخرى أن القطعَ يكونُ من الرسغِ ويبدأ في الأولى باليدِ اليمنى ثم في الثانيةِ من الرجل اليسرى ثم في الثالثةِ من اليد اليسرى ثم الرابعةِ من اليد اليمنى ثم في الخامسةِ القتل.<o:p></o:p> <o:p></o:p> وبعدُ ، فهذا غيضٌ من فيض ، وقليلٌ من كتير ، وهو جهدُ المُقلِّ ، ولعل المنهجَ الذي نريدُ أن نقدمَه من خلال هذه الحلقةِ من سلسلةِ الأدلةِ القرآنيةِ على حجيةِ السنة النبوية يصلحُ لأنْ نُعممَه على مئاتٍ - إن لم يكن آلافِ - الآياتِ القرآنيةِ والتي من خلالِها يتضحُ لنا أن هناك جملةً كبيرة من آيات القرآنِ الكريمِ لن نتمكنَ من فهمِها وإدراكِ معانيها إلا في إطارِ بيانٍ وتوضيحٍ وتفسيرٍ من السنة النبوية. <o:p></o:p> <o:p></o:p> وكل ما ذكرتُ هنا هو مجردُ أمثلةٍ لمنهجٍ متكاملٍ يستحقُّ أن نؤَصلَه لنستخرجَ جيشاً وحشداً من الأدلةِ التي ندمغُ بها رؤوسَ من ينكرون سنةَ النبي محمدٍ بنِ عبدِ الله صلوات ربي وسلامه عليه .<o:p></o:p> <o:p></o:p> والحمد لله رب العالمين.<o:p></o:p>
__________________
قـلــت : [LIST][*]من كفر بالسـّنـّة فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله تعالى يقول : (( وما آتاكم الرسول فخذوه )). [*]ومن كذّب رسولَ الله ، فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ،لأن القرآن يقول : (( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )). [*]ومن كذّب أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله سبحانه يقول فيهم : (( رضى الله عنهم ورضوا عنه )). [*]ومن كذّب المسلمين فهو على شفا هلكة ، لأن القرآن يقول : (( يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )) والنبي - صلى الله عليه وسلم يقول : ( من قال هلك الناس فهو أهلكهم ). [/LIST]
|
#7
|
|||
|
|||
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية على هذا الموضوع المميز . |
#8
|
|||
|
|||
جزاكم الله خيراً أخى الحبيب على مرورك وعلى كلامك الطيب. أسال الله أن يرزقنا علماً نافعاً وقلباً خاشعاً وجسداً على البلاء صابراً.
__________________
قـلــت : [LIST][*]من كفر بالسـّنـّة فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله تعالى يقول : (( وما آتاكم الرسول فخذوه )). [*]ومن كذّب رسولَ الله ، فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ،لأن القرآن يقول : (( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )). [*]ومن كذّب أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله سبحانه يقول فيهم : (( رضى الله عنهم ورضوا عنه )). [*]ومن كذّب المسلمين فهو على شفا هلكة ، لأن القرآن يقول : (( يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )) والنبي - صلى الله عليه وسلم يقول : ( من قال هلك الناس فهو أهلكهم ). [/LIST]
|
#9
|
|||
|
|||
أنار الله دربكَ
صح لسانك وعلا شانكَ أحسنتَ وأبدعتَ دآم الله روعة قلمك وإبداع مواضيعكَ جزاك لله خير الجزاء لقاء ما نافحت ودافعت عن سنة نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم ... أخوكم عبدالله |
#10
|
|||
|
|||
شيخنا وبارك فيكم ونفع بعلمكم وسقاكم الله من نهر الكوثروجميع المشايخ في المنتدى المبارك والقائمين عليه والمدافعين عن سنته |
#11
|
|||
|
|||
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ،،<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p></o:p> <o:p></o:p> نواصل مع حضراتكم سلسلة الأدلة القرآنية على حجية السنة النبوية ، ومع الجزء الثالث منها :<o:p></o:p> <o:p></o:p> ثالثاً : الإتيان بمفردات معينة والعدول عن غيرها لإقرار حجية السنة <o:p></o:p> <o:p></o:p> تعرف البلاغة بأنها : تبليغ المعنى بأقل عدد ممكن من الكلمات. وعرف أعرابي البلاغة قائلاً أنها : الإيجاز من غير عجز ، والإطناب من غير خلل(1).<o:p></o:p> <o:p></o:p> إذاً فالإيجاز ركن أصيل من أركان البلاغة ، ومن المعلوم بداهةً أن القرآن الكريم هو أعلى نسق بلاغي لدينا ، فلا يعلوه شيءٌ ، ودونه كلُّ شيء. والاختصار من وجوه الإعجاز البلاغي في القرآن حيث لا يمكن أن يُستدرك عليه شيءٌ بحذف ولا بزيادة. فما حُذف منه كان لحكمة ، وما ثبت فيه ، وضع لحكمة.<o:p></o:p> <o:p></o:p> ومدار الإعجاز البلاغي في القرآن الكريم – كما ذكر الفخر الرازي رحمه الله – يكمن في أنه لو أزيلت لفظة من القرآن الكريم ثم دارت عليه لغة العرب لما جاء مثلها ولا خير منها.<o:p></o:p> <o:p></o:p> وإذا تأملنا العديد من المواضع في القرآن الكريم وجدنا أن هناك ألفاظ يمكن أن يُستغنى عنها لو أُريد منها ظاهر معناها فقط ، ولكن لأنها ثبتت في القرآن فلابد أن لها حكمة ، إذا تأملناها وتدبرناها وجدنا أن ثبوتها دليل على حجية السنة النبوية في تشريع الإسلام. ومن يقول غير هذا فقد أعظم على الله الفرية.<o:p></o:p> <o:p></o:p> وكثيراً ما أتوقف مع آيات القرآن الكريم ومفرداته ، وأسأل نفسي : ما الحكمة أن الله جلت قدرته ، وتعالت حكمته ، قال كذا ، ولم يقل كذا؟ وإذ بي ينفتح أمامي باب علم فسيح ، فأنهل من القرآن علوماً ومعارف لا تنتهي ، فأتذكر قول الصحابي الفقيه ، أو الفقيه الصحابي عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه حين وصف القرآن بأنه لا تنقضي عجائبه ، ولا يخلق على كثرة الرد.<o:p></o:p> <o:p></o:p> وباتباع هذا المنهج القرآني البلاغة اللغوي سنجد أننا سنتوقف أمام المئات والمئات من آيات القرآن الكريم لنرى أنها قطعية في إثبات حجية السنة النبوية. ولنتأمل ما يلي :-<o:p></o:p> <o:p></o:p> (1) تصدير مئات الآيات القرآنية بكلمة قل وهو فعل خاص موجه مباشرةً للنبي – – ومن الممكن أن يستغنى عنها سياق الآيات دون حدوث تقصير أو خلل في المعنى.<o:p></o:p> <o:p></o:p> وقد وردت كلمة قل في القرآن ثنتين وثلاثين وثلاثمائة مرة ـ أغلبها خاص بالنبي – – إلا قليلاً قليلاً ، وإذا تأملنا الكثير من هذه الآيات ، نجد أن المعنى قائم ومكتمل دون الحاجة إلى هذه الكلمة ، مثال ذلك قوله تعالى : قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ [الكافرون : 1-2] فلو جاء الخطاب القرآني على نحو : " يأيها الكافرون * لا أعبد ما تعبدون" ما اختل المعنى ، وكذلك قول تعالى : قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ [الإخلاص : 1-2] لما اختل المعنى. <o:p></o:p> وقوله تعالى : قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَىَ وقوله تعالى : قُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ .... إلخ.<o:p></o:p> <o:p></o:p> وطالما أن المعنى قد قام ، وطالما أنه لا يجوز أن يكون في كلام الله فضل كلام ، فلابد أن يكون غرض إضافي ، ومغزى جديد بخلاف المعنى الأصلي. وهذا المعنى الإضافي والمغزى الجديد نرى أنه إقرار وإثبات حجية السنة النبوية ، على النحو الذي سنبينه.<o:p></o:p> <o:p></o:p> ولنتأمل إسناد الضمير في الجمل التي جاءت بعد قل سنجد أنها في الأغلب الأعم قد أُسند الضمير ونُسب الفعل إلى النبي – – كقوله تعالى : قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ [آل عمران : 31] ، وكقوله : قُلْ إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ [الأنعام : 15] ... إلخ.<o:p></o:p> <o:p></o:p> بينما جاء إسناد الضمير في مواضع أخرى قليلة بعد قل لله تعالى ، كقوله : قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ [البقرة : 97] وكان بالإمكان أن يأتي النظم على غرار الحالة الأولى فينسب إلى النبي – – فيقال : " قل من كان عدواً لجبريل فإنه نزله على قلبى " ، ولكن جاء التباين والتفاوت في إسناد الضمير بعد قل ليدل على حِكَمٍ عديدة ، علمنا إحداها ، ألا وهي أن القرآن قد يكون منصوصاً كما هو الحال عندما يقول النبي – - : قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ ، كما أن القرآن قد يكون مفهوماً ومنصوصاً كما في قوله : قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي :): [آل عمران : 31].<o:p></o:p> <o:p></o:p> فإن رتلها النبي – – كما هي في القرآن فهي ( قرآن منصوص ) ، وإن قالها النبي – – مباشرة دون تضمينها في سياقها القرآني ، فهي إذاً قرآنٌ مفهوم ، أي مروية بالمعنى ، فدل هذا على أن أوامر النبي – – ونواهيه هي وحي من عند الله ، وإن لم تكن بنص القرآن فهي بمفهومه ، وكلاهما وحي بلا خلاف.<o:p></o:p> <o:p></o:p> (2) وبمناسبة ذكر الآيات التي ذّكرت فيها كلمة قل أتوقف عند قوله تعالى : قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يِوحَى إِلَيَّ مِن رَّبِّي [الأعراف : 203] ، وهنا أتوصل إلى قاعدة ذهبية أقول فيها : أن اتّباع النبي صلى الله عليه وسلم للوحي يعد من الوحي أيضا، فذلك وحي القرآن، وهذا وحي السنة. <o:p></o:p> (3) توجيه الخطاب إلى النبي – - بقوله تعالى : إليك و عليك في عشرات وربما المئات في القرآن ،كقوله تعالى : وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ :): [النحل : 44] ، وقوله تعالى : نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ [يوسف : 3] فلو تأملنا المعنى والسياق لأدركنا – دون عناء – أن المعنى قائم ومكتمل ، وليس في حاجة لذكر هاتين الكلمتين. ولكن جاءت هاتان المفردتان وبخاصة إليك للتأكيد على ما أسميه : ( تلازم الرسالة والرسول ) فلولا الرسالة ما بُعث الرسول ، ولولا الرسول ما بُلّغت الرسالة. بل سيتحول القرآن من بلاغ حقيقي من شخص إلى شخص إلى مجرد وجادة ، ولمن يدرس علم مصطلح الحديث ، يعلم مغزى كلمة (وجادة) ويعلم أنها لا يثبت بها تبليغ.<o:p></o:p> <o:p></o:p> لطيفة : بتتبع آيات الذكر الحكيم التي وردت فيها كلمتا إليك – عليك مخَاطباً بها النبي – – بعد كلمات مثل : أنزل – نزّل – أنزلنا - نزل – تنزيل وجدت أنه عند ذكر إليك يكون السياق متعلقاً بشخص النبي – – وعند ذكر قوله تعالى عليك يكون السياق متعلقاً بالقرآن الكريم ذاته. ولمن أراد التوسع الرجوع إلى كتاب الله وتدبره.<o:p></o:p> <o:p></o:p> (4) أسوق مثالاً آخر يتعلق بالمفردات والعبارات القرآنية التي جاءت لتدعم حجية السنة النبوية فى التشريع أختم بها هذه الحلقة وهي قوله تعالى : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا [الكهف : 1] .<o:p></o:p> <o:p></o:p> فماذا لو جاء النظم كما يلي : "الحمد لله الذي أنزل الكتاب ولم يجعل له عوجاً" بدون عَلَى عَبْدِهِ ؟ <o:p></o:p> <o:p></o:p> لا شك أن المعنى الظاهر مكتمل ، ولكن جاءت هذه لتؤكد على أن هناك نعمتين الأولى هي : إنزال الكتاب.<o:p></o:p> <o:p></o:p> الثانية : كون هذا التنزيل كان على النبي – – .<o:p></o:p> <o:p></o:p> وقد تصدرت هذه السورة الكريمة سورة الكهف بهذه العبارة اللطيفة ، وسنجد أن السورة قد ورد فيها ذكر النبي – – مراراً وتكراراً باستعمال ضمير الغائب كقوله تعالى : فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ و أَمْ حَسِبْتَ و وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً و لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ و وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ ..... إلخ كل هذا ليتأكد عندنا الوساطة النبوية في القضية التشريعية.<o:p></o:p> وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين<o:p></o:p> ========== الهامش ==========<o:p></o:p>
(1) ذكره ابن رشيق القيرواني في كتابه العمدة نقلاً عن المفضل الضبي.<o:p></o:p>
__________________
قـلــت : [LIST][*]من كفر بالسـّنـّة فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله تعالى يقول : (( وما آتاكم الرسول فخذوه )). [*]ومن كذّب رسولَ الله ، فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ،لأن القرآن يقول : (( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )). [*]ومن كذّب أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله سبحانه يقول فيهم : (( رضى الله عنهم ورضوا عنه )). [*]ومن كذّب المسلمين فهو على شفا هلكة ، لأن القرآن يقول : (( يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )) والنبي - صلى الله عليه وسلم يقول : ( من قال هلك الناس فهو أهلكهم ). [/LIST]
|
#12
|
|||
|
|||
[align=center]
يقول ربنا تبارك وتعالى إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ويقول جل شأنه وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم فالناس تتخيل أن الذكر هو القرآن وحسب بل هو القرآن والسنة كما فسرت الآية الثانية معنى الذكر في الأولى [/align]
__________________
أحبكم في الله وأدعو لكل أحبابي في الله بالتوفيق
|
#13
|
|||
|
|||
__________________
أحبكم في الله وأدعو لكل أحبابي في الله بالتوفيق
|
#14
|
|||
|
|||
[align=center]يرفع رفع الله قدرك
بارك الله فيك[/align]
__________________
[SIGPIC][/SIGPIC][align=center]قل للئيم الشاتم الصحابه....ياابن الخنا جهراً ولا تهابه السابقون الاولون كالسحابه....تغيث بلقعاً تهرها كلابه الفاتحون الغر أسود الغابه....الله راضٍ عنهم ولتقرؤا كتابه [/align] |
#15
|
|||
|
|||
الأدلة القرآنية على حجية السنة النبوية
الأدلةُ القرآنيةُ على حجيةِ السنةِ النبوية الحلقةُ الأولى للحق أهلُهُ، كما أنَّ للباطل أهلَه، وكِلا الفريقينِ يدّعي أنه على الحقِّ ومن خالفه على الباطل، وكلاالفريقينِ يحشدُ الأدلةَ لإثبات صحةِ مذهبِه، وبطلانِ مذهبِ مُخالفه، وسيظلُّ الأسلوبُ الأمثلُ والأقوى للمحاجةِ أن تستخدمَ أدلةَ الخصمِ في إثباتِ صحةِ مذهبِك وبطلانِ مذهبِه. ويحلو لمنكري السنة -على اختلاف دركاتهِم- أن يجحدوا حجيةَ السنةِ النبويةِ في التشريعِ جنباً إلى جنبٍ مع القرآنِ الكريم. وغنيٌّ عن البيانِ أنهم في هذا قد أنكروا صريحَ القرآنِ وما أجمع عليه أهلُ الإسلام -منذ عهدِ النبيّ صلى الله عليه وسلم حتى الآن- من اعتبارِ السنةِ المصدرَ الثاني للتشريع في الإسلام. ولا أَملُّ من ذِكر أن السنةِ النبويةِ ليست في حاجةٍ لأن نثبتَ حجيتَها في التشريع الإسلاميِّ، فأدلةُ حجيةِ السنةِ متواترةٌ ومتضافرةٌ ولا يمكنُ أن نذكرَ عددَ ولا حجمَ ولا قوةَ تلك الأدلةِ حتى نذكرَ قولَ الشاعر: قد تُنكرُ العين ضَوءَ الشمسِ من رمدٍ ****** ويُنكرُ الفمُ طَعمَ الماءِ من سَقمِ وقولَ الشاعر: ولربما جهِلَ الفتى سُبُلَ الهدى****** والشمسُ بازغةٌ لها أنوارُ فأدلةُ حجيةِ السنةِ منها ما هو أدلةٌ شرعيةٌ ومنها ما هو أدلةٌ عقلية، ولكني سأعمدُ إلى ما ذكرتُه في بداية مقالي من أن أَمثَلَ أُسلوبٍ لمحاجةِ الخصمِ هو استخدامُ أدلتِه لإثباتِ صحةِ مذهبِنا وفسادِ مذهبِه. فطائفةٌ من منكري السنةِ ينكرونها بدعوى أنها تُعارضُ القرآنَ الكريم، ويدَّعون أن القرآنَ الكريمَ هو المصدرُ التشريعيُّ الوحيدُ فيالإسلام، ودون أن نخوضَ في تفصيلاتٍ كثيرةٍ يتضحُ بها فسادُ وبطلانُ منهجِ منكري السنة، سأُعرّجُ -سريعاً- على اتباعِ المنهج الذي حددتُه والخطُّ الذي رسمتُه لنفسي سابقاً، وأقولُ إن القرآنَ الكريم هو أعظمُ دليلٍ على حجيةِ السنةِ النبويةِ المطهرةِ في التشريعِ الإسلاميّ. وعادةً ما يستدلُّ علماؤنا ودعاتُنا بآياتٍ معينةٍ ظاهرةِ الدلالةِ في إثباتِحجيةِ السنةِ النبويةِ، ولكنى أرى أن الأمرَ أكثرُ من هذا، فبإمعانِ النظرِ والتدبرِ فيالقرآن الكريم، قد نكتشفُ أن كلَّ آيةٍ من آياتِ القرآنِ الكريمِ تُعدُّ دليلاً على حُجيةِ السنةِ النبوية. أولاً : الآياتُ القرآنيةُ التي تنصُّ صراحةً على حجيةِ السنةِ النبويةِ (وجوبُ طاعةِ الرسولِ وتحذيرُ تاركها). ويكفينا هنا أن نوردَ تلك الآياتِ ولسنا بحاجةٍ كبيرةٍ إلى تفسيرِها فكثرتُها ودلالتُها الظاهرةُ تُغني عن تفسيرِها ولكننا سنشيرُ –بإيجازٍ– إلى أحدِ أوجُهِها الاستدلالية. 1- قال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ [آل عمران: 32]. وجه الاستدلال: القرآنُ يحكمُ بالكفرِ على من يعصي اللهَ ورسولَه. 2- وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء: 59]. وجه الاستدلال: صدْرُ الآيةِ يصفُ الذين يطيعون اللهَ ورسولَه بالإيمان، فهي كالمتممةِ لسابقتِها. 3- قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ * إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ [الأنفال: 20–22]. وجه الاستدلال: هذه الآيةُ جمعت بين كلا الأمرين: الأمرُ والنهيُ وتصفُ المخالفينَ لهما بالدواب. 4- قال تعالى : قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ [النور:54]. وجه الاستدلال: هذه الآيةُ سابقةٌ لآيةِ الاستخلاف: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [النور: 55] وكأنها تقولُ أنه لا استخلافَ في الأرضِ ولا تمكينَ إلا بطاعةِ اللهِ واتباعِ الرسول صلى الله عليه وسلم فهي كالسببِ للنتيجة. 5- قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ [محمد: 33]. وجه الاستدلال: تنصُّ الآيةُ على أن مخالفةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم من أسبابِ بطلانِ الأعمال. 6- قال تعالى: قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْتُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِيقُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [الحجرات: 14]. وجه الاستدلال: الآيةُ تبينُ أنه لا إيمانَ إلا بطاعةِ اللهِ ورسولِه. 7- قال تعالى: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُيُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ [النساء: 13-14]. وجه الاستدلال: هذه الآيةُ جاءت بالثوابِ لمن يُطيعُ اللهَ ورسولَه وبالعقابِ لمن يعصي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. 8- قال تعالى : وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا [النساء: 69]. وجه الاستدلال: هذه الآيةُ جاءت بالدرجةِ في الجنةِ وتعيينِ جزاءِ من يطِيعُ اللهَ ورسولَه. 9- قال تعالى: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا [النساء: 80]. وجه الاستدلال: هذه الآيةُ جاءت بالقاعدةِ العظمى التي تبينُ أن طاعةَ الرسولِ هي طاعةٌ للهِ سبحانه بلا خلاف. 10- قال تعالى : إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَاللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ [النور: 51–52]. وجه الاستدلال: تخبرُنا هذه الآيةُ أن من صفاتِ المؤمنين طاعةَ اللهِ ورسولِه. 11- قال تعالى : وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب: 71]. وجه الاستدلال: آيةٌ من سورةِ الأحزابِ تبينُ أن طاعةَ اللهِ ورسولِه من أسبابِ النصرِ في الدنيا والفوزِ بسعادةِ الآخرة، وتُذكرُهم بما كان من أثرِ مخالفةِ أمرِ النبيّ صلى الله عليه وسلم يومَ أُحُدٍ وكأنها تدعوهم لعدم تكرارِ الأمرِ حتى لا تتكررَ النتيجة. 12- قال تعالى: لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْيَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا [الفتح: 17]. وجه الاستدلال: آيةٌ من سورة الفتحِ تخبرُ أن مِن أهمِّ أسبابِ الفتح طاعةَ اللهِ ورسولِه. 13- قال تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [الأحزاب: 71]. وجه الاستدلال: هذه الآيةُ تبينُ أن من صفاتِ المؤمنين: الموالاةَ فيما بينهم، والأمرَ بالمعروفِ، والنهيَ عن المنكر، وإقامةَ الصلاة، وإيتاءَ الزكاة، وطاعةَ الله، وطاعةَ رسولِه، فجاءت طاعةُ اللهِ ورسولِه من جملةِ الأعمالِ الصالحةِ ومن جملةِ صفاتِ المؤمنين. 14- قال تعالى: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَاتَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا [الأحزاب: 32-33]. وجه الاستدلال: تبينُ الآيةُ أن نساءَ النبيّ صلى الله عليه وسلم لَسن مَعفياتٍ من طاعتِه ومن ثَم فمَن دونهُن هو أولى بحُكمهِن. كما تُبين الآيةُ أن في طاعةِ اللهِ وطاعةِ رسولِه إذهابٌ للرجسِ وتطهيرٌ للمسلم. 15- قال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران: 31]. وجه الاستدلال: هذه هي آيةُ المحنةِ والاختبارِ لكل من يَدعي حُبَّ اللهِ سبحانه وتعالى، وتُقَيدُ هذا الحبَّ باتباعِ النبيّ – صلى الله عليه وسلم – وأن نتيجةَ ذلك وجزاءَه، مغفرةُ الذنوب. 16- قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [آل عمران: 130–132]. وجه الاستدلال: القرآنُ الكريمُ ينهى عن الربا ، ولم يُحددْ تعريفَه ولا ماهيتَه، ثم يأمرْ بطاعةِ الرسول صلى الله عليه وسلملأنه هو الذي سيبينُ معنى الربا ويُحددُ ماهيتَه في سُنته. 17- قال تعالى: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ [المائدة:92]. وجه الاستدلال: هذه الآيةُ تكشفُ طاعتين: الأولى لله سبحانه، والثانيةَ للرسول صلى الله عليه وسلم؛ لترُد شبهةَ من يَدعي أن طاعةَ الرسولِ هي الأخذُ بالقرآن دون السنة. وسيأتي – بإذن الله – مزيدُ بيانٍ حول هذه المسألة. 18- قال تعالى : يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [الأنفال: 1] ثم يتكرر الأمر في نفس السورة : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ [الأنفال: 20] ثم يتكررُ الأمرُ نفسُه في السورةِ نفسِها للمرةِ الثالثة: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال: 46]. وجه الاستدلال: ثلاثُ أوامرَ بطاعةِ الله ورسولِه في سورةٍ واحدةٍ، ولولا السنةُ والأحاديثُ ما علِمنا ما هي الأنفال. 19- قال تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [النور:56]. وجه الاستدلال: اقتصرت هذه الآيةُ على طاعةِ الرسولِ ولم تذكرْ (طاعةَ الله) لبيانِ استقلاليتَها عن طاعةِ اللهِ سبحانه، كما جاءت الايةُ في إطارِ الأمرِ بإقامةِ الصلاةِ وأداءِ الزكاةِ للإشارةِ إلى أن السنةَ هي المبينةُ لماهية كِليهما. 20- قال تعالى: أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المجادلة: 13]. وجه الاستدلال: يتكررُ الأمرُ نفسُه بطاعةِ النبيِّ في سياقِ آياتٍ تشيرُ إلى أن مناجاةَ الرسولِ صلى الله عليه وسلم ليست كمناجاةِ أحدٍ من باقي الأمةِ ومن ثَمّ فإن طاعتَه ليست كطاعةِ أحدٍ من أُمتِه. 21- قال تعالى: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُواالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ [التغابن: 12]. وجه الاستدلال: الأمرُ بطاعةِ الرسول يأتي في سياقِ آياتٍ تتحدثُ عن ضرورةِ تصديقِ الرسلِ وبيانِ عقابِ الذين خالفوهم : أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ [التغابن: 5-6] 22- قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا [النساء: 64]. وجه الاستدلال: التأكيدُ على طاعةِ الرسولِ بعينِها وأن هذه هى سنةُ اللهِ في أنبيائِه أجمعين، وقال تعالى: ليطاعَ بإذن الله ولم يقل: "ليطاع الله" ليُعلمَ أن طاعةَ الرسلِ هدفٌ في ذاتِها. 23- قال تعالى: فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [النساء: 65]. وجه الاستدلال: احتياجُنا لحكمِ الرسول صلى الله عليه وسلم رغم وجودِ القرآنِ يشيرُ إلى أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم يبينُ لنا الأحكامَ التي ينغلقُ علينا فهمُها من القرآنِ الكريم، وهذا دليلٌ قاطعٌ على حجيةِ السنة. 24- قال تعالى: فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ * رَبَّنَا آَمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ [آل عمران: 52 – 53] وجه الاستدلال: هذا كلامُ الحوارييّنَلعيسى صلى الله عليه وعلى نبينا وسلم، وهم يُقرون باتباعِهم له، ونبيُّنا صلى الله عليه وسلم في هذا أولى، لأنه خاتمُ النبيين. وتبينُ الآيةُ أن التصديقَ وحدَه لا يكفي، ولكن لا بُد من الاتباع، والاتباعُ لا يكون إلا بالعمل، والعملُ لايكونُ إلا بمنهج، ومنهجُ الرسولِ هو سنتُه، ولو لم تكنْ السنةُ لكان من الأولى أن يكون الخطابُ: "ربنا آمنا بما أنزلتَ واتبعناه"، ولكن هذا لم يكن، للدلالةِ على حجيةِ السنة. شبيهٌ بذلك: 25- قولُه تعالى : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَاللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب: 21]. وجه الاستدلال: كيف تكونُ الأسوةُ إلا باتباعِ خُطى المؤتسى به وانتهاجِ نهجِ المقتدى به؟!! 26- قال تعالى: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [النساء: 115]. وجه الاستدلال: الإعراضُ عن سنةِ النبيّ صلى الله عليه وسلم من مَشاقتِه، والآيةُ تؤكدُ على ضرورةِ اتباعِ سبيلِ المؤمنينَ الذين نقلوا لنا هذا الدينُ والذين أجمعوا بلا خلافٍ من واحدٍ منهم على حجيةِ السنةِ الشريفة. 27- قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ [محمد: 32] وجه الاستدلال: الجمعُ بين الكفرِ بالله، والصدُّ عن سبيلِه، ومشاقةِ الرسول، لبيانِ شناعةِ الجرمِ في كلٍ. 28- قال تعالى: وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الحشر: 7] وجه الاستدلال :تأويلُها تنزيلُها. 29- قال تعالى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْبِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ . [الأعراف: 156–157] وجه الاستدلال :الآيةُ تَنسبُ إلى النبيّ الأمرَ والنهيَ والحِلَّ والتحريم، وتصفُ مُتبعيه بالإيمان، وتذكرُ: النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ عامةً، ولم تذكر القرآنَ خاصة. 30- قال تعالى : وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى [النجم: 1–5]. وجه الاستدلال: طالما أن القرآنَ يصفُ النبيّ صلى الله عليه وسلم بأنه لا ينطقُ عن الهوى، وأنه ينطقُ بالوحيِ، فلا شكَّ أن ما ينطقُ به ملزِمٌ لأُمتِه. وخصوصُ سببِ نزولِ الآيةِ لا ينفي عمومَ لفظها. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
__________________
قـلــت : [LIST][*]من كفر بالسـّنـّة فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله تعالى يقول : (( وما آتاكم الرسول فخذوه )). [*]ومن كذّب رسولَ الله ، فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ،لأن القرآن يقول : (( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )). [*]ومن كذّب أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله سبحانه يقول فيهم : (( رضى الله عنهم ورضوا عنه )). [*]ومن كذّب المسلمين فهو على شفا هلكة ، لأن القرآن يقول : (( يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )) والنبي - صلى الله عليه وسلم يقول : ( من قال هلك الناس فهو أهلكهم ). [/LIST]
|
#16
|
|||
|
|||
الأدلة القرآنية على حجية السنة النبوية الحلقة الثانية بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر وأعن. نواصل عرض الأدلة القرآنية على حجية السنة النبوية. [ ثانياً ] : آيات قرآنية لا يمكن إدراك مقصدها إلا فى إطار من السنة النبوية: إن تشريع الإسلام تشريع صالح لكل زمان ولكل مكان ولكل الأشخاص ، وتشريع بهذه المواصفات لابد أن يتسم بالكمال والشمول وأن يحتوى على قدر وافر من التفاصيل لأحكامه ، وعند الرجوع إلى القرآن الكريم نجد أنه قد جاء بالأحكام العامة دون الدخول فى التفاصيل ، وعندى أن إغفال القرآن الكريم لذكر تلك التفاصيل وإحالتها إلى السنة النبوية ، دليلٌ على حجيتها فى التشريع الإسلامى ، ذلك أن القرآن قد أمرنا بالاجتماع وعدم الفرقة ، قال تعالى : وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [ الأنفال : 46 ] وعدم ذكر تفاصيل الأحكام سيؤدى – لا محالة – إلى الحاجة إلى كثرة إعمال العقل والنظر والاعتماد على الرأى دون النص ، الأمر الذى سيؤدى إلى وجود فجوة كبيرة بين الناظرين وبعضهم البعض. وأذكر فى هذا المقام أننى سبق أن ناظرت منكراً للسنة فى مسألة تفاصيل أحكام الصلاة فأنكر ما أجمع عليه أهل السنة منذ عهد النبى – صلى الله عليه وسلم - إلى عهدنا هذا ، وجاء بمواصفات صلاة من عنده ، فزعم أن عدد الصلوات ثلاثة فروض فاسقط الظهر والمغرب ،وجاء بهيئة غير التى نعلم ، ثم حاورت منكراً آخر بعده بفترة قصيرة ، فاتفق مع الأول فى التثليث واختلف معه فى كل شئ ، حيث أسقط العصر والمغرب وجاء بهيئة غير التى نعلم وغير التى ذكره سلفه ، والمحصلة أنهما اتفقا على إنكار السنة ولم يتفقا على شئ بعد. والدرس المستفاد من هذه الواقعة أن ترك السنة – حتماً – سيؤدى إلى الاختلاف فى الأحكام حداً نصل فيه إلى حد التنازع والتفرق ، فهذان منكران للسنة عندما تجنبا السنة وأعملا عقليهما فى القرآن بغير ضابط ولا مرشد أوقعها فى التعارض والاختلاف فما بالنا لو زاد المنكرون عن هذين ، ترى ماذا سيكون الحال؟! وأبدأ - بحول الله وقوته – فى استعراض بعض الآيات القرآنية التى لا نستطيع أن ندرك مقصدها إلا فى إطار ضوابط من السنة النبوية. ولنعلم أن هذا الباب واسع لا قيد له ، وبحر شاسع لا ساحل له ، ولكننا سننزع منه نزعاً يسيراً لبيان المقصود ، ولتعلم أن ما فاتنا أكثر مما حصّلنا ، ويكفينا أن نعرض المنهج ومن استطاع أن يكمل الطريق ، فالله المستعان وهو من وراء القصد. 1- قال تعالى : وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ [ البقرة : 43 ، 83 ، 110م ] ، [ النساء : 77م ] ، [ النور : 56م ] ، [ يونس : 31 ] ، [ المزمل : 20ك ]. الصلاة هى الركن العملى الأول فى الإسلام ، وقد ورد ذكرها والحث عليها فى عشرات المواضع من القرآن الكريم ولم تنل عبادة من الاهتمام فى القرآن ما نالته الصلاة ، ورغم هذا نجد أن القرآن لم يشر من قريب أو بعيد إلى تفاصيل الصلاة ، اللهم إلا أوضاع الصلاة الرئيسية : القيام والركوع والسجود ، وكذا ثلاثة مواقيت فى اليوم والليلة : وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ [ هود : 114 ]، هى أيضاً مواقيت عامة وغير محددة ، وعدا هذا لم يذكر القرآن مواضيع فى غاية الأهمية بدونها لن يكون هناك صلاة ككيفية بدء الصلاة ، وكيفية ختمها ، بحيث تتميز عما عداها من الأقوال والأفعال ، وأحكام الإمامة والجماعة وأركانها وشروط صحتها ومبطلاتها. 2- ولننظر إلى معضلة أخرى عندما نقرأ قوله تعالى : وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا [ المائدة : 58 ] المقصود بالنداء هنا هو الأذان ، وقد اكتفى القرآن – كعادته – بذكر أن هناك ثمة نداء إلى الصلاة ولم يذكر هيئة هذا النداء وماهية ألفاظه. ولكن السنة هى التى تقوم بهذا الدور الفريد فعن عبد الله بن زيد بن عبد ربه : لما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضرب بالناقوس وهو له كاره لموافقته النصارى طاف بي من الليل طائف وأنا نائم رجل عليه ثوبان أخضران وفي يده ناقوس يحمله قال فقلت : يا عبد الله أتبيع الناقوس؟ قال : وما تصنع به ؟ قال : قلت : ندعو به إلى الصلاة. قال : أفلا أدلك على خيرٍ من ذلك فقلت : بلى . قال تقول : الله اكبر …. (إلى نهاية الأذان )… قال : فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما رأيت فقال : إنها لرؤيا حق إن شاء الله فقم مع بلال فألْقِ عليه ما رأيت فإنه أندى صوتاً منك قال فقمت مع بلال فجعلت ألقيه عليه ويؤذن به قال : فسمع ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو في بيته فخرج يجرّ رداءه يقول : والذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل الذي أُرِي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلله الحمد . رواه أحمد ( 15881 ) والترمذي ( 174 ) وأبو داود ( 421 ) و ( 430 ) وابن ماجه ( 698 ) . 3- ثم يقول تعالى : فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا [ النساء : 103 ] نجد أن القرآن قد أحال على السنة كيفية ختم الصلاة ، ثم ها هو يأمرنا بذكر الله بعد الانتهاء منها ولم يوضح كيف نذكره ، بينما جاءت السنة ببيان هذا تفصيلياً فيما يعرف بأذكار ما بعد الصلاة وهى عبارة عن استغفار وتسبيح وتحميد وتكبير وتهليل وبينت عدد كل منها : فالاستغفار يكون ثلاثاً والتسبيح والتحميد والتكبير يكون كلٌّ ثلاثاً وثلاثين ، والتهليل : ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير ) مرةً واحد. كما تذكر الآية الكريمة أن الصلاة كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا والشئ الموقوت يكون له ابتداء وانتهاء ، فأين نجد ذلك فى كتاب الله؟ بينما لم يصلنا إلا من خلال ما ورد فى السنة النبوية ، فقد أخرج الإمام مسلم فى صحيحه (ح 610) عن أبى مسعود الأنصارى قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "نزل جبريل فأمّني. فصليت معه. ثم صليت معه. ثم صليت معه. ثم صليت معه". يحسب بأصابعه خمس صلوات. وفيه أيضاً (ح611) عن عبدالله بن عمرو؛ أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا صليتم الفجر فإنه وقت إلى أن يطلع قرن الشمس الأول. ثم إذا صليتم الظهر فإنه وقت إلى أن يحضر العصر. فإذا صليتم العصر فإنه وقت إلى أن تصفر الشمس. فإذا صليتم المغرب فإنه وقت إلى أن يسقط الشفق. فإذا صليتم العشاء فإنه وقت إلى نصف الليل". .وفيه كذلك ( ح 612) عن عبدالله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال:"وقت الظهر ما لم يحضر العصر. ووقت العصر ما لم تصفر الشمس. ووقت المغرب ما لم يسقط ثور الشفق. ووقت العشاء إلى نصف الليل. ووقت الفجر ما لم تطلع الشمس". وفى رواية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "وقت الظهر إذا زالت الشمس. وكان ظل الرجل كطوله. ما لم يحضر العصر. ووقت العصر ما لم تصفر الشمس. ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق. ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط. ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر. ما لم تطلع الشمس. فإذا طلعت الشمس فأمسك عن الصلاة. فإنها تطلع بين قرني شيطان". وفيه (ح 613) عن بريدة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أن رجلا سأله عن وقت الصلاة؟ فقال له : "صل معنا هذين" (يعني اليومين) فلما زالت الشمس أمر بلالا فأذن. ثم أمره فأقام الظهر. ثم أمره فأقام العصر. والشمس مرتفعة بيضاء نقية. ثم أمره فأقام المغرب حين غابت الشمس. ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق. ثم أمره فأقام الفجر حين طلع الفجر. فلما أن كان اليوم الثاني أمره فأبرد بالظهر. فأبرد بها. فأنعم أن يبرد بها. وصلى العصر والشمس مرتفعة. أخرها فوق الذي كان. وصلى المغرب قبل أن يغيب الشفق. وصلى العشاء بعد ما ذهب ثلث الليل. وصلى الفجر فأسفر بها. ثم قال : " أين السائل عن وقت الصلاة؟" فقال الرجل: أنا. يا رسول الله! قال : " وقت صلاتكم بين ما رأيتم". إلى غير ذلك من الأحاديث التى أفاضت فى شرح مواقيت الصلاة والمنتشرة فى دواوين السنة ، والتى أجملها النبى – صلى الله عليه وسلم – عندما قال : " وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي " [ أخرجه ابن حبان فى صحيحه عن مالك بن الحويرث ]. ثم تأمل قول النبى – صلى الله عليه وسلم – فى الحديث الأول : " نزل جبريل فأمّني " أليس هذا هو عين ما قاله القرآن الكريم : عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ؟! [ النجم : 5 ] 4- وتستمر المسيرة مع الصلاة حيث يقول تعالى : إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [ الأحزاب : 56 ] فما الفرق بين الصلاة لله والصلاة على النبى – صلى الله عليه وسلم - !؟ القرآن لا يجيب على هذا التساؤل ، ولكنه يحيل الإجابة على السنة. وسيعجز جهابذة منكرى السنة أن يجيبوا هذا التساؤل إذا ما أعرضوا عن السنة ، وستقع بينهم الاختلافات سحيقة الأعماق فى هذا الصدد! 5- ولا تزال الصلاة تنافح عن حجية السنة ، فيقول ربنا سبحانه : وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا [ النساء : 101 ] لم يذكر القرآن كيف يكون القصر؟ هل بالتقليل من عدد الفرائض ؟ أم بتقليل عدد الركعات؟ أم بتخفيض زمن أدائها؟ أم القصر من حركات القيام والركوع والسجود؟ ما هو معيار القصر وما هى كيفيته؟ لن يجيب القرآن وسيحيل على السنة ، ترسيخاً لحجيتها. 6- وقبل أن نغادر أحكام الصلاة فى القرآن الكريم نجئ بقاصمة الظهر لمنكرى السنة فى شأن الصلاة ، قال تعالى : سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (142) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْه [ البقرة : 142 - 143م ] فما هى القبلة التى كان عليها ؟ وأين الأمر القرآنى بتلك القبلة الأولى؟ إن كان ذلك أمراً قرآنياً فأين هو؟ وإذا جاز أن يأتى أمر آخر من خارج القرآن فهل هناك أولى من السنة بهذا؟! 7- وفى شأن الزكاة يقول ربنا جل وعلا : وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [المعارج : 24-25] فكم يبلغ مقدار هذا الحق المعلوم؟ وكيف يوصف بأنه معلوم ولم يُذكر مقداره أصلاً؟! وتأمل قوله تعالى : أموالهم حيث جاء بها على سبيل الجمع ، فهو إذن يتحدث عن أجناس شتى ومختلفة من المال ، فالذهب مال ، والفضة مال ، والماشية ، والإبل ، والأغنام ، والماعز ، كلها من صنوف المال ، فهل يستوى ذلك الحق المعلوم من الذهب مع مثيله من الفضة ، وهل يستوى هذان مع الآخر الخاص بالماشية والإبل والأغنام والماعز؟ وماذا عن الأرض والزرع؟ أليست هى الأخرى من جنس المال ، ومن ضمن الثروات؟ فما مقدار الحق المعلوم منها؟ ولماذا لم يفصله القرآن الكريم؟ وهل يستطيع أى إنسان مها أوتى من البلاغة أو الفصاحة أو البيان أن يدرك هذا الحق المعلوم من هذه الأموال من كتاب الله دون الرجوع إلى السنة؟! 8- ولعل مناسك الحج وشعائره الكثيرة والمتنوعة ، والتى جاءت إجمالية فى القرآن الكريم ومفصلةً فى السنة ، قد رفعت حجية السنة إلى مكانة عالية متمايزة حيث قال النبى – صلى الله عليه وسلم - :" خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ لَعَلِّي لَا أَرَاكُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا " [ السنن الكبرى للبيهقى ]. فعندما يقول ربنا سبحانه وتعالى : وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [ البقرة : 196 ] ويقول : إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا [ القرة : 158 ] فمن ذا الذى يخبرنا بالفرق بين الحج والعمرة من القرآن الكريم؟! ثم أن الله أمرنا بإتمام الحج والعمرة ولم يخبرنا سبحانه – فى القرآن الكريم – بمعيار هذا التمام. 9- وعندما يقول تعالى : يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [ البقرة : 189 ] فما الحكمة من الربط بين الحج وإتيان البيوت من ظهوروها؟! وما حكمة تحريم إتيان البيوت من ظهورها فى هذا الموضع بالذات؟! هذا يسمى فى علوم القرآن بعلم المناسبة ، أى مناسبة الآيات مع بعضها ومناسبة الفقرات المختلفة ظاهرياً مع بعضها البعض ، وهذا العلم لا يدرك إلا بالسنة. فهذه الأسئلة وغيرها لا يمكن الإجابة عنها بالنظر إلى القرآن وحده مستقلاً عن السنة ، ولكن يسهل علينا فهمها إذا طالعنا الحديث الذى رواه البخارى (ح 4512) عن البراء قال: كانوا إذا أحرموا في الجاهلية أتَوْا البيت من ظهره، فأنزل الله وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا . "وكذا رواه أبو داود الطيالسي، عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن البراء، قال: كانت الأنصار إذا قدموا من سَفَر لم يدخل الرجل من قبل بابه، فنزلت هذه الآية." ، " وقال الحسن البصري: كان أقوام من أهل الجاهليّة إذا أراد أحدُهم سَفرًا وخرج من بيته يُريد سفره الذي خرج له، ثم بدا له بَعْد خُروجه أن يُقيم ويدعَ سفره، لم يدخل البيت من بابه، ولكن يتسوّره من قبل ظهره، فقال الله تعالى: وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى الآية. وقال محمد بن كعب: كان الرجل إذا اعتكف لم يدخل منزله من باب البيت، فأنزل الله هذه الآية. وقال عطاء بن أبي رباح: كان أهل يثرب إذا رجعوا من عيدهم دخلوا منازلهم من ظهورها ويَرَوْنَ أن ذلك أدنى إلى البر، فقال الله تعالى: وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا " قاله ابن كثير. 10- ويقول تعالى : إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ [ التوبة : 136] ولم يسم لنا هذه الأربعة الحرم ، ألم يقل ربنا : وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا [ الإسراء : 12] فأين تفصيل ذلك فى كتاب الله؟! فهل يُكذّب هؤلاء اللاقرآنيين ربنا؟! ولكن الإجابة هنا فى السنة النبوية ، فيما أخرجه الإمام البخارى فى صحيحه عن أبى بكرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : " إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض ، السنة اثنا عشر شهرا ، منها أربعة حرم ، ثلاث متواليات : ذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم ، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان" [ البخارى ح (3197 ، 4662 ، 4406 ، 5550 ، 7447) ، مسلم ح (1679)]. 11- وفى الحج أيضاً يقول تعالى : الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ [البقرة : 197] رغم أن القرآن، يصف توقيت الحج بأنه أشهر معلومات إلا أنه لم يذكر ما هى هذه الأشهر المعلومات ، ولم يسمها لنا بل تركها للسنة لتخبرنا بها . قال ابن عمر: هي شوال، وذو القَعْدة، وعشر من ذي الحجة وقد علقه البخاري بصيغة الجزم وقد روى موصولا عند ابن جرير الطبرى فى تفسيره والحاكم فى مستدركه بإسناد صحيح. وعلى هذا أجمع جمهور العلماء وكافة أهل الإسلام اتباعاً لسنة النبى صلى الله عليه وسلم. 12- ويقول تعالى : وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [ البقرة : 198] كسابقتها ، حيث يذكر القرآن أن هناك أيام معدودات ثم يعرض عن تحديدهن ، فتأتى السنة لتخبر أن هذه الأيام المعدودات عدتها ثلاثة أيام ، وهى أيام التشريق : الحادى عشر والثانى عشر والثالث عشر من شهر شوال ، ولا سبيل إلى معرفة ذلك إلا بالسنة المحمدية. 13- ثم يقول تعالى : ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [البقرة : 199] ونحن نسأل : من أين يفيض الناس؟ ألا يعد هذا إحالة من القرآن إلى ما تعارف عليه الناس من أمر دينهم وما تلقوه من نبيهم صلى الله عليه وسلم؟! 14- ويقول تعالى : وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [ المائدة: 38 ] وهنا نقع فى إشكاليات كثيرة لا يمكن أن نحيط بها إلا من خلال السنة من ذلك : ما هو القدر الذى يتم فيه القطع؟ ومن أين تقطع اليد : أمن الرسغ؟ أم من المرفق؟ أم من الكتف؟ فاليد تطلق على كل ذلك. وأى يد تُقطع اليمنى أم اليسرى؟ وماذا نفعل عند تعدد السرقات؟ إذا أراد المنكر للسنة أن يجيب عن السؤال الأول : ما هو القدر الذى يتم فيه القطع؟ فسيضطر أن يقول بالقطع ولو فى عقال غنم ، ولاشك أنه بهذا سيخالف قوله تعالى : وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ [الشورى : 30]. ولكن سنة النبى – صلى الله عليه وسلم – جاءتنا بالنور والهدى والسراج المنير فقال صلى الله عليه وسلم : " تقطع يد السارق في ربع دينار فصاعدا " [ أخرجه صحيح البخاري برقم (6789) ومسلم (1684)] كما بينت أحاديث أخرى أن القطع يكون من الرسغ ويبدأ فى الأولى باليد اليمنى ثم فى الثانية من الرجل اليسرى ثم فى الثالثة من اليد اليسرى ثم الرابعة من اليد اليمنى ثم فى الخامسة القتل. وبعدُ ، فهذا غيض من فيض ، وقليل من كثؤ ، وهو جهد المقل ، ولعل المنهج الذى نريد أن نقدمه من خلال هذه الحلقة من سلسلة الأدلة القرآنية على حجية السنة النبوية يصلح لأن نعممه على مئات - إن لم يكن آلاف - الآيات القرآنية والتى من خلالها يتضح لنا أن هناك جملة كبيرة من آيات القرآن الكريم لن نتمكن من فهمها وإدراك معانيها إلا فى إطار بيان وتوضيح وتفسير من السنة النبوية. وكل ما ذكرته هنا هو مجرد أمثلة لمنهج متكامل يستحق أن نؤصله لنستخرج جيش وحشد من الأدلة التى ندمغ بها رؤوس من ينكرون سنة النبى محمد بن عبد الله صلوات ربى وسلامه عليه. والحمد لله رب العالمين.
__________________
قـلــت : [LIST][*]من كفر بالسـّنـّة فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله تعالى يقول : (( وما آتاكم الرسول فخذوه )). [*]ومن كذّب رسولَ الله ، فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ،لأن القرآن يقول : (( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )). [*]ومن كذّب أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله سبحانه يقول فيهم : (( رضى الله عنهم ورضوا عنه )). [*]ومن كذّب المسلمين فهو على شفا هلكة ، لأن القرآن يقول : (( يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )) والنبي - صلى الله عليه وسلم يقول : ( من قال هلك الناس فهو أهلكهم ). [/LIST]
|
#17
|
|||
|
|||
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ،، نواصل مع حضراتكم سلسلة الأدلة القرآنية على حجية السنة النبوية ، ومع الجزء الثالث منها: ثالثاً : الإتيان بمفردات معينة والعدول عن غيرها لإقرار حجية السنة تعرف البلاغة بأنها تبليغ المعنى فى أقل عدد ممكن من الكلمات. وعرف أعرابى البلاغة قائلاً أنها : الإيجاز من غير عجز ، والإطناب من غير خلل(1). إذاً فالإيجاز ركن أصيل من أركان البلاغة ، ومن المعلوم بداهةً أن القرآن الكريم هو أعلى نسق بلاغى لدينا ، فلا يعلوه شئٌ ، ودونه كلُّ شئ. والاختصار من وجوه الإعجاز البلاغى فى القرآن حيث لا يمكن أن يُستدرك عليه شئٌ بحذف ولا بزيادة. فما حُذف منه كان لحكمة ،وما ثبت فيه ، وضع لحكمة. ومدار الإعجاز البلاغى فى القرآن الكريم – كما ذكر الفخر الرازى رحمه الله – يكمن فى أنه لو أزيلت لفظة من القرآن الكريم ثم دارت عليه لغة العرب لما جاء مثلها ولا خير منها. وإذا تأملنا العديد من المواضع فى القرآن الكريم وجدنا أن هناك ألفاظ يمكن أن يُستغنى عنها لو أُريد منها ظاهر معناها فقط ، ولكن لأنها ثبتت فى القرآن فلابد أن لها حكمة ، إذا تأملناها وتدبرناها وجدنا أن ثبوتها دليل على حجية السنة النبوية فى تشريع الإسلام. ومن يقول غير هذا فقد أعظم على الله الفرية. وكثيراً ما أتوقف مع آيات القرآن الكريم ومفرداته ،وأسأل نفسى : ما الحكمة أن الله جلت قدرته ، وتعالت حكمته ، قال كذا ، ولم يقل كذا؟ وإذا بى ينفتح أمامى باب علم فسيح ، فننهل من القرآن علوماً ومعارف لا تنتهى ، فأتذكر قول الصحابى الفقيه ، أو الفقيه الصحابى عبد الله بن مسعود رضى الله عنه وأرضاه حين وصف القرآن بأنه لا تنقضى عجائبه ، ولا يخلق على كثرة الرد. وباتباع هذا المنهج القرآنى البلاغة اللغوى سنجد أننا سنتوقف أمام المئات والمئات من آيات القرآن الكريم لنرى أنها قطعية فى إثبات حجية السنة النبوية. ولنتأمل ما يلى :- (1) تصدير مئات الآيات القرآنية بكلمة ( قل ) وفعل خاص موجه مباشرةً للنبى – صلى الله عليه وسلم – ومن الممكن أن يستغنى عنها سياق الآيات دون حدوث تقصير أو خلل فى المعنى. وقد وردت كلمة ( قل ) فى القرآن ثنتين وثلاثين وثلاثمائة مرة ـ أغلبها خاص بالنبى – صلى الله عليه وسلم – إلا قليلاً قليلاً ، وإذا تأملنا الكثير من هذه الآيات ، نجد أن المعنى قائم ومكتمل دون الحاجة إلى هذه الكلمة ، مثال ذلك قوله تعالى : قل يأيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون فلو جاء الخطاب القرآنى على نحو : " يأيها الكافرون * لا أعبد ما تعبدون ما أختل المعنى ، وكذلك قول تعالى : قل هو الله أحد * الله الصمد وقوله تعالى : قل إن هدى الله هو الهدى وقوله تعالى : قل جاء الحق وزهق الباطل .... إلخ. وطالما أن المعنى قد قام ، وطالما أنه لا يجوز أن يكون فى كلام الله فضل كلام ، فلابد أن يكون غرض إضافى ، ومغزى جديد بخلاف المعنى الأصلى. وهذا المعنى الإضافى والمغزى الجديد نرى أنه إقرار وإثبات حجية السنة النبوية ، على النحو الذى سنبينه. ولنتأمل إسناد الضمير فى الجمل التى جاءت بعد قل سنجد أنها فى الأغلب الأعم قد أُسند الضمير ونُسب الفعل إلى النبى – صلى الله عليه وسلم – كقوله تعالى : قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله ، وكقوله : قل إنى أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم ... إلخ. بينما جاء إسناد الضمير فى مواضع أخرى قليلة بعد قل لله تعالى ، كقوله : قل من كان عدواً لجبريل فإنه نزله على قلبك وكان بالإمكان أن يأتى النظم على غرار الحالة الأولى فينسب إلى النبى – صلى الله عليه وسلم – فيقال : " قل من كان عدواً لجبريل فإنه نزله على قلبى " ، ولكن جاء التباين والتفاوت فى إسناد الضمير بعد قل ليدل على حِكَمٍ عديدة ، علمنا إحداها ، ألا وهى أن القرآن قد يكون منصوصاً كما هو الحال عندما يقول النبى – صلى الله عليه وسلم - : قل من كان عدواً لجبريل فإنه نزله على قلبك ، كما أن القرآن قد يكون مفهوماً ومنصوصاً كما فى قوله : قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى . فإن رتلها النبى – صلى الله عليه وسلم – كما هى فى القرآن فهى ( قرآن منصوص ) ، وإن قالها النبى – صلى الله عليه وسلم – مباشرة دون تضمينها فى سياقها القرآنى ، فهى إذاً قرآنٌ مفهوم ، أى مروية بالمعنى ، فدل هذا على أن أوامر النبى – صلى الله عليه وسلم – ونواهيه هى وحى من عند الله ، وإن لم تكن بنص القرآن فهى بمفهومه ، وكلاهما وحى بلا خلاف. (2) وبمناسبة ذكر الآيات التى ذّكرت فيها كلمة قل أتوقف عند قوله تعالى : قل إنما أتبع ما يوحى إلي من رب [ الأعراف : 203 ] ،وهنا أتوصل إلى قاعدة ذهبية أقول فيها : إن اتباع الوحى وحى. (3) توجيه الخطاب إلى النبى – صلى الله عليه وسلم - بقوله تعالى : إليك و عليك فى عشرات وربما المئات فى القرآن ،كقوله تعالى : وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم [ النحل ] ، وقوله تعالى : نحن نقص عليك احسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن [ يوسف : 3 ] فلو تأملنا المعنى والسياق لأدركنا – دون عناء – أن المعنى قائم ومكتمل ، وليس فى حاجة لذكر هاتين الكلمتين. ولكن جاءت هاتان المفردتان وبخاصة إليك للتأكيد على ما أسميه : ( تلازم الرسالة والرسول ) فلولا الرسالة ما بُعث الرسول ، ولولا الرسول ما بُلّغت الرسالة. بل سيتحول القرآن من بلاغ حقيقى من شخص إلى شخص إلى مجرد وجادة ، ولمن يدرس علم مصطلح الحديث ، يعلم مغزى كلمة ( وجادة ) ويعلم أنها لا يثبت بها تبليغ. لطيفة : بتتبع آيات الذكر الحكيم التى وردت فيها كلمتا إليك – عليك مخَاطباً بها النبى – صلى الله عليه وسلم – بعد كلمات مثل : أنزل – نزّل – أنزلنا - نزل – تنزيل وجدت أنه عند ذكر إليك يكون السياق متعلقاً بشخص النبى – صلى الله عليه وسلم – وعند ذكر قوله تعالى عليك يكون السياق متعلقاً بالقرآن الكريم ذاته. ولمن أراد التوسع الرجوع إلى كتاب الله وتدبره. (4) أسوق مثالاً آخر يتعلق بالمفردات والعبارات القرآنية التى جاءت لتدعم حجية السنة النبوية فى التشريع أختم بها هذه الحلقة وهى قوله تعالى : الحمد لله الذى أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً [ الكهف : 1 ]. فماذا لو جاء النظم كما يلى : " الحمد لله الذى أنزل الكتاب ولم يجعل له عوجاً " بدون على عبده ؟ لا شك ان المعنى الظاهر مكتمل ، ولكن جاءت هذه لتؤكد على أن هناك نعمتين الأولى هى : إنزال الكتاب. الثانية : كون هذا التنزيل كان على النبى – صلى الله عليه وسلم – . وقد تصدرت هذه السورة الكريمة سورة الكهف بهذه العبارة اللطيفة ، وسنجد أن السورة قد ورد فيها ذكر النبى – صلى الله عليه وسلم – مراراً وتكراراً باستعمال ضمير الغائب كقوله تعالى : فلعلك باخع نفسك على آثارهم و أم حسبت و وتحسبهم أيقاظاً و لو اطلعت عليهم و واتل ما أوحى إليك من كتاب ربك ..... إلخ ل هذا ليتأكد عندنا حتمية الوساطة النبوية فى العملية التشريعية. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ========== الهامش ========== (1) ذكره ابن رشيق القيروانى فى كتابه العمدة نقلاً عن المفضل الضبى.
__________________
قـلــت : [LIST][*]من كفر بالسـّنـّة فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله تعالى يقول : (( وما آتاكم الرسول فخذوه )). [*]ومن كذّب رسولَ الله ، فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ،لأن القرآن يقول : (( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )). [*]ومن كذّب أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله سبحانه يقول فيهم : (( رضى الله عنهم ورضوا عنه )). [*]ومن كذّب المسلمين فهو على شفا هلكة ، لأن القرآن يقول : (( يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )) والنبي - صلى الله عليه وسلم يقول : ( من قال هلك الناس فهو أهلكهم ). [/LIST]
|
#18
|
|||
|
|||
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ،،،
نواصل عرض الأدلة القرآنية على حجية السنة النبوية. ومع الجزء الرابع من هذه السلسلة شيوع الخطاب القرآنى الموجه إلى النبى - صلى الله عليه وسلم – ودلالته على حجية السنة النبوية إن علم الضمائر فى القرآن الكريم علم كبير ، يستحق أن يفرد له العلماء مصنفات كثيرة ومستقلة. وقد بدأ البعض ينتبه إلى أهمية هذا العلم ، فقد صنف فيه الدكتور محمد حسنين صبرة كتاب : " مرجع الضمير فى القرآن الكريم " وقد خصصه للحديث عن ضمير الغائب المبنى على حرف الهاء ، ولكنه نظر إلى الموضوع نظرة أصولية تساعد المفسرين على فهم الخطاب القرآنى. ورغم أهمية هذا المبحث إلا أننا هنا ننظر إلى الأمر من جهة أخرى من حيث تعلق الضمير بالمعنى ودلالة ذلك فى سياق الموضوع الذى نتحدث فيه ألا وهو حجية السنة النبوية فى تشريع الإسلام. وسوف أسوق أمثلة على استخدام الضمائر فى القرآن الكريم نوضح بها المقصود من هذا المبحث. عندما يقول تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) [سورة البقرة] فيوجه الخطاب بالضمير "كم" إلى الجمع ليدل على عموم الحكم على جميع مكلفى الأمة ثم يعود فيوجه الخطاب إلى المفرد "مَنْ شهد" فى قوله فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة : 185] فإنه يدل على الانفصال الحكمى فى هذه الحالات ، فتغير شكل الضمير ليدل على اختلاف الحكم والانفصال فيه. ولنتأمل قوله تعالى : فمن شهد منكم الشهر فليصمه ، فـ "مَنْ" هنا تفيد التبعيض ، ويُستدل منها أن الرؤيا لا تثبت إلا بالعين المجردة وأن العبرة فى صيام أى بلد هو بثبوت رؤية الهلال فيها وإن خالفت بلد آخر. إذا أتقنا فهم هذه المسألة أدركنا أن توحيد صيام الدول الإسلامية ليست شرطاً ولا واجباً ، وتبين لنا خطأ الذين يتشدقون بأن توحيد الصيام فى العالم الإسلامى هو من علامات القوة أو أنه هو المنهج السليم ، فهؤلاء يغلب عليهم المقصد السياسى قبل الفهم الشرعى. وسوف أخصص الحديث هنا عن عملية شيوع الخطاب القرآنى الموجه إلى النبى – صلى الله عليه وسلم – ودعونا نتأمل الآيات التالية ثم نعود لنستنتج حكماً : قال تعالى فى سورة هود : وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114) وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (115) حيث أمر النبى – صلى الله عليه وسلم – بإقامة الصلاة والصبر ، وهما أمران قد تم توجيههما فى مواضع قرآنية أخرى إلى جميع الأمة. حيث قال تعالى فى سورة البقرة : وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) ،وقال فى سورة آل عمران : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200) وقال تعالى فى سورة الإسراء : أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78) وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (79) وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا (80) وقال تعالى فى سورة العنكبوت : اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45) وقال تعالى فى سورة الروم : فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) . ونتأمل الالتفات الضميرى فى قوله فأقم التى تعود على النبى – صلى الله عليه وسلم - إلى منيبين - وأقيموا التى تعود على أمته. لندرك على الفور ضرورة الوساطة النبوية فى تنفيذ التكاليف الشرعية. وهو ما أحب أن أعبر عنه بعبارة : " تلازم الرسالة بالرسول " وأقصد بها أن الرسالة ستكون مفتقدة بدون الرسول ، كما أن الرسول لن يجدى شئ بدون الرسالة. فكل هذه الأوامر القرآنية للنبى – صلى الله عليه وسلم – هى أوامر موجهة بالدرجة الأولى لجميع الأمة ولكن هنا يأتى الخطاب القرآنى على هذا النحو ليشير إلى مغزى جديد ، ومعنى إضافى لم يرد فى الآيات الأخرى التى أمرت بنفس هذه الأوامر التى صدرت إلى الأمة عبر النبى – صلى الله عليه وسلم - . شبيه بذلك قوله تعالى فى سورة الطلاق : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1) فتصدرت الآية بنداء للنبى – صلى الله عليه وسلم – يا أيها النبى ثم تبعها الخطاب للأمة : إذا طلقتم النساء ليبين ان هناك أحكام فى شأن قضية الطلاق سترد فى القرآن ولكن سيأتى لها تفصيل ومزيد إيضاح فى السنة النبوية التى تصدر الخطاب لصاحبها فى بداية السورة. ولنتأمل قوله تعالى فى سورة النساء : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا (62) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا (63) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا (63) فبدا الخطاب القرآنى بتوجيه الحوار للنبى – صلى الله عليه وسلم – بـ ألم تر ثم جاء الأمر بعدها أن يعرض النبى – صلى الله عليه وسلم – عن المنافقين ثم يشفع ذلك فى خطاب صريح موجه للنبى – صلى الله عليه وسلم – بأن يعظهم ويقول لهم فى أنفسهم قولاً بليغاً. فهل سيعظهم النبى – صلى الله عليه وسلم – بالقرآن نفسه؟! وهو يتحدث الآن فعلاً؟! وأزيد هذه المسألة وضوحاً فأمثل لها بثلاثة مجتمعين فى موقف واحد : آمر ورسوله ومرسل إليه مأمور ، والآمر يتحدث إلى المأمور ، فهل سيوجه الآمر خطابه إلى رسوله ويقول له قل انصح من أنت مرسل إليه بكذا وكذا وكذا؟! رغم أن ثلاثتهم حاضر ، فلماذا إذاً لم يوجه خطابه للمأمور مباشرة حيث أنه حاضر؟! وهذا النمط فى الخطاب كثير جداً وشائع فى القرآن الكريم ، حيث نجد أن الله سبحانه وتعالى يخص النبى – صلى الله عليه وسلم – بالخطاب فى مقام تشريعى يخص المكلفين من هذه الأمة ، ليبين أن الحكم القرآنى سيأتى له مزيد تفصيل وإيضاح فى السنة النبوية مصداق قوله سبحانه وتعالى فى سورة الإسراء : وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا (12) فالقرآن شئ ، وقد تم تفصيله فى السنة النبوية. ولاشك أن النبى – صلى الله عليه وسلم – هو أحد المكلفين والمخاطبين من هذا الخطاب القرآنى علاوة على كونه النبى وصاحب الرسالة. ومن المسلمات أن الخطاب القرآنى عندما يصاغ بأسلوب الجمع فإنه يشمل النبى – صلى الله عليه وسلم - وسائر أمته ، ما لم تقم قرينة بتخصيص النبى بالخطاب القرآنى. والآيات فى هذا المقام وتحت هذا البند تفوق الحصر ، وعلى الباحث فى علوم القرآن ، السابر لأغواره ، المتعمق فى معانيه ، المبتغى لدقائق مراميه ، أن يطيل النظر عند كل هذه الآيات المشابهة لما نتحدث عنها فى هذا المقال. ليدرك تمام الإدراك وبما لا يدع مجالاً لشك أن هذه الآيات إنما جاءت على هذا النسق المخصوص لتعبر وتدل على حجية السنة النبوية فى التشريع الإسلامى. ولكننى سأختم هذا المبحث بقوله تعالى فى سورة الأنبياء : وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (34) حيث نجد أن الله سبحانه قد ضرب لنا مثلاً ودليلاً على صحة ولزوم عقيدة الموت بوفاة النبى – صلى الله عليه وسلم – فإذا كانت وفاة النبى – صلى الله عليه وسلم – دليلاً على صحة عقيدة الموت أفلا يدل هذا على مشروعية وحجية سيرة وحياة النبى – صلى الله عليه وسلم – المحصورة بين بعثته ووفاته؟! والحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات.
__________________
قـلــت : [LIST][*]من كفر بالسـّنـّة فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله تعالى يقول : (( وما آتاكم الرسول فخذوه )). [*]ومن كذّب رسولَ الله ، فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ،لأن القرآن يقول : (( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )). [*]ومن كذّب أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله سبحانه يقول فيهم : (( رضى الله عنهم ورضوا عنه )). [*]ومن كذّب المسلمين فهو على شفا هلكة ، لأن القرآن يقول : (( يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )) والنبي - صلى الله عليه وسلم يقول : ( من قال هلك الناس فهو أهلكهم ). [/LIST]
|
#19
|
|||
|
|||
الأدلة القرآنية على حجية السنة النبوية الحمد لله وكفى ، وصلاةً وسلاماً على عبده المصطفى ، ونبيه المجتبى ، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى. أما بعد .. فمع حلقة جديدة من سلسلة الأدلة القرآنية على حجية السنة النبوية. خامساً : وصف النبى – صلى الله عليه وسلم – ومهامه فى القرآن الكريم ودلالته على حجية السنة النبوية. أولاً : أوصاف النبى - صلى الله عليه وسلم - فى القرآن الكريم يقول الحق جل وعلا : أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) [ إبراهيم ] ويقول جلا وعلا : وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ [الأعراف : 7] ويقول المثل السائر : " كل معين ينضح بما فيه" فالمعين الحسن ينضح بما لذ وطاب ، والعكس بالعكس. وإذا تأملنا أوصاف النبى – صلى الله عليه وسلم – فى القرآن الكريم لأدركنا – بما لا يدع مجالاً لشك – أنها دليل قاطع على حجية السنة النبوية. فقد زكّى الله سبحانه صدر نبيه وقال عنه : أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) [ الشرح ] وأثنى على بصره فى أصعب المواقف فقال : مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) [ النجم ] ، وأثنى على فؤاده فقال جل من قائل : مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) [ النجم ] ، وتكفل برعايته فقال له : مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) [ الضحى ] وأكد على علو شأنه وعظم خُلُقِه فقال : وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) [ القلم ] وأخبره أنه فى حفظه وكلأته ورعايته فقال : وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا [ الطور : 48 ] وأثنى على لسانه فقال : وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) [ النجم ] فإنسان بأعين ربه وشرح الله صدره ، وحسّن الله خلقه ونفى عنه أن ينطق عن هوى ، أفلا يستحق أن يُؤثر عنه قوله ويُتبع فعله ، ويُقتدى بأمره ، ويُجتنب نهيه؟ فإن قيل : لا ، أجبنا بأن هذا كفر بالقرآن الكريم ، وإذا قيل : نعم ، قلنا : فهذه هى سنة النبى صلى الله عليه وسلم. وإذا أعدنا النظر فى الآيات السابقة وجدنا أنها تتوافق مع تعريف السنة النبوية ، بنداً بنداً ، فالسنة اصطلاحاً هى : أقوال وأفعال النبى – صلى الله عليه وسلم – ووصفه الخُلُقى والخِلقى. فالسنة حسب هذا التعريف هى : 1- أقوال النبى – صلى الله عليه وسلم - . 2- أفعاله– صلى الله عليه وسلم - . 3- وصفه الخُلُقي – صلى لله عليه وسلم - . 4- وصفه الخِلقي – صلى الله عليه وسلم - . فأما عن أقواله فقد زكاها الله فى قوله : وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) [ النجم ] وأما عن فعله فقد زكاه الله تعالى بقوله له : مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) [ الضحى ] و: فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا [ الطور : 48 ] وأما عن خلقه فزكاه رب العالمين بقوله : وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) [ القلم ] حتى وصفه بعض الواصفين بقوله : خُلقتَ مبرأً من كل عيبِ ***** كأنك قد خُلِقت كما تشاءُ ثانياً : مهام النبى - صلى الله عليه وسلم فى القرآن الكريم هذا من حيث وصف النبى – صلى الله عليه وسلم – فى القرآن الكريم ، ولكن الأمر لا يقتصر على الوصف فحسب ، بل يتعداه إلى ذكر مهام ووظائف ، وإذا تتبعنا آي القرآن الكريم لوجدنا أن للنبى – صلى الله عليه وسلم – عشرات المهام والوظائف التى تحدث عنها القرآن نذكر منها : 1- النبوة وختمها : قال تعالى : مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (40) [ الأحزاب ] 2- الرسالة للناس كافة : قال تعالى : قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا [ الأعراف : 158 ] 3- البعثة : قال تعالى : يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1) هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2) [ الجمعة ] وقوله تعالى : لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (164) [ آل عمران ] 4- الشهادة : قال تعالى : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا [ الأحزاب : 45] ،وقال تعالى : إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا [ الفتح : 8] 5- البشارة : قال تعالى : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا [ الأحزاب : 45 ] وقال تعالى : إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا [ الفتح : 8 ] 6- النذارة : قال تعالى : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) [ الأحزاب ] وقال تعالى : إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8) [ الفتح ] 7- التبليغ : قال تعالى : يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ [ المائدة : 67 ] 8- التعليم : قال تعالى : لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (164) [ آل عمران ] ، وقال تعالى : هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2) [ الجمعة ] 9- الدعوة : قال تعالى : ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125) [النحل] 10- الهداية : قال تعالى : وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) [ الشورى ] 11- البيان : قال تعالى : وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44) [ النحل ] ، وقال تعالى : وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (64) [ النحل ] لاحظ تنوع الألفاظ فى التعبير عن المنزّل الذكر و الكتاب ليدل على تنوع المنزل ما بين قرآن وسنة. 12- قراءة القرآن : قال تعالى : وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (105) وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (106) [ الإسراء ] 13- ترتيل القرآن : قال تعالى : وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا [ المزمل : 4 ] وهناك فرق بين القراءة وبين الترتيل ولا يُعرف هذا إلا بالتلقين الشفهى. 14- الإخبار بالغيب : قال تعالى : كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151) [ البقرة ] 15- التزكية : قال تعالى : كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151) [ البقرة ] 16- التذكير : قال تعالى : وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55) [ الذاريات] ،وقال تعالى : فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (9) [ الأعلى ] ، وقال تعالى : فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) [ الغاشية ] 17- الجهاد : قال تعالى : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [ التوبة : 73 ، التحريم : 9] 18- القتال والتحريض عليه : قال تعالى : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ [ الأنفال : 65 ] 19- جمع الصدقات : قال تعالى : خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [ التوبة : 103 ] 20- الصلاة على المؤمنين : قال تعالى : وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [ التوبة : 103 ] 21- العبادة : قال تعالى : وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99) [ الحجر ] 22- الولاية : قال تعالى : النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ [ ألأحزاب : 6 ] 23- الإمامة : قال تعالى : يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ [ الإسراء : 71 ] 24- القضاء : قال تعالى : وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (36) [ الأحزاب ] 25- الحكم : قال تعالى : فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65) [ النساء ] 26- المباهلة : قال تعالى : فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61) [ آل عمران ] 27- الأسوة : قال تعالى : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21) [ الأحزاب ] 28- الاستغفار للمؤمنين : قال تعالى : وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (5) [المنافقون] 29- القصص : فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) [ الأعراف : 176 ] ولهذه الآية دلالة قوية ، فهذا القصص الذى أمر الله نبيه – صلى الله عليه وسلم – أن يقصه هنا ليس هو القصص الوارد فى القرآن الكريم بل هو قصص السنة ، فلو فُهم على أنه الأول لكان عبثاً وحاشا لله ذلك أن المعروف لا يُعرّف ، وهو مذكور فى القرآن ولا حاجة لأن يقول الله لنبيه : اقصص القصص فهو يُقص فعلاً بمجرد تلاوة القرآن ، أما وأن الأمر قد جاء على هذا النحو فلا شك أنه يراد به قصص غير الذى جاء بالقرآن ألا وهو القصص الوارد فى السنة عن أنبياء أو رسل أو صالحين لم يُذكروا فى القرآن الكريم. 30- المجادلة بالحسنى : قال تعالى : ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125) [النحل] 31- الوعظ : قال تعالى : أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا (63) [ النساء ] وهناك الكثير والكثير من هذه المهام التى نعجز عن حصرها فى هذا المقام الضيق والتى تسير على نفس هذا النحو. والملاحظ أن كل هذه المهام هى مهام تتعلق بتبليغ شرع الله إما قولاً ولفظاً ، وإما مسلكاً وفعلاً. وإذا أعدنا النظر فيها لوجدنا أنها – جميعاً – مهام تبليغية اجتماعية ، تتعلق فى المقام الأول بوجود آخرين تصلهم رسالة ويتم تعليمهم وتبليغهم. كما نلمس فيها الصبغة العملية فى الأداء والتبليغ. وبالإمعان أكثر نجد أن بعض هذه المهام التى كلف الله سبحانه وتعالى بها نبيه ، هى مهام وصف الله بها القرآن فى مواضع أخرى. وهنا وجب توجيه السؤال : إذا كان الله قد وصف القرآن بأنه هداية ونذارة وبشارة وبيان ثم أعاد وصف النبى – صلى الله عليه وسلم – بنفس هذه الأوصاف ، فهل يقول قائل أن ما وصف الله به القرآن هو من جنس ما وصف به النبى – صلى الله عليه وسلم - ؟ فإن كانت الإجابة بنعم ، فنقول لهم أنكم قد وصفتم كلام الله بما لا يجوز له من أوصاف. لأن مقتضى هذا الزعم أنه يمكن أن تُحذف هذه الآيات الواردة فى حق النبى – صلى الله عليه وسلم – دون أن يختل معنى القرآن ولا بلاغته ولا إعجازه. ومن قال بهذا فقد كفر بالله العظيم. وإن كانت الإجابة بـ "لا" ، قلنا : فماذا عسى أن تكون دلالة هذه الآيات الكريمة إلا على حجية السنة النبوية الشريفة فى التشريع الإسلامى بجوار القرآن الكريم! وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
__________________
قـلــت : [LIST][*]من كفر بالسـّنـّة فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله تعالى يقول : (( وما آتاكم الرسول فخذوه )). [*]ومن كذّب رسولَ الله ، فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ،لأن القرآن يقول : (( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )). [*]ومن كذّب أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله سبحانه يقول فيهم : (( رضى الله عنهم ورضوا عنه )). [*]ومن كذّب المسلمين فهو على شفا هلكة ، لأن القرآن يقول : (( يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )) والنبي - صلى الله عليه وسلم يقول : ( من قال هلك الناس فهو أهلكهم ). [/LIST]
|
#20
|
|||
|
|||
سمعنا و أطعنا
|
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
الأدلة القرآنية على حجية السنة النبوية - الجزء الثاني ( أقيموا الصلاة ) | أبو جهاد الأنصاري | منكرو السنة | 57 | 2023-02-06 09:25 PM |
اهل البيت وعلى رأسهم مهدي الشيعة سوف يقتلونك ايها السني يذبحون اهل السنة والجماعة بدون إستتابه | ابو هديل | الشيعة والروافض | 0 | 2020-04-05 05:02 PM |
لماذا كان أئمة أهل السنة يصفون الأشاعرة بإناث الجهمية ومخانيث المعتزلة؟ | فلق الصبح | المعتزلة | الأشعرية | الخوارج | 1 | 2019-12-01 03:19 PM |
رسول الله الشهيد المسموم / تحقيق مفصل | ابو هديل | الشيعة والروافض | 0 | 2019-10-26 09:37 PM |