الإصلاح بين الناس من أعظم القربات
الإصلاح بين الناس من أعظم القربات
قوله تعالى: "لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس" (النساء: 114). هذه الآية تدل على أن الإصلاح بين الناس يُعد من الأعمال الخيرية التي تُرضي الله وتجلب محبته ورضوانه.
فضائل الإصلاح عديدة، فهو يعمل على توثيق الروابط الاجتماعية، يقلل من النزاعات ويمنع الفرقة بين المؤمنين فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة" لا أقولُ : إنها تَحْلِقُ الشَّعْرَ ولكن تَحْلِقُ الدِّينَ
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمُهم فتنة، يجيء أحدُهم فيقول: فعلتُ كذا وكذا، فيقول: ما صنعتَ شيئاً حتى يجيء أحدُهم فيقول: ما تركته حتى فرقتُ بينه وبين امرأته، فيدنيه منه ويقول: نِعمَ أنت) رواه مسلم. قال القاضي عياض: "نِعْم
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تُفتح أبواب الجنة يومَ الاثنين ويوم الخميس، فيُغْفَر لكل عبد مسلم لا يشرك بالله شيئاً، إلا رجلاً كانت بينَه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظِروا هذين حتى يصطلحا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حتى يصطلحا) رواه مسلم. قال النووي: "(أنظروا هذين) أي: أَخِّرُوهما حتى يرجعا إلى الصلْح والموَدَّة". وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يَحِلُّ لرجُلٍ أن يَهجُر أخاه فوق ثلاثِ ليالٍ، يلتقيان: فيُعرِض هذا، ويُعْرِض هذا، وخيرهما الذي يبدأُ بالسَّلام) رواه البخاري. وقال صلى الله عليه وسلم: (من هجر أخاه سَنَةً فهو كسفكِ دمِه) رواه أبو داود وصححه الألباني
عن أنس - رضي الله عنه - قال : بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس ، إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه ، فقال عمر : ما أضحكك يا رسول الله بأبي أنت وأمي ؟ فقال : رجلان جثيا من أمتي بين يدي رب العزة ، تبارك وتعالى ، فقال أحدهما : يا رب ، خذ لي مظلمتي من أخي . قال الله تعالى : أعط أخاك مظلمتك . قال : يا رب ، لم يبق من حسناتي شيء . قال : رب ، فليحمل عني من أوزاري ، قال : وفاضت عينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالبكاء ، ثم قال : إن ذلك ليوم عظيم ، يوم يحتاج الناس إلى من يتحمل عنهم من أوزارهم ، فقال الله تعالى للطالب : ارفع بصرك فانظر في الجنان ، فرفع رأسه فقال : يا رب ، أرى مدائن من فضة وقصورا من ذهب مكللة باللؤلؤ ، لأي نبي هذا ؟ لأي صديق هذا ؟ لأي شهيد هذا ؟ قال : هذا لمن أعطى الثمن . قال : يا رب ، ومن يملك ذلك ؟ قال : أنت تملكه . قال : ماذا يا رب ؟ قال : تعفو عن أخيك . قال : يا رب ، فإني قد عفوت عنه . قال الله تعالى : خذ بيد أخيك فأدخله الجنة . ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم ، فإن الله تعالى يصلح بين المؤمنين يوم القيامة .
وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك بقوله: (إن الشيطان قد أيِس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم) رواه مسلم. قال الطيبي: "أي إيقاع الفتنة والعداوة والخصومة والقتل".
. وينبغي أن يُفَرَّق بين الهجر لحق الله عز وجل، وبين الهجر لحق النفس، فالأول ـ بشروطه وضوابطه ـ وإذا رُجِيَ تأثيره وتحقيقه للمصلحة فهو مأمور به، والثاني الذي هو لحق النفس منهي عنه لأن المؤمنين إخوة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يَحِلُّ لِمُسلِمٍ أنْ يهجُر أخاه فوق ثلاث) رواه مسلم.
|