القرآن كلام الله أم من عند محمد صلى الله عليه وسلم ( 2 ) ؟!
ذكرنا في المرة الماضية أن كثيرًا من المشغبين على كتاب الله عزوجل رغم ما فيه من معجزات ورغم إعجازه للبشر على مر القرون يشككون في نسبة القرآن إلى الله وهم في ذلك أصناف ؛ صنف ينسبه إلى محمد صلى الله عليه وسلم وأنه جاء به من عند نفسه !! وذكرنا عدداً من أقوالهم وبدأنا في سوق الحجج العقلية على كذب هذه الاحتمالات فذكرنا منها أربعة وإليك أربعة أخرى .
1- ما هذا العتاب الشديد الذي لا يقدر عليه أحد إلا الأنبياء والذي وجهه القرآن في غير موضع إلى محمد _ صلى الله عليه وسلم _ لمجرد خطأ في الاجتهاد كالذي حصل مع ابن أم مكتوم وكالذي حصل من الدعاء على مُشركي قريش حينما فعلوا به ما فعلوه بغزوة أحد ثم كيف له أن يدعو عليهم ويغلظ ثم يقول لنفسه ليس لك من الأمر شيء أو يعذبهم أو يتوب عليهم ثم يسلم من دعا عليهم بأعيانهم جميعاً !! وإن كان هذا أسلوبه في عتاب من أخطأ في الاجتهاد لما لم يكن يعنف أصحابه حينما يخطئون في الاجتهاد بل فيما هو أكثر من ذلك حيث أتاه رجلان ليقولا له فقدنا الماء فصلينا بعد أن تيممنا فلمّا وجدنا الماء صلى صاحبي ولم أصلي فقال للذي صلى أصبت السنة وقال للآخر لك أجران !! ما هذه الرحمة ولما يغلظ على نفسه ويلومها أعظم اللوم في دعائها على من آذوه وهو كذاب يريد الشهرة والملك وهؤلاء يقفون في سبيله لهذه الشهرة والملك !!
2- كيف له أن يُطلق أسارى بدر وبعد أن يُطلقهم والقرآن من عند نفسه يقول كلاماً يلوم فيه نفسه على إطلاقهم ويخطّأ رأيه ويصوب رأي أحد أصحابه واجتهاده !! هل هذا إلا لأن هذا الكلام ليس من عند نفسه ولا من عند من هو مساوي له بل من عند العلي الكبير العليم الحكيم سبحانه وتعالى !!
3- لو أن القرآن من عند نفسه وهو قائله لما هذا الصمت في بعض المواطن والإحجام عن تفسير بعضه إلا بعد أن يأتيه الوحي وربما يلبث على ذلك أيام فلو كان من عند نفسه لجرى في تفسيره كالسهم لا يمنعه من ذلك مانعاً !!
4- لو أن القرآن من عند نفسه وقراره بيده لما أصر على إمضاء صلح الحديبية رغم قسوة القرار على نفوس أصحابه وتزمر بعضهم وإضمار البعض الآخر في نفسه ما أضمر والألم الشديد الذي اعتراهم جميعاً حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً وهم يحلقون رؤوسهم ليتحللوا ولم يدخلوا مكة ، وما هذه الثقة إن الكلام من عند نفسه في هذا الصلح رغم بنوده الجائرة وأنه سيكون في صالح المؤمنين ، وكيف له أن يعلم هذه الحكم العظيمة من وجود مؤمنين لا يعرفونهم ربما قُتلوا بسبب ذلك وغيرها من الحكم وكيف لكذاب يريد الملك ولديه فرصة لينتقم ممن ظلمه ثم يمنعه من دخول مكة وتنفيذ رغبة أصحابه هذا الأمر الإنساني الشريف النبيل وهو وجود مؤمنين لا يعلمهم أحد إلا الله !! .
|